انفجار شمسي

الانفجار الشمسي أو التوهج الشمسي (بالإنجليزية: Solar flare)‏ هو وميض مفاجئ يزيد من سطوع الشمس، وعادةً ما يُرصد بالقرب من سطحها وعلى مقربة من مجموعات البقع الشمسية. غالبًا ما تصاحب الانبعاثات الكتلية الإكليلية الانفجارات القوية، ولكن ليس دائمًا. بالكاد يمكن رصد حتى أقوى الانفجارات ضمن الإشعاع الشمسي الكلي («الثابت الشمسي»).[1]

فيزياء شمسية
كلفة شمسية
وهج الشمس
صورتان متعاقبتان لظاهرة التوهج الشمسي أو التوهج الشمسي أثناء تطورها ، وقد حـُجب قرص الشمس في هاتين الصورتين لتحسين وتوضيح صورة التوهج
توهج شمسي في 31 أغسطس 2012.

تحدث الانفجارات الشمسية في طيف بمقادير أسية؛ تكفي طاقةٌ مقدارها 1020 جول عادةً لإنتاج حدث يمكن رصده بوضوح، في حين أن الأحداث الكبيرة يمكن أن تطلق طاقةً تصل حتى 1025 جول.[2]

ترتبط الانفجارات الشمسية ارتباطًا وثيقًا بطرد البلازما والجسيمات من خلال هالة الشمس نحو الفضاء الخارجي؛ كما تبعث الانفجارت الشمسية موجات راديوية بكثرة. إذا كانت الانبعاثات موجهةً نحو الأرض، يمكن للجسيمات المرتبطة بها أن تخترق الغلاف الجوي العلوي (الغلاف الأيوني) وتتسبب في حدوث الشفق القطبي الساطع، وقد تعطل أيضًا الاتصالات الرادوية بعيدة المدى. عادةً ما يستغرق وصول انفجارات البلازما الشمسية إلى الأرض أيامًا.[3] تحدث هذه الانفجارات على النجوم الأخرى أيضًا، حيث ينطبق مصطلح الانفجارات النجمية. يمكن أن تصل الجسيمات عالية الطاقة، التي قد تكون نسبية، في نفس موعد وصول الإشعاع الكهرومغناطيسي تقريبًا.

في 23 يوليو 2012، بالكاد تفادت الأرض عاصفةً شمسيةً ضخمة (أي انفجار شمسي مع انبعاث كتلي إكليلي وإشعاع كهرومغناطيسي).[4][5] في عام 2014، نشر بيت رايلي من شركة العلوم التنبؤية بحثًا حاول فيه حساب احتمال تعرض الأرض لعاصفة شمسية مماثلة خلال السنوات العشر القادمة، بمساعدة سجلات العواصف الشمسية الماضية من ستينات القرن العشرين حتى يومنا هذا. وقد توصل إلى أن احتمال حدوث ذلك هو 12%.[4]

وصف الانفجارات الشمسية

تؤثر الانفجارات الشمسية على جميع طبقات الغلاف الشمسي (الغلاف الضوئي والغلاف اللوني والهالة). يُسخن الوسط البلازمي لتصل حرارته إلى عشرات ملايين كلفن، بينما تُسرع الإلكترونات والبروتونات والأيونات الثقيلة إلى سرعة الضوء تقريبًا. تنتج الانفجارات الشمسية إشعاعًا كهرومغناطيسيًا بجميع الأطوال الموجية عبر الطيف الكهرومغناطيسي، بدءًا من الموجات الراديوية إلى أشعة جاما. تتوزع معظم الطاقة على ترددات خارج الطيف المرئي وبالتالي فإن غالبية الانفجارات غير مرئية للعين المجردة ويجب رصدها باستعمال أدوات خاصة. تحدث الانفجارات الشمسية في المناطق النشطة حول البقع الشمسية، حيث تخترق الحقول المغناطيسية الشديدة الغلاف الضوئي لتربط الهالة بالجزء الداخلي للشمس. تنبع طاقة الانفجارات الشمسية من الإطلاق المفاجئ (خلال دقائق إلى عشرات الدقائق) للطاقة المغناطيسية المُخزنة في الهالة. قد ينتج هذا الإطلاق انبعاثات كتلة إكليلية (سي إم إي)، على الرغم من أن العلاقة بين سي إم بي والانفجارات الشمسية لا تزال غير مفهومةً جيدًا.

يمكن أن تؤثر الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الانفجارات الشمسية على الغلاف الأيوني للأرض ويمكن أن تعطل الاتصالات الرادوية بعيدة المدى. قد يؤدي الانبعاثات الراديوية المباشرة ذات الأطوال الموجية العشرية إلى تشويش عمل الرادارات والأجهزة الأخرى التي تستخدم هذه الترددات.

