سميلودون

السِّمِيلُودُون[ِ 1][ِ 2] أو السِّمايلُودُون (الاسم العلمي: Smilodon) هو جنسٌ مُنقرضٌ من السِّنوريَّات سيفيَّة الأسنان. وهو أحد أشهر الثدييَّات قبل التاريخيَّة، وأبرز سنورٍ سيفيّ الأنياب بين جميع الأجناس البائدة الأُخرى. يُسمي العامَّة في الغرب الفرد من هذه الحيوانات «الببر سيفيّ الأنياب» (بالإنگليزيَّة: Saber-toothed Tiger)، وتُرجم هذا الاسم خطأً إلى اللُغة العربيَّة فأصبح «النمر سيفيّ الأنياب»، تماشيًا مع الخطأ الدارج المُتمثل في الخلط بين الببر والنمر،(1) لكنَّها في الواقع ليست وثيقة الصلة بِالبُبُور أو غيرها من السنوريَّات المُعاصرة. عاشت السميلودونات في الأمريكتين خلال العصر الحديث الأقرب (العصر الپليستوسيني)، أي خلال الفترة المُمتدَّة بين 2.5 ملايين سنة إلى حوالي 10,000 سنة. أُطلقت التسمية المُعاصرة على هذا الجنس في سنة 1842 استنادًا إلى بعض المُستحاثات المُكتشفة في البرازيل. يعترفُ العُلماء حاليًّا بِثلاثة أنواعٍ من السميلودون، هي: السميلودون النَّحيل (الاسم العلمي: Smilodon gracilis) والسميلودون الفتّاك (الاسم العلمي: Smilodon fatalis) والسميلودون المُدمِّر (الاسم العلمي: Smilodon populator). يُحتملُ أنَّ النوعينِ الأخيرينِ ينحدران من السميلودون النَّحيل، الذي يُحتمل تحدُّره بدوره من الميگانتيرون. أكبر مجموعة من مُستحاثات السميلودون اكتُشفت في حُفر قطران لابريا قُرب مدينة لوس أنجلوس في كاليفورنيا، بِالولايات المُتحدة.

اضغط هنا للاطلاع على كيفية قراءة التصنيف
السِّمِيلُودُون
العصر: 2.5–0.01 مليون سنة


(أوائل العصر الحديث الأقرب–أوائل العصر الحاضر)

هيكلٌ عظميٌّ لِسميلودونٍ فتَّاكٍ في متحف العُلُوم والطبيعة في مدينة طوكيو

المرتبة التصنيفية جنس 
التصنيف العلمي
النطاق: حقيقيَّات النوى
المملكة: الحيوانات
الشعبة: الحبليَّات
الطائفة: الثدييَّات
الرتبة: اللَّواحم
الفصيلة: السنوريَّات
الأسرة: ذوات الأسنان السيفية
الجنس: السميلودون
الاسم العلمي
Smilodon
پیتر ويلهلم لُند، 1842
معرض صور سميلودون  - ويكيميديا كومنز 

كانت السميلودونات أغلظ جسدًا من جميع أنواع وأجناس السنوريَّات الباقية اليوم، وتميَّزت عنها بأطرافها الأماميَّة الأكثر تطوُّرًا ونابيها العُلويان فائقا الطول. وكانت فتحة أشداقها أوسع من فتحة أشداق جميع السنوريَّات الأُخرى، على أنَّ أنيابها الطويلة سالفة الذِكر كانت نحيلة وهشَّة، ومُخصصة لِطعن طرائدها في أماكن مُحددة، كمواضع الأوردة والشرايين الحيويَّة. كان السميلودون النَّحيل (الاسم العلمي: Smilodon gracilis) أصغر الأنواع على الإطلاق، وتراوح وزنه بين 55 و 100 كيلوغرام (ما بين 120 و 220 رطلًا)، يليه السميلودون الفتّاك (الاسم العلمي: Smilodon fatalis) بِوزنٍ تراوح ما بين 160 إلى 280 كيلوغرامًا (ما بين 350 إلى 620 رطلًا) وارتفاعٍ وصل إلى 100 سنتيمتر (39 إنشًا). كلا النوعين سالِفي الذِكر عُثر على بقاياها في أمريكا الشماليَّة، على أنَّ بعض المُستحاثات المُكتشفة في أمريكا الجنوبيَّة تُنسب أحيانًا إليها. أمَّا السميلودون المُدمِّر (الاسم العلمي: Smilodon populator) فقد اكتُشفت بقاياه في أمريكا الجنوبيَّة، ويُحتمل أنَّهُ أكبر السنوريَّات التي عاشت قديمًا وحديثًا، إذ تراوحت زنته ما بين 220 إلى 400 كيلوغرام (ما بين 490 إلى 880 رطلًا) ووصل ارتفاعه عند الكتفين إلى 120 سنتيمترًا (47 إنشًا). ولا يُعرفُ على وجه الدقَّة كيف كان نمطُ فراء هذه الحيوانات، أو إن كان لديها أيَّةُ أنماطٍ على الإطلاق، على أنَّ الكثير من الرسَّامين والفنانين المُتخصصين بِرسم الكائنات البائدة رسموا السميلودون بأنماطٍ فرويَّة شبيهة بِأنماط بعض السنوريَّات المُعاصرة، كالنُمُور واليغاور والأسلوت، أو دون أنماطٍ فرويَّة كما الأُسُود.

اقتاتت السميلودونات على طائفةٍ واسعةٍ من العواشب الضخمة في أمريكا الشماليَّة، من شاكلة الأحصنة البريَّة والبياسن والجِمال وصغار المواميث، ولمَّا عبرت إلى أمريكا الجنوبيَّة افترست أنواعًا جديدةً من الطرائد المحليَّة التي لم تعرفها في أمريكا الشماليَّة، مما يُؤكِّد قُدرتها على التأقلُم في الظُروف البيئيَّة الجديدة ويُوضح سبب نجاحها وانتشارها الواسع. يُعتقدُ بِأنَّ السميلودون كان يفتك بِطريدته عبر تثبيتها أرضًا بِقائمتيه الأماميتين القويتين، ثُمَّ يعُضُّها ويقتُلها، وما زال العُلماء مُحتارين في كيفيَّة تسديد السميلودون عضَّته القاتلة لِطريدته، نظرًا لِطول نابيه وهشاشتها، بحيثُ كانت عُرضةً لِلكسر لو ضربت العظم. كذلك، ما زال النقاشُ قائمًا بين العُلماء حول ما إذا كانت السميلودونات كائنات اجتماعيَّة (تعيش في مجموعات) أم انفراديَّة، وكثيرًا ما يُلجأ إلى دراسة مُستحاثاتها ومُقارنتها بِعظام السنوريَّات الحيَّة وطريقة معيشتها لِتحديد ذلك. يُحتمل أنَّ السميلودونات قطنت الموائل الطبيعيَّة كثيفة الغطاء النباتي، من شاكلة الغابات و أراضي الأشجار القمئيَّة، للاستعانة بِذلك الغطاء في سبيل الكمن لِلفرائس. انقرضت السميلودونات في ذات الوقت الذي شهد انقراض كُل الحيوانات الپليستوسينيَّة الضخمة في أمريكا الشماليَّة، مُنذُ حوالي 10,000 سنة، ويُعزى انقراضها إلى اعتمادها المُفرط على الفرائس الضخمة، بِالإضافة إلى التغيُّر المُناخي السريع، والمُنافسة مع الضواري الأُخرى، غير أنَّ السبب الفعلي والدقيق وراء اندثارها ما يزال غير معلوم.

التصنيف

الاكتشاف والتسمية

جُمجُمة سميلودون مُدمِّر وإلى جانبها ناب أصليَّة من مجموعة پیتر ويلهلم لُند، محفوظة في متحف علم الحيوان في مدينة كوپنهاگن.

خلال عقد الثلاثينات من القرن التاسع عشر، كان عالم الطبيعيَّات الدنماركي پیتر ويلهلم لُند ومُساعدوه يُنقبون عن الأحافير في سلسلة كُهُوف «كالسيروس» الواقعة بِالقُرب من بلدة «لاگوا سانتا» في ولاية ميناس گرايس بِالبرازيل، فوقعوا على آلاف المُستحاثات ونبشوها من الصخر، وتمكَّن لُند من التعرُّف على بضعة أسنانٍ وجْنيَّة مُتحجِّرة من بينها، واعتقد أنها تعود لِنوعٍ بائدٍ من الضباع، سمَّاه «ضبع الأرض الجديدة» (الاسم العلمي: Hyaena neogaea) بعد أن أجرى بضعة دراساتٍ على تلك العيِّنات، وانتهى منها بِحُلُول سنة 1839. مع الوقت، أظهرت عمليَّات الحفر والتنقيب وُجود المزيد من العظام العائدة إلى هذا الكائن، بما فيها أعظُم القائمتين والنابين، فعاد لُند إلى تفحُصها ودراستها لِيتبيَّن لهُ أنها تعود في الواقع إلى جنسٍ من السنوريَّات، عدّهُ يُمثِّلُ جنسًا انتقاليًّا بين السنوريَّات والضبعيَّات. قال لُند إنَّ هذا الكائن لا بُد أنهُ ماثل في حجمه أكبر الضواري الحيَّة اليوم، وأنَّ جسدهُ كان أغلظ من جسد السنوريَّات المُعاصرة. رغب لُند بِتسمية هذا الجنس المُكتشف حديثًا بِـ«ضبعيَّات الأسنان» (الاسم العلمي: Hyaenodon)، ولكن نظرًا لأنَّ التسمية الأخيرة استُعملت سلفًا وأُطلقت على جنسٍ آخر من الضواري المُنقرضة، أطلق لُند على اكتشافه تسمية «مُسيَّف الأنياب المُدمِّر» (الاسم العلمي: Smilodon populator)، في سنة 1842. أوضح لُند أنَّ اسم الجنس «سميلودون» مُكوَّن من شقين يونانيين: «سْمَيْلِه» (باليونانية: σμίλη)‏ وهي تعني «مشرط» أو «مبضع» أو سكين مشحوذة الجانبين، و«أُوْدُوْيُوسْ» (باليونانية: ὀδoύς)‏ وتعني «سن». وترجم البعض هذه الكلمة فجعل معناها: «السن شبه السكين ذات الحدين». وأضاف لُند أنَّ اسم النوع «populator» يعني «المُدمِّر»، وترجمهُ آخرون على أنَّهُ يعني «جالب الدمار والخراب». بِحُلُول سنة 1846، كان لُند قد استحوذ على جميع أجزاء الهيكل العظمي العائد لِهذا الكائن من عيناتٍ مُختلفة مُكتشفة في أماكن شتَّى، وفي ذلك الوقت اكتُشفت عيِّناتٌ أُخرى من هذه الكائنات في الدُول المُجاورة لِلبرازيل على يد عُلماء ومُستكشفين مُختلفين.[1][2] عاد بعض العُلماء اللاحقين إلى استخدام اسم النوع «neogaea» الذي استعملهُ لُند قبلًا، عوض «populator» عند وصفهم النوع المذكور، لكنَّ التسمية الأولى يعدُّها العُلماء المُعاصرون «اسمًا مُعرَّى» (باللاتينية: Nomen nudum)، وبتعبيرٍ آخر هي غير سليمة، نظرًا لأنها استُعملت في وقتٍ لم يحظَ فيه الكائن بِوصفٍ علميٍّ دقيق، كما لم تُلصق بها تسمية جنسٍ مُلائمة آنذاك.[3] كما قال عُلماءٌ آخرون إنَّ بعض العيِّنات المُكتشفة في أمريكا الجنوبيَّة يصح أن تعد أجناسًا مُختلفةً، أو جُنيساتٍ أو أنواعٍ أو نُويعاتٍ من السميلودون، لكنَّ الرأي الغالب يتجه إلى عدها مُجرَّد أفرادٍ مُختلفةٍ من السميلودون المُدمِّر، وقد تكون جمهرات مُتنوعة أو بِمراحل عُمريَّة مُختلفة.[4]

طبعة حجريَّة تعود لِسنة 1869، تُظهر قسم الفك العُلُوي الأصلي والضرس الأصليَّة التي استند إليها جوزيف ليدي لِوصف السميلودون الفتَّاك وصفًا علميًّا لِأوَّل مرَّة.

