حركة خالصتان

حركة خالصتان وبالأصل خالصستان أي أرض المخلصين، حركة انفصالية سيخية تسعى لإنشاء وطن للسيخ من خلال إقامة دولة ذات سيادة تحمل اسم خالصستان في منطقة بنجاب. تشمل أراضي الدولة المقترحة المناطق التي تعرف باسم بنجاب في كل من الهند وباكستان.[1]

علم حركة خالصتان

اشتملت الطموحات الإقليمية لحركة خالصتان الانفصالية، بعد تمكنها من استجماع قوتها في ثمانينيات القرن العشرين، على السيطرة على مناطق بنجاب الهندية وإقليم شانديغار بما في ذلك الشمال الهندي بالكامل، إضافة إلى بعض الأجزاء التابعة للولايات الغربية للهند. وفقًا لمؤسس حركة خالصتان، جاغيت سينخ شوهان، اقترح رئيس وزراء باكستان، ذو الفقار علي بوتو بعد انتهاء الحرب الباكستانية الهندية لعام 1971، وخلال محادثاته شوهان، تقديم الدعم الكامل لإنشاء دولة خالصتان.[2]

بدأت الدعوات لإنشاء دولة خاصة بالسيخ في أعقاب سقوط الإمبراطورية البريطانية. ظهرت أول دعوة صريحة لإنشاء دولة خالصتان في عام 1940، في منشور حمل عنوان «خالصتان».[3][4][5] ازدهرت الحركة في ولاية بنجاب الهندية ذات الاغلبية السيخية، خصوصًا بعد حصولها على دعم مالي وسياسي من أتباع الديانة السيخية في الشتات، واستمرت حالة الازدهار هذه في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ووصلت ذروتها في نهاية الثمانينيات. تلاشى التمرد في تسعينيات القرن العشرين،[6] وفشلت الحركة في الوصول إلى هدفها لعدة أسباب من بينها الحملة التي شنتها الشرطة الهندية على الانفصاليين، واشتعال اقتتال داخلي بين الفصائل التابعة للحركة إضافة إلى تراجع الروح المعنوية للسكان السيخ. حتى يومنا هذا، ما يزال بعض السيخ، سواء داخل الهند أو خارجها، يقدمون الدعم للحركة، كما يخرج بعضهم في مظاهرات سنوية احتجاجًا على عمليات القتل التي جرت خلال عملية النجم الأزرق. في بداية عام 2018، اعتقلت الشرطة بعض الأفراد المنتمين لجماعات مسلحة في منطقة بنجاب الهندية. ادعى رئيس وزراء بنجاب الهندية، أماريندر سينغ، أن حالات التطرف التي ظهرت مؤخرًا مدعومة من قبل المخابرات الباكستانية، ومن «المتعاطفين مع حركة خالصتان» في كل من كندا وإيطاليا والمملكة المتحدة.[7][8][9][10][11]

قبل خمسينيات القرن العشرين

خريطة إمبراطورية المهراجا رانجيت سينغ السيخية في ذروة اتساعها عام 1838، والتي تقع معظم أراضيها في المنطقة التي تعرف اليوم باسم باكستان.

يتركز أتباع الديانة السيخية في منطقة بنجاب في جنوب آسيا. قبل غزوها من قبل بريطانيا، كانت المنطقة المحيطة ببنجاب تقع تحت حكم دولة ميسلس السيخية الاتحادية التي أسسها باندا باهادور. وقعت منطقة بنجاب بأكملها تحت حكم المسلمين من عام 1767وحتى عام 1799 عندما تمكن المهراجا رانجيت سينغ من توحيد الكونفدرالية، وبقي الوضع على ما هو عليه حتى عام 1849. تفككت الإمبراطورية السيخية، في أعقاب حرب السيخ الثانية، إلى ولايات أميرية منفصلة ومقاطعة بنجاب البريطانية. ظهرت، إثر اتباع البريطانيين لسياسة «فرق تسد»، التي اشتملت على حشد متبعي كل ديانة في مناطق خاصة تفصلها عن المناطق الأخرى حدود محلية، العديد من الحركات القومية الدينية في صفوف الهندوس والمسلمين والبوذيين والسيخ.[12][13][14]