رُصدت الانفجارات الشمسية لأول مرة على الشمس من قبل ريتشارد كريستوفر كارينجتون وبشكل مستقل من قبل ريتشارد هودجسون في عام 1859[6] على شكل توهجات مرئية موضعية في مناطق صغيرة داخل مجموعة من البقع الشمسية. يمكن الاستدلال على الانفجارات النجمية من خلال رصد المنحنيات الضوئية في بيانات التلسكوبات أو الأقمار الصناعية لمجموعة متنوعة من النجوم الأخرى.

يختلف تواتر حدوث الانفجارات الشمسية، من عدة مرات في اليوم عندما تكون الشمس «نشطة» بشكل خاص إلى أقل من انفجار واحد كل أسبوع عندما تكون الشمس «خاملة»، على مدى الدورة الشمسية التي تستمر لـ 11 عامًا. الانفجرات الكبيرة أقل تكرارًا من الانفجارات الأصغر.

الأسباب

تحدث الانفجارت الشمسية عندما تتفاعل الجسيمات المشحونة، الإلكترونات بشكل أساسي، مع الوسط البلازمي. تشير الدلائل إلى أن ظاهرة إعادة الاتصال المغناطيسي تؤدي إلى تسارع جسيمات المشحونة بقوة.[7] على الشمس، قد تحدث إعادة الاتصال المغناطيسي في الممرات الشمسية - سلسلة من الحلقات التي تمتد على خطوط القوة المغناطيسية. تتصل خطوط القوة هذه بسرعة مع ممر سفلي من الحلقات تاركةً مجالًا مغناطيسيًا حلزونيًا غير متصل ببقية الممرات. إن الإطلاق المفاجئ للطاقة في إعادة الاتصال ما يسارع الجسيمات. قد يمتد المجال المغناطيسي الحلزوني غير المتصل والمواد التي يحتويها بعنف إلى الخارج لتشكيل انبعاثات كتلية إكليلي.[8] يفسر هذا أيضًا سبب اندلاع الانفجارات الشمسية من المناطق النشطة على الشمس حيث تكون المجالات المغناطيسية أقوى بكثير.

على الرغم من وجود اتفاق عام حول مصدر طاقة الانفجارات الشمسية، إلا أن الآليات المعنية لا تزال غير مفهومةً جيدًا. ليس من الواضح كيف تُحول الطاقة المغناطيسية إلى طاقة حركية تحملها الجسيمات، ومن غير المعروف كيف تُسرع بعض الجسيمات إلى نطاق طاقات جيجا إلكترون فولت (109 إلكترون فولت) وأكثر. هناك أيضًا بعض التناقضات فيما يتعلق بالعدد الإجمالي للجسيمات المتسارعة، الذي يبدو أحيانًا أكبر من العدد الإجمالي في الحلقة الإكليلية. لا يتسطيع العلماء التنبؤ بموعد حدوث الانفجارات الشمسية.[بحاجة لمصدر]

تصنيف الانفجارات الشمسية

يستخدم نظام تصنيف الانفجارات الشمسية الحروف إيه وبي وسي وإم وإكس، وفقًا لذروة التدفق، مُقاسةً بوحدة الواط لكل متر مربع (W/m2للأشعة السينية التي تتمتع بأطوال موجية تتراوح بين 100 و800 بيكومتر (1 و8 أنغستروم) وفقًا لقياسات قمر الرصد البيئي العامل ذو المدار الثابت (جي أوه إي إس).

يُشار إلى قوة حدث الانفجار الشمسي في كل تصنيف بعدد يتراوح بين 1 و9، والذي هو أيضًا عامل القوة للحدث داخل كل تصنيف. بالتالي، فإن انفجارًا بتصنيف إكس 2 هو أقوى بمرتين من انفجار بتصنيف إكس 1، كما أن انفجار بتصنيف إكس 3 هو أقوى بثلاث مرات من انفجار إكس 1، وأقوى بنسبة 50% فقط من إكس 2[9] الذي هو أقوى بأربع مرات من انفجار إم 5.[10]

تصنيف إتش ألفا

استند تصنيف الانفجارات المبكر على عمليات رصد خط إتش ألفا الطيفي. يستند المخطط على الشدة وسطح الانبعاث. تُصنف الشدة نوعيًا، ويشير التصنيف إلى الانفجارات كما يلي: باهت (إف) أو عادي (إس) أو ساطع (بي). يُقاس سطح الانبعاث بأجزاء من المليون من نصف الكرة الشمسية. (المساحة الكلية لنصف الكرة الشمسية AH = 15.5*1012 كيلومتر مربع.)

تُصنف الانفجارات الشمسية بعد ذلك باستعمال الحرف إس أو رقم يمثل حجمها بالإضافة إلى حرف آخر يمثل ذروة شدتها، على سبيل المثال: إس إن هو انفجار شمسي عادي.[11]

مخاطر الانفجارات الشمسية

تؤثر الانفجارات الشمسية بقوة على الطقس الفضائي القريب من الأرض. يمكنها إنتاج تيارات من الجسيمات عالية الطاقة في الرياح الشمسية أو الرياح النجمية، المعروفة باسم حدث البروتون الشمسي. يمكن أن تؤثر هذه الجسيمات على الغلاف المغناطيسي للأرض، وقد تمثل خطرًا إشعاعيًا للمركبات الفضائية ورواد الفضاء. بالإضافة إلى ذلك، تصاحب الانبعاثات الكتلية الإكليلية (سي إم إي) الانفجارات الشمسية الضخمة في بعض الأحيان، التي يمكن أن تؤدي إلى عواصف جيومغناطيسية التي أدت في السابق إلى تعطيل الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة الكهربائية الأرضية لفترات طويلة.

يزيد تدفق الأشعة السينية الضعيفة، لانفجارات الفئة إكس، التأين في الغلاف الجوي العلوي، الذي يمكن أن يتداخل مع الاتصالات الرادوية القصيرة ويمكن أن يسخن الغلاف الجوي الخارجي ليزيد تاثير المقاومة الهوائية على الأقمار الصناعية في المدارات المنخفضة، وبالتالي تدهور هذه المدارات. تساهم الجسيمات النشطة في الغلاف المغناطيسي بتكوين الشفق القطبي الشمالي والجنوبي. يمكن أن تسبب طاقة الأشعة السينية القوية ضررًا بإلكترونيات المركبات الفضائية، وعادةً ما تنتج عن انبعاثات البلازما الضخمة في الغلاف اللوني العلوي للشمس.

تمثل مخاطر إشعاعات الانفجارات الشمسية مصدر قلق كبير في مناقشة المهمات المأهولة إلى المريخ أو القمر أو الكواكب الأخرى. يمكن للبروتونات النشطة أن تمر عبر جسم الإنسان، ما يسبب تلفًا كيميائيًا حيويًا[12] لرواد الفضاء أثناء السفر بين الكواكب. من الضروري وجود نوع من الحماية المادية أو المغناطيسية لرواد الفضاء. تستغرق معظم العواصف البروتونية ساعتين على الأقل من وقت الكشف البصري قبل وصولها إلى مدار الأرض. أطلق انفجار شمسي حدث في 20 يناير 2005 أعلى تركيز من البروتونات تم قياسه مباشرةً على الإطلاق،[13] ما منح رواد الفضاء 15 دقيقة فقط للوصول إلى المأوى للحماية.

انظر أيضًا

مراجع

  1. Kopp, G.؛ Lawrence, G.؛ Rottman, G. (2005)، "The Total Irradiance Monitor (TIM): Science Results"، Solar Physics، 20 (1–2): 129–139، Bibcode:2005SoPh..230..129K، doi:10.1007/s11207-005-7433-9.
  2. "What is a Solar Flare?"، ناسا، مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2020، اطلع عليه بتاريخ 12 مايو 2016.
  3. Menzel, Whipple, and de Vaucouleurs, "Survey of the Universe", 1970
  4. Phillips, Dr. Tony (23 يوليو 2014)، "Near Miss: The Solar Superstorm of July 2012"، NASA، مؤرشف من الأصل في 7 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 26 يوليو 2014.
  5. Staff (28 أبريل 2014)، "Video (04:03) – Carrington-class coronal mass ejection narrowly misses Earth"، NASA، مؤرشف من الأصل في 9 مايو 2020، اطلع عليه بتاريخ 26 يوليو 2014.
  6. "Description of a Singular Appearance seen in the Sun on September 1, 1859", Monthly Notices of the Royal Astronomical Society, v20, pp13+, 1859 نسخة محفوظة 11 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. Zhu et al., ApJ, 2016, 821, L29
  8. "The Mysterious Origins of Solar Flares", Scientific American, April 2006 نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  9. Garner, Rob (06 سبتمبر 2017)، "Sun Erupts With Significant Flare"، NASA، مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 2019، اطلع عليه بتاريخ 02 يونيو 2019.
  10. Schrijver, Carolus J.؛ Siscoe, George L., المحررون (2010)، Heliophysics: Space Storms and Radiation: Causes and Effects، Cambridge University Press، ص. 375، ISBN 978-1107049048، مؤرشف من الأصل في 11 يونيو 2020
  11. Tandberg-Hanssen, Einar؛ Emslie, A. Gordon (1988)، Cambridge University Press (المحرر)، "The physics of solar flares".
  12. "New Study Questions the Effects of Cosmic Proton Radiation on Human Cells"، مؤرشف من الأصل في 6 أكتوبر 2008، اطلع عليه بتاريخ 11 أكتوبر 2008.
  13. "A New Kind of Solar Storm – NASA Science"، nasa.gov، مؤرشف من الأصل في 23 مارس 2010، اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  • بوابة رحلات فضائية
  • بوابة نجوم
  • بوابة طقس
  • بوابة المجموعة الشمسية
  • بوابة علم الفلك
  • بوابة اتصال عن بعد
  • بوابة إلكترونيات
  • بوابة كهرباء
  • بوابة الفضاء
  • بوابة علوم
  • بوابة الفيزياء
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.