تفاوت (اقتصاد)

التفاوت الاقتصادي هو الاختلاف الموجود في مختلف مقاييس الرفاه الاقتصادى بين أفراد ضمن مجموعات، أو بين مجموعات ضمن السكان، أو بين البلاد. أحيانًا يشير مصطلح «التفاوت الاقتصادي» إلى «تفاوت الدخل» أو «التفاوت في الثروة» أو «فجوة الثراء». يركز علماء الاقتصاد عمومًا على التفاوت الاقتصادي في ثلاث مقاييس: الثروة والدخل والاستهلاك.[1] إن قضية التفاوت الاقتصادي لها صلة وثيقة بمفهوم التكافؤ والمساواة في النتائج

اختلاف في عدم تكافؤ الدخل القومي كما هو موضح بواسطة معامل جيني. إن معامل جيني ينحصر بين الصفر والواحد، حيث يكون صفرا عندما ينطبق منحنى لورنز على خط التساوي وتكون المساحة مساوية للصفر ويكون عندها توزيع الدخل متساويا لجميع أفراد المجتمع (التوزيع الأمثل للدخل)، ويكون واحدًا في حالة عدم التكافؤ الكلي.

وتكافؤ الفرص .[2]

يختلف التفاوت الاقتصادي بين المجتمعات والحقب الزمنية والهياكل والنظم الاقتصادية، وهذا المصطلح يمكن أن يشار إليه  بالتوزيع المقطعي للدخل أو الثروة في أي فترة معينة أو تغييرات الدخل والثروة في فترات زمنية أطول.[3] يوجد العديد من مؤشرات الرقمية لقياس التفاوت الاقتصادي، ومن هذه المؤشرات معامل جيني الذي يعتبر من المؤشرات واسعة النطاق، ولكن أيضًا يوجد العديد من الطرق الأخرى لقياس التفاوت الاقتصادي.

و تشير الأبحاث إلى أن زيادة عدم المساواة يعيق فترة النمو وليس معدلها.[4][5] وفي حين أن العولمة قد قللت عدم المساواة العالمية (بين الدول) إلى أنها أدت إلى ارتفاع عدم المساواة داخل الدول.[6]

الآثار

لقد وجد عدد من الباحثين أن آثار اللا مساواة تسببت في ارتفاع نسبة المشاكل الصحية والاجتماعية، وانخفاض نسبة المنافع الاجتماعية[7]، وانخفاض مستوى المنفعة الاقتصادية في المجتمع من الموارد المخصصة للاستهلاك المتطور[8]، وانخفاض مستوى النمو الاقتصادي عندما تم إهمال الموارد البشرية لأجل الاستهلاك المتطور.[9] وبالنسبة إلى أعلى 21 دولة صناعية، يقل متوسط العمر في الدول التي لديها عدم مساواة (r = -.907) [10]، ويوجد علاقة مماثلة أيضًا بين الولايات الأمريكية وهي (r = -.620).[11]

مباني في مدينو ريو دي جانيرو توضح انعدام  المساواة

ولقد صرح روبرت شيلر الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 2013 أن المشكلة الأهم[12] تتمثل في ارتفاع عدم التكافؤ في الولايات المتحدة والعالم بأجمعه.

إن تزايد عدم التكافؤ يضر بالنمو الاقتصادي.[13]

إن التقسيم الاقتصادي الطبقي للمجتمع إلى  صفوة وعامة لعب دورًا رئيسيًا في انهيار الحضارات المتقدمة مثل الرومان، والهان، وجوبتا.[14]

