توسع الناتو

توسيع منظمة حلف شمال الأطلسي (المعروفة باسم الناتو) هي عملية ضم دول أعضاء جدد إلى الناتو. الناتو هو حلفٌ عسكريٌّ مؤلف من 27 دولة أوروبية ودولتين من أمريكا الشمالية تشكًل معًا نظام أمنٍ مشتركٍ. تُحدد عملية الانضمام إلى الحلف عن طريق المادة 10 من معاهدة شمال الأطلسي، والتي تسمح فقط بضم «دول أوروبية أخرى»، ومن خلال اتفاقيات لاحقة. يجب على الدول الراغبة بالانضمام تحقيق شروط معينة وإكمال عملية متعددة الخطوات تتضمن حوارًا سياسيًا وتكاملًا عسكريًا. يشرف مجلس شمال الأطلسي على عملية الانضمام، والذي يعد جهاز الناتو الإداري.

خريطة دول حلف الناتو مرتبة زمنياً.

بعد تشكيل الناتو في عام 1949 من 12 دولة عضو، توسّع الناتو بضم اليونان وتركيا في عام 1952 وألمانيا الغربية في عام 1955، ومن ثمّ إسبانيا في عام 1982. بعد انتهاء الحرب الباردة، وإعادة توحيد ألمانيا في عام 1990، حصل نقاشٌ في الناتو حول استمرار التوسع باتجاه الشرق. في عام 1999، انضمّت بولندا والمجر والتشيك إلى المنظمة، وسط الكثير من النقاش داخل المنظمة واعتراض روسي. جاء توسعٌ آخر بضم سبعة دول من أوروبا الوسطى والشرقية هي: بلغاريا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا. دُعيت هذه الدول لأول مرة للبدء بمحادثات العضوية خلال قمة براغ في عام 2002، وانضمت إلى الناتو قبل فترة قصيرة من قمة إسطنبول في عام 2004. انضمت ألبانيا وكرواتيا في 1 أبريل عام 2009، قبل قمة ستراسبورغ-كيل عام 2009. تعد دولة الجبل الأسود الدولة العضو الأخيرة التي انضمت إلى الناتو وذلك في 5 يونيو عام 2017. بدءًا من عام 2019، يعترف الناتو رسميًا بأربعة أعضاء طامحين هم: البوسنة والهرسك، وجورجيا، ومقدونيا الشمالية، وأوكرانيا. وقّعت مقدونيا الشمالية بروتوكول الانضمام لتصبح دولة عضوًا في الناتو في فبراير عام 2019، والذي يخضع للتصديق من قبل الدوال الأعضاء. يعد التوسع المستقبلي موضع نقاشٍ في العديد من الدول خارج الحلف، ويوجد نقاشٌ سياسيٌّ مفتوحٌ لدى بعض الدول مثل السويد وفنلندا وصربيا، وبينما يرتبط دعم أو معارضة العضوية عند بعض الدول مثل أوكرانيا بأيديولوجيات عرقية وقومية. تسبّب ضم الدول التي كانت في السابق جزءًا من الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتي في تصعيد التوتر بين دول الناتو وروسيا.

التوسيع في السابق

أضاف الناتو منذ تأسيسه في عام 1949 أعضاء في سبع مناسبات ليتضمن حاليًا 29 عضوًا. توجد 12 دولة تعدّ جزءًا من تأسيس الناتو، هي: بلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفرنسا، وآيسلندا، وإيطاليا، ولوكسمبورغ، وهولندا، والنرويج، والبرتغال، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. شهدت السنوات الباكرة من الحرب الباردة انقسامًا شديدًا بين الدول الرأسمالية، المدعومة من الولايات المتحدة، ودول الاتحاد السوفيتي الشيوعية. سهّل هذا الانقسام ضم البرتغال التي كانت تحت حكم سالازار إلى الناتو وشجّع على انضمام الحكومات اليونانية والتركية المناهضة للشيوعية إلى الناتو في عام 1952. علّقت اليونان عضويتها في عام 1974، إثر الغزو التركي لقبرص، ولكنها انضمت مجددًا في عام 1980 مع تعاون تركي. أنهت اتفاقيات بون-باريس احتلال الحلف لألمانيا الغربية، وصُدّق على هذا بشرط انضمام ألمانيا الغربية للناتو، وهذا ما حدث في عام 1955. على الرغم من معارضة إسبانيا على المشاركة في الشؤون الخارجية في البداية، كانت تحت حكم فرانسيسكو فرانكو منهاضةً للشيوعية بقوة، وملزمة باتفاقيات الدفاع الاعتيادية مع دول الناتو. بعد انتقال إسبانيا نحو الديمقراطية، تعرّضت إسبانيا للضغط لتطبيع علاقاتها الأوروبية، بمافي ذلك الانضمام إلى الناتو، الأمر الذي حدث في عام 1982. أكّد استفتاء شعبيٌّ في عام 1986 دعمه لهذا الأمر.[1][2][3][4]

