مبادرة حوض النيل
مبادرة حوض النيل، هي اتفاقية تضم مصر، السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كنيا، اريتريا.[1] وفي فبراير 1999 تم توقيع مبادرة حوض النيل بين دول حوض النيل العشر، بهدف تدعيم أواصر التعاون الإقليمي (سوسيو- اجتماعي) بين هذه الدول. وقد تم توقيها في تنزانيا. بحسب الموقع الرسمي للمبادرة، فهي تنص علي الوصول إلي تنمية مستدامة في المجال السياسي-الاجتماعي، من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل".
كانت بريطانيا وقعت نيابة عن مصر اتفاقية في عام 1929، ووقعت مصر بعدها اتفاقية عام 1959 مع دول الحوض، والتي تضمنت بند الأمن المائي، الذي يقضي بعدم السماح بإقامة مشروعات على حوض النيل إلا بعد الرجوع إلى دولتي المصب. يذكر أن محكمة العدل الدولية، التي ينوى البرلمانيون رفع الدعوى القضائية أمامها، كانت قد قضت عام 1989 بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود، ولا يجوز تعديلها. و حاليا يقوم بالاشراف علي مشاريع المبادرة كلا من وزراة الخارجية المصرية ومختلف الوزارات المصرية المعنية، وخاصة وزارة الزراعة المصرية باشراف العلاقات الزراعية الخارجية ومقرها 1ش نادي الصيد.
خلفية عن نهر النيل
يعتبر نهر النيل من أطول الأنهار في العالم حيث يبلغ طوله 6,650 كلم، وهو يجري من الجنوب إلى الشمال نحو مصبه في البحر الأبيض المتوسط، وذلك في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا. ينبع النيل من بحيرة فيكتوريا التي تبلغ مساحتها 68 ألف كلم2.[2]
يعتبر نهر كاجيرا (Kagera) من الجداول الرئيسية لنهر النيل ومن أكبر الروافد التي تصب في بحيرة فيكتوريا، وينبع من بوروندي قرب الرأس الشمالي لبحيرة تنجانيقا الواقعة إلى الجنوب من بحيرة فكتوريا في وسط أفريقيا، ويجري في اتجاه الشمال صانعا الحدود بين تنزانيا ورواندا، وبعدما يتجه إلى الشرق يصبح الحد الفاصل بين تنزانيا وأوغندا ومنها إلى بحيرة فيكتوريا بعدما يكون قد قطع مسافة 690 كلم.
أما نهر روفيرونزا (Rovironza) الذي يعتبر الرافد العلوي لنهر كاجيرا وينبع أيضا من بوروندي، فيلتحم معه في تنزانيا ويعتبر الحد الأقصى في الجنوب لنهر النيل.
ويبلغ معدل كمية تدفق المياه داخل بحيرة فيكتوريا أكثر من 20 مليار متر مكعب في السنة، منها 7.5 مليارات من نهر كاجيرا و8.4 مليارات من منحدرات الغابات الواقعة شمال شرق كينيا و3.2 مليارات من شمال شرق تنزانيا، و1.2 مليار من المستنقعات الواقعة شمال غرب أوغندا كما ورد في تقارير منظمة الفاو لعام 1982.
يعرف النيل بعد مغادرته بحيرة فيكتوريا باسم نيل فيكتوريا، ويستمر في مساره لمسافة 500 كلم مرورا ببحيرة إبراهيم (Kyoga) حتى يصل إلى بحيرة ألبرت التي تتغذى كذلك من نهر سمليكي (Semliki) القادم أصلا من جبال جمهورية الكونغو الديمقراطية مرورا ببحيرة إدوارد، وبعدها يدعى نيل ألبرت. وعندما يصل جنوب السودان يدعى بحر الجبل، وبعد ذلك يجري في منطقة بحيرات وقنوات ومستنقعات يبلغ طولها من الجنوب إلى الشمال 400 كلم ومساحتها الحالية 16.2 ألف كلم2، إلا أن نصف كمية المياه التي تدخلها تختفي من جراء النتح والتبخر.
وقد بدأ تجفيف هذه المستنقعات عام 1978 بإنشاء قناة طولها 360 كلم لتحييد المياه من عبورها، وبعدما تم إنشاء 240 كلم منها توقفت الأعمال عام 1983 بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان. وبعد اتصاله ببحر الغزال يجري النيل لمسافة 720 كلم حتى يصل الخرطوم، وفي هذه الأثناء يدعى النيل الأبيض، حيث يلتحم هناك مع "النيل الأزرق" الذي ينبع مع روافده الرئيسية (الدندر والرهد) من جبال إثيوبيا حول بحيرة تانا الواقعة شرق القارة على بعد 1400 كلم عن الخرطوم.