مع بداية تفكك الإمبراطورية البريطانية في ثلاثينيات القرن العشرين، نادى السيخ لأول مرة بإقامة وطن لهم. أطلقت رابطة مسلمي عموم الهند في مارس 1940 قرارًا بتحويل بنجاب إلى دولة مسلمة، الأمر الذي اعتبره أتباع حركة أكالي محاولة لاغتصاب أراضي السيخ التاريخية. ردًا على ذلك، دعا حزب شيروماني أكالي دال السيخي إلى إقامة مجتمع يفصل فيه المسلمون عن السيخ. كان حزب شيروماني أكال دال السيخي يسعى لبناء دولة خالصتان الثيوقراطية=، برئاسة المهراجا باتيلا، وتشتمل على أجزاء من بنجاب الهندية ومن بنجاب الباكستانية (بما في ذلك مدينة لاهور) ومدينة شيملا.[15][16][17]

تقسيم الهند، 1947

خريطة لمحافظة بنجاب البريطانية عام 1909

قبل تقسيم الهند عام 1947، لم يكن السيخ أغلبية في أي من مقاطعات بنجاب البريطانية ما عدا ولاية لوديانا (التي كان يشكل السيخ فيها ما نسبته 41.6% من السكان)، أما بقية الولايات فكانت ذات أغلبية هندوسية أو مسلمة.[18]

قُسم الراج الهندي على أساس ديني في عام 1947، وانقسم بذلك إقليم بنجاب بين الهند وباكستان، التي كانت حينها دولة حديثة التأسيس. نتجية لذلك، هاجر غالبية السيخ، والهندوس، من المنطقة الباكستانية إلى بنجاب الهندية، التي تضمنت منطقة هاريانا والأراضي التي تعرف اليوم باسم هيماجل برديش. انخفضت نسبة السيخ في باكستان (بعد ارتفاعها في بعض المناطق الباكستانية في عام 1941 إلى 19.8%) إلى 0.1%، بالمقابل، ارتفعت نسبتهم في المناطق الهندية بشكل كبير. مع ذلك، بقي السيخ أقلية في مقاطعة بنجاب الهندية، التي ظلت منطقة ذات أغلبية هندوسية.[19]

علاقة السيخ بمنطقة بنجاب (وفقًا لأوبيروي)

خريطة لولاية بنجاب الحالية في الهند. بعد التقسيم، أصبحت المناطق الشرقية من بنجاب تعرف باسم اتحاد ولايتي باتيلا وشرق البنجاب (PEPSU). أعيد تقسم الاتحاد في عام 1966 وشكلت بذلك ولايات هاريانا وهيماشال براديش وبنجاب. تعد ولاية بنجاب الولاية الهندية الوحيدة ذات الاغلبية السيخية.

يدعي المؤرخ السيخي، هارجوت سينغ أوبيروي، أن الأرض لم تكن أبدًا عنصرًا أساسيًا في تعريف السيخ لنفسهم، لكنه، وبنفس الوقت، أكد على الروابط التاريخية التي تربط السيخ بأرض بنجاب. يؤكد أوبيروي أن ارتباط السيخ ببنجاب هو ظاهرة حديثة بدأت في أربعينيات القرن العشرين. من الناحية التاريخية، لطالما كانت الديانة السيخية منتشرة في عموم الأراضي الهندية، إذ اقتبس كتاب جورو جرانث صاحب (الكتاب المقدس الأهم في السيخية) من أقوال القديسين في كل من شمالي الهند وجنوبه. بالمقابل، تقع العديد من أهم المناطق المقدسة السيخية (كنانكا صاحب في باكستان، وتخت سري باتنا صاحب في ولاية بهار الهندية، وحضور صاحب في منطقة نانديد التابعة لولاية ماهاراشترا الهندية) خارج منطقة بنجاب.[20][21]