إعادة توحيد ألمانيا

جاء أول توسع بعد الحرب الباردة بإعادة توحيد ألمانيا في 5 أكتوبر عام 1990، عندما أصبحت ألمانيا الشرقية سابقًا جزءًا من جمهورية ألمانيا الاتحادية والحلف. اتُفق على هذا من خلال اتفاقية أربعة زائد اثنان في مطلع العام. ومن أجل تأمين الموافقة السوفيتية على بقاء ألمانيا الموحدة في الناتو، اتُفق على عدم تمركز الجنود الأجانب والأسلحة النووية في ألمانيا الشرقية سابقًا، وبرز موضوع توسع الناتو أكثر نحو الشرق.

لم يُذكر توسيع الناتو في اتفاقيات توحيد ألمانيا في سبتمبر-أكتوبر عام 1990، ولذلك لا يوجد تعهدٌ رسميٌّ بشأن عدم التوسع. تعد مسألة فيما إذا كان الغرب ملتزمًا بطريقة غير رسمية بعدم توسع الناتو نحو الشرق أم لم يكن محط نزاع بين المؤرخين وعلماء العلاقات الدولية. يرفض مؤرّخ جامعة هارفرد مارك كرامر وجود اتفاقية غير رسمية، بينما يناقش عالم السياسة في جامعة تكساس إيه آند إم جوشوا آر إتزكويتز وجود اتفاقية غير رسمية. في ديسمبر عام 2017، ناقشت سفيتلانا سافرانسكايا وتوم بلانتون من أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن بأن المستندات السرية أظهرت مؤخرًا وجود اتفاقيات غير رسمية.[5][6][7][8]

قال جاك ماتلوك، السفير الأمريكي لدى الاتحاد السوفيتي في آخر عهده، إن الغرب قدم «التزامًا واضحًا» بعدم التوسع، وتشير الوثائق السرية إلى تقديم دبلوماسيين أمثال هانز ديتريش غينشر وجيمس بيكر انطباعًا شفهيًا للمفاوضين السوفيتيين بأن عضوية الناتو كانت خارج الطاولة لبعض الدول أمثال تشيكوسلوفاكيا والمجر وبولندا. كتب غورباتشوف في مذكراته في عام 1966، أنه «خلال مفاوضات توحيد ألمانيا، أعطى الغرب تأكيدًا بعدم توسيع الناتو منطقة عملياته باتجاه الشرق»، أعاد ذكر هذا الرأي في مقابلة له عام 2008. وعلى أي حال، قال غورباتشوف في عام 2014 «لم يُناقش موضوع توسيع الناتو على الإطلاق ]في عام 1990[، ولم يُفتح الموضوع في تلك السنة، أقول هذا وأتحمل كامل مسؤوليته. لم يفتح القادة الغربيون هذا الموضوع أيضًا». كان إدوارد شيفردنادزه، وزير خارجية الاتحاد السوفيتي ما بين عامي 1985 و1991، يؤكد دائمًا على أنه «لم يُطرح توسيع الناتو ما وراء حدود ألمانيا للتفاوض أبدًا». تبعًا لروبرت زوليك، موظف وزارة الخارجية الأميركية المشارك في عملية التفاوض أربعة زائد اثنان، لم يُبرم التزامٌ رسميٌّ بخصوص التوسيع.[9][10][11][12]

مجموعة فيلنيوس

أُلحقت المجر وبولندا وجمهورية التشيك بحلف الناتو رسميًا في قمة واشنطن عام 1999، وأعلن الناتو حينها إصدار دلائل إرشادية للحصول على العضوية، وتخصيص خطط عمل العضوية لكلّ من ألبانيا وبلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومقدونيا الشمالية ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا. التحقت كرواتيا بتلك الدول في مايو عام 2000، فتأسست حينها مجموعة فيلنيوس بهدف التعاون والضغط على الحلف للحصول على العضوية العادية، وبحلول موعد قمة براغ عام 2002، دُعيت 7 دول لتقديم طلب العضوية، وحدث ذلك في قمة إسطنبول عام 2004. عقدت سلوفينيا استفتاءً بخصوص عضوية الناتو في العام السابق للقمة، وكانت نسبة المؤيدين 66%.[13]