ومن الجدير بالذكر أن النيل الأزرق يشكل 80-85% من مياه النيل الإجمالية، ولا يحصل هذا إلا أثناء مواسم الصيف بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام إلا نسبة قليلة، حيث تكون المياه قليلة.
أما آخر ما تبقى من روافد نهر النيل بعد اتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا نهر النيل، فهو نهر عطبرة الذي يبلغ طوله 800 كلم وينبع أيضا من الهضبة الإثيوبية شمالي بحيرة تانا. ويلتقي عطبرة مع النيل على بعد 300 كلم شمال الخرطوم، وحاله كحال النيل الأزرق، وقد يجف في الصيف. ثُم يتابع نهر النيل جريانه في الأراضي المصرية حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط.
دول حوض النيل
قائمة دول حوض النيل مرتبة ترتيبا أبجديا عربيا:
يبلغ عدد الدول المشاركة في حوض نهر النيل عشرا، وهي من المنبع إلى المصب كما يلي: بوروندي ورواندا وتنزانيا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وإثيوبيا وإريتريا والسودان ومصر.
ومناخ جميع هذه الأقطار رطب ومعتدل، حيث يبلغ معدل هطول الأمطار 1000-1500 ملم/السنة، ما عدا الجزء الشمالي من السودان ومصر فهو قاري، ولا تتعدى نسبة هطول الأمطار فيهما 20 ملم/السنة. ومن المعلوم أن معدل هطول الأمطار السنوية في إثيوبيا وحدها 900 مليار متر مكعب/السنة.
كما يشغل حوض النيل في بعض الدول كجمهورية الكونغو الديمقراطية 0.7%، وبوروندي 0.4% أي ما يساوي نصف مساحتها الإجمالية، ورواندا 0.7% أي ما يساوي 75% من مساحتها الإجمالية، وتنزانيا 2.7%، وكينيا 1.5%، والكونغو 0.7%، وأوغندا 7.4%، وإثيوبيا 11.7%، وإريتريا 0.8%، والسودان 63.6%، ومصر 10%.
ويبلغ معدل جريان النيل الأبيض السنوي قبل الوصول إلى الخرطوم 29.6 مليار متر مكعب/السنة، والنيل الأزرق في الخرطوم 49.7 مليار متر مكعب/السنة، ونهر عطبرة 11.7 مليار متر مكعب/السنة. أما نهر النيل قبل أسوان أقصى جنوب مصر فيبلغ 84 مليار متر مكعب/السنة أو 90 مليارا إذا أضفنا إليه كمية التبخر. هذا ناتج ما تبقى بعدما تستنفد الدول المشاطئة حاجتها من المياه.
ومن الجدير بالذكر أن مساهمة النيل الأزرق تساوي ضعف مساهمة النيل الأبيض في مياه نهر النيل، ولكن تبقى هذه النسبة متغيرة، إذ تخضع للمواسم المطرية القصوى والدنيا على مدار السنة، مع العلم بأن جريان النيل الأبيض يبقى شبه ثابت خلال الفصول الأربعة، وبذلك تصبح مساهمة النيل الأزرق 90% والنيل الأبيض 5% عند الذروة، في حين تصبح 70% للأول و30% للثاني عند الحالات الدنيا حسب الفاو.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الدول المتشاطئة في الحوض -ما عدا السودان ومصر- تملك حاجتها من المياه وزيادة لكثرة البحيرات العذبة والأنهار ولكثرة هطول الأمطار فيها، بينما يعتمد السودان بنسبة 77% ومصر بنسبة 97% على مياه نهر النيل.
وحريٌّ أن نعرف أن التلوث البيئي في هذا الحوض المائي الكبير جدير بالاهتمام، حيث تسبب الملوثات أضرارا طويلة الأمد للنبات والإنسان والحيوان على السواء، ويشكل تسرب المياه الملوثة والملوثات الكيماوية المسرطنة في الأنهار على وجه الخصوص خطرا جسيما للصحة العامة.
