حقوق الإنسان في الهند

تُعتبر الحقوق الإنسانية مسألة معقدة في الهند على الرغم من كونها أكبر جمهورية ديمقراطية ذات سيادة وعلمانية في العالم، ويعود ذلك إلى الحجم الكبير للبلاد وتعدادها السكاني الهائل، والفقر المنتشر والافتقار إلى التعليم المناسب، بالإضافة إلى التنوع الثقافي الموجود فيها. تنص بنود دستور الهند على الحقوق الأساسية التي تشمل حرية الاعتقاد وحرية التعبير والفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية، وحرية الحركة داخل البلاد وخارجها، وتتمتع دولة الهند بجهاز قضائي مستقل،[1][2] وهيئات مخصصة للنظر في قضايا حقوق الإنسان.[3]

يقبل تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2016 جميع هذه الصلاحيات المذكورة، علمًا أنه يشير إلى أن الهند لديها «مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان، إضافة إلى تعرض فئات المجتمع المدني للمضايقة؛ ومنتقدي الحكومة للترهيب والدعاوى القضائية، وهوجمت (حرية التعبير) من قبل الدولة والفئات ذات المصالح، واتهمت الأقليات المسلمة والمسيحية السلطات بعدم بذل ما يكفي لحماية حقوقهم، علمًا أنه قد تم التركيز بشكل أكبر على حقوق الأقليات وحرية التعبير في السنوات الأخيرة، ولم تُلغ الحكومة القوانين التي تمنح الموظفين الحكوميين وقوات الأمن الحصانة من المقاضاة في حالات إساءة المعاملة».[4][5]

استخدام الشرطة للتعذيب

قدر المركز الآسيوي لحقوق الإنسان موت حوالي أربعة أشخاص يوميًا أثناء احتجازهم لدى الشرطة في الفترة الممتدة من عام 2002 وحتى 2008، وتعود «المئات» من هذه الوفيات إلى استخدام الشرطة للتعذيب.[6] تصل نسبة الضباط الذين استخدموا الاعتداء الجسدي أو العقلي على السجناء وفق التقرير الذي كتبه معهد إدارة السجون في بنجاب إلى 50%،[7] إذ وُثقت حالات التعذيب في بنغال الغربية مثل عدم توفر المرافق الصحية والحيز والمياه.[8]

العنف الديني

سادت النزاعات الطائفية بين الجماعات الدينية في الهند منذ استقلالها عن الحكم البريطاني، وتطورت أثناء تقسيم الهند إلى أعمال شغب عنيفة واسعة النطاق أودت بحياة الكثير من الناس.[9] تُشير بعض التقديرات إلى موت أكثر من 2000 شخص من السيخ على يد أعضاء حزب المؤتمر الوطني الهندي العلماني في عام 1984، وقد حصلت أعمال شغب أخرى مثل مذبحة هاشمبورا وأعمال شغب بومباي التي تم القتل فيها بناءً على طلب قادات الكونغرس مثل جاغديش تايتلر، هذا الأمر الذي دفع رئيس الوزراء السابق مانموهمان سينغ إلى الاعتذار في لوك سابها عن تورط أعضاء الكونغرس في هذه الأعمال.[10]

حصلت حوادث أقل وطأةً في العديد من المدن والقرى مثل مقتل خمسة أشخاص في ماو في ولاية أوتار براديش خلال أعمال شغب بين الهندوس والمسلمين، ومذبحة ماراد في عام 2002؛ فضلًا عن بعض أعمال الشغب الإسلامية الأخرى التي نُفذت من قبل المسلمين التاميل.[11][12]

مواضيع ذات صلة

شهدت الهند المعاصرة انخفاضًا في تأثير الطائفية، ويرجع هذا الانخفاض جزئيًا إلى انتشار التعليم -الذي كان له تأثيرًا ديمقراطيًا على النظام السياسي- في جميع طوائف المجتمع، وقد أكدت منظمة العفو الدولية على أن «تقع مسؤولية سن وتطبيق الأحكام القانونية ضد التمييز على أساس الطائفة والنسب على عاتق الحكومة الهندية بالكامل».[13]

على الرغم من إلغاء الحكومة «قانون القبائل الإجرامية (1871)»، ووضعها لقانون «المعتادين على الجريمة (1952)»، فقد بقيت القبائل غير المُعلن عنها في الهند، إضافة إلى العديد من القبائل البدوية التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة تواجه وصمة عار اجتماعية وصعوبات اقتصادية.[14]

