عالم غربي

العالم الغربي أو الغرب مصطلح متعدد المعاني وفقاً لسياق الحديث (أي حسب الفترة الزمنية والمنطقة والحالة الاجتماعية).[1] وعليه فإن التعريف الأساسي لما يشكل «الغرب» متنوع حيث يتوسع ويتقلص مع الزمن وفقاً للظروف التاريخية المختلفة.

الدول التي تصنف ضمن العالم الغربي عموماً.

إن مفهوم الجزء الغربي من كوكب الأرض له جذوره في التقسيم اللاهوتي والمنهجي والتمييزي بين الكنيسة الغربية الرومانية الكاثوليكية والشرقية الأرثوذكسية.[2] حيث كان الغرب في الأصل حرفيًا، يعني أوروبا الكاثوليكية مقابل ثقافات وحضارات أوروبا الأرثوذكسية، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب آسيا، وجنوب شرق آسيا، والشرق الأقصى النائي الذي رآه الأوروبيون الأوائل حديثًا باسم الشرق. بحلول منتصف القرن العشرين، مر تصدير الثقافة الغربية على مستوى العالم من خلال وسائل الإعلام الجديدة مثل الأفلام والإذاعة والتلفزيون والموسيقى المسجلة، في حين لعب تطور ونمو النقل الدولي والاتصالات السلكية واللاسلكية دوراً حاسماً في العولمة الحديثة. في الاستخدام الحديث، يُشير العالم الغربي،[3] في بعض الأحيان إلى أوروبا وإلى المناطق التي ينحدر سكانها بشكل كبير من أوروبا، من خلال عصر الاكتشاف.[4][5]

مفهوم

يعود مفهوم العالم الغربي في جذوره إلى الحضارة اليونانية والرومانية في أوروبا وظهور المسيحية والإنشقاق الكبير في القرن الحادي عشر الذي قسّم الدين إلى شطرين شرقي وغربي. في العصر الحديث تأثرت الثقافة الغربية بشكل كبير بتقاليد الثقافة المسيحية وعصر النهضة والتنوير وشكلتها التوسعية الإستعمارية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. استخدم المصطلح من طرف الإتحاد السوفياتي وحلفاءه خلال الحرب الباردة ضد أعدائهم من منتصف القرن العشرين حتى وقت متأخر من القرن. في السياق السياسي والثقافي المعاصر يشير مصطلح العالم الغربي بشكل عام إلى دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وأوروبا الوسطى ويضم أحياناً في بعض التعريفات أميركا اللاتينية والبلقان وفي بعض الأحيان يضم التعريف كل من تركيا وأرمينيا وجورجيا وإسرائيل وجنوب أفريقيا والفلبين.

تعريف جغرافي

قَسّمَ أستاذ العلوم السياسية صامويل هنتنجتون حضارات العالم الحالية إلى تسعة مناطق نفوذ ثقافي ومنها، الحضارة الغربية والعالم الغربي ذات الخلفية الثقافية المسيحية الغربية بشكليها الكاثوليكية-البروتستانتية، وتمتد هذه الحضارة من أوروبا الغربية إلى دول البلطيق، وأنغلو-أمريكا، وأستراليا، ونيوزيلاندا. تقوم هذه الحضارة على أساسين ومصدرين هما الحضارة اليونانية-الرومانية والمسيحية الغربية.[6][7][8][9] حيث تحدد الثقافة الغربيّة بأبعاد ثلاثة: الديانة المسيحية، القانون الروماني، والنزعة الإنسانية في الفلسفة اليونانية. والنتاج التاريخي والثقافي لكل من عصر النهضة والثورة الصناعية أعطى مقومات منفردة وخصوصية لهذه الحضارة. ووفقاً له تتشابه الحضارة الأمريكية اللاتينية مع الحضارة الغربية كونها منطقة تستخدم فيها في المقام الأول،[10][11] اللغات الرومانسية (أي، التي اشتقت من اللغة اللاتينية)- خصوصًا الأسبانية والبرتغالية، والفرنسية بنسب مختلفة وكون الرومانية الكاثوليكية هي الديانة المهيمنة وبالتالي تسمى أيضاً بأمريكا اللاتينية. لكن لكونها منطقة فيها العديد من الأنساب والجماعات العرقية يجعلها ذلك منطقة فيها تنوعاً عرقيّاً وثقافيّاً مما يعطيها خصوصيّة ثقافية منفردة. وقد تعتبر المنطقة إما جزء من العالم الغربي أو حضارة متميزة بما فيه الكفاية أو مرتبطة بالغرب كونها تنحدر منها.

وقام صامويل هنتنجتون في كتابه صدام الحضارات بفصل روسيا وأوروبا الشرقية عن الحضارة والعالم الغربي، وإعتبرها حضارة مستقلة وأطلق عليها الحضارة المسيحية الأرثوذكسية، وتمتد هذه الحضارة وفقاً له بين الدول ذات الغالبية الأرثوذكسية والحضارة المسيحية الشرقية المشتركة والتي ترتبط من الناحية التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية. تمتد الحضارة الأرثوذكسية من روسيا إلى أوكرانيا، والقوقاز، والبلقان، واليونان وقبرص. أساس ومركزية هذه الحضارة تراث الإمبراطورية البيزنطية والأرثوذكسية الشرقية. اللغات المنتشرة في هذه المنطقة الحضارية هي اللغات السلافية، واللغة الرومانية، واليونانية، والأرمنية والجورجية.[12] حيث يجادل صامويل هنتنجتون بأن روسيا هي في المقام الأول دولة غير غربيَّة على الرغم من أنها تشترك في قدر كبير من الأصول الثقافية مع الغرب الحديث. لكن وفقاً لهنتنغتون، فإن الغرب يتميز عن البلدان المسيحية الأرثوذكسية من خلال خبرته في عصر النهضة والإصلاح والتنوير. وعن طريق الإستعمار في خارج القارة الأوروبية بدلاً من التوسع والإستعمار للبلدان المتجاورة؛ وبواسطة تسريب الثقافة الكلاسيكية عبر اليونان القديمة بدلاً من المسار المستمر للإمبراطورية البيزنطية.

