جلال الدولة ملك شاه
أبو الفتح ملك شاه "جلال الدولة" بن ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سَلْجُوق بن دُقَاق (16 أغسطس 1055 - 19 نوفمبر 1092 / 9 جمادى الأولى 447 - 15 شوال 485هـ)،
أمير المؤمنين[1] | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جلال الدولة ملك شاه | |||||||
(بالفارسية: ملكشاه) | |||||||
صورة مصغرة لملك شاه | |||||||
سلطان الدولة السلجوقية | |||||||
فترة الحكم 15 ديسمبر 1072 - 19 نوفمبر 1092 465 - 485 هـ | |||||||
|
|||||||
معلومات شخصية | |||||||
الميلاد | 16 أغسطس 1055 9 جمادى الأولى 447هـ أصفهان | ||||||
الوفاة | 19 نوفمبر 1092 15 شوال 485هـ (37 سنة) بغداد | ||||||
مكان الدفن | مقبرة الشويزية | ||||||
مواطنة | الدولة السلجوقية | ||||||
الكنية | أبو الفتح | ||||||
الديانة | الإسلام، أهل السنة والجماعة | ||||||
الزوجة | تركان خاتون زبيدة خاتون | ||||||
الأولاد |
| ||||||
الأب | ألب أرسلان | ||||||
الأم | سفریة خاتون | ||||||
عائلة | سلالة السلاجقة | ||||||
الحياة العملية | |||||||
المهنة | حاكم | ||||||
ثالث سلاطين الدولة السلجوقية، تولى الحُكم بعد أبيه ألب أرسلان عام (465هـ /1072م) - حتى وفاته عام 485 هـ / 1092م)، كانت الدولة في عهده قد اتسعت اتساعاً عظيماً، فامتدت من كاشغر في أقصى المشرق (حيث توقفت الفتوح الإسلامية) إلى بيت المقدس في الغرب، وبهذا فقد كانت تشمل كامل الجزء الإسلامي من قارة آسيا عدا الجزيرة العربية ودول جنوب شرق آسيا. يُقال عن ملك شاه أنه كان من أفضل السلاطين سيرة، وأن القوافل كانت تعبر من أقصى المشرق إلى لشام في عهده آمنة دون التعرّض إلى هجوم أو أذى.[2]
سيرته
اعتلاء العرش
بعد معركة سمرقند التي قام بها السلطان ألب أرسلان سنة 465هـ وقبل وفاته على أثر جرحه بيد يوسف الخوارزمي أمر القواد بمبايعة ابنه، ملكشاه، للمرة الثالثة، وعيَّن وزيره نظام الملك وصيًّا عليه وطلب احترامهما وطاعة أوامرهما [3]
لما توفي أبوه ألب أرسلان، كان ملكشاه في صحبته، ولم يصحبه قبلها في سفر غير هذه المرة، فولي الأمر من بعده بوصية والده وتحليف الأمراء والجناد على طاعته، ووصى وزيره نظام الملك أبا علي الحسن على تفرقة البلاد بين أولاده، ويكون مرجعهم إلى ملكشاه، ففعل ذلك وعبر بهم جيحون راجعاً إلى البلاد.[4]
لما وصل إلى البلاد وجد بعض أعمامه وهو قاروت بك صاحب كرمان قد خرج عليه، فعاجله وتصافا بالقرب من همذان، فنصره الله عليهم وانهزم عمه، فتبعه بعض جند ملكشاه فأسروه وحملوه إلى ملكشاه، فبذل التوبة ورضي بالاعتقال وأن لا يقتل، فلم يجبه ملكشاه إلى ذلك، فأنفذ له خريطة مملوءة من كتب أمرائه، وأنهم حملوه على الخروج عن طاعته وحسنوا له ذلك، فدعا السلطان بالوزير نظام الملك فأعطاه الخريطة ليفتحها ويقرأ ما فيها، فلم يفتحها، وكان هناك كانون نار فرمى الخريطة فيه فاحترقت الكتب، فسكنت قلوب العساكر وأمنوا، ووطنوا أنفسهم على الخدمة، بعد أن كانوا قد خافوا من الخريطة لأن أكثرهم كان قد كاتبه، وكان ذلك سبب ثبات قدم ملكشاه في السلطنة، وكانت هذه معدودة في جميل آراء نظام الملك.[4]
ثم إن ملكشاه أمر بقتل عمه فخنق بوتر قوسه، واستقرت القواعد للسلطان وفتح البلاد واتسعت عليه المملكة، وملك ما لم يملكه أحد من ملوك الإسلام بعد الخلفاء المتقدمين فكان في مملكته جميع بلاد ما وراء النهر وبلاد الهياطلة وباب الأبواب والروم وديار بكر والجزيرة والعراق والشام وخطب له على جميع منابر الإسلام سوى بلاد المغرب، فإنه ملك من كاشغر وهي مدينة في أقصى بلاد الترك وسوريا إلى بيت المقدس طولاً، ومن القسطنطينية إلى بلاد الخزر وبحر الهند عرضاً، وكان قد قدر لمالكه ملك الدنيا.[4]