يرى أوبيروي أن زعماء السيخ في أواخر الثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين أدركوا بأن هيمنة المسلمين على باكستان وهيمنة الهندوس على الهند باتت وشيكة، وبهدف إضفاء الشرعية على المطالبات بإقامة دولة للسيخ داخل بنجاب، شرع زعماء السيخ بكتابة مؤلفات وتحليلات تشير إلى أن بنجاب للسيخ وأن السيخ من بنجاب، وبدأت بذلك عملية أقلمة المجتمع السيخي.[20]

أضفي الطابع الرسمي على عملية أقلمة مجتمع السيخ في شهر مارس 1946، وذلك بإصدار حزب شيروماني أكالي دال السيخي قرارًا يعلن ارتباط السيخ بأراضي بنجاب. يرى أوبيروي أن القضية الانفصالية لحركة خالصتان، لم تكن رئيسية في البلاد إلا عندما بدأت الحركة بالعسكرة في أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن العشرين، مع أن الحركة ظهرت لأول مرة في بداية القرن.[22][23]

من خمسينيات إلى سبعينيات القرن العشرين

ثمة روايتان مختلفتان حول أصول الدعوات لإقامة دولة خالصتان ذات السيادة، تشير الرواية الأولى إلى الأحداث داخل الهند، بينما تربط الثانية هذه الدعوات بالدور الذي لعبه السيخ في الشتات. تختلف كلتا الروايتين في شكل الحكم المقترح للدولة السيخية (على سبيل المثال الثيوقراطية مقابل الديمقراطية) وفي الاسم المقترح للبلاد (سيخستان مقابل خالصتان) وفي الحدود الجغرافية الدقيقة لها، مع أنه كان من المتوقع لها أن تكون جزءًا من الأراضي التاريخية لمنطقة بنجاب.[24]

