دوناتية
حركة الدوناتيّة (باللاتينية: Donatismus؛ باليونانية: Δονατισμός Donatismós) هي حركة دينية مسيحية ظهرت في مقاطعة أفريكا الرومانيّة وازدهرت في القرنين الرابع والخامس.[1] ودعي المذهب باسم المذهب الدوناتي - نسبةً إلى صاحبه دونات الكبير. انتشرت الحركة بين المسيحيين الأمازيغ في الجزائر والمغرب وتونس الحاليّة. حظيت الحركة بقوة في عهد القديس أوغسطين في نهاية القرن الرابع، واختفت بعد الفتح الإسلامي للمغرب في القرن السابع والثامن.[2]
على عهد دقلديانوس اشتدَّت الدولة ضدَّ المسيحيين الذين تشبثوا بدينهم، وقاموا بِما يُشبه العصيان المدني، وقاوموا الإمبراطوريَّة بِشراسةٍ وعناد، حتَّى أنَّ الكنيسة أعلنت حرمان من يُلقي السلاح من رحمتها. ورُغم أنَّ الكنيسة نجحت في تنظيم نفسها وفي الصُمود بوجه الاضطهادات الرومانيَّة، إلَّا أنها بقيت مقصورةً على سواحل المغرب ولم تصل إلى القبائل الضاربة في بوادي وجبال المغرب الأقصى. وعرفت الكنيسة المغربيَّة انقساما خاصًا بها، هو المذهب الدوناتي - نسبةً إلى صاحبه دونات الكبير، أسقف الوطنيين، الذي أعلن عدم الاعتراف بأي كاهنٍ مهما علت مرتبته طالما كان مُستكينًا وراضخًا للسُلطات الإمبراطوريَّة، وطلب الاستشهاد في سبيل ذلك واستجاب لهُ كُل السَّاخطين على الإمبراطوريَّة وخاصَّةً من طبقات الكادحين.[3]
عندما أصبحت المسيحيَّة الديانة الرسميَّة للإمبراطوريَّة أيَّام قُسطنطين الأوَّل، وقف هذا الأخير ضدَّ الدوناتيَّة واعتبرهم خارجين عن القانون. وترتَّب على تحالف الإدارة والكنيسة ضدَّ المذهب الدوناتي أن أصبح المذهب رمز المُقاومة الشعبيَّة، وازداد انتشاره بِزيادة انتشار الفقر والبُؤس بين الأهالي الذين ثاروا ضدَّ الحُكومة والطبقة الغنيَّة، ودعوا إلى المُساواة. وحاولت الحُكومة مُجادلة أصحاب هذا المذهب، فكان القدِّيس أوغسطين ألد أعدائه، حيثُ شهَّر به وهاجم أساليبه العنيفة، وأباح للدولة استعمال العنف ضدَّ أصحاب هذا المذهب لِكسر شوكتهم وإعادتهم إلى حظيرة الكنيسة النيقيَّة. لكنَّ النتيجة جاءت عكسيَّة، إذ تحالف الكادحون والفُقراء مع الدوناتيَّة، واستمرَّ الصراع إلى وفاة دونات سنة 355م، واتخذ شكل الثورة الوطنيَّة في طرابُلس ونوميديا إلى سنة 375م. وبعد وفاة دونات استمرَّ أوغسطين في مُحاربة المُنشقين عن الكنيسة الوطنيَّة والهراطقة حتَّى انتصرت الكنيسة الإفريقيَّة على أعدائها، على أنَّ الدوناتيَّة استمرَّت بعض جماعاتها إلى القرن السَّادس الميلاديّ. وعندما وقعت بلادُ المغرب تحت حُكم قبائل الوندال الجرمانيَّة، ابتدأ فصلٌ جديد من فُصول الصراع الدينيّ، فقد فرض الوندال على الناس مذهبهم الآريوسي الذي يقول بطبيعة المسيح البشريَّة، واضطهدوا النصارى النيقيين وصادروا أملاك الكنيسة وأموالها وحوَّلوها إلى الآريوسيين.[4]
مراجع
- Cantor 1995، صفحات 51f.
- Cross, FL, المحرر (2005)، "Donatism"، The Oxford dictionary of the Christian church، New York: Oxford University Press، .
- مُؤنس، حُسين (1366هـ - 1947م)، فتح العرب للمغرب (PDF)، القاهرة - مصر: مكتبة الآداب بالجماميز، ص. 29، مؤرشف من الأصل (PDF) في 10 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 25 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2015م.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
و|سنة=
(مساعدة) - أبو الحسن عليّ بن الحُسين بن عليّ؛ تحقيق: أسعد داغر (1409هـ)، مروج الذهب ومعادن الجوهر (الجُزء الأوَّل) (ط. الأولى)، قُم - إيران: دار الهجرة، ص. 318.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
و|سنة=
(مساعدة)، الوسيط|access-date=
بحاجة لـ|url=
(مساعدة) [بحاجة لمراجعة المصدر ]
انظر ايضًا
- بوابة المسيحية
- بوابة روما القديمة
- بوابة الأمازيغ
- بوابة المغرب العربي
- بوابة المغرب
- بوابة الجزائر