سلاف أرثوذكس شرقيون

يُشكل السلاف الأرثوذكس الشرقيين مجموعة دينية بين الشعوب السلافيَّة، ويشمل المصطلح الجماعات العرقية والأمم الأرثوذكسية الشرقية والتي تستخدم اللغة السلافونية الكنسيَّة في الصلوات وتراثها وتقاليدها، وتتبع عادةً من التقاليد والطقوس البيزنطية. انتشرت الأرثوذكسية في أوروبا الشرقية في العصور الوسطى المبكرة من خلال النفوذ البيزنطي، ولا يزال التقليد الليتورجي والأدبي والمعماري البيزنطي والنفوذ الثقافي البيزنطي ظاهر للعيان في العديد من البلدان الأوروبية الشرقية حتى اليوم.

سلاف أرثوذكس شرقيون
     الدول السلافيَّة الأرثوذكسية
التعداد الكلي
التعداد
215,789,388 (2015)
مناطق الوجود المميزة
اللغات
الدين
المجموعات العرقية المرتبطة
مجموعات ذات علاقة
سلاف آخرون

تشمل الأمم السلافية الأرثوذكسية اليوم كل من البيلاروسيين والبلغار والمقدونيين والمونتينيغريين والروس والروسينين والصرب والأوكرانيين،[1] ويتم تعريفهم من خلال العادات والتقاليد الأرثوذكسية الشرقية والألفبائيَّة السيريلية بالإضافة إلى ارتباطهم الثقافي بالإمبراطورية البيزنطية. وتسكن الأمم الأرثوذكسية السلافية مناطق متجاورة في أوروبا الشرقية تمتد من الشمال الشرقي في بحر البلطيق إلى جبال الكاربات والبلقان في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي؛ ومن الشمال في الاتحاد الروسي إلى الجنوب الغربي في مقدونيا بالقرب من الحدود اليونانية. هناك أيضًا محاور ومجتمعات سكانية سلافية أرثوذكسية رئيسية في شمال آسيا (خصوصاً في سيبيريا) والأمريكتان (في الغالب في أمريكا الشمالية)، إلى جانب مجموعات الشتات الهامة في جميع أنحاء العالم.

تنتشر هذه الكنائس الأرثوذكسية بين الشعوب السلافية، وعدد منها كنائس وطنية لهذه الشعوب. تستخدم كافة الكنائس السلافية، بإستثناء الكنيسة البلغارية الأرثوذكسية والكنيسة البولندية الأرثوذكسية، التقويم اليولياني حصرًا،[2] لحساب تاريخ الاحتفال بعيد القيامة.

تاريخ

العصور الوسطى

كيرلس وميثوديوس، بفضل تأثيرهما الكبير في التطور الديني والثقافي للشعوب السلافية عامة دعيا بلقب رسل السلافيين.

كان تنصير الشعوب السلافية مثل البلغار والصرب والروس إلى المسيحية الأرثوذكسية بصفة دائمة قد غير الخريطة الدينية لأوروبا ولا يزال صداه حتى يومنا هذا. ومنح بوريس الأول أتباع القديسين كيرلس وميثوديوس الملجأ وقدم لهم المساعدة في تأليف الأبجدية السلافية واللغة السلافية حينما تم نفيهم من مورافيا العظمى في 885م. وكان تأثير الكنيسة على الثقافة المحليّة ذو أثر هام مع وضع القديسين كيرلس وميثوديوس الأبجدية الكيريلية.[3] فضلًا عن دور رجال الدين وأسرهم في محو الأمية في أوروبا الشرقية. حيث نشروا أيضًا علم النحو وعملوا على ترجمة الكتب والمؤلفات إلى اللغات السلافية، يُذكر أن رجال دين من الكنائس الشرقية شكلّوا طبقة كهنوتية وراثية متماسكة واعتبروا على رأس الطبقات الإجتماعية في أوروبا الشرقية وقاد ذلك إلى إقامة "سلالات كهنوتية".[4]

