ترحيل المثقفين الأرمن

ترحيل المثقفين الأرمن ويُعرفُ أحيانًا باسم الأحد الأحمر (بالأرمنية: Կարմիր կիրակի)‏ كان أول حدث كبير وذو ملحوظية واهتمام ممّا جرى خلالَ الإبادة الجماعية للأرمن، حيث شنّت الدولة العثمانية وعاصمتها القسطنطينية حملة على المثقفين منَ الأرمن في العديد من المناطق والمدن من أجل القبضِ عليهم وترحيلهم في وقتٍ لاحق. من أجلِ القيام بذلك؛ صدرَ أمرٌ رسمي منَ وزير الداخلية طلعت باشا في 24 أبريل 1915. في تلك الليلة؛ قُبضَ على الموجة الأولى والتي كانَ قوامها ما بينَ 235 حتّى 270 من المفكرين الأرمن في مدينة القسطنطينية وحدها. بلغَ في نهاية المطاف إجمالي الاعتقالات والترحيل 2,345. اعتُمدَ قانون التهجير في 29 أيار/مايو 1915؛ لذلك تمّ نقل هؤلاء المعتقلين في وقت لاحق خارجَ الإمبراطورية العثمانية في حين أنّ معظمهم قد قُتل مُقابل نجاة القليل منهم بعد تدخل معارفهم مثلَ فرتانيس بابازيان وكوميتاس.

ترحيل المثقفين الأرمن

جزء من مذابح الأرمن
المعلومات
الموقع الدولة العثمانية 
التاريخ 24 أبريل 1915
الثامنة صباحًا (بالتوقيت المحلي)
الهدف مثقفي الأرمن
نوع الهجوم ترحيل قسري
إخفاءات قسريّة
عمليات إعدام خارجَ القانون
الخسائر
الوفيات 235–270 (يوم 24 أبريل فقط)
2,345 (تم توقيف هذا العدد في غضون أسابيع قليلة وقد قُتل غالبيتهم ما بعد الـ 24 أبريل)[1]
المنفذون جمعية الاتحاد والترقي (تركيا الفتاة)
عدد المشاركون
غير معروف

وُصفَ هذا الحدث من قِبل المؤرخين بشتّى الأوصاف بل شُبهَ بحملة إضراب قطع الرأس،[2][3] والتي كانت تهدف إلى حرمان السكان الأرمن من فرصة تشكيل أي مقاومة تُدافع عنهم وعن حقوقهم.[4] اليوم؛ تُحيى ذكرى ضحايا الإبادة الأرمنية في 24 نيسان/أبريل من كلّ عام وفيها يتذكر الأرمن ما حصلَ لمثقفيهم من تنكيل وتعذيب وإعدامات جماعيّة. في الوقت الحالي؛ صارَ يوم الـ 24 من نيسان عيدًا وطنيًا في أرمينيا وجمهورية مرتفعات قرة باغ كما يحتفلُ بهِ الشتات الأرمن في جميع أنحاء العالم.

الترحيل

نسخة أصلية من تعليمات وزارة الداخلية في 24 أبريل 1915

الاحتجاز

أمرَ وزير الداخلية العثماني طلعت باشا الأمرَ بالاحتجاز في 24 أبريل 1915. بدأت العمليّة في تمام الساعة الثامنة مساءًا[5] في القسطنطينية تحتَ بقيادة بدري باي قائد الشرطة في المدينة.[6] في ليلة 24-25 نيسان/أبريل 1915؛ بدأت السُلطات حملة الاعتقال وقد ألقت القبض في البداية على ما بين 235 إلى 270 من مثقفي الأرمن بمن فيهم رجال الدين والأطباء المحررين والصحفيين والمحامين والمعلمين وكذا السياسيين الذين اعتُقلوا بناء على تعليمات من وزارة الداخلية.[7]

ارتفعت وتيرة عمليّات القبض والترحيل في وقتٍ لاحق من ذلك اليوم ثم احتُجر كل المقبوض عليهم في السجن المركزي. انطلقت موجة ثانية من عمليات القبض والتي شملت هذه المرّة ما بين 500 حتّى 600.[8][9][10]

بحلول نهاية آب/أغسطس 1915؛ كانت الدولة العثمانيّة قد رحلت حوالي 150 أرمني يحملُ الجنسية الروسية من القسطنطينية إلى مراكز أخرى،[بحاجة لمصدر] في حين نُقلَ عدد قليل من المحتجزين بما في ذلك الكاتب الكسندر بانوسيان (1859 - 1919) الذي نُقّل في نفس الأسبوع إلى الأناضول.[11] في المجموع؛ قُدر عدد المُعتقلين بـ 2,345 جرَى ترحيلُ الكثير منهم رغمًا عنهم؛[1][12] على الرغمِ من أنّ معظمهم من غير القوميين ولم يكن لديهم أي انتماءات سياسية.

تفاصيل الترحيل

جانقري
أياش
القسطنطينية
دير الزور
ديار بكر
المدن المُرحل منها وإليها

بعدَ المصادقة على قانون التهجير في 29 أيار/مايو عام 1915؛ تمّ ترحيلُ معظم الأرمن اليساريين من مُعتقلاتهم إلى سوريا العثمانية في حين نُقل الآخر منَ السجن المركزي على مثنِ باخرة إلى محطة حيدر باشا. بعد انتظارٍ دام لمدة عشر ساعات؛ نُقل المثقفون في اتجاه أنقرة في اليوم التالي. كانت القافلة تضمّ 220 من الأرمن ممن ورد اسمهم في قائمة الترحيل الخاصّة بوزراة الداخليّة.[13][8] بعد رحلة بالقطار دامت 20 ساعة؛ نزلَ المثقفين في منطقة تُدعى سينسانكوي (بالتركية: Sincanköy)‏ بالقرب من أنقرة يوم الثلاثاء ظهرًا.

أُرسلت مجموعة واحدة إلى جانقري في حين أُرسلت الثانيّة إلى أياش. نُقل من كان ضمنَ المجموعة الثانيّة في عربات لبضع ساعات أخرى لمكان مجهول وهناك قُتلوا بعد غيابهم أو بالأحرى اختطافهم لعدّة أشهر.[14] 10 فقط (أو 13 كما تُشير بعض المصادر) منَ المرحلين من هذه المجموعة من منحوا إذنًا بالعودة إلى القسطنطينية من أياش. اعتُقلت مجموعة إضافية عددها 20 أرمينيًا في 24 نيسان/أبريل وقد نُقلت هي الأخرى إلى جانقري في السابع أو الثامن من مايو 1915.[15] فيما احتُجزَ ما يقرب من 150 سياسيًا في أياش و150 مفكرًا آخرًا في جانقري كذلك.[16]

المُحاكمة العسكرية

نُقل بعض السجناء مثل الدكتور نظريت داغفاريان وسركيس ميناسيان يوم الخامِس من أيار/مايو من سجن أياش تحتَ حراسة عسكرية إلى مدينة ديار بكر جنبا إلى جنب مع بعض المُفكرين أمثال هاروتيان جانغوليان وكاريكين خاشاج للمثول أمام محكمة عسكرية. قُتل بعضهم على ما يبدو على يدِ الدولة برعاية الجماعات شبه العسكرية التابعة لها بالأساس كما أُرسل مفكرون آخرون للمثول أمام محكمة عسكرية ثانية في 18 أيار/مايو 1915.[17] حُوكِمَ المسلحون المسؤولون عن جرائم القتل وأعدموا في دمشق بما في ذلك جمال باشا في أحد أيام أيلول/سبتمبر 1915. أصبحَ هذا الحادث في وقتٍ لاحق موضوع تحقيق من قبل المجلس العمومي العثماني.