حرية التعبير

احتلت الهند في عام 2010 وفقًا لتقديرات (مراسلون بلا حدود) على مقياس يمتد من الصفر (الأكثر حرية) إلى 105 (الأقل حرية) المرتبة 122 في حرية الصحافة على مستوى العالم، ووصلت إلى المرتبة 140 (40.34 من 105) في عام 2014، وهي تُعتبر أحد أفضل المراتب في المنطقة.[15] ينص الدستور الهندي على «الحق في حرية التعبير» الخاضعة للعديد من القيود بموجب بنود فرعية من ضمنها «سيادة الهند وسلامتها، وأمن الدولة والعلاقات الودية مع الدول الأجنبية والنظام العام، والحفاظ على الكرامة والأخلاق؛ وذلك بالأمور التي تتعلق بحرمة المحكمة أو التشهير أو التحريض على الجريمة».[16]

بقيت سيطرة الدولة على وسائل الإعلام العائق الرئيسي لحرية الصحافة، إذ ذكرت أنديرا غاندي في عام 1975 أن «إذاعة كل الهند هي جهاز حكومي وستبقى جهازًا حكوميًا»، ولكن ازدهرت سيطرة القطاع الخاص على وسائل الإعلام مع بدء التحرير في التسعينيات، الأمر الذي أدى إلى زيادة استقلالية وسائل الإعلام بالتوازي مع زيادة التدقيق من قبل الحكومة.[17]

حقوق المثليين في الهند

اعتبرت محكمة دلهي العليا ممارسة المثلية الجنسية إجرامًا وفق تفسيرات المادة 377 الغامضة من قانون العقوبات الهندي البالغ 150 عامًا، وبقي الأمر كذلك حتى ألغى خمسة قضاة دستوريين من المحكمة العليا تجريم ممارسة المثلية الجنسية والتمييز القائم على أساس الميول الجنسية في 6 سبتمبر عام 2018.[18]

حسب الولاية

آسام

اعتُقل بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش صحفيين ونشطاء لحقوق الإنسان بسبب بلاغات كاذبة عن انتهاكات لحقوق الإنسان، إذ تُعتبر آسام من أولى الولايات التي ارتكبت فيها الهند انتهاكات لحقوق الإنسان، وقد ذكرت منظمة «فريدوم هاوس» في تقريرها لعام 2013 عن تعرض الصحفيين في المناطق الريفية والمناطق التي تتصدى لحالات التمرد -بما في ذلك آسام- للخطر ومواجهتهم للضغوط من كلا الطرفين المتنازعين.[19]

بنجاب

شاركت ولاية بنجاب من عام 1984 وحتى 1994 في الصراع على السلطة بين حركة خاليستان الانفصالية المتشددة وقوات الأمن الهندية، إذ ردت الحكومة الهندية على تمرد البنجاب المتصاعد بإطلاق عملية بلو ستار عام 1984، والتي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين والمقاتلين والجنود واغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي على يد حراس السيخ.[20]

تبنت قوات أمن الدولة طبقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش «أساليب وحشية بشكل متزايد لوقف التمرد مثل الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة وحالات الاختفاء وقتل المدنيين والمسلحين المشتبه بهم دون محاكمة»، إذ ردت المنظمات المسلحة العنف بالعنف.[21]

جامو وكشمير

أبلغت العديد من الوكالات الدولية ومن بينها الأمم المتحدة عن انتهاكات لحقوق الإنسان في جامو وكشمير، وقد صرح المتحدثون باسم مكتب المفوض السامي في بيان صحفي بأن «مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان يشعر بالقلق حول الاحتجاجات العنيفة التي تديرها الحكومة مؤخرًا في كشمير، إذ أدت هذه الاحتجاجات إلى وقوع إصابات بين المدنيين فضلًا عن تقييد الحق في حرية التجمع والتعبير».[22]

اتهمت تقارير هيومن رايتس ووتش الجيش الهندي والقوات شبه العسكرية المدعومة من قبل الحكومة الهندية «بارتكاب انتهاكات جسيمة واسعة النطاق على حقوق الإنسان في كشمير»، و«استخدام الاغتصاب كوسيلة لمعاقبة المجتمعات وإذلالها». أدانت العديد من منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش انتهاكات حقوق الإنسان الحاصلة في كشمير، وطلبت من الحكومة الهندية إلغاء قانون السلامة العامة الذي يقول إن «الشخص الموقوف قد يبقى رهن الاعتقال لمدة أقصاها سنتين بدون أمر من المحكمة».[23][24]

حقوق المرأة المسلمة في الهند

يُعتبر نظريًا عدم التمييز بين الجنسين أحد الهواجس الهامة في الهند، ولكن من الناحية العملية فإن المرأة المسلمة هي واحدة من المجموعات الرئيسية المحرومة من حقوق المساواة، والتي استقت معاناتها من أسباب ثقافية ودينية مثل المعتقدات الإسلامية واليهودية- المسيحية والتفسيرات الذكورية للقرآن.[25]