بعد اعتماد الديانة المسيحية عام 864 أصبحت بلغاريا المركز الثقافي لأوروبا السلافية. وكان موقفها الثقافي الرائد معززًا لدعم اكتشاف الأبجدية الكيريلية في عاصمتها بريسلاف، وسرعان ما انتشر أدبها البارز في اللغة البلغارية القديمة إلى الأراضي الشمالية. وأصبحت اللغة البلغارية القديمة هي لغة التواصل المشترك في أوروبا الشرقية، التي أصبحت تُعرف باسم الكنيسة السلافية القديمة.[5][6] وفي وقت لاحق وكرد فعل للتأثيرات البيزنطية على الكنيسة، ظهر تأثير الطوائف البوغوميلية في بلغاريا في منتصف القرن العاشر. وخلال عهد سيميون الأول ملك بلغاريا أصبحت الكنيسة البلغارية الأرثوذكسية المستقلة الجديدة البطريركية الأولى إلى جانب المجمع الخماسي للبطاركة وانتشرت ترجمات الغلاغوليستية البلغارية للنصوص المسيحية في العالم السلافي[7] واعترفت بطريركية القسطنطينية المسكونية بالوضع الذاتي للكنيسة البلغارية الأرثوذكسية.[8][9] وكانت البطريركية البلغارية أول كنيسة أرثوذكسية سلافية ذاتية الكم وقد سبقت بذلك استقلال الكنيسة الصربية الأرثوذكسية (1219) بحوالي 300 سنة، والكنيسة الروسية الأرثوذكسية (1596) بحوالي 600 عام.

في عام 988 دخلت المسيحية كييف روس وانتشرت وفق المذهب الأرثوذكسي، حيث أعتنق الأمير فلاديمير الأول المسيحية. وقد جعل فلاديمير المسيحية الدين الرسمي للدولة، ومن ثم إعتنقها الكثير من أهل دولته. وقد أصبح فلاديمير فيما بعد قديسًا للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وأصبحت الأخيرة والدولة مرتبطة دائمًا ارتباطًا وثيقًا.[10][11] اعتبر الروس الأرثوذكس موسكو بأنها روما الثالثة بعد القسطنطينية روما الثانية وبأنها آخر حصن للعقيدة الأرثوذكسية الحقة، وهكذا في عام 1589 نال رئيس الكنيسة الروسية لقب بطريرك واضعًا نفسه بمرتبة بطاركة القسطنطينية، الإسكندرية، أنطاكية وأورشليم.

العصور الحديثة

كاتدرائية أرثوذكسية في بلغاريا: عانى المسيحيون في أوروبا الشرقية من تعسف الاتحاد السوفيتي والشيوعية.

انتقل مركز ثقل الأرثوذكسية عقب سقوط القسطنطينية إلى روسيا حيث أعاد الأباطرة الروس من أسرة رومانوف، حماة المذهب الأرثوذكسي، الثنائية التقليدية في قيادة الكنيسة بينهم وبين البطاركة.[12] كانت المسيحية الأرثوذكسية الروسية هي دين الدولة الرسمي في الإمبراطورية الروسية، وقد اعتنقها أغلبية سكان الإمبراطورية. وكان رئيس الكنسية الأرثوذكسية الروسية هو القيصر، الذي يحمل لقب المدافع الأعلى للكنيسة، وعلى الرغم من أنه كا قد ألغى جميع التعيينات، إلا أنه لم يكن له حق البت في مسائل العقيدة أو تعاليم الكنيسة. انحصرت السلطة الكنسية الرئيسية في يد المجمع المقدس، ورئيسه المدعي العام، الذي كان في ذات الوقت أحد أعضاء مجلس الوزراء، ويُمارس صلاحيات واسعة جداً في المسائل الكنسية.

كانت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية مؤسسة قوية في الامبراطورية الروسية، وارتبطت بالأسرة الحاكمة، وشكّل النفوذ المتزايد للقس غريغوري راسبوتين أحد الأسباب التي سببت قيام الثورة الروسية عام 1917. أدى قيام الشيوعية سنة 1917 إلى تأثير سلبي على الكنيسة الأرثوذكسية.[13] أثرّت الحرب العالمية الأولى وقيام الشيوعية سنة 1917 تأثيرًا سلبيًا على الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وأدت إلى استقلال عدد من الكنائس التابعة لها،[13] ولم يكن تأثير الشيوعية السلبي منحصرًا عليها بل شمل باقي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية أيضًا، بنتيجة تبني عدد من الدول ذات الغالبية الأرثوذكسية للنظام الشيوعي ردحًا من الزمن حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في سنوات 1990.[14] وشهدت دول أوروبا الشرقية مع سقوط الإتحاد السوفياتي والأنظمة الشيوعية صحوة دينية كبرى منها روسيا ممثلة بالعلاقة الوثيقة بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وفلاديمير بوتين، وأوكرانيا، وصربيا وبلغاريا.

