تاريخ اللغة العربية

تاريخ اللغة العربية يتناول تطور اللغة العربية. فأقدم نص عربي شمالي عثر عليه هو من أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد بعدما انفصلت اللغة العربية البدائية عن السامية الوسطى في وقت غير معروف.[1] على الأرجح اُستخدمت اللغة العربية البدائية في جنوب الشام وشمال شرق شبه الجزيرة العربية.[1] ثم تكثر الدلائل عن اللغة العربية الشمالية القديمة في أواخر الألفية الأولى ق.م عبر نقوش في الأبجديات النبطية والصفائية والحسمائية.[2]

مناطق انتشار اللغة العربية

أما بالمعنى الدقيق للكلمة، فتاريخ اللغة العربية بدأ مع السجلات المكتوبة باللغة العربية، فأقدم وثيقة مكتوبة هي المخطوطة القرآنية التي كتبت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان (644-656).[3] ولم تتم كتابة الشعر الجاهلي الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس إلا في القرنين السابع والثامن حيث كان ينقل شفويا. شكل كلًا من القرآن والشعر العربي الأساس لعلماء اللغة العربية في القرنين الثامن والتاسع لإنشاء نظام تعليم بقاييس عالية الجودة، مما جعل اللغة العربية لغة ثقافة وعلم.

اللغة العربية هي اللغة الأكثر شيوعًا لعائلة اللغات السامية وواحدة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة. ويتحدث العربية حاليا حوالي 300 مليون شخص كلغة أم أو لغتهم الثانية[4] في 22 دولة عربية والعديد من البلدان الأخرى في آسيا وأفريقيا. باعتبارها واحدة من اللغات الست الأكثر شيوعًا في العالم وهي لغة الإسلام. تعد لغة عالمية، فهي تحتل المرتبة الخامسة من حيث عدد الناطقين بها.[5]

أصل اللغة وانتشارها

بدأ التحدث باللغة العربية في جنوب الشام وشمال شرق شبه الجزيرة العربية أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد.[6] ويمكن تصنيف اللهجات العربية القديمة من هذا الوقت إلى مجموعتين: سلسلة لهجوية شمالية، وحجازية قديمة في شمال الحجاز.[6] يعود أقدم دليل على اللغة العربية إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وهي لأسماء أشخاص في النقوش المسمارية الآشورية. تم توثيق التنوع اللهجي للغة العربية القديمة بشكل جيد من خلال تلك النقوش. يوثق نقش يعود تاريخه إلى سنة 328 م باللغة العربية وبخط نبطي متفرع من الآرامية. في القرن الرابع ق.م اُنشأت مملكة الأنباط العربية، واتسعت جنوبًا وشمالًا وانشرت اللغة العربية في المناطق التي تولتها. لذا وصلت ثقافة الكتابة النبطية إلى شمال الحجاز في القرن الأول الميلادي،[7] وبعد استيلاء الأنباط على تيماء ودومة استبدلت اللغة العربية اللغتين المحليتين التيمائية والدومية فيهما.[7]

وتحت التأثير التجاري لمملكة الأنباط، ظهرت لغة عربية موحدة بين القرنين الرابع والسادس.[8] ثم بدأت العربية الفصحى لتكون لغة أدبية مطورة بالكامل في منتصف القرن السادس. تحتوي مختارات أدبية مثل المعلقات بها أبيات شعرية متنوعة موضوعيًا في شكل القصيدة.

انتشرت اللغة العربية مع ظهور الإسلام وفتوحات العرب في القرنين السابع والثامن. فقد أطاحت بالسبئية في جنوب شبه الجزيرة العربية، والآرامية في سوريا والعراق، والفارسية في العراق، والقبطية في مصر، واللهجات الأمازيغية في شمال إفريقيا، وأثبتوا وجودهم إلى جانب الإسبانية والبرتغالية في شبه الجزيرة الإيبيرية حتى نهاية القرن الخامس عشر. تم تعريب جزر مالطا القريبة من تونس، ومن عمان توغلت اللغة العربية في زنجبار وشرق إفريقيا.

تُستخدم اللغة العربية الفصحى اليوم مكتوبة في 22 دولة عربية: من موريتانيا إلى العراق ومن اليمن إلى سوريا. تتحدث اللغة العربية أيضًا من قبل الأقليات في إيران (خوزستان على الضفة الشمالية من الخليج) وأفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق (أوزبكستان) وقبرص وتركيا وإسرائيل وإثيوبيا. كما أنها لغة عبادة جميع الشعوب الإسلامية غير العربية.

