سنحاريب
سنحاريب (بالأكدية: ، تُهجأ: «سين-أحي-إريبا»، بِمَعنى: «سين قَد حَلَ مَحل الإخوة»)،[1][2][3] سادِس مِلوك الإمبِراطورِية الآشورية الحَديثة، وثاني مَن حَكَمَها من السُلالة السَرجونية، دامَ سُلطانُه نَيف 24 عامًا، بَدَئها مُنذُ أن وافَت والدهُ المَنية سَنة 705 ق.م، وحَتى وفاتَه 681 ق.م. كانَ مَلِكًا بَعيد الهِمة كَثير المَغازي دانَ لدَولَته الرُبوع والأقاليم. شُهرَتُهُ التي طالَت أراضي الغَرب، نابِعة من الدَور الذي لعَبهُ في الكِتاب المُقَدس، والذي وَصَفَ حَملتهُ المَشهورة فِي بِلادُ الشَام. تَشمِل النقاط المِحوَرية الأخرى في حُكم هذا المَلك، تَدمِيرَهُ لمَدِينة بَابِل عام 689 ق.م وتَجدِيدهُ وتَوسِيعهُ لـنَـينَـوى، آخر عَواصِمة آشور العَظيمة.
مَلِكُ آشور مَلِكُ بَابِل مَلِك الزَوايا الأربَعَ مَلِكُ الكون | |
---|---|
سنحاريب | |
نَقش صَخرِي لسنحاريب مَوجود على سَفح جَبَل جُوْدِيّ بالقُرب مِن جَزِيرة ابن عُمر، الحُدود العِراقِية التُركية. | |
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 745 ق م كالح |
الوفاة | 20 أكتوبر 681 ق.م (64 عاماً) نينوى |
سبب الوفاة | جرح طعني |
الإقامة | قصر سنحاريب |
مواطنة | آشور بابل |
الزوجة | نَقِية |
الأولاد | |
الأب | سرجون الثاني |
عائلة | سلالة السرجونيين |
الحياة العملية | |
المهنة | حاكم |
بدأ حُكم المَلك الشاب بمُهِمة صَعبَ تَمَثلت باِخضاع بَابِل، والتي شَكلت جَوهَرت تاجُ الجَنوب لإمبِراطورِيته. نشأت العَديد مِن مَشاكل «سنحاريب» البَابِلية مِن زَعيم القَبيلة الكِلدانِية «مردوخ ابلا ادينا الثاني»،[4] الذي كانَ مَلكًا على عَرش بَابِل حَتى أطاحَ بهِ المَلك الاشوري «سرجون الثاني» (والد «سنحاريب»). بَعد فَترة وَجِيزة مِن ورث «سنحاريب» عَرش الإمبِراطورِية عام 705 ق.م، استَعادَ «مردوخ ابلا ادينا الثاني» بَابِل وَتحالفَ مَع العِيلامِيين. عَلى الرَغُم مِن أنَ «سنحاريب» استعادَ الجَنوب عام 700 ق.م، إلا أنَ «مردوخ آبلا إدينا الثاني» استمرَ في مُضايَقته، ورُبما حَرض حُلَفاء الآشورِِيين في بِلاد الشام على التَمَرُد، مِما أدى إلى أشتِعال حَرب عام 701 ق.م، وتحاربَ هو نَفسهُ ضِد «بيل إبني»، مَلِك «سنحاريب» الدُمية في بَابِل. بعد أن أسرَ البَابِليون والعِيلامِيون ابن «سنحاريب» البِكر «آشور ندين شومي» وأعدَموه، بَعدَ أن أعلنهُ «سنحاريب» ملكًا عَلى بَابِل، رَد «سنحاريب» عَلى هذه الخِيانة كانَ مُزَلزِلًا، والقِصة التي تركها لتَروي أحداث أنتِقامه مَليئة بالكراهية، شنَ حَملة قاسِية فِي كِلا المَنطَقَتَين، الأولى كانَت عَلى مَملَكة عِيلام، أبحَرَ «سنحاريب» بأسطولهِ قاطِعًا خَليج العَرب ونَزلَ بفارِس، أستَولى ونَهَب العَديد من مُدن عِيلام قَبلَ أن يَعودَ إلى مَملَكَته، ثُمَ جاءَ دَورُ بَابِل، سارَ بجَيشه إلى عاصِمة الجَنوب، فدَكَ حُصونَها وقُصورَها وذَبحَ جُزء كبيرًا مِن سُكانَها وأحالَ أجزاء واسِعة منَ المَدينة إلى الأرض، مِن خِلال تحويل مياه نهر دجلة والفُرات إليها، بَعدَها قامَ بتَسوية أسوارها.
في حَملة بِلادُ الشامْ، لم تَكُن الوِلايات الواقِعة فِي الجَنوب، ولا سيما مملكة يهوذا تحت حكم الملك «حزقيا»، سهلة الخضوع مثل تلك الموجودة في الشمال (عزيقة، لكيش). وهكذا غزا الآشوريون القدس. على الرغم من أن الرواية الكتابية تؤكد أن التدخل الإلهي من قبل الملائكة أنهى هجوم سنحاريب على القدس من خلال تدمير الجيش الآشوري، إلا أن الهزيمة الآشورية غير مرجحة، لأستَسلمَ الملك «حزقيا» لـ«سنحاريب» في نِهاية الحملة.[5] السجلات المعاصرة، حتى تلك التي كتبها أعداء آشور، لا تذكر هزيمة الأشوريين في القدس.[6]
نقل سنحاريب عاصمة آشور إلى نينوى، حيث أمضى معظم وقته كولي للعهد. لتحويل نينوى إلى عاصمة جديرة بإمبراطوريته، أطلق أحد أكثر مشاريع البناء طموحًا في التاريخ القديم. قام بتوسيع حجم المدينة وبنى أسوارها العظيمة والعديد من المعابد والحدائق الملكية. أشهر أعماله في المدينة هو قصر الجنوب الغربي، الذي أطلق عليه «سنحاريب» لقب «قصر لا يُضاهيه قصر». بعد وفاة ابنه الأكبر وولي العهد، «آشور نادين شومي»، عين «سنحاريب» في البداية ابنه الثاني «أردا موليسو» وريثًا. ثم استبدله بابنه الأصغر، «أسرحدون»، عام 684 قبل الميلاد، لأسباب غير معروفة. تجاهل «سنحاريب» مناشدات «أردا موليسو» المتكررة لإعادته إلى منصبه وريثًا، وفي عام 681 قبل الميلاد، قتل «أردا موليسو» وشقيقه «نابو شار أوسر» والِدهُما «سنحاريب»، على أمل الاستيلاء على السلطة لأنفسهم. رحبت بابل والشام بوفاته كعقاب إلهي، في حين كانَ رد فعل الآشوريين مَزيجاً من الاستياء والرعب. تم تأجيل تتويج أردا موليسو»، بَينَما جَهَزَ «أسرحدون» جيشًا عرَمرَمًا واستولى على نينوى، ونصب نفسه ملكًا على النحو الذي اراده «سنحاريب».
خَلفية
النسب والحياة المبكرة
سنحاريب هو ابن وخليفة الملك الآشوري سرجون الثاني، الذي كان ملكًا على آشور من 722 إلى 705 قبل الميلاد وملك بابل من 710 إلى 705 قبل الميلاد. هوية والدة سنحاريب غير مؤكدة. تاريخيًا، كان الرأي الأكثر شيوعًا هو أن سنحاريب كان ابن أتاليا زوجة سرجون، على الرغم من أن هذا الامر يُعتبر الآن غير مرجح. لتكون أتاليا والدة سنحاريب، كان لابد أن تكون قد ولدت حوالي عام 760 قبل الميلاد، على أبعد تقدير، وعاشت حتى عام 692 قبل الميلاد على الأقل، [7] لتكون «أم الملك» في ذلك العام، [8] ولكن قبر أتاليا في نمرود، [7] الذي تم اكتشافه في الثمانينيات، [9] يشير إلى أنها كانت تبلغ من العمر 35 عامًا على الأكثر عند وفاتها. تعتبر عالمة الآشوريات جوزيت إيلاي أنه من المعقول أن تكون والدة سنحاريب واحدة من زوجات سرجون، المُسمات «رئمة». شاهدة من آشور، اكتُشفت في عام 1913، تشير إليها على وجه التحديد على أنها «أم سنحاريب». يعتبر وجود رئمة اكتشافًا حديثًا، بناءً على قراءة عام 2014 للنقش على الشاهدة. [7] سرجون الثاني نفسه ادعى أنه ابن الملك الأسبق تغلث فلاسر الثالث، لكن هذا غير مؤكد لأن سرجون اغتصب العرش من ابن تغلث فلاسر الآخر شلمنصر الخامس. [10]
ربما ولد سنحاريب حوالي 745 ق م. إذا كان سرجون هو ابن تغلث فلاسر وليس مغتصبًا من غير سلالة، لكان سنحاريب قد نشأ في القصر الملكي في نمرود وقضى معظم شبابه هناك. استمر سرجون في العيش في نمرود لفترة طويلة بعد أن أصبح ملكًا، تاركًا المدينة في عام 710 قبل الميلاد ليقيم في بابل، ثم في عاصمته الجديدة دور شروكن في عام 706 قبل الميلاد. بحلول الوقت الذي انتقل فيه سرجون إلى بابل، كان سنحاريب، الذي شغل منصب ولي العهد والوريث المعين، قد غادر نمرود بالفعل، ويعيش في نينوى. [11] كانت نينوى المقر المعين لولي العهد الآشوري منذ عهد تغلث فلاسر. [12] بصفته وليًا للعهد، امتلك سنحاريب أيضًا عقارًا في مَدينة تاربيسو الواقعة في نينوى. كان المربي الملكي، هوني، يعلم سنحاريب وإخوته. من المحتمل أنهم تلقوا تعليمًا في الكتابة وتعلموا الحساب وكيفية القراءة والكتابة باللغتين السومرية والأكادية. [11]
كان لسنحاريب عدة إخوة وأخت واحدة على الأقل. بالإضافة إلى الإخوة الأكبر سنًا الذين ماتوا قبل ولادته، كان لسنحاريب عدد من الإخوة الأصغر سنًا، يذكر انَ بعضهم ظلَ على قيد الحياة حتى أواخر عام 670 قبل الميلاد، ثم في خدمة ابن سنحاريب وخليفته أسرحدون. تم تزويج أخت سنحاريب الوحيدة المعروفة، آهات أبيشة، من أمباريس، ملك تابال، لكنها عادت على الأرجح إلى آشور بعد أول حملة ناجحة لسرجون ضد تابال. [13]
اسم سنحاريب، سين-أحي-إريبا، يعني «سين (إله القمر) قد حلَ مَحل الإخوة» في الأكادية. من المحتمل أن الاسم مشتق لَيسَ لكون سنحاريب لَم يَكُن أول أبناء سرجون، ولكن لكون جميع إخوته الأكبر سناً ماتوا بحلول الوقت الذي ولد فيه. في العبرية، يُعرف سنحاريب بـ "Snḥryb" وبالآرامية كان "Šnḥ’ryb". [3] وفقًا لوثيقة من عام 670 قبل الميلاد، في آشور كان من غير القانوني تَسمية أحد من عامة الناس باسم سنحاريب، حيث كان يُعتبر تدنيسًا للمُقدسات. [7]
سنحاريب ولياً للعَهد
بصفته وليًا للعهد، مارس سنحاريب السلطة الملكية مع والده، أو بمفرده كبديل بينما كان سرجون بعيدًا في حملته. خلال فترات غياب سرجون الأطول عن أشور، كان مقر إقامة سنحاريب بمثابة مركز الحكومة في الإمبراطورية الآشورية الحديثة، مع تولي ولي العهد مسؤوليات إدارية وسياسية كبيرة. تشير المسؤوليات الهائلة الموكلة إلى سنحاريب إلى درجة معينة من الثقة بين الملك وولي العهد. في النقوش التي تصور كل من سرجون وسنحاريب، تم تصويرهما في وضعية نقاش، ويبدو أنهما متساويان تقريبًا. بصفته وصيًا على العرش، كان واجب سنحاريب الأساسي هو الحفاظ على العلاقات مع الحكام والجنرالات الآشوريين والإشراف على شبكة الاستخبارات العسكرية الواسعة للإمبراطورية. أشرف سنحاريب على الشؤون الداخلية وكثيرا ما أبلغ سرجون بالتقدم المحرز في بناء المشاريع في جميع أنحاء الإمبراطورية. [14] كما كلفه سرجون باستقبال وتوزيع الهدايا والتكريم للجمهور. بعد توزيع هذه الموارد المالية، أرسل سنحاريب رسائل إلى والده لإبلاغه بقراراته. [15]
تشير رسالة إلى والده إلى أن سنحاريب كان يحترمه وأنهما كانا على علاقة ودية. لم يعصِ والده أبدًا، وتشير رسائله إلى أنه يعرف سرجون جيدًا ويريد إرضائه. لأسباب غير معروفة، لم يأخذه سرجون في حملاته العسكرية. تَعتقد عالمة الآشوريات جوزيت إيلاي أن سنحاريب ربما يكون قد استاء من والده بسبب ذلك لأنَ المجد المرتبط بالانتصارات العسكرية لأنه قَد فاته. على أي حال، لم يتخذ سنحاريب أي إجراء ضد سرجون أو حاول اغتصاب العرش على الرغم من كونه قَد بَلغَ منَ العُمر ما يكفي ليصبح ملكًا. [16]
