العلاقات الأرمنية التركية

لا تُعد العلاقات الأرمينية التركية موجودة بشكل رسمي وكانت عدائية عبر التاريخ.[1] فشل البلدان في إقامة علاقات دبلوماسية، وذلك في الوقت الذي اعترفت فيه تركيا بأرمينيا (على حدود جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفيتية)، وذلك بعد فترة وجيزة من إعلان الأخيرة الاستقلال في سبتمبر عام 1991. ردت تركيا على حرب مرتفعات قرة باغ بإغلاق حدودها مع أرمينيا لدعم أذربيجان في عام 1993.

العلاقات الأرمينية التركية

الحدود
  الطول 268 كم

شهد البلدان ذوبان جليد قصير الأمد في العلاقات الثنائية بين عامي 2008 و2009، ووقعا على بروتوكولات التطبيع في أكتوبر عام 2009.[2][3][4] لم يُصدَّق على البروتوكولات أبدًا، وانتهى تقارب البلدين في العام التالي،[5][6] وأُلغت أرمينيا البروتوكولات رسميًا في مارس عام 2018.[7][8]

العلاقات الحديثة

استقلال أرمينيا في عام 1991

كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أرمينيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، ولكن أنقرة رفضت إقامة علاقات دبلوماسية مع يريفان، وكذلك إطلاق بوابتي الحدود الأرمينية التركية، مثل عليجان-مارجاران ودوجوكاب-أخوريك. طرحت تركيا شرطين مسبقين، فيجب أن تعترف أرمينيا بالحدود التركية الأرمينية، والتي أُنشِئت بموجب معاهدة قارص في عام 1921، أي التنازل عن المطالبات الإقليمية، وكذلك وضع حد لعملية الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية للأرمن.[9]

حرب مرتفعات قرة باغ

كانت تركيا عضوًا نشطًا في مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي أنشأها مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا في عام 1992 للتوسط لإنهاء النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حليفة تركيا على الأوبلاست (المحافظة) المستقل المتنازع عليه في مرتفعات قرة باغ؛ والذي كان محتدمًا منذ تصويت برلمان الأوبلاست على الوحدة مع أرمينيا في 20 فبراير عام 1988؛ ولكن المجموعة أحرزت تقدمًا ضئيلًا وسرعان ما اندلع القتال على نطاق واسع.

تدهورت العلاقات الأرمينية التركية تدريجيًا، وذلك مع استمرار الجيش الأرمني في تحقيق مكاسب في منطقة مرتفعات قرة باغ، وأدى استيلاء الأرمن على شوشا في 9 مايو عام 1992 إلى تعرض رئيس الوزراء التركي سليمان دميرل لضغوط كبيرة من العامة للتدخل. عارض دميرل مثل هذا التدخل، وقال إن دخول تركيا في الحرب سيؤدي إلى صراع أكبر بين المسلمين والمسيحيين. لم ترسل تركيا قوات لمساعدة أذربيجان، ولكنها زودت أذربيجان بمساعدة عسكرية ومستشارين.

أدى التطهير العرقي اللاحق لمرتفعات قرة باغ من جميع سكانها الأذربيجانيين، والذي بلغ ذروته في مذابح خوجالي في فبراير عام 1992، والتطهير العرقي للأرمن الذين يعيشون في مناطق أخرى من أذربيجان، وذلك كما حدث في مذبحة باكو، إلى زيادة تفاقم العلاقات، والتي لم تكن جيدة قط.

قرار مجلس الأمن الدولي رقم 822

شاركت تركيا في رعاية قرار مجلس الأمن رقم 822، والذي أكد على مرتفعت قرة باغ كجزء من وحدة أراضي أذربيجان، والمطالبة بانسحاب القوات الأرمينية من كلبجر. انضمت تركيا إلى أذربيجان في فرض حظر اقتصادي على أرمينيا في وقت لاحق من عام 1993، وأُغلِقت الحدود بين الدولتين.[10]