اكتُشفت مُستحاثات السميلودون في أمريكا الشماليَّة أوَّل مرَّة خِلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر،[1] ففي سنة 1869 اكتشف عالم الأحياء القديمة الأمريكي جوزيف ليدي قسمًا من فكٍ عُلُويٍّ يحوي ضرسًا، في حقلٍ نفطيٍّ بِمقاطعة هاردين في ولاية تكساس، ولمَّا تفحَّصهُ ودرسهُ قرَّر أنَّهُ يعود لِحيوانٍ من جنس القُططيَّات (الاسم العلمي: Felis)، وهو ذات الجنس الذي كان العُلماء آنذاك يضعون فيه كُل السنوريَّات الباقية والبائدة، لكنَّهُ عدل عن رأيه بعد أن عاود دراسة المُستحاثة وقرَّر أنَّ هذا الكائن يستحق أن يُدرج ضمن جُنيسٍ خاصٍ به، وسمَّى هذا الجنس «القُططيَّات المُتجهمة» (الاسم العلمي: Trucifelis)، وسمَّى النوع المُكتشف «السنَّور المُتجهم الفتَّاك» (الاسم العلمي: Felis Trucifelis fatalis).[5] ويُلاحظ أنَّ اسم النوع «fatalis» يعني في الحقيقة «القدر» أو «المصير»، لكن يُعتقد بأنَّ ليدي كان يعني به «الفتَّاك»، فالتسمية ليست لاتينيَّة محضة وإنما نحتٌ بين كلمةٍ إنگليزيَّةٍ (fatal) ولاحقةٍ لاتينيَّةٍ (is).[6] وفي منشورٍ علميٍّ من سنة 1880، أشار عالم الأحياء القديمة الأمريكي إدوارد درينكر كوپ إلى أنَّ ضرس «السنَّور المُتجهم الفتَّاك» مُتطابق مع ضرس السميلودون، واقترح إعادة تسمية الكائن بِـ«السميلودون الفتَّاك» (الاسم العلمي: Smilodon fatalis).[7] كانت أغلب الاكتشافات الأمريكيَّة الشماليَّة غثَّة وضئيلة، إلى أن بدأ العُلماء يُنقبون عن المُستحاثات في حُفر قطران لابريا قُرب مدينة لوس أنجلوس في كاليفورنيا، فكشفوا النقاب عن مئات بقايا السميلودونات الفتَّاكة، بدايةً من سنة 1875 وُصولًا إلى اليوم.[1] وكما هو الحال مع السميلودون المُدمِّر، اكتُشفت بقايا أفرادٍ منهُ مُتابينة الأحجام ومُختلفة في بعض السمات، ويُرجَّح أنها مُجرَّد جمهرات أو نُويعات مُختلفة.[4] من جهةٍ أُخرى، قالت العالمة الأمريكيَّة «أناليزا برتا» أنَّ السميلودون الفتَّاك لا يصح أن يعد نوعًا نمطيًّا أو نوعًا مُنفصلًا بِذاته لِأنَّ المعلومات المُتوافرة عنه ما تزال غير كاملة ولا تُؤكد هذا الكلام، والأرجح أنَّ هذا النوع عبارة عن جمهرة أو نُويعة من السميلودون المُدمِّر الأمريكي الجنوبي.[3] لكنَّ العالمان السُويديَّان «بيورن كورتن» و«لارس وردلين»، عادا وأجريا دراسة مُفصلة عن الكائنان في سنة 1990، وخلصا إلى أنَّ كُلا منهُما يُشكِّلُ نوعًا مُنفصلًا.[8]

عاد كوپ المذكور، وسمَّى نوعًا جديدًا من السميلودون في مقالٍ علميٍّ نُشر سنة 1880، ودعاه بِـ«السميلودون النَّحيل» (الاسم العلمي: Smilodon gracilis). استند كوپ في تحديده النوع الجديد سالف الذِكر على جُزءٍ من نابٍ عُثر عليه في كهفٍ بِالقُرب من نهر سكوكل في ولاية پنسلڤانيا، ولمَّا تفحَّصهُ اكتشف أنهُ يختلف عن أنياب النوعين المُكتشفين قبلًا، إذ كان أصغر حجمًا وكانت قاعدته أكثر انضغاطًا.[7] أمَّا تسمية النوع بِالنحيل فتعود لِبُنيته الضئيلة مُقارنةً بِالنوعين السابقَين.[9] لم يكتشف العُلماء سوى بضعة عيِّناتٍ مُتفرقة من السميلودون النَّحيل، تقلُّ كثيرًا عن عيِّنات أنسبائه المُكتشفة،[10] واقترح بعض العُلماء أنَّهُ يُشكِّلُ جنسًا مُنفصلًا بِذاته، تمامًا مثل الميگانتيرون والهوموثيريوم.[11] يعترفُ العُلماء حاليًّا بِالسميلودون النَّحيل والسميلودون الفتّاك والسميلودون المُدمِّر بِصفتها الأنواع الوحيدة المُعترف بها من هذا الجنس، أمَّا سائر ما وُصف من السميلودونات المُختلفة فيُتفق على أنها مُجرَّد جمهرات أو نُويعات من الأنواع الثلاثة سالفة الذِكر.[4][3] أصبحت السميلودونات ركائز بارزة في الثقافة الشعبيَّة كونها إحدى أبرز الثدييات القبتاريخيَّة، واختارتها ولاية كاليفورنيا لِتكون أُحفورتها الرسميَّة.[1]

النُشُوء والتطوُّر

هيكلٌ عظميٌّ لِسميلودونٍ مُدمِّرٍ، وهو النوع الأمريكي الجنوبي من السميلودون وأكبر تلك الأنواع بلا مُنازع، معروضٌ في متحف لاپلاتا في مدينة بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين.

كان السميلودون آخر أجناس السنوريَّات سيفيَّة الأنياب التي عاشت على وجه الأرض، وهو أيضًا أشهرها، ويبلغ من مقدار شُهرته أنَّ عامَّة الناس تعتقد بأنَّ تسميتي «السنُّور سيفيّ الأنياب» و«السميلودون» مُترادفتان وتعنيان شيئًا واحدًا، على الرُغم من أنَّ الأولى اسمٌ عامٌ يُستخدم في وصف عدَّة أجناس سنوريَّات بائدة تمتعت بِأنيابٍ عُلويَّةٍ فائقة الطول. ويُلاحظ أنَّ مُعظم تلك الأجناس تطوَّرت ونشأت تقارُبيًّا نتيجة تشابه ظُرُوف معيشتها، دون أن تكون وثيقة الصلة ببعضها بِالضرورة. ويُلاحظ أيضًا أنَّ حيواناتٍ أُخرى من غير السنوريَّات ظهرت لديها تلك الميزة كونها عاشت حياةً شبيهةٍ بِحياة السنوريَّات سيفيَّة الأنياب. من أبرز تلك الحيوانات: غورغونيَّات الوجه (الاسم العلمي: Gorgonopsia) والثايلاكوسميليدات (الاسم العلمي: Thylacosmilidae) وخنجريَّات الأسنان (الاسم العلمي: Machaeroides) والنمرڤيديَّات (الاسم العلمي: Nimravidae) والباربروفيلسات (الاسم العلمي: Barbourofelidae) وسيفيَّات الأسنان (الاسم العلمي: Machairodontinae).[1][12] تشتملُ فصيلة السنوريَّات الحقيقيَّة على سيفيَّات الأسنان بِصفتها فُصيلة ضمنها، فهي تصنيفٌ فرعيٌّ أدنى منها، والأخيرة تُقسم بدورها إلى ثلاث قبائل: سيفيَّات الأسنان المُزيفة (الاسم العلمي: Metailurini)، والسنوريَّات حرابيَّة الأسنان (الاسم العلمي: Homotherini)، والسنوريَّات طعَّانة الأسنان (الاسم العلمي: Smilodontini)، والقبيلة الأخيرة هي ما ينتمي إليها جنس السميلودون.[4] تتميَّز السنوريَّات المُنتمية لِقبيلة طعَّانة الأسنان بأنيابها الطويلة النحيلة المُسننة، أو عديمة التسنين في بعض الحالات، بِالمُقابل تتميَّز السنوريَّات حرابيَّة الأسنان بِأنيابٍ أقصر وأعرض وأشد تفلطُحًا وأخشن تسنينًا.[13] أمَّا السنوريَّات المُنتمية إلى قبيلة سيفيَّات الأسنان المُزيفة، فكانت أقل تخصُصًا، وأنيابها أقصر وأقل تفلطُحًا، حتَّى أنَّ بعض الباحثين يُخرجونها من نطاق فُصيلة سيفيَّات الأسنان لافتقادها لِما يُميِّزُ أعضاء هذه الفُصيلة.[4]

نابُ سميلودون مُدمِّر. طرفه السُفلي مُوجَّهٌ ناحية اليمين.

ظهرت أقدم السنوريَّات على وجه الأرض خِلال العصر الضُّحوي (الأوليغوسيني) في أوروپَّا، ومنها على سبيل المِثال السنَّور الأسبق (الاسم العلمي: Proailurus)، أمَّا أقدم سنورٍ سيفيّ الأسنان فيعودُ إلى العصر الثُلثي الأوسط (الميوسيني)، وتمثَّلت هذه الكائنات آنذاك بِجنسٍ يُعرف باسم «السنوريَّات الزائفة» (الاسم العلمي: Pseudaelurus).[4] كانت جماجم السنوريَّات سيفيَّة الأسنان البدائيَّة وأفكاكها السُفليَّة شبيهة بِتلك الخاصَّة بِالنُمُور المُلطَّخة. وبِمُرور الوقت، تأقلم هذا النسل من السنوريَّات مع صيد الطرائد الضخمة حصرًا، فتطاولت أنيابها العُلُويَّة مع تعاقب الأجيال، واتسعت فتحات أشداقها، في سبيل تمكينها من قتل الفرائس التي تفوقها حجمًا، لكنها خسرت بِالمُقابل قُوَّة عضَّاتها.[14] وبِمُرور الزمن، أصبحت أجساد هذه الحيوانات أثخن فأثخن، تماشيًا مع تطاول أنيابها أكثر فأكثر، وذلك كي تتمكَّن من تطويع طرائدها والإمساك بها مسكًا متينًا ريثما تطعنها.[13] وفي حالة أعضاء قبيلتيّ طعَّانة الأسنان وحرابيَّة الأسنان، فإنَّ فقراتها القُطنيَّة بِعواميدها الفقريَّة وأذيالها قصُرت تدريجيًّا إلى جانب قوائمها الخلفيَّة.[4] يعتقد العُلماء أنَّ طعَّانة الأسنان (السميلودونات) وحرابيَّة الأسنان انشقَّت عن بعضها مُنذُ حوالي 18 مليون سنة، وفق ما أظهرته نتائج تحليل سلاسل الحمض النووي لِلمُتقدِّرات المُستخرجة من المُستحاثات.[15] أقدمُ أنواع السميلودون المعروفة هو السميلودون النحيل، الذي عاش مُنذُ ما بين 2.5 ملايين سنة إلى نحو 500,000 سنة، ويبدو أنهُ كان خليفة الميگانتيرون في أمريكا الشماليَّة، ويُحتمل أن يكون قد تطوَّر منه. ومن المعروف أنَّ الميگانتيرون نفسه عبر إلى أمريكا الشماليَّة آتيًا من أوراسيا خِلال العصر الحديث القريب (الپليوسيني)، وسُرعان ما تبعتهُ السنوريَّات حرابيَّة الأسنان في ذات الوقت تقريبًا. وصل السميلودون النحيل إلى المناطق الشماليَّة من أمريكا الجنوبيَّة خِلال أوائل العصر الحديث الأقرب (الپليستوسيني)، وكان دُخُوله القارَّة الجديدة جُزءٌ من عمليَّة التبادل الأمريكي العظيم.[16][13] يُحتمل أن يكون نوعا السميلودون الآخران مُتحدران من السميلودون النحيل، نظرًا لأنهما عاشا في فترةٍ لاحقة.[17] فالسميلودون الفتَّاك عاش خِلال الفترة المُمتدَّة ما بين 1.6 ملايين سنة إلى نحو 10,000 سنة، وحلَّ مكان السميلودون النحيل في أمريكا الشماليَّة.[8] أمَّا السميلودون المُدمِّر فقد عاش خِلال الفترة المُمتدَّة ما بين مليون إلى 10,000 سنة، ووُجد في المناطق الشرقيَّة من أمريكا الجنوبيَّة.[18]

رُغم أنَّ عامَّة الناس تُطلقُ على السميلودون اسم «الببر سيفيّ الأنياب» (بالإنگليزيَّة: Saber-toothed Tiger) الذي تُرجم خطأً إلى اللُغة العربيَّة فأصبح «النمر سيفيّ الأنياب»، تماشيًا مع الخطأ الدارج المُتمثل في الخلط بين الببر والنمر،(1) فإنَّ السميلودونات لا ترتبط بِالبُبُور ولا بِالنُمُور المُعاصرة (التي تنتمي إلى الفُصيلة النمريَّة) ولا بِأيِّ سنَّورٍ مُعاصرٍ آخر.[19] أظهرت دراسةٌ تحليليَّةٌ لِأحماضٍ نوويَّةٍ عتيقةٍ، في سنة 1992، أنَّ السميلودونات يصحُّ تصنيفها ضمن فصيلة السنوريَّات الحقيقيَّة (بِفُصيلتيها القطيَّة والنمريَّة)،[20] بينما أظهرت دراسةٌ أُخرى من سنة 2005 أنَّ نسب السميلودون مُختلفٌ عن أنساب غيره من السنوريَّات.

