ترايتون (قمر)

تريتون هو أكبر الأقمار الطبيعية للكوكب نبتون، والقمر النبتوني الأول المُكتشف. اكتشفه الفلكي الإنجليزي ويليام لاسيل في 10 أكتوبر عام 1846. يُعد القمر الكبير الوحيد في المجموعة الشمسية ذا المدار التراجعي، أي أنه يدور في مداره حول كوكبه بعكس جهة دوران كوكبه حول نفسه. يبلغ قطره 2710 كيلومترًا (1680 ميلًا)، وهو سابع أكبر قمر في النظام الشمسي، والقمر الوحيد من بين أقمار نبتون الذي يملك كتلة كافية لتحقيق التوازن الهيدروستاتيكي، وثاني أكبر قمر بالنسبة لكوكبه، إذ يلي قمر كوكبنا الأرض. بسبب مداره التراجعي، وتركيبه الذي يشبه بلوتو، يُعتقد أنّ تريتون كوكب قزم استوليَ عليه من حزام كايبر.[12]

ترايتون
 
فسيفساء من الصور لترايتون إلتقطها مسبار فوياجر 2 في عام 1989.

المكتشف ويليام لاسيل[1] 
موقع الاكتشاف إنجلترا 
تاريخ الاكتشاف 10 أكتوبر 1846 
سمي باسم ترايتون 
خصائص المدار
نصف المحور الرئيسي 354759 كم
الشذوذ المداري 0.000016[2]
فترة الدوران −5.876854 ي
[2][3]
فترة التناوب 5 يوم, 21 ساعة, 2 دقيقة, 53 s[4]
متوسط السرعة المدارية 4.39 km/s[arabic-abajed 1]
الميل المداري 129.812° (إلى مسار الشمس)
156.885° (إلى خط استواء نبتون)[5][6]
129.608° (إلى مدار نبتون)
تابع إلى نبتون 
الخصائص الفيزيائية
نصف القطر 1353.4 كيلومتر 
متوسط نصف القطر 1353.4±0.9 كـم[7] (0.2122 من قطر الأرض)
مساحة السطح 23018000 km2
الحجم 10384000000 km3
الكتلة 2.14×1022 كـg (0.00359 من كتلة الأرض)
متوسط الكثافة 2.061 g/cm3[7]
جاذبية السطح 0.779 m/s2 (0.0794 قوة جي) (0.48 Moons)
سرعة الإفلات 1.455 km/s
فترة الدوران تقييد مدي
بياض 0.76[7]
الحرارة 38 ك (−235.2 °م)[4]
القدر الظاهري 13.47[8]
القدر المطلق(H) −1.2[9]
الغلاف الجوي
الضغط السطحي 1.4–1.9 Pa[4]
(1/70000 الضغط السطي على الأرض)[10]
العناصر نيتروجين; ميثان .[11]

يتشكل سطح تريتون من النتروجين المتجمد في معظمه، بالإضافة إلى أن القشرة عبارة عن ماء متجمد في المعظم، يُعد غلاف (دثار) هذا القمر جليديًا، ونواته مكونة بشكل أساسي من الصخور والمعادن. تشكل النواة نحو ثلثي كتلته الكلية. يبلغ متوسط كثافته 2.061 غرامًا/سنتيمتر مكعب، وهذا يدل على أنّ جليد الماء يشكّل نحو 15-35% من مكوناته. وجدت فوياجر2 أثناء تحليقها بالقرب من تريتون عام 1989 أنّ درجة حرارة سطحه تبلغ -235 درجة مئوية، واكتشفت أيضًا فوّارات نشطة على سطحه. إنّ فوياجر2 المركبة الفضائية الوحيدة التي زارت تريتون. يُعد تريتون واحدًا من أقمار قليلة في النظام الشمسي المعروفة بنشاطها الجيولوجي (الأقمار النشطة الأخرى هي: قمر المشتري آيو وأوروبا، وقمري زحل إنسيلادوس وتيتان). نتيجة لهذا، فإنّ سطحه حديث نسبيًا، بالإضافة إلى وجود فوهات صدمية قليلة واضحة. تشير التضاريس التكتونية والبركانية الجليدية المتشابكة إلى تاريخ جيولوجي معقّد. توجد في جزء من سطحه فوّارات تطلق غاز الهيدروجين المُصعّد، وهذا يساهم في غلاف جوي نتروجيني هش يبلغ ضغطه عند مستوى سطح البحر أقل من ضغط الأرض بـ1/70000 مرة عند نفس المستوي.[13]