حشد الأرمن قوة للاستيلاء على فضولي وجبرائيل في أذربيجان في جنوب مرتفعات قرة باغ في منتصف أغسطس عام 1993؛ ورد رئيس الوزراء التركي تانسو تشيلر بإرسال آلاف القوات التركية إلى الحدود ومطالبة أرمينيا بالانسحاب من أراضي أذربيجان.[11] واجهت قوات الاتحاد الروسي في أرمينيا تحركاتها، وتجنبت بذلك أي احتمال يقتضي بمشاركة تركيا بأي دور عسكري في النزاع.[11]

أُعيد إحياء ذكريات الإبادة الجماعية للأرمن خلال النزاع عن طريق مزاعم التطهير العرقي،[12] ودخل المؤرخ الأمريكي برنارد لويس النقاش بالقول، في مقابلة في نوفمبر عام 1993، إن وصف المذابح التي ارتكبها الأتراك في عام 1915 بأنها إبادة جماعية كان فقط «النسخة الأرمنية من هذا التاريخ».[13] قاضته السلطات الفرنسية بسبب هذا التعليق وغرمته.[14]

القضايا العالقة

إنكار الإبادة الجماعية للأرمن

تُعد التوترات الناشئة عن الإبادة الجماعية للأرمن، والقتل المنهجي لما يقدر بنحو 1.5 مليون أرمني من قبل سلطات الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى نقطة خلاف مريرة؛ إذ عرف معظم المؤرخين القتل على أنه إبادة جماعية،[15][16] وهو مصطلح ترفض الدولة التركية تطبيقه.[17]

يؤكد معظم المؤرخين أنها كانت محاولة متعمدة ومدبرة لإبادة السكان الأرمن في الدولة العثمانية. يجسد هذا الرأي أيضًا موقف جمهورية أرمينيا.[18][19][20][21]

رفضت جمهورية تركيا الرقم 1.5 مليون للعدد النهائي للقتلى، وأدعت على أن الوفيات كانت حوالي 200 إلى 300 ألف،[22] وأكدت على أنها كانت نتيجة مرض ومجاعة ونزاع بين الأعراق خلال اضطراب الحرب العالمية الأولى، وقالت إن متمردو حرب الطاشناق الداشناك والهنشاك الأرمن قد انحازوا إلى الجيش الروسي الذي غزا شرق الأناضول أثناء الحرب، وارتكب المذابح ضد السكان المسلمين المحليين (الأتراك والكرد) في تلك المنطقة.[23]

إن مجرد الحديث عن الإبادة الجماعية للأرمن في تركيا يعني المخاطرة «بإهانة الهوية التركية»، وهي جريمة جنائية أودت بالعديد من المثقفين الأتراك إلى المحاكمة، إذ إن ذكر كلمة «إبادة جماعية» بحد ذاتها هو مدعاة للإهانة.[24]

رد إسرائيل تشارني والجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية على دعوات تركيا لإجراء مزيد من الدراسة المحايدة في رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء التركي، وكان مفادها:

نحن نمثل القسم الرئيسي من العلماء الذين يدرسون الإبادة الجماعية في أمريكا الشمالية وأوروبا. نحن قلقون بأنك لا تدرك تمامًا مدى السجل العلمي والفكري للإبادة الجماعية للأرمن، وكيفية توافق هذا الحدث مع تعريف اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، وذلك عند المطالبة بإجراء دراسة محايدة للإبادة الجماعية للأرمن. نريد أن نؤكد أنه ليس الأرمن فقط من يؤكدون على الإبادة الجماعية للأرمن، بل الرأي الغالب للعلماء الذين يدرسون الإبادة الجماعية، أي مئات العلماء المستقلين، الذين ليس لديهم انتماءات مع الحكومات، والذين يمتد عملهم إلى العديد من البلدان والجنسيات وعلى مدى عقود.

