معرفة (علم النفس)
المعرفة هي «الإجراء العقليّ أو عمليّة اكتساب المعرفة والفهم من خلال التّفكير والخبرة والحواس».[1] تشمل عمليّات مختلفة مثل الاهتمام وتشكيل المعرفة والتذكّر والحكم والتقييم والتفكير والحوسبة، كما تشمل حلّ المشكلات واتّخاذ القرارات والفهم وتشكيل اللغة؛ تستخدم العمليّات المعرفيّة المعرفة الموجودة عند الإنسان وتولّد معارفاً جديدةً.
جزء من سلسلة مقالات حول |
علم النفس |
---|
|
بوابة علم النفس |
يتم تحليل العمليّات من وجهات نظرٍ مختلفة ضمن سياقاتٍ مختلفة، لاسيّما في مجال اللغويّات، والتّخدير وعلم الأعصاب والطبّ النفسيّ وعلم النفس والتعليم والفلسفة والأنثروبولوجيا وعلم الأحياء والمنطق وعلوم الحاسوب.[2]
يتمّ تجميع هذه الطرق وغيرها من الأساليب المختلفة لتحليل المعرفة في مجال تطوير العلوم المعرفيّة، وهذا نظام أكاديميّ مستقلّ بحدّ ذاته.
أصل المصطلح
تأتي كلمة «المعرفة» (Cognition) من الفعل اللاتيني (cognosco) والذي يُقسم لقسمين، القسم الأول (Con) والذي يعني «مع» والقسم الثاني (gnōscō) والذي يعني «يعرف»، بشكل قريب من المصطلح اليوناني (γι(γ)νώσκω) والذي يعني «أنا أعلم».[3]
بدايات الدراسات حول «المعرفة»
يعود أصل كلمة الإدراك إلى القرن الخامس عشر، عندما كانت تعني «التفكير والوعي». جاء الاهتمام بالعمليّات المعرفيّة منذ أكثر من ثمانية عشر قرناَ، ثم جاء أرسطو (384-322 ق م) الذي اهتمّ بالعمل الداخليّ للعقل وكيف يؤثر ذلك على التجربة الإنسانيّة، كما ركّز أرسطو على المجالات المعرفيّة المتعلّقة بالذاكرة والإدراك والصور الذهنيّة. وأولى أهميّة كبيرة لضمان أن دراساته مستندة إلى أدلّة تجريبيّة.[4][5] بعد مرور ألف عام، برز علم النفس كحقلٍ دراسيٍّ مزدهرٍ في أوروبا، كما اكتسب مكانة عالية في الولايات المتّحدّة الأمريكيّة.
شدّد فيلهلم فونت (1832-1920م) على فكرة ما أسماه بـ«الاستبطان»، أي فحص المشاعر الداخليّة للفرد. أي أنّه يجب فحص المشاعر بشكل موضوعي من أجل الوصول إلى المعلومات العلميّة.[4][6]
أمّا هيرمان إبنغهاوس (1850-1909م) فقد قام بدراساتٍ معرفيّةٍ، ناقشت هذه الدراسات بشكل رئيسيّ وظيفة وقدرة الذاكرة البشريّة. طوّر إبنغهاوس تجربته الخاصّة التي شيّد بها أكثر من 2000 مقطع من كلمات غير موجودة في اللغة مثل (EAS)، ثم درس قدرته على تعلّم هذه المقاطع. وقد اختار عن سابق تصميم كلمات غير موجودة لمنع تأثر التّجربة بالخبرات السابقة المكتسبة.[7]
كانت ماري وينتون كالكينز (1863-1930م) رائدةً أمريكيّةً في مجال علم النفس. ركّز عملها على قدرة الذاكرة البشريّة، تُعزى نظريّة تأثير الحداثة إلى الدراسات التي أجرتها ماري كالكينز.
