تيفست

تيفست[1] (بالفرنسية: Thevest)‏، هذه المدينة جذورها ضاربة في أعماق التاريخ، حيث ترجع تسميتها إلى البربر الأوائل، الذين اطلقوا عليها هذا الاسم، ومعناه (اللبؤة)، أي أنثى الأسد بربري، ولما دخلها الإغريق أول مرة، شبهوها بمدينة (تيبس) الفرعونية لكثرة خيراتها، وهي تلقب اليوم باسم طابا، ولما دخلها الرومان أطلقوا عليها اسم (تيفست) لسهولة النطق عندهم، ولما فتحها المسلمون عربوا الاسم وأصبح (تبسة) بفتح التاء وكسر الياء وفتح السين.

تيفست
تيفست على خريطة نوميديا، جنوب هوبو ريجيوس، "أطلس أنتيكوس"، هاينريش كيبيرت، 1869
تيفست على خريطة نوميديا، جنوب هوبو ريجيوس، "أطلس أنتيكوس"، هاينريش كيبيرت، 1869
الموقع الجزائر
المنطقة ولاية تبسة
إحداثيات 35°24′00″N 8°07′00″E  
الفترات التاريخية 300 ق م - 46 ق م

تاريخ

و من بين العوامل المهمة التي جعلتها تجذب انظار الحضارات التي مرت عليها هي: الموقع الاستراتيجي ووفرة المياه وخصوبة ارضها، وهذا قبل التاريخ، وقبل هذا فقد استقر بها الإنسان البدائي، وقد اتضح ذلك من المخلفات التي تركها، كالادوات الحجرية والصوانية، وكان ذلك منتشرا في عدة مناطق من اقليم المدينة، كالمخلفات (الأشولية) بمنطقة الماء الأبيض، والمخلفات العاترية بمنطقة واد الجبانة (بئر العاتر)، واطلق عليها اسم (الحضارة العاترية) نظرا لتميزها الخاص، وهو العنق المشغول، وقد عمت هذه التسمية كامل التراب الوطني مدة من الزمن، كما زامنتها حضارة أخرى تدعى (الحضارة القفصية) نسبة إلى مدينة قفصة التونسية، عرف الإنسان أول استقرار له بالمدينة، في الفترة الممتدة بين 3000 إلى 4000 قبل الميلاد، حيث استقر في المغرات والكهوف الموجودة في المدينة، وذلك ما دلت عليه الحفريات الحديثة في منطقة (قسطل) بقرب جبل الدير شمال المدينة، واطلق عليه اسم (الحواتية)، حيث وجدت اواني وقدور فخارية كثيرة، تحمل نقوش وزخارف تدل على هذه الفترة، وهذا يدل على ان بداية تأسيس المدينة راجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، كما ذكر ذلك «ديودور الصقلي»، الذي واكب الإمبراطور «أغسطس» في القرن الأول الميلادي، وذكر أن تيفست هي اقدم مدينة في شمال أفريقيا، في القرن الأول الميلادي حكمت العائلة الفلافية هذه المدينة، وذلك في عهد الإمبراطور «فيسيانوس» من قبل الفرقة العسكرية الاغسطسية الثالثة، وكان مقرها في حيدرة التونسية، وجعلوا منها مقرا هاما لذائرة المالية والممتلكات، وفي القرنين الثاني والثالث الميلادي، كانت الديانة المسيحية هي السائدة بالمدينة، وذلك في منتصف القرن الثالث الميلادي، وكان لها اسقف يدعى (لوكيوس)، وهو قنصل قرطاج في السنة 256 ميلادي بالضبط، واستمر حكم الرومان عليها، إلى ان وطأتها أقدام الوندال من الجنس الاري، وبصفتهم كانوا ضد الكاثوليكية ولا يؤمنون بالمسيح، فقد هدموا كل ماشيده الرومان، واستولوا على الممتلكات الهامة بالمدينة، وفرضوا ضرائبا على المواطنين، وقاموا بتشييد أسوار، وهذا ما عثر عليه الباحثون الاثريون جنوب المدينة، حيث وجدوا 48 لوحة بمثابة عقود ملكية، وفواتير بيع وشراء، والزواج والضرائب. و لكنهم لم يستقروا مدة طويلة بالمدينة، فقد قضى عليهم الجنرال البيزنطي «سولومون»، وذلك سنة 534 للميلاد، وقام بتشييد قلعنه وأسوارها من الحجارة التي اخذها من بقايا المدينة الرومانية، ثم حصن اسوار المدينة بـ 14 برجا، وجعل لها مدخلين، من الشمال مدخل قوس النصر (كاراكالا)، ومن الشرق المدخل الخاص به (باب سولومون)، لنه لم يطل بقائه بالمدينة، حيث تم القضاء عليه من طرف القبيلة المحلية (الموريين)، وذلك عند اسوار المدينة، حيث نصبوا له كمين وذلك في نهاية القرن السادس الميلادي، وبعدها دخلها الفاتحون العرب، وأطلقو عليها اسمها الحالي (تبسة)، وذلك سنة 1573 ، وبعدها خضعت لحكم الاتراك، عندما استولى الحاكم التركي (ستان باشا) على تونس في 1842 ميلادي، إلى أن سقطت المدينة في ايدي الاستعمار الفرنسي، وفي سنة 1962 استعادها أهلها، الذين هم من القبائل البربرية.