آشور وبابِل
بحلول الوقت الذي أصبح فيه سنحاريب ملكًا، كانت الإمبراطورية الآشورية الحديثة هي القوة المهيمنة في الشرق الأدنى لأكثر من ثلاثين عامًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى جيشها الكبير المُدرب جيدًا والمتفوق على جيش أي مملكة معاصرة أخرى. على الرغم من أن بابل في الجنوب كانت أيضًا مملكة كبيرة في السابق، إلا أنها كانت عادةً أضعف من جارتها الشمالية خلال هذه الفترة، بسبب الانقسامات الداخلية وعدم وجود جيش جيد التنظيم. تم تقسيم سكان بابل إلى مجموعات عرقية مختلفة لها أولويات مختلفة. على الرغم من أن البابليين الأصليين قد حكموا معظم المدن، مثل كيش، وأور، وأوروك، وبورسيبا، ونيبور، وبابل نفسها، إلا أن القبائل الكلدانية بقيادة زعماء القبائل الذين غالبًا ما تشاجروا مع بعضهم البعض سيطرت على معظم الأراضي الواقعة في أقصى الجنوب. [17] عاش الآراميون على أطراف الأراضي المستقرة وكانوا معروفين بنهبهم للأراضي المحيطة. بسبب الاقتتال الداخلي بين هذه المجموعات الرئيسية الثلاث، كانت بابل غالبًا هدفًا جذابًا للحملات الآشورية. [18] تنافست المملكتان منذ ظهور الإمبراطورية الآشورية الوسطى في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وفي القرن الثامن قبل الميلاد، اكتسب الآشوريون اليد العليا بصورة مُستَمرة. [19] أدى ضعف بابل الداخلي والخارجي إلى غزوها من قبل الملك الآشوري تغلث فلاسر الثالث عام 729 قبل الميلاد. [18]
أثناء توسع آشور إلى إمبراطورية كبرى، احتل الآشوريون العديد من الممالك المجاورة، إما بضمها كمقاطعات آشورية أو تحويلها إلى ولايات تابعة. نظرًا لأن الآشوريين كانوا يكرمون تاريخ بابل الطويل وثقافتهم، فقد تم الحفاظ عليها كمملكة كاملة، إما يحكمها ملك موكل أو ملك أشور في اتحاد شخصي. [18] كانت العلاقة بين آشور وبابل مشابهة للعلاقة بين أثينا وروما في القرون اللاحقة. تم استيراد الكثير من الثقافة والنصوص والتقاليد الآشورية من الجنوب. كما تشترك آشور وبابل في نفس اللغة (الأكادية). [20] كانت العلاقة بين آشور وبابل علاقة عاطفية بمعنى ما. النقوش الآشورية الجديدة تُضَمن مُسطَلح «الجنس الاجتماعي» بين البلدين، واصفة آشور مجازياً بـ «الزوج»، وبابل «زوجته». على حد تعبير عالم الآشوريات إيكارت فرام، «كان الآشوريون يحبون بابل، لكنهم كانوا يرغبون أيضًا في السيطرة عليها». على الرغم من احترام بابل باعتبارها منبع الحضارة، كان من المتوقع أن تظل سلبية في الأمور السياسية، وهو الأمر الذي رفضته «العَروس البابلية» لآشور مرارًا وتكرارًا. [21]
الحُكم
وفاة سرجون الثاني والخِلافة
في عام 705 قبل الميلاد، قاد سرجون الثاني، ربما في الستينيات من عمره، الجيش الآشوري في حملة ضد الملك جوردو من مملكة تابال في وسط الأناضول. كانت الحملة كارثية، مما أدى إلى هزيمة الجيش الآشوري ومقتل سرجون، والذي نقل الأناضوليين جُثته. [5][22] جعلت وفاة سرجون الهزيمة أسوأ بشكل ملحوظ لأن الآشوريين اعتقدوا أن الآلهة قد عاقبته على بعض الجرائم السابقة. في أساطير بلاد ما بين النهرين، كانت الحياة الآخرة التي عانى منها أولئك الذين ماتوا في المعركة ولم يُدفنوا مروعة، محكوم عليهم بالمعاناة إلى الأبد مثل المتسولين. [23] كان سنحاريب يبلغ من العمر 35 عامًا تقريبًا عندما اعتلى العرش الآشوري في أغسطس عام 705 قبل الميلاد. [24] كان لديه قدر كبير من الخبرة في كيفية حكم الإمبراطورية بسبب فترة ولايته الطويلة كولي للعهد. [25] كان رد فعله على مصير والده هو النأي بنفسه عن سرجون. [26] وصف المؤرخ إيكارت فرام رد فعل سنحاريب بأنه «إنكار شُبه كامل»، حيث كتب أن سنحاريب «شَعر على ما يَبدو بأنه غير قادر على الاعتِراف بما حدث لسرجون والتعامل معه ذهنيًا». تخلى سنحاريب على الفور عن العاصمة الجديدة العظيمة لسرجون، دور شروكين، ونقل العاصمة إلى نينوى بدلاً من ذلك. كان أحد الإجراءات الأولى التي قام بها سنحاريب كملك هو إعادة بناء معبد مكرس للإله نرغال، المرتبط بالموت والكوارث والحرب، في مدينة تاربيسو. [23]
حتى مع وضع هذا الإنكار العلني في الاعتبار، كان سنحاريب مؤمنًا بالخرافات وأمضى وقتًا طويلاً في سؤال عرافيه عن نوع الخطيئة التي كانَ يمكن أن يرتكبها سرجون ليوعاني المصير الذي كان يَنتَضره، ربما بالنظر إلى احتمال أنه أساء إلى آلهة بابل من خلال السيطرة عليها. [27] يوجد نص، على الرغم من أنه كتب على الأرجح بعد وفاة سنحاريب، يقول إنَ سنحاريب كان يُحقق في طبيعة «خطيئة» ارتكبها والده. [28] تم إرسال حملة صغيرة عام 704 قبل الميلاد [29] (لم يذكرها سنحاريب التاريخية لاحقًا)، بقيادة أقطاب سنحاريب بدلاً من الملك نفسه، ضد غوردو في مملكة تابال من أجل الانتقام لسرجون. قضى سنحاريب الكثير من الوقت والجهد لتخليص الإمبراطورية من صور سرجون. رفع مستوى سياج الفناء جعل الصور التي رسمها سرجون في معبد آشور غير مرئية. وعندما توفيت أتاليا زوجة سرجون، دفنت على عجل وفي نفس نعش امرأة أخرى، زَوجة الملك السابق تغلث فلاسر. لم يذكر سرجون الثاني قَط في نقوش سنحاريب. [30]
الحَملة البابلية الأولى
ألهم مَوت سرجون الثاني في المعركة واختفاء جسده العَديد منَ الثورات عبر الإمبراطورية الآشورية. [5] حكم سرجون بابل منذ 710 قبل الميلاد، عندما هزم زعيم القبيلة الكلدانية مردوخ ابلا ادينا الثاني، الذي سيطر على الجنوب في أعقاب وفاة سلفه شلمنصر الخامس عام 722 قبل الميلاد. [4] مثل أسلافه المباشرين، أخذ سنحاريب الألقاب الحاكمة لكل من بلاد آشور وبابل عندما أصبح ملكًا، لكنَ حُكمه في بابل كان أقل استقرارًا. [27] على عكس سرجون والحكام البابليين السابقين، الذين أعلنوا أنفسهم على أنهم شككاناكو (نواب الملك) لبابل، تقديراً لإله المدينة مردوخ (الذي كان يُعتبر «الملك» الرسمي لبابل)، أعلن سنحاريب صراحةً أنه ملك بابل. علاوة على ذلك، فهو لم «يمسك بيد» تمثال مردوخ، التمثيل المادي للإله، وبالتالي لم يكرم الإله من خلال خضوعه لطقوس التتويج البابلي التقليدية. [31]
غضبًا من عدم الاحترام هذا، ثارت ثَورة بعد شهر واحد في 704 [4] أو 703 قبل الميلاد [27] أطاحت بحكم سنحاريب في الجنوب. أولاً ، تولى عرش بابل بابِلي يُدعى مردوخ زاكير شومي الثاني، لكن مردوخ أبلا إيدينا، نفس أمير الحرب الكلداني الذي سيطر على المدينة ذات مرة وحارب ضد والد سنحاريب ، أطاح به بعد عامين فقط. [27] أو أربعة أسابيع. [4] حشد مردوخ أبلا إدينا أجزاء كبيرة من شعب بابل للقتال من أجله ، سواء من البابليين الحضريين أو القبائل الكلدانية ، كما قام بتجنيد قوات من مملكة عيلام المجاورة. على الرغم من أن تجميع كل هذه القوات استغرق وقتًا ، كان رد فعل سنحاريب بطيئًا على هذه التطورات ، مما سمح لمردوخ أبلا إدينا بوضع مجموعات كبيرة من القوات في مدينتي كوثى وكيش. [32]
كانت أجزاء من الجيش الآشوري بعيدة في مملكة تابال عام 704 قبل الميلاد. لأن سنحاريب ربما اعتبر الحرب على جبهتين محفوفة بالمخاطر للغاية ، فقد تركَ مردوخ أبلا إدينا دون منازع لعدة أشهر. في عام 703 قبل الميلاد ، بعد انتهاء حملة تابال ، جمع سنحاريب الجيش الآشوري في آشور، والتي غالبًا ما تُستخدم كموقع حشد للحملات ضد الجنوب. [29] شن الجيش الآشوري بقيادة القائد العام لسنحاريب هجوماً فاشلاً على قوات التحالف بالقرب من مدينة كيش، مما عزز شرعية التحالف. [33] ومع ذلك ، أدرك سنحاريب أيضًا أن القوات المناهضة للآشوريين قَد أنقسمت، وقاد جيشه بالكامل للاشتباك وتدمير جزء من الجيش المعسكر في كوثى. بعد ذلك ، تحرك لمهاجمة الكتيبة المعسكِرة في كيش، وانتَصرَ في هذه المعركة الثانية أيضًا. خوفًا على حياته ، كان مردوخ أبلا إدينا قد فر بالفعل من ساحة المَعركة. [32] تذكر نقوش سنحاريب أنه من بين الأسرى الذين تم أسرهم بعد الانتصار ربيب مردوخ أبلا إيدينا وشقيق مَلكة العَرب يثيعة التي انضمت إلى التحالف. [34]
ثم سار سنحاريب إلى بابل. [35] عندما ظهر الآشوريون في الأفق ، فتحت بابل أبوابها له ، مستسلمة دون قتال. [33] تم توبيخ المدينة ، وعانت من نهب بسيط ، [33] على الرغم من أن مواطنيها لم يصابوا بأذى. [34] بعد فترة راحة قصيرة في بابل ، تحرك سنحاريب والجيش الآشوري بشكل منهجي عبر جنوب بابل ، حيث لا تزال هناك مقاومة منظمة ، مما أدى إلى تهدئة كل من المناطق القبلية والمدن الرئيسية. تنص نقوش سنحاريب على أسر أكثر من مائتي ألف أسير. [34] لأن سياسته السابقة في الحكم كملك لكل من بلاد آشور وبابل قد فشلت بشكل واضح ، حاول سنحاريب طريقة أخرى ، بتعيين مواطن بابلي نشأ في البلاط الآشوري ، بيل ابني، ملكًا تابعًا له في الجنوب. ووصف سنحاريب بيل ابني بأنه «من مَواليد بابِل نشأ في قَصري مثلَ جَروً صَغير». [27]
حَملة بلاد الشام
بعد الحرب البابلية ، كانت حملة سنحاريب الثانية في جبال زاغروس. هناك ، أخضع شعب ياسوبيغال ، وهم شعب من شرق نهر دجلة، والكيشيين، وهم شعب حكم بابل قبل قرون. [36][37] حملة سنحاريب الثالثة ، الموجهة ضد الممالك ودول بلاد الشام، موثقة جيدًا مقارنة بالعديد من الأحداث الأخرى في الشرق الأدنى القديم وهي أفضل حدث موثق في تاريخ إسرائيل خلال فترة الهيكل الأول. [2] في عام 705 قبل الميلاد ، توقف حزقيا، ملك مملكة يهوذا، عن دفع جزية السنوية للآشوريين وبدأ في اتباع سياسة خارجية عدوانية بشكل ملحوظ ، ربما مستوحاة من الموجة الأخيرة من التمردات ضد الآشوريين عبر الإمبراطورية.