الفتوحات
ما كاد الأمر يستقر لملك شاه حتى انصرف إلى إكمال ما بدأه أبوه من الفتوح، وبسط نفوذ دولة السلاجقة حتى تشمل جميع أنحاء العالم الإسلامي، فولَّى وجهه أولاً شطر بلاد الشام، وكان قد دخلها في عهد أبيه حتى وصل إلى بيت المقدس عام (463هـ/1070م)، واستطاع أن يضم إلى دولته معظم بلاد الشام، وأرسل جيشًا للاستيلاء على مصر، فتوغل في أراضيها حتى بلغ القاهرة وحاصرها، غير أنه فشل في فتحها، لاستماتة الفاطميين في الدفاع عنها، وارتد راجعًا إلى الشام، ولم يفكر في غزو مصر مرة أخرى. وحرص ملكشاه على تأمين بلاد الشام بعد انتزاعها من الفاطميين، فأسند حكمها إلى أخيه تاج الدين تتش في سنة (470هـ/1077م)، وفوّضه فتح ما يستطيع فتحه من البلاد المجاورة وضمها إلى سلطان السلاجقة.
وفي الوقت نفسه عين سليمان بن قتلمش على البلاد التي فتحها السلاجقة في آسيا الصغرى، ويعد سليمان هذا المؤسس الحقيقي لدولة سلاجقة الروم، التي شاء لها القدر أن تكون أطول عمرًا من الدولة الأم، فقد ظلت تحكم حتى عام (700 هـ/1300م)، وقد نجح سليمان في فتح أنطاكية عام (477هـ/1084م) وهي من بلاد الشام، لكنها كانت تحت حكم الروم منذ عام (358هـ).
وبعد أن فرغ "ملكشاه" من إقرار الأمن وبسط النفوذ في الجزء الغربي من دولته رحل إلى بغداد، حيث توطدت عرى الصداقة بينه وبين الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله بعد أن تزوج ابنة ملكشاه في سنة (480هـ/1087م)، فازداد نفوذ السلاجقة قوة واستقرارًا.
ثم تهيأت الفرصة لملكشاه أن يخضع إقليم ما وراء النهر، فانتهزها على الفور، وتجاوزه إلى إقليم "كشغر" حيث خضع له واليه، وبذلك بلغ ملك السلاجقة أقصى اتساعه، فشمل حدود الهند شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، وضم تحت لوائه أقاليم ما وراء النهر وإيران وآسيا الصغرى والعراق والشام، وبلغ من نفوذ الدولة وقوتها أن ظل قياصرة الروم يقدمون الجزية المفروضة عليهم بعد معركة ملاذكرد إلى ملكشاه كل عام دون إخلاف أو تسويف.
في سبعينيات القرن العاشر، فُتِحت جورجيا مرتين من قبل جلال الدولة ملك شاه، لكن الملك الجورجي جورج الثاني كان لا يزال قادرًا على القتال في بعض الأحيان.[5] في عام 1076، اندفع ملك شاه إلى جورجيا وحول العديد من المستوطنات إلى أنقاض وبسط سيطرة السلاجقة على المنطقة لتصل إلى أقصى اتساعها، من 1079/80 فصاعدًا، تم الضغط على جورج للاستسلام لملك شاه لضمان درجة ثمينة من السلام مقابل جزية سنوية. وواصل الأتراك حركتهم الموسمية إلى الأراضي الجورجية للاستفادة من الأعشاب الغنية في وادي كورا ولحصول الحاميات السلجوقية على القلاع الرئيسية في جنوب جورجيا.[6] تم تحويل الأراضي المزروعة إلى مراعاً واضطر الفلاحون الجورجيين إلى الانسحاب إلى الجبال.[7]
ملك شاه ونظام الملك
ارتبط نجاح ملكشاه في سياسة الدولة بوزيره "نظام الملك" الذي كان له أثر لا يُغفل ويد لا تُنسى في ازدياد قوة الدولة السلجوقية، واتساع نفوذها، وازدهار حركاتها الثقافية، واستطاع بحسن سياسته، ورجاحة عقلة أن يجعل الأمور منتظمة في جميع أنحاء الدولة، وأن يوجه سياسة السلاجقة نحو الثغور الإسلامية المتاخمة للروم، وهو ما أكسب السلاجقة احترام المسلمين وتقديرهم، وبث الهيبة في نفوس أعدائهم.