تمثالٌ لِسميلودونٍ مُدمِّرٍ في حديقة حيوانات تيرپارك برلين. نُحت بِيد أريك أوهم، سنة 1964.

[21] وفي سنة 2006 نُشرت دراسةٌ أُخرى تؤكد هذا الكلام، فتبيَّن أنَّ سيفيَّات الأسنان انشقَّت عن أسلاف السنوريَّات المُعاصرة في وقتٍ مُبكرٍ من تاريخ نُشوئها، وبالتالي لا يصح القول أنها وثيقة الصلة بها وبأيِّ نوعٍ من الأنواع السنوريَّة الباقية.[22] تُظهرُ الشجرة التاريخيعرقيَّة التالية موضع جنس السميلودون بين سائر أجناس السنوريَّات الباقية والبائدة:[16]

السنوريَّات

السنَّوريَّات السابقة




السنوريَّات الزائفة





النمريَّات (البُبُور، والأُسُود، واليغاور، والنُمُور)




عنَّاق الأرض




القطط النمريَّة (الأسلوت وأنسباؤه)




القُططيَّات (القطط المُستأنسة وأنسباؤها)




اليغورنديَّات (اليغورندي)




الفُهُود الأمريكيَّة



الفوميَّات (الكوجر)










السنوريَّات الرهيبة - الدينوفيليسات





النمرڤيديَّات




سيفيَّات الأسنان




حرابيَّة الأسنان



إزميليَّة الأسنان







مخايراويَّة الأسنان




الميگانتيرون




السميلودون النحيل




السميلودون المُدمِّر



السميلودون الفتَّاك











الوصف

القد

السميلودون المُدمِّر (بالأخضر)، والسميلودون الفتّاك (بالأرجواني)، والسميلودون النّحيل (بالبرتقالي) بحسب تناسُب الحجم الواقعي بينهم.

كان حجم السميلودون قريبًا من أحجام السنوريات الكبيرة الحديثة، مثل الببور والأسود، ولكنَّ بنيته الجسدية كانت أكثر قوَّة. فقد كان له بطنٌ أصغر، وعظم كتف عالٍ، وذيل قصير جدًا، وأرجلٌ كبيرة.[19][23] إلا أن أشهر سِمَات السميلودون هي أنيابه الطويلة، التي تتجاوزُ في طولها عنده أيَّ نوعٍ معروفٍ آخر من السنوريات سيفية الأنياب، حيثُ كان يصلُ طول الناب الواحد إلى حوالي 28 سنتيمترًا في النوع الأكبر من السميلودون، وهو السميلودون المُدمِّر،[23] وامتازت هذه الأنياب بأنها رفيعة ومُسنَّنة من الجهتين الأمامية والخلفية.[24] كانت جمجمة السيملودون كثيفة البنية والخطمُ فيها قصير وكبير، وأما عظم الوجنتين عنده فقد كان مُقوَّسًا وسميكاً، وعرفه السهمي بارز، وأما عظم جبهته فمُحدَّبٌ قليلًا. كان في كلّ واحدٍ من جانبي فكه السفلي بروز كبير، وامتازت قواطعهُ بأنها طويلة وحادَّة ومائلة للأمام، إلا أن ثمة فجوة تفصلُ بينها وبين طواحن الفك السفليّ. كانت الأسنان القاطعة عند السميلودون عريضة ومُقوَّسة ومصفوفة بخطّ مستقيم. وقد كانت الأسنان المعروفة بالضواحك موجودة في الفكّ السفلي للسميلودون بمعظم مستحاثاته القديمة، إلا أنها اختفت من المستحاثات الأحدث، إذ لم يعثَر عليها إلا في 6% من عظام السميلودون المكتشفة ببحيرة قطران لابريا.[3] ثمة اختلافٌ في الرأي بين العلماء حول ما إذا كانت إناث وذكور السميلودون متطابقة أم مختلفة المظهر. فالكثيرُ من الدراسات المجراة على أحافير السميلودون الفتّاك لم تجِد فرقًا يذكر بين جنسيه،[25][26] ولكن على العكسِ من ذلك، وجدت دراسة من سنة 2012 أن بينَ إناث وذكور السميلودون الفتّاك فروقاتٍ قريبة جدًا من تلك الموجودة بين إناث وذكور الببور الحديثة، وذلك على الرّغم من أن حجم السميلودون لا يختلفُ كثيرًا بين الجنسين.[27]

رسم تخيلي للسميلودون المُدمِّر بفراءٍ ذي لونٍ واحد. بريشة تشارلز ر. نايت، عام 1903.

كان السميلودون النّحيل أصغر أنواع هذا الحيوان، إذ يُقدِّر العلماء أن وزنه تراوح ما بينَ 55 إلى 100 كيلوغرام، أي ما يعادل حجم يغور الآن تقريبًا.[28] وقد كان حجمُ هذا النوع من السميلودون مقاربًا لسنوريّ آخر منقرض يُسمَّى الميگانتيريون، ولكن الاختلافَ الأساسي يكمنُ بأن جمجمته وأنيابه تعطيانه طولًا إضافيًا، بحيثُ يصبحُ أقرب للسميلودون الفتّاك.[23][4] وأما السميلودون الفتاك فقد كان يشغلُ مرحلة وسطى بالحجم بين النوعين الآخرين،[23] إذ تراوحُ وزنه - تقديرًا - من 160 إلى 280 كيلوغرام،[28] وبلغ ارتفاعه عند الكتف مترًا كاملًا، وطولُ جسمه 175 سنتيمترًا.[29] وهذا يعني أن قدَّ السميلودون الفتاك كان معادلًا تقريبًا لقدِّ الأسد الحديث، إلا أنه - على الأرجح - امتاز بكُتلة عضليَّة أكبر وجُثّة أضخم قليلًا. تشبهُ جمجمة هذا النوع جمجمة الميگانتيريون، ولكن أنيابه الأكبر بكثيرٍ تعطيها مظهرًا مختلفًا.[4] أخيرًا، كان أكبر الأنواع الثلاثة هو السميلودون المُدمِّر، والذي يعتبر واحدًا من أكبر الحيوانات السنوريَّة المعروفة التي عاشت على الأرض، إذ من المحتمل أن وزنه كان يصل إلى 400 كيلوغرام، ولم يكُن يقلّ عن 220 كيلوغرامًا،[28] بل وقد قدَّرت إحدى الدراسات وزنه بـ470 كيلوغرامًا، وهو ما يقاربُ نصف طُنّ.[30] بلغ ارتفاعُ هذا الحيوان عندَ الكتف 120 سنتيمترًا،[23] وكان جسمه أكثر قُوَّة من النوعين الآخرين، وأما جمجمته فنحيلة وذاتُ شكلٍ طوليّ، وعظم أنفي أعلى، وعظم قذالي أكثر أفقية، وعظام أصابع أكبر حجمًا، وساقين أماميتين طويلتين مقارنةً بالخلفيتين.[4][8] وقد اكتُشفت في الأرجنتين آثار أقدامٍ لحيوان سنوريّ ضخم جدًا، يبلغ طولها 17.6 سم وعرضها 19.2 سم.[31] من المحتمل أن تكون هذه الآثار لنوعٍ جديد (والذي اقتُرِحَ له اسم السميلودونيشيوم أو Smilodonichium)، ولكن لو صحَّت نسبتُها من قبل البعض للسميلودون المُدمِّر، فهذا يعني أن أقدامهُ كانت أكبر حجمًا من أقدام الببر البنغالي.[32]

الهيئة الخارجيَّة

رسم تخيليّ للسميلودون الفتّاك بفراءٍ مُرقَّط.

تعاون الكثير من الفنَّانين - مثل تشارلز نايت - مع علماء للأحافير، خلال بداية القرن العشرين، لإعادة بناء هيئة السميلودون الخارجية في صور ولوحات فنية، وقد جرت العادة بين هؤلاء على تخيّل السميلودون بهيئة مقاربة لهيئة السنوريات الحديثة (مثل النمور والببور). في عام 1969، اقترح عالم المستحاثات ج. غ. ميلر، عوضًا عن ذلك، أن مظهر السميلودون ربما كان مختلفًا جدًا عن السنوريات المعتادة وأكثر شبهًا بكلب البُلدُغ، على أن يكون ارتفاعُ فمه أقلّ (والغرضُ من هذا أن يستطيع فتح فمه على نطاقٍ واسعٍ دُون أن تتأذّى أنسجة وجهه العضليَّة)، وأنفه أقلّ نتوءاً، وأذناه أقلّ ارتفاعًا.[33] ولكن الفنّان موريشيو أنطون وبعضَ الباحثين الآخرين شكَّكُوا بهذا الاقتراح في سنة 1998، فقد تمسَّكُوا بأن يكون مظهر وجه السميلودون مقاربًا جدًا لوجوهِ السنوريات الحديثة. واستشهدَ أنطون بمثال فرس النهر وغيره من الحيوانات الحديثة، التي تستطيعُ فتح فمها إلى عرضٍ واسعٍ جدًا دونَ إيذاء أنسجتها الوجهيَّة، وذلك بطيِّ وتقليل مساحة عضلة الفم الدائرية عند فتح الفم، وهذه العضلةُ نفسها موجودة عندَ السنوريات الحالية كبيرة الحجم (القريبة من السميلودون).[34] وزعمَ أنطون بأن أدقَّ وسيلة لدراسة هيئة الحيوانات المنقرضة هي مقارنتها بحيوانات حيَّة قريبة منها في المظهر والسلسلة التطورية، وبالتالي فإنَّ وسيلة تشارلز نايت - الذي رسمَ السميلودون بمظهرٍ شبيه للنمور وغيرها من السنوريات - في رسم هذا الحيوان لا تزال الأكثر صحَّة.[35]

رُسِمَ السميلودون، وغيره من أنواع السنوريات سيفية الأنياب، في لوحات الفنَّانين الحاليين إما بفراءٍ ذي لون واحدٍ أو فراءٍ مُرقَّط (وهي صفة تبدُو متوارثة لدى فصيلة السنوريات)، ويعتبر هذان الشكلان مُرجَّحَين من وجهة نظرٍ علمية. تُظهِرُ دراسات السنوريات الحديثة أنَّ أنواعها التي تعيشُ في مساحات واسعة ومفتوحة يُغطّي جسمها فراء ذو لونٍ واحد، وأما تلك التي تعيشُ في بيئات مُغطّاة بالأشجار والأحراش فتكونُ مُبقَّعة أو مُرقَّطة (مع وجود استثناءات من كلتا الحالتين).[36] إلا أن بعضَ الصفات الشكلية في السنوريات، مثل خطوط البَبْر ولُبدَة الأسد (شعر رقبته)، تعتبر استثنائية جدًا من ناحية تطورية بحيثُ يستحيلُ التنبّؤ بها أو معرفة ما لو كانت موجودة أم لا عندَ حيوانٍ منقرض.[35]

السُلُوكات الأحيائيَّة البائدة

الصيد والافتراس

سميلودون نحيل يواجهُ ذئابًا رهيبة تنافسه على جيفة ماموث كولومبي في حفر قطران لابريا. بريشة روبرت بروس هورسفول، عام 1913.