بعد التآمر مع مصر (التي كانت آنذاك تحت حكم الكوش) وصدقيا، ملك مدينة عسقلان المناهض للآشوريين ، لحشد الدعم ، هاجم حزقيا المدن الفلسطينية الموالية لآشور وأسر التابع الآشوري لسنحاريب ، الملك بادي ، ملك عقرون، وسجنه في عاصمته، القدس. [5] في شمال بلاد الشام ، احتشدت المدن التابعة للآشور حول لولي ، ملك صور وصيدا. [34] شجع العدو اللدود لسنحاريب مردوخ ابلا ادينا المشاعر المعادية للآشوريين بين بعض التابعين الغربيين للإمبراطورية. لقد تقابل وأرسل الهدايا إلى الحكام الغربيين مثل حزقيا، على أمل أن يجمع تحالفًا واسعًا مناهضًا للآشوريين. [27]
في عام 701 قبل الميلاد ، تحرك سنحاريب لأول مرة لمهاجمة المدن السورية الحثية والفينيقية في الشمال. مثلما فعل العديد من حكام هذه المدن من قبل ، وكان سيفعلونه مرة أخرى ، هرب لولي بدلاً من مواجهة غضب الآشوريين ، هربًا بالقوارب حتى أصبح بعيدًا عن متناول سنحاريب. وبدلاً منه ، أعلن سنحاريب نبيلًا باسم أثبعل ملكًا جديدًا لصيدا وأشرف على خضوع العديد من المدن المجاورة لحكمه. في مواجهة جيش آشوري ضخم في الجوار ، استسلم العديد من حكام بلاد الشام، بما في ذلك بودو إيلو من مملكة عمون، وكاموسو نادبي من مملكة موآب، وميتنتي من مملكة أشدود ومالك رامو من مملكة أدوم، إلى سنحاريب لتجنب العقاب. [38]
لم يكن قمع المقاومة في جنوب بلاد الشام بهذه السهولة ، مما أجبر سنحاريب على غزو المنطقة. بدأ الآشوريون بأخذ عسقلان وهزيمة صدقيا. ثم حاصروا واستولوا على العديد من المدن. بينما كان الآشوريون يستعدون لاستعادة عقرون، تدخلت مصر حليفة حزقيا في الصراع. هزم الآشوريون الحملة المصرية في معركة بالقرب من مدينة التكية. وأخذوا مدينتي عقرون وتمنة وضلت مملكة يهوذا وقفه وحدها ، فوضع سنحاريب نصب عينيه على أورشليم. [38] بينما كان جزء من قوات سنحاريب يستعدون لمحاصرة القدس ، سار سنحاريب بنفسه إلى مدينة لخيش اليهودية المهمة. من المحتمل أن كل من حصار القدس وحصار لخيش قد منع وصول المزيد من المساعدات المصرية إلى حزقيا، وأرهب ملوك الدول الأصغر الأخرى في المنطقة.
كان حصار لخيش، الذي انتهى بتدمير المدينة ، طويلًا لدرجة أن المدافعين بدأوا في النهاية باستخدام رؤوس سهام مصنوعة من العظام بدلاً من المعدن. للاستيلاء على المدينة ، بنى الآشوريون تل حصار كبير ، وهو منحدر من التراب والحجر ، للوصول إلى قمة أسوار لخيش. بعد أن دمروا المدينة ، قام الآشوريون بترحيل الناجين إلى الإمبراطورية الآشورية، وأجبروا بعضهم على العمل في مشاريع بناء سنحاريب ، وآخرون للخدمة في الحرس الشخصي للملك. [39]
سنحاريب على أبواب القُدس
يبدأ سرد سنحاريب لما حدث في القدس بـ «أما بالنسبة لحَزقيا ... مثل طائر في قَفص ، حُبسَ في القدس في مدينته المَلكية. لقد حصنته ببؤر استيطانية ، وخرجت من بوابة مدينته ، جعلت من المحرمات له». على هذا النحو ، تم حصار القدس بشكل ما ، على الرغم من عدم وجود أنشطة عسكرية واسعة النطاق والمعدات المناسبة يعني منَ المُرجح أنها لم تكن حصارًا كاملاً. [40] وبحسب الرواية التوراتية ، وقف مسؤول آشوري كبير يحمل لقب ربشاقى أمام أسوار المدينة وطالب باستسلامها ، مهددًا بأن سكان يهودا «سيأكلون البراز ويشربون البول» أثناء الحصار. [41] على الرغم من أن الرواية الآشورية للعملية قد تدفع المرء إلى الاعتقاد بأن سنحاريب كان حاضرًا شخصيًا ، إلا أن هذا لم يُذكر صراحة أبدًا ، والنقوش البارزة التي تصور الحملة تظهر سنحاريب جالسًا على العرش في لخيش بدلاً من الإشراف على الاستعدادات للهجوم على القدس. وبحسب الرواية التوراتية ، عاد المبعوثون الآشوريون إلى حزقيا إلى سنحاريب ليجدوه يخوض صراعًا مع مدينة لبنة. [42]تختلف رواية الحصار المفروض حول القدس عن الحصار الموصوف في سجلات سنحاريب والنقوش الضخمة في قصر سنحاريب في نينوى، والتي تصور الحصار الناجح لخيش بدلاً من الأحداث في القدس. على الرغم من أن حصار القدس لم يكن حصارًا مناسبًا ، إلا أنه من الواضح من جميع المصادر المتاحة أن جيشًا آشوريًا هائلاً كان محصوراً في محيط المدينة ، ربما على جانبها الشمالي. [43] على الرغم من أنه من الواضح أن الحصار انتهى دون قتال كبير ، إلا أنه من غير المؤكد كيف تم حله وما الذي منع جيش سنحاريب الضخم من التغلب على المدينة. تقول الرواية التوراتية عن نهاية هجوم سنحاريب على القدس أنه على الرغم من أن جنود حزقيا كانوا يحرسون أسوار المدينة ، وعلى استعداد للدفاع عنها ضد الآشوريين ، إلا أن الكيان المشار إليه باسم «الملاك المدمر»، الذي أرسله الرب ، أباد جيش سنحاريب ، مما أسفر عن مقتل 185000. جنود آشوريون أمام أبواب القدس. [44] يصف المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت العملية بالفشل الآشوري بسبب «عدد كبير من فئران الحقول» التي هبطت على المعسكر الآشوري ، والتهمت مواد مهمة مثل الرعشات والأوتار ، وترك الآشوريين غير مسلحين ودفعهم إلى الفرار. [42] من الممكن أن تكون قصة إصابة الفئران إشارة إلى نوع من المرض الذي أصاب المعسكر الآشوري ، وربما طاعون إنتان الدم. [45] فرضية بديلة ، قدمها لأول مرة الصحفي هنري ت. أوبين في عام 2001، وهي أن الحصار المفروض على القدس ربما يكون قد تم رفعه من خلال تدخل جيش كوشيين من مصر. [46] من غير المحتمل أن تكون المعركة هزيمة آشورية صريحة ، خاصة وأن السجلات البابلية المعاصرة ، التي كانت حريصة على ذكر الإخفاقات الآشورية ، كانَت صامتة بشأن هذه المسألة. [6]
على الرغم من النهاية غير الحاسمة على ما يبدو لحصار القدس، كانت الحملة المشرقية إلى حد كبير انتصارًا آشوريًا. بعد أن استولى الآشوريون على العديد من أهم مدن مملكة يهوذا المحصنة ودمروا العديد من البلدات والقرى ، أدرك حزقيا أن أنشطته المناهضة للآشوريين كانت حسابات عسكرية وسياسية خاطئة بصورة كارثية وبالتالي خضع للآشوريين مرة أخرى. لقد أُجبر على دفع جزية أثقل مما كان عليه في السابق ، ربما مع عقوبة ثقيلة والجِزية التي فشل في إرسالها إلى نينوى من 705 إلى 701 قبل الميلاد. [5] كما أُجبر على إطلاق سراح ملك عقرون، بادي ، [47] ومنح سنحاريب أجزاء كبيرة من أراضي مملكة يهوذا إلى الممالك المجاورة مثل غزة وأشدود وعقرون. [48]
حل المُشكلة البابلية
بحلول عام 700 قبل الميلاد ، تدهور الوضع في بابل مرة أخرى لدرجة أن سنحاريب كان عليه أن يغزو المَدينة ويعيد تأكيد سُلطَته. واجه بيل إبني الآن ثورات مفتوحة لزعيمين عشائريين، شوزوبو (الذي أصبح لاحقًا ملكًا على البابليين تحت اسم موشيزيب مردوخ) ومردوخ أبلا إدينا، وهو الآن رجل مُسن. [49] كان من أولى الإجراءات التي اتخذها سنحاريب خلع بيل ابني من العرش البابلي ، إما بسبب عدم الكفاءة أو التواطؤ ، [27] وأُعيد إلى آشور، وبعد ذلك لم يسمع عنه مرة أخرى في المصادر. [50] فتش الآشوريون في الأهوار الشمالية لبابل في محاولة للعثور على شوزوبو ، لكنهم فشلوا في العثور عَليه. ثم بحث سنحاريب عن مردوخ ابلا ادينا، كانَت عملية صيد مُكثفة للغاية حيث هرب الكلداني على متن قوارب مع شعبه عبر الخليج الفارسي، ولجأوا إلى مدينة ناغيتو العيلامية. حاول سنحاريب المنتصر طريقة أخرى لحكم بابل وعين ابنه آشور نادين شومي ملكًا تابعًا لبابل. [51]
كان لقب آشور-نادين-شومي أيضًا «مارو روستي»، وهو لقب يمكن تفسيره إما على أنه «الابن البارز» أو «الابن البكر». يشير تعيينه ملكًا على بابل واللقب الجديد إلى أن آشور-نادين-شومي كان مُعدًا لخلافة سنحاريب ملكًا لأشور عند وفاته. إذا كان «مارو روستي» يعني «البارز»، فلن يصلح مثل هذا اللقب إلا لولي العهد ، وإذا كان يعني «البكر»، فهذا يشير أيضًا إلى أن آشور نادين شومي كان الوريث. في معظم الحالات ، اتبع الآشوريون مبدأ البكورة ، حيث يرث الابن الأكبر العَرش. [52] المزيد من الأدلة تُشير إلى أن آشور نادين شومي ولياً للعهد هو بناء سنحاريب لقصر في مدينة آشور، [53] وهو أمر سيفعله سنحاريب أيضًا لولي العهد اللاحق أسرحدون. كملك آشوري لبابل ، كان موقف آشور نادين شومي مهمًا من الناحية السياسية وحساسة للغاية وكان من شأنه أن يمنحه خبرة قيمة باعتباره الوريث المقصود للإمبراطورية الآشورية الحَديثة بأكملها. [54]
في السنوات التي تلت ذلك ، بقيت دولة بابل هادئة نسبيًا ، ولم تسجل أي سجلات تاريخية أي نشاط مهم. [50] في غضون ذلك ، شن سنحاريب حملة في مكان آخر. اشتملت حملته الخامسة عام 699 قبل الميلاد على سلسلة من الغارات على القرى المحيطة بسفح جبل جودي الواقعة شمال شرق نينوى. قاد جنرالات سنحاريب حملات صغيرة أخرى دون وجود المَلك ، بما في ذلك حملة عام 698 قبل الميلاد ضد كيروا ، وهو حاكم آشوري ثار في قيليقيا، وحملة 695 قبل الميلاد ضد مدينة تجاراما. [55] في عام 694 قبل الميلاد ، غزا سنحاريب مملكة عيلام، وكان الهدف الواضح للحملة هو استئصال مردوخ أبلا إدينا واللاجئين الكلدان الآخرين. [50]
الحَملة العَيلامية والانتِقام
استعدادًا للهجوم على مملكة عيلام، جمع سنحاريب أسطولين كبيرين على نهري دجلة والفرات. تم استخدام الأسطول الأخير بعد ذلك لنقل الجيش الآشوري إلى مدينة أوبيس، حيث تم سحب السفن بعد ذلك إلى الشاطئ ونقلها براً إلى قناة مرتبطة بنهر الفرات. ثم تم دمج الأسطولين في واحد واستمر نزولاً إلى الخليج العربي. على رأس الخليج العربي ، غمرت عاصفة المعسكر الآشوري واضطر الجنود الآشوريون إلى اللجوء إلى سفنهم. [56] ثم أبحروا عبر الخليج الفارسي ، وهي رحلة تشير نقوش سنحاريب إلى أنها كانت صعبة حيث تم تقديم تضحيات متكررة لإنكي، إله الأعماق. [57]