وقد وضع هذا الوزير النابه كتابًا عظيمًا في تدبير الملك سماه "سياست نامه" ضمنه آراءه في السياسة والحكم، وكيفية إدارة البلادة وتنظيم شئون الحكم. وشجّع نظام الملك على تعمير المدن وإصلاح البلاد، وشيد كثيرًا من المساجد والمدارس، وخلف كثيرًا من الأبنية والآثار العظيمة في بغداد وأصفهان، كما كان خيّرًا عادلاً، أقر الأمن والنظام في جميع البلاد الخاضعة للسلاجقة.
وكان وزيره نظام الملك يهتم بالعلماء والزهاد والمدارس العلمية وينفق عليها الأموال الضخمة، فسعى خصومه بالوشاية إلى السلطان ملك شاه، وقالوا: “إن نظام الملك ينفق في كل سنة على الفقهاء والقراء ثلاثمائة ألف دينار، ولو صُرِف هذا المال على جيش لرفع رايته على أسوار القسطنطينية“. فطلب السلطان وزيره للاستجواب، فردّ عليه قائلاً: “… ثم إنك تنفق على الجيوش المحاربة أضعاف هذا المال مع أن أقواهم وأرساهم لا تبلغ رميته ميلاً، ولا يضرب سيفه إلا ما قرب منه، وأنا أقمت لك بهذا المال جيشًا يسمى جيش الليل، قام بالدعاء إذا نامت جيوشك، فمدّوا إلى الله أكفهم وأرسلوا دموعهم فتصل من دعائهم سهام على العرش، لا يحجبها شيء عن الله، فأنت وجيوشك في خفارتهم تعيشون وبدعائهم تثبتون وببركاتهم ترزقون“. فبكى السلطان وقال بالتركية: “شا باشي يا أبت شا باشي“، وترجمة ذلك بالعربية: “استكثر من هذا الجيش“.[8]
وكان نظام الملك عالمًا أديبًا، محبًا لنشر العلم والثقافة، أنشأ كثيرًا من المدارس التي حملت اسمه، فعرفت بالمدارس النظامية، وكان الهدف من إنشائها مواجهة الدعوة الشيعية التي ذاعت بعد قيام الدولة الفاطمية، وقد انتشرت هذه المدارس في بغداد ونيسابور وطوس وهراة وأصفهان وغيرها من البلاد، غير أن أشهرها "نظامية بغداد" التي تخير نظام الملك لها مشاهير الفكر والثقافة وكبار أئمة العلم للتدريس فيها، مثل: حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، صاحب كتاب إحياء علوم الدين، الذي فوّض إليه نظام الملك مهمة التدريس في المدرسة النظامية في بغداد ونيسابور التي كان يدرّس فيها أبو المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين، وكان الوزير ينفق في كل سنة على أصحاب المدارس والفقهاء والعلماء ثلاثمائة ألف دينار.
النزاع في حلب
أرسل ملك شاه خلال عهده جيوشاً مرتين متتاليتين لحصار مدينة حلب والاستيلاء عليها، لكنه فشل، فتحرّكت جيوشه (التي يَقودها أخوه "تاج الدولة تتش") جنوباً وفتحت حماة. ودمشق وأظهر حاكم حمص الطاعة لها فتركوه حاكماً.[9] لكن في عام 472 هـ تغيّرت مجريات الأحداث عندما راسل أهل حلب "مسلم بن قرواش العقيلي" لكي يُخلصهم من محمود المرداسي،[10] فأتى إلى حلب واستولى عليها وأسقط بهذا الدولة المرداسية مقيماً مكانها الدولة العقيلية،[11] وقد راسل السلطان السَلْجُوقي وأعلن له الولاء وعرض إرسال مبلغ من المال كل شهر مقابل إبقائه حاكماً لحلب فوافق ملك شاه.[12] لكن لاحقاً نشأ نزاع بين تتش (الذي ولاه ملك شاه على بلاد الشام) ومسلم بن قرواش (الذي أظهر الطاعة للسلاجقة أيضاً)، وقد قتل مسلم في النزاع وتابع من بعده ابنه، لكن تتش نجح بانتزاع حلب منه فقرر ابن مسلم تسليم حلب إلى ملك شاه واستدعاه لذلك، فجاء ملك شاه من المشرق وتسلم حلب (التي تركها تتش وعاد إلى دمشق)، وسيطر ملك شاه أيضاً خلال هذه الحملة على اللاذقية وبضعة مدن أخرى.