الإعداد للمبادرة
بدأت محاولات الوصول إلي صيغة مشتركة للتعاون بين دول حوض النيل في 1993 من خلال إنشاء أجندة عمل مشتركة لهذه الدول للاستفادة من الإمكانيات التي يوفرها حوض النيل.
في 1995 طلب مجلس وزراء مياه دول حوض النيل من البنك الدولي الإسهام في الأنشطة المقترحة، وعلي ذلك أصبح كل من البنك الدولي، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الكندية للتنمية الدولية شركاء لتفعيل التعاون ووضع آليات العمل بين دول حوض النيل.
في 1997 قامت دول حوض النيل بإنشاء منتدى للحوار من آجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم، ولاحقا في 1998 تم الاجتماع بين الدول المعنية – باستثناء إريتريا في هذا الوقت – من أجل إنشاء الآلية المشتركة فيما بينهم.
في فبراير من العام 1999 تم التوقيع علي هذه الاتفاقية بالأحرف الأولي في تنزانيا من جانب ممثلي هذه الدول، وتم تفعيلها لاحقا في مايو من نفس العام، وسميت رسميا باسم: "مبادرة حوض النيل"، (بالإنجليزية: Nile Basin Initiative) وتختصر NBI.
مبادرة دول المنبع لتأسيس مفوضية حوض النيل
في مايو 2010، وقعت خمس من دول المنبع اتفاقية تطالب المزيد من مياه نهر النيل - الذي عارضته بقوة كل من مصر والسودان.[4]الاتفاقية الاطارية الشاملة (CFA)، والتي نوقشت لسنوات في إطار مبادرة حوض النيل، يمكن التوقيع عليها خلال عام واحد.[5] وقعت عليها إثيوبيا، كنيا، أوغندا، رواندا، تنزانيا. أما بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية فمن المتوقع أن توقعا، بينما من غير المتوقع ذلك بالنسبة لمصر والسودان. قال المتحدث باسم الحكومة المصرية "مصر لن تضم أو توقع على أي اتفاقية لها تأثير على حصتها".[4]
تم التخطيط للاتفاقية في اجتماع وزراء دول الحوض عام 2007، لكن تم تأجيله بناء على طلب مصر.[6] قررت دول المنبع في اجتماع آخر لوزراء دول الحوض عقد في كنشاسا، مايو 2009 للتوقيع على الاتفاقية بدون توقيع جميع الدول في الوقت نفسه. ومع ذلك، تأجل التوقيع على الاتفاقية للاجتماع التالي في أبريل 2010 في شرم الشيخ، مرة أخرى طلبت مصر إرجاء التوقيع. واجهت المادة المتعلقة بالأمن المائي اعتراضا من مصر والسودان. تنص المادة أن الدول الأعضاء يجب أن يعملا معا لضمان الأمن المائي لأي دولة أخرى من دول الحوض. تريد مصر والسودان تعديل المادة لتكون "ألا تؤثر سلبا على الأمن المائي والاستخدامات الحالية وحقوق أي دولة من دول الحوض.
اتفاقيات سابقة
محاصصة مياه النيل
أما محاصة المياه التي سمعنا عنها حديثا بين دول حوض النيل والتي لم نسمع عنها في السابق، فمن شأنها حتما إثارة الخلافات بين هذه الدول، إذ يجد المتتبع لاتفاقيات المياه التي حصلت منذ القدم أنها كانت تدور حول استغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض دون المساس بحقوق مصر التاريخية في هذه المياه.
ومن الملاحظ في اتفاقية روما الموقع يوم 15 أبريل 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إرتريا، واتفاقية أديس أبابا الموقعة يوم 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، واتفاقية لندن الموقعة يوم 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتفاقية روما عام 1925، كانت كلها تنص على عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل وعدم إقامة مشاريع بتلك الدول من شأنها إحداث خلل في مياه النيل أو التقليل من كمية المياه التي تجري في الأراضي المصرية.
ولم يكن السبب الحب الخاص الذي كانت تكنه تلك الدول لمصر، وإنما كان كبح جماح أطماع الدول الاستعمارية مقابل بعضها البعض حتى لا تندثر مصر وتذهب ضحية تحت وطأة غطرستها الاستعمارية، لا سيما بأن النيل كان وما زال عماد وجودها.
وقد جاءت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا -التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا- متناغمة مع جميع الاتفاقيات السابقة، فقد نصت على أن لا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أية أعمال ري أو كهرومائية أو أية إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.
وقد حددت لأول مرة اتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18.5 مليارا للسودان.