كان السميلودون مفترسًا يتربَّعُ على قمة الهرم الغذائي، إذ كان يتغذّى بشكل أساسي على صيد الحيوانات كبيرة الحجم. أظهرت دراسات النظائر الكيميائية المحفوظة في عظام السميلودون الفتّاك المكتشفة قربَ لوس أنجلوس بالولايات المتحدة أن أهمَّ طرائده كانت من الحيوانات المجترة ضخمة الحجم، مثل ثيران البيسون (من نوع البيسون العتيق، الذي كان أكبر حجمًا بكثيرٍ من البيسون الأمريكي الموجود حاليًا)، والجمال الأمريكية المنقرضة اليوم.[37] وأما النظائر المحفوظة في مينا أسنان السميلودون النحيل فتظهرُ أنه كان يصطادُ خنزيريات منقرضة من الفصيلة البيقريَّة، وحيواناتٍ شبيهة باللاما تُسمّى هيمياشوينيا.[38] من المحتمل أن السميلودون - في أحيان نادرة - كان يصطادُ أيضًا أخدوديات الأسنان (أقرباء المُدرَّع المُعاصر)، وذلك نظرًا لاكتشاف جُمجمة من أحد هذه الحيوانات تحملُ آثار ثقوبٍ دائرية[39] مماثلةٍ في حجمها وهيئتها لأنياب السميلودون[40] (وكانت هذه الجمجمة تعودُ إلى مدرَّعٍ غير بالغ، ولذلك لم يكُن درع رأسه صلباً بما فيه الكفاية).[39] تظهرُ دراسات النظائر المماثلة، التي أُجرِيَت على مستحاثات الذئب الرهيب والأسد الأمريكي أنها كانت تصطاد نفس الطرائد التي يصطادها السميلودون، وبالتالي فربَّما كان ثمة منافسة بين تلك الضواري على الغذاء.[37] ولكن من المُرجَّح أن الطرائد كانت متوافرة في حفر قطران لابريا بكثرة شبيهة بالسافانا في شرق أفريقيا الآن.[41] هاجرَت جماعاتٌ من السميلودون لاحقًا إلى أمريكا الجنوبية، ممَّا أدى إلى تغيّر غذائها كثيرًا، فهناكَ لم تكُن تعيش ثيران البيسون على الإطلاق، وكانت الأحصنة والخرطوميات مختلفة جدًا، ومع ذلك ازدهرَ السميلودون المُدمِّر (الذي عاشَ في هذه القارة الجديدة) تماماً مثل أقاربه في الشمال.[13] وقد تكونُ اختلافات المظهر بين أنواع السميلودون في الأمريكيَّتين ناتجةً عن اختلاف طرائده التي تعيشُ في كلّ من القارَّتين.[8] ومن حيث عادات التغذية، يحتمل أن السميلودون كان يتجنَّبُ أكل عظام الحيوانات، مما يعني أنه كان يتركُ عليها الكثير من بواقي اللحم التي تستفيدُ منها الحيوانات القمَّامَة،[42] كما من المحتمل أن السميلودون نفسَهُ كان يُقمِّمُ الجيف التي تتركُها الذئاب الرهيبة.[43] وقد اقترحَ بعضُ العلماء أن السميلودون كان حيوانًا قمامًا يستفيدُ من أنيابه الهائلة في إفزاعِ الحيوانات التي تنافسُهُ على الجيف، ولكن هذه النظرية لا تحظى بالتأييد اليوم، نظرًا لعدمِ وجود أيّ حيوانٍ ثدي معروف الآن يعيشُ على اليابسة ولا يقتاتُ سوى على الجِيف.[44]

تشابهت أنماط التلوم في دماغ السميلودون مع أدمغة السنوريات الحديثة، ممَّا يوحي بأنَّ المناطق التي تتحكَّم بوظائف الرؤية والسمع وتحريك الأرجل لديه كانت متطوّرة. بصورة عامة، كانت للسميلودون وأقاربه من السنوريات سيفية الأنياب عيونٌ صغيرة الحجم وذات رؤية مزدوجة، أي أن مساحة التقاطع في الرؤية بين العينين كانت قليلة، ممَّا كان يساعدُ السميلودون على الحركة بين أشجار الغابة.[44] من المُرجَّح أن السميلودون كان يعتمدُ على الصيد بالمباغتة، حيث يختبئ بين الأشجار الكثيفة منتظرًا اقتراب فريسته، ومن المُرجَّح - لذلك - أن تناسب طول أرجله مع جسده كان مماثلًا للسنوريات الحديثة التي تسكنُ الغابات،[45] كما أن هذا يُفسِّر قصر ذيله الذي لن يحتاجه لموازنة جسمه أثناء الجَرْي.[19] وقد كان السميلودون، على عكس سلفه المسمَّى الميگانتيريون (الذي كان قادرًا على تسلّق الأشجار والمرتفعات)، حيوانًا بريًا تمامًا على الأرجح، إذ أذنَّ وزنه الكبير وبنية جسمه لم تكُن لتسمح له بالتسلّق.[46] كان عظم عَقْب السميلودون طويلًا بعض الشيء، مما يعني أنه كان قادرًا على القفز لمسافات كبيرة.[23] كما كانت عضلات ساعده القابضة والباسطة قوية بما يكفي لتُمكِّنَهُ من التشبث بالحيوانات كبيرة الحَجْم وطرحها أرضًا. وتظهر الدراسات المُجرَاة على المقاطع الجانبية لعَضْد السميلودون الفتّاك أنها كانت سميكة بما يكفي لتتحمَّل أوزانًا أكبرَ من التي تحتملها أرجلُ السنوريات الحديثة، أو الأسد الأمريكي المنقرض، وأما سُمْك عظم الفخذ لديه فكانَ قريبًا في الغالبِ من الأسود والببور حاليًا.[47] كانت أنيابُ السميلودون كبيرة جدًا، وهي لم تكُن قادرة على أن تعضَّ العظام خوفًا من كَسْر أنيابها، ولذلك فقد كان السميلودون مضطرًا لتثبيت فريسته بأرجله الأربعة وطرحها أرضًا قبل أن يستطيع طعنها بنابيه الضخمين، وعلى الأرجح أنَّهُ استغلَّ نابَيْه في تسديد طعناتٍ سريعة ومتلاحقة في جسد ضحيَّته عوضًا عن ضربة واحدة قاضية وبطيئة مثل النمور الحديثة.[47] ولكنَّ الدلائل الأحفورية تثبتُ أن السميلودون كان مستعدًا، في أوقات نادرة ومُحدَّدة، للمخاطرة بغرز نابَيْه في عظام الحيوانات، ومن المحتمل أن هذا كان يحدث أثناء قتاله مع منافسيه من السميلودونات الأخرى أو الحيوانات المفترسة، وليسَ أثناء القضاء على فريسته ذاتها.[46]

أقصى انفراجٍ ممكن لفم السميلودون (الصورة أ)، ورسمان تخطيطيَّان لسميلودون يعضّ رقبة حيوانَيْن آخرين من حجمَيْن مختلفين (ب وج).
الأضراس الخلفية الحادة لدى كلب حديث. كان يعتمد السميلودون على هذه الأضراس في تمزيق لحَم وجِلد فريسته، نظراً لأن نابيه الكبيرين بعيدان عنها ولا يُعيقان استعمالها.

لا زالَ العلماء يتجادلون في كيفية قتل السميلودون لفريسته. كانت النظرية الأكثر انتشارًا فيما مضَى هي أن السميلودون كان يقفزُ على طريدته ويوُجّه لها عضة عميقة بنابيه أو يُطبِقُ فكيه القويَّيْن على حنجرتها، وذلك ليقطع الوريد الوداجي و/أو القصبة الهوائية ليقضيَ على طريدته سريعًا جدًا.[47][48] تقترحُ نظرية أخرى وهي أن السميلودون كان ينقضّ على بطن فريسته ويغرس أنيابه فيه، إلا أنّ هذا مشكوك به بسبب انحناء بطن الفريسة الذي يُسبّب صعوبة للسميلودون بتسديد عضَّة إليه.[49] وأما في كيفية تسديد السميلودون لعضَّته، فقد تم تفضيل فرضية «عضّة مقصّ الأنياب»، حيث يثني السميلودون رقبته ويُدير رأسه عموديًا ليُقوّي أثر عضته القاتلة، ولكن مثل هذا الأمر قد يكونُ مستحيلًا ميكانيكيًا. ومن المحتمل أن حوافَّ فكّ السميلودون السفلي كانت تساعده بالتشبّث في فريسته ومنعها من الإفلات منه.[50] كانت القواطع الأمامية في فم السميلودون مُرتّبة على هيئة قوس، وكان يستخدمها في تثبيت فريسته بمكانها ومنعها من الحركة أثناء تسديده لطعنة إليها بنابَيْه الكبيرَيْن. وفي هذه المرحلة كانت تزداد مساحة الاحتكاك بين عظم أنياب السميلودون ولثّته، مما يُساعد في تثبيت أسنانه بجسد ضحيته وفي إدراك السميلودون للمرحلة التي تنغرسُ عندها أنيابه لأقصى حدّ ممكنٍ في جسد الضحية. وقد كانت عند السميلودون، مثل معظم السنوريات سيفية الأنياب، فتحاتٌ في جمجمته تُؤْوي أنسجة عصبية متصلة بشاربيه، ويحتمل أنَّ هذا أدَّى إلى زيادة دقة حواسّ السميلودون وسمحَ له بتسديد عضّة دقيقة إلى طريدته حتى ولو لم يكُن قادرًا على رؤيته في لحظة تسديد العضة، وهي مزيَّة شديدة الأهمية لكي يتجنّب السميلودون كسرَ نابيه أثناء العَضّ. وكانت في فم السميلودون أضراسٌ خلفية بحِدّة السكاكين، وكان يستخدمها في تقطيع الجِلْد ليتمكَّن من الوصول إلى اللحم الذي أسفله، وأما قلة عدد الأضراس في فمه فتُشِير إلى أنه كان قليل القدرة على سَحْق عظام الحيوانات مقارنةً بالنمور الحديثة.[44] ورغم أن نابَيْ السميلودون كبيران جدًا، إلا أنه من غير المحتمل أنهما كانا يُصعّبان عليه التهام ضحيَّته: فعندَ مقارنته بالسنوريات الحديثة، نجدُ أن الببور والأسود الحالية لا تستخدم قواطعها الأمامية (الأسنان التي بين النابَيْن) في تقطيع والتهام لحم فريستها، وإنما أضراسها الحادة في الجانب الخلفيّ من فمها، مما يعني أن السميلودون كان يستخدم جانبَ فمه للأكل دون عوائق تذكر.[34] وفي دراسةٍ نُشرت سنة 2020، قارن الباحثون بين عضَّة السميلودون وعضَّة السنَّور حرابي الأسنان،[51] وقالوا أنَّ الأوَّل كان قادرًا على غرز أنيابه في طريدته والقضاء عليها، كون حواف فكِّه السُفلي ساهمت في مُقاومة تقويس أنيابها الناجمة عن مُقاومة الطريدة.[52]

جمجمة سميلودون فتّاك معروضة وفكّاه مفتوحان لأقصى حد.

يعتقد أن بنية جسد السميلودون كانت أقوى من السنوريات كبيرة الحجم الأخرى، إلا أنَّ عضّته - بالرغم من ذلك - كانت أضعف في الغالب. فالقوس الوجني (عظم وجنة) في السنوريات الحديثة، مثل الببور والأسود، أكبر منهُ عند السميلودون المنقرض، ممَّا يعني أن العضلة الصدغية عند السميلودون كانت أقلَّ سماكة وبالتالي فإن عضّته كانت أقلّ قوة. تظهر الدراسات المجراة على فكَّيْ السميلودون الضيِّقَيْن أن قوة عضّته كانت لا تزيدُ عن ثُلْث قوة عضة الأسد (إذ بلغ مقدار قوة عضة الأسد 112، وفقاً لهذه الحسبة).[53][54] وبصورة عامة، يبدو أن ثمة قاعدة تُفِيد بأن ضخامة حجم أنياب السنوريات ذات الأسنان السيفية تجعلُ عضّاتها أضعف. إلا أنَّ الدراسات التي تقارن قوة الانثناء (وهي قدرة الأنياب الكبيرة على مقاومة قوى الانثناء دون أن تنكسر) بقوّة العض تظهر أن أسنان السميلودون، نسبة لقوّة عضته، كانت أكثر متانةً من أسنان السنوريات الحديثة.[55] أيضًا، من المحتمل أن السميلودون كان قادرًا على فتح فمه بزاوية تصلُ إلى 120 درجة،[56] بينما لا يمكن للأسد الحديث أن يفتح فمه لأكثر من 65 درجة،[57] ممَّا يعني أن السميلودون كان قادرًا على مباعدة فكَّيْه بما يكفي للإطباق على حيوانات كبيرة الحجم جدًا، بالرّغم من ضخامة نابيه وطولهما.[34] قارنت إحدى الدراسات من سنة 2018 بين السُلُوك الافتراسي لِلسميلودون الفتَّاك والسنَّور مُقوَّس الأنياب، فتبيَّن أنَّ لِلأوَّل جُمجُمة متينة قويَّة ضئيلة التربيق تسمح بأن تكون عضَّتها طاعنة وقاصَّة، في حين تبيَّن أنَّ لِلآخر تربيقٌ أعظم من الأوَّل مما يجعل عضَّته مُمسكة وقابضة كعضَّة الأسد، وبِالتالي يصح القول بِأنَّ كُلٌ من النوعين لعب دورًا بيئيًّا مُختلفًا عن الآخر.[58]

الأفخاخ الطبيعيَّة

اكتشفت العديد من أحافير السميلودون أن حفر قطران قديمة كانت أشبه بأفخاخٍ قاتلة للحيوانات المفترسة. فقد كانت الحيوانات تقعُ بين الحين والآخر في حفر القطران ولا تجدُ سبيلاً للخروج، فتغرقُ حتى الموت، وكانت هذه الحيوانات تجتذبُ الكائنات المفترسة التي تأتي لتقتاتَ على الجُثث، فتقعُ في الفخّ هي الأخرى. وتعتبر أشهرُ هذه الحفر في عالم الأحافير هي حفر قطران لابريا الواقعة قربَ مدينة لوس أنجلوس في الولايات المتحدة، والتي اكتشفت فيها أكثر من 166,000 أحفورة للسميلودون الفتّاك،[59] ممَّا يجعلُها أكبر موقع في العالم لأحافير هذا الحيوان. وتشير التقديرات إلى أن تاريخ الأحافير المدفونة في الحفر يعودُ إلى ما بَيْن 10.000 إلى 40.000 سنة خلت، أي خلال العصر الحديث الأقرب المُتأخر. ورغم أن الحيوانات العالقة في القطران كانت تغرق بسُرعة شديدة، فقد كانت مطارداتها من الكائنات المفترسة تنجحُ في قطع أطرافٍ من أجسادها وعظامها قبل أن تغرق، إلا أن هذه الحيوانات المفترسة كانت - بدورها - تغرقُ بعد ذلك وتلتهمها مفترسات أخرى، إذ تعودُ 90% من جميع العظام المكتشفة في حفر القطران إلى حيوانات لاحمة مفترسة.[60]