قانون الأحوال الشخصية وعدم المساواة

تعاني المرأة المسلمة من عدم المساواة بين الجنسين في العمل وفقًا لقانون الأحوال الشخصية على الرغم من وجود اعتراف رسمي في الحقوق بالدستور، إذ يعطي هذا القانون مكانة أقل للمرأة العاملة، مما أثار الحاجة إلى الإصلاح القانوني.[26]

المراجع

  1. "Hands off, supreme court tells govt, reaffirming its primacy in judicial appointments"، مؤرشف من الأصل في 4 مارس 2016.
  2. "No Worry Till Judiciary's Independence is Maintained: Chief Justice of India"، NDTV.com، مؤرشف من الأصل في 22 أغسطس 2019، اطلع عليه بتاريخ 17 يونيو 2019.
  3. "Act in Block Grant teachers' issue: NHRC to OHRC"، dailypioneer.com، مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2019، اطلع عليه بتاريخ 17 يونيو 2019.
  4. "India"، مؤرشف من الأصل في 12 أبريل 2018، اطلع عليه بتاريخ 02 أغسطس 2016.
  5. "India"، 08 يناير 2016، مؤرشف من الأصل في 14 يوليو 2019، اطلع عليه بتاريخ 02 أغسطس 2016.
  6. "Hundreds die of torture in India every year - report"، Reuters، 25 يونيو 2008، مؤرشف من الأصل في 9 سبتمبر 2019.
  7. Malik, Saurabh، "Torture main reason of death in police custody"، The Tribune، مؤرشف من الأصل في 03 مارس 2009، اطلع عليه بتاريخ 15 مايو 2011.
  8. Custodial deaths in West Bengal and India's refusal to ratify the Convention against Torture Asian Human Rights Commission 26 February 2004 نسخة محفوظة 3 مارس 2011 على موقع واي باك مشين.
  9. "US saw Cong hand in Sikh massacre, reveal Wiki leaks"، تايمز أوف إينديا، 06 مايو 2011، مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2013، اطلع عليه بتاريخ 10 مايو 2011.
  10. Nichols, B (2003)، "The Politics of Assassination: Case Studies and Analysis" (PDF)، Australasian Political Studies Association Conference، مؤرشف من الأصل في 5 مارس 2009.
  11. "Gujarat riot death toll revealed"، BBC، 11 مايو 2005، مؤرشف من الأصل في 6 يناير 2009.
  12. Ganguly, Meenakshi، "India: A Decade on, Gujarat Justice Incomplete"، Human Rights Watch، مؤرشف من الأصل في 9 سبتمبر 2019.
  13. The caste bogey in election analysis, Dipankar Gupta, March 21, 2014 نسخة محفوظة 12 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  14. "Archived copy"، مؤرشف من الأصل في 11 أغسطس 2014، اطلع عليه بتاريخ 14 مارس 2016.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: الأرشيف كعنوان (link)
  15. "Press Freedom Index 2014" نسخة محفوظة 14 February 2014 على موقع واي باك مشين., Reporters Without Borders
  16. "Press Freedom Index 2010" نسخة محفوظة 21 July 2011 على موقع واي باك مشين., Reporters Without Borders
  17. "The Prevention of Terrorism Act 2002"، مؤرشف من الأصل في 14 سبتمبر 2019.
  18. <Please add first missing authors to populate metadata.> (يوليو 1982)، "Freedom of the Press"، PUCL Bulletin، People's Union for Civil Liberties، مؤرشف من الأصل في 14 نوفمبر 2018.
  19. "Over 900 human rights violation cases pending"، The Times of India، 6 يونيو 2016، مؤرشف من الأصل في 1 أغسطس 2018.
  20. Kaur, Jaskaran (2004)، Twenty Years of Impunity: The November 1984 Pogroms of Sikhs in India، Ensaaf، مؤرشف من الأصل في 21 فبراير 2009.
  21. "India-Who Killed the Sikhs"، Dateline، 03 أبريل 2002، مؤرشف من الأصل في 12 سبتمبر 2007، اطلع عليه بتاريخ 27 أبريل 2009.
  22. "India’s Secret Army in Kashmir: New Patterns of Abuse Emerge in the Conflict", Human Rights Watch, 1 May 1996 نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2014 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  23. "India", 2006 Country Reports on Human Rights Practices, Bureau of Democracy, Human Rights, and Labor, U.S. Department of State, 6 March 2007 نسخة محفوظة 8 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  24. "Kashmir's extra-judicial killings", BBC News, 8 March 2007 نسخة محفوظة 8 ديسمبر 2008 على موقع واي باك مشين.
  25. Math, SB (2011)، "Supreme Court judgment on polygraph, narcoanalysis & brain-mapping: a boon or a bane"، Indian J. Med. Res.، 134: 4–7، PMC 3171915، PMID 21808125.
  26. At 190.
  • بوابة حقوق الإنسان
  • بوابة الهند
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.