اكتشافه وتسميته

اكتشف الفلكي البريطاني ويليام لاسيل القمر تريتون في 10 أكتوبر عام 1846، بعد 17 يومًا فقط من اكتشاف نبتون. تلقّى جون هيرشل أنباء اكتشاف نبتون، وكتب للاسيل اقتراحًا يقتضي بالبحث عن أقمار محتملة. قام لاسيل بذلك، واكتشف تريتون بعد ثمانية أيام من اقتراح هيرشل. ادّعى لاسيل لفترة من الزمن اكتشافه حلقات. على الرغم من إثبات امتلاك نبتون لحلقات في وقتٍ لاحق، إلّا أنها كانت باهتة جدًا ومظلمة بشكلٍ لا يمكن تصديق أنه رآهم بالفعل. كان يعمل في صناعة الجعة، وقد راقب لاسيل تريتون بتلسكوب معدني ذي مرآة عاكسة بفتحة عدسة تبلغ 61 سنتيمترًا (24 إنشًا) صنعه بنفسه (المعروف بالعاكس «ذي القدمين»).[14]

جرى التبرع بهذا التلسكوب في وقت لاحق للمرصد الملكي غرينتش في ثمانينيات القرن التاسع عشر، لكن في النهاية فُكِّك.

سُمّي تريتون على اسم إله البحر اليوناني تريتون، ابن بوسيدون (الإله اليوناني واسمه مطابق لإله البحر نبتون في الميثولوجيا الرومانية). اقترح كميل فلاماريون هذا الاسم في البداية في كتابه علم الفلك الشعبي عام 1880، وجرى تبني هذا الاسم رسميًا بعد عدة عقود. وكان يشار إلى نبتون باسم «قمر نبتون» حتى اكتشاف قمره الثاني نيريد عام 1949. لم يقم لاسيل بتسمية اكتشافه، واقترح فيما بعد بنجاح اسم هايبريون، الذي اختاره جون هيرشل سابقًا، كاسم لقمر زحل الثامن عندما اكتشفه.

المدار والدوران

مدار ترايتون ونبتون

يعتبر ترايتون مميزاً بين أقمار المجموعة الشمسية بسبب الحركة التراجعية حول كوكبه (يدور باتجاه معاكس لاتجاه دوران كوكبه. هناك أقمار أخرى بحركة تراجعية، ولكنها صغيرة الحجم وأبعد عن كواكبها السيّارة. يرتبط مدار ترايتون بمَيلين، الأول هو زاوية ميلان محور نبتون لمدار ترايتون 30°، وزاوية ميلان مدار ترايتون لمحور دوران نبتون 157°. دوران ترايتون مقيّد مادّياً بالتزامن مع مداره حول نبتون، حيث يبقي وجهاً واحداً تجاه الكوكب دائماً. خط استواء ترايتون يتراصف تقريباً بشكل كامل مع سطحه المداري. أصبح دوران ترايتون حول نيبتون تقريباً دائرة مثالية بـانحراف مداري مقداره صفر. لا يعتقد أنّ المرونة اللزوجية المرطَّبة بسبب المد والجزر قادرة على إحداث تدوير متعلق بالمد والجزر (وهو تأثير قوى المد والجزر، بين جسم يدور بمدار ما حول جسم آخر وذلك الجسم، والذي يتناقص بواسطته الانحراف المداري بمرور الوقت حتى يصبح المدار دائرياً بدلاً من إهليجي) في مدار ترايتون منذ نشوء النظام. مصدر. من المحتمل أن مقاومة المائع من القرص الحُطامي قد لعبت دوراً كبيراً.[15]

يرتبط مدار تريتون بميلين اثنين، الأول هو ميل محور دوران نبتون عن مداره، والذي يبلغ 30 درجة، والثاني هو ميل مدار تريتون بالنسبة لمدار دوران نبتون، والذي يبلغ 157 درجة (يشير الميل الذي يزيد عن 90 درجة إلى حركة تراجعية). يتحرك تريتون في مداره للأمام بالنسبة لدوران نبتون ويستغرق 678 سنة أرضية ليكمل دورة حوله (4.1 سنة نبتونية). وهذا ما يجعل ميل مداره النسبي بالنسبة لنبتون يتراوح بين 127 و 180 درجة. يبلغ هذا الميل حاليًا 130 درجة. إن مدار تريتون في أبعد نقطة تقريبًا في الوقت الحالي عن الاشتراك في المستوي مع مدار نبتون.