ثورة الأناضول
تمرد سليمان على ملك شاه، ونصّب نفسه "سلطان الروم", جاعلاً عاصمته في نيقية. ووسع ملكه، إلا أنه قـُتِل قرب أنطاكية سنة 1086 من قبل طـُطـُش الأول، الوالي السلجوقي على الشام. ابن سليمان، قـِلـِج أرسلان الأول، اُلقِي القبض عليه وضمت الأناضول إلى حكم ملك شاه في إصفهان. ومن غير الواضح ما إذا كان تتش قد قتل سليمان بدافع الولاء لملك شاه أم ببساطة للتنفع الشخصي.
ظهور الحشاشين
في أواخر القرن الخامس الهجري ظهرت حركة جديدة في المشرق هي جماعة الحشاشين، والذين استولوا على قلعة ألموت عام 483 هـ، فحاول ملك شاه أن يُرسل إليهم دعاة يُعدينهم إلى المذهب السني لكنه فشل، فأرسل في عام 485 هـ جيشاً ليُحاصر القلعة لكنه هُزم مُجدداً، فقرر السلطان السَلْجُوقي أن يَتجاهل هذه الحركة بالرغم من تحذيرات وزيره نظام الملك الكثيرة له. وعلى أي حال فلم يَملك ملك شاه وقتاً طويلاً لمقاومة هذه الحركة، لأنه توفي عام 485 هـ تاركاً دولة يَتنازعها أولاده فيما بينهم.[13]
تدهور العلاقة بين ملكشاه والمقتدي
أخذت علاقة الخليفة بالسلطان تسوء شيئاً فشيئاً، وكانت البداية تعود إلى سوء التفاهم بين المقتدي وزوجته خاتون ابنة السلطان ملكشاه سنة 721هـ، وقد تطور هذا الخلاف وانكشف أمره عندما أخبرت خاتون أباها بالأمر وشكت إعراض المقتدي عنها، وعلى الفور أرسل السلطان إلى الخليفة يطلب ابنته التي توجهت إلى بيت أبيها في أصبهان بموكب يليق بها مع ابنها، وما كادت تستريح في بيت والدها حتى فارقت الحياة في السنة نفسها، وبدأ السلطان ملكشاه يخطط إلى الانتقام من الخليفة عندما تسنح الفرصة. وفي سنة 727هـ دخل السلطان مدينة بغداد ومكث في دار المملكة حتى يكون على مقربة من المقتدي، وبدأ نفوذ الخليفة يتقلص أكثر فأكثر، حتى لم يعد له من الأمر إلا إلاسم، ولا يتعدى حكم بابه ولا يتجاوزه.[14]
وفي سنة 485هـ عاد السلطان ملكشاه إلى بغداد عازماً على الشر وأرسل إلى الخليفة يقول: لا بد أن تترك لي بغداد وتذهب إلى أي بلد شئت فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهراً قال: ولا ساعة واحدة فأرسل الخليفة إلى وزير السلطان يطلب المهلة إلى عشرة أيام فاتفق مرض السلطان ومات وعد ذلك كرامة للخليفة وقيل: إن الخليفة جعل يصوم فإذا أفطر جلس على الرماد ودعا على ملكشاه فاستجاب الله دعاءه ولما مات كتمت زوجته تركان خاتون موته وأرسلت إلى الأمراء سراً فاستحلفتهم لولده محمود وهو ابن خمس سنين فحلفوا له وأرسلت إلى المقتدي في أن يسلطنه فأجاب ولقبه ناصر الدنيا والدين.
وفاته
في عام 485 هـ / 1092م السنة التي توفي فيها، ودفن في بغداد وهي من جملة بلاده التي تحتوي عليها مملكته، وليس للخليفة فيها سوى الاسم، فلما عاد إليها الدفعة الثالثة دخلها في أوائل شوال سنة 485 هـ، وخرج من فورهِ إلى ناحية الدجيل لأجل الصيد، فأصطاد وحشاَ وأكل من لحمهِ، فابتدأت به العلة، فلم يكثر من إخراج الدم، فدخل إلى بغداد مريضاً، ولم يصل إليه أحد من خاصته، فلما دخلها توفي ثاني يوم دخوله، وقيل إنه سم في خلال تخلل به، وحمل تابوته إلى أصبهان ودفن بها في مدرسة عظيمة موقوفة على طائفة للشافعية والحنفية، ولا حذف عليه ذنب فرس كعادة أمثاله، بل كأنه اختلس من العالم.