استاءت روسيا بسبب إضافة دول البلطيق الثلاث إلى حلف الناتو، وهي أول دولٍ سوفيتية سابقة تنضمّ إلى الحلف. كانت القوات الروسية متمركزة في دول البلطيق منذ أواخر عام 1995، لكن التكامل الأوروبي والعضوية في حلف الناتو من الأهداف المغرية جدًا لدول البلطيق في تلك الفترة. أظهرت الاستثمارات العاجلة في المجال العسكري لكلّ من تلك الدول جديّتها في رغبة الانضمام إلى الناتو، وشاركت أيضًا في العمليات العسكرية التي قادها الناتو بعد أحداث 11 سبتمبر، خصوصًا مشاركة إستونيا في العمليات ضمن أفغانستان. وهكذا، حازت الدول الثلاث على دعم جوهري من شخصيات مؤثرة، مثل السيناتور الأمريكي جون ماكين والرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر. جاء في إحدى الدراسات التي نُشرت في دورية الدراسات الأمنية عام 2006 فكرة مفادها أن توسّع الناتو في عامي 1999 و2004 ساهم في إرساء الديمقراطية وتمكينها في أوروبا الوسطى والشرقية.[14]

الميثاق الأدرياتيكي

بدأت كرواتيا خطة عمل العضوية في قمة عام 2002، لكنها لم تُشمل في عمليات التوسع عام 2004. لذا انضمت كرواتيا إلى ألبانيا ومقدونيا في مايو عام 2003 لتأسيس رابطة عُرفت باسم الميثاق الأدرياتيكي. أشعلت احتمال انضمام كرواتيا إلى حلف شمال الأطلسي جدلًا وطنيًا حول الحاجة إلى إجراء استفتاء شعبي بخصوص الحصول على العضوية قبل الانضمام إلى المنظمة. وافق رئيس الوزراء الكرواتي إيفو ساندر في يناير عام 2008 على عدم اقتراح الاستفتاء رسميًا، وذلك بعد تأسيسه حكومة تحالف مع حزب الفلاحين الكرواتي والحزب الكرواتي الاجتماعي الليبرالي.[15]

انظر أيضًا

مراجع

  1. Ghosh, Palash (26 يونيو 2012)، "Why Is Turkey In NATO?"، The International Business Times، مؤرشف من الأصل في 8 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 13 سبتمبر 2014.
  2. Haftendorn, Helga (Summer 2005)، "Germany's accession to NATO: 50 years on"، NATO Review، مؤرشف من الأصل في 4 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 13 سبتمبر 2014.
  3. Magone 2009، صفحات 385–386.
  4. Magone 2009، صفحة 439.
  5. "Deal or No Deal? The End of the Cold War and the U.S. Offer to Limit NATO Expansion"، doi:10.1162/ISEC_a_00236.
  6. Kramer, Mark (01 أبريل 2009)، "The Myth of a No-NATO-Enlargement Pledge to Russia"، The Washington Quarterly، 32 (2): 39–61، doi:10.1080/01636600902773248، ISSN 0163-660X.
  7. "NATO Expansion: What Gorbachev Heard | National Security Archive"، nsarchive.gwu.edu (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 ديسمبر 2017.
  8. "When Washington Assured Russia NATO Would Not Expand |"، مؤرشف من الأصل في 22 ديسمبر 2019.
  9. Zoellick, Robert B. (22 سبتمبر 2000)، "The Lessons of German Unification"، مجلة ناشيونال إنترست، مؤرشف من الأصل في 6 يناير 2020.
  10. Blomfield A and Smith M (06 مايو 2009)، "Gorbachev: US could start new Cold War"، Paris: The Telegraph، مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 22 مايو 2009.
  11. Klussmann, Uwe؛ Schepp, Matthias؛ Wiegrefe, Klaus (26 نوفمبر 2009)، "NATO's Eastward Expansion: Did the West Break Its Promise to Moscow?"، صحيفة شبيغل الإلكترونية، مؤرشف من الأصل في 22 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 07 أبريل 2014.
  12. Pifer, Steven، "Did NATO Promise Not to Enlarge? Gorbachev Says "No""، Brookings (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 1 نوفمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 11 سبتمبر 2017.
  13. Peter, Laurence (02 سبتمبر 2014)، "Why Nato-Russia relations soured before Ukraine"، BBC News، مؤرشف من الأصل في 25 فبراير 2022، اطلع عليه بتاريخ 01 أكتوبر 2014.
  14. Green, Peter S. (24 مارس 2003)، "Slovenia Votes for Membership in European Union and NATO"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 18 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 14 يوليو 2021.
  15. Epstein, Rachel (2006)، "Nato Enlargement and the Spread of Democracy: Evidence and Expectations"، Security Studies، 14: 63–105، doi:10.1080/09636410591002509، S2CID 143878355.
  • بوابة القانون
  • بوابة السياسة
  • بوابة الحلف الأطلسي
  • بوابة علاقات دولية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.