أدلة ووثائق للهولوكوست

الهولوكوست –أي قتل نحو ستة ملايين يهودي على يد ألمانيا النازية من عام 1941 حتى عام 1945– هي أكثر إبادة جماعية موثقة في التاريخ. رغم عدم وجود وثيقة واحدة تسرد جميع ضحايا الاضطهاد النازي من اليهود، هناك أدلة قاطعة على مقتل نحو ستة ملايين شخص.[1] هناك أيضًا دليل قاطع على تعرض اليهود للغاز السام في أوشفيتز بيركينو،[2][3] وهي معسكرات الإبادة في عملية رينهارد،[4][5] وفي شاحنات الغاز، وأنه كانت هناك خطة ممنهجة من قبل القيادة النازية لقتلهم.[4]

تأتي الأدلة على الهولوكوست في أربعة أنواع رئيسية:[4]

  • وثائق معاصرة، تشمل مجموعة متنوعة من «الرسائل والمذكرات والمخططات والأوامر والفواتير والخطابات»،[6] وجداول قطارات الهولوكوست،[4] والملخصات الإحصائية الصادرة عن منظمة شوتزشتافل،[1] بالإضافة إلى الصور الرسمية والصور السرية التي التقطها الناجون، والصور الجوية، ولقطات مصورة على فيلم عن تحرير المعسكرات.[6][7] جُمعت أكثر من 3000 طن من السجلات لمحاكمات نورنبيرغ.[8]
  • شهادات لاحقة من عشرات الآلاف من شهود العيان، مثل الناجين بما في ذلك وحدات زوندركوماندوس الذين شهدوا عملية الإبادة بشكل مباشر، والجناة مثل القادة النازيين وحراس وقادة منظمة شوتزشتافل والمدنيين المحليين.[6][9] لم ينكر أي من الجناة الذين حوكموا حقيقة القتل المنهجي.[10]
  • أدلة مادية مثل معسكرات الاعتقال والإبادة، والتي ما تزال موجودة مع كميات مختلفة من البنى الأصلية المحفوظة،[8][11] وآلاف المقابر الجماعية التي تحتوي على جثث ضحايا الهولوكوست.[12][13]
  • أدلة ظرفية: في الحرب العالمية الثانية، انخفض عدد اليهود في أوروبا التي تحتلها ألمانيا بنحو ستة ملايين.[6][14] رُحل نحو 2.7 مليون يهودي إلى معسكرات أوشفيتز بيركينو ومعسكر الإبادة خيلمنو ومعسكرات عملية رينهارد، ولم يرهم أو يسمع عنهم أحد منذ ذلك الحين.[15][4]

حاول الجناة عدم تقديم أدلة واضحة وحاولوا إتلاف الأدلة الوثائقية والمادية لجرائمهم قبل هزيمة ألمانيا.[4][8] رغم ذلك، حُفظت الكثير من الأدلة وجمعت من قبل المحققين الحلفاء أثناء الحرب وبعدها. إجمالًا، تدحض الأدلة حجج ناكري الهولوكوست الذين يدعون أن الهولوكوست لم تحدث كما هو موصوف في الدراسات التاريخية.[8]

تورط هتلر

السياسة

يشير المؤرخون، بمن فيهم إيان كيرشو وراؤول هيلبرغ ومارتن بروزات، إلى عدم وجود وثيقة تظهر أن هتلر أمر بتنفيذ الهولوكوست. رغم ذلك، هناك أدلة أخرى توضح أن هتلر كان على علم بالإبادة الجماعية وهو من أمر بها. بالإضافة إلى ذلك، تشير تصريحات أدولف أيخمان ويوزف غوبلز وهاينريش هيملر إلى أن هتلر دبر الهولوكوست وأن تصريحات هتلر نفسه تكشف عن نواياه في الإبادة الجماعية تجاه اليهود.[16]