نجح الآشوريون في الهبوط على الساحل العيلامي ، ثم اصطادوا وهاجموا اللاجئين الكلدان ، وهو الأمر الذي اعتبرته كل من المصادر البابلية والآشورية سار بشكل جيد للآشوريين. [58] تصف رواية سنحاريب عن الحملة بأنها «نَصر عَظيم» وتورد عدة مدن استولى عليها ونهبها الجيش الآشوري. على الرغم من أن سنحاريب انتقم أخيرًا من مردوخ أبلا إدينا، إلا أن عدوه اللدود لم يعش ليرى ذلك ، بعد أن مات لأسباب طبيعية قبل أن ينزل الأشوريون في عيلام. [57] ثم اتخذت الحرب منعطفًا غير متوقع عندما استغل ملك عيلام ، هالوشو-إنشوشيناك ، وجود الجيش الآشوري بعيدًا عن موطنه لغزو بابل. بمساعدة القوات الكلدانية الباقية ، استولى هالوشو إنشوشيناك على مدينة سيبار، حيث تمكن أيضًا من أسر آشور نادين شومي وجَلبه إلى عيلام. [58] ثم لم يسمع أي خبر عن آشور-نادين-شومي ، وربما تم إعدامه. [59][60] في مكان آشور ندين شومي ، أصبح نيرغال أوشيزيب، وهو مواطن بابلي ، ملك بابل. [59] تنسب السجلات البابلية صعود نيرغال أوشيزيب إلى السلطة كَونه قَد عُين من قِبَل هالوشو إنشوشينك ، بينما تشير السجلات الآشورية إلى أنه تم اختياره من قبل البابليين أنفسهم. [58]
تمكن الجيش الآشوري ، المحاصر الآن من قبل العيلاميين في جنوب بابل ، من قتل ابن هالوشو إنشوشيناك في مناوشة لكنه ظل محاصرا لمدة تسعة أشهر على الأقل. رغبةً منه في ترسيخ موقعه كملك ، استغل نيرغال أوشيزيب الوضع واستولى على مدينة نيبور ونهبها. بعد بضعة أشهر ، هاجم الآشوريون واستولوا على مدينة أوروك الجنوبية. كان نيرغال أوشزيب خائفًا من هذا التطور ودعا العيلاميين إلى المساعدة. بعد سبعة أيام فقط من الاستيلاء على أوروك ، التقى الآشوريون والبابليون في معركة في نيبور ، حيث حَققَ الأشوريون انتصار حاسم ؛ داحِرين الجيش العيلامي-البابلي وأسرين نيرغال أوشزيب ، ومُتحررين أخيرًا من موقعهم المُحاصر في الجنوب. من خلال بعض الوسائل غير المعروفة ، قبل بضعة أشهر منَ المَعركة تمكن سنحاريب من الانزلاق بَين القوات البابلية والعيلامية بدون ان يَتم اكتشافه ولم يَكُن حاضراً في المعركة النهائية ، وبدلاً من ذلك ربما كان في طريقه من آشور بقوات إضافية. بمجرد انضمامه إلى جيشه الجنوبي ، كانَت الحَرب مع بابل قَد حُسِمَت بالنَصر. [61]
بعد ذلك بوقت قصير ، اندلعت ثورة في مملكة عيلام شهدت خلع هالوشو-إنشوشيناك وصعود كوتير-ناهونت الثالث إلى العرش. عاقدة العزم على إنهاء تهديد عيلام ، استعاد سنحاريب مدينة دير ، التي احتلتها عيلام خلال الصراع السابق ، وتقدم إلى شمال عيلام. لم يستطع كوتير ناهونت تنظيم دفاع فعال ضد الآشوريين ورفض قتالهم ، وبدلاً من ذلك فروا إلى مدينة هايدالو الجبلية. بعد ذلك بوقت قصير ، أجبر الطقس القاسي سنحاريب على التراجع والعودة إلى آشور. [62]
تَدمير بابِل
على الرغم من هزيمة نيرغال أوشيزيب وهروب العيلاميين ، إلا أن بابل لم تستسلم لسنحاريب. عاد الثائر شوزوبو ، الذي طارده سنحاريب في غزوه للجنوب عام 700 قبل الميلاد ، إلى الظهور مرة أخرى تحت اسم موشيزيب مردوخ، وعلى ما يبدو دون دعم أجنبي ، اعتلى عرش بابل. نظرًا لأنه كان ملكًا بحلول عام 692 قبل الميلاد ، ولكن لم يتم وصفه في المصادر الآشورية بأنه «ثائر» حتى عام 691 قبل الميلاد ، فمن الممكن أن يكون سنحاريب قد قبل حكمه في البداية. كان هناك أيضًا تغيير في الحكم في عيلام ، حيث تم عزل كوتير ناهونت الثالث لصالح هومبان نومينا الثالث (المعروف أيضًا باسم مينانو)، الذي بدأ في تجميع التحالف المناهض للآشوريين مرة أخرى. [63] كفل موشيزيب مردوخ دعم هومبان نومينا من خلال رشوته. اعتبرت السجلات الآشورية أن قرار هومبان نومينا بدعم بابل كانَ قراراً غير ذكياً ، واصفةً إياه بأنه «رجُل بلا أي تَفكير أو حُكم». [64]
التقى سنحاريب بأعدائه في معركة قرب مدينة حالولي. قاد هومبان نومينا وقائده هومبان أونداشا القوات البابلية والعيلامية. نتيجة معركة هالولي غير واضحة لأن سجلات كلا الجانبين تدعي انتصارًا كبيرًا. يزعم سنحاريب في حولياته أن همبان-أونداشا قد قُتل وأن ملوك العدو هربوا للنجاة بحياتهم بينما تدعي السجلات البابلية أن الآشوريين هم من تراجعوا. إذا كانت المعركة انتصارًا جنوبيًا ، فإن الانتكاسة التي واجهها الآشوريون كانت ستكون طفيفة لأن بابل كانت تحت الحصار في أواخر صيف عام 690 قبل الميلاد (ويبدو أنها كانت تحت الحصار لبعض الوقت في تلك المرحلة). لم يكن الآشوريون قد زحفوا إلى بابل على الفور ، حيث تم تسجيل العمليات العسكرية في أماكن أخرى. [65]
في عام 1973، كتب عالم الآشوريات جون أ. برينكمان أنه من المحتمل أن يكون الجنوبيون قد انتصروا في المعركة ، على الرغم من تعرضهم للعديد من الضحايا ، لأن كلا أعداء سنحاريب ظلوا على عروشهم بعد المَعركة. [66] في عام 1982، كتب عالم الآشوريات لويس د. ليفين أن المعركة ربما كانت انتصارًا آشوريًا ، وإن لم تكن انتصارًا حاسمًا ، وأنه على الرغم من هزيمة الجنوبيين وفرارهم ، إلا أن التقدم الآشوري على بابل نفسها قد توقف مؤقتًا. يمكن عندئذٍ تفسير انحراف الجيش الآشوري عن مساره من قبل السجلات البابلية على أنه انسحاب آشوري. [67]
في عام 690 قبل الميلاد ، أصيب هومبان نومينا بسكتة دماغية وانغلق فكه بطريقة منعته من الكلام. [68] مستغلًا الموقف ، شرع سنحاريب في حملته الأخيرة ضد بابل. [68] على الرغم من نجاح البابليين في البداية ، إلا أن ذلك لم يدم طويلًا ، وفي نفس العام ، كان حصار بابل قد بدأ بالفعل. [66] من المحتمل أن تكون بابل في وضع سيئ بمجرد سقوطها في يد سنحاريب عام 689 قبل الميلاد ، بعد أن حوصرت لأكثر من خمسة عشر شهرًا. [69] على الرغم من أن سنحاريب كان يفكر بقلق ذات مرة في الآثار المترتبة على استيلاء والده سرجون الثاني على بابل والدور الذي ربما لعبته آلهة المدينة التي هُينت في مَقتَل والده ، إلا أن موقفه تجاه المدينة قد تغير بحلول عام 689 قبل الميلاد. في النهاية ، قرر سنحاريب تَدمَير بابِل. اعتقد المؤرخ برينكمان أن تغيير سنحاريب في موقفه جاء من إرادة الانتقام لابنه وزَهقه من مَدينة تقع داخل حدود إمبراطوريته تَثور ضد حكمه بشكل متكرر. وفقًا لبرينكمان ، ربما فقد سنحاريب المًودة التي كانً يتمتع بها ذات مرة لآلهة بابل لأنهم ألهموا شعبهم لمُهاجمته. وجاء في رواية سنحاريب عن الدمار: [69]
وهوَ حي إلى أرضي أحَضرت مشيزب مردوخ ملك بابل مع عائلته ومسؤولينه. لَقد حسبت ثروة تلك المدينة - الفِضة والذهب والأحجار الكريمة والمُمتلكات والبضائع - وَوضَعتُها في أيدي شَعبي. وأخذوها على أنها مُلكهم. تمسكت أيدي شَعبي بالآلهة المَدينة الساكنين هُناك وحَطَمتهم. أخذوا مُمتلكاتهم وثَرواتَهم. هَدمت المَدينة وبِيوتَها منَ الأساس إلى الأساس. لقد دمَرتُهم وأحرَقتُهم. كسرت حجارة وخزف سور المدينة الخارجي والداخلي والمَعابد والزقورة. وألقيت بها في قناة أرايتو. لقد حفرت قنوات في وَسط تلك المَدينة ، وأغرقتها بالمياه ، وجعلت أساساتها تختفي ، ودمَرتُها بالكامل أكثر مِن فيضان كبير. حتى يكون من المُستحيل في الأيام القادمة التعَرُف على موقع تلك المدينة ومعابِدها ، قمت بحلها تمامًا بالماء وجعلتها مثل الأرض المَغمورة. [69]
على الرغم من أن سنحاريب دمر المدينة ، إلا أنه يبدو أنه لا يزال خائفًا إلى حد ما من آلهة بابل القديمة. في وقت سابق من روايته للحملة ، ذكر على وجه التحديد أن ملاذات الآلهة البابلية قدمت الدعم المالي لأعدائه. المقطع الذي يصف الاستيلاء على ممتلكات الآلهة وتدمير بعض تماثيلهم هو واحد من المقاطع القليلة التي يستخدم فيها سنحاريب كلمة «شعبي» بدلاً من «أنا». [69] فسر برينكمان ذلك في عام 1973 على أنه ترك مسؤولية مصير المَعابد ليس على عاتق سنحاريب نفسه ، بل على القرارات التي اتخذها أفراد المعبد وأفعال الشعب الآشوري. [70] أثناء تدمير المدينة ، دمر سنحاريب معابد وصور الآلهة ، باستثناء تمثال مردوخ الذي نقله إلى بلاد آشور. [71] تسبب هذا في حالة من الذعر في آشور نفسها ، حيث كانت بابل وآلهتها موضع تقدير كبير. [72] حاول سنحاريب تبرير أفعاله لمواطني بلده من خلال حملة دعاية دينية. [73] من بين عناصر هذه الحملة ، أمر بتأليف أسطورة تم فيها محاكمة مردوخ أمام آشور، إله آشور. هذا النص مجزأ ، ولكن يبدو أن مردوخ قَد وجِد مُذنب بارتكاب بعض الجرائم الجسيمة. [74] وصف سنحاريب هزيمته للمتمردين البابليين بلغة أسطورة الخلق البابلية، وربط بابل بالإلهة الشيطانية الشريرة تيامات ونفسه مع مردوخ. [75] حل آشور مكان مردوخ في عيد رأس السنة ، وفي معبد العيد وضع كومة رمزية من الأنقاض من بابل. [76] في بابل ، ولَدَت سياسة سنحاريب كراهية عميقة بين كثير من الناس. [77] كان هدف سنحاريب القضاء التام على دولة بابل ككيان سياسي. [78] على الرغم من أن بعض الأراضي البابلية الشمالية أصبحت مقاطعات آشورية ، إلا أن الآشوريين لم يبذلوا أي جهد لإعادة بناء بابل نفسها ، وتشير السجلات الجنوبية من ذلك الوقت إلى العصر على أنه فترة «بِلا ملوك» عندما لم يكن هناك ملك على الأرض. [70]
تَجديد نَينَوى
بعد الحرب الأخيرة مع بابل ، كرس سنحاريب وقته لتحسين عاصمته الجديدة في نينوى بدلاً من الشروع في حملات عسكرية كبيرة. [68] كانت نينوى مدينة مهمة في شمال بلاد ما بين النهرين لآلاف السنين. تعود أقدم آثار الاستيطان البشري في موقعه إلى الألفية السابعة قبل الميلاد ، ومن الألفية الرابعة قبل الميلاد وما بعدها شكلت مركزًا إداريًا هامًا في الشمال. [79] عندما جعل سنحاريب المدينة عاصمته الجديدة ، شهدت المَدينة واحدة من أكثر مشاريع البناء طموحًا في التاريخ القديم، حيث تحولت تمامًا من حالة الإهمال التي كانت عليها قبل عَهده. [80] في حين أن عاصمة والده الجديدة ، دور شروكن، كانت إلى حد ما تقليدًا للعاصمة السابقة نمرود، كان سنحاريب ينوي تحويل نينوى إلى مدينة أذهلت روعة وحجمها العالم المتحضر. [81]