قائمة الدول الأرثوذكسية السلافية

القائمة تستعرض الدول ذات الغالبية الأرثوذكسية في أوروبا، أُخذت القائمة من دراسة قام بها معهد بيو في 2011.[15]

مرتبة دولة عدد الأرثوذكس نسبة الأرثوذكس
1  روسيا 101,450,000 71.0%
2  أوكرانيا 34,850,000 76.7%
3  صربيا 6,630,000 86.3%
4  بلغاريا 6,220,000 83.0%
5  روسيا البيضاء 5,900,000 61.5%
6  جمهورية مقدونيا 1,330,000 64.8%
7  الجبل الأسود 1,330,000 75.1%

الدول الأخرى ذات الأغلبية السلافية والتي تضم على أقليات أرثوذكسية سلافية بارزة تشمل البوسنة والهرسك (30.7% بحسب تعداد السكان عام 2013)، وفي كرواتيا (4.4%، بحسب تعداد السكان عام 2011).[16] وهناك أعداد صغيرة من السلاف الأرثوذكس في البلدان السلافية الغربية مثل سلوفاكيا (0.9% بحسب التعداد السكاني عام 2011[17] وفي بولندا (0.7% بحسب تعداد السكان عام 2011) وجمهورية التشيك. هناك مجتمعات سلافية أرثوذكسية بارزة بين الدول ذات الأغلبية غير السلافية.

الكنائس السلافية الأرثوذكسية

البطريركيات السلافية

البطريركية الإعتراف بالوضع الذاتي تعداد الأتباع
الكنيسة البلغارية الأرثوذكسية8708–10 مليون
الكنيسة الصربية الأرثوذكسية12198–12 مليون
الكنيسة الروسية الأرثوذكسية1589150 مليون

الكنائس السلافية المستقلة

الكنائس السلافية شبه مستقلة

مراجع

  1. Placement World History/byzantine_religion_and_influence.htm "Byzantine Religion and Influence"، Historydoctor.net، مؤرشف من الأصل في 9 يوليو 2018، اطلع عليه بتاريخ 20 ديسمبر 2017. {{استشهاد ويب}}: تحقق من قيمة |مسار أرشيف= (مساعدة)
  2. Towards a Common Date of Easter. (5–10 March). World Council of Churches/Middle East Council of Churches Consultation, Aleppo, Syria. نسخة محفوظة 20 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. كيرلس واخيه ميثوديوس المعادلين للرسل، مبشريّ الشعوب السلافية نسخة محفوظة 02 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
  4. Hans-Joachim Torke, John-Paul Himka. (1994). German-Ukrainian relations in historical perspective . Edmonton: Canadian Institute of Ukrainian Studies Press, pp.31-34
  5. Schenker, Alexander (1995)، The Dawn of Slavic، Yale University Press، ص. 185–186, 189–190.
  6. Benjamin W. Fortson. Indo-European Language and Culture: An Introduction،, p. 374
  7. في هذا الوقت.Castellan, Georges (1999)، Istorija na Balkanite XIV–XX vek (باللغة البلغارية)، trans. Liljana Caneva، بلوفديف: Hermes، ص. 37، ISBN 954-459-901-0.
  8. Kiminas, D. (2009). The Ecumenical Patriarchate. Wildside Press LLC. p. 15 نسخة محفوظة 19 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  9. GENOV, R., & KALKANDJIEVA, D. (2007). Religion and Irreligion in Bulgaria: How Religious Are the Bulgarians? Religion and power in Europe: conflict and convergence, 257. نسخة محفوظة 22 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  10. {{cite web url = http://arabic.rt.com/news_all_news/info_print/41803/ | title = الأمير القديس فلاديمير معمد روسيا | publisher = روسيا اليوم | work = | accessdate = 2011-9-3 }}
  11. {{cite web url = http://arabic.rt.com/news_all_news/news/17325 | title = 1020 عاماً على تنصير روسيا | publisher = روسيا اليوم | work = | accessdate = 2011-9-3 }}
  12. تاريخ الكنيسة الروسية الأرثوذكسية نسخة محفوظة 21 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  13. الكنيسة الروسية خارج الحدود، شبكة القديس سيرافيم، 24 كانون الأول 2010. نسخة محفوظة 21 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  14. Mary B. Cunningham؛ Elizabeth Theokritoff (18 ديسمبر 2008)، The Cambridge Companion to Orthodox Christian Theology، Cambridge University Press، ص. 15–، ISBN 978-0-521-86484-8، مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  15. المسيحية في العالم: تقرير حول حجم السكان الأرثوذكس وتوزعهم في العالم نسخة محفوظة 29 يوليو 2013 على موقع واي باك مشين.
  16. "Population by Religion, by Towns/Municipalities, 2011 Census"، Census of Population, Households and Dwellings 2011، Zagreb: مكتب الإحصاء الكرواتي، ديسمبر 2012.
  17. "Table 14 Population by religion" (PDF)، Statistical Office of the SR، 2011، مؤرشف من الأصل (PDF) في 14 نوفمبر 2012، اطلع عليه بتاريخ 8 يونيو 2012.

انظر أيضاً

  • بوابة أوروبا
  • بوابة المسيحية
  • بوابة أرثوذكسية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.