الإفراج

أُفرجَ عنِ العديد من السجناء خاصّة من كان لهم بعض النفوذ أو لعائلاتهم.[8] حُرّر خمسة من المرحلين إلى جانقري بناء على تدخلٍ من سفير الولايات المتحدة الأمريكية هنري مورغنثاو. في المجموع؛ سُمح لـ 12 منَ المرحلين بالعودة إلى القسطنطينية من جانقري بمن فيهم كوميتاس فيما سُمح لأربعة من المرحلين بالعودة إلى قونية في حين بقي باقي المرحلين تحت حماية حاكم ولاية أنقرة.[18][19]

الناجين

بعد هدنة مودروس في 30 تشرين الأول 1918 عاد مجموعة من مثقفي الأرمن الذين بقيوا على قيدِ الحياة إلى القسطنطينية التي كانت تحت احتلال الحلفاء. حينَها كثفَ المثقفين من نشاطهم الأدبي واستمروا في الإنتاج بغزارة حتّى سقوط الدولة العثمانية تقريبًا.[20] عانى بعضُ منهم من اضطرابات ما بعد الصدمة ومشاكل نفسيّة أخرى؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر أُصيب كوميتاس بحالة مُتقدمة من اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية وخضعَ مدة طويلة للعلاج دامت 20 سنة حتى وفاته في عام 1935.[21]

ذكرى الإبادة

معرض مُكرس لتذكر ضحايا الإبادرة الأرمينية في تسيتسيرناكابيرد في يريفان.

في الوقت الحالي؛ فإنّ التاريخ الرسمي لإحياء ذكرى الإبادة الأرمنية هوَ 24 نيسان/أبريل من كلّ عام وهوَ اليوم الذي شهد بداية ترحيل المفكرين والمثقفين الأرمن. أول احتفال نظمهُ مجموعة من الناجين الأرمن منَ الإبادة الجماعية حيث عُقد في مدينة إسطنبول عام 1919 داخل كنيسة أرمينية وقد تميّزَ بمشاركة العديد من الشخصيات البارزة في الجالية الأرمنية في الاحتفال.[22]