اكتشفت أيضًا، في منطقة «تالارا» بدولة البيرو حفر قطران مماثلة، تحتوي في داخلها أحافير للسميلودون. وعلى عكس حفر قطران لابريا، عُثِرَ في البيرو على الكثير من الأحافير لعظامٍ مُحطَّمة أو متغيّرة بفعل عوامل الجو، مما يعني أن الطبقات التي دُفِنَت تحتها الحيوانات كانت أقلَّ عمقًا، بحيثُ أن جيف الحيوانات سُرعَان ما تكدَّست فوقَ بعضها وأصبح وزنها يؤدّي إلى تضرّر العظام التي بأسفل الحفرة. وقد كانت الكثير من الحيوانات اللاحمة المكتشفة في حفرة تالارا (بالبيرو) صغيرة السنّ، مما يوحي بأنَّ الحيوانات الأصغر سنًا والأقل خبرةً كانت أكثر عرضة للوُقوع في أفخاخ القطران. بالمثل، اكتشفت مجموعات من أحافير السميلودون في كهوفٍ معروفة باسم «لاغوا سانتا» في البرازيل، ويعتقد بعضُ علماء الأحافير أن السميلودونات هذه كانت تقعُ بأفخاخ القطران لأنها كانت تأتي للكهوف لتجعلَ منها أوكارًا لها، إلا أن ثمة دلائل أخرى تشير إلى أن السميلودون (وغيره من الحيوانات) كانت تموتُ فوق سطح الأرض، ومن ثمَّ تنجرفُ جيفها وعظامها إلى الكهوف مع تيارات الماء، أو لعلَّها كانت تضيعُ في الكهوف حتى تموتَ من الجوع.[60]

الحياة الاجتماعيَّة

سميلودونان فتَّاكان يقتربان من مجموعة من البهاضم (كسالين الأرض) في حفر قطران لابريا. بريشة تشارلز نايت، 1921.

ثمة جدلٌ بين العلماء فيما إذا كان السميلودون حيوانًا اجتماعيًا. توصَّلت دراسة علمية مُجرَاة في إفريقيا إلى أن الحيوانات المفترسة الاجتماعية، مثل الأسود والضباع المرقطة تستجيبُ بسهولة لنداءات الاستغاثة من الحيوانات العالقة في القطران (التي تُمثّل فريسة لها) أكثرَ من الحيوانات الانعزالية مثل النمور. وبالنظر لوجود عددٍ هائل من أحافير السميلودون الفتّاك المحفوظة في حفر قطران لابريا، فمنَ المُرجَّح أن تكون معظمها قد انجذبت إلى الحفرة لسماعها نداءات استغاثة من الحيوانات العالقة في القطران، وقد يعني هذا أن السميلودون كان حيوانًا اجتماعيًا بصفةٍ عامة.[61] إلا أنَّ بعض الباحثين ينتقدون هذه الدراسة لتجاهلها العوامل الأخرى المساهمة في كثرة حيوانات السميلودون العالقة بالقطران، مثل كتلة الجسم (فالحيوانات ثقيلة الوزن تغرقُ بسهولة أكثر من تلك الخفيفة)، والذكاء (فمن المحتمل أن حيوانات أخرى، مثل الأسد الأمريكي، كانت قادرةً على تجنّب الوقوع في القطران لإدراكها لخطورته)، وقلَّة الدلائل التي تتركها الحيوانات العالقة في القطران من حيث المظهر أو الرائحة، وقوة نداءات استغاثاتها، والمدى الفيزيائي الذي يمكن أن تصلَ إليه هذه النداءات (فمن المحتمل أن نداءات الاستغاثة الحقيقية للحيوانات كانت تستمرُّ لفترة أطول ممَّا قدرته الدراسة). كما يشير هؤلاء الباحثون إلى أن الببور الحديثة - في الهند - قد تنجذبُ بسهولة إلى فريسة حيوان يحتضر ويستغيث، كما أظهرت بعض التجارب التي أجريت بالاستعانة بمُسجّلات للصوت في الغابات، رُغْم أن الببور حيوانات انعزالية في العادة ولا تصطاد مع بعضها.[62] وقد أجابَ مؤلّفو الدراسة الأصلية بأنه من الممكن وجود اختلافٍ بين استجابة الحيوانات الحديثة لتسجيل صوتي واستجابة حيوان قديم للأصوات الصادرة عن حفر القطران، ولذا فإن نظريتهم لم تدحض تمامًا. كما أشاروا إلى أن وزن السميلودون وذكاءهُ ليس لهما تأثيرٌ كبير، وذلك لأن الحيوانات اللاحمة خفيفة الوزن أكثر عددًا بكثيرٍ من الحيوانات العاشبة ثقيلة الوزن في حفر القطران، وكذلك فإن ثمة أحافير للذئب الرهيب (ذي الطبيعة الاجتماعية) محفوظة في هذه الحفر.[63]

زمرةٌ من الأسود تُهاجم جاموسًا أفريقيًا في تنزانيا؛ ومن المحتمل أن السميلودون كان يصطاد أيضًا بِزُمرٍ مثل هذه بالضّبط.

تأتي حُجّة أخرى من الحجج المؤيّدة لكون السميلودون حيوانًا اجتماعيًا من آثار الجراح الملتئمة الموجودة في أحافير السميلودون، والتي تعني أن هذه الحيوانات (عندما تكونُ جريحة) كانت تحظى بالعناية والطعام من بني جنسها حتى تتعافَى.[64] إلا أن بعض الباحثين يردّون على هذه الحُجّة بأن جراح السنوريات تلتئمُ بسرعة حتى ولو كانت إصابات شديدة في العظام، ولذلك فإن من الممكن أن يبقى سميلودون مصابٌ على قيدِ الحياة طالما أنَّ لديه مصدرًا لماء الشرب.[65] ويعتبر دماغ السميلودون صغيرَ الحجم بالنسبة لباقي السنوريات، ولذلك فإن بعض الباحثين يرونَ أن دماغه لم يكُن كبيرًا بما يكفي ليجعله حيوانًا اجتماعيًا.[66] بالمقابل، وجدت بعضُ الدراسات المُجرَاة على أحجام الأدمغة عند السنوريات الكبيرة أنه ما مِن علاقة حقيقية بين حجم الدماغ والطبيعة الاجتماعية لهذه الكائنات.[67] ومن المحاججات الأخرى ضدَّ كَوْن السميلودون حيوانًا اجتماعيًا هي أنه حيوانٌ مفترسٌ يصطادُ عن طريق الكمائن في الغابات الكثيفة، وهذه الطريقة بالصيد لا تتطلَّبُ الحاجة إلى مجموعة، إذ يمكنُ للسميلودون الواحد أن يصطاد فريسته بسهولة، مثل حال معظم السنوريات الحديثة التي تسكنُ الغابات.[65] وفي الآن ذاته، فإن بعض العلماء يُحاجِجون بكَوْن السميلودون أكبر حيوان مفترسٍ في نظام بيئي قريب من السافانا الإفريقية، وبالتالي ربَّما يُمكنُ مقارنته بالأسد الحديث الذي يعيشُ في جماعاتٍ ليُدَافع عن منطقته ضدَّ الأسود الأخرى، حيث أن الأسود هي السنوريات كبيرة الحجم الوحيدة ذات الطبيعة الاجتماعية في الزمن الحاضر.[44]

من غير المعروف قطعيًا ما لو كانت إناث وذكور السميلودون مختلفة المظهر، إلا أنَّ وجود مثل هذا الاختلاف كان سيؤثّر على سلوك التزاوج عندها. بناءً على افتراض أن إناث وذكور السميلودون كانت متطابقة في الشكل، اقترح الباحثان ڤان فالكنبرغ وساكو (2002) أن السميلودون - لو كان حيوانًا اجتماعيًا - فقد عاشَ على الأرجح حياة زوجية يشتركُ فيها الذكور مع الإناث بالعناية بالصّغار، دون أن يُضطرَّ الذكور لخوض منافسة شديدة للفوز بالإناث.[25] والمثل استنتجَ الباحثان ميشين سامويلز وبايندر (2010) أن ذكور السميلودون كانت أقلَّ عدائية نحوَ بعضها من ذكور الأسد الأمريكي المنقرض.[26] وأما كريسشان وهاريس (2012) فقد وجدا أن جنسي السميلودون الفتّاك كانا مختلفين في الشكل قليلًا، وبالتالي فلا بُدّ أن الذكور خاضت منافسات على الإناث يُصفّى خلالها الذكور الأقل قدرة على التكاثر.[27] ويوحي شكلُ العظم اللامي في أحافير السميلودون بأن هذا الحيوان كان يتواصلُ مع بني جنسه عن طريق الزئير، مثله في ذلك مثل السنوريات الحديثة.[68]

النُمُوّ

الجهة السفلية من جمجمتين للسميلودون الفتّاك تظهرُ فيهما مرحلة استبدال الأنياب اللبنية بأنيابٍ حقيقية وهي في منتصفها. متحف جورج س. بيج.

كانت الأنياب الطويلة والمُميَّزة للسميلودون تبدأ بالنموّ عندما يصل عمره إلى عامٍ ونصف، أي بعد ظهور آخر سن لبني في فمه بفترة قصيرة. وكانت الأنياب تشغلُ حيّزًا في فم شبل السميلودون إلى جانب أسنانه اللبنية لما يقارب أحد عشر شهرًا، حيث كانت تنمو خلال هذه الفترة عضلات الوجه التي تمنحُ السميلودون عضّته القوية، ممَّا يعني أن هذه العضلات كانت تظهرُ عنده قبل أشبال الأسود الحديثة بثمانية شهور. وكانت تسقطُ آخر أسنان السميلودون اللبنية عندما يبلغ من العُمْر حوالي عشرين شهرًا، بينما تستمرّ أنيابه بالنمو بمُعدّل سبعة ملليمترات شهريًا لعامٍ كامل آخر. وكانت تصلُ الأنياب لحجمها الكامل في عام السميلودون الثالث، وهو وقتٌ متأخر على نموّ هذه الأسنان بالنسبة لأنواع السنوريات المعروفة حاليًا. وقد أمكنَ التوصّل إلى هذه الحقائق من خلال دراسة العدد الهائل من أحافير السميلودون المكتشفة في حفرة قطران لابريا، إلا أنه كان من الملاحظ وجود ندرة شديدة بأحافير السميلودون الذي في سنّ الصِّغَر أو المراهقة، ممَّا يشير إلى أن أشبال هذا الحيوان كانت تبقى مختبئة في أوكارها عندما يخرجُ آباؤها للصَّيْد، وممَّا يشير - أيضاً - إلى أن الشِّبْل كان يعتمدُ على والديه في تأمينِ الطعام له حتى اكتمال نموّ أنيابه.[69][70][71]

وقد توصَّلت دراسة مُجرَاة في عام 2017 إلى أن أشبال السميلودون كانت تُولَدُ ولها بناءٌ جسديّ قويّ مماثلٌ لجسد السميلودون البالغ. وقد أظهرت مقارنة عظام السميلودون الفتّاك المكتشفة في حفرة قطران لابريا مع عظام الأسد الأمريكي (وهو حيوانٌ منقرض آخر من الفترة ذاتها) أن صغار هذين الحيوانَيْن كانت تنمو بمُعدَّلٍ متماثل. ويتشابهُ معدل نموّها - بالمثل - مع السنوريات الحديثة مثل الببور والكوجر، ولكن صغار السميلودون والأسد الأمريكي المنقرضَيْن كانت تكتسبُ قُوّة وكتلة عضلية أكبر بالإجمال.[72]

الأمراض

تظهرُ في العديد من أحافير السميلودون المكتشفة آثارٌ لأمراضٍ وعللٍ منها التهاب الفقار القسطي وفرط التعظم والجِرَاح[73] وكذلك التهاب المفاصل في بعض الحالات (ممَّا نجمَ عنه اندماجُ لبعض فقرات العمود الفقريّ مع بعضها). وقد وجدت إحدى الدراسات، بعد معاينة 1,000 جمجمة من جماجم السميلودون، أن عظم الجمجمة الجداري يتآكل في 30% من الحالات، وهذا العظم هو نقطة الاتصال بين أكبر عضلات الفك. كما قد وُجِدَت في أحافير السميلودون المستخرجة علاماتٍ على كسورٍ مجهرية وضعف والتواءات في العظام، وهي ما نتجَ - على الأرجح - عن الضغط الميكانيكي المتكرّر الذي يقعُ على هذه العظام أثناء طعنِ السميلودون لفريسته بأنيابه الكبيرة.[74] ومن الشائع كذلك العثور على حالاتٍ مَرَضِيَّة في أحافير السميلودون المستخرجة من حفر قطران لابريا اندمجت فيها العضلة المثلثة بعظم العضد، وهو ما قد يكونُ حدث بفعل قوة الشدّ الواقعة على ساقَيْ الحيوان الأماميَّتين عندما يحاول جرّ فريسته وتثبيتها بالأرض. كما أن إصاباتِ عظم القص شائعة في هذه الأحافير، والتي وقعت - غالبًا - أثناء اصطدام السميلودون مع حيوانٍ يطارده. كما تدلّ العلامات المتروكة على بعضِ العظام بأن حيوان سميلودون آخر قد عضَّها، ففي إحدى الجماجِم اكتشفت علامة جرحٍ غير مُعَافى تركهُ ناب سميلودون آخر، وكان الجُرْح قاتلًا على الأرجح، كما اكتشفت عظمة كتفٍ لسميلودون اخترقها نابٌ لعدوّ من بني جنسه.[44] ويمكنُ تحديد مُعدَّل الإصابات في بقايا السميلودون المكتشفة بنحو 4.3%، مقارنة بنسبة 2.8% في أحافير الذئب الرهيب المعروفة، ممَّا يشيرُ إلى أنَّ أسلوب السميلودون في الصَّيْد (وهو الاختباءُ ونشبُ كمينٍ لضحيَّته) كان يؤدّي لتعرّضه لإصاباتٍ كثيرة مقارنة بأسلوب الذئاب، التي تطارد فرائسها في بيئاتٍ مفتوحة. كما تظهرُ في أحافير السميلودون علاماتٌ أكثر على جراح الكتف والفقرة القطنية.[75]

الانتشار والموئل

سميلودونٍ فتَّاكٍ في وضعيَّة التسلُّق، معروضٌ في متحف كليڤلاند لِلتاريخ الطبيعي، في مدينة كليڤلاند بِولاية أوهايو الأمريكيَّة.