ويذكر أن وفاة ملك شاه أتت بعد مقتل نظام الملك في أصبهان (على يد أحد أعضاء فرقة الإسماعيلية المعروفة بالحشاشين)، بخمسة وثلاثين يوماً فانطوت صفحة من أكثر صفحات التاريخ السلجوقي تألقًا وازدهارًا.
ثورة بركياروق آعقاب وفاة ملك شاه
كانت تركان خاتون عند موت السلطان ملك شاه قد كتمت موته وبايعت لابنها محمود كما قلناه وبعثت إلى أصبهان سرا في القبض على بركياروق ابن السلطان ملك شاه خوفا من أن ينازع ابنها محمودا فحبس فلما ظهر موت ملك شاه وثب مماليك بركيارق ونظام الملك على سلاح كان له بأصبهان وثاروا في البلد وأخرجوا بركيارق في محبسه وبايعوه وخطبوا له بأصبهان وكانت أمه زبيدة بنت عم ملك شاه وهو ياقولي خائفة على ولدها من خاتون أم محمود وكان تاج الملك قد تقدم إلى أصبهان وطالبه العسكر بالأموال فطلع إلى بعض القلاع لينزل منها المال وامتنع منها خوفا من مماليك نظام الملك ولما وصلت تركان خاتون إلى أصبهان جاءها فقبلت عذره وكان بركيارق لما أقامت خاتون ابنها محمودا بأصبهان خرج فيمن معه من النظامية إلى الري واجتمع معه بعض أمراء أبيه وبعثت خاتون العساكر إلى قتاله وفيهم أمراء ملك شاه فلما تراءى الجمعان هرب كثير من الأمراء إلى بركيارق واشتد القتال فانهزم عسكر محمود وخاتون وعادوا إلى أصبهان وسار بركيارق في أثرهم فحاصرهم بها.[15]
شخصيته
- كان من أحسن الملوك سيرة حتى كان يلقب بالسلطان العادل، وكان منصوراً في الحروب، ومغرماً بالعمائر، فحفر كثيراً من الأنهار، وعمر على كثير من البلدان الأسوار، وأنشأ في المفاوز رباطات وقناطر، كما عمرت في عهدهِ كلية الإمام الأعظم في بغداد على يد أبو سعيد وابتدأ بعمارته في المحرم من سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وصنع بطريق مكة مصانع، وغرم عليها أموالاً كثيرة خارجة عن الحصر، وأبطل المكوس والخفارات في جميع البلاد.
- كان لهجاً بالصيد، حتى قيل إنه ضبط ما اصطاده بيده فكان عشرة آلاف، فتصدق بعشرة آلاف دينار بعد أن نسي كثيراً منه، وقال: إنني خائف من الله سبحانه وتعالى لإزهاق الأرواح لغير مأكلة، وصار بعد ذلك كلما قتل صيداً تصدق بدينار.
- خرج من الكوفة لتوديع الحاج، فجاوز العذيب وشيعهم بالقرب من الواقصة وصاد في طريقه وحشاً كثيراً فبنى هناك منارة من حوافر الحمر الوحشية وقرون الظباء التي صادها في ذلك الطريق، والمنارة باقية إلى الآن وتعرف بمنارة القرون، وذلك في عام 480 هـ. كانت السبيل في أيامه ساكنة والمخاوف آمنة، تسير القوافل من ما وراء النهر إلى أقصى الشام وليس معها خفير، ويسافر الواحد والاثنان من غير خوف ولا رهب.
- حكى محمد بن عبد الملك الهمذاني في تاريخه أن السلطان ملكشاه توجه لحرب أخيه تتش فاجتاز بمشهد علي بن موسى الرضا بطوس ودخل مع نظام الملك الوزير وصليا فيه وأطالا الدعاء، ثم قال لنظام الملك: بأي شيء دعوت؟ قال: دعوت الله أن ينصرك ويظفرك بأخيك، فقال: أما أنا فلم أدع بهذا بل قلت: اللهم انصر أصلحنا للمسلمين وأنفعنا للرعية.
