كارولنجيون
السلالة الكارولنجية (وتُعرف أيضًا بالكارلوفنجية) هي عائلة نبيلة إفرنجية، سُميت بهذا الاسم تيمنًا بشارلمان، حفيد شارل مارتيل عمدة القصر، سليل العشيرتين البيبينية والأرنولفنجية من القرن السابع ميلادي.[1] رسّخت العائلة سلطتها في القرن الثامن، وتوارث أفرادها منصبي عمدة القصر ودوق الفرنجة، فأصبحوا حكّام الفرنجة بحكم الأمر الواقع، وكانوا أصحاب السلطة الحقيقية خلف عرش السلالة الميروفنجية. حكمت السلالة الميروفنجية الفرنجة الجرمان، لكنها خُلعت عن العرش عام 751 عبر اتفاق بين البابا والأرستقراطيين، فتُوّج بيبان القصير -ابن شارل مارتيل- ملكًا على الفرنجة. وصلت السلالة الكارولنجية إلى ذروة قوتها في العام 800، عندما تُوّج شارلمان أول إمبراطورٍ على الرومان في الغرب منذ 3 قرون. أدت وفاته عام 814 إلى فترة طويلة من تجزئة الإمبراطورية الكارولنجية وانحدارها، انتهت بصعود مملكة فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة.
كارولنجيون | |
---|---|
الدولة | الإمبراطورية الكارولنجية |
الاسم
اتخذت السلالة الكارولنجية اسمها من كارولوس، وهو الاسم اللاتيني لشارل مارتيل، الحاكم الفعلي للفرنجة منذ عام 718 وحتى وفاته. أما الاسم «كارولنجي» يعني «عائلة شارل» (karolingi في لاتينية العصور الوسطى، فهو شكل محرّف عن كلمة karling أو kerling غير الموثقة باللغة الألمانية العليا القديمة، والتي تعني «سليل شارل»).[2][3][4]
تاريخ
بيبان الأول وأرنولف من متز
يبدأ نسل الكارولنجيين من عائلتين إفرنجيتين متنافستين، كان لهما أهمية كبيرة، هما العائلتان البيبينية والأرنولفنجية، بعد أن تداخلت اقدارهما في أوائل القرن السابع. جاءت العائلتان النبيلتان من الحدود الغربية لأرض أوستراسيا بين نهري الميز والموزيل، شمال مدينة لياج.[5]
كان بيبان الأول من لاندن وأرنولف من متز أول شخصيتين بارزتين من العائلة، وهما الاسمان اللذان اتخذهما المؤرخون لقبًا للعائلتين، وظهر اسمهما للمرة الأول في الكتاب الرابع من مؤلف تأريخ فريدغر، فكان كل منهما مستشارًا لكلوتير الثاني ملك نيوستريا، والأخير هو من «حرض» على تمرد ضد الملك ثيودوريك الثاني وعقيلته الملكة برونهيلدا. بسبب المصالح المشتركة، تحالفت عائلتا بيبان وأرنولف عبر زواج أنسيغيزل بن أرنولف من بيغا بنت بيبان.[6]
كافأ كلوتير الرجلين على مساعدتهما في غزو أوستراسيا، فمنحهما منصبين مهمين في سلطة أوستراسيا. مع ذلك، كان أرنولف أول من حصل على المكاسب، فمنحه كلوتير أبرشية متز عام 614، وأوكل إليه مهمة إدارة متز، عاصمة أوستراسيا، وتعليم ابنه الأصغر الذي سيصبح لاحقًا الملك داجوبيرت الأول. بقي أرنولف في هذا المنصب حتى تقاعده عام 629 بعد وفاة كلوتير، فغادر حينها متجهًا إلى مجتمع كنسي قرب هابندوم، ودُفن لاحقًا في دير روميرمون بعد وفاته نحو العام 645.[7]
بيبان الأول (624-640)
لم يحصل بيبان على المكافآت فوريًا، لكنه مُنح أخيرًا منصب عمدة القصر في أوستراسيا عام 624. كانت هذه المكافأة شديدة الأهمية، فضمنت لبيبان منصبًا ذا شأن عظيم في البلاط الملكي الميروفنجي. كان دور عمدة القصر بمثابة وسيط بين الملك وأقطاب المملكة، وفق ما أوجزه البروفيسور بول فوريكر، وعُدّ العمدة «أهم شخصية غير ملكية في المملكة». لا يزال السبب وراء تأخر مكافأة بيبان غير مؤكدًا، وعلى الأرجح أن هذا المنصب تقلّده شخصيتان سابقًا، هما رادو (613 - نحو العام 617) وتشوكوس (نحو العام 617 - نحو العام 624)، ومن المحتمل أنهما تنافسا سياسيًا لتوطيد علاقتهما مع عائلة غندوين النبيلة في أوستراسيا. عندما انتُخب بيبان لهذا المنصب، أخلص في عمله تحت قيادة الملك كلوتير حتى وفاة الأخير عام 629، وعزز موقع سلطة عائلته في أوستراسيا عبر دعم داجوبيرت بن كلوتير عندما أصبح الأخير ملك أوستراسيا عام 623. استغل بيبان، بمساعدة أرنولف وأقطاب أوستراسيا، الفرصة لدعم اغتيال خصمه السياسي كرودالد، وهو لورد من عائلة أغيلولفينغ.[8]
