علم النفس الأخلاقي
علم النفس الأخلاقي هو مجال يبحث في كل من الفلسفة وعلم النفس. تاريخيًا، استخدم مصطلح علم النفس الأخلاقي على نطاق ضيق نسبيًا للإشارة إلى دراسة التطور الأخلاقي. لكن في الآونة الأخير، أصبح المصطلح يستخدم للإشارة إلى موضوعات متنوعة على نطاق واسع، وتجمع هذه الموضوعات بين الأخلاق وعلم النفس وفلسفة العقل. من المواضيع الرئيسية لهذا المجال الحكم الأخلاقي، والتفكير الأخلاقي، والحساسية الأخلاقية، والمسئولية الأخلاقية، والتحفيز الأخلاقي، والهوية الأخلاقية، والفعل الأخلاقي، والتطور الأخلاقي، والتنوع الأخلاقي، والشخصية الأخلاقية (خصوصًا فيما يتعلق بالأخلاق الفاضلة)، والإيثار والأنانية النفسية، والحظ الأخلاقي والتنبؤ الأخلاقي والعاطفة الأخلاقية والتكهن الأخلاقي والخلاف الأخلاقي.[1][2][3][4][5]
عمل بعض علماء النفس في هذا المجال مثل: جان بياجيه، لورانس كولبرج، كارول جيليجان، إليوت توريل، جوناثان هايدت، ليندا سكيتكا، ليلاند سوندرز، مارك هاوزر، سي. دانيال باتسون، جان ديسكتي جرين، إيه بيتر ماكجرو، فيليب تيتلوك، دارسيا نارفيز، توبياس كريتناور، أنير جوفرين، ليان يانج، دانييل هارت، سوزان فيغلي، وفيري كوشمان. ومن الفلاسفة الذين عملوا في هذا المجال: ستيفن ستيتش، جون دوريس، جوشوا كنوب، جون ميخائيل، شون نيكولز، توماس ناجيل، روبرت سي. روبرتس، جيسي برينز، مايكل سميث، وأر. جاي والاس.
التاريخ
بدأ علم النفس الأخلاقي مع الفلاسفة الأوائل مثل أرسطو وأفلاطون وسقراط. فقد اعتقدوا أن «معرفة الخير هي عمل الخير». وحللوا الطرق التي يتخذ بها الناس قراراتهم فيما يتعلق بالهوية الأخلاقية. ترجع الدراسات التجريبية عن الحكم الأخلاقي إلى ما لا يقل عن 1890 مع عمل فرانك تشابمان شارب تزامنًا مع تطور علم النفس كعلم منظم منفصل عن الفلسفة. منذ 1894 على الأقل، حاول الفلاسفة وعلماء النفس أن يقيموا عمليًا أخلاقية الفرد، وحاولوا خصوصًا أن يميزوا الأطفال عن البالغين فيما يتعلق بأحكامهم. لكن هذه المحاولات فشلت لأنهم «حاولوا تحديد كمية الأخلاق الموجودة لدى الفرد –وهي فكرة مثيرة للجدل بشكل ملحوظ– بدلًا من فهم التمثيل النفسي للأخلاق لدى الفرد».[6][7]
منذ بدأ علم النفس ينفصل عن الفلسفة، توسع علم النفس الأخلاقي كي يتضمن تصور المخاطر والتخليق والأخلاق المتعلقة بالممارسات الطبية، ومفاهيم مثل تقدير الذات ودور العاطفة عند تحليل الهوية الأخلاقية لأحدهم. في معظم دورات علم النفس التمهيدي، يتعلم الطلاب عن علم النفس الأخلاقي من خلال دراستهم لأعمال عالم النفس لورانس كولبرج الذي أنشأ نظرية التطور الأخلاقي عام 1969. أنشئت هذه النظرية بناءً على ملاحظات بياجيه عن تطوير الأطفال حدسًا عن العدالة الذي يمكنهم التعبير عنه لاحقًا. اقترح أن هناك ست مراحل مقسمة على ثلاث مجموعات للمنطق الأخلاقي الذي اعتقد أنه عالمي عند كل الناس في كل الثقافات. التطور المتزايد للتعبير عن التفكير هو علامة على التطور.[8][9][10][11]
تزداد التنمية المعرفية الأخلاقية المتمركزة حول العدالة والفعل الأخلاقي الموجه مع التطور، التي تؤدي غلى تكوين مفكر غير تقليدي الذي لا يمكنه أن يفعل أي شيء غير ما استنتج من خلال تفكيره أنه العمل الأكثر أخلاقية. لكن الباحثين الذين استخدموا نموذج كولبرج وجدوا فجوة بين ما يقول الناس أنه الفعل الأكثر أخلاقية والأفعال التي قاموا بها. تزداد احتمالية أولئك الذين تعتبر الأهداف الأخلاقية أساسية عندهم لمفهوم الذات أن يقوموا بالأفعال الأخلاقية، لأنهم يشعرون بإلزام أكبر للقيام بذلك. سيكون لدى هؤلاء الأشخاص المحَفزين هوية أخلاقية مميزة.