الأسس التاريخية

تعتبر اليونان القديمة وروما القديمة مهد الحضارة الغربية؛ حيث أثرت الأولى على الفلسفة والديمقراطية والعلوم والفن وتصميمات المباني والهندسة المعمارية؛ في حين أثرت الأخيرة على القانون، والحرب، ونظام الحكم، والجمهورية، والهندسة والدين. كما تأسست الحضارة الغربية على الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية المختلفة.[13] قبل الحرب الباردة، حددت وجهة النظر الغربية التقليدية الحضارة الغربية مع الدول الغربية المسيحية ذات التقاليد والثقافة الكاثوليكية والبروتستانتية.[14][15] وفي العصر الحديث، تأثرت الثقافة الغربية بشكل كبير بنهضة عصر النهضة، و عصر الاكتشاف والتنوير، و الثورة الصناعية.[16][17] من خلال الإمبريالية الواسعة والتنصير من قبل القوى الغربية في القرن الخامس عشر إلى القرن العشرين، تأثر الكثير من بقية مناطق العالم بالثقافة الغربية.

مراجع

  1. Dictionary.Reference.com, Western definition نسخة محفوظة 23 أبريل 2009 على موقع واي باك مشين.
  2. Bideleux, Robert؛ Jeffries, Ian، A history of eastern Europe: crisis and change، Routledge، ص. 48، ISBN 978-0-415-16112-1، مؤرشف من الأصل في 08 فبراير 2017.
  3. Western Civilization, Our Tradition; James Kurth; accessed 30 August 2011 نسخة محفوظة 11 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. Thompson, William؛ Hickey, Joseph (2005)، Society in Focus، Boston, MA: Pearson، 0-205-41365-X.
  5. Gregerson, Linda؛ Juster, Susan (2011)، Empires of God: Religious Encounters in the Early Modern Atlantic، University of Pennsylvania Press، ASIN B0777X45WX، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 28 يونيو 2018.
  6. Cambridge University Historical Series, An Essay on Western Civilization in Its Economic Aspects , p.40: Hebraism, like Hellenism, has been an all-important factor in the development of Western Civilization; Judaism, as the precursor of Christianity, has indirectly had had much to do with shaping the ideals and morality of western nations since the christian era.
  7. Caltron J.H Hayas, Christianity and Western Civilization (1953),Stanford University Press, p.2: That certain distinctive features of our Western civilization — the civilization of western Europe and of America— have been shaped chiefly by Judaeo - Graeco - Christianity, Catholic and Protestant.
  8. Horst Hutter, University of New York, Shaping the Future: Nietzsche's New Regime of the Soul And Its Ascetic Practices (2004), p.111:three mighty founders of Western culture, namely Socrates, Jesus, and Plato.
  9. Fred Reinhard Dallmayr, Dialogue Among Civilizations: Some Exemplary Voices (2004), p.22: Western civilization is also sometimes described as "Christian" or "Judaeo- Christian" civilization.
  10. Colburn, Forrest D (2002)، Latin America at the End of Politics، دار نشر جامعة برنستون، ISBN 978-0-691-09181-5، مؤرشف من الأصل في 12 مارس 2020.
  11. "Latin America." قاموس أكسفورد الإنجليزي الجديد. Pearsall, J., ed. 2001. Oxford, UK: Oxford University Press; p. 1040: "The parts of the أمريكتان where Spanish or Portuguese is the main national language (i.e. المكسيك and, in effect, the whole of أمريكا الوسطى and أمريكا الجنوبية including many of the الكاريبي islands)."
  12. THE WORLD OF CIVILIZATIONS: POST-1990 scanned image نسخة محفوظة March 12, 2007, على موقع واي باك مشين.
  13. "Roman Catholicism, "Roman Catholicism, Christian church that has been the decisive spiritual force in the history of Western civilization". Encyclopædia Britannica"، Encyclopedia Britannica، مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 22 فبراير 2018.
  14. Toynbee, Arnold (1947)، A Study of History: Abridgement of, Volumes 1–6 (ط. Oxford University Press)، ص. 155، ISBN 978-0-19-982669-8.
  15. Dawson, Christopher؛ Glenn Olsen (1961)، Crisis in Western Education (ط. reprint)، ص. 108، ISBN 978-0-8132-1683-6.
  16. "Western culture"، علم يوميا، مؤرشف من الأصل في 28 أبريل 2019.
  17. "A brief history of Western culture"، أكاديمية خان، مؤرشف من الأصل في 26 ديسمبر 2018.

وصلات داخلية

  • بوابة المسيحية
  • بوابة التاريخ
  • بوابة أوروبا
  • بوابة جغرافيا
  • بوابة الأمريكيتان
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.