تاريخ السلالة الكارولنجية
تمكن ملك الميروفنجي كلوتار الثاني من توحيد مملكة الفرنجة بعد أن قـُسمت إلى أربع مناطق على الأقل وفقاً للتقسيم بين أبناء الملك كلوفيس الأول. نجح كلوتار في ذلك بفضل الدعم من نبلاء أوستراسيا برئاسة بيبين لاندن وأرنولف متز. خلافا للملكة برونهيلدا، أعطى كلوتار صلاحيات واسعة للنبلاء، وكان بيبين وأرنولف أعضاء بارزين في حكمه. عند وفاة كلوتار (629)، تقاعد أرنولف في الدير، ويموت بعد ذلك بفترة وجيزة، بينما الملك الجديد داغوبيرت شاعراً ربما باضطهاد نبلاء أوستراسيا، نقل البلاط من متز إلى لوتيتيا (باريس) أخذاً معه بيبين، الذي كان له في العاصمة الجديدة دعم أقل ويمكن السيطرة عليه بسهولة أكثر. توفي داغوبيرت سنة 639 تاركاً أطفالاً وبعد عام مات بيبين أيضاً.
في 631، تولى غريموالد ابن بيبين لاندن منصب عمدة القصر، معتقداً أن الوقت قد حان للانقلاب، أراد تأمين العرش لابنه شيلدبرت. ولكن معارضة النبلاء ردت بشدة فقتل نجله غريموالد حوالي العام 656.
من الزواج من ابني بيبين وأرنولف، وُلد بيبين الثاني والد كارل مارتل. وكان لدى عُـمد القصر سلطات سياسية إدارية كبيرة مسؤولة عن ثروة الملك الشخصية التي لم تكن أقل من المملكة بأسرها. وكانوا يعينون الدوقات والكونتات، ويتفاوضون بشأن الاتفاقات مع الدول المجاورة، ويديرون الجيش، ويوسعون أراضي المملكة (وخاصة في فريزيا)، بل ووصلوا لدرجة اختيار الملوك الميروفنجيين.
كانت المملكة التي بدأ التعارف على تسميتها فرنسا قد تعرضت للهجوم سواءً من جانب الجماعات الجرمانية المسالمة حتى ذلك الوقت (كالألامانيين والبافاريين) أو من جانب المسلمين في الدولة الأموية في الأندلس الذين بانتصارهم على القوط الغربيين بإسبانيا حاليا صاروا على حدود دولة الفرنجة وشنوا الغزوات مراراً وتكراراً ووصلوا حتى ساحل بروفنسا المتوسطي في جنوب فرنسا . في هذا السياق المقلق أدرك النبلاء الفرنكيون حاجتهم إلى قائد قوي وسأمهم من الميروفنجيين (سـُمّوا آنذاك علناً بالملوك الكسالى) فاعترفوا بسلالة عـُمد قصر بيبين الأوسط القوية التي ورثت منه اسم البيبينيين. ولكونهم أيضاً أحفاد القديس «أرنولفو» سميوا أرنولفينجية.
شارلمان
كان شارلمان أعظم الملوك الكارولنجيين، الذي توجه البابا لاون الثالث إمبراطوراً في روما عام 800. كانت امبراطوريته ظاهرياً استمرار للامبراطورية الرومانية، أُشير إليها تأريخياً باسم الامبراطورية الكارولنجية. لم يتخل الأباطرة الكارولنجيون عن ممارسة التقاليد الإفرنجية (و الميروفنجية) بتقسيم الميراث بين الورثة، وإن كان مفهوم تجزئة الإمبراطورية مقبولاً أيضاً. كما جعل الكارولنجيون من أبنائهم ملوكا فرعيين في عدة مناطق من الإمبراطورية قد يرثونها بعد وفاة والدهم. بعد وفاة لويس الورع، تقاتل أبناءه الكارولنجيون الثلاثة البالغين والباقين على قيد الحياة بحرب أهلية دامت ثلاث سنوات لم تنته إلا بمعاهدة فردان التي قسمت الامبراطورية إلى ثلاث ممالك وحالة إمبراطورية توافقية وحكم اسمي للوثر الأول. تميز الكارولنجيون عن الميروفنجيون برفضهم توريث ابناً غير شرعي، ربما في محاولة لمنع الاقتتال بين الورثة ولضمان حد لتقسيم للمـُلك. ولكن في أواخر القرن التاسع استدعى عدم وجود مناسبين بالغين بين الكارولنجيين ارتقاء أرنولف كارينتيا، الابن غير الشرعي لملك كارولنجي شرعي.