السور

هو أحد أروع وأعظم البناءات التاريخية الموجودة بهذه المدينة، بني سنة 535 للميلاد، على يد القاد البطريق «سولومون»، وذلك لحماية المدينة من الغزو، وفرض سلطة البزنطيين عليها، وضرب الطامعين بها، يقول المؤرخين أن أجزاءا كثيرة من هذا السور قد دمرت في مراحل زمنية سابقة، وقد قام المستعمر الفرنسي بترميمها، وقد استعملها كثكنة عسكرية حصينة، ولهذا السور ثلاثة أبواب معروفة وواضحة هي:

  • باب كاراكالا.
  • باب سولومون
  • باب شهلة

كما أضاف المستعمر الفرنسي ثلاثة أبواب صغيرة فيه، تعرض في الفترة الممتدة من 1960 إلى 1970 إلى تدمير باب شهلة وباب قسنطينة، وقد اعيد ترميمهما وتنظيفهما خلال سنوات الثمانينات.

المسرح الروماني

من بين أول البنايات الرومانية بالمنطقة، بناه الرومان سنة 75 للميلاد، على يد القنصل الخامس الإمبراطور «فسباسيانوس»، كان يستعمل كمسرح في بعض الاوقات، لكن الاستعمال السائد له، كان كحلبة لالعاب المصارعة، بين الفرسان وأسرى الحرب والحيوانات المفترسة، له شكل دائري يقدر قطره بـ65 متر، وهذا بناءا على كلام العالم «سيري دوروش» الذي اكتشفه.

معصرة الزيتون «برزقال»

تبعد على مقر ولاية تبسة بـ 35 كيلومتر جنوبا، وتقع على الطريق الرابط بين تبسة وبئر العاتر، تأسست بين سنتي 98 و 117 للميلاد، وكان تعمل على عصر الزيتون، والذي كان يزرع بكثرة في تلك المناطق، تمتد مساحتها على أكثر من 2000 متر مربع، وكان بناءا على عدة طوابق، فيها أربعة أقسام رئيسية، ولها سبعة أبواب على جدارين متوازيين، في كل جهة منها عدة معاصر، وهي مصنفة وطنيا وتأتي الثانية بعد معصرة الناظور بولاية تيبازة.

تبسة الخالية

هي عبارة عن بانوراما فنية رائعة، كبنايات جميلة ومتداخلة، تقع بالقرب من مقر الولاية على الطريق المؤدي إلى الدكان عبر حي جبل الجرف، وكانت في السابق تسمى طريق القنطاس، تبعد حوالي 4 كيلومتر على السور الروماني من جهة الجنوب، قال المؤرخ «جيرولل» أن حجارتها استعملت من طرف الاستعمار الفرنسي لترميم السور البيزنطي، وقد تأسست في العهد الروماني، يقول العالم «سيري دوروش» أنها محاطة بسور دائري، ويوجد فيها أيضا معبد دائري، يقف على 16 عمودا، لها ثلاث ممرات غير مكشوفة، كانت فيها تماثيل ومومياءات في السابق، تضم الجهة الشرقية منها بابا مربعا تتوسطه دائرة، هي بمثابة مخرج للفرقة المقدسة، توجد بها اسطبلات، كما قنوات لايصال المياه اليها من عين الميزاب وهي محمولة على أقواس، كما تحتوي على معصرة زيتون من الجهة الجنوبية.

الكنيسة

هي أحد أروع البناءات التاريخية والنادرة في العالم بأسره، ومازالت تحافظ على طابعها المعماري إلى حد اليوم، تعرف عليها العالم «ستيفن كزيل» سنة 1901 ، فحصر تاريخ بناءها في العصر الروماني الحديث، في عهد ازدهار الديانة المسيحية وامتدادها، كما عثر سنة 1944 على قبو تحتها، وهو عبارة عن مصلى تحت الأرض، وقد كان موجودا قبل بناء الكنيسة فوقه. وعاد شرف تسمية هذه الكنيسة إلى القديسة كريسبين في ذلك الوقت. و هي مقسمة إلى قسمين ، أحدها عبارة عن حديقة فيها اربع اطراف على شكل صليب ، والقسم الآخر يضم ميناء الكنيسة ، مدخلها احادي على شكل قوس ، يتوسطها ممر طويل طوله 52 متر ، على يمينه يقع مدخل الكنيسة ، وهي روعة في التصميم ، حيث تتكون القاعة الرئيسية من صحن دائري واقف على أعمدة دائرية ، وأرضها وجدرانها مغلفة بالفسيفساء الرائعة.

