التمريض في الإسلام

كانت أمهاتنا الصحابيات هنّ أول من قام بهذه المهنة، وذلك في عهد الرسول والخلفاء الراشدين من بعده. فها هي رفيدة بنت كعب الأسلمية رضي الله عنها؛ أول ممرضة في التاريخ وفي عهد الإسلام. حينما كانت تمرض المصابين والجرحى في الحروب التي يكون المسلمون طرفاً بها. وقد كان لرفيدة رضي الله عنها خيمة لمداواة الجرحى، ولما أصيب سعد بن معاذ بسهم في معركة الخندق، قال النبي اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده، وتقديراً من النبي لجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى، وخدمة المسلمين، فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل.

وفي الحقيقة كان هناك عددًا كبيرًا من الصحابيات برزت أسمائهن في كتب السير والتراجم كأول جيل أسس هذه المهنة الجليلة أيضاً، منهن: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما زوجة رسول الله .

كما برز اسم الربيع بنت معوذ رضي الله عنها التي تطوعت بسقاية الجيش، ومداواة الجرحى، ورد القتلى إلى المدينة، وأيضاً حمنة بنت جحش رضي الله عنها، التي تطوعت في معركة أحد فكانت تسقى العطش. تداوي الجرحى، واسم أم سنان الأسلمية رضي الله عنها التي حدثت عن تطوعها في غزوة خيبر فقالت: ما أراد رسول الله الخروج إلى خيبر جئته فقلت: يا رسول الله أخرج معك في وجهك هذا؟ أفرز السقاء، وأداوي المريض والجريح، إن كانت جراح، ولا تكون، وأبعد الرحل، فقال رسول الله أخرجي على بركة الله، فإن لك صواحب قد كلمتني وأذنت لهن من قومك ومن غيرهم، فإن شئت فمع قومك، وإن شئت فمعنا، ومعك، قال: فكوني مع أم سلمة زوجتي، قالت فكنت معها.

وقد كان رسول الله يواجه هذه الأعمال التطوعية التي كانت تقوم بها النساء بالشكر والثناء وإليك بعض الأمثلة: جاءت امرأة من نساء الصحابة يقال لها أم سنان الأسلمية تستأذن رسول الله للخروج معه يوم خيبر والجرحى، وإبصار الرحال فقال لها:(أخرجي على بركة الله، وقال مثنيا على أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم أحد (ما ألتفت يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني) وكان يسمى أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث (بالشهيدة) لأنها استأذنته يوم بدر للخروج معه لمداواة الجرحى وتمريض المرضى لعل الله يرزقها الشهادة.

التمريض هو رسالة أخلاقية ويجب أن نعرف من سبقونا في هذا المجال من أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهم. لنتعلم منهم القيم ورسالة التمريض الحقيقية.فالغرب يحتفي بأول ممرضه فلورنس نايتنجيل ونحن والحمد الله سبقنا الغرب منذ 1400.

قال تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاًُ)

نستعرض بكل فخر أسماء هؤلاء العظماء ونبذة عن حياتهم المهنية، وفيما يلى بيان لبعض أمهات المؤمنين والصحابيات اللاتي اشتركن في غزوات الرسول ودور كل منهن.

  • أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها خرجت مع أم سليم في غزوة أحد مع الرسول وفي غزوات أخرى، وقامت بتمريض الرسول حين اشتد به المرض.[1]
  • أم أيمن (حاضنة الرسول رضي الله عنها) هاجرت الهجرتين، وشهدت غزوة أحد وكانت تسقى الجرحى وتداويهم وقد استشهد زوجها في إحدى المعارك.
  • أم سليم (والدة أنس ابن مالك) شاركت في غزوات أحد وخيبر وحنين ورافقت السيدة عائشة رضي الله عنها في غزوة أحد وكانتا تنقلان المياه وتسقيان عساكر المسلمين وتداويان الجرحى.

رفيدة الأنصارية، وكعيبة الأنصارية قيل في بعض الكتب أنهما أختان (2)، وفي بعض الأخرى أنها شخص واحد لها اسمان، بايعتا الرسول بعد الهجرة واشتركتا في الخندق وخيبر (3)، وكانت رفيدة أو كعيبة أول سيدة تعمل في نظام أشبه ما يكون بنظام المستشفي الميداني في وقتنا هذا (4)، حيث اتخذت خيمة في مسجد الرسول في يثرب (المدينة المنورة) مكانا يأوي إليه والمرضى (5)، وكونت فريقا من الممرضات المتطوعات قسمتهن إلى مجموعات لرعاية المرضى نهارا وليلا ولم يكن عمل رفيدة مقتصرا في الحروب فقط (6) بل عملت أيضا في وقت السلم تعاون وتواسى كل محتاج (7)، وهي أول من أنشأت بما يسمى حالياَ المستشفى الميداني في مسجد الرسول (8).