أجرت العديد من المنظمات الدولية دراسات حول الأحداث، وجزم كل منها بدوره أن مصطلح «الإبادة الجماعية» يصف على نحو ملائم «المذبحة العثمانية للأرمن بين عامي 1915-1916».[25] يُعد المركز الدولي للعدالة الانتقالية، والجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية،[26] واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات التابعة للأمم المتحدة من بين المنظمات التي تؤكد هذا الاستنتاج.[25]

أصدرت عدة دول وولايات أمريكية[27] إدانات تشريعية رسمية للإبادة الجماعية للأرمن، وذلك على الرغم من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية التركية الهائلة بحقهم.[25] اعتمدت سويسرا قوانين تعاقب إنكار الإبادات الجماعية.[28][29]

النزاع الحدودي

كانت تركيا حذرة بشكل خاص من المشاعر الأرمنية المتشددة التي تطالب بإقليم «أرمينيا التاريخية» داخل تركيا في مناخ ما بعد الاتحاد السوفيتي الوحدوي. واصل الاتحاد الثوري الأرمني، وهو حزب سياسي أرمني، الإصرار على التراجع نحو معاهدة الحدود الإقليمية لسيفر.[30] رفضت تركيا المعاهدة بعد توقيع الدولة العثمانية على المعاهدة بعد أن نجحت في حرب الاستقلال التركية، وخلفت الإمبراطورية.[31]

أعلنت أرمينيا رسميًا اعترافها الدائم بالحدود الحالية مع تركيا، وكما قال وزير خارجيتها السابق وارطان أوسكانيان: «لم تطرح أرمينيا مشكلة تتعلق بصحة معاهدة قارص، لأن أرمينيا لا تزال مخلصة لجميع الاتفاقات الموروثة من الاتحاد السوفيتي».[32]

هددت هذه النزاعات الحدودية المستمرة بعرقلة المفاوضات بين أرمينيا وتركيا قبل الإعلان عن خارطة الطريق المؤقتة في أبريل عام 2009؛ وذلك مع مجموعة من الصحفيين الأذربيجانيين الذين رفضوا الإذن بالسفر إلى تركيا لمشاهدة أعمال التجديد على بوابة الحدود، واعتقال السلطات الأرمنية الصحفي التركي سيرفيت ياناتما وأربعة من زملائه بعد محاولتهم تصوير الحدود التركية الأرمينية دون إذن.[33]