البيئة

يمكن تقديم العديد من الحجج بشأن علاقة البيئة بالفقر. في بعض الحالات، التخفيف من حدة الفقر يمكن أن يضر بالبيئة أو تفاقم التدهور، وهذا يعني أن كلما قل التكافؤ الاقتصادي، كلما ازدات نسبة التلوث والمخلفات، وهذا قد يؤدي في الكثير من الحالات إلى تدهور أكثر في البيئة. ويمكن تفسير ذلك بحقيقة أن عندما يصبح الأشخاص الفقراء أكثر ثراءً فهذا بذلك يزيد من الانبعاثات الكربونية السنوية، كما ينص منحنى كويزنتس البيئي.[15][16][17][18] والجدير بالذكر، في حالات معينة بالرغم من عدم التكافؤ الاقتصادي الهائل، فإن نسبة التلوث والمخلفات منخفضة; لأن هذه المخلفات يتم التخلص منها بطريقة أفضل فيما بعد (المعالجة بالمياه – التنقية – إلخ)[19]، وأن أيضًا الزيادة الكلية في التدهور الاقتصادي هي نتيجة زيادة الانبعاثات لكل شخص مضروبة في مضاعف. لذلك إذا قل عدد الأشخاص، سيقل عدد المضاعف، وبذلك سينخفض معدل التدهور البيئى، وبهذا فإن المستوى المرتفع الحالي للسكان له تأثير كبير على هذا أيضًا. وكما صرح الصندوق العالمي للطبيعة أن إذا انخفضت مستويات السكان إلى المستوى المستدام (3/1 المستويات الحالية أي حوالي ملياري شخص)[20]، يمكن معالجة أو تدارك عدم المساواة بين البشر، وفي نفس الوقت المحافظة على البيئة من التدهور.

ومن ناحية أخرى، ترى مصادر أخرى أن التخفيف من حدة الفقر سينتج عنه تقدمًا إيجابيًا في البيئة، خاصة مع التقدم التكنولوجي في كفاءة الطاقة. فعلى سبيل المثال، إن ظاهرة التوسع الحضري من الممكن أن تقلل من المساحة التي يؤثر فيها الإنسان على البيئة، وذلك يؤدي إلى حماية البيئة في مناطق أخرى.[21] ومن خلال تكثيف المجتمعات البشرية، من الممكن أن تسمح  المناطق الحضارية للمزيد من الاحتياطات المخصصة للحياة البرية. وعلاوة على ذلك، سيجعل التحضر هذه المجتمعات مجتمعات لديها مستوى معيشي أعلى يمكن أن يعزز من الصحة البيئية عن طريق توفير غذاء صحي، وتكنولوجيا وتعليم، وما شابه ذلك. إن العلاقة التي تربط بين التخفيف من وطأة الفقر والحفاظ على البيئة تبرز فكرة أن التفاوت الاقتصادي الشديد بين الفقير والغني اضطر الكثير من الناس للتضحية بالفكر البيئي لمجرد البقاء على قيد الحياة.[22]

العوامل المخففة

توجد مستويات أقل من اللا مساواة عموما في الدول ذات السلطة التشريعية اليسارية.[23][24] تقلل بعض العوامل من اللا مساواة الاقتصادية والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين: تدابير برعاية الحكومة أو مدفوعة من السوق. استحقاقات وفعالية كل طريقة لا تزال موضع نقاش.

تشمل التدابير الحكومية لتخفيف اللا مساواة الاقتصادية كلا من:

  • المدارس الحكومية: زيادة العمالة الماهرة وتقليل اللا مساواة في الدخل بسبب التفاضلات التعليمية.
  • الضرائب التصاعدية: من خلال فرض الضرائب على الأغنياء بصورة متناسبة أكثر من الفقراء، وخفض كمية اللا مساواة في الدخل في المجتمع إذا لما يؤدي التغير في الضرائب إلى التغيرات المرجوة في الدخل.[25]

[26]

تشمل قوى السوق خارج تدخل الحكومة والتي يمكنها خفض اللا مساواة الاقتصادية:

  • الميل الحدي للاستهلاك: مع ارتفاع الثروة والدخل، قد ينفق الفرد أكثر. في مثال جامح، إذا امتلك فرد ما كل شيء، فإنه سيحتاج على الفور أن يعين الناس ليحافظ على ممتلكاته وبالتالي يقلل تركيز الثروة.[27] على الجانب الآخر، يشير مايالا إلى حقيقة أن انخفاض الرغبة في الاستهلاك عند ارتفاع الدخل يؤدي إلى زيادة المدخرات، مما يقوي من مركز السوق للشريحة الاجتماعية الثرية أكثر.[28]