أم سلمة رضى الله عنها زوج الرسول ، هاجرت الهجرتين واشتركت غزوات الحديبية وخيبر وحنين وكانت تسقى الماء وتداوى الجرحى.

أميمة بنت قيس الغفارية أسلمت وبايعت الرسول بعد الهجرة وفي غزوة خبير مع مجموعة أم سلمة تداوى الجرحى وتعين المسلمين.

أم زياد الأشجعية شاركت في غزوتى خيبر وحنين وكانت تسقى وتداوى الجرحى وتناول السهام للمحاربين.

أم حبيبه الأنصارية «نسيبه بنت الحارث» قيل أنها اشتركت مع الرسول في سبع غزوات منها خيبر، وكانت تداوى الجرحى وتعد الطعام وتقوم على رعاية المرضى.

وأخبرنا التاريخ على أن نشاط المرأة العربية المسلمة أستمر إلى ما بعد انتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية فقد شهدت بغداد وقرطبه والأندلس نشاطا كبيرا من النساء اللاتي عملهن في التمريض وممارسته.

ففى أوائل الدولة الأموية كانت زينب «طبيبه بنى أود» من الماهرات في صناعة حالة ومداواة آلام العين والجروح وكانت تمرض النساء والرجال على السواء.

وكانت أخت الحفيد ابن زهر الأندلس وابنتها لهما دراية واسعة في مداواة أمراض النساء كما كانت أم الحسن بنت القاضى أحمد الطنجالى من أهل الأندلس ملمة بعلوم كثيرة أبرزها الطب وقد درست حتى فهمت أسبابه وأعراضه.

وساهمت النساء في مساعدة الطبيب في عملة فقد جاء أن الزهراوى كان يقف خلف ستار خفيف ويعطى إرشاداته المناسبة للقابلات في الحالات العسرة.

يتبين من تاريخ التمريض في العصر الإسلامى ما يلى:

قيام المرأة الأجنبية بتمريض ومعالجة الأجنبي في حالات الضرورة. جواز تطوع الأنثى لخدمة الجيش وتمريض عناصره وجوب استئذان القيادة العليا للالتحاق بالخدمة بالجيش. جعل عمل المتطوعات في مجموعات تقودها إحداهن. توزيع الممرضات حسب كفاءتهن وخبرتهن على الأعمال المناسبة منهن. اختيار الممرضات ذوات السيرة الحسنة، فقد كانت المتطوعات في غزوات الرسول من أمهات المؤمنين رضي الله عنهما أجمعين ونساء وأمهات الصحابة رضي الله عنهما أجمعين. من هذه الأسماء تدعونا إلى الفخر فقد حملوا المسؤلية امام الله ورسوله ولم يطمعوا الا في رضى الله والان الخيار لنا

أما دنيا مصيرها الفناء أو آخرةً فيها الخلود والبقاء.

المصادر

  1. موسوعة أم المؤمنيين عائشة بنت ابي بكر
  1. الصحيح ج1، ص 119 ج5، ص 51.
  2. الطبري، تاريخ، ج2، ص 586.
  3. ينظر، الواقدي، المغازي، ج2، ص 510، الحلبي السيرة الحلبية، ج2، ص 665

عمر رضا كحالة، أعلام النساء، ج1 ص 451 ـ ج4، ص 245 ـ 246.

  1. ابن هشام، السيرة، ج3 ص 145، ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج2، ص 99 ـ الكتاني، التراتيب الإدارية، ج1، ص 453 ـ 454 ـ جواد علي المفصل ج 8 ص 387.
  2. ينظر ابن أبي أصيبعة، طبقات الأطباء، ص 167 ـ 170.
  3. الكتاني، التراتيب الإدارية، ج1، ص 456.
  4. أيضاً ج1، ص 4540.
  5. سيرة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.

اقرأ أيضا

مراجع

    • بوابة تاريخ العلوم
    • بوابة علوم إسلامية
    • بوابة تمريض
    • بوابة الإسلام
    • بوابة العصور الوسطى
    • بوابة العالم الإسلامي
    This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.