«وهكذا فإن اللغة العربية تقف أمامنا اليوم كونها ذات أهمية عملية وعلمية كبرى، وهي لغة على الرغم من استخدامها على نطاق واسع وتاريخها الثري، إلا أنها ظلت نقية للغاية وغير متأثرة، وتحتوي على مكونات أجنبية أقل من ثقافة اللغات الأوروبية. ومع ذلك فهي تصل إليهم في رشاقة تعبيرها. (برتولد شبولر[9]

اللغة العربية من اللغات السامية

الكتابة والخط

«في ظل الانطباع القوي عن اندماج الثقافات الأجنبية في العالم الإسلامي، غالبًا ما قلل المرء من أهمية الدور الذي لعبه العرب أنفسهم في تكوينها. فهم لم يكونوا مقاتلين وحاملين للدين الجديد فحسب، بل أعطوه أيضًا لغة وكتابة. (ارنست كونل من كتابه: Islamische Schriftkunst، 1942)»

يرجع أصول جميع الأحرف المكتوبة المستخدمة اليوم إلى الحرف السامي الساكن. فالنص العربي هو الأكثر انتشارًا في العالم بعد اللاتينية. يمتد نطاقه من آسيا الوسطى إلى وسط إفريقيا ومن الشرق الأقصى إلى المحيط الأطلسي. وتستخدم الأبجدية العربية حاليا في الكتابة الفارسية والأردية (باكستان وشمال غرب الهند) بالإضافة إلى اللغات الأمازيغية، وحتى وقت قريب استخدمتها اللغات التركية والقوقازية والماليزية (إندونيسيا) والصومالية والهوسا والسواحيلية.

أصل الكتابة العربية غير واضح تماما. توجد العديد من النظريات حول هذا، وبعضها يحتوي على تناقضات جوهرية. يُقال إن أقدم نقش يرجع إلى القرن الثالث الميلادي، ويُعتقد أنه نشأ من الخط النبطي. وكتب الأنباط العرب باللغة الآرامية. ومع ذلك فإن 22 حرفًا من الأبجدية الآرامية لم تكن كافية للتعبير عن 28 صوتًا للغة العربية، لذلك طور العرب ستة أحرف أخرى.

نموذج الخط العربي هو اتجاه الكتابة، والذي يتجه من اليمين إلى اليسار، والربط بين الحروف وتوحيد بعض الحروف، والتي لما يتم تمييزها إلا بعد إنتاج التنقيط الموجود أعلاها أو أسفلها. فهو نص ساكن يمكن فيه التعبير عن حروف العلة القصيرة باستخدام أحرف إضافية. يُنسب إدخال علامات التشكيل والحرف المتحركة وغيرها من الأحرف الخاصة إلى مؤلف المعاجم العربي الخليل بن أحمد (ت 791).

مع انتشار اللغة العربية نتيجة الإسلام، ظهرت العديد من أساليب الكتابة على مر القرون. تطورت حركة فنية مستقلة، وهي فن الخط أو الخط العربي.

لقد عرف الخطاطون العرب «فن الكتابة على أنه هندسة الروح المعبر عنها من خلال الجسد». يعود هذا الفن في شكله المقنن إلى ابن مقلة (272\328هـ - 886\939 م).[10] تشكل حقيقة أن النص العربي مكتوبًا على طول خط أفقي أساسًا لمجموعة غير محدودة من الأشكال الرسومية التي تظهر على صفحات الكتاب وكذلك على الجدران والأسطح الأخرى. فيما يلي وصف موجز لأهم الخطوط:

انظر أيضًا

مراجع

  1. أحمد الجلاد (2020)، "A Manual of the Historical Grammar of Arabic" [دليل النحو العربي التاريخي] (باللغة الإنجليزية)، ص. 8، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 أبريل 2021.
  2. أحمد الجلاد (2018)، "The earliest stages of Arabic and its linguistic classification" (باللغة الإنجليزية)، ص. 315، مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 أبريل 2021.
  3. Birmingham Qur'an manuscript dated among the oldest in the world, University of Birmingham, 22. Juli 2015. نسخة محفوظة 2021-12-31 على موقع واي باك مشين.
  4. Zahl der Zweitsprachler, Zugriff am 17. Januar 2014. نسخة محفوظة 2021-12-13 على موقع واي باك مشين.
  5. Statistik nach Encarta 2006: Languages Spoken by More Than 10 Million People
  6. أحمد الجلاد (2020)، "A Manual of the Historical Grammar of Arabic" [دليل النحو العربي التاريخي] (باللغة الإنجليزية)، ص. 12، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 أبريل 2021.
  7. أحمد الجلاد (2020)، "A Manual of the Historical Grammar of Arabic" [دليل النحو العربي التاريخي] (باللغة الإنجليزية)، ص. 13، مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 أبريل 2021.
  8. Vgl. Knauf, S. 197.
  9. Bertold Spuler: Die Ausbreitung der arabischen Sprache. In: Bertold Spuler (Hrsg.): Handbuch der Orientalistik. Erste Abteilung: Der Nahe und der Mittlere Osten. Dritter Band: Semitistik. Brill, Leiden/Köln 1954, S. 245-252.
  10. ابن البواب- موقع يوسف زيدان للمخطوطات [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 01 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.

مزيد من القراءة

  • عبابنة، يحيى. "النحو العربي في ضوء اللغات السامية واللهجات العربية القديمة دراسات مقارنة"، دار الكتاب الثقافي للنشر، (ردمك 9957592416)
  • بوابة اللغة العربية
  • بوابة اللغات السامية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.