وهكذا سارت الأمور على أتم ما يرام حتى نشطت إسرائيل بين الدول الأفريقية، وكان من أهدافها تأليب دول الحوض على مصر لأسباب عديدة منها إضعاف مصر وإخراجها من الطوق العربي، كما تعمل الآن على تغذية الحرب الأهلية القائمة في دارفور بعدما نجحت في تدمير العراق وخرابه، وما زالت تحاول الحصول على حصة من مياه النيل كما نجحت في الاستيلاء على مياه نهر الأردن.
اتفاقية 1929
تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامى البريطانى:
- إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.
- توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.
- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أي اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
- تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.[7]
إتفاقية 1959
وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.
الخلاف على بنود الاتفاقية
في مايو 2009، عقد اجتماع وزاري لدول حوض النيل في كينشاسا، الكونغو الديموقراطية لبحث الإطار القانوني والمؤسسي لمياه النيل، ورفضت مصر التوقيع على الاتفاقية بدون وجود بند صريح يحافظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل.[8]
وفي يوليو 2009، عقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول حوض النيل بالإسكندرية، مصر، وفي بداية الجلسات صدر تحذيرات باستبعاد دول المصب (مصر والسودان) من توقيع الاتفاقية، ثم أعطيت مهلة 6 أشهر للدولتين. وقد حذر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي من خطورة الاندفاع وراء ادعاءات زائفة لا أساس لها من الصحة تروجها أيد خفية في بعض دول المنبع تدعى زورا معارضة مصر لجهود ومشرعات التنمية بهذه الدول، مشيرا إلى أن مصر كانت وستظل الداعم الرئيسي والشقيقة الكبرى لدول حوض النيل.
وأكد زكي أن ما تطالب به مصر هو الالتزام بمبدأ التشاور والإخطار المسبق في حالة إقامة أية منشآت مائية بغية ضمان عدم الإضرار بمصالحها القومية وهو ما ينص عليه القانون الدولي من حيث التزام دول المنبع بعدم إحداث ضرر لدول المصب، وأن يتم ذلك بالتشاور والإخطار المسبق.
وقال في تصريحات صحفية أمس: إن مصر لا تمانع في إقامة أية مشروعات تنموية في دول أعالي النيل بما لا يؤثر أو يضر بحقوقها القانونية والتزاماتها المالية، موضحا أن المشكلة لا تتعلق بندرة المياه حيث هناك وفرة في مصادر المياه لدى دول المنبع إنما تكمن المشكلة في أسلوب الإدارة وتحقيق الاستغلال الأمثل وهو ما تسعى مصر لتحقيقه في إطار مبادرة دول حوض النيل.
ورحب زكى بالبيان الصادر عن المنظمات والمؤسسات والدول المانحة لمبادرة حوض النيل والذي عممه البنك الدولي مؤخرا على دول الحوض، محذرا في الوقت ذاته من تداعيات قيام دول المنبع بالتوقيع منفردة على اتفاق إطاري للتعاون بين دول حوض النيل بدون انضمام دولتي المصب مصر والسودان.[9]
في 1 مارس 2011، وقعت بوروندي على اتفاقية تقاسم مياه النيل، وهو ما يعني تجريد مصر من العديد من امتيازاتها في مياه النهر وأبرزها حق الفيتو في منع إقامة أي مشروع على النهر خارج أراضيها.[10]
وأعلن دانيال ميبوما المتحدث الإقليمي باسم مبادرة حوض النيل في عنتيبي أنه بعد توقيع بوروندي بات من الممكن أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ. وأضاف ميبويا أنه وبموجب القانون الدولي الساري، كان لا بد من أن توقع ست من الدول الأطراف على الاتفاقية قبل أن يجري إقرارها في برلماناتها. ومن المتوقع أن تتم المصادقة عليها في جميع البرلمانات الستة.