اليوم، يعتبر علم النفس الأخلاقي مجالًا مزدهرًا من الأبحاث يمتد إلى العديد من التخصصات والهيئات الرئيسية التي تبحث في الأساس البيولوجي والمعرفي/ الحسابي والثقافي للحكم والسلوك الأخلاقي بالإضافة إلى مجموعة متزايدة من البحوث حول الحكم الأخلاقي في سياق الذكاء الاصطناعي.[12][13][14][15][16][17][18][19][20][21]
الوسائل
ابتكر الفلاسفة وعلماء النفس والباحثون من مجالات أخرى وسائل مختلفة لدراسة موضوعات في علم النفس الأخلاقي. من هذه الوسائل المعضلات الأخلاقية مثل معضلة القطار، والمقابلات والدراسات الاستقصائية المهيكلة كوسيلة لدراسة علم النفس الأخلاقي وتطوره، بالإضافة إلى استخدام الألعاب الاقتصادية، والتصوير العصبي، ودراسات استخدام اللغة الطبيعية.[22][23][24]
تقنيات المقابلة
في عام 1963، عرض لورانس كولبرج طريقة لدراسة الاختلافات في الحكم الأخلاقي عن طريق تشكيل التنوع التقييمي باعتباره يعكس سلسلة من المراحل التطورية (في لا جان بياجيه). ومراحل تطور لورانس كولبرج في التطور الأخلاقي هي:[25]
- التوجه نحو الطاعة والعقاب.
- التوجه نحو المصلحة الذاتية.
- الانسجام والتوافق بين الأشخاص.
- التوجه نحو الحفاظ على السلطة والنظام الاجتماعي.
- توجه العقد الاجتماعي.
- المبادئ الأخلاقية العالمية.
تُجمع المرحلتان 1 و2 في مرحلة واحدة تسمى «ما قبل التقليدية»، وتُدمج المرحلتان 5 و6 في مرحلة واحدة تسمى «ما بعد التقليدية» لنفس السبب؛ يمكن لعلماء النفس أن يصنفوا الأشخاص بشكل متسق إلى المراحل الأربعة الناتجة باستخدام «مقابلة الحكم الأخلاقي» التي يسأل فيها الأشخاص عن سبب تأييدهم للإجابات التي يقدمونها لمجموعة قياسية من المعضلات الأخلاقية.[9]
وسائل المسح الاستقصائي
بين 1910 و1930، في الولايات المتحدة وأوروبا، طُورت العديد من اختبارات الأخلاق لتصنيف الأشخاص إلى أشخاص مناسبين أو غير مناسبين لإصدار أحكام أخلاقية. يصنف أو يرتب المتقدمون للاختبار قوائم موحدة لصفات الشخصية أو الأفعال الافتراضية أو صور لمشاهد افتراضية. في وقت مبكر من عام 1926، شملت كتالوجات اختبارات الشخصية أقسامًا مخصصة لاختبارات الأخلاق، على الرغم من أن النقاد جادلوا بالحُجة أن هذه الاختبارات تقيس فقط الوعي بالتوقعات الاجتماعية.[26][27]
وفي نفس الوقت، ألهم كولبرج موجة جديدة من اختبارات الأخلاق. يسجل اختبار تعريف القضايا التفضيل النسبي لمبررات ما بعد تقليدية، كما يسجل اختبار الحكم الأخلاقي الاتساق في المبررات المفضلة لدى الشخص. يعامل كل منهما القدرة التقييمية معاملة اختبارات الذكاء (ومن هنا تأتي الدرجة الفردية)، وهذا يسمح بالتصنيف من خلال درجة عالية مقابل درجة منخفضة.[28][29]
يعتمد استبيان الأساسات الأخلاقية على الحدس الأخلاقي المتسق عبر الثقافات: الرعاية/ الأذى، العدالة/ الغش، الولاء/ الخيانة، السلطة/ التخريب، والقداسة/ التدهور. تطلب الأسئلة من المجيبين تقييم اعتبارات مختلفة من حيث مدى ملاءمتها للأحكام الأخلاقية للمجيب. الغرض من الاستبيان هو قياس درجة اعتماد الناس على كل من الحدسيات الأخلاقية الخمسة (التي قد تتواجد مع بعضها). يجتمع أول أساسين مع التوجه السياسي الليبرالي ومجموعة الأساسات الثلاثة الأخيرة مع التوجه السياسي المحافظ.[30][31]
المراجع
- See, for example, Lapsley, Daniel K. (1996)، Moral Psychology، Developmental psychology series، Boulder, Colorado: Westview Press، ISBN 978-0-8133-3032-7.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة CS1: التاريخ والسنة (link) - Doris, John؛ Stich (2008)، Zalta, Edward N. (المحرر)، "Moral Psychology: Empirical Approaches"، The Stanford Encyclopedia of Philosophy، Metaphysics Research Lab, Stanford University، مؤرشف من الأصل في 7 نوفمبر 2019