يُعد دوران تريتون مقيدًا مديًا بالنسبة لنبتون، وهذا ما يجعله في مدار متزامن حوله: وهذا يعني بقاء وجه واحد من تريتون مقابل نبتون بشكل دائم. يحاذي خط استواء تريتون مستويه المداري تمامًا. يميل محور دوران تريتون في الوقت الحالي عن المستوي المداري لنبتون بنحو 40 درجة، ولهذا السبب في نقطة ما خلال السنة النبتونية، يكون البعد بين قطبي تريتون والشمس متساويًا، كأقطاب أورانوس تقريبًا. بدوران نبتون حول الشمس، تتناوب المناطق القطبية لتريتون في مواجهة الشمس، ما يؤدي إلى تغيرات فصلية في أحد القطبين، بينما يتحرك القطب الآخر باتجاه الشمس. رُصدت مثل هذه التغيرات في عام 2010.[16]

أصبح دوران تريتون حول نبتون يشكّل دائرة تامة تقريبًا، وانحرافه المداري يقارب الصفر. لا يُعتقد أنّ المرونة اللزوجية التي تتضاءل بسبب المد والجزر قادرة لوحدها أن تجعل مدار تريتون دائريًا اعتبارًا من الوقت الذي نشأ فيه هذا النظام، ومن المحتمل أن مقاومة الغاز الناتجة عن قرص الحطام الذي يتحرك بشكل تقدمي (نفس جهة دوران الكوكب) قد لعبت دورًا أساسيًا. إنّ السبب في مدار تريتون أيضًا هي التفاعلات المدية، إذ يقترب مداره من نبتون أكثر من اقتراب مدار القمر من الأرض، وهذا يسبب المزيد من التدهور بشكل تدريجي. من المتوقع أن يعبر تريتون حد روش الخاص بنبتون بعد نحو 3.6 مليار عام من الآن. ويؤدي بالتالي إمّا لتصادمه مع الغلاف الجوي لنبتون، أو لتحطمه. وهذا ما سيشكل نظام حلقات جديدًا مشابهًا لذلك الموجود حول زحل.[17]

عملية الاستيلاء على تريتون

لا يمكن أن تتشكل الأقمار ذات المدار التراجعي في نفس منطقة السديم الشمسي بشكل مشابه للكواكب التي تدور حولها هذه الأقمار، لذلك يجب أن يكون استوليَ على تريتون من مكان آخر. من الممكن أنه تشكّل في حزام كايبر، وهو عبارة عن حلقة صغيرة من الأجسام الجليدية التي تمتد من مدار نبتون (على بعد 30 وحدة فلكية عن الشمس) وحتى مسافة 50 وحدة فلكية من الشمس تقريبًا. يُعتقد أنّ هذا الحزام المكان الأصلي لأغلبية المذنبات ذات الفترات المدارية القصيرة التي تُرصد من الأرض، يُعتبر الحزام أيضًا موطنًا لعدة أجسام كبيرة تشبه الكواكب مثل بلوتو، والذي يُعرف حاليًا بأنه أكبر الأجسام (البلوتينوات) في حزام كايبر والمقيد ضمن رنين مداري مع نبتون. إن تريتون أكبر بقليل من بلوتو، ومتماثل تقريبًا في التركيب، وهذا ما قاد إلى فرضية أنّ الجسمين من أصل مشترك.[18]

ربما تفسر عملية الاستيلاء المقترحة على تريتون العديد من الميزات للنظام النبتوني، بما في ذلك المدار المنحرف بشكل كبير لقمر نبتون نيريد، وقلة عدد الأقمار بالمقارنة مع الكواكب العملاقة الأخرى. تقاطَعَ المدار المنحرف لتريتون في البداية مع مدارات الأٌقمار غير النظامية وأخلّ بالأقمار النظامية الأصغر، إذ شتتها بواسطة التفاعلات الثقالية.[6]

ملاحظات

  1. محسوبة على أساس معايير أخرى.