عاشت السميلودونات خلال العصر الحديث الأقرب (الپليستوسيني)، أي خِلال الفترة المُمتدَّة بين 2.5 ملايين سنة و10,000 سنة، ويغلب الظن أنها كانت آخر السنوريَّات سيفيَّة الأسنان.[23] يُحتملُ أنَّ السميلودونات عاشت في موائل طبيعيَّة كثيفة الغطاء النباتي، كالغابات وأراضي الأشجار القمئيَّة،[76] وقد اكتُشفت مُستحاثاتها عبر مُختلف المناطق والأقاليم في الأمريكتين.[3] سمح تنُّوع الأقاليم المُناخيَّة والموائل الطبيعيَّة في أمريكا الشماليَّة بِإمكانيَّة عيش السميلودون إلى جانب سنوريَّاتٍ أُخرى سيفيَّة الأسنان، من شاكلة السنوريَّات حرابيَّة الأسنان والسنوريَّات إزميليَّة الأسنان، وتقاسمت هذه الكائنات الموائل الطبيعيَّة المُختلفة في أمريكا الشماليَّة، من الغابات شبه الاستوائيَّة والسڤناء في الجنوب، إلى سُهُوب الماموث الجرداء في الشمال. كان نصيب السميلودونات من هذه الموائل المناطق المُعتدلة في جنوب غرب القارَّة، ذات المزيج الفُسيفسائي من الأحراج والآجام والأعشاب، حيثُ استوطنت طائفةٌ واسعةٌ من العواشب الضخمة، من شاكلة: الأحصنة البريَّة، والبياسن، والوُعُول شائكة القُرُون، والأيائل، والجِمال، والمواميث، والصناجات (المستدونات)، والبهاضم (الكسلانات الأرضيَّة). شاركت السميلودونات موطنها الأمريكي الشمالي هذا مجموعاتٌ أُخرى من اللواحم، أبرزها الذئاب الرهيبة والدببة قصيرة الوجه والأُسُود الأمريكيَّة.[13][60][77] ويُعتقد أنَّ التنافس الشرس على الطرائد، بين هذه اللواحم، حال دون ازدياد حجم السميلودون الفتَّاك في أمريكا الشماليَّة، وبُلُوغه ذات حجم نسيبه المُدمِّر في أمريكا الجنوبيَّة. تماثُل أحجام السميلودونات الفتَّاكة والأُسُود الأمريكيَّة يُفيد بِأنَّ كلا النوعان كانا يقومان بِذات الدور البيئي، وبتعبيرٍ آخر كانت تفترس نفس أنواع الطرائد، ومعنى هذا أنها كانت في تنافُسٍ مُباشرٍ مع بعضها.[78]

عبر السميلودون النحيل إلى أمريكا الجنوبيَّة خلال الفترة المُمتدَّة بين أوائل وأواسط العصر الحديث الأقرب (الپليستوسيني)، ويغلب الظن أنَّ هذه الجمهرة العابرة إلى تلك القارَّة نشأت منها السميلودونات المُدمِّرة، التي عاشت في القسم الشرقي من القارَّة المذكورة. بِدورها، عبرت السميلودونات الفتَّاكة إلى أمريكا الجنوبيَّة في أواخر العصر سالف الذِكر، فاستوطنت القسم الغربي من القارَّة، فكانت جبال الأنديز الحد الفاصل بين موطني النوعين.[8][16][23] غير أنَّ اكتشاف جُمجُمةٍ تعودُ لِسميلودونٍ فتَّاكٍ في الأوروغواي شرق الأنديز، في سنة 2018، وضع فكرة انفصال النوعين جُغرافيًّا موضع شك.[79] نجم عن اتصال الأمريكتين حُصُول تبادلٍ أحيائيٍّ بين القارَّتين، فعبرت أنواعٌ من الحيوانات من أمريكا الشماليَّة إلى الجنوبيَّة والعكس، ومن الأنواع الدخيلة على أمريكا الجنوبيَّة: الفيلة والأحصنة والجِمال والأيائل، التي عاشت في مُروج القارَّة الجديدة جنبًا إلى جنب مع الأنواع البلديَّة. وفي تلك الفترة كانت اللواحم الأمريكيَّة الجنوبيَّة المُنتمية لِفرع فوق الوحشيَّات قد انقرضت، فوجدت اللواحم الأمريكيَّة الشماليَّة أن الفُرصة سانحة لِتحُل مكانها، فعبرت الكلبيَّات والدببة والسنوريَّات الكبيرة - بما فيها السميلودون - إلى موطنها الجديد، وانتشرت في مُختلف أرجائه.[13]

نموذجٌ تخيُليٌّ (غير سليم الإنشاء) عن السميلودون المُدمِّر الأمريكي الجنوبي.

عرف السميلودون المُدمِّر انتشارا كبيرًا في أمريكا الجنوبيَّة، كان بِمثابة إشارةٍ إلى انتشار هذا الجنس ككُل مُقارنةً بِغيره من السنوريَّات سيفيَّة الأسنان، من شاكلة حرابيَّة الأسنان، التي لم تعبر إلى أمريكا الجنوبيَّة على الإطلاق. اعتبر بعض العُلماء أنَّ انتشار السميلودون في أمريكا الجنوبيَّة أدَّى إلى انقراض جُمهرتها من الجرابيَّات اللاحمة سيفيَّة الأسنان، غير أنَّ هذا يبدو غير صحيحًا، إذ يظهر بِأنَّ تلك اللواحم انقرضت قبل مجيء السنوريَّات بِفترة، ويجوز أنَّ عُبُور السميلودونات أثَّر على طُيُور الرُعب اللاحمة الكبيرة، كونها حلَّت مكان الجرابيَّات المُفترسة كضوارٍ رئيسيَّةٍ في أمريكا الجنوبيَّة بعد انقراض الأخيرة، وما أن أتت السميلودونات حتَّى نافستها مُباشرةً على الفرائس.[13] يُحتمل أنَّ السميلودون المُدمِّر فاق نسيبهُ الفتَّاك حجمًا كونه لم يتعرَّض لِمُنافسةٍ شرسةٍ من الضواري البلديَّة الأمريكيَّة الجنوبيَّة، فالجرابيَّات اللاحمة كانت قد اندثرت، وطُيُور الرُعب لم تكُن مُنافسة قديرة لِلسنوريَّات، وكانت الأنواع المحليَّة من الدببة العملاقة قصيرة الوجه قد انقرضت هي الأُخرى، فوجدت السميلودونات الميدان خاليًا أمامها، وهيمنت على كائنات القارَّة، وأصبحت المُفترسة العُظمى فيها.[78] تُظهرُ الاكشافات الأُحفوريَّة أنَّ السميلودونات المُدمِّرة كانت تُفضِّلُ صيد الطرائد الضخمة ساكنة الموائل الطبيعيَّة المكشوفة، كالأراضي العُشبيَّة والسُهُول، وأكَّدت هذا الأمر نتائج دراساتٍ أُجريت على نسب النظائر الكيميائيَّة المُستخرجة من المُستحاثات، لِتحديد طبيعة غذاء هذه الحيوانات. بناءً على هذا، يصحُّ القول أنَّ سميلودونات أمريكا الجنوبيَّة كانت تعيشُ حياةً أشبه بِحياة الأُسُود المُعاصرة. يُعتقدُ أنَّ أبرز مُنافسات السميلودون في أمريكا الجنوبيَّة كانت كلبيَّاتٌ بائدة تنتمي إلى جنس «الكلاب العتيقة» (الاسم العلمي: Protocyon)، ولا يبدو أنَّ اليغور كان من ضمن مُنافسيها، إذ أنَّ اليغاور اقتاتت على فرائس أصغر حجمًا لم تُعرها السميلودونات اهتمامًا.[80][81]

الانقراض

رسمٌ من سنة 1880 لِهيكلٍ عظميّ لِسميلودونٍ مُدمِّرٍ.

انقرضت جميع أنواع السميلودونات إلى جانب كُل الحيوانات الپليستوسينيَّة الضخمة مُنذُ حوالي 10,000 سنة، في حدث انقراضٍ جماعيٍّ يُطلق عليه حدث انقراض الدهر الرُباعي. يُعزى انقراضُ هذه الحيوانات إلى اختفاء طرائدها الضخمة وحُلُول أُخرى أصغر حجمًا وأكثر رشاقةً منها، كالأيائل. ونظرًا لِأنَّ السميلودونات كانت مُتخصصة في صيد الطرائد الكبيرة وتعتمد عليها اعتمادًا كُليًا في غذائها، يبدو أنها فشلت في التأقلم مع الأوضاع البيئيَّة الجديدة، ولم تعد قادرة على تأمين حاجتها من القوت، فنفقت تدريجيًّا حتَّى اختفت من على وجه الأرض.[47] غير أنَّ إحدى الدراسات التي أُجريت سنة 2012 على سن سميلودونٍ، خلُصت إلى أنَّ هذه الكائنات لم تتأثَّر بِتراجع أعداد الطرائد، وأنها كانت تتغذى بِشكلٍ جيِّد، لِذا رأى العُلماء أنَّ انقراض السميلودون قد يكون بِسبب التغيُّر المُناخي والمُنافسة المُباشرة مع البشر على الفرائس،[82] لا سيَّما وأنَّ البشر عبروا في تلك الفترة إلى أمريكا الشماليَّة، وقد يجوز أن يكون انقراضُها نتيجة تضافر عوامل عدَّة عوض أن يكون نتيجة عاملٍ واحدٍ فقط، وقد تكون هذه العوامل مُجتمعةً هي ما أدَّى إلى انقراض كُل البهائم الضخمة في أمريكا الشماليَّة في آنِ، بما فيها السنوريَّات سيفيَّة الأسنان.[83]

افترض بعض العُلماء قديمًا أنَّ آخر السنوريَّات سيفيَّة الأسنان، أي السميلودونات وحرابيَّات الأسنان، انقرضت نتيجة تنافُسها على الغذاء مع السنوريَّات الحديثة الأسرع والأكثر اعتمادًا على طوائف مُتنوِّعة من الطرائد، فحلَّت هذه الأخيرة مكانها رويدًا رويدًا. حتَّى أنَّ البعض الآخر من العُلماء اعتبر السنوريَّات سيفيَّة الأنياب أقل شأنًا من نظيراتها المُعاصرة، وقال أنها لم تكن تتغذى جيدًا بفعل حيلولة أنيابها الطويلة دون اقتياتها بِالشكل المُلائم. لكنَّ انقراض سنوريَّاتٍ أُخرى لا سيفيَّة الأسنان شاركت السميلودون موطنه، من شاكلة الأُسُود والفُهُود الأمريكيَّة، في نفس الفترة الزمنيَّة التي انقرضت خلالها السميلودونات، يُؤكِّد عدم صحَّة نظريَّة تفوُّق السنوريَّات المُعاصرة على سيفيَّات الأسنان، كما أنَّ تطوُّر ونُشوء هذه السمة الأحيائيَّة عدَّة مرَّات عبر التاريخ، يُؤكِّد بأنها ليست سمة فاشلة أحيائيًّا.[83]