النظام والمسؤولية

في مسودة مذكرة داخلية بتاريخ 18 سبتمبر عام 1942، كتب زعيم الرايخ إس إس، هاينريش هيملر، أنه «من حيث المبدأ، لم يعد الفورر (القائد) مثقلًا بهذه الأمور»؛ تلخص المذكرة رؤية هيملر، بما في ذلك «تسليم العناصر المعادية للمجتمع وتنفيذ أحكامهم بالعمل حتى الموت إلى زعيم الرايخ إس إس. كان كل من اليهود والغجر والروس والأوكرانيين والبولنديين قيد الاعتقال الوقائي مع أحكام بالسجن تتجاوز 3 سنوات، حكم على التشيكيين والألمان بأكثر من 8 سنوات وفقًا لحكم وزير العدل. أولاً وقبل كل شيء، سيتم تسليم أسوأ العناصر المعادية للمجتمع من بين أولئك الذين ذُكروا للتو؛ سأبلغ الفورر بهذا عن طريق الرايخ سليتر (الزعيم الوطني) بورمان».[17]

رغم ذلك، وعلى النقيض من برنامج أكتيون تي4، لم يعثر على أي وثيقة مكتوبة أو موقعة من قبل هتلر تأمر بالهولوكوست. زعم المنكرون أن الافتقار لهذا الأمر يظهر أن الإبادة الجماعية لم تكن سياسة نازية.

خلال دعوى التشهير الفاشلة التي شنها ديفيد إيرفينغ ضد ديبوراه ليبستادت، أشار إلى أن الوثيقة التي وقعها هتلر آمرًا بـ«الحل النهائي» ستكون الدليل الوحيد المقنع على تورط هتلر. رغم ذلك، كان مقتنعًا بتحميل ونستون تشرشل مسؤولية أمر اغتيال الجنرال سيكورسكي، رغم عدم وجود أدلة وثائقية لدعم ادعائه. خلص القاضي غراي إلى وجود معيار مزدوج لهذا الشأن.[18]

وثق المؤرخون الأدلة القائلة أنه عندما أصبحت هزيمة ألمانيا وشيكة وأدرك القادة النازيون أنه من المرجح أن يُقبض عليهم ويُقدموا للمحاكمة، بُذل جهد كبير لتدمير جميع الأدلة على الإبادة الجماعية. في ربيع عام 1942، أمر هاينريش هيملر بإزالة جميع آثار اليهود الروس المقتولين وأسرى الحرب من الأراضي المحتلة في الاتحاد السوفيتي.[19] من إحدى الأمثلة العديدة، حُفرت قبور 25000 جثة معظمهم من اليهود اللاتفيين الذين أطلق فريدريش جيكلن والجنود تحت قيادته النار عليهم في رمبولا (بالقرب من ريغا) في أواخر عام 1941، وأٌحرقت هذه الجثث في عام 1943.[20]

في منتصف عام 1942، أمر أوبر غروبن فوهرر إس إس، راينهارد هايدريش، عن طريق غروبن فوهرر إس إس ورئيس غيستابو هاينرش مولر، شتاندارتن فوهرر إس إس باول بلوبل في زوندركوماندوس 1005 بإزالة جميع آثار عمليات الإعدام الجماعية في الشرق التي نفذتها وحدات أينزاتسغروبن. بعد أن نفذ بلوبر وموظفوه عملية حرق خاصة، تبع ذلك تدمير الأدلة في معسكرات بيلزك وسوبيبور في أواخر عام 1942. في فبراير عام 1943، زار هاينريش هيملر معسكر تريبلينكا شخصيًا وأمر القادة بتدمير السجلات ومحارق الجثث وغيرها من علامات الإبادة الجماعية.[19]

في خطابات بوزن في أكتوبر عام 1943، أشار هيملر بوضوح إلى إبادة يهود أوروبا وذكر أن الإبادة الجماعية يجب أن تبقى سرية بشكل دائم. في 4 أكتوبر قال:

أود أن أشير هنا بشكل خاص إلى قضية صعبة للغاية. يمكننا الآن التحدث بصراحة عن الأمر فيما بيننا، ومع ذلك لن نناقشه علنًا أبدًا. مثلما لم نتردد في 30 يونيو عام 1934، في أداء واجبنا كما أمرنا ووضعنا رفاقنا الذين فشلوا في موقف صعب وأعدمناهم، لم نتحدث عنه ولن نتحدث عنه أبدًا. دعونا نشكر الله أنه ولد في داخلنا طاقة كافية لألا نتحدث عنه فيما بيننا، ولم نفعل قط. شعر كل واحد منا بالرعب، ومع ذلك فهم بوضوح أننا سنعيد الكرة في المرة القادمة، عندما يصدر الأمر وعندما يصبح ذلك ضروريًا. أنا أشير إلى إخلاء اليهود، إلى إبادة الشعب اليهودي.[21][22]

يقول المؤرخ بيتر لونجيريتش إن هتلر «تجنب إعطاء أمر كتابي واضح بإبادة المدنيين اليهود».[16] أثير احتجاج واسع النطاق عندما انتشر تصريح هتلر ببرنامج أكتيون تي4 بين عامة الشعب الألماني، واضطر إلى إيقافه نتيجةً لذلك (استمر رغم ذلك بشكل سري).[23] جعل هذا هتلر يدرك أن مثل هذه التعهدات يجب أن تحدث سراً لتجنب النقد. ويشير النقاد أيضًا إلى أنه إذا وقع هتلر على مثل هذا الأمر في المقام الأول، لكان من أولى الوثائق التي ستخضع للتلف.[16]

كتب فيليكس كيرستن في مذكراته أنه بعد مناقشة مع هيملر، كشف زعيم الرايخ إس إس أن إبادة اليهود كانت أمرًا صريحًا لهتلر وفوض إليه بالفعل من قبل الفوهرر.[24]