يوضح الباحثون أنه منذ 1300، فإن الفترة الوحيدة التي شهدت تراجعا كبيرا في اللا مساواة في الثروة في أوروبا كانت في تبعات الموت الأسود وبعد الحربين العالميتين. يوضح المؤرخ والتر شيدل أنه ومنذ العصر الحجري، فإن العنف الشديد والكوارث والقلاقل في صورة حرب شاملة والثورات الاشتراكية وانهيار الدول هي ما قللت بوضوح اللا مساواة الاقتصادية. كما أعلن أن «فقط الحرب النووية الشاملة هي ما قد يعيد توزيع المصادر بصورة كاملة من جديد» وأن «سياسات الإصلاح السلمية قد أثبتت أنها غير كافية لمواجهة تحديات النمو في اللا مساواة الاقتصادية».[29]

المراجع

  1. Dickinson, J. C. (08 يناير 1971)، "Hydra-Headed Pesticides"، Science، 171 (3966): 16–16، doi:10.1126/science.171.3966.16، ISSN 0036-8075، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  2. Keita, Gwendolyn Puryear (2013)، "Public Interest: Economic inequality and the March on Washington"، PsycEXTRA Dataset، مؤرشف من الأصل في 24 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 21 سبتمبر 2018.
  3. Wojciech Kopczuk, Emmanuel Saez, and Jae Song find that "most of the increase in the variance of ... annual earnings is due to increases in the variance of ... permanent earnings with modest increases in the variance of transitory ... earnings." Thus, in fact, the increase in earnings inequality is in lifetime income. Furthermore, they find that it remains difficult for someone to move up the earnings distribution (though they do find upward mobility for women in their lifetime). See their "Earnings Inequality and Mobility in the United States: Evidence from Social Security Data since 1937," Quarterly Journal of Economics. 125, no. 1 (2010): 91–128. ^ Jump up to:a b c
  4. Temple, Jonathan (1999). "The New Growth Evidence". Journal of Economic Literature. 37 (1): 112–56. doi:10.1257/jel.37.1.112
  5. Neves, Pedro Cunha; Afonso, Óscar; Silva, Sandra Tavares (February 2016). "A Meta-Analytic Reassessment of the Effects of Inequality on Growth". World Development. 78: 386–400. doi:10.1016/j.worlddev.2015.10.038
  6. Rubin, Andrew N. (19 أكتوبر 2017)، "Orwell and the Globalization of Literature"، Princeton University Press، doi:10.23943/princeton/9780691154152.003.0003، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  7. Wilkinson, Richard؛ Pickett, Kate (2013-02)، "Richard Wilkinson and Kate Pickett reply to three reviews of The Spirit Level: Why Equality Is Better for EveryoneWilkinsonRichardPickettKate reply to three reviews of The Spirit Level: Why Equality Is Better for Everyone"، Work, Employment and Society، 27 (1): 175–177، doi:10.1177/0950017012464419، ISSN 0950-0170، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  8. Cooper, Richard N.؛ Layard, Richard (2005)، "Happiness: Lessons from a New Science"، Foreign Affairs، 84 (6): 139، doi:10.2307/20031793، ISSN 0015-7120، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  9. International Monetary Fund (2011)، "Finance & Development, September 2011"، Finance & Development، 48 (03): 1، doi:10.5089/9781451953633.022، ISSN 0145-1707، مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 2020.
  10. De Vogli, R. (2005). "Has the relation between income inequality and life expectancy disappeared? Evidence from Italy and top industrialised countries". Journal of Epidemiology & Community Health. 59 (2): 158–62. doi:10.1136/jech.2004.020651.
  11. Kaplan, G. A; Pamuk, E. R; Lynch, J. W; Cohen, R. D; Balfour, J. L (1996). "Inequality in income and mortality in the United States: Analysis of mortality and potential pathways". BMJ. 312 (7037): 999–1003. doi:10.1136/bmj.312.7037.999. PMC 2350835 . PMID 8616393.
