انقلاب قبرص 1974

انقلاب قبرص 1974 هو انقلاب عسكري جرى يوم 15 يوليو 1974، وقام به كلاً من الجيش اليوناني في قبرص والحرس الوطني القبرصي والمجلس العسكري اليوناني 1967-1974. أطاح مدبرو الانقلاب برئيس قبرص الحالي رئيس الأساقفة مكاريوس الثالث من منصبه واستبدله بالقومي المؤيد لإينوسيس (الوحدة مع اليونان) نيكوس سامبسون.[1][2][3] تم وصف نظام سامبسون على أنه دولة دمية، وهدفها النهائي هو ضم الجزيرة إلى اليونان؛[4][5][6] ولفترة قصيرة أعلن الانقلابيون إنشاء «جمهورية قبرص اليونانية».[7][8] واعتبرت الامم المتحدة الانقلاب غير شرعي.

انقلاب قبرص 1974
جزء من نزاع قبرص 
معلومات عامة
التاريخ 15 يوليو 1974
البلد قبرص 
من أسبابها المجلس العسكري اليوناني 
الموقع قبرص
النتيجة نجاح الانقلاب
المتحاربون
الحكومة القبرصية

فصائل من الحرس الوطني القبرصي موالين لمكاريوس
مليشيات حركة الديمقراطيين الاجتماعية

إيوكا-ب
  • الجبهة التقدمية
  • الحرس الوطني القبرصي

بدعم من:
اليونان

القادة
مكاريوس الثالث نيكوس سامبسون

البداية

تأسست جمهورية قبرص سنة 1960 بموجب اتفاقيتا لندن وزيورخ [الإنجليزية]، وكان القبارصة اليونانيون والقبارصة الأتراك هم المجتمعان المؤسسان. ومع ذلك في أعقاب التعديلات الدستورية التي اقترحها مكاريوس الثالث ورفضها القبارصة الأتراك،[9] اندلع العنف الطائفي في جميع أنحاء الجزيرة، وانتهى تمثيل القبارصة الأتراك في الحكومة جزئيًا بسبب المنع القسري وجزئيًا بسبب الانسحاب الطوعي، فبدأ القبارصة الأتراك العيش في الجيوب.[10]

وضعت اليونان سياسة وطنية لتحقيق إينوسيس (اتحاد الجزيرة مع اليونان) منذ الخمسينيات من القرن الماضي.[11] فبعد 1964 حاولت الحكومة اليونانية السيطرة على سياسات مكاريوس، وبعد عدم رغبته في طاعة أثينا، حاولت زعزعة استقرار حكومته. بينما تحولت السياسة اليونانية إلى سياسة أكثر تعاونًا بعد 1967 عندما تولى المجلس العسكري المتطرف السلطة في اليونان، فقد دعمت مجموعة إيوكا-B اليمينية المتطرفة ضد ماكاريوس.[12] واعتقد ديميتريوس يوانيديس القائد الفعلي للمجلس العسكري أن مكاريوس لم يعد مؤيدًا حقيقيًا لإنوسيس، واشتبه في أنه متعاطف مع الشيوعية.[2] وخلال سنوات 1971 و 1974 أعدت الحكومة اليونانية خمس خطط للإطاحة بحكومة مكاريوس.[13]

الانقلاب

الرئيس المخلوع مكاريوس (في الوسط)، وسامبسون (على اليمين) الزعيم الجديد.

تزعم ديميتريوس يوانيديس أحد قادة المجلس العسكري اليوناني الانقلاب، وأدار الضباط اليونانيون الحرس الوطني القبرصي للاستيلاء على القصر الرئاسي في نيقوسيا.[14] فاحترق المبنى بالكامل تقريبًا.[15] ونجا مكاريوس بصعوبة من الموت في الهجوم، حيث هرب من الباب الخلفي وتوجه إلى بافوس، فتمكن البريطانيون من انقاذه بعد ظهر يوم 16 يوليو، ونقل جواً من أكروتيري إلى مالطا في طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الملكي، ومن هناك إلى لندن في صباح اليوم التالي.[2][16][1] وحضر في يوم 19 يوليو اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك وألقى خطابًا ذكر فيه أن اليونان قد غزت قبرص.[17]

وُصِف النظام الجديد بأنه نظام دمية متطرف للمجلس العسكري اليوناني.[18][19][20] ففي يوم 15 تموز بين الساعة 8 صباحًا و 9 صباحًا، أعلن قادة التمرد على قناة هيئة البث القبرصية الحكومية نجاح انقلابهم، مدعين: «تدخل الحرس الوطني لحل المشكلة. [...]. ومات مكاريوس». ولكن أعلن مكاريوس قبل رحلته من بث خاص في بافوس أنه على قيد الحياة. وفرضت الحكومة الجديدة رقابة شديدة على الصحافة وأوقفت طباعة الصحف اليسارية. استمرت الصحف اليمينية ماتشي وإثنيكي وآغون في النشر، وكان أسلوبها دعائي للغاية. لم يعلن سامبسون صراحة عن نيته بالانضمام إلى السلطة في الأيام التي أعقبت الانقلاب، بل ركز بدلاً من ذلك على قمع أي دعم لمكاريوس والدعاية المكثفة لتشويه سمعة حكومته.[21]