تعود أقدم النقوش التي تناقش مشروع البناء في نينوى إلى عام 702 قبل الميلاد وتتعلق ببناء القصر الجنوبي الغربي، وهو سكن كبير تم تشييده في الجزء الجنوبي الغربي من العاصمة. [26] أطلق سنحاريب على هذا القصر اسم «قصر لا يضاهيه قصر». [82] أثناء عملية البناء ، تم هدم قصر أصغر ، وتم إعادة توجيه مجرى من المياه كان قد أدى إلى تآكل أجزاء من تل القصر ، وتم تشييد شرفة كان من المقرر أن يقف القصر الجديد عليها ورفعت إلى ارتفاع 160 طبقة من الطوب. على الرغم من أن العديد من هذه النقوش المبكرة تتحدث عن القصر كما لو كان قد اكتمل بالفعل ، إلا أن هذه كانت الطريقة القياسية للكتابة عن مشاريع البناء في بلاد آشور القديمة. نينوى التي وصفها سنحاريب في أقدم رواياته كانت مدينة لم تكن موجودة في ذلك الوقت إلا في خياله. [26]
بحلول عام 700 قبل الميلاد ، تم تشييد جدران غرفة العرش في القصر الجنوبي الغربي ، تلاها بعد فترة وجيزة العديد من النقوش التي سيتم عرضها داخلها. كانت الخطوة الأخيرة في بناء القصر هي تشييد تماثيل ضخمة تصور الثيران والأسود ، وهي سمة من سمات العمارة الآشورية المتأخرة. على الرغم من التنقيب عن مثل هذه التماثيل الحجرية في نينوى ، إلا أن التماثيل الضخمة المماثلة المذكورة في النقوش على أنها مصنوعة من معادن ثمينة لا تزال مَفقودة. شيد سقف القصر بأشجار السرو والأرز المسترجعة من الجبال في الغرب ، وأضاء القصر من خلال عدة نوافذ وزينت من الداخل بأوتاد فضية وبرونزية وطابوق زجاجي من الخارج. يبلغ طول الهيكل الكامل ، الذي يمر بجوار التلة التي بنيت عليها ، 450 مترًا وعرضه 220 مترًا. يحتوي نقش مَوجود على أسد حجري في القَصر على نَص يَتَعلق بملكة سنحاريب ، تاشميت شرات ، على آمال أن الملك والملكة سيعيشان بصحة جيدة وطويلة الأمد داخل القصر الجديد. [83] نص النقش المكتوب بطريقة حميمية غير معتادة كما يلي: [84]
وبالنسبة للمَلكة تاشمتو شارات ، زوجتي الحَبيبة ، التي جَعلت الالهه ننهورساج ملامِحها أجمل من جَميع النساء الأخريات ، فقد بنيت لها قصر للحب والفرح والسرور. [...] بأمر من آشور، والد الآلهة ، والمَلكة السماوية عشتار، نرجو أن نعيش طويلاً في صحة وسعادة في هذا القصر ونستمتع بالرفاهية إلى أقصى حد! [84]
على الرغم من أن قصر سنحاريب قد تم تصميمه على الأرجح كقصر والده سرجون الذي تم بناؤه في دور شروكين، إلا أن قصر سنحاريب، وخاصة الأعمال الفنية الموجودة فيه ، يظهر بعض الاختلافات. على الرغم من أن نقوش سرجون تظهر عادة الملك على أنه قريب من أعضاء آخرين من الطبقة الأرستقراطية الآشورية ، فإن فن سنحاريب يصور عادة الملك شاهق الارتفاع فوق أي شخص آخر في المنطقة المجاورة له بسبب ركوبه في عربة. تُظهر نقوشه مشاهد أكبر ، بعضها تقريبًا من وجهة نظر عين الطائر. هناك أيضًا أمثلة على نهج أكثر طبيعية في الفن ؛ حيث تصورهم التماثيل الضخمة للثيران المجنحة من قصر سرجون بخمسة أرجل بحيث يمكن رؤية أربعة أرجل من كلا الجانبين واثنان من الأمام ، بَينما تَمتلك ثيران سنحاريب أربع أرجل. [83] شيد سنحاريب حدائق جميلة في قصره الجديد ، واستورد العديد من النباتات والأعشاب من جميع أنحاء إمبراطوريته وخارجها. ربما تم استيراد نباتات القطن من أماكن بعيدة مثل الهند. يقترح البعض أن حدائق بابل المعلقة الشهيرة ، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، كانت في الواقع هذه الحدائق في نينوى. يعتبر المؤرخ إيكهارت فرام أن هذه الفكرة غير مرجحة بسبب وجود حدائق ملكية رائعة في بابل نفسها. [85]
إلى جانب القصر ، أشرف سنحاريب على مشاريع بناء أخرى في نينوى. قام ببناء قصر ثان كبير في التل الجنوبي للمدينة ، والذي كان بمثابة ترسانة لتخزين المعدات العسكرية وكمقر دائم لجزء من الجيش الآشوري. تم بناء العديد من المعابد وترميمها ، وكثير منها على تل كويونجيك (حيث كان يقع القصر الجنوبي الغربي)، بما في ذلك معبد مخصص للإله سين (مذكور باسم الملك). قام سنحاريب أيضًا بتوسيع المدينة بشكل كبير إلى الجنوب وأقام أسوارًا ضخمة جديدة للمدينة ، محاطة بخندق مائي يصل ارتفاعه إلى 25 مترًا وعرضه 15 مترًا. [85]
التآمُر والقَتل والخِلافة
عندما اختفى ابنه الأكبر وولي عهده الأصلي ، آشور نادين شومي، ومن المفترض أنه أُعدم ، اختار سنحاريب ابنه الأكبر ، أردا موليسو، وليًا للعهد الجديد. شغلَ أردا موليسو منصب الوريث الواضح لعدة سنوات حتى عام 684 قبل الميلاد عندما استبدله سنحاريب فجأة بأخيه الأصغر أسرحدون. سبب طرد أردا موليسو المفاجئ غير معروف ، لكن من الواضح من النقوش المعاصرة أنه أصيب بخيبة أمل كبيرة. [86] ربما لعبت والدة اسرحدون المؤثرة ، نقية، دورًا في إقناع سنحاريب باختيار أسرحدون وريثًا له. [87] على الرغم من إقالته ، ظل أردا موليسو شخصية مشهورة ، وقام بعض التابعين بدعمه سرًا باعتباره وريث العرش. [88]
أجبر سنحاريب أردا موليسو على أداء قسم الولاء لأسرحدون ، لكن أردا موليسو قدم العديد من المناشدات إلى والده لإعادته إلى منصب الوريث. [86] لاحظ سنحاريب تزايد شعبية أردا موليسو وخاف على خليفته المُعَين ، فأرسل أسرحدون إلى المقاطعات الغربية. وضع منفى اسرحدون أردا موليسو في موقف صعب حيث وصل إلى ذروة شعبيته ولكنه كان عاجزًا عن فعل أي شيء لأخيه. للاستفادة من هذه الفرصة ، قرر أردا موليسو أنه بحاجة إلى التصرف بسرعة والاستيلاء على العرش بالقوة. [88] أبرم «معاهدة تمرد» مع آخر من إخوته الأصغر ، نابو شار أوسر ، وفي 20 أكتوبر 681 قبل الميلاد ، هاجموا وقتلوا والدهم في أحد معابد نينوى، [86] ربما المعابد المخصصة لسين. [85]
صدم مَقتل سنحاريب ، حاكم إحدى أقوى إمبراطوريات العالم في ذلك الوقت ، معاصريه. تلقى الناس في جميع أنحاء الشرق الأدنى الأخبار بمشاعر قوية ومشاعر مختلطة. احتفل سكان بلاد الشام وبابل بالأخبار وأعلنوا أن هذا الفعل هوَ عقاب إلهي بسبب حملات سنحاريب الوحشية ضدهم ، بينما في آشور ربما كان رد الفعل هو الاستياء والرعب. سجلت العديد من المصادر الحدث ، بما في ذلك الكتاب المقدس (سَفر الملوك الثاني 19:37 ؛ اشعياء 37:38)، حيث تسمى أردا موليسو بـ «أدراملك». [88]
على الرغم من نجاح مؤامرته ، لم يستطع أردا موليسو الاستيلاء على العرش. تسبب مقتل الملك في بعض الاستياء ضده من قبل أنصاره مما أخر احتمالية تتويجه ، وفي غضون ذلك ، قام أسرحدون بتشكيل جيش. التقى الجيش الذي أقامه أردا موليسو وواخيه نابو شار أوسر بقوات أسرحدون في ميتاني، وهي منطقة في الأجزاء الغربية من الإمبراطورية. هناك الحقَ بِهُم الهَزيمة ، هرب معظم جنودهم وانضموا لأسرحدون ، الذي سار بعد ذلك إلى نينوى دون معارضة ، ليصبح ملكًا جديدًا لآشور. بعد فترة وجيزة من توليه العرش ، أعدم أسرحدون جميع المتآمرين والأعداء السياسيين الذين في متناول يده ، بما في ذلك أسر إخوته. تم إعدام كل خادم متورط في أمن القصر الملكي في نينوى. نجا أردا موليسو ونابو شار أوسور من هذا التطهير ، وهربوا كمنفين إلى مملكة أورارتو الشمالية. [86][89]
الأُسرة والأطفال
كما كان تقليدياً بالنسبة للملوك الآشوريين ، كان لسنحاريب حَريم كثير منَ النساء. واثنتان من زوجاته معروفتان بالاسم - تشمتو شرات (بالأكادية: 𒊩𒀭𒌨𒈨𒌈𒊬𒋥)[90] ونقية (بالأكادية: 𒊩𒈾𒆥𒀪𒀀). ما إذا كان كلاهما يشغل مَنصب المَلكة أمر غير مؤكد ، لكن الَمصادر المعاصرة تشير إلى أنه على الرغم من أن عائلة الملك تضم العديد من النساء ، إلا أنه سيتم الاعتراف بملكة واحدة فقط في كل مرة على أنها ملكة وقرين أساسي. في معظم فترات حكم سنحاريب ، كانت الملكة هي تشمتو شرات ، واسمها يعني حرفياً «تشمتو هيَ ملكة».[13] تشير النقوش إلى أن سنحاريب وتشميت شرات كانت لهما علاقة حب ، حيث أشار الملك إليها على أنها «زوجتي الحبيبة» وأشاد بجمالها علنًا. [90]
من غير الواضح ما إذا كانت نقية قد حملت لقب ملكة. تمت الإشارة إليها باسم «الأم الملكة» في عهد أسرحدون، ولكن نظرًا لأنها كانت والدة أسرحدون ، فقد يكون اللقب قد مُنحَ لها إما في أواخر عهد سنحاريب أو من قبل أسرحدون. [13] على الرغم من أن تاشميتو شرات كانت رفيق سنحاريب الأساسية لفترة أطول ، إلا أن نقية معروفة أكثر اليوم بدورها في عهد أسرحدون. عندما أصبحت واحدة من زوجات سنحاريب ، أخذت الاسم الأكادي زاكيتو (نقية هو اسم آرامي). قد يشير وجود اسمين إلى أن نقية ولدت خارج بِلاد آشور - ربما في بابل أو في بلاد الشام - لكن لا يوجد دليل ملموس لأي نظرية تتعلق بأصلها. [87]
كان لسنحاريب سبعة أبناء وبنت واحدة على الأقل. باستثناء اسرحدون المعروف بابن نقية، لا تُعرف أي من زوجات سنحاريب امهات اطفاله. من المحتمل أن تكون تاشميتو شرات أمًا لبعضهن على الأقل. [91] اسماءهم كانت:
- آشور-نادين-شومي (بالأكادية: 𒀭𒄭𒈬𒈬) [52] - ربما الابن الأكبر لسنحاريب. عُيِّن ملكًا على بابل ووليًا للعهد عام 700 قبل الميلاد ، وشغل منصبهما حتى القبض عليه وإعدامه على يد العيلاميين عام 694 قبل الميلاد. [92]
- آشور إلي موباليسو (بالأكادية: 𒁹𒀭𒊹𒀭𒈬𒋾𒆷𒁉) [90] - ربما يكون الابن الأكبر الثاني لسنحاريب (يُدعى مارو تيردينو ، وتعني «الابن الثاني»). ورد ذكره على أنه «ولُد عند أقدام آشور»، مما يوحي بأنه كان له دور في الكهنوت. [90] أعطاه والده منزلاً في آشور ، ربما في وقت ما قبل 700 قبل الميلاد ، ومزهرية ثمينة تم التنقيب عنها لاحقًا في نينوى. [93]
- أردا موليسو (بالأكادية: 𒁹𒀴𒀭𒊩𒌆𒆤) [94] - الابن الأكبر لسنحاريب كان على قيد الحياة بحلول وقت وفاة آشور ندين شومي عام 694 قبل الميلاد ، شغل منصب ولي العهد من 694 قبل الميلاد حتى 684 قبل الميلاد ، عندما تم استبداله كوريث لأسباب غير معروفة بأسرحدون. دبر مؤامرة عام 681 قبل الميلاد التي انتهت بقتل سنحاريب على أمل تولي العرش لنفسه. [86] بعد هزيمة قواته على يد أسرحدون، هرب إلى مملكة أورارتو. [86]
- آشور-شومو-أوشابشي (بالأكادية: أشور-شمو-أوسابشي) - ابن لا يُعرف مكانه في تسلسل أطفال سنحاريب. وأعطاه سنحاريب منزلا في نينوى. تم التنقيب في وقت لاحق عن أحجار تحمل كتابات تتحدث عن بناء هذا المنزل في نينوى ، مما يشير على الأرجح إلى وفاة آشور-شمو-أوشابشي قبل الانتهاء من بناء المنزل. [93]
- أسرحدون (بالأكادية: 𒀸𒋩𒉽𒀸) [95] - الابن الأصغر الذي شغل منصب ولي عهد سنحاريب 684-681 قبل الميلاد وخلفه كملك آشور، حكم من 681-669 قبل الميلاد.