انتقل الكارولنجيون في معظم أنحاء مـُلك الامبراطورية سنة 888. حكموا فرنسا الشرقية حتى عام 911 وأمسكوا بعرش فرنسا الغربية بشكل متقطع حتى سنة 987. رغم أنهم أكدوا على حقهم في الحكم وعلى الحق بميراثهم الممنوح إلاهياً وعلى تحالفهم المعتادة مع الكنيسة، فإنهم لم يستطيعوا تهميش مبدأ الملكية الانتخابية، وخذلتهم دعايتهم على مدى طويل. ظلت فروع كارولنجية تحكم في فرماندوا واللورين السفلي بعد وفاة الملك الأخير سنة 987، لكنهم لم يسعوا أبداً وراء عروش الإمارات وسالموا الأسر الحاكمة الجديدة. من تتويج روبير الثاني ملك فرنسا صغيراً حاكماً مشاركاً مع والده أوغو كابيه عميد سلالة الكابيتيون، فانتهى حكم الكارولنجيون.
خلال القرن العاشر الميلادي هاجم الفايكينغ البلاد الأوروبية آتين من سكاندنافيا وحكموها لفترة من الزمان ووصلول إلى البحر الأبيض المتوسط.
الملوك الكارولينجيون
في عام 751.م أعلن رئيس البلاط {بيبين الثالث القصير} عدم شرعية حكم شيلديريك الثالث لضعفه وعدم كفايته فخلعه بدعم من الباباوية في روما وتوّج نفسه ملكا على فرنسا ليكون أول الملوك الكارولنجيين.
- بيبين الثالث القصير 751 - 768.م
- كارلومان الأول 768 - 771.م
- شارلمان 768 - 814.م
- لويس الأول الورع 814 - 840.م
- لوثير الأول 840 - 855.م
- كارل الأول الأصلع 855 - 877.م
- لويس الثاني 877 - 879.م
- لويس الثالث 879 - 882.م
- كارلومان الثاني 879 - 884.م
- كارل البدين 884 - 888.م
- أودو {دخيل من أسرة كابيه} 888 - 898.م
- شارل الثالث البسيط 898 - 922.م
- روبرت الأول {من أسرة كابيه} 922 - 923.م
- راؤول {من أسرة كابيه} 923 - 936.م
- لويس الرابع 936 - 954.م
- لوثير الثاني 954 - 986.م
- لويس الخامس 986 - 987.م
في عام 987.م توفي الملك الشاب {لويس الخامس} في ظروف غامضة وكان النبلاء في باريس وفرنسا قد أعلنوا ولائهم مسبقا للدوق {أوغو كابيه} دوق باريس لذي اعتلى العرش عام 987.م دون مقاومة من النبلاء أو العامة فانتقلت الملكية في فرنسا من أسرة كارولين إلى أسرة كابيه.
|
اقرأ أيضا
مراجع
- تشيشولم, هيو, المحرر (1911)، ، موسوعة بريتانيكا (باللغة الإنجليزية) (ط. الحادية عشر)، مطبعة جامعة كامبريدج.
- Costambeys, Marios؛ Innes, Matthew؛ MacLean, Simon (2011)، The Carolingian World (باللغة الإنجليزية)، Cambridge University Press، ص. 3، ISBN 978-0521563666، مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 05 مايو 2018.
- Babcock, Philip (ed). Webster's Third New International Dictionary of the English Language, Unabridged. Springfield, MA: Merriam-Webster, Inc., 1993: 341.
- Hollister, Clive, and Bennett, Judith. Medieval Europe: A Short History, p. 97.
- Fouracre, Paul (2000)، The Age of Charles Martel، Harlow: Pearson Education Limited، ص. 28, 34–35, 37, 38, 39, 40, 48, 60, 70, 106, 108–9.
- The Fourth Book of the Chronicle of Fredegar with its continuations، ترجمة Wallace-Hadrill, J. M.، London: Thomas Nelson and Sons Ltd، 1960، ص. 32, 43, 50–52, 73–74, 75, 87.
- Riché, Pierre (1993)، Peters, Edward (المحرر)، The Carolingians: A Family Who Forged Europe، Midde Ages Series، ترجمة Allen, Michael Idomir، Philadelphia: University of Pennsylvania Press، ص. 14, 17, 18, 20, 21–22, 23, 25, 30–31, 33, 35, 42.
- Gerberding, Richard A. (1987)، The Rise of the Carolingians and the Liber Historiae Francorum، Oxford: Clarendon Press، ص. 7, 61, 65, 118, 145.
- بوابة ألمانيا
- بوابة فرنسا
- بوابة التاريخ