وردا على ذلك ذكر رؤوف دنكتاش زعيم الإدارة القبرصية التركية أنه يعتقد أن الأحداث هي بين القبارصة اليونانيين، ودعا القبارصة الأتراك إلى عدم الخروج، وطلب من قوة الأمم المتحدة إلى اتخاذ تدابير أمنية واسعة النطاق للقبارصة الأتراك.[22] لم يقم الحرس الوطني القبرصي بأي محاولات لدخول الجيوب القبرصية التركية، لكنه أغار على منازل القبارصة اليونانيين والأتراك على حد سواء في القرى المختلطة لمصادرة الأسلحة. وأفادت الحكومة التركية بأن الذخيرة تنتقل إلى قبرص عبر خطوط أولمبيك الجوية، مما أثار انتباه قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص.[23] ولا يزال من غير المؤكد إن عانى القبارصة الأتراك كنتيجة مباشرة للانقلاب، لكن سامبسون كان يُنظر إليه على أنه شخصية غير جديرة بالثقة بسبب سياساته المؤيدة للإينوسيس ودوره الوحشي ضد القبارصة الأتراك سنة 1963.[14]

في أعقاب الانقلاب بدأ المجلس العسكري الذي أنشئ حديثًا حملة قمع ضد أنصار مكاريوس، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى وعدد كبير من المحتجزين وفقًا لفرانك هوفميستر. لا يزال غير معروف عدد الوفيات الناجمة عن الانقلاب،[14] حيث سردت جمهورية قبرص الوفيات الناجمة عن الانقلاب بين المفقودين بسبب الغزو التركي. وفقًا لـ Haralambos Athanasopulos فقد تم وضع ما لا يقل عن 500 قبرصي يوناني في قائمة المفقودين من القبارصة اليونانيين البالغ عددهم 1617 شخصًا وألقي اللوم في وفاتهم على الأتراك والقبارصة الأتراك.[24] وفقًا لملليت في 19 يوليو 1974 اندلعت اشتباكات عنيفة في بافوس، وحتى باستثناء بافوس بلغ عدد القتلى بسبب الاقتتال الداخلي بين القبارصة اليونانيين حوالي 300 مدني و 30 جنديًا يونانيًا، ونقلت جثثهم إلى أثينا.[23]

النتائج

رداً على الانقلاب غزت تركيا الجزيرة يوم 20 يوليو 1974، بحجة أن الإجراء كان متوافقًا مع معاهدة الضمان (1960)،[25][26] للسيطرة على الشمال وتقسيم قبرص على طول ما أصبح يُعرف بالخط الأخضر الذي يقطع حوالي ثلث إجمالي الأراضي. استقال سامبسون جراء ذلك وانهار النظام العسكري الذي عينه، وعاد مكاريوس. فأسس القبارصة الأتراك حكومة مستقلة لما أطلقوا عليه اسم دولة قبرص الفيدرالية التركية (TFSC) برئاسة رؤوف دنكتاش. وأعلنوا في 1983 عن جمهورية شمال قبرص التركية في الجزء الشمالي من الجزيرة، والتي لا تزال دولة بحكم الأمر الواقع.[27]

انظر أيضا

المراجع

  1. Mallinson, William (30 يونيو 2005)، Cyprus: A Modern History، I. B. Tauris، ص. 80، ISBN 978-1-85043-580-8، مؤرشف من الأصل في 3 يناير 2021.
  2. "CYPRUS: Big Troubles over a Small Island"، تايم، 29 يوليو 1974، مؤرشف من الأصل في 7 مارس 2008.
  3. Cook, Chris؛ Diccon Bewes (1997)، What Happened Where: A Guide to Places and Events in Twentieth-century History، Routledge، ص. 65، ISBN 978-1-85728-533-8، مؤرشف من الأصل في 30 مارس 2022.
  4. Papadakis (2003)، "Nation, narrative and commemoration: political ritual in divided Cyprus"، History and Anthropology، 14 (3): 253–270، doi:10.1080/0275720032000136642، S2CID 143231403، [...] culminating in the 1974 coup aimed at the annexation of Cyprus to Greece
  5. Atkin؛ Biddiss؛ Tallett (23 مايو 2011)، The Wiley-Blackwell Dictionary of Modern European History Since 1789، ص. 184، ISBN 9781444390728، مؤرشف من الأصل في 4 فبراير 2021.
  6. Journal of international law and practice, Volume 5، Detroit College of Law at Michigan State University، 1996، ص. 204.
  7. Strategic review, Volume 5 (1977), United States Strategic Institute, p. 48. نسخة محفوظة 2022-04-08 على موقع واي باك مشين.
  8. Allcock, John B. Border and territorial disputes (1992), Longman Group, p. 55. نسخة محفوظة 2022-04-08 على موقع واي باك مشين.
  9. Eric Solsten, ed. Cyprus: A Country Study, Library of Congress, Washington, DC, 1991. نسخة محفوظة 2021-03-03 على موقع واي باك مشين.
  10. Ker-Lindsay (2011)، The Cyprus Problem: What Everyone Needs to Know، Oxford University Press، ص. 35–6، ISBN 9780199757169، مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2021.
  11. Huth (2009)، Standing Your Ground: Territorial Disputes and International Conflict، University of Michigan Press، ص. 206، ISBN 9780472022045، مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 2022، From early 1950s onward Greece has favored union with Cyprus through a policy of enosis
  12. Doyle؛ Sambanis (2011)، Making War and Building Peace: United Nations Peace Operations، Princeton University Press، ص. 263–4، ISBN 9781400837694.
  13. Athanasopulos 2001, p. 152. نسخة محفوظة 2022-07-09 على موقع واي باك مشين.
  14. Hoffmeister, Frank (2006)، Legal aspects of the Cyprus problem: Annan Plan and EU accession، EMartinus Nijhoff Publishers، ص. 34–5، ISBN 978-90-04-15223-6، مؤرشف من الأصل في 3 مايو 2022.
  15. "Presidential Palace"، Presidency of the Republic of Cyprus، مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 2015، اطلع عليه بتاريخ 15 أبريل 2015.
  16. Constandinos (2009)، America, Britain and the Cyprus Crisis of 1974: Calculated Conspiracy Or Foreign Policy Failure?، AuthorHouse، ص. 206، ISBN 9781467887076، اطلع عليه بتاريخ 05 مارس 2015.
  17. UN The Official Record of United Nations Security Council 1780th Meeting (19.07.1974) نسخة محفوظة 2022-07-06 على موقع واي باك مشين.
  18. Coakley (2013)، Pathways from Ethnic Conflict: Institutional Redesign in Divided Societies، Routledge، ص. 131، ISBN 9781317988472، مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2021.
  19. Madianou (2012)، Mediating the Nation، Routledge، ص. 39، ISBN 9781136611056، مؤرشف من الأصل في 3 يونيو 2022.
  20. Förster (2013)، Influence Without Boots on the Ground: Seaborne Crisis Response، Government Printing Office، ص. 161، ISBN 9781935352037، مؤرشف من الأصل في 3 يونيو 2022.
  21. Jüngling, Emili (يونيو 2005)، "Perception of the facts about the coup in Cyprus (15th of July 1974) in the Cyprus daily press" (PDF)، 2nd LSE PhD Symposium on Modern Greece: “Current Social Science Research on Greece”، Hellenic Observatory, كلية لندن للاقتصاد, London، مؤرشف من الأصل (PDF) في 22 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 16 أبريل 2015.
  22. "Türk Birliği Alarma Geçti" (باللغة التركية)، Milliyet، 16 يوليو 1974، ص. 7.
  23. "Kıbrıs'ta Türk Evlerinin Aranmasını Protesto Ettik" (باللغة التركية)، Milliyet، 19 يوليو 1974، ص. 7.
  24. Athanasopulos (2001)، Greece, Turkey and the Aegean Sea: A Case Study in International Law، McFarland، ص. 15، ISBN 9780786450039.
  25. Farid Mirbagheri (2010)، Historical Dictionary of Cyprus، Scarecrow Press، ص. 83، ISBN 978-0-8108-5526-7، مؤرشف من الأصل في 21 أبريل 2022، اطلع عليه بتاريخ 27 يوليو 2012.
  26. Richard C. Frucht (31 ديسمبر 2004)، Eastern Europe: An Introduction to the People, Lands, and Culture، ABC-CLIO، ص. 880، ISBN 978-1-57607-800-6، مؤرشف من الأصل في 19 يونيو 2022، اطلع عليه بتاريخ 27 يوليو 2012، وصلت العملية إلى عتبة حرجة في 1974 عندما جرى انقلاب قومي فاشل بتحريض من المجلس العسكري اليوناني ضد الحكومة القبرصية ليكون ذريعة من تركيا أن تغزو وتحتل الجزء الشمالي من الجزيرة. اليونان و ...
  27. دولة "بحكم الواقع" وليست دولة "بحكم القانون"؛ لم يعترف بجمهورية شمال قبرص التركية إلا تركيا نفسها. يجب على شركات الطيران التي ترغب في السفر إلى جمهورية شمال قبرص التركية أن تهبط أولاً في تركيا ثم تقلع مرة أخرى إلى شمال قبرص.
  • بوابة الحرب
  • بوابة عقد 1970
  • بوابة التاريخ
  • بوابة اليونان
  • بوابة قبرص
  • بوابة السياسة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.