أحدث مُستحاثات السميلودون الفتَّاك المُستخرجة من حُفر قطران لابريا، قُدِّر عُمرها بحوالي 13,025 سنة.[84] أمَّا أحدث مُستحاثات السميلودون المُدمِّر المُكتشفة فقد عُثر عليها في كهف «كويڤا دل ميدو» على مقرُبة من بلدة «سوريا» شمال شرق مُحافظة أولتيما إسپرانزا في إقليم ماجلَّان بِأقصى جنوب التشيلي، وقُدِّر عُمرها بما بين 10,935 و11,209 سنة.[85]

انظر أيضًا

مراجع

حاشية

بِاللُغة الإنگليزيَّة

  1. Antón 2013، صفحات 3–26.
  2. Lund, P. W. (1842)، Blik paa Brasiliens Dyreverden för sidste Jordomvæltning (باللغة الدنماركيَّة)، Copenhagen: Det Kongelige Danske Videnskabernes Selskabs Naturvidenskabelige og Matematiske Afhandlinger، ص. 54–57.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: لغة غير مدعومة (link)
  3. Berta, A. (1985)، "The status of Smilodon in North and South America" (PDF)، Contributions in Science, Natural History Museum of Los Angeles County، 370: 1–15، مؤرشف من الأصل (PDF) في 25 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  4. Antón 2013، صفحات 108–154.
  5. Leidy, J. (1869)، "The extinct mammalian fauna of Dakota and Nebraska: Including an account of some allied forms from other localities, together with a synopsis of the mammalian remains of North America"، Journal of the Academy of Natural Sciences of Philadelphia، 7: 366–367، doi:10.5962/bhl.title.20910، مؤرشف من الأصل في 7 ديسمبر 2019.
  6. Hulbert, R. C. (23 أبريل 2013)، "Smilodon fatalis Leidy, 1868"، Florida Museum of Natural History، مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 2015، اطلع عليه بتاريخ 01 مايو 2013.
  7. Cope, E. D. (ديسمبر 1880)، "On the extinct cats of America"، The American Naturalist، 14 (12): 833–858، doi:10.1086/272672، JSTOR 2449549.
  8. Kurtén؛ Werdelin (1990)، "Relationships between North and South American SmilodonJournal of Vertebrate Paleontology، 10 (2): 158–169، doi:10.1080/02724634.1990.10011804، JSTOR 4523312.
  9. Kurten؛ Anderson (1980)، Pleistocene Mammals of North America، New York: Columbia University Press، ص. 186–188، ISBN 978-0-231-03733-4، مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020.
  10. Berta, A. (1987)، "The sabercat Smilodon gracilis from Florida and a discussion of its relationships (Mammalia, Felidae, Smilodontini)"، Bulletin of the Florida State Museum، 31: 1–63، مؤرشف من الأصل في 13 أكتوبر 2019.
  11. Churcher, C. S. (1984)، "The status of Smilodontopsis (Brown, 1908) and Ischyrosmilus (Merriam, 1918): a taxonomic review of two genera of sabretooth cats (Felidae, Machairodontinae)"، Royal Ontario Museum Life Sciences Contributions، 140: 14–34، doi:10.5962/bhl.title.52222، ISBN 978-0-88854-305-9، مؤرشف من الأصل في 14 أكتوبر 2018.
  12. Meehan؛ Martin (2003)، "Extinction and re-evolution of similar adaptive types (ecomorphs) in Cenozoic North American ungulates and carnivores reflect van der Hammen's cycles"، Die Naturwissenschaften، 90 (3): 131–135، Bibcode:2003NW.....90..131M، doi:10.1007/s00114-002-0392-1 (غير نشط 29 يوليو 2017)، PMID 12649755، مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2018.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة CS1: وصلة دوي غير نشطة منذ 2017 (link)
  13. Antón 2013، صفحات 65–76.
  14. Christiansen, P. (2008)، "Evolution of skull and mandible shape in cats (Carnivora: Felidae)"، PLoS ONE، 3 (7): e2807، Bibcode:2008PLoSO...3.2807C، doi:10.1371/journal.pone.0002807.
  15. Paijmans؛ Barnett؛ Gilbert؛ Zepeda-Mendoza؛ Reumer؛ de Vos؛ Zazula؛ Nagel؛ Baryshnikov؛ Leonard, J. A.؛ Rohland, N.؛ Westbury, M. V.؛ Barlow, A.؛ Hofreiter, M. (19 أكتوبر 2017)، "Evolutionary History of Saber-Toothed Cats Based on Ancient Mitogenomics"، Current Biology، doi:10.1016/j.cub.2017.09.033.
  16. Rincón؛ Prevosti؛ Parra (2011)، "New saber-toothed cat records (Felidae: Machairodontinae) for the Pleistocene of Venezuela, and the Great American Biotic Interchange"، Journal of Vertebrate Paleontology، 31 (2): 468–478، doi:10.1080/02724634.2011.550366، JSTOR 25835839.
  17. Ascanio؛ Rincón (2006)، "A first record of the Pleistocene saber-toothed cat Smilodon populator Lund, 1842 (Carnivora: Felidae: Machairodontinae) from Venezuela"، Asociación Paleontologica Argentina، 43 (2): 499–501، ISSN 1851-8044، مؤرشف من الأصل في 18 يناير 2020.
  18. de Castro؛ Langer (2008)، "New postcranial remains of Smilodon populator Lund, 1842 from South-Central Brazil" (PDF)، Revista Brasileira de Paleontologia، 11 (3): 199–206، doi:10.4072/rbp.2008.3.06، مؤرشف من الأصل (PDF) في 2 يونيو 2018.
  19. "What Is a Sabertooth?"، University of California Museum of Paleontology، ديسمبر 2005، مؤرشف من الأصل في 03 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 يونيو 2012.
  20. Janczewski؛ Yuhki؛ Gilbert؛ Jefferson؛ O'Brien (1992)، "Molecular phylogenetic inference from saber-toothed cat fossils of Rancho La Brea"، Proceedings of the National Academy of Sciences، 89 (20): 9769–9773، Bibcode:1992PNAS...89.9769J، doi:10.1073/pnas.89.20.9769، PMC 50214، PMID 1409696.
  21. Barnett؛ Barnes؛ Phillips؛ Martin؛ Harington؛ Leonard؛ Cooper (2005)، "Evolution of the extinct sabretooths and the American cheetah-like cat"، Current Biology، 15 (15): R589–R590، doi:10.1016/j.cub.2005.07.052، PMID 16085477.
  22. van den Hoek Ostende؛ Morlo؛ Nagel (2006)، "Majestic killers: the sabre-toothed cats (Fossils explained 52)"، Geology Today، 22 (4): 150–157، doi:10.1111/j.1365-2451.2006.00572.x.
  23. Turner؛ Antón (1997)، The Big Cats and Their Fossil Relatives: An Illustrated Guide to Their Evolution and Natural History، Columbia University Press، ص. 57–58, 67–68، ISBN 978-0-231-10229-2، OCLC 34283113، مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020.
  24. Slater؛ Valkenburgh (2008)، "Long in the tooth: evolution of sabertooth cat cranial shape"، Paleobiology، 34 (3): 403–419، doi:10.1666/07061.1، ISSN 0094-8373.
  25. Van Valkenburgh؛ Sacco (2002)، "Sexual dimorphism, social behavior and intrasexual competition in large Pleistocene carnivorans"، Journal of Vertebrate Paleontology، 22 (1): 164–169، doi:10.1671/0272-4634(2002)022[0164:sdsbai]2.0.co;2، JSTOR 4524203.
  26. Meachen-Samuels؛ Binder (2010)، "Sexual dimorphism and ontogenetic growth in the American lion and sabertoothed cat from Rancho La Brea"، Journal of Zoology، 280 (3): 271–279، doi:10.1111/j.1469-7998.2009.00659.x.
  27. Christiansen؛ Harris (2012)، "Variation in Craniomandibular Morphology and Sexual Dimorphism in Pantherines and the Sabercat Smilodon fatalis"، PLoS ONE، 7 (10): e48352، Bibcode:2012PLoSO...748352C، doi:10.1371/journal.pone.0048352، PMC 3482211، PMID 23110232.
  28. Christiansen؛ Harris (2005)، "Body size of Smilodon (Mammalia: Felidae)"، Journal of Morphology، 266 (3): 369–84، doi:10.1002/jmor.10384، PMID 16235255.
  29. "Saber-Toothed Cat, Smilodon fatalis"، San Diego Zoo Global، يناير 2009، مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2018، اطلع عليه بتاريخ 07 مايو 2013.
  30. Sorkin, B. (2008)، "A biomechanical constraint on body mass in terrestrial mammalian predators"، Lethaia، 41 (4): 333–347، doi:10.1111/j.1502-3931.2007.00091.x، مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020.
  31. "Hallazgo inédito en Miramar: huellas fosilizadas de un gran tigre dientes de sable"، 0223.com.ar (باللغة الإسپانية)، 0223، 26 مايو 2016، مؤرشف من الأصل في 22 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 28 مايو 2016.{{استشهاد بخبر}}: صيانة CS1: لغة غير مدعومة (link)
  32. Perkins, Sid (10 يونيو 2016)، "First fossil footprints of saber-toothed cats are bigger than Bengal tiger paws"، Science، doi:10.1126/science.aag0602 (غير نشط 3 يناير 2017)، مؤرشف من الأصل في 07 نوفمبر 2018.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: وصلة دوي غير نشطة منذ 2017 (link)
  33. Miller, G. J. (1969)، "A new hypothesis to explain the method of food ingestion used by Smilodon californicus Bovard"، Tebiwa، 12: 9–19.
  34. Antón؛ García-Perea؛ Turner (1998)، "Reconstructed facial appearance of the sabretoothed felid SmilodonZoological Journal of the Linnean Society، 124 (4): 369–386، doi:10.1111/j.1096-3642.1998.tb00582.x.
  35. Antón 2013، صفحات 157–176.
  36. Allen؛ Cuthill؛ Scott-Samuel؛ Baddeley (2010)، "Why the leopard got its spots: relating pattern development to ecology in felids"، Proceedings of the Royal Society B، 278 (1710): 1373–1380، doi:10.1098/rspb.2010.1734، PMC 3061134، PMID 20961899.
  37. Coltrain؛ Harris؛ Cerling؛ Ehleringer؛ Dearing؛ Ward؛ Allen (2004)، "Rancho La Brea stable isotope biogeochemistry and its implications for the palaeoecology of late Pleistocene, coastal southern California" (PDF)، Palaeogeography, Palaeoclimatology, Palaeoecology، Elsevier، 205 (3–4): 199–219، doi:10.1016/j.palaeo.2003.12.008، مؤرشف من الأصل (PDF) في 29 مايو 2013.
  38. Fennec, R. S. (2005)، "Growth rate and duration of growth in the adult canine of S. gracilis and inferences on diet through stable isotope analysis"، Feranec Bull FLMNH، 45 (4): 369–377.
  39. Gillette؛ Ray (1981)، "Glyptodonts of North America"، Smithsonian Contributions to Paleobiology (40): 28–34، doi:10.5479/si.00810266.40.1.
  40. Antón 2013، صفحات 203–204.
  41. Vanvalkenburgh؛ Hertel (1993)، "Tough times at la brea: tooth breakage in large carnivores of the late Pleistocene"، Science، 261 (5120): 456–459، Bibcode:1993Sci...261..456V، doi:10.1126/science.261.5120.456، PMID 17770024.
  42. Van Valkenburgh؛ Teaford؛ Walker (1990)، "Molar microwear and diet in large carnivores: inferences concerning diet in the sabretooth cat, Smilodon fatalisJournal of Zoology، 222 (2): 319–340، doi:10.1111/j.1469-7998.1990.tb05680.x.
  43. Van Valkenburgh, B. (1991)، "Iterative evolution of hypercarnivory in canids (Mammalia: Carnivora): evolutionary interactions among sympatric predators"، Paleobiology، 17 (4): 340–362، JSTOR 2400749.
  44. Antón 2013، صفحات 176–216.
  45. Gonyea, W. J. (1976)، "Behavioral implications of saber-toothed felid morphology"، Paleobiology، 2 (4): 332–342، JSTOR 2400172.
  46. Anton, Mauricio (2013)، Sabertooth.
  47. Meachen-Samuels؛ Van Valkenburgh (2010)، "Radiographs reveal exceptional forelimb strength in the sabertooth cat, Smilodon fatalis"، PLoS ONE، 5 (7): e11412، Bibcode:2010PLoSO...511412M، doi:10.1371/journal.pone.0011412، ISSN 1932-6203، PMC 2896400، PMID 20625398.
  48. McHenry؛ Wroe؛ Clausen؛ Moreno؛ Cunningham (2007)، "Supermodeled sabercat, predatory behavior in Smilodon fatalis revealed by high-resolution 3D computer simulation"، PNAS، 104 (41): 16010–16015، Bibcode:2007PNAS..10416010M، doi:10.1073/pnas.0706086104، PMC 2042153، PMID 17911253، مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  49. Anyonge, W. (1996)، "Microwear on canines and killing behavior in large carnivores: saber function in Smilodon fatalis" (PDF)، Journal of Mammalogy، 77 (4): 1059–1067، doi:10.2307/1382786، JSTOR 1382786، مؤرشف من الأصل (PDF) في 9 ديسمبر 2017.
  50. Macchiarelli؛ Brown (2014)، "Jaw function in Smilodon fatalis: a reevaluation of the canine shear-bite and a proposal for a new forelimb-powered class 1 lever model"، PLoS ONE، 9 (10): e107456، Bibcode:2014PLoSO...9j7456B، doi:10.1371/journal.pone.0107456، ISSN 1932-6203، PMC 4182664، PMID 25272032.
  51. Figueirido؛ Lautenschlager؛ Pérez-Ramos؛ Van Valkenburgh (2018)، "Distinct Predatory Behaviors in Scimitar- and Dirk-Toothed Sabertooth Cats"، Current Biology، 28 (20): 3260–3266.e3، doi:10.1016/j.cub.2018.08.012، PMID 30293717.
  52. Macchiarelli؛ Brown (2014)، "Jaw function in Smilodon fatalis: a reevaluation of the canine shear-bite and a proposal for a new forelimb-powered class 1 lever model"، PLOS ONE، 9 (10): e107456، Bibcode:2014PLoSO...9j7456B، doi:10.1371/journal.pone.0107456، ISSN 1932-6203، PMC 4182664، PMID 25272032.
  53. Hecht, J. (1 أكتوبر 2007)، "Sabre-tooth cat had a surprisingly delicate bite"، New Scientist، مؤرشف من الأصل في 23 مايو 2015.
  54. Wroe, S.؛ McHenry2, C.؛ Thomason, J. (2004)، "Bite club: comparative bite force in big biting mammals and the prediction of predatory behaviour in fossil taxa" (PDF)، Proceedings of the Royal Society، مؤرشف من الأصل (PDF) في 25 أغسطس 2013.
  55. Christiansen, P. (2007)، "Comparative bite forces and canine bending strength in feline and sabretooth felids: implications for predatory ecology"، Zoological Journal of the Linnean Society، 151 (2): 423–437، doi:10.1111/j.1096-3642.2007.00321.x، مؤرشف من الأصل في 25 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  56. Andersson؛ Norman؛ Werdelin (2011)، "Sabretoothed carnivores and the killing of large prey"، PLoS ONE، 6 (10): e24971، Bibcode:2011PLoSO...624971A، doi:10.1371/journal.pone.0024971، PMC 3198467، PMID 22039403.
  57. Martin, L. D. (1980)، "Functional morphology and the evolution of cats"، Transactions of the Nebraska Academy of Sciences، 8: 141–154، مؤرشف من الأصل في 6 نوفمبر 2018.
  58. Figueirido؛ Lautenschlager؛ Pérez-Ramos؛ Van Valkenburgh (2018)، "Distinct Predatory Behaviors in Scimitar- and Dirk-Toothed Sabertooth Cats"، Current Biology، 28 (20): 3260–3266.e3، doi:10.1016/j.cub.2018.08.012، PMID 30293717.
  59. Shaw؛ Quinn (15 سبتمبر 2015)، John M. Harris (المحرر)، "The Addition of Smilodon fatalis (Mammalia: Carnivora: Felidae) to the Biota of the Late Pleistocene Carpinteria Asphalt Deposits in California, with Ontogenetic and Ecologic Implications for the Species" (PDF)، Science Series 42، Natural History Museum of Los Angeles County، Contributions in Science (A special volume entitled La Brea and Beyond: the Paleontology of Asphalt-Preserved Biotas in commemoration of the 100th anniversary of the Natural History Museum of Los Angeles County's excavations at Rancho La Brea): 91–95، مؤرشف من الأصل (PDF) في 25 ديسمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Cite journal requires |journal= (مساعدة)، تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  60. Antón 2013، صفحات 30–33.
  61. Carbone؛ Maddox؛ Funston؛ Mills؛ Grether؛ Van Valkenburgh (2009)، "Parallels between playbacks and Pleistocene tar seeps suggest sociality in an extinct sabretooth cat, Smilodon"، Biology Letters، 5 (1): 81–85، doi:10.1098/rsbl.2008.0526، PMC 2657756، PMID 18957359.
  62. Kiffner, C. (2009)، "Coincidence or evidence: was the sabretooth cat Smilodon social?"، Biology Letters، 5 (4): 561–562، doi:10.1098/rsbl.2009.0008، PMC 2781900، PMID 19443504.
  63. Van Valkenburgh؛ Maddox؛ Funston؛ Mills؛ Grether؛ Carbone (2009)، "Sociality in Rancho La Brea Smilodon: arguments favour 'evidence' over 'coincidence'"، Biology Letters، 5 (4): 563–564، doi:10.1098/rsbl.2009.0261.
  64. Heald, F. (1989)، "Injuries and diseases in Smilodon californicusJournal of Vertebrate Paleontology (Supplement)، 9: 24A.
  65. McCall؛ Naples؛ Martin (2003)، "Assessing behavior in extinct animals: was Smilodon social?"، Brain, Behavior and Evolution، 61 (3): 159–164، doi:10.1159/000069752، PMID 12697957.
  66. Radinsky, L. B. (1975)، "Evolution of the felid brain"، Brain, Behavior and Evolution، 11 (3–4): 214–254، doi:10.1159/000123636، PMID 1181005.
  67. Yamaguchi؛ Kitchener؛ Gilissen؛ MacDonald (2009)، "Brain size of the lion (Panthera leo) and the tiger (P. tigris): implications for intrageneric phylogeny, intraspecific differences and the effects of captivity"، Biological Journal of the Linnean Society، 98 (1): 85–93، doi:10.1111/j.1095-8312.2009.01249.x.
  68. Hearld؛ Shaw (1991)، "Sabertooth Cats"، في Seidensticker, J.؛ Lumpkin, S. (المحررون)، The Great Cats، Rodale Pr، ص. 26، ISBN 1-875137-90-4.
  69. "Dagger-like canines of saber-toothed cats took years to grow"، علم يوميا، 01 يوليو 2015، مؤرشف من الأصل في 02 يوليو 2015، اطلع عليه بتاريخ 02 يوليو 2015.
  70. Mihlbachler؛ Wysocki؛ Feranec؛ Tseng؛ Bjornsson (01 يوليو 2015)، "Using a novel absolute ontogenetic age determination technique to calculate the timing of tooth eruption in the saber-toothed cat, Smilodon fatalis"، PLoS ONE، 10 (7): e0129847، Bibcode:2015PLoSO..1029847W، doi:10.1371/journal.pone.0129847، PMC 4489498، PMID 26132165.
  71. Feranec, R. C. (2004)، "Isotopic evidence of saber-tooth development, growth rate, and diet from the adult canine of Smilodon fatalis from Rancho La Brea"، Palaeogeography, Palaeoclimatology, Palaeoecology، 206 (3–4): 303–310، doi:10.1016/j.palaeo.2004.01.009.
  72. Long؛ Prothero؛ Madan؛ Syverson؛ Smith (2017)، "Did saber-tooth kittens grow up musclebound? A study of postnatal limb bone allometry in felids from the Pleistocene of Rancho La Brea"، PLOS ONE، 12 (9): e0183175، doi:10.1371/journal.pone.0183175.
  73. Bjorkengren؛ Sartoris؛ Shermis؛ Resnick (1987)، "Patterns of paravertebral ossification in the prehistoric saber-toothed cat"، American Journal of Roentgenology، 148 (4): 779–782، doi:10.2214/ajr.148.4.779، PMID 3103404، مؤرشف من الأصل في 27 أبريل 2022.
  74. Duckler, G. L. (1997)، "Parietal depressions in skulls of the extinct saber-toothed felid Smilodon fatalis: evidence of mechanical strain"، Journal of Vertebrate Paleontology، 17 (3): 600–609، doi:10.1080/02724634.1997.10011006.
  75. Brown؛ Balisi؛ Shaw؛ Van Valkenburgh (2017)، "Skeletal trauma reflects hunting behaviour in extinct sabre-tooth cats and dire wolves"، Nature Ecology & Evolution، 1 (5): 0131، doi:10.1038/s41559-017-0131.
  76. Meloro؛ Elton؛ Louys؛ Bishop؛ Ditchfield (2013)، "Cats in the forest: predicting habitat adaptations from humerus morphometry in extant and fossil Felidae (Carnivora)"، Paleobiology، 39 (3): 323–344، doi:10.1666/12001.
  77. DeSantis؛ Schubert؛ Schmitt-Linville؛ Ungar؛ Donohue؛ Haupt (15 سبتمبر 2015)، John M. Harris (المحرر)، "Dental microwear textures of carnivorans from the La Brea Tar Pits, California and potential extinction implications" (PDF)، Science Series 42، Natural History Museum of Los Angeles County، Contributions in Science (A special volume entitled La Brea and Beyond: the Paleontology of Asphalt-Preserved Biotas in commemoration of the 100th anniversary of the Natural History Museum of Los Angeles County's excavations at Rancho La Brea): 37–52، مؤرشف من الأصل (PDF) في 20 ديسمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Cite journal requires |journal= (مساعدة)، تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  78. Sherani, S. (2016). A new specimen-dependent method of estimating felid body mass (No. e2327v2). PeerJ Preprints.
  79. Manzuetti؛ Perea؛ Ubilla؛ Rinderknecht (2018)، "First record of Smilodon fatalis Leidy, 1868 (Felidae, Machairodontinae) in the extra-Andean region of South America (late Pleistocene, Sopas Formation), Uruguay: Taxonomic and paleobiogeographic implications"، Quaternary Science Reviews، 180: 57–62، Bibcode:2018QSRv..180....1M، doi:10.1016/j.quascirev.2017.11.024.
  80. Bocherens؛ Cotte؛ Bonini؛ Scian؛ Straccia؛ Soibelzon؛ Prevosti (24 أبريل 2016)، "Paleobiology of sabretooth cat Smilodon population in the Pampean Region (Buenos Aires Province, Argentina) around the Last Glacial Maximum: Insights from carbon and nitrogen stable isotopes in bone collagen"، Palaeogeography, Palaeoclimatology, Palaeoecology، 449: 463–474، doi:10.1016/j.palaeo.2016.02.017.
  81. Hays, B. (21 مارس 2016)، "Saber-toothed cats were the lions of prehistoric South America"، UPI Science News، UPI، مؤرشف من الأصل في 10 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 19 أبريل 2016.
  82. DeSantis؛ Schubert؛ Scott؛ Ungar (2012)، "Implications of diet for the extinction of saber-toothed cats and American lions"، PLoS ONE، 7 (12): e52453، Bibcode:2012PLoSO...752453D، doi:10.1371/journal.pone.0052453، PMC 3530457، PMID 23300674.
  83. Antón 2013، صفحات 217–230.
  84. O'Keefe؛ Fet؛ Harris (2009)، "Compilation, calibration, and synthesis of faunal and floral radiocarbon dates, Rancho La Brea, California"، Contributions to Science، 518: 1–16.
  85. Prieto؛ Labarca؛ Sierpe (2010)، "New evidence of the sabertooth cat Smilodon (Carnivora: Machairodontinae) in the late Pleistocene of southern Chilean Patagonia"، Revista chilena de historia natural، 83 (2)، doi:10.4067/S0716-078X2010000200010.