انظر أيضًا

مراجع

  1. Kinnvall, Catarina. 2007. "Situating Sikh and Hindu Nationalism in India." In Globalization and Religious Nationalism in India: The Search for Ontological Security, (Routledge Advances in International Relations and Global Politics 46). London: روتليدج. (ردمك 978-1-134-13570-7). نسخة محفوظة 2021-02-03 على موقع واي باك مشين.
  2. Gupta, Shekhar؛ Subramanian, Nirupaman (15 ديسمبر 1993)، "You can't get Khalistan through military movement: Jagat Singh Chouhan"، India Today (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 04 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 29 نوفمبر 2019.
  3. Axel, Brian Keith (2001)، The Nation's Tortured Body: Violence, Representation, and the Formation of a Sikh "Diaspora" (باللغة الإنجليزية)، Duke University Press، ص. 84، ISBN 978-0-8223-2615-1، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2021، The call for a Sikh homeland was first made in the 1930s, addressed to the quickly dissolving empire.
  4. Shani, Giorgio (2007)، Sikh Nationalism and Identity in a Global Age، Routledge، ص. 51، ISBN 978-1-134-10189-4، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2021، However, the term Khalistan was first coined by Dr V.S. Bhatti to denote an independent Sikh state in March 1940. Dr Bhatti made the case for a separate Sikh state in a pamphlet entitled 'Khalistan' in response to the Muslim League's Lahore Resolution.
  5. Bianchini, Stefano؛ Chaturvedi, Sanjay؛ Ivekovic, Rada؛ Samaddar, Ranabir (2004)، Partitions: Reshaping States and Minds، Routledge، ص. 121، ISBN 978-1-134-27654-7، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2021، Around the same time, a pamphlet of about forty pages, entitled 'Khalistan', and authored by medical doctor, V.S. Bhatti, also appeared.
  6. "India gives Trudeau list of suspected Sikh separatists in Canada"، Reuters، 22 فبراير 2018، مؤرشف من الأصل في 03 فبراير 2021، The Sikh insurgency petered out in the 1990s. He told state leaders his country would not support anyone trying to reignite the movement for an independent Sikh homeland called Khalistan.
  7. Ali, Haider (06 يونيو 2018)، "Mass protests erupt around Golden Temple complex as pro-Khalistan sikhs mark Blue Star anniversary"، Daily Pakistan، مؤرشف من الأصل في 6 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 25 يونيو 2018.
  8. "UK: Pakistani-origin lawmaker leads protests in London to call for Kashmir, Khalistan freedom"، Scroll، مؤرشف من الأصل في 03 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 29 يونيو 2018.
  9. Bhattacharyya, Anirudh (05 يونيو 2017)، "Pro-Khalistan groups plan event in Canada to mark Operation Bluestar anniversary"، Hindustan Times، مؤرشف من الأصل في 04 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 06 يوليو 2018.
  10. "New brand of Sikh militancy: Suave, tech-savvy pro-Khalistan youth radicalised on social media"، Hindustan Times، مؤرشف من الأصل في 04 مارس 2021.
  11. Majumdar, Ushinor، "Sikh Extremists In Canada, The UK And Italy Are Working With ISI Or Independently"، Outlook India، مؤرشف من الأصل في 20 يوليو 2019، Q. Is it clear which "foreign hand" is driving this entire nexus? A. Evidence gathered by the police and other agencies points to the ISI as the key perpetrator of extremism in Punjab. (Amarinder Singh Indian Punjab Chief Minister)
  12. Wallace, Paul (1986)، "The Sikhs as a "Minority" in a Sikh Majority State in India"، Asian Survey، 26 (3): 363–377، doi:10.2307/2644197، ISSN 0004-4687، JSTOR 2644197، Over 8,000,000 of India's 10,378,979 Sikhs were concentrated in Punjab
  13. Jolly, Sikh Revivalist Movements (1988), p. 6.
  14. Panton, Kenneth J. (2015)، Historical Dictionary of the British Empire (باللغة الإنجليزية)، Rowman & Littlefield، ص. 470، ISBN 978-0-8108-7524-1، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2021، A second conflict, just two years later, led to complete subjugation of the Sikhs and the incorporation of the remainder of their lands
  15. Fair, Diaspora Involvement in Insurgencies (2005), p. 127.
  16. Axel, Brian Keith (2001)، The Nation's Tortured Body: Violence, Representation, and the Formation of a Sikh "Diaspora" (باللغة الإنجليزية)، Duke University Press، ص. 84، ISBN 978-0-8223-2615-1، مؤرشف من الأصل في 21 يوليو 2021، Against the nationalist ideology of a united India, which called for all groups to set aside "communal" differences, the Shiromani Akali Dal Party of the 1930s rallied around the proposition of a Sikh panth (community) that was separate from Hindus and Muslims.
  17. Tan, Tai Yong؛ Kudaisya, Gyanesh (2005) [First published 2000]، The Aftermath of Partition in South Asia، Routledge، ص. 100، ISBN 978-0-415-28908-5، مؤرشف من الأصل في 04 فبراير 2021، The professed intention of the Muslim League to impose a Muslim state on the Punjab (a Muslim majority province) was anathema to the Sikhs... the Sikhs launched a virulent campaign against the Lahore Resolution... Sikh leaders of all political persuasions made it clear that Pakistan would be 'wholeheartedly resisted'.
  18. Hill, K.؛ Seltzer, W.؛ Leaning, J.؛ Malik, S.J.؛ Russell, S. S.؛ Makinson, C. (2003)، A Demographic Case Study of Forced Migration: The 1947 Partition of India، Harvard University Asia Center، مؤرشف من الأصل في 06 ديسمبر 2008
  19. McLeod, W. H. (1989)، The Sikhs: History, Religion, and Society، Columbia University Press، ISBN 978-0-231-06815-4، مؤرشف من الأصل في 8 مارس 2021
  20. Fair, Diaspora Involvement in Insurgencies (2005), p. 129.
  21. "Gurudwaras Outside of Punjab State"، Gateway To Sikhism (باللغة الإنجليزية)، 30 نوفمبر 1999، مؤرشف من الأصل في 02 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 17 أكتوبر 2020.
  22. Fair, Diaspora Involvement in Insurgencies (2005), p. 130.
  23. Fair, Diaspora Involvement in Insurgencies (2005), p. 128.
  24. Fair, Diaspora Involvement in Insurgencies (2005), p. 134.
  • بوابة السياسة
  • بوابة السيخية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.