وليام جيمس (1842-1910م) شخصيّة محوريّة في تاريخ العلوم المعرفيّة. كان جيمس مستاءً من تركيز ووندنت على الاستبطان ومن استخدام إبنغهاوس للمحفّزات غير المنطقيّة. بدلاً من ذلك اختار جيمس التركيز على تجربة التعلّم البشريّ في الحياة اليوميّة وأهميّتها في دراسة الإدراك. كانت أهم مساهمة لجيمس في دراسات ونظريات المعرفة هي كتابه «مبادئ علم النفس» الذي يفحص بشكل أوّلي جوانب الإدراك مثل الذاكرة والتّفكير والانتباه.[8]
في علم النفس
في علم النفس يُستخدم مصطلح «المعرفة» عادةً بمعنى «معالجة المعلومات للوظائف النفسيّة للفرد» بشكل مماثل لمعنى هذا المصطلح في الهندسة المعرفيّة. ولكنّ المصطلح قد يعني «شرح المواقف، أو الإسناد، أو ديناميكيات المجموعة» من وجهة نظر الإدراك الاجتماعي الذي يُعدّ فرعاً من فروع علم النفس الاجتماعيّ.[8]
الإدراك البشريّ هو الوعي واللاوعي، الملموس والمجرّد، البديهي والمفاهيميّ. وهو يشمل عمليّات مثل الذّاكرة، والتجميع، وتكوين المفهوم، والتعرّف على الأنماط، واللغة والانتباه والإدراك، والعمل، وحل المشكلات، والصور الذهنيّة.
نظرية بياجيه للتنمية المعرفية
لسنوات عديدة، أجرى علماء الاجتماع وعلماء النفس دراسات حول التنميّة المعرفيّة أو بناء الفكر الإنسانيّ أو العمليّات العقليّة.
كان جان بياجيه أحد أهم الأشخاص المؤثّرين في مجال علم النّفس التنمويّ. كان يعتقد أنّ البشر مميزين مقارنةً بالحيوانات لأن البشر يملكون القدرة على القيام «بالتّفكير الرمزيّ المجرّد». يمكن مقارنة هذا الرأي بآراء كل من ليف فيجوتسكي، وسيغموند فرويد، وإريك إريكسون؛ الذين كانوا مساهمين كبيرين في مجال علم النفس التنمويّ. اليوم، تُعرف نظرية بياجيه بأنها دراسة التطوّر المعرفيّ لدى الأطفال؛ وذلك لأن بياجيه درس أطفاله الثلاثة ودرس تطوّرهم الفكريّ، وتوصّل إلى نظريّة تصف المراحل التي يمر بها الأطفال خلال مرحلة التطوّر.
تجارب مشتركة على الإدراك البشري
الموضع التسلسليّ
تهدف هذه التجربة إلى اختبار نظريّة الذاكرة التي تنصّ على أنّه عندما يتم إعطاء معلوماتٍ ما بطريقةٍ تسلسليّةٍ، فإننا نميل إلى تذكّر المعلومات المعطاة في بداية التسلسل، وتسمى بـ«تأثير الأسبقيّة»، والمعلومات في نهاية التسلسل والتي تسمّى بـ«تأثير الحداثة»، وبالتالي يتم عادة نسيان المعلومات الواردة في منتصف التسلسل.[9]
تفوّق الكلمة
تقدّم هذه التجربة للمشارك كلمة واحدة ولمدّة قصيرة لا تتجاوز 40 ميللي ثانية، ثم يُطلب منه أن يتذكّر موضع حرف معين من الكلمة. تركّز هذه التجربة على الكلام البشريّ واللغة.[10]
براون بيترسون
في تجربة براون بيترسون، يتم عرض مجموعة من ثلاث وحدات مكتوبة بشكل متتالي مثل الأحرف أو المقاطع أو الكلمات، ثم يتم تشتيت تركيزهم بشكل معيّن بمهمة معينة مثلاً يُطلب منهم تحديد صحة أو خطأ بعض الكلمات اعتماداً على الأخطاء الإملائية أو القواعديّة؛ يعد مهمّة التشتيت، يُطلب من المشاركين تذكّر المقاطع الأولى التي عُرضت عليهم. تركّز هذه التّجربة على الذّاكرة البشريّة قصيرة المدى.[11]
تمدّد الذاكرة
يتم عرض سلسلة من الأشياء أو الأحرف التي لها أصوات متشابهة، أو الأحرف التي لا تتشابه أصواتها، أو مجموعة من الكلمات أو الأرقام؛ ثمّ يُطلب من المشاركين تذكّر التسلسل الذي عُرض عليهم؛ تفترض النظريّة أن الأشخاص يملكون سعة تخزين مؤلّفة من سبع وحدات للأرقام أو للحروف ولكن يمكن أن تزداد السعة في حال كانت الأرقام قريبة من بعضها، أو أصوات الأحرف أكثر تشابهاً[12]
التطوّرات الأخيرة
يتم إنشاء حقل أبحاث جديد يسمّى بـ«إدراك الفريق»، في العلوم العسكريّة. يشير «إدراك الفريق» إلى خواص نواتج التفاعلات بين سلوكيّات الإدراك الفردي والسّلوكيّات الجماعيّة.