- Wallace, R. Jay (29 نوفمبر 2007)، "Moral Psychology"، في Jackson, Frank؛ Smith, Michael (المحررون)، The Oxford Handbook of Contemporary Philosophy، OUP Oxford، ص. 86–113، ISBN 978-0-19-923476-9،
Moral psychology is the study of morality in its psychological dimensions
- Ellemers؛ van der Toorn؛ Paunov؛ van Leeuwen (18 يناير 2019)، "The Psychology of Morality: A Review and Analysis of Empirical Studies Published From 1940 Through 2017"، Personality and Social Psychology Review (باللغة الإنجليزية): 108886831881175، doi:10.1177/1088868318811759، ISSN 1088-8683، PMID 30658545.
- Doris & Stich 2008، §1.
- Wendorf, Craig A (2001)، "History of American morality research, 1894–1932"، History of Psychology، 4 (3): 272–288، doi:10.1037/1093-4510.4.3.272، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019.
- Sharp (يناير 1898)، "An Objective Study of Some Moral Judgments"، The American Journal of Psychology، 9 (2): 198–234، doi:10.2307/1411759، JSTOR 1411759.
- Kohlberg, Lawrence (1958)، The development of modes of moral thinking and choice in the years 10 to 16. (PhD thesis)، Chicago، OCLC 1165315.
- Colby؛ Kohlberg (1987)، The Measurement of Moral Judgment، Standard Issue Scoring Manual، Cambridge: Cambridge University Press، ج. 2، ISBN 978-0-521-32565-3.
- Kohlberg, L. (1969)، "Stage and sequence: The cognitive development approach to socialization"، في Goslin, David (المحرر)، Handbook of Socialization Theory and Research، Chicago: Rand McNally، ص. 347–480، مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
- Kohlberg, Lawrence (31 يناير 1971)، "1. Stages of moral development as a basis for moral education"، Moral Education، University of Toronto Press، doi:10.3138/9781442656758-004، ISBN 9781442656758
- Doris & Stich (2008), §1.
- Awad؛ Dsouza؛ Kim؛ Schulz؛ Henrich؛ Shariff؛ Bonnefon؛ Rahwan (24 أكتوبر 2018)، "The Moral Machine experiment"، Nature، 563 (7729): 59–64، Bibcode:2018Natur.563...59A، doi:10.1038/s41586-018-0637-6، PMID 30356211.
- Bonnefon؛ Shariff؛ Rahwan (23 يونيو 2016)، "The social dilemma of autonomous vehicles"، Science، 352 (6293): 1573–1576، arXiv:1510.03346، Bibcode:2016Sci...352.1573B، doi:10.1126/science.aaf2654، PMID 27339987.
- Purzycki؛ Apicella؛ Atkinson؛ Cohen؛ McNamara؛ Willard؛ Xygalatas؛ Norenzayan؛ Henrich (10 فبراير 2016)، "Moralistic gods, supernatural punishment and the expansion of human sociality" (PDF)، Nature، 530 (7590): 327–330، Bibcode:2016Natur.530..327P، doi:10.1038/nature16980، PMID 26863190، مؤرشف من الأصل (PDF) في 22 سبتمبر 2017.
- Henrich؛ Boyd؛ Bowles؛ Camerer؛ Fehr؛ Gintis؛ McElreath؛ Alvard؛ Barr؛ Ensminger, Jean؛ Henrich, Natalie Smith؛ Hill, Kim؛ Gil-White, Francisco؛ Gurven, Michael؛ Marlowe, Frank W.؛ Patton, John Q.؛ Tracer, David (22 ديسمبر 2005)، ""Economic man" in cross-cultural perspective: Behavioral experiments in 15 small-scale societies"، Behavioral and Brain Sciences، 28 (6): 795–815، doi:10.1017/S0140525X05000142، PMID 16372952.