بِاللُغة العربيَّة

  1. عبد الرزاق نوفل (1998)، من الآيات العلمية، مكتبة الأنجلو المصرية، مؤرشف من الأصل في 19 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 2 فبراير 2018.
  2. "أنياب نمر «سميلودون» طولها 18 سم"، صحيفة الخليج، 3 يوليو 2015، مؤرشف من الأصل في 18 سبتمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 2 فبراير 2018.
  3. البعلبكي، مُنير (1994قاموس المورد: قاموس إنكليزي - عربي (ط. الثامنة والعُشرون)، بيروت - لُبنان: دار العلم للملايين، ص. 523 و970. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  4. پمبرتون، جون لي؛ الخطيب، أحمد شفيق (1997الأُسُود والنُمُور، بيروت - لُبنان: مكتبة لُبنان ناشرون، ص. 22 - 23 و36 - 37. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  5. الخطيب، أحمد شفيق (2002موسوعة الطبيعية المُيسَّرة (ط. الثانية)، بيروت - لُبنان: مكتبة لُبنان ناشرون، ص. 216 و218. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)

طالع أيضًا

  • Antón, M. (2013)، Sabertooth (ط. الأولى)، Bloomington: Indiana University Press، ISBN 978-0-253-01042-1، OCLC 857070029، مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020.

وصلات خارجيَّة

  • بوابة علم الحيوان
  • بوابة سنوريات
  • بوابة ثدييات
  • بوابة علم الأحياء القديمة
  • بوابة الأمريكيتان
  • بوابة الأنواع المنقرضة والمهددة بالانقراض

This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.