الكنوز في تبسة

بصفة هذه المدينة كانت قبلة للتجار ، وبصفتها كانت أرض زراعة وصناعة ورخاء ، عبر العصور التي تولت عليها الحضارات القديمة ، وخاصة الفترة الرومانية التي طال بقاءها ، وبما ان في ذلك الزمان لم تكن هناك بنوك ومصارف ، وكانت الحروب والغزوات دائمة ، فقد كان أصحاب الاموال والثروات ، من عامة الشعب وحتى الحكام ، يقومون بدفن مدخراتهم الثمينة وأموالهم في الأرض، وكانت هناك طرق عدة لدفن الاموال والممتلكات واخفائها عن الطامعين فيها.

الكنوز البسيطة

أي ممتلكات الناس البسطاء الذين يقومون بوضع ما يملكونه من أموال ومجوهرات في جرة ، ويقومون بدفنه في الأرض ، أو وضعه في شق جدار ثم يغطونه ، ليعودوا اليه لاحقا.

الكنوز الكبيرة

أو كنوز الحكام أو الدولة ، وكان يخطط جيدا لدفنها واخفائها ، ويقومون بعمل كبير جدا من أجل ذلك ، كأن يسخرون عددا كبيرا من العمل الذين هم من الجنود ، لحفر سراديب عميقة في الأرض ، وتبنى من الداخل ، توضع بها أفخاخ لمن يحاول أخذ تلك الكنوز ثم تقفل تلك السراديب وتموه ، وبعدها توضع لها اشارات توجيهية وتثبيتية مدروسة جيدا ، ثم توضع خريطة للمكان وتكون فائقة السرية ، وحتى من قاموا ببناء ذلك المكان فيقتلون للحفاظ على السرية، وغالبا ما تكون هذه الكنوز مدفونة في قمم أو سفوح الجبال الحجرية ، أو بجوار الانهار والابار ، أي في أماكن لا تستطيع الطبيعة تغيير ذلك المكان على مدى الدهر ، حتى يستطيعون ايجادها بعد مدة طويلة من الزمان.

كنوز رجال الدين

كذلك يخططون جيدا لدفنها ، ولكنهم يلجأون إلى أماكن أكثر سرية كالابار والمغارات والكهوف ، ولكنهم على عكس السابق يقومون بطلسمة هذه الاماكن بتعاويذ سحرية ، أي يوكلون بها حراسا من الجن ليقوم بحراستها ، وهذا يسمى في اللغة المحلية 'المانع' ويطلق عليه الشيوخ أصحاب العزيمة 'الرصد'. و يا ويح من يقترب منها ، وبعد ذلك توضع خريطة أيضا لهذا الدفين للرجوع اليه في وقت لاحق . وتسمى هذه الخريطة عند أصحاب الميدان بـ'(التقييدة).

كنوز القبور

لقد كان هناك اعتقادا سائدا خلال تلك الفترة ، أن الميت سيعود إلى الحياة عند وضعه في قبره ، لذلك كانوا يقومون بوضع مدخراته معه في قبره ، وكانوا يضعون اشارات بجانب القبور لتدل على المكانة التي كان يحتلها هذا الميت في المجتمع أثناء حياته. وعندما يكون الميت ذا مكانة رفيعة في المجتمع ، كأن يكون قائدا عسكريا ، أو رجل دين ، أو حتى شخصية كبيرة في المجتمع ، فلابد أن يكون له قبرا سريا ، وذلك حتى لا يصل اليه لصوص المقابر من الديانات الأخرى ، وبالطبع تكون الكنوز التي معه كثيرة جدا.

استخراج الكنوز

أثناء وجود المستعمر الفرنسي بالجزائر، قام بالتنقيب داخل السور الروماني ، وأخذ كنوزا طائلة ، وحتى في الاماكن الأخرى استخرج العديد من الكنوز ، ولكن كنوز الرومان وغيرهم مازالت موجودة إلى حد اليوم ، وفي مناطق كثيرة من اقليم هذه الولاية . وإلى اليوم مازالت الناس تنقب على هذه الكنوز ، فمنهم من حالفه الحظ ، ومنهم من لم يحالفه ، لأن الاغلبية لا يعتمدون على العلم الذي يفك تلك الرموز ويوصل إلى الكنوز.

أعلام تيفست

انظر أيضاً

وصلات خارجية

مراجع

  • بوابة الأمازيغ
  • بوابة الجزائر
  • بوابة تجمعات سكانية
  • بوابة روما القديمة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.