    مراجع

    1. المؤلف: آرثر باري — العنوان : A Short History of Astronomy — الناشر: جون موراي
    2. Williams, David R. (23 نوفمبر 2006)، "Neptunian Satellite Fact Sheet"، NASA، مؤرشف من الأصل في 5 أكتوبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 18 يناير 2008.
    3. Overbye, Dennis (5 نوفمبر 2014)، "Bound for Pluto, Carrying Memories of Triton"، نيويورك تايمز، مؤرشف من الأصل في 24 يوليو 2018.
    4. McKinnon, William B.؛ Kirk, Randolph L. (2014)، "Triton"، في Tilman Spohn؛ Doris Breuer؛ Torrence Johnson (المحررون)، Encyclopedia of the Solar System (ط. 3rd)، Amsterdam; Boston: Elsevier، ص. 861–882، ISBN 978-0-12-416034-7.
    5. Jacobson, R. A. — AJ (3 أبريل 2009)، "Planetary Satellite Mean Orbital Parameters"، JPL satellite ephemeris، مختبر الدفع النفاث (Solar System Dynamics)، مؤرشف من الأصل في 5 أكتوبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2011.
    6. Jacobson, R. A. (03 أبريل 2009)، "The Orbits of the Neptunian Satellites and the Orientation of the Pole of Neptune"، المجلة الفلكية، 137 (5): 4322–4329، Bibcode:2009AJ....137.4322J، doi:10.1088/0004-6256/137/5/4322. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط |ref=harv غير صالح (مساعدة)
    7. "Planetary Satellite Physical Parameters"، مختبر الدفع النفاث (Solar System Dynamics)، مؤرشف من الأصل في 18 يناير 2010، اطلع عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2011.
    8. "Classic Satellites of the Solar System"، Observatorio ARVAL، مؤرشف من الأصل في 25 أغسطس 2011، اطلع عليه بتاريخ 28 سبتمبر 2007.
    9. Fischer, Daniel (12 فبراير 2006)، "Kuiperoids & Scattered Objects"، Argelander-Institut für Astronomie، مؤرشف من الأصل في 5 أكتوبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 1 يوليو 2008.
    10. "Neptune: Moons: Triton"، NASA، مؤرشف من الأصل في 5 أكتوبر 2011، اطلع عليه بتاريخ 21 سبتمبر 2007.
    11. Broadfoot, A. L.؛ Atreya, S. K.؛ Bertaux, J. L.؛ Blamont, J. E.؛ Dessler, A. J.؛ Donahue, T. M.؛ Forrester, W. T.؛ Hall, D. T.؛ Herbert, F.؛ Holberg, J. B.؛ Hunter, D. M.؛ Krasnopolsky, V. A.؛ Linick, S.؛ Lunine, J. I.؛ McConnell, J. C.؛ Moos, H. W.؛ Sandel, B. R.؛ Schneider, N. M.؛ Shemansky, D. E.؛ Smith, G. R.؛ Strobel, D. F.؛ Yelle, R. V. (1989)، "Ultraviolet Spectrometer Observations of Neptune and Triton"، Science، 246 (4936): 1459–66، Bibcode:1989Sci...246.1459B، doi:10.1126/science.246.4936.1459، PMID 17756000.
    12. Chang, Kenneth (18 أكتوبر 2014)، "Dark Spots in Our Knowledge of Neptune"، New York Times، مؤرشف من الأصل في 4 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 21 أكتوبر 2014.
    13. "In Depth | Triton"، NASA Solar System Exploration، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 08 فبراير 2020، NASA's Voyager 2―the only spacecraft to fly past Neptune and Triton―found surface temperatures of -391degrees Fahrenheit (-235 degrees Celsius). During its 1989 flyby, Voyager 2 also found Triton has active geysers, making it one of the few geologically active moons in our solar system.
    14. "The Royal Observatory Greenwich - where east meets west: Telescope: The Lassell 2-foot Reflector (1847)"، www.royalobservatorygreenwich.org، مؤرشف من الأصل في 29 فبراير 2020، اطلع عليه بتاريخ 28 نوفمبر 2019.
    15. ترايتون
    16. Seasons Discovered on Neptune's Moon Triton — Space.com (2010) نسخة محفوظة September 17, 2011, على موقع واي باك مشين.
    17. Chyba, C. F.؛ Jankowski, D. G.؛ Nicholson, P. D. (يوليو 1989)، "Tidal evolution in the Neptune-Triton system"، مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية، 219 (1–2): L23–L26، Bibcode:1989A&A...219L..23C.
    18. Cruikshank, Dale P. (2004)، "Triton, Pluto, Centaurs, and Trans-Neptunian Bodies"، Space Science Reviews، 116 (1–2): 421–439، Bibcode:2005SSRv..116..421C، doi:10.1007/s11214-005-1964-0، ISBN 978-1-4020-3362-9، مؤرشف من الأصل في 29 فبراير 2020.
    • بوابة كواكب صغيرة ومذنبات
    • بوابة نجوم
    • بوابة رحلات فضائية
    • بوابة الفضاء
    • بوابة علم الفلك
    • بوابة المجموعة الشمسية
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.