إدراك الإدراك
إدراك الإدراك أوما يُعرف بـ «المعرفة حول المعرفة»، أو «التّفكير حول التّفكير»، أو «إدراك الوعي»، أو «مهارات التفكير العليا». يمكن لـ «ما وراء المعرفة» أن تتّخذ أشكالاً مختلفة تشمل معرفة وقت وكيفيّة استعمال استراتيجيّات معيّنة للتّعلّم أو حل المشكلات. تتألف ما وراء المعرفة من أمرين رئيسييّن هما: إدراك المعرفة، وتنظيم هذا الإدراك.[13]
يفترض بعض علماء النّفس التطوّريين أن البشر يستعملون «ما وراء المعرفة» كأداة للنجاة، مما يجعل ما وراء المعرفة أمراً مشتركاً بين جميع الثقافات. كان أرسطو (384-322 ق م) أوّل من كتب في هذا المجال.
انظر أيضاً
المراجع
- "cognition - definition of cognition in English from the Oxford dictionary"، www.oxforddictionaries.com، مؤرشف من الأصل في 8 يوليو 2016، اطلع عليه بتاريخ 04 فبراير 2016.
- Von Eckardt, Barbara (1996)، What is cognitive science?، Massachusetts: MIT Press، ص. 45–72، ISBN 9780262720236، مؤرشف من الأصل في 11 أبريل 2020.
- Matlin, Margaret (2009)، Cognition، Hoboken, NJ: John Wiley & Sons, Inc.، ص. 4.
- Fuchs, A. H.؛ Milar, K.J. (2003)، "Psychology as a science"، Handbook of psychology، 1 (The history of psychology): 1–26، doi:10.1002/0471264385.wei0101.
- Zangwill, O.L. (2004)، The Oxford companion to the mind، New York: Oxford University Press، ص. 276.
- Zangwill, O. L. (2004)، The Oxford companion to the mind، New York: Oxford University Press، ص. 951–952.
- T.L. Brink (2008) Psychology: A Student Friendly Approach. "Unit 7: Memory." p. 126
- Matlin, Margaret (2009)، Cognition، Hoboken, NJ: John Wiley & Sons, Inc.، ص. 5.
- Cherry, Kendra، "Jean Piaget Biography"، The New York Times Company، مؤرشف من الأصل في 19 أبريل 2016، اطلع عليه بتاريخ 18 سبتمبر 2012.
- Parke, R. D., & Gauvain, M. (2009). Child psychology: A contemporary viewpoint (7th Ed.). Boston, MA: McGraw-Hill.
- Surprenant, A (2001)، "Distinctiveness and serial position effects in total sequences"، Perception and Psychophysics، 63 (4): 737–745، doi:10.3758/BF03194434، PMID 11436742.
- Krueger, L. (1992)، "The word-superiority effect and phonological recoding"، Memory & Cognition، 20 (6): 685–694، doi:10.3758/BF03202718.
- Russo, M.; Fiedler, E.; Thomas, M.; McGhee (2005), United States Army Aeromedical Research Laboratory. Cognitive Performance in Operational Environments, North Atlantic Treaty Organization (NATO) RTO-MP-HFM-124, 14 - 3 - Open access material, PUBLIC RELEASE - (ردمك 92-837-0044-9) - “Strategies to Maintain Combat Readiness during Extended Deployments – A Human Systems Approach”.
- بوابة علوم عصبية
- بوابة علم النفس
- بوابة فلسفة
- بوابة تفكير