لدونة مشبكية

في العلوم العصبية، اللدونة المشبكية (بالإنجليزية: Synaptic plasticity)‏ هي قدرة المشابك على تعزيز تقويتها أو إضعافها بمرور الوقت، استجابة لزيادة نشاطها أو انخفاضه.[1] نظرًا إلى أنه من المفترض تمثيل الذكريات عبر شبكات عصبونية واسعة الترابط في الدماغ، تُعد اللدونة المشبكية إحدى أهم الأسس العصبية الكيميائية للتعلم والذاكرة (انظر نظرية هيب).

غالبًا ما ينتج التغير المشبكي عن تبدل عدد مستقبلات النواقل العصبية الموجودة في المشبك.[2] يوجد عدد من الآليات الأساسية التي تتعاون فيما بينها لتحقيق اللدونة المشبكية، بما في ذلك تغيرات في كمية النواقل العصبية المحررة في المشبك وتغيرات في مدى فعالية الاستجابة الخلوية لهذه النواقل العصبية.[3] ثبت اعتماد اللدونة المشبكية في كل من المشابك المحفزة والمثبطة على تحرير الكالسيوم بعد المشبكي.[2]

اللدونة قصيرة الأمد

تعمل اللدونة قصيرة الأمد على على مقياس زمني يتراوح من عشرات الميلي ثانية إلى بضع دقائق بعكس اللدونة طويلة الأمد، التي تستمر بدورها من دقائق إلى ساعات. باستطاعة اللدونة المشبكية قصيرة الأمد تقوية المشبك أو إضعافه.

تعزيز التقوية المشبكية

ينتج تعزيز التقوية المشبكية قصيرة الأمد من زيادة احتمالية تحرير النهايات المشبكية للنواقل استجابة منها لجهود الفعل قبل المشبكي. تزداد تقوية المشابك لوقت قصير بسبب زيادة كمية النواقل المخزنة المحررة استجابة لكل جهد فعل.[4] يُصنف تعزيز التقوية المشبكية بناءً على المقاييس الزمنية التي تعمل خلالها إلى التيسير العصبي، أو الازدياد المشبكي أو التأييد بعد الكزازي.

الخمول المشبكي

يُعزى الخمول أو التعب المشبكي عادةً إلى استنفاذ الحويصلات سريعة التحرر. يمكن أن ينشأ الخمول أيضًا عن العمليات بعد المشبكية ومن التنشيط الارتجاعي للمستقبلات قبل المشبكية.[5] يُعتقد أن الخمول غير المشبكي مرتبط بتحرير أدينوسين ثلاثي الفوسفات (إيه تي بّي) من الخلايا النجمية.[6]

اللدونة طويلة الأمد

يُعد كل من الخمول طويل الأمد (إل تي دي) والتأييد طويل الأمد (إل تي بّي) شكلين من أشكال اللدونة طويلة الأمد، التي تستمر لدقائق أو أكثر، الموجودة في المشابك المحفزة.[2] جرت أبحاث مكثفة حول «إل تي دي» و«إل تي بّي» المعتمدة على «إن إم دي إيه»، ووُجد أنها تتطلب ارتباط الغلوتومات والجلايسين والدي-سيرين من أجل تنشيط مستقبلات «إن إم دي إيه».[6] وُجد أن نقطة التحول في التعديل المشبكي للمشبك قابلة للتعديل بنفسها، اعتمادًا على تاريخ المشبك.[7] مؤخرًا، حصل عدد من المحاولات لإيجاد نموذج شامل باستطاعته رصد معظم أشكال اللدونة المشبكية.[8]

الخمول طويل الأمد

يستطيع التنشيط الوجيز للمسار المحفز إنتاج ما يُعرف بالخمول طويل الأمد (إل تي دي) للنقل المشبكي في العديد من مناطق الدماغ. ينتج «إل تي دي» عن الحد الأدنى من إزالة الاستقطاب بعد المشبكي والازدياد المتزامن في تركيز الكالسيوم داخل الخلوي في العصبون بعد المشبكي. يستطيع «إل تي دي» البدء في المشابك غير النشطة إذا ما ارتفع تركيز الكالسيوم إلى الحد الأدنى المطلوب عن طريق التنشيط غير المشبكي، أو إذا ما ارتفع التركيز خارج الخلوي. تختلف هذه الشروط البديلة المتسببة في «إل تي دي» عن قاعدة هيب، إذ تعتمد بدلًا من ذلك على تعديلات النشاط المشبكي. وُجد أن انخفاض «إل تي دي» الكبير في الحصين يعود لتحرير الخلايا النجمية للدي-سيرين.[6] جرت أبحاث حول «إل تي دي» المعتمد على النشاط في عام 2011 للمشابك الكهربائية (تعديل فعالية وصلات الفجوة من خلال نشاطها).[9]