مراجع

  1. "Documenting Numbers of Victims of the Holocaust and Nazi Persecution"، Holocaust Encyclopedia (باللغة الإنجليزية)، United States Holocaust Memorial Museum، مؤرشف من الأصل في 06 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 04 يونيو 2020.
  2. "Author tells of 'massive' proof for gas chambers"، the Guardian (باللغة الإنجليزية)، 26 يناير 2000، مؤرشف من الأصل في 12 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 05 يونيو 2020.
  3. van Pelt 2016، صفحة 89.
  4. Browning, Christopher، "Browning: Evidence for the Implementation of the Final Solution"، Holocaust Denial on Trial، مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 05 يونيو 2020.
  5. "Operation Reinhard Evidence: Camps Not Hearsay"، Holocaust Denial on Trial، مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 05 يونيو 2020.
  6. Shermer & Grobman 2009، صفحة 33.
  7. Milton, Sybil (1999)، "Photography as evidence of the Holocaust"، History of Photography، 23 (4): 303–312، doi:10.1080/03087298.1999.10443338.
  8. "Combating Holocaust Denial: Evidence of the Holocaust presented at Nuremberg" (باللغة الإنجليزية)، United States Holocaust Memorial Museum، مؤرشف من الأصل في 11 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 04 يونيو 2020.
  9. "Visual History Archive: Testimonies of Holocaust survivors and other witnesses"، Stanford Libraries (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 04 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 04 يونيو 2020.
  10. Douglas, Lawrence (2011)، "From Trying the Perpetrator to Trying the Denier and Back Again"، في Hennebel, Ludovic؛ Hochmann, Thomas (المحررون)، Genocide Denials and the Law (باللغة الإنجليزية)، Oxford University Press، ص. 60، ISBN 978-0-19-987639-6.
  11. van Pelt 2016.
  12. "Einsatzgruppen: Mass Graves Exist"، Holocaust Denial on Trial، مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 04 يونيو 2020.
  13. Desbois, Patrick (2018)، In Broad Daylight: The Secret Procedures behind the Holocaust by Bullets (باللغة الإنجليزية)، Simon and Schuster، ISBN 978-1-62872-859-0.
  14. Wistrich, Robert (2003)، Terms of Survival: The Jewish World Since 1945 (باللغة الإنجليزية)، Routledge، ص. 52، ISBN 978-1-134-85579-7، مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 2021.
  15. "World War II and the Holocaust, 1939–1945" (باللغة الإنجليزية)، United States Holocaust Memorial Museum، مؤرشف من الأصل في 06 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 07 يونيو 2020.
  16. "Debunking Denial : Hitler's Orders"، Emory University، مؤرشف من الأصل في 07 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 أكتوبر 2016.
  17. "Nuremberg Trial Exhibit, 654-PS from"، Nuremberg Trials Project، مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 21 يوليو 2017.; English-language summary and analysis (John Buchsbaum): "HLSL Item No.: 2494 (19 September 1945)"، Nuremberg Trials Project، مؤرشف من الأصل في 01 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 21 يوليو 2017.
  18. "The Holocaust from"، Channel4.com، مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2007، اطلع عليه بتاريخ 22 مارس 2014.
  19. Arad, Yitzhak (1984)، "Operation Reinhard: Extermination Camps of Belzec, Sobibor and Treblinka" (PDF)، Yad Vashem Studies، XVI: 205–239، مؤرشف من الأصل (PDF) في 08 مارس 2021.
  20. Ezergailis, Andrew, The Holocaust in Latvia 1941–1944 – The Missing Center, pages 4–7, 239–270, Historical Institute of Latvia (in association with the United States Holocaust Memorial Museum) Riga 1996 (ردمك 9984-9054-3-8)
  21. Nizkor Project page on Himmler Posen speech Contains both the IMT original transcription of the speech in German, a corrected Nizkor project transcription, original IMT and corrected Nizkor project translation, recording and analysis of actual speech, and link to examples showing treatment of speech by Holocaust deniers. نسخة محفوظة 2019-12-03 على موقع واي باك مشين.
  22. Office of the United States Chief of Counsel For Prosecution of Axis Criminality, المحرر (1946)، "Partial Translation Of Document 1919-PS Speech of the Reichsfuehrer—SS at the Meeting of SS Major-Generals at Posen, October 4th, 1943" (PDF)، International Military Trials - Nurnberg - Nazi Conspiracy and Aggression Volume IV، Washington D.C.: US Government Printing Office، ج. 4، ص. 563–564، مؤرشف من الأصل (PDF) في 04 نوفمبر 2007، اطلع عليه بتاريخ 02 أبريل 2015، I also want to talk to you, quite frankly, on a very grave matter. Among ourselves it should be mentioned quite frankly, and yet we will never speak of it publicly. Among ourselves it should be mentioned quite frankly, and yet we will never speak of it publicly. Just as we did not hesitate on June 30th, 1934 to do the duty we were bidden, and stand comrades who had lapsed, up against the wall and shoot them, so we have never spoken about it and will never speak of it. It was that tact which is a matter of course and which I am glad to say, is inherent in us, that made us never discuss it among ourselves, never to speak of it. It appalled everyone, and yet everyone was certain that he would do it the next time if such orders are issued and if it is necessary I mean the clearing out of the Jews, the extermination of the Jewish race. … Most of you must know what it means when 100 corpses are lying side by side, or 500 or 1,000…. This is a page of glory in our history which has never been written and is never to be written…
  23. Henry Friedlander, The Origins of Nazi Genocide: From Euthanasia to the Final Solution, UNC Press, 1995, (ردمك 0-8078-4675-9), Google Print, ch.6 نسخة محفوظة 2016-06-24 على موقع واي باك مشين.
  24. Felix Kersten The Kersten Memoirs, 1956, p. 162-163, cited in The Holocaust: 66 Questions and Answers نسخة محفوظة 2019-12-29 على موقع واي باك مشين.
  • بوابة الحرب العالمية الثانية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.