- نيرغال شمو ابني (بالأكادية: 𒁹𒀭𒌋𒄥𒈬𒆕) - الاسم الذي أعيد بناؤه (الاسم الكامل للأمير مفقود في النقوش) لابن آخر لسنحاريب. ورد أنه وظف عددًا كبيرًا من الموظفين ، بما في ذلك مربي خيول شخصي يُدعى سما. قد يكون هو نفسه ضابط المعلومات المَذكور عام 683 قبل الميلاد. يمكن بدلاً من ذلك إعادة بناء اسمه ليصبح نيرجال شمو أوسر. [93] قد يكون نرجال شمو ابني وليا للعهد إلى جانب أردا موليسو ، وربما كان الوريث المقصود لبابل ، لكن الأدلة غير حاسِمة. [96]
- نابو شار أوسر (بالأكادية: نبع شعر شور) [97] - الابن الأصغر الذي انضم إلى أردا موليسو في مؤامرة لقتل سنحاريب والاستيلاء على السلطة. هرب مع أردا موليسو إلى مملكة أورارتو. [86]
- شديتو (بالأكادية: 𒊩𒆳𒄿𒌓) [93] - وهي الوحيدة من بنات سنحاريب المعروفة بالاسم ، تظهر شديتو في وثائق بيع الأراضي وتم تنفيذ طقوس الحماية نيابة عنها. ربما كانت ابنة نقية لأنها احتفظت بمكان في العائلة المالكة في عهد أسرحدون. كانت هي أو ابنة أخرى متزوجة من نبيل مصري يُدعى شوشانك في 672 قبل الميلاد. [91]
يسرد لوح صغير تم التنقيب عنه في نينوى أسماء أبطال أسطوريين من بلاد ما بين النهرين، مثل جلجامش، وبعض الأسماء الشخصية. نظرًا لأن اسم آشور إلي موباليسو يظهر في قائمة الأسماء الشخصية ، جنبًا إلى جنب مع أسماء مجزأة يمكن إعادة بنائها مثل آشور-نادين-شومي (أو آشور شومو أوشابشي) وأسرحدون، فمن الممكن أيضًا أن تكون الأسماء الشخصية الأخرى كانت أسماء أبناء آخرين لسنحاريب. تتضمن هذه الأسماء إيلي بولوتو أشور وأشور مكانيش إليجا وأنا أشور تقلاك وأشور بني إيلي وسماش سلامشو وأشور شاكين ليتي. [93]
شَخصيَته
المَصادر الرئيسية التي يمكن استخدامها لاستنتاج شخصية سنحاريب هي نقوشه المَلكية. هذه النقوش لم يكتبها الملك ، بل كتبها كتبة الملك. غالبًا ما كانت بمثابة دعاية تهدف إلى تصوير الملك على أنه أفضل من جميع الحكام الآخرين ، سواء المُعاصرين أو القدامى. [98] علاوة على ذلك ، غالبًا ما تصف النقوش الملكية الآشورية الأمور العسكرية والبناءة فقط وكانت ذات صيغة عالية ، وتختلف قليلاً من ملك إلى ملك. [99] من خلال فحص النقوش ومقارنتها بنقوش الملوك الآخرين والنقوش غير الملكية ، يمكن استنتاج بعض جوانب شخصية سنحاريب. مثل نقوش الملوك الآشوريين الآخرين ، أظهر فخره واحترامه لذاته ، على سبيل المثال في المقطع: «آشور ، أبو الآلهة ، نظر إلي بثبات بين جَميع الحُكام وجَعل أسلِحتي أكبر من أسلحة كل الذين جَلسوا على المِنَصة الملكية». في عدة نُقوش ، تم التأكيد على ذكاء سنحاريب العظيم ، على سبيل المثال في المقطع ، «منحني الإله نينشيكو فهماً واسعاً يساوي فهم الحَكيم أدوبو ووهَبني معرفة واسعة». العديد من النقوش تسميه أساريد-كال-مالكي بِمَعنى «أَول مَن حَكم» وإيلو-جتمالو بِمَعنى «الرَجُل المِثالي». [97][98] إن قرار سنحاريب بالاحتفاظ باسم ولادته عندما أصبح ملكًا بدلاً من تولي اسم العرش ، وهو ما فعله 19 من أسلافه المباشرين ، البالغ عددهم 21، يشير إلى الثقة بالنفس. افترض سنحاريب عدة ألقاب جديدة لم يستخدمها الملوك الآشوريون قط ، مثل «ولَي الحَق» و «عاشق العَدل»، مما يشير إلى رغبته في ترك بصمة شخصية على حقبة جديدة تبدأ في عَهده. [25]
عندما أصبح سنحاريب ملكًا ، كان بالفعل بالغًا وشغل منصب ولي عهد سرجون لأكثر من 15 عامًا وفهم إدارة الإمبراطورية. على عكس العديد من الملوك الآشوريين السابقين واللاحقين (بما في ذلك والده)، لم يصور سنحاريب نفسه على أنه فاتح أو يعبر عن رغبته الشديدة في غزو العالم. بدلاً من ذلك ، صورت نقوشه في كثير من الأحيان أهم أجزاء عهده على أنها مشاريع بناء واسعة النطاق. لم تكن مًعظم حملات سنحاريب تهدُف إلى الغزو ، ولكن إلى قمع الثورات ضد حًكمه ، واستعادة الأراضي المفقودة وتأمين الكنُز لتمويل مشاريع البناء الخاصة به. [100] إن قيادة جنرالاته للعديد من الحَملات ، بدلاً من سنحاريب نفسه ، تظهر أنه لم يكن مهتمًا بالحملات العَسكرية كما كان أسلافه. [101] إن الانتقام الوحشي والعقاب الذي تم ألحاقه بأعداء آشور الموصوفين في روايات سنحاريب لا يعكسان بالضرورة الحقيقة. كما أنها كانت بمثابة أدوات تخويف من أجل الدعاية والحرب النفسية. [102]
على الرغم من عدم الاهتمام الواضح بالسيطرة على العالم ، فقد تولى سنحاريب الألقاب التقليدية لمُلوك بلاد ما بين النهرين التي حددت حكم العالم بأسره. «مَلك الكون» و «ملك أركان العالم الأربعة». أكدت الألقاب الأخرى ، مثل «الملك القوي» و «الملك الجبار»، قوته وعظمته ، إلى جانب ألقاب مثل «المُحارب الرجولي» (zikaru qardu) و «الثور البري الشرس» (rīmu ekdu). وصف سنحاريب كل حملاته ، حتى الفاشلة منها ، بأنها انتصارات في حساباته. لم يكن هذا بالضرورة بسبب الكبرياء الشخصي. كان رعاياه ينظرون إلى الحملة الفاشلة على أنها علامة على أن الآلهة لم تعد تُحبذ حُكمه. [100] كان سنحاريب مقتنعًا تمامًا بأن الآلهة دعمته ورأى أن كل حروبه كانَت لهذا السَبب فقط. [101]
يعتقد المؤرخ التاريخي فرهم أنه من المُمكن أن يكون سنحاريب قد عانى من اضطراب ما بعد الصدمة بسبب المصير الكارثي الَذي حَلَ بوالده. من المصادر ، يبدو أن الأخبار السيئة أغضبت بسهولة سنحاريب وأنه أصيب بمشاكل نفسية خطيرة. يذكر ابنه وخليفته اسرحدون في نقوشه أن الشيطان «ألو» قَد أصاب سنحاريب ولم يجرؤ أحد من عرافيه في البداية على إخبار الملك أنهم لاحظوا علامات تشير إلى وجود الشيطان. [30] الشيطان «ألو» لم يتم فهما يصورة كامَلة ، لكن الأعراض النمطية المَوصوفة في الوثائق المُعاصرة تشمل عَدم مَعرفة المصابين لأنفُسَهم ، وتقلص حدقات عيونهم ، وأطرافهم تَكون متوترة ، وغير قادرين على الكلام ، مَع طَنين مُستَمر في آذانهم. [25]
كانَت النساء في عَهد سنحاريب يتَمَتَعن بِمكانَ أجتماعية مرفقه بأحترام كَبير من قِبَل المَلك، بحيث كانت عضوات البلاط أكثر بروزًا وتمتعن بامتيازات أكبر في عهده مما كانت عليه الأحوال في عهد الملوك الآشوريين السابقين. أسباب سياسته تجاه قريباته غير معروفة. ربما كان يريد نقل السلطة بعيدًا عن الجنرالات والزعماء الأقوياء إلى عائلته ، بعد أن واجه ملِكات العَرب الاتي أتخذن قراراتهن الخاصة وقادوا الجيوش. ربما كان يعوض الطريقة التي تعامل بها مع ذكرى والده. تشمل الأدلة على المكانة المتزايدة للنساء الملكيات العدد الأكبر من النصوص التي تشير إلى الملكات الأشوريات من عهد سنحاريب مقارنة بملكات الأزمنة السابقة ، والدليل على أن ملكات سنحاريب كان لهن وحدات عسكرية دائمة خاصة بهن ، تمامًا مثل الملك. يعكس المكانة المتزايدة لنساء العائلة المالكة ، خلال فترة سنحاريب ، تم تصوير الآلهة الإناث بشكل متكرر. على سبيل المثال ، يتم تصوير الإله آشور بشكل متكرر مع رفيقته ، على الأرجح الإلهة موليسو. [103]
على الرغم من خرافات سنحاريب فيما يتعلق بمصير والده وقناعته بالدعم الإلهي ، [27][101] يعتقد عالم الآشوريات جوليان إ. ريد أن الملك كان إلى حد ما متشككاً في الدين. كانت معاملة سنحاريب النهائية لبابل، حيث دمر المدينة ومعابدها ، تدنيساً للمُقدسات ويبدو أن الملك أهمل المعابد في آشور حتى أجرى تجديدًا لمعبد آشور في أواخر عهده. [104]
لقد تلاشى التقييم السلبي التقليدي القائل بأن سنحاريب كانَ فاتحًا لا يرحم في الدراسات الحديثة. كتب في عام 1978، قيمَ عالم الآشوريات جوليان إ. ريد سنحاريب كملك بَرزَ بين الحكام الآشوريين على أنه منفتح الذهن وذو بَصيرة وأنه كان رجلاً «لم يتعامل بفعالية مع الأزمات العادية فحسب ، بل قَلبها ألى حوادث أيجابية ، أو حاول إنشاء هيكل إمبراطوري مستقر مُحصن من المشاكل التقليدية». يعتقد جوليان إ. ريد أن انهيار الإمبراطورية الآشورية في غضون سبعين عامًا من وفاة سنحاريب يمكن أن يُعزى جزئيًا إلى الملوك اللاحقين الذين تجاهلوا سياسات سنحاريب وإصلاحاته. [104] استنتجت المؤرخة جوزيت علاي ، في عام 2018، أن سنحاريب كان مختلفًا عن الصورة السلبية التقليدية وعن الصورة المثالية التي أراد الملك أن ينقلها عن نفسه من خلال نقوشه ، لكن عناصر كليهما كانت صحيحة. وفقًا لما قالته علاي ، كان سنحاريب «ذكيًا وماهرًا ، ولديه القدرة على التكيف»، لكن «إحساسه بالتقوى كان متناقضًا ، حيث أنه ، من ناحية ، دمرَ تماثيل الآلهة ومعابد بابل بينما ، من جهة أخرى كان يستشير الآلهة قبل أن يتصرف ويصلي لهم». تعتقد علاي أن عيب سنحاريب الأكبر كان «شَخصيته الغاضِبة والانتقامية ونفاذ الصَبر» وأنه ، عندما يكون عاطفيًا ، يمكن دفعه لاتخاذ قرارات غَير عقلانية. [105]
أرثَه
سنحاريب في الذاكِرة الشَعبية
طوال آلاف السنين التي أعقبت وفاة سنحاريب ، كانت الصورة الشعبية للملك سلبية بشكل أساسي. السبب الأول لذلك هو تصوير سنحاريب السلبي في الكتاب المقدس على أنه الفاتح الشرير الذي حاول الاستيلاء على القدس. والثاني تدميره لبابل إحدى ابرز مدن العالم القديم. استمرت هذه النظرة السلبية لسنحاريب حتى العصر الحديث. تم تقديم سنحاريب على أنه شبيه بمُفترس لا يرحم ، حيث هاجم مملكة يهوذا كَما لو كانَ «ذئبًا في حظيرة» في قصيدة شهيرة عام 1815 بعنوان «تدمير سنحاريب» للورد بايرون: [106]
نزلَ الآشوريون كالذِئب على الحَظيرة ،
وكانَت كَتائِبُه تَتَلألئ بِلَون الأرجوان والذَهَبي.