- Crockett (أغسطس 2013)، "Models of morality"، Trends in Cognitive Sciences، 17 (8): 363–366، doi:10.1016/j.tics.2013.06.005، PMC 3925799، PMID 23845564.
- Cushman (16 يوليو 2013)، "Action, Outcome, and Value"، Personality and Social Psychology Review، 17 (3): 273–292، doi:10.1177/1088868313495594، PMID 23861355.
- Kleiman-Weiner؛ Saxe؛ Tenenbaum (أكتوبر 2017)، "Learning a commonsense moral theory"، Cognition، 167: 107–123، doi:10.1016/j.cognition.2017.03.005، PMID 28351662.
- Moll؛ Zahn؛ de Oliveira-Souza؛ Krueger؛ Grafman (أكتوبر 2005)، "The neural basis of human moral cognition"، Nature Reviews Neuroscience، 6 (10): 799–809، doi:10.1038/nrn1768، PMID 16276356.
- Sevinc؛ Spreng؛ Soriano-Mas (04 فبراير 2014)، "Contextual and Perceptual Brain Processes Underlying Moral Cognition: A Quantitative Meta-Analysis of Moral Reasoning and Moral Emotions"، PLoS ONE، 9 (2): e87427، Bibcode:2014PLoSO...987427S، doi:10.1371/journal.pone.0087427، PMC 3913597، PMID 24503959.
- Sagi؛ Dehghani (31 أكتوبر 2013)، "Measuring Moral Rhetoric in Text"، Social Science Computer Review، 32 (2): 132–144، doi:10.1177/0894439313506837.
- Story؛ Vlaev؛ Metcalfe؛ Crockett؛ Kurth-Nelson؛ Darzi؛ Dolan (30 أكتوبر 2015)، "Social redistribution of pain and money"، Scientific Reports، 5 (1): 15389، Bibcode:2015NatSR...515389S، doi:10.1038/srep15389، PMC 4626774، PMID 26515529.
- Moll؛ de Oliveira-Souza؛ Eslinger؛ Bramati؛ Mourão-Miranda؛ Andreiuolo؛ Pessoa (01 أبريل 2002)، "The Neural Correlates of Moral Sensitivity: A Functional Magnetic Resonance Imaging Investigation of Basic and Moral Emotions"، The Journal of Neuroscience، 22 (7): 2730–2736، doi:10.1523/JNEUROSCI.22-07-02730.2002.
- Kohlberg, Lawrence (1973)، "The Claim to Moral Adequacy of a Highest Stage of Moral Judgment"، Journal of Philosophy، 70 (18): 630–646، doi:10.2307/2025030، JSTOR 2025030.
- Verplaetse, Jan (2008)، "Measuring the moral sense: morality tests in continental Europe between 1910 and 1930"، Paedagogica Historica، 44 (3): 265–286، doi:10.1080/00309230701722721.
- Kohlberg, Lawrence (1981)، The Philosophy of Moral Development، Essays on Moral Developent، San Francisco: Harper & Row، ج. 1، ISBN 978-0-06-064760-5، OCLC 7307342.
- Rest, James R. (1979)، Development in Judging Moral Issues، Minneapolis: University of Minnesota Press، ISBN 978-0-8166-0891-1.
- Lind, Georg (1978)، "Wie misst man moralisches Urteil? Probleme und alternative Möglichkeiten der Messung eines komplexen Konstrukts" [How do you measure moral judgment? Problems and alternative ways of measuring a complex construct]، في Portele, G. (المحرر)، Sozialisation und Moral [Socialization and Morality] (باللغة الألمانية)، Weinheim: Beltz، ص. 171–201، ISBN 9783407511348، OCLC 715635639.
- Graham, Jesse؛ Haidt؛ Nosek (2009)، "Liberals and conservatives rely on different sets of moral foundations" (PDF)، Journal of Personality and Social Psychology، 96 (5): 1029–1046، doi:10.1037/a0015141، PMID 19379034، مؤرشف من الأصل (PDF) في 02 نوفمبر 2019.
- Graham؛ Haidt؛ Koleva؛ Motyl؛ Iyer؛ Wojcik؛ Ditto (2013)، Moral Foundations Theory: The pragmatic validity of moral pluralism (PDF)، Advances in Experimental Social Psychology، ج. 47، ص. 55–130، doi:10.1016/b978-0-12-407236-7.00002-4، ISBN 9780124072367، مؤرشف من الأصل (PDF) في 02 نوفمبر 2018.
- بوابة علم النفس
- بوابة فلسفة