  12. Lach, Jr., Edward L. (2001-01)، Vickrey, William S. (21 June 1914–11 October 1996), Nobel Prize-winning economist، American National Biography Online، Oxford University Press، مؤرشف من الأصل في 11 مايو 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  13. "Organisation for Economic Co-Operation and Development (OECD)"، SpringerReference، Berlin/Heidelberg: Springer-Verlag، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  14. Motesharrei, Safa; Rivas, Jorge; Kalnay, Eugenia (2014). "Human and nature dynamics (HANDY): Modeling inequality and use of resources in the collapse or sustainability of societies". Ecological Economics. 101: 90–102. doi:10.1016/j.ecolecon.2014.02.014.
  15. Sobhee, Sanjeev K. (29 يونيو 2004)، "Economic Development, Income Inequality and Environmental Degradation of Fisheries Resources in Mauritius"، Environmental Management، 34 (1)، doi:10.1007/s00267-004-0133-7، ISSN 0364-152X، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020.
  16. Shafik, Nemat (1994-10)، "Economic Development and Environmental Quality: An Econometric Analysis"، Oxford Economic Papers، 46 (Supplement_1): 757–773، doi:10.1093/oep/46.supplement_1.757، ISSN 1464-3812، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2020. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  17. Baland, J.-M., Bardan, P., & Bowles, S. (Eds.). (2007). Inequality, cooperation, and environmental sustainability. Princeton: Princeton University Press.[page needed] Jump up^
  18. Boyce, J. K. (1994). "Inequality as a cause of environmental degradation". Ecological Economics. 11: 169–78. doi:10.1016/0921-8009(94)90198-8.
  19. (PDF) https://web.archive.org/web/20171019142120/http://awsassets.panda.org/downloads/wwf_environmental_sustainability_and_equality.pdf، مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 أكتوبر 2017. {{استشهاد ويب}}: الوسيط |title= غير موجود أو فارغ (مساعدة)
  20. Chidley, Liz (1990-09)، "Panda, people, and planet—The work of WWF Education Department"، Journal of Biological Education، 24 (3): 149–152، doi:10.1080/00219266.1990.9655132، ISSN 0021-9266، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  21. Bolnick, Joel (08 فبراير 2018)، "Poverty no longer compounded daily: SDI's efforts to address the poverty penalty built into housing microfinance"، Environment and Urbanization، 30 (1): 141–154، doi:10.1177/0956247817752234، ISSN 0956-2478، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  22. Perkins, Sid (08 أغسطس 2018)، "A plan to shoot tiny droplets into the sky would cool the planet—but wouldn't help crops"، Science، doi:10.1126/science.aav0467، ISSN 0036-8075، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  23. Bradley, David؛ Huber, Evelyne؛ Moller, Stephanie؛ Nielsen, François؛ Stephens, John D. (2011)، "Distribution and Redistribution in Postindustrial Democracies"، World Politics، 55 (2): 193–228، doi:10.1353/wp.2003.0009، hdl:10419/160937.
  24. Huber, Evelyne؛ Nielsen, François؛ Pribble, Jenny؛ Stephens, John D. (2006)، "Politics and Inequality in Latin America and the Caribbean"، American Sociological Review، 71 (6): 943–63، doi:10.1177/000312240607100604، JSTOR 25472438.
  25. Keller, Katarina R.I. (2010)، "How Can Education Policy Improve Income Distribution?: An Empirical Analysis of Education Stages and Measures on Income Inequality"، The Journal of Developing Areas، 43 (2): 51–77، doi:10.1353/jda.0.0052، JSTOR 40376250.
  26. Clark, J. R.؛ Lawson, Robert A. (2008)، "The Impact of Economic Growth, Tax Policy and Economic Freedom on Income Inequality"، The Journal of Private Enterprise، SSRN 2566842.
  27. García-Peñalosa & Turnovsky 2007.
  28. Maialeh, Robin (2017)، "Persisting inequality: A case of probabilistic drive towards divergence"، Acta Oeconomica، 67 (2): 215-234، doi:10.1556/032.2017.67.2.4.
  29. Alfani, Guido (15 يناير 2017)، "The top rich in Europe in the long run of history (1300 to present day)"، VoxEU.org، مؤرشف من الأصل في 01 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 16 يناير 2017.
  • بوابة مجتمع
  • بوابة الاقتصاد
  • بوابة رأسمالية
  • بوابة السياسة
  • بوابة علم الاجتماع
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.