وكانَ لمَعان رِماحَهُم كنُجوم على البَحر ،
عِندما تَتَدحرج المَوجة الزرقاء ليلاً على عُمق الجَليل.
- اللورد بايرون (1815)، «تدمير سنحاريب»، المقطع الأول.
في عام 2014 وصف عالم الآثار التوراتي إسحاق كليمي والمؤرخ سيث ريتشاردسون هجوم سنحاريب عام 701 قبل الميلاد على القدس بأنه «حدث عالمي»، مشيرًا إلى أنه رسم مصير العديد من الجماعات المتباينة. وفقًا لكليمي ، فإن الحدث وعواقبه أثرَ ليس فقط على الآشوريين والإسرائيليين، ولكن أيضًا على الشعوب البابلية والمصريين والنوبيين والحثيين والأناضول. تمت مناقشة الحصار ليس فقط في المصادر المعاصرة ، ولكن في الفلكلور والتقاليد اللاحقة ، مثل الفولكلور الآرامي ، في التاريخ اليوناني الروماني اللاحق للشرق الأدنى وفي حكايات المسيحيين والعرب في العصور الوسطى. [107] تعتبر حملة سنحاريب الشامية حدثًا مهمًا في الكتاب المقدس، حيث تمت مناقشته في أماكن عديدة ، ولا سيما سفر الملوك الثاني "18: 13-19: 37، 20: 6" وسفر أخبار الأيام "32: 1-23". [108] الغالبية العظمى من الروايات الكتابية عن حكم الملك حزقيا في سفر الملوك الثاني مكرسة لحملة سنحاريب ، مما جعلها أهم حدث في زمن حزقيا. [109] في سفر أخبار الأيام، تم التأكيد على فشل سنحاريب ونجاح حزقيا. يُنظر إلى الحملة الآشورية (التي توصف بأنها عمل عدواني وليس كرد على أنشطة حزقيا المتمردة) بأنها كانَت محكوم عليها بالفشل منذ البداية. وفقًا للرواية ، لم يكن أي عدو ، ولا حتى ملك أشور القوي ، قادرًا على الانتصار على حزقيا حيث كان الله إلى جانب ملك يهودا. [110] يتم تقديم الصراع على أنه شيء يشبه الجهاد، «حَرب الإله ضد سنحاريب الوثني». [111] على الرغم من أن آشور كان لديها أكثر من مائة ملك طوال تاريخها الطويل ، إلا أن سنحاريب (مع ابنه أسرحدون وأحفاده آشور بانيبال وشماش شوم أوكين) هو أحد الملوك القلائل الذين تم تذكرهم ورُصدوا في الفولكلور الآرامي والسرياني لفترة طويلة بعد سقوط الامبراطورية. القصة الآرامية القديمة لأحيقار الحكيم تصور سنحاريب على أنه راعي خير لشخصية أحيقار، مع تصوير أسرحدون بشكل أكثر سلبية. وصفت الحكايات السريانية في العصور الوسطى سنحاريب بأنه ملك وثني نموذجي اغتيل كجزء من نزاع عائلي «واعتنقَ أطفالُه المَسيحية». [112] أسطورة القديسين بهنام وسارة في القرن الرابع تضع سنحاريب ، تحت اسم «سناريب»، كأب ملكي. بعد أن اعتنق بهنام المسيحية ، أمر سنهريب بإعدامه ، لكنه أصيب لاحقًا بمرض خطير تم علاجه من خلال تعميده من قبل القديس متى في آشور. بَعدَها ، تحول سنحاريب إلى المسيحية وأسس ديرًا مهمًا بالقرب من الموصل، يُدعى دير مار متي. [113]
شغل سنحاريب أيضًا أدوارًا مختلفة في التقاليد اليهودية اللاحقة. في المدراش، والعهد القديم والقصص اللاحقة ، غالبًا ما يتم سَرد أحداث 701 قبل الميلاد بالتفصيل. تُصَور جيوشًا ضخمة نشرها سنحاريب وتشير إلى كيفية استشارته للمنجمين مرارًا وتكرارًا في حملته ، مما أدى إلى تأخير أفعاله. في القصص ، تحطمت جيوش سنحاريب عندما تلا حزقيا مزامير هلل عشية عيد الفصح. غالبًا ما يتم تصوير الحدث على أنه سيناريو مروع، حيث يصور حزقيا على أنه شخصية مسيانية وأن سنحاريب وجيوشه تجسيد ليأجوج ومأجوج. [114] لا يزال سنحاريب ، بسبب الدور الذي يلعبه في الكتاب المقدس، من أشهر الملوك الآشوريين حتى يومنا هذا. [115]
الأكتِشافات الأثَرية
إن اكتشاف نقوش سنحاريب في القرن التاسع عشر، حيث تَذكر أفعال وحشية مثل الأمر بقطع أعناق أعدائه العيلاميين وقطع أيديهم وشفاههم، زاد من سمعته الشرسة بالفعل. اليوم، العديد من هذه النقوش، موجود في مجموعات متحف فورديرازياتيش في برلين والمتحف البريطاني في لندن، على الرغم من أن العديد منها موجود في جميع أنحاء العالم في مؤسسات ومجموعات خاصة أخرى. بقيت بعض الأشياء الكبيرة التي تحمل نقوش سنحاريب في نينوى، حيث تم حتى إعادة دفن بعضها.[116] غالبًا ما تم نسخ روايات «سنحاريب» عن مشاريعه الإنشائية وحملاته العسكرية، والتي يشار إليها عادةً باسم «حوليات سنحاريب»، عدة مرات وانتشرت خلال فترة حكمه في جميع أنحاء الإمبراطورية الآشورية الحديثة. في السنوات الست الأولى من حكمه، تم كتابتها على أسطوانات من الطين، لكنه بدأ فيما بعد باستخدام مواشير من الطين، ربما لأنها وفرت مساحة أكبر.[24]
الرسائل المرتبطة بسنحاريب أقل عددًا من تلك المعروفة من زّمن والده «سرجون الثاني» وزَمن ابنه «أسرحدون»؛ معظمهم من فَترة «سنحاريب» كولي للعهد. وهناك أنواع أخرى من النقوش غير الملكية من عهد «سنحاريب»، مثل الوثائق الإدارية والوثائق الاقتصادية والسجلات، وهي أكثر عددًا.[117] بالإضافة إلى المصادر المكتوبة، فقد نجت العديد من الأعمال الفنية من زمن «سنحاريب»، ولا سيما نقوش الملك من قصره في نينوى. يصورون عادة غزواته، وأحيانًا مُرفقة بنص قصير يشرح المشهد المعروض. اكتشف عالم الآثار البريطاني «أوستن هنري لايارد» وحُفر لأول مرة من عام 1847 إلى عام 1851، كان اكتشاف النقوش البارزة التي تصور حصار سنحاريب لخيش في القصر الجنوبي الغربي أول تأكيد أثري لحدث موصوف في الكتاب المقدس.[82]
قاد عالما الآشوريات «هرمز رسام» و«هنري رولينسون» من 1852 إلى 1854 و«ويليام لوفتوس» من 1854 إلى 1855 و«جورج سميث» من 1873 إلى 1874 حفريات أخرى في القصر الجنوبي الغربي.[82] من بين العديد من النقوش الموجودة في الموقع، اكتشف «سميث» رواية مجزأة للفيضان، مما أثار الكثير من الإثارة بين العلماء والجمهور على حدٍ سواء. منذ «سميث»، شهد الموقع عدة فترات من التنقيب والدراسة المكثفة؛ عاد «رسام» من 1878 إلى 1882، وأشرف عالم المصريات «واليس بودج» على الحفريات من 1889 إلى 1891، وعالم الآشوريات «ليونارد كينغ» من 1903 إلى 1904 وعالم الآشوريات «ريجينالد طومسون» في 1905 ومن 1931 إلى 1932. أجرى قسم الآثار العراقي تحت إشراف عالم الآشوريات «طارق مظلوم» أحدث الرحلات التَنقيبية من عام 1965 إلى عام 1968. العديد من نقوش «سنحاريب» معروضة اليوم في متحف فورديرازياتيش في برلين والمتحف البريطاني في لندن، والمتحف العراقي في بغداد، ومتحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك، ومتحف اللوفر في باريس.[118]
الألقاب
أستَخدمَ «سنحاريب» الالقابَ التالِية فِي الرِوايِات المُبَكِرة عَن حَملَتَهُ البَابِلية عام 703 قبلَ المِيلاد:
سنحاريب، المَلك العَظِيم، المَلك الجَبار، مَلك آشور، مَلك بِلا مُنازِع، الراعِي الصالِح، المُفضل للآلهة العُظَماء، الراعِي المُصلي، يَخافُ الآلهة العَظيمة، حامي العَدل، عاشِق العَدل، الذي يُقدم الدَعم، يأتي إلى مُساعدة المُقعد، الهادِف إلى فِعل الخَير، البَطل المِثالي، الرَجل الجَبار، أولاً بَينَ جَميع المِلوك، العُنق الذي يَنحني غيرَ خاضِع، الذَي يَضرب العَدو مِثل الصاعِقة، آشور، الجَبل العَظِيم، مُلكية لا مثيل لها وجَعلت أسلِحتي أقوى من أسلحة جَميع الحُكام الآخرِين الجالِسين على المِنصات المَلكية.[119]
تمَ استِخدام هَذهِ الالقاب البَديلة في نَقش مِن القَصرُ الجَنوبِي الغَربي في نَينَوى مَكتوب بعدَ حَملة «سنحاريب» البَابِلية عام 700 قبلَ المِيلاد:
سنحاريب، المَلك العَظِيم، المَلك الجَبار، مَلك الكون، مَلك آشور، مَلك الزَواية الأربعَة؛ مُفضل الآلِهة. العاقِل والماكِر. البطَل القوي، أولاً بَين جَميع الأمراء؛ اللَهب الذي يَلتهِم العاصي، الذي يَضرب الشرير بالصاعِقة. لقد جَعلني الإله العَظيم آشور مُلكي لا مثيل لها، وجعل أسلِحتي قوية فَوقَ (كل) أولئك الذين يَسكنون القُصور. من البَحر العَلوي لغَرب الشَمس إلى البَحر السُفلي لشُروق الشَمس، كل أمراء الزَواية الأربعة قد استَسلم لقدمي.[120]
المَراجع
- Harmanşah 2013، صفحة 120.
- Kalimi 2014، صفحة 11.
- Elayi 2018، صفحة 12.
- Frahm 2003، صفحة 129.
