تلوث وراثي

التلوث الوراثي (بالإنجليزية: Genetic pollution)‏ هو انتقال غير محبذ لجين معين من تجمع إلى تجمع آخر غريب عنه [1][2] ، عادة ما يشير هذا المصطلح إلى انتقال جين من كائنات معدلة وراثياً إلى أخرى غير معدلة وراثياً، ويستخدم البيولوجيون المحافظون هذا المصطلح في الحديث عن انتقال الجينات من الكائنات الحية المستأنسة أو المروضة إلى الأنواع البرية.[3][4] كما ويمكن تعريف التلوث الوراثي بأنه [5][6] انسياب جينات مطلق وغير مرغوب فيه إلى داخل الحيوانات البرية.

الاستخدام

الأنواع الدخيلة

بينما استخدم مصطلح التلوث الجيني في مجