المذهب المعمداني الجنوبي

المذهب المعمداني الجنوبي، هو طائفة مسيحية تستقر في الولايات المتحدة. هذه الطائفة هي أكبر الطوائف المعمدانية في العالم، وأكبر طائفة بروتستانتية[1][2] وثاني أكبر طائفة مسيحية في الولايات المتحدة، وهي أصغر من الكنيسة الكاثوليكية الرومية، حسب إحصائيات كل كنيسة عن نفسها.

تعود كلمة «الجنوبي» في «المذهب المعمداني الجنوبي» إلى أن تنظيم الطائفة كان عام 1845 في أوغستا، جورجيا، على يد المعمدانيين في الولايات المتحدة الجنوبية الذين انفصلوا عن المعمدانيين الشماليين (الذين يعرفون اليوم باسم الكنائس المعمدانية الأمريكية في الولايات المتحدة)، في قضية العبودية، إذ عارض المعمدانيون الجنوبيون بقوة إلغاءها.[3] بعد الحرب الأهلية الأمريكية، حدث انقسام آخر عندما أقام معظم المعتَقين مجامع سوداء مستقلة، وجمعيات إقليمية، وأقاموا تجمعات وطنية ودولية، منها المذهب المعمداني الوطني، الذي أصبح ثاني أكبر مذهب معمداني في نهاية القرن التاسع عشر.

منذ أربعينيات القرن العشرين، انتشرت المعمدانية الجنوبية في الولايات، وخسرت هويتها الإقليمية، ولكنها حافظت على اسمها الأصلي.[4] وعلى أنها لم تزل متركزة في جنوبي الولايات المتحدة، فإن لها كنائس أعضاء في أرجاء الولايات المتحدة و41 كنيسة ولائية تابعة لها.[5][6] الكنائس المعمدانية الجنوبية إنجيلية في العقيدة والممارسة، ومؤكدة على أهمية تجربة التنصّر الفردي، التي يؤكدها المرء عندما ينغمس كلّيًّا في الماء في معمودية المؤمن، وهم يرفضون معمودية الأطفال. يقول التجمع المعمداني الجنوبي إن بعض المعتقدات المحددة القائمة على تفسير الكتاب المقدس قد تختلف حسب السياسة المجمعية، وأن الأبرشيات لها استقلالية محلية.[7][6]

بلغ الانتماء إلى المذهب المعمداني الجنوبي قمته في عام 2006 إذ بلغ 16 مليونًا.[8] تقلّصت العضوية بمقدار 13.6% منذ تلك السنة، ليكون عام 2020 هو العام الرابع عشر من الانحدار المستمر.[9] انخفض متوسط حضور الكنيسة الأسبوعي في الطائفة نحو 27% بين عام 2006 وعام 2020.[8][10]

التاريخ

الفترة الاستعمارية

معظم المعمدانيين لاأوائل في المستعمرات البريطانية كانوا آتين من إنكلترا في القرن السابع عشر، بعد أن اضطهدتهم كنيسة إنكلترا لآرائهم الدينية المخالفة.[11] في عام 1638، أسس روجر ويليامز أول كنيسة معمدانية في أمريكا البريطانية في منشآت بروفيدنس، وهي أول مستوطنة أوروبية دائمة أسسها ويليامز في جزيرة رود. نُظّمت أقدم كنيسة في الجنوب، وهي كنيسة تشارلستون المعمدانية الأولى، عام 1682 تحت قيادة ويليام سكرفن.[12] تأسست كنيسة معمدانية في فرجينيا عام 1715 بتبشير روبرت نوردن وكنيسة أخرى في كارولاينا الشمالية عام 1727 بتبشير بول بالمر.

اعتنق المعمدانيون سياسة مجمعية وعملوا مستقلّين عن الكنائس الأنغليكانية التابعة للدولة في الجنوب، في الوقت الذي كان فيه غير الأنغليكانيين ممنوعين من عقد مجلس سياسي. في عام 1740، كان في مستعمَرات فرجينيا وكارولاينا الشمالية والجنوبية نحو ثماني كنائس، يقدّر عدد أعضائها بين 300 و400.[13] وكان المبشّرون المعمدانيون ينصّرون أعضاءً جددًا من السود والبيض، وقد سافروا في أرجاء الجنوب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وفي فترات الصحوتين العظيمتين الأولى والثانية.[14]

رحّب المعمدانيون بالأمريكيين الأفارقة، أحرارًا وعبيدًا، وأتاحوا لهم أدوارًا فاعلة في الكنيسة أكثر من الطوائف الأخرى، فرخّصوا لهم أن يكونوا مبشّرين، وكانوا أحيانًا يُعاملون معاملة الأعضاء البيض.[15] نتيجة ذلك، تأسست مجامع وكنائس سوداء في فرجينيا وكارولاينا الجنوبية قبل الثورة الأمريكية. حافت بعض المجامع السوداء على استقلالها حتى بعد محاولة البيض التسلّط عليها بعد تمرّد نات تورنرن عام 1831.[16]

فترة الثورة الأمريكية

قبل الثورة، كان المعمدانيون والإنجيليون الميثوديون ينشرون في الجنوب الرأي القائل إن الناس سواسية أمام الله، وكان هذا الرأي يشمل السود أحرارًا وعبيدًا. تحدّى المبشّرون هؤلاء تراتبيات الطبقة والعرق وحثّوا المستوطنين على إلغاء العبودية. ورحّبوا بالعبيد في كنيستهم وقبلوهم مبشّرين.[17]

يحلّل إسحاق (1974) صعود الكنيسة المعمدانية في فرجينيا، ويؤكد على دور الإنجيلية والحياة الاجتماعية. كان في وقتها انقسام حادّ بين تقشّف المعمدانيين الذين يعيشون حياة بسيطة، الذي جذب الخدم والعامّة من المستوطنين، وترف المستوطنين الأنغليكانيين، وهم نخبة المالكة للعبيد الذين كانوا يتحكموا بالحكومة المحلية والاستعمارية، في ما أصبح بعد ذلك مجتمعًا للعبيد في أواخر القرن الثامن عشر.[18] فسّر النبلاء طريقة الكنيسة المعمدانية على أنها راديكالية سياسية، ولكنها ساعدت على تحسين الفوضى. كان المعمدانيون يراقب بعضهم بعضًا من حيث السلوك الأخلاقي، لا سيما الانتهاكات الجنسية واللعن وإدمان الشراب، وكانوا ينفون الأعضاء الذين لا يتوبون.[19]

في فرجينيا وفي معظم الولايات الجنوبية قبل الثورة، كانت كنيسة إنكلترا هي الكنيسة الرسمية وكانت تدعمها ضرائب عامة، كما هي في إنكلترا. عارضت هذه الكنيسة انتشار المعمدانيين السريع في الجنوب. لا سيما في فرجينيا، حيثُ لوحق مبشّرون معمدانيون كثر لأنهم «أرّقوا السلام» بتبشيرهم من غير رخصة من الكنيسة الأنغليكانية. دافع باترك هنري وجيمس ماديسون عن المبشرين المعمدانيين قبل الثورة الأمريكية في قضايا اعتبرت مهمة في تاريخ الحرية الدينية.[20] في عام 1779، كتب توماس جفرسون النظام الفرجيني للحرية الديني، الذي فعّله تجمع فرجينيا العام عام 1786. ثم طبق ماديسون أفكاره وأفكار الوثيقة الفرجينية عن الحرية الدينية في الميثاق الدستوري، عندما أكد على تضمين هذه الأفكار في الدستور الوطني.

اندلع النضال من أجل التسامح الديني واشتعل أيام الثورة الأمريكية، وعمل المعمدانيون على إلغاء رسمية الكنيسة الأنغليكانية في الجنوب. يستكشف بيمان (1978) النزاع في فرجينيا، ويظهر أنه مع زيادة الكثافة السكانية، زادت محكمة المقاطعة والكنيسة الأنغليكانية سلطتهما. احتجّ المعمدانيون بقوة، وأدّى إهمال النبلاء الحاكمين لحاجة العموم إلى فوضى مجتمعية. جعل نشاط المعارضة الدينية النزاع بين الإنجيليين والنبلاء نزاعًا عنيفًا. يقول كرول سميث (1984) إن قوة الحركة الإنجيلية كانت في قدرتها على الحصول على القوة خارج البنية السلطوية المعروفة.[21][22]

الوحدة الوطنية والانقسام الإقليمي

في عام 1814، ساعد قادة مثل لوثر رايس المعمدانيين على التوحد وطنيًّا تحت ما سُمّي المؤتمر الثلاثي (لأنه يعقد كل ثلاث سنوات) في فيلادلفيا. سمح هذا المؤتمر للمعمدانيين في جمع مواردهم ودعم المبشرين خارج البلاد. تأسست جمعية التبشير الوطني، المرتبطة بالمؤتمر الثلاثي عام 1832 لدعم التبشير في المناطق الحدودية للولايات المتحدة. مع توسّط القرن التاسع عشر، كانت الاختلافات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية كبيرة بين أصحاب الأعمال في الشمال، والمزارعين في الغرب، والمستوطنين في الجنوب. كان أشدّ النزاعات خلافًا هو النزاع على مسألة العبودية ثم على الإرساليات.[23]

الانقسام في مسألة العبودية

سادت المسائل المتعلقة بالعبودية القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة.[24] أسس هذا توتّرًا بين المعمدانيين في الولايات الشمالية ونظرائهم في الولايات الجنوبية، في مسألة الإعتاق. في العقدين التاليين للثورة، أيام الصحوة العظيمة الثانية، جادل المبشّرون المعمدانيون الشماليون (مع جمعية الأصدقاء والميثوديين) لإعتاق العبيد.[25]

انظر أيضًا

مراجع

  1. Pipes, Carol (7 يونيو 2016)، "ACP: More churches reported; baptisms decline"، Baptist Press، Southern Baptist Convention، مؤرشف من الأصل في 18 أكتوبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 28 يونيو 2016.
  2. Johnson 2010، صفحة 349.
  3. "Report on Slavery and Racism in the History of the Southern Baptist Theological Seminary" (PDF)، Southern Baptist Theological Seminary، ديسمبر 2018، مؤرشف من الأصل (PDF) في 22 ديسمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 29 يوليو 2019.
  4. "Southern Baptist Convention"، The Concise Oxford Dictionary of World Religions، Encyclopedia، مؤرشف من الأصل في 26 سبتمبر 2016.
  5. "About Us: Meet the Southern Baptists"، Southern Baptist Convention، مؤرشف من الأصل في 03 أغسطس 2020، اطلع عليه بتاريخ 25 أغسطس 2010.
  6. "Fact box: The Southern Baptist Convention"، Reuters، 10 يونيو 2008، مؤرشف من الأصل في 23 أغسطس 2009، اطلع عليه بتاريخ 6 يوليو 2010.
  7. "Autonomy of local church"، About us (position paper)، SBC، مؤرشف من الأصل في 27 يوليو 2020، اطلع عليه بتاريخ 13 أغسطس 2021.
  8. "Annual of the 2006 Southern Baptist Convention" (PDF)، EXECUTIVE COMMITTEE, SOUTHERN BAPTIST CONVENTION، مؤرشف من الأصل (PDF) في 06 يوليو 2021، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021. {{استشهاد ويب}}: الوسيط |الأول1= يفتقد |الأول1= (مساعدة)
  9. Smietana, Bob (21 مايو 2021)، "Southern Baptist decline continues, denomination has lost more than 2 million members since 2006"، Religion News Service، Religion News Service، مؤرشف من الأصل في 13 أغسطس 2021، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  10. Howe, Jonathan (20 مايو 2021)، "Southern Baptists grow in number of churches, plant 588 new congregations amid COVID-19 pandemic - Baptist Press"، www.baptistpress.com/، مؤرشف من الأصل في 03 يوليو 2021، اطلع عليه بتاريخ 10 يونيو 2021.
  11. "Origins of the Particular Baptists"، The Gospel Coalition (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 29 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 21 يوليو 2020.
  12. Baptist Pioneers in America، Mainstream Baptists، مؤرشف من الأصل في 02 يوليو 2021، اطلع عليه بتاريخ 03 فبراير 2013.
  13. Baker, Robert A (1979)، "Southern Baptist Beginnings"، Baptist History & Heritage Society، مؤرشف من الأصل في أكتوبر 18, 2012، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 28, 2012.
  14. Taylor 1859، صفحات 57, 60, 71, 83.
  15. "The Church in the Southern Black Community: Introduction"، docsouth.unc.edu، مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 21 يوليو 2020.
  16. Raboteau 2004، صفحة 178-79.
  17. Miller & Smith 1997.
  18. Kolchin 1993.
  19. Isaac 1974.
  20. Ketcham, Ralph L (1990) [1971]، James Madison: A Biography (paperback)، Charlottesville, VA: University of Virginia Press، ص. 57، ISBN 978-0-8139-1265-3.
  21. Beeman 1978.
  22. Kroll-Smith 1984.
  23. 1893-1987., Armstrong, O. K. (Orland Kay) (1979)، The Baptists in America، Armstrong, Marjorie Moore، Garden City, N.Y.: Doubleday، ص. 187، ISBN 0385146558، OCLC 4983547، مؤرشف من الأصل في 2 أكتوبر 2020.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة CS1: أسماء عددية: قائمة المؤلفون (link)
  24. "Baptists in America: A History | Reviews in History"، reviews.history.ac.uk (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 21 يوليو 2020.
  25. Heyrman 1998، صفحات 10–18, 155.

وصلات خارجية

  • بوابة الولايات المتحدة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.