- ويحكى أنه ذات مرة استعداه رجلان من الفلاحين على الأمير “خمار تكين” بحجة أنه أخذ منهما مالاً جزيلاً وكسر ثنِيّتهما فقالا له: سمعنا بعدلك في العالم، فإن أقدرتنا منه كما أمرك الله، وإلا استعدينا عليك الله يوم القيامة، وأخذا بركابه فنزل عن فرسه وقال لهما: خذا بكمي فاسحباني إلى دار نظام الملك، فهابا ذلك، فعزم عليهما ففعلا ما أمرهما به، فلم علم نظام الملك بمجيء السلطان إليه، خرج مسرعًا من خيمته، فقال له السلطان ملك شاه: “إني قلدتك الأمر لتنصف المظلوم ممن ظلمه“. فكتب من فوره بعزل الأمير خمار تكين وحلّ إقطاعه، وأن يردّ إليهما أموالهما وأن يقلعا ثنيّته إن قامت عليه البينة، وأمر لهما الملك من عنده بمائة دينار. وهكذا أنصف الضعيف، وشد على يد المظلوم.[8]
مدفنه
دفن في مقبرة الشويزية أي مقبرة الشيخ الجنيد الحالية في بغداد، ومازال قبرة ظاهرا.[16]
الإرث
- تم إنتاج مسلسل نهضة السلاجقة العظمى (Uyanış: Büyük Selçuklu) يحكي عن قصة حياة ملك شاه ، وعن الأحداث والحروب التي جرت خلال حقبته.[17]
مصادر
- Henry Melvill Gwatkin (1923)، The Cambridge Medieval History: The Eastern Roman empire (717-1453)، ص. 307،
Malik Shāh was recognised by the Caliph as his successor, and invested with the title of 'Amir-al-Mu'minin
- كتاب "وفيات الأعيان: وأنباء أبناء الزمان" لـ"أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان"، حققه د.إحسان عباس، المجلد الخامس ص283 إلى ص289 (740: ملكشاة السَلْجُوقي)، دار صادر - بيروت، لبنان.
- موقع قصة الإسلام
- "وَفاةُ السُّلطانِ السلجوقي ملكشاه وتَفَكُّكُ الدَّولةِ السلجوقية"، dorar.net، مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 15 نوفمبر 2020.
- Thomson 1996
- Allen 1932
- Suny 1994
- "السلطان السُلجوقي "ملك شاه""، SalamWebToday، 09 مايو 2020، مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 15 نوفمبر 2020.
- كتاب "تاريخ السلاجقة في بلاد الشام" ص28 وص29.
- كتاب "زبدة الحلب"، المجلد الثاني ص67 وص68.
- كتاب "سلاجقة الشام والجزيرة" لأرشيد يوسف، ص80.
- كتاب "تاريخ دولة آل سَلْجُوق"، ص72.
- كتاب "دولة السلاجقة: وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي" لعلي محمد الصلابي، الطبعة الأولى 2006، دار المعرفة بيروت - لبنان.
- دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبى ، علي الصلابي.
- "فصل: وفاة السلطان ملك شاه وملك ابنه محمود.|نداء الإيمان"، www.hadigh.al-eman.com، مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 15 نوفمبر 2020.
- سيدات البلاط العباسي ، مصطفى جواد ، دار الكشاف ، بيروت، 1941، ص 141.
- "TRT 1'in yeni dizisi 'Uyanış: Büyük Selçuklu' 28 Eylül'de izleyiciyle buluşacak"، مؤرشف من الأصل في 10 سبتمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 سبتمبر 2020.
{{استشهاد ويب}}
: يحتوي الاستشهاد على وسيط غير معروف وفارغ:|çalışma=
(مساعدة)
- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - تحقيق محمد محي الدين - القاهرة - مطبعة النهضة المصرية - 1949م.
- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم - ابن الجوزي البغدادي - 9/87.
جلال الدولة ملك شاه ولد: 8 أغسطس 1055 توفي: 19 نوفمبر 1092 | ||
ألقاب ملكية | ||
---|---|---|
سبقه ألب أرسلان |
سلطان الدولة السلجوقية
15 ديسمبر 1072 – 19 نوفمبر 1092 |
تبعه محمود الأول |
- بوابة أعلام
- بوابة الدولة السلجوقية
- بوابة الإسلام
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة إيران
- بوابة تركمانستان
- بوابة التاريخ
- بوابة العالم الإسلامي
- بوابة الدولة العثمانية
- بوابة تركيا