- Kalimi 2014، صفحة 20.
- Luckenbill 1924، صفحة 13.
- Elayi 2018، صفحة 13.
- Kertai 2013، صفحة 115.
- Melville 2016، صفحة 56.
- Elayi 2017، صفحة 27.
- Elayi 2018، صفحة 18.
- Elayi 2018، صفحة 30.
- Elayi 2018، صفحة 15.
- Elayi 2018، صفحات 30–31.
- Elayi 2018، صفحة 38.
- Elayi 2018، صفحات 40, 204.
- Brinkman 1973، صفحة 89.
- Brinkman 1973، صفحة 90.
- Frahm 2014، صفحة 209.
- Frahm 2014، صفحة 208.
- Frahm 2014، صفحة 212.
- Frahm 2014، صفحة 201.
- Frahm 2014، صفحة 202.
- Elayi 2018، صفحة 3.
- Frahm 2014، صفحة 204.
- Frahm 2008، صفحة 15.
- Brinkman 1973، صفحة 91.
- Frahm 2002، صفحة 1113.
- Frahm 2003، صفحة 130.
- Frahm 2014، صفحة 203.
- Luckenbill 1924، صفحة 9.
- Levine 1982، صفحة 36.
- Bauer 2007، صفحة 384.
- Luckenbill 1924، صفحة 10.
- Levine 1982، صفحة 37.
- Levine 1973، صفحة 313.
- Matty 2016، صفحة 26.
- Luckenbill 1924، صفحة 11.
- Barnett 1958، صفحات 161–164.
- Kalimi 2014، صفحة 38.
- Kalimi 2014، صفحات 25, 40.
- Luckenbill 1924، صفحة 12.
- Kalimi 2014، صفحات 39–40.
- Kalimi 2014، صفحة 19.
- Caesar 2017، صفحة 224.
- Ogden Bellis 2020، صفحة 4.
- James 2005، صفحة 92.
- Kalimi 2014، صفحة 48.
- Levine 1982، صفحة 40.
- Levine 1982، صفحة 41.
- Levine 1982، صفحات 40–41.
- Porter 1993، صفحة 14.
- Porter 1993، صفحة 15.
- Porter 1993، صفحة 16.
- Luckenbill 1924، صفحة 14.
- Levine 1982، صفحات 42–43.
- Luckenbill 1924، صفحة 15.
- Levine 1982، صفحة 43.
- Brinkman 1973، صفحة 92.
- Bertman 2005، صفحة 79.
- Levine 1982، صفحات 43–45.
- Levine 1982، صفحة 45.
- Levine 1982، صفحات 40, 47–49.
- Luckenbill 1924، صفحة 16.
- Levine 1982، صفحات 49–50.
- Brinkman 1973، صفحة 93.
- Levine 1982، صفحة 50.
- Luckenbill 1924، صفحة 17.
- Brinkman 1973، صفحة 94.
- Brinkman 1973، صفحة 95.
- Grayson 1991، صفحة 118.
- Leick 2009، صفحة 156.
- Grayson 1991، صفحات 118–119.
- Grayson 1991، صفحة 119.
- McCormick 2002، صفحات 156, 158.
- Grayson 1991، صفحة 116.
- Grayson 1991، صفحة 109.
- Frahm 2014، صفحة 210.
- Frahm 2008، صفحة 13.
- Frahm 2008، صفحة 14.
- Reade 1978، صفحات 47, 50.
- Elayi 2018، صفحة 5.
- Frahm 2008، صفحة 16.
- Kertai 2013، صفحة 116.
- Frahm 2008، صفحة 17.
- Radner 2003، صفحة 166.
- Elayi 2018، صفحة 16.
- Parpola 1980.
- Encyclopaedia Britannica.
- Frahm 2002، صفحة 1114.
- Elayi 2018، صفحة 17.
- Porter 1993، صفحات 14–16.
- Frahm 2002، صفحة 1115.
- Baker 2016، صفحة 272.
- Postgate 2014، صفحة 250.
- Šašková 2010، صفحة 152.
- Frahm 2014، صفحة 193.
- Elayi 2018، صفحة 19.
- Frahm 2014، صفحة 171.
- Elayi 2018، صفحة 20.
- Elayi 2018، صفحة 21.
- Elayi 2018، صفحة 22.
- Frahm 2014، صفحات 213–217.
- Reade 1978، صفحة 47.
- Elayi 2018، صفحة 203.
- Elayi 2018، صفحة 1.
- Kalimi & Richardson 2014، صفحة 1.
- Kalimi 2014، صفحة 12.
- Kalimi 2014، صفحة 15.
- Kalimi 2014، صفحة 21.
- Kalimi 2014، صفحة 37.
- Kalimi & Richardson 2014، صفحة 5.
- Radner 2015، صفحة 7.
- Kalimi & Richardson 2014، صفحة 6.
- Mark 2014.
- Elayi 2018، صفحة 2.
- Elayi 2018، صفحة 4.
- Elayi 2018، صفحة 6.
- Frahm 2003، صفحة 141.
- Luckenbill 1927، صفحة 140.
المَصادر
- Baker, Robin (2016)، Hollow Men, Strange Women: Riddles, Codes and Otherness in the Book of Judges، Leiden: دار بريل للنشر، ISBN 978-9-004-32267-7.
- Barnett, R. D. (1958)، "The Siege of Lachish"، Israel Exploration Journal، 8 (3): 161–164، JSTOR 27924740.
- Bauer, Susan Wise (2007)، The History of the Ancient World: From the Earliest Accounts to the Fall of Rome، New York: W. W. Norton & Company، ISBN 978-0-393-05974-8.
- Bertman, Stephen (2005)، Handbook to Life in Ancient Mesopotamia، Oxford: دار نشر جامعة أكسفورد، ISBN 978-0-19-518364-1.
- Brinkman, J. A. (1973)، "Sennacherib's Babylonian Problem: An Interpretation"، مجلة الدراسات المسمارية، 25 (2): 89–95، doi:10.2307/1359421، JSTOR 1359421، S2CID 163623620.
- Caesar, Stephen W. (2017)، "The Annihilation of Sennacherib's Army: A Case of Septicemic Plague" (PDF)، Jewish Bible Quarterly، 45 (4): 222–228.
- Elayi, Josette (2017)، Sargon II, King of Assyria، Atlanta: SBL Press، ISBN 978-1-62837-177-2.
- Elayi, Josette (2018)، Sennacherib, King of Assyria، Atlanta: SBL Press، ISBN 978-0-88414-317-8.
- Frahm, Eckart (2002)، "Sîn-ahhe-eriba"، في Baker, Heather D. (المحرر)، The Prosopography of the Neo-Assyrian Empire, Vol. 3, Part. I: P–S، Helsinki: The Neo-Assyrian Text Corpus Project.
- Frahm, Eckart (2003)، "New sources for Sennacherib's "first campaign""، Isimu، 6: 129–164.
- Frahm, Eckart (2008)، "The Great City: Nineveh in the Age of Sennacherib"، Journal of the Canadian Society for Mesopotamian Studies، 3: 13–20.
- Frahm, Eckart (2014)، "Family Matters: Psychohistorical Reflections on Sennacherib and His Times"، في Kalimi, Isaac؛ Richardson, Seth (المحررون)، Sennacherib at the Gates of Jerusalem: Story, History and Historiography، Leiden: دار بريل للنشر، ISBN 978-9004265615.
- Grayson, A.K. (2003) [1991]، "Assyria: Sennacherib and Essarhaddon"، في Boardman, John؛ Edwards, I. E. S. (المحررون)، The Cambridge Ancient History, Volume III Part II، Cambridge: مطبعة جامعة كامبريدج، ISBN 978-0-521-22717-9.
- Harmanşah, Ömür (2013)، Cities and the Shaping of Memory in the Ancient Near East، Cambridge: مطبعة جامعة كامبريدج، ISBN 978-1-107-53374-5.
- James, Peter (2005)، "The Date of the Ekron Temple Inscription: A Note"، Israel Exploration Journal، 55 (1): 90–93، JSTOR 27927090.
- Kalimi, Isaac (2014)، "Sennacherib's Campaign to Judah: The Chronicler's View Compared with his "Biblical" Sources"، في Kalimi, Isaac؛ Richardson, Seth (المحررون)، Sennacherib at the Gates of Jerusalem: Story, History and Historiography، Leiden: دار بريل للنشر، ISBN 978-9004265615.
- Kalimi, Isaac؛ Richardson, Seth (2014)، "Sennacherib at the Gates of Jerusalem: Story, History and Historiography: An Introduction"، في Kalimi, Isaac؛ Richardson, Seth (المحررون)، Sennacherib at the Gates of Jerusalem: Story, History and Historiography، Leiden: دار بريل للنشر، ISBN 978-9004265615.
- Kertai, David (2013)، "The Queens of the Neo-Assyrian Empire"، Altorientalische Forschungen، 40 (1): 108–124، doi:10.1524/aof.2013.0006، S2CID 163392326.
- Leick, Gwendolyn (2009)، Historical Dictionary of Mesopotamia، Lanham: Scarecrow Press، ISBN 978-0-8108-6324-8.
- Levine, Louis D. (1973)، "The Second Campaign of Sennacherib"، Journal of Near Eastern Studies، 32 (3): 312–317، doi:10.1086/372271، JSTOR 543858، S2CID 162360102.
- Levine, Louis D. (1982)، "Sennacherib's Southern Front: 704-689 B.C."، Journal of Cuneiform Studies، 34 (1/2): 28–58، doi:10.2307/1359991، JSTOR 1359991، S2CID 163170919.
- Luckenbill, Daniel David (1924)، The Annals of Sennacherib، Chicago: دار نشر جامعة شيكاغو، OCLC 506728.
- Luckenbill, Daniel David (1927)، Ancient Records of Assyria and Babylonia Volume 2: Historical Records of Assyria From Sargon to the End، Chicago: دار نشر جامعة شيكاغو، OCLC 926853184.
- Matty, Nazek Khalid (2016)، Sennacherib's Campaign Against Judah and Jerusalem in 701 B.C.: A Historical Reconstruction، Berlin: والتر دي جروتر ، ISBN 978-3-11-044788-0.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة CS1: extra punctuation (link) - McCormick, Clifford Mark (2002)، Palace and Temple: A Study of Architectural and Verbal Icons، Berlin: والتر دي جروتر ، ISBN 978-3-11-017277-5.
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة CS1: extra punctuation (link) - Melville, Sarah C. (2016)، The Campaigns of Sargon II, King of Assyria, 721–705 B.C.، University of Oklahoma Press، ISBN 978-0-8061-5403-9.
- Ogden Bellis, Alice (2020)، "Introduction"، في Ogden Bellis, Alice (المحرر)، Jerusalem's Survival, Sennacherib's Departure, and the Kushite Role in 701 BCE: An Examination of Henry Aubin's Rescue of Jerusalem، Piscataway: Gorgias Press، ISBN 978-1-4632-4156-8، مؤرشف من الأصل في 3 فبراير 2021، اطلع عليه بتاريخ 7 ديسمبر 2021.
- Porter, Barbara N. (1993)، Images, Power, and Politics: Figurative Aspects of Esarhaddon's Babylonian Policy، Philadelphia: الجمعية الأمريكية للفلسفة، ISBN 978-0-87169-208-5.
- Postgate, Nicholas (2014)، Bronze Age Bureaucracy: Writing and the Practice of Government in Assyria، Cambridge: مطبعة جامعة كامبريدج، ISBN 978-1-107-04375-6.
- Radner, Karen (2003)، "The Trials of Esarhaddon: The Conspiracy of 670 BC"، ISIMU: Revista sobre Oriente Próximo y Egipto en la antigüedad، 6: 165–183.
- Radner, Karen (2015)، Ancient Assyria: A Very Short Introduction، Oxford: دار نشر جامعة أكسفورد، ISBN 978-0-19-871590-0.
- Reade, Julian E. (1978)، "Studies in Assyrian Geography: Part I: Sennacherib and the Waters of Nineveh"، Revue d'Assyriologie et d'archéologie orientale، 72 (1): 47–72، JSTOR 23282290.
- Šašková, Kateřina (2010)، "Esarhaddon's accession to the Assyrian throne"، في Šašková, Kateřina؛ Pecha, Lukáš؛ Charvát, Petr (المحررون)، Shepherds of the Black-headed People: The Royal Office vis-à-vis godhead in ancient Mesopotamia، Západočeská univerzita v Plzni، ISBN 978-8-070-43969-2.
- بوابة آسيا
- بوابة الهلال الخصيب
- بوابة بلاد الرافدين
- بوابة أعلام
- بوابة سوريا
- بوابة التاريخ
- بوابة حضارات قديمة
- بوابة الشرق الأوسط القديم