بنو كنز
و في عام 474 للهجرة، ثار الأمير العربي كنز الدولة محمد في أسوان، حيث إمارته، ضد الوزير الفاطمي بدر الدين الجمالي الأرمني، وبعد فشل ثورته لجأ إلى ملك النوبة الذي سلمه إلى رسل بدر الدين الجمالي الأرمني، بناء على رسالة توصية من بطريرك الأقباط حملها كل من الأسقف مرقورة والشريف سيف الدولة، ليتم إعدام كنز الدولة محمد في القاهرة، ولكن ملك النوبة و أسوان تشفع في أخويه فعفى عنهما بدر الدين الجمالي الأرمني. ويعتقد أن سبب الثورة له دخل بمسألة وراثة الإمامة الفاطمية فمن المعروف أن بدر الدين الجمالي منع نزار،الابن الأكبر للخليفة الفاطمي المستنصر، من ولاية العهد، رغم إنه الأحق بها طبقا لحق البكورية، فدفع بدر الدين الجمالي بولاية العهد إلى أخو نزار الأصغر الذي عرف بالمستعلي بالله، الأمر الذي رفضه بعض وجوه الدولة الفاطمية، ومنهم حسن الصباح، الذي عرف فيما بعد بشيخ الجبل والذي كان له فضل كبير في تأسيس الفرقة النزارية الإسماعيلية، ويحتمل أن يكون هذا هو دافع الأمير كنز الدولة محمد للتمرد، أي أن التمرد لم يكن إلا تمرد داخل الدولة الفاطمية وليس ضدها، وقد برهن الكنوز على ولائهم للأئمة الفاطميين بعد ذلك وفي أحلك الأوقات كما سيأتي ذكره.
فقد ظل أمراء بنو ربيعة موالين للخلافة الفاطمية حتى بعد إعلان صلاح الدين سقوطها، وتجلى ذلك حين قاموا بثورة في عهد صلاح الدين الأيوبي بمساندة الجنود الفاطميين من الفرقة السودانية الفاطمية والذين سبق لهم القيام بثورة في القاهرة من أجل إعادة الخلافة لأصحابها، ونجح صلاح الدين في قمعهم ثم نفاهم صلاح الدين إلى جنوب مصر وبخاصة إلى أخميم، فانضمت الفرقة السودانية تلك إلى الأمير كنز الدولة، الذي أعلن الثورة بأسوان، من أجل إعادة الخلافة الفاطمية الإسماعيلية، فأرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه الأمير أبو بكر محمد بن أيوب، وجرت معركة كبيرة فاصلة في السابع من شهر صفر من عام 570 للهجرة، انتهت بقتل الأمير كنز الدولة وهزيمة قوات الثورة الفاطمية.
و تعد ثورة بنو ربيعة ، هي آخر ثورة فاطمية إسماعيلية بمصر، إذا إستثنينا ثورة الحلف القرشي بقيادة الأمير الشريف حصن الدين ثعلب الجعفري الطالبي الزينبي الديروطي، في عهد السلطان المملوكي المعز عز الدين أيبك التركماني، والتي تختلف فيها الآراء بين كونها فاطمية إسماعيلية تريد إعادة الخلافة للأسرة الفاطمية، وبين كونها زيدية كان يريد بموجبها الأمير حصن الدين ثعلب الخلافة لنفسه، لهذا تعد ثورة الحلف القرشي آخر ثورة شيعية، أما ثورة الكنوز فإنها آخر ثورة شيعية إسماعيلية مجزوم بإسماعيليتها.
لم يكن قمع ثورة بنو ربيعة الفاطمية، نهاية لإمارة بنى ربيعة ، فقد ظلت إمارة بنى ربيعة قائمة ولها اليد العليا على صعيد مصر الأعلى، إلى أن قوضها السلطان المملوكي الظاهر بيبرس في حملته على جنوب مصر والتي شملت أيضا القضاء على قوة قبائل البجا، وكانت نتيجة حملته تدمير ميناء عيذاب بالقرب من حلايب اليوم، وانتهاء دوره كميناء هام في تجارة البحر الأحمر والحج، وأيضا دفع قبيلة بنو ربيعة جنوبا باتجاه النوبة، ومنذ ذلك الوقت اعتبر بنو ربيعة جزء من النوبيين الذين ينقسمون اليوم إلى كنوز وفديجا وعرب .
المصادر
- البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب.
- المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والاثار.
- اتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الفاطميين الخلفا.
- أبو العباس القلقشندي: نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب.
- ابن حزم الأندلسي الظاهري: جمهرة أنساب العرب.
- د. سلام شافعي محمود، أهل الذمة في مصر في العصر الفاطمي الأول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995، القاهرة، مصر.
- أغاخان الثالث، مذكرات أغاخان الثالث، من منشورات بيروت.
- بوابة الإسلام
- بوابة مصر
- بوابة علم الإنسان
- بوابة العرب
- بوابة السودان