مراجع

  1. Arsu, Sebnem (31 أغسطس 2009)، "Turkey and Armenia to Establish Diplomatic Ties"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 19 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 01 سبتمبر 2009، Turkey and Armenia, whose century of hostilities constitutes one of the world's most enduring and acrimonious international rivalries, have agreed to establish diplomatic relations
  2. "Gul in landmark visit to Armenia"، Europe، BBC News، 06 سبتمبر 2008، مؤرشف من الأصل في 09 سبتمبر 2008، اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2008.
  3. Paul Richter (03 أبريل 2009)، "Turkey, Armenia are likely to ease conflict"، L.A. Times، مؤرشف من الأصل في 07 أبريل 2009، اطلع عليه بتاريخ 03 أبريل 2009.
  4. Turkey, Armenia to sign diplomatic deal next month, says official. صحيفة حريت . September 27, 2009. نسخة محفوظة 2011-10-07 على موقع واي باك مشين.
  5. Hairenik، "President Sarkisian Announces Suspension of Protocols"، Armenian Weekly، مؤرشف من الأصل في 28 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  6. "Critics 'Vindicated' By Turkish-Armenian Fiasco"، «Ազատ Եվրոպա/Ազատություն» ռադիոկայան، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2016، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  7. "Turkey - Bilateral Relations"، www.mfa.am (باللغة الأرمنية)، مؤرشف من الأصل في 26 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 09 ديسمبر 2019.
  8. "Arminfo: Armenia annulled Armenian-Turkish protocols on normalization of relations"، arminfo.info (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 9 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 09 ديسمبر 2019.
  9. "Armenia-Turkey: 100 years of Diplomatic Relations; Standpoint of Armenia | Aniarc"، www.aniarc.am (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 19 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 22 أكتوبر 2018.
  10. William M. Hale. Turkish Foreign Policy, 1774–2000, Routledge, 2000, (ردمك 0-7146-5071-4), p. 273
  11. "Турция угрожает Армении не впервые: как был остановлен первый "удар""، Rusarminfo (باللغة الروسية)، مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 09 ديسمبر 2019.
  12. Rieff, David (يونيو 1997)، "Case Study in Ethnic Strife. (Nagorno-Karabakh)"، Foreign Affairs، Council on Foreign Relations، 76 (1997)، doi:10.2307/20047941، JSTOR 20047941، مؤرشف من الأصل في 29 سبتمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 14 أغسطس 2008.
  13. "... que la qualification de génocide, attribuée aux massacres perpétrés par les Turcs en 1915, n'était que 'la version arménienne de cette histoire.'" Herzberg, Nathaniel. Bernard Lewis condamné pour avoir nié la réalité du génocide arménien باللغة الفرنسية ("Bernard Lewis Censured For Having Denied the Reality of the Armenian Genocide"), Le Monde, p. 11, June 23, 1995: Copy of article on private website نسخة محفوظة January 3, 2009, على موقع واي باك مشين..
  14. Civil judgment finding Lewis at fault, 21 June 1995 باللغة الفرنسية; English-language translation of judgment on private website نسخة محفوظة January 3, 2009, على موقع واي باك مشين..
  15. Ferguson, Niall. The War of the World: Twentieth-Century Conflict and the Descent of the West. New York: Penguin Press, 2006 p. 177 (ردمك 1-59420-100-5)
  16. A Letter from The International Association of Genocide Scholars نسخة محفوظة April 16, 2006, على موقع واي باك مشين. June 13, 2005
  17. The Psychological Satisfaction of Denials of the Holocaust or Other Genocides by Non-Extremists or Bigots, and Even by Known Scholars نسخة محفوظة 2007-12-24 على موقع واي باك مشين., by Israel Charny, "IDEA" journal, July 17, 2001, Vol.6, no.1
  18. Josh Belzman (23 أبريل 2006)، "PBS effort to bridge controversy creates more"، MSNBC، مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 2006، اطلع عليه بتاريخ 05 أكتوبر 2006.
  19. Letter نسخة محفوظة April 16, 2006, على موقع واي باك مشين. from the الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية to رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان, June 13, 2005
  20. Kamiya, Gary. Genocide: An inconvenient truth. Salon.com. October 16, 2007. نسخة محفوظة 13 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
  21. Jaschik, Scott. Genocide Deniers. History News Network. October 10, 2007. نسخة محفوظة 2019-12-20 على موقع واي باك مشين.
  22. "Armenian Genocide"، Encyclopædia Britannica، مؤرشف من الأصل في 11 أكتوبر 2014، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  23. "Q&A Armenian 'genocide'"، BBC، 12 أكتوبر 2006، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 29 ديسمبر 2006.
  24. Watson, Ivan (04 أكتوبر 2006)، "Schism: Free Speech vs. 'Insulting Turkishness'"، National Public Radio، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 14 أغسطس 2008.
  25. "Turkey Recalls Envoys Over Armenian Genocide نسخة محفوظة July 3, 2008, على موقع واي باك مشين.", International Center for Transitional Justice
  26. Letter to Prime Minister Recep Tayyip Erdogan نسخة محفوظة April 16, 2006, على موقع واي باك مشين., International Association Of Genocide Scholars, 2005-06-13
  27. "Armenian Genocide - Recognition of the Armenian Genocide"، مؤرشف من الأصل في 28 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  28. "Swiss court finds Turks guilty for denying Armenian genocide"، مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  29. "Schweizer Radio und Fernsehen (SRF)"، مؤرشف من الأصل في 30 يوليو 2013، اطلع عليه بتاريخ 24 أبريل 2016.
  30. "Goals of the Armenian Revolutionary Federation"، مؤرشف من الأصل في 02 فبراير 2007، اطلع عليه بتاريخ 29 ديسمبر 2006.
  31. Current History, Volume 13, New York Times Co., 1921, "Dividing the Former Turkish Empire" pp. 441-444 (retrieved October 26, 2010) نسخة محفوظة 2019-12-23 على موقع واي باك مشين.
  32. "In Vartan Oskanian's Words, Turkey Casts Doubt on Treaty of Kars with Its Actions"[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 21 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  33. Yanatma, Servet (13 أبريل 2009)، "Turkey-Armenia deal to refer to Karabakh solution"، Today's Zaman.
  • بوابة أرمينيا
  • بوابة تركيا
  • بوابة علاقات دولية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.