الأطماع الخارجية
في تصريح لوزير الموارد المائية المصري السابق محمود أبو زيد في 11 مارس 2009، في بيان له حول أزمة المياه في الوطن العربي - ألقاه أمام لجنة الشئون العربية – عندما حذر من تزايد النفوذ الامريكى والإسرائيلي في منطقة حوض النيل من خلال "السيطرة على اقتصاديات دول الحوض وتقديم مساعدات فنية ومالية ضخمة " بحسب تعبيره !..[11]
وبالفعل تم طرح فكرة تدويل المياه أو تدويل مياه الأنهار من خلال هيئة مشتركة من مختلف الدول المتشاطئة في نهر ما وكان الهدف منه هو الوقيعة بين مصر ودول حوض النيل، وقد ألمح وزير الموارد المائية المصري السابق محمود أبو زيد في فبراير 2009 من وجود مخطط إسرائيلي– أمريكي للضغط علي مصر لإمداد تل أبيب بالمياه بالحديث عن قضية "تدويل الأنهار"، وأكد أن إسرائيل لن تحصل علي قطرة واحدة من مياه النيل.
وخطورة الخلاف الحالي بين دول منابع النيل ودول المصب هو تصاعد التدخل الإسرائيلي في الأزمة عبر إغراء دول المصب بمشاريع وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية، بحيث تبدو إسرائيل وكأنها إحدي دول حوض النيل المتحكمة فيه أو بمعني أخر الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل، والهدف بالطبع هو إضعاف مصر التي لن تكفيها أصلا كمية المياه الحالية مستقبلا بسبب تزايد السكان والضغط علي مصر عبر فكرة مد تل ابيب بمياه النيل عبر أنابيب وهو المشروع الذي رفضته مصر عدة مرات ولا يمكنها عمليا تنفيذه حتي لو أردت لأنها تعاني من قلة نصيب الفرد المصري من المياه كما ان خطوة كهذه تتطلب أخذ أذن دول المنبع.
الدور الإسرائيلي في صراع مياه النيل
والحقيقة أن الدور الإسرائيلي الخفي في أزمة مياه النيل له أبعاد تاريخية قديمة، وظهرت الفكرة بشكل واضح في مطلع القرن العشرين عندما تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل ـ مؤسس الحركة ـ عام 1903 م إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك الاستفادة من بعض مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئياً على هذه الفكرة على أن يتم تنفيذها في سرية تامة.
ثم رفضت الحكومتان المصرية والبريطانية مشروع هرتزل الخاص بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل لأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية في ذلك الوقت.
مشاريع لاستغلال مياه النيل
في الوقت الراهن يمكن القول إن هناك أربعة مشاريع أساسية يتطلع إليها الإسرائيليون بهدف استغلال مياه النيل:
1ـ مشروع استغلال الآبار الجوفية:
قامت إسرائيل بحصر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، وترى أن بإمكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد فيها المخزون المائي صوب اتجاه صحراء النقب، وقد كشفت ندوة لمهندسين مصريين أن إسرائيل تقوم بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلى عمق 800 متر من سطح الأرض، وكشف تقرير أعدته لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو 1991 م أن إسرائيل تعمدت خلال السنوات الماضية سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار ارتوازية قادرة؛ ـ وذلك باستخدام آليات حديثة ـ على سحب المياه المصرية.
2 ـ مشروع اليشع كالي:
في عام 1974 م طرح اليشع كالي ـ وهو مهندس إسرائيليـ تخطيطاً لمشروع يقضي بنقل مياه النيل إلى إسرائيل، ونشر المشروع تحت عنوان: (مياه السلام) والذي يتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها، وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع.
3 ـ مشروع يؤر: قدم الخبير الإسرائيلي شاؤول أولوزوروف النائب السابق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية مشروعاً للرئيس أنو سادات خلال [مباحثات كامب ديفيد] يهدف إلى نقــل مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس وبإمكان هـذا المشروع نقل مليار م3، لري صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطاع غزة، ويرى الخبراء اليهـود أن وصول المياه إلى غزة يبقي أهلها رهينة المشروع الذي تستفيد منه إسرائيل فتتهيب مصر من قطع المياه عنهم.
4 ـ مشروع ترعة السلام (1):
هو مشروع اقترحه السادات في حيفا عام 1979م، وقالت مجلة أكتوبر المصرية: "إن الرئيس السادات التفت إلى المختصين وطلب منهم عمل دراسة عملية كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى".
وإزاء ردود الفعل على هذه التصريحات سواء من إثيوبيا أو المعارضة المصرية ألقى مصطفى خليل رئيس الوزراء المصري بياناً أنكر فيه هذا الموضـوع قائلاً: "عندما يكلم السادات الرأي العام يقول: أنا مستعد أعمل كذا فهو يعني إظهار النية الحسنة ولا يعني أن هناك مشروعاً قد وضــع وأخـذ طريقه للتنفيذ !!.
الاتصالات ببعض دول حوض النيل
ويبدو أن الدور الإسرائيلي قد بدأ ينشط في السنوات الخمس الماضية، إذ بدأت سلسلة نشطة من الاتصالات مع دول منابع النيل خصوصا أثيوبيا (رئيس وزراءها زيناوي زار تل ابيب أوائل يونيو 2004)، وأوغندا لتحريضها علي اتفاقية مياه النيل القديمة المبرمة عام 1929 بين الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا) والحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول أي سدود علي النيل.
ومع أن هناك مطالبات منذ استقلال دول حوض النيل بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات القديمة، بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول خصوصًا كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة؛ فقد لوحظ أن هذه النبرة المتزايدة للمطالبة بتغيير حصص مياه النيل تعاظمت في وقت واحد مع تزايد التقارب الصهيوني من هذه الدول وتنامي العلاقات الأفريقية مع الصهاينة.
وهكذا عادت المناوشات بين دول حوض النيل للظهور خاصة بين مصر وتنزانيا، وانضمت إلى هذا المبدأ أوغندا وكينيا وطلبت الدول الثلاث من مصر التفاوض معها حول الموضوع، ثم وقعت تنزانيا مع رواندا وبوروندي اتفاقية نهر كاجيرا عام 1977 التي تتضمن بدورها عدم الاعتراف باتفاقات 1929، بل وطلبت حكومة السودان بعد إعلان الاستقلال أيضًا من مصر إعادة التفاوض حول اتفاقية 1929.
كذلك أعلنت أثيوبيا رفضها لاتفاقية 1929 واتفاقية 1959 في جميع عهودها السياسية منذ حكم الإمبراطور ثم النظام الماركسي "منجستو" وحتى النظام الحالي، بل وسعت عام 1981 لاستصلاح 227 ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوى "عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخرى"، كما قامت بالفعل عام 1984 بتنفيذ مشروع سد "فيشا" -أحد روافد النيل الأزرق- بتمويل من بنك التنمية الأفريقي، وهو مشروع يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 0.5 مليار متر مكعب، وتدرس ثلاثة مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب سنويًّا.
أيضًا أعلنت كينيا رفضها وتنديدها -منذ استقلالها- بهذه الاتفاقيات القديمة لمياه النيل لأسباب جغرافية واقتصادية، مثل رغبتها في تنفيذ مشروع استصلاح زراعي، وبناء عدد من السدود لحجز المياه في داخل حدودها.
وكانت جبهة السودان هي الأهم، لأسباب عدة في مقدمتها إنها تمثل ظهيرا وعمقا استراتيجيا لمصر، التي هي أكبر دولة عربية وطبقا للعقيدة العسكرية الإسرائيلية فإنها تمثل العدو الأول والأخطر لها في المنطقة، ولذلك فان التركيز عليها كان قويا للغاية.
المصادر
- "مصر تحذر دول حوض النيل من توقيع اتفاق بدونها"، موقع الخيمة، 2007، مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2018.
- "نهر النيل والخلافات المائية حوله"، الجزيرة نت، 2007، مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2009.
- أفريقيا اليوم، نص مشروع الاتفاقية الإطارية لتعاون دول مبادرة حوض النيل نسخة محفوظة 26 ديسمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- BBC:East Africa seeks more Nile water from Egypt, 14 May 2010 نسخة محفوظة 27 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
- NewsDire - Ethiopian News Service:Ethiopia: Agreement on the Nile River Basin Cooperative Framework, 16 May 2010 نسخة محفوظة 24 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
- AllAfrica.com:Rift Widens as Egypt, Sudan Delay Signing Nile Basin Pact, 23 February 2009 نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- الهيئة العامة للاستعلامات [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 06 مارس 2011 على موقع واي باك مشين.
- اليوم السابع نسخة محفوظة 27 يونيو 2009 على موقع واي باك مشين.
- "الخارجية تحذر دول منبع النيل من توقيع اتفاق بدون مصر والسودان"، المصري اليوم، 2007، مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
- "اتفاقية تقاسم مياه النيل تدخل حيز التنفيذ بعد توقيع بوروندي"، المصري اليوم، 1 مارس 2011، مؤرشف من الأصل في 12 ديسمبر 2019.
- "نهر النيل، 5 يوليو 2009"، مدونة الأيام، 2007، مؤرشف من الأصل في 5 مارس 2016.
- بوابة ماء