المراجع

  1. Dadrian, Vahakn N. (2003)، The history of the Armenian genocide: ethnic conflict from the Balkans to Anatolia to the Caucasus (ط. 6th rev.)، Berghahn Books، ص. 221، ISBN 1-57181-666-6.
  2. Blinka, David S. (2008)، Re-creating Armenia: America and the memory of the Armenian genocide، University of Wisconsin Press، ص. 31، In what scholars commonly refer to as the decapitation strike on April 24, 1915...
  3. Bloxham, Donald (2005)، The Great Game of Genocide: Imperialism, Nationalism, and the Destruction of the Ottoman Armenians، Oxford University Press، ص. 70، ...the decapitation of the Armenian nation with the series of mass arrests that began on 24 April...{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: التاريخ والسنة (link)
  4. Sahаkian, T. A. (2002)، "Արևմտահայ մտավորականության սպանդի արտացոլումը հայ մամուլում 1915–1916 թթ. [The interpretation of the fact of extermination of the Armenian intelligentsia in the Armenian press in 1915–1916]"، Lraber Hasarakakan Gitutyunneri (باللغة الأرمنية) (1): 89، مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2019، Դրանով թուրքական կառավարությունը ձգտում էր արևմտահայությանը գլխատել, նրան զրկել ղեկավար ուժից, բողոքի հնարավորությունից:
  5. Shirakian, Arshavir (1976)، Կտակն էր Նահատակներուն [Gdagn er Nahadagnerin] [The legacy: Memoirs of an Armenian Patriot]، translated by Shirakian, Sonia، Hairenik Press، OCLC 4836363.
  6. Ternon, Yves (1989)، Enquête sur la négation d'un génocide (باللغة الفرنسية)، Marseille: Éditions Parenthèses، ص. 27، ISBN 978-2-86364-052-4، LCCN 90111181.
  7. Walker, Christopher J. (1997)، "World War I and the Armenian Genocide"، The Armenian People From Ancient to Modern Times، Palgrave Macmillan، ج. II: Foreign Dominion to Statehood: The Fifteenth Century to the Twentieth Century، ص. 252، ISBN 978-0-333-61974-2، OCLC 59862523.
  8. Der Yeghiayan 2002.
  9. Panossian, Razmik (2006)، The Armenians. From Kings and Priests to Merchants and Commissars، Columbia University Press، ص. 237، ISBN 978-0-231-13926-7، LCCN 2006040206، OCLC 64084873.
  10. Bournoutian, George A. (2002)، A Concise History of the Armenian People، Mazda، ص. 272، ISBN 978-1-56859-141-4، LCCN 2002021898، OCLC 49331952.
  11. Boghosian, Khachig (21 أبريل 2001)، "My Arrest and Exile on April 24, 1915"، Armenian Reporter.
  12. John Horne, المحرر (2012)، A companion to World War I (ط. 1. publ.)، Wiley-Blackwell، ص. 191، ISBN 1119968704، مؤرشف من الأصل في 15 مايو 2016.
  13. Nakashian, Avedis؛ Rouben Mamoulian Collection (Library of Congress) (1940)، A Man Who Found A Country، Thomas Y. Crowell، ص. 208–278، LCCN 40007723، OCLC 382971.
  14. Palak'ean, Grigoris (2002)، Le Golgotha arménien: de Berlin à Deir-es-Zor (باللغة الفرنسية)، Le Cerle d'Écrits Caucasiens، ج. 1، ص. 95–102، ISBN 978-2-913564-08-4، OCLC 163168810.
  15. Shamtanchean, Mikʻayēl (2007) [1947]، Hay mtkʻin harkě egheṛnin [The Fatal Night. An Eyewitness Account of the Extermination of Armenian Intellectuals in 1915]، Genocide library, vol. 2، Translated by Ishkhan Jinbashian، H. and K. Majikian Publications، ISBN 978-0-9791289-9-8، LCCN 94964887، OCLC 326856085.
  16. Kévorkian 2006.
  17. Palak'ean, Grigoris (2002)، Le Golgotha arménien : de Berlin à Deir-es-Zor (باللغة الفرنسية)، Le Cerle d'Écrits Caucasiens، ج. 1، ص. 87–94، ISBN 978-2-913564-08-4، OCLC 163168810.
  18. "The Real Turkish Heroes of 1915"، The Armenian Weekly، 29 يوليو 2013، مؤرشف من الأصل في 4 أبريل 2019.
  19. Kevorkian, Raymond (03 يونيو 2008)، "The Extermination of Ottoman Armenians by the Young Turk Regime (1915–1916)" (PDF)، Online Encyclopedia of Mass Violence، ص. 31، مؤرشف من الأصل في 6 مارس 2016.
  20. Odian, Yervant (2009)، Krikor Beledian (المحرر)، Accursed years : my exile and return from Der Zor, 1914–1919، Gomidas Institute، ص. ISBN 1-903656-84-2، مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2016.
  21. Karakashian, Meliné (24 يوليو 2013)، "Did Gomidas 'Go Mad'? Writing a Book on Vartabed's Trauma"، Armenian Weekly، مؤرشف من الأصل في 27 سبتمبر 2018.
  22. "At the Origins of Commemoration: The 90th Anniversary Declaring April 24 as a Day of Mourning and Commemoration of the Armenian Genocide"، Armenian Genocide Museum، 10 مارس 2009، مؤرشف من الأصل في 1 مايو 2019.
  • بوابة أرمينيا
  • بوابة الحرب العالمية الأولى
  • بوابة الدولة العثمانية
  • بوابة حقوق الإنسان
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.