التأييد طويل الأمد

التأييد طويل الأمد، يُدعى بشكل عام «إل تي بّي»، هو زيادة في الاستجابة المشبكية التالية لنبضات الجهد الناتجة عن المنبه الكهربائي التي تحافظ على مستوى أعلى من الاستجابة الأساسية لساعات أو أكثر. يشمل «إل تي بّي» تفاعلات بين العصبونات بعد المشبكية ومدخلات قبل مشبكية محددة مشكلة رابطة مشبكية، وهي خاصة بالمسار المنبَه للنقل المشبكي. يتحدد الاستقرار طويل الأمد للتغيرات المشبكية عبر الزيادة الموازية في البنى قبل وبعد المشبكية مثل النهايات المحورية والشوكة التغصنية وكثافة بعد المشبكي. على المستوى الجزيئي، اربطت الزيادة في بروتينات السقالة بعد المشبكية «بّي إس دي-95» و«هومر1سي» مع استقرار الزيادة المشبكية.[10]

وُجد أن تعديل تغطية الخلايا النجمية في مشابك الحصين ناتج عن تحريض «إل تي بّي»، الذي ارتبط مع تحرير الخلايا النجمية للدي-سيرين وأحادي أكسيد النتروجين والكيموكين، إس100بي.[6] يُعتبر «إل تي بّي» أيضًا نموذجًا لدراسة الأسس المشبكية للدونة هيب. تشبه شروط إحداثه تلك الموصوفة لبدء الخمول طويل الأمد (إل تي دي)، لكن من الضروري تحقيق إزالة استقطاب أقوى وزيادة كالسيوم أكبر في «إل تي بّي».[11] أظهرت التجارب عن طريق تحفيز مجموعة من الأشواك التغصنية الفردية قدرة التعاون المشبكي بين عدد قليل من الأشواك التغصنية المتجاورة كشوكتين منع حدوث «إل تي دي»، ما يسمح فقط بحدوث «إل تي بّي».[12]

مراجع

  1. "Post-tetanic potentiation"، Physiological Reviews، 38 (1): 91–113، يناير 1958، doi:10.1152/physrev.1958.38.1.91، PMID 13505117.
  2. "Synaptic stability and plasticity in a floating world"، Current Opinion in Neurobiology، 20 (5): 631–9، أكتوبر 2010، doi:10.1016/j.conb.2010.06.010، PMID 20655734.
  3. "Long-term plasticity at GABAergic and glycinergic synapses: mechanisms and functional significance"، Trends in Neurosciences، 25 (11): 564–70، نوفمبر 2002، doi:10.1016/S0166-2236(02)02269-5، PMID 12392931.
  4. "Augmentation is a potentiation of the exocytotic process"، Neuron، 22 (1): 139–46، يناير 1999، doi:10.1016/S0896-6273(00)80685-6، PMID 10027296.
  5. "Short-term synaptic plasticity"، Annual Review of Physiology، 64: 355–405، مارس 2002، doi:10.1146/annurev.physiol.64.092501.114547، PMID 11826273، مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 2020.
  6. "Glia: the many ways to modulate synaptic plasticity"، Neurochemistry International، 57 (4): 440–5، نوفمبر 2010، doi:10.1016/j.neuint.2010.02.013، PMID 20193723.
  7. "Mechanism for a sliding synaptic modification threshold"، Neuron، 15 (1): 1–4، يوليو 1995، doi:10.1016/0896-6273(95)90056-x، PMID 7619513.
  8. "Synaptic plasticity: a unifying model to address some persisting questions"، The International Journal of Neuroscience، 121 (6): 289–304، يونيو 2011، doi:10.3109/00207454.2011.556283، PMID 21348800.
  9. "Activity-dependent long-term depression of electrical synapses"، Science، 334 (6054): 389–93، أكتوبر 2011، doi:10.1126/science.1207502، PMID 22021860.
  10. "Balance and stability of synaptic structures during synaptic plasticity"، Neuron، 82 (2): 430–43، أبريل 2014، doi:10.1016/j.neuron.2014.02.031، PMID 24742464.
  11. "Long-term depression of excitatory synaptic transmission and its relationship to long-term potentiation"، Trends in Neurosciences، 16 (11): 480–7، نوفمبر 1993، doi:10.1016/0166-2236(93)90081-V، PMID 7507622.
  12. "A spike-timing-dependent plasticity rule for dendritic spines"، Nature Communications، 11 (1): 4276، أغسطس 2020، doi:10.1038/s41467-020-17861-7، PMC 7449969، PMID 32848151.
  • بوابة العقل والدماغ
  • بوابة علم الأحياء الخلوي والجزيئي
  • بوابة علم وظائف الأعضاء
  • بوابة علوم عصبية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.