إنفلونزا هونغ كونغ

كانت إنفلونزا هونغ كونغ، والتي تُعرف أيضًا باسم جائحة إنفلونزا عام 1968، وباءً للإنفلونزا أدى تفشيه في عامي 1968 و1969 إلى مقتل ما بين مليون وأربعة ملايين شخص حول العالم.[1][2][3][4][5] تعد من بين الأوبئة الأكثر فتكًا في التاريخ، ونتجت عن سلالة إتش3 إن2 من فيروس الأنفلونزا أيه. ينحدر الفيروس من إتش2 إن2 (الذي تسبب في جائحة الأنفلونزا الآسيوية في عامي 1957-1958) عبر الزيحان المستضدي، وهي عملية جينية تختلط فيها الجينات من عدة أنواع فرعية لتشكيل فيروس جديد.[6][7][8]

لمحة تاريخية

المنشأ والتفشي في هونغ كونغ والصين

ظهرت أول حالة مسجلة لتفشي المرض في 13 يوليو 1968 في هونغ كونغ البريطانية.[8][9][10][11] هناك احتمال غير مؤكد أن تفشي المرض قد بدأ في الواقع في البر الرئيسي للصين قبل أن ينتشر إلى هونغ كونغ.[12]

وصل تفشي المرض في هونغ كونغ، حيث كانت الكثافة السكانية أكبر من 6,000 شخص لكل كيلومتر مربع (20,000 لكل ميل مربع)، إلى أقصى حد له خلال أسبوعين. استمر تفشي المرض قرابة ستة أسابيع، ما أدى إلى إصابة نحو 15% من السكان (حوالي 500,000 شخص مصاب)، لكن معدل الوفيات كان منخفضًا وكانت الأعراض السريرية خفيفة.[9][13][10][11]

حدثت موجتان من الإنفلونزا في البر الرئيسي للصين، واحدة بين يوليو وسبتمبر عام 1968، والأخرى بين يونيو وديسمبر عام 1970. كانت البيانات المسجلة محدودة للغاية بسبب الثورة الثقافية، ولكن أظهر التحليل بأثر رجعي لنشاط الإنفلونزا بين 1968-1992 أن الإصابة بالإنفلونزا كانت الأخطر في عام 1968، أي أن معظم المناطق في الصين كانت متأثرة آنذاك.[13]

التفشي في مناطق أخرى

بحلول نهاية يوليو 1968، أُبلغ عن تفشي المرض على نطاق واسع في فيتنام وسنغافورة.[11] على الرغم من خطورة الإنفلونزا الآسيوية عام 1957 في الصين، لم يُحرز إلا القليل من التقدم فيما يتعلق بالتعامل مع مثل هذه الأوبئة. كانت صحيفة التايمز المصدر الأول الذي أبلغ عن الوباء الجديد المحتمل.[11]

بحلول سبتمبر 1968، وصلت الأنفلونزا إلى الهند والفلبين وشمال أستراليا وأوروبا. في نفس الشهر، دخل الفيروس إلى كاليفورنيا وحملته القوات العائدة من حرب فيتنام، لكنه لم ينتشر في الولايات المتحدة حتى ديسمبر 1968. وصل إلى اليابان وإفريقيا وأمريكا الجنوبية بحلول عام 1969.[14] خلال تفشي الوباء، كانت إنفلونزا هونغ كونغ تُعرف أيضًا باسم «إنفلونزا ماو» أو «إنفلونزا ماو تسي تونغ».[15][16][17][18]

بلغت الوفيات العالمية بسبب الفيروس ذروتها في ديسمبر 1968 ويناير 1969، حين صدرت تحذيرات الصحة العامة[19] ووصف الفيروس[20] على نطاق واسع في المجلات العلمية والطبية. في برلين، أدى العدد المفرط للوفيات إلى تخزين الجثث في أنفاق المترو، وفي ألمانيا الغربية، كان على جامعي القمامة دفن الموتى بسبب نقص متعهدي الدفن. في المجموع، سجلت ألمانيا الشرقية والغربية 60,000 حالة وفاة تقديريًا. في بعض مناطق فرنسا، كان نصف القوة العاملة طريح الفراش، وعانى التصنيع من اضطرابات كبيرة بسبب التغيب عن العمل. تعطلت أيضًا خدمات البريد والسكك الحديدية في المملكة المتحدة.[21]

اللقاح والنتائج

بعد أربعة أشهر من انتشار جائحة إنفلونزا هونغ كونغ، ابتكر عالم الأحياء الدقيقة الأمريكي موريس هيلمان وفريقه لقاحًا وصُنع منه أكثر من 9 ملايين جرعة.[22][23] لعب نفس الفريق أيضًا دورًا رئيسيًا في تطوير لقاح خلال جائحة الأنفلونزا الآسيوية 1957-58.[24]

عاد فيروس إتش3 إن2 خلال موسم الإنفلونزا التالي بين عامي 1969 و1970، ما أدى إلى موجة ثانية أكثر فتكًا من الوفيات في أوروبا واليابان وأستراليا.[25] ما يزال الفيروس موجودًا اليوم بصفته سلالة من الأنفلونزا الموسمية.[2]

المراجع

  1. "Pandemic Influenza Risk Management: WHO Interim Guidance" (PDF)، منظمة الصحة العالمية، 2013، ص. 19، مؤرشف من الأصل (PDF) في 21 يناير 2021.
  2. Rogers, Kara (25 فبراير 2010)، "1968 flu pandemic"، Encyclopaedia Britannica، Open Publishing، مؤرشف من الأصل في 7 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 مارس 2020.
  3. Paul, William E. (2008)، Fundamental Immunology، ص. 1273، ISBN 9780781765190، مؤرشف من الأصل في 02 يوليو 2014، اطلع عليه بتاريخ 27 أكتوبر 2016.
  4. "World health group issues alert Mexican president tries to isolate those with swine flu"، Associated Press، 25 أبريل 2009، مؤرشف من الأصل في 27 أبريل 2009، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2009.
  5. Mandel, Michael (26 أبريل 2009)، "No need to panic... yet Ontario officials are worried swine flu could be pandemic, killing thousands"، Toronto Sun، مؤرشف من الأصل في 27 أبريل 2009، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2009.
  6. "History's deadliest pandemics, from ancient Rome to modern America"، Washington Post (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 15 نوفمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 يناير 2021.
  7. "1968 Pandemic (H3N2 virus)"، U.S. Centers for Disease Control and Prevention (باللغة الإنجليزية)، 22 يناير 2019، مؤرشف من الأصل في 19 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 يناير 2021.
  8. Jester, Barbara J.؛ Uyeki, Timothy M.؛ Jernigan, Daniel B. (مايو 2020)، "Fifty Years of Influenza A(H3N2) Following the Pandemic of 1968"، American Journal of Public Health، 110 (5): 669–676، doi:10.2105/AJPH.2019.305557، ISSN 0090-0036، PMC 7144439، PMID 32267748.
  9. "How 1968's deadly Hong Kong flu left more than one million dead"، South China Morning Post (باللغة الإنجليزية)، 13 يوليو 2018، مؤرشف من الأصل في 3 نوفمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 يناير 2021.
  10. Chang, W. K. (1969)، "National Influenza Experience in Hong Kong, 1968" (PDF)، Bulletin of the World Health Organization، WHO، 41 (3): 349–351، PMC 2427693، PMID 5309438، مؤرشف من الأصل (PDF) في 7 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 12 أبريل 2020.
  11. "Hong Kong Flu (1968 Influenza Pandemic)"، Sino Biological، مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 02 يناير 2021.
  12. Cockburn, W. Charles (1969)، "Origin and progress of the 1968-69 Hong Kong influenza epidemic"، Bulletin of the World Health Organization، 41 (3–4–5): 343–348، PMC 2427756، PMID 5309437.
  13. Qin, Ying؛ وآخرون (2018)، "History of influenza pandemics in China during the past century"، Chinese Journal of Epidemiology (باللغة الصينية)، 39 (8): 1028–1031، doi:10.3760/cma.j.issn.0254-6450.2018.08.003، PMID 30180422، مؤرشف من الأصل في 09 يناير 2021.
  14. Starling, Arthur (2006)، Plague, SARS, and the Story of Medicine in Hong Kong، HK University Press، ص. 55، ISBN 962-209-805-3، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2016، اطلع عليه بتاريخ 27 أكتوبر 2016.
  15. Honigsbaum, Mark (13 يونيو 2020)، "Revisiting the 1957 and 1968 influenza pandemics"، The Lancet (باللغة الإنجليزية)، 395 (10240): 1824–1826، doi:10.1016/S0140-6736(20)31201-0، ISSN 0140-6736، PMC 7247790، PMID 32464113.
  16. "200,000 in Rome Have Flu (Published 1968)"، The New York Times (باللغة الإنجليزية)، 03 نوفمبر 1968، ISSN 0362-4331، مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 07 ديسمبر 2020.
  17. "The crises of winters past"، BBC، مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 07 ديسمبر 2020.
  18. "Desert Sun 28 May 1969 — California Digital Newspaper Collection"، cdnc.ucr.edu، مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 07 ديسمبر 2020.
  19. Jones, F. Avery (1968)، "Winter Epidemics"، المجلة الطبية البريطانية، ج. 1968، ص. 327، doi:10.1136/bmj.4.5626.327-c، PMC 1912285
  20. Coleman, Marion T.؛ Dowdle, Walter R.؛ Pereira, Helio G.؛ Schild, Geoffrey C.؛ Chang, W. K. (1968)، "The Hong Kong/68 Influenza A2 Variant"، ذا لانسيت، ج. 292، ص. 1384–1386، doi:10.1016/S0140-6736(68)92683-4، PMID 4177941
  21. Pancevski, Bojan (24 أبريل 2020)، "Forgotten Pandemic Offers Contrast to Today's Coronavirus Lockdowns"، Wall Street Journal، مؤرشف من الأصل في 27 نوفمبر 2021.
  22. "Vaccine for Hong Kong Influenza Pandemic"، History of Vaccines (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 17 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 04 يناير 2021.
  23. Tulchinsky, Theodore H. (2018)، "Maurice Hilleman: Creator of Vaccines That Changed the World"، Case Studies in Public Health: 443–470، doi:10.1016/B978-0-12-804571-8.00003-2، ISBN 9780128045718، PMC 7150172.
  24. "Confronting a Pandemic, 1957"، The Scientist Magazine (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 04 يناير 2021.
  25. Viboud, Cécile؛ Grais, Rebecca F.؛ Lafont, Bernard A. P.؛ Miller, Mark A.؛ Simonsen, Lone (15 يوليو 2005)، "Multinational Impact of the 1968 Hong Kong Influenza Pandemic: Evidence for a Smoldering Pandemic"، The Journal of Infectious Diseases، 192 (2): 233–248، doi:10.1086/431150، ISSN 0022-1899، PMID 15962218، مؤرشف من الأصل في 30 نوفمبر 2021.
  • بوابة عقد 1960
  • بوابة موت
  • بوابة هونغ كونغ
  • بوابة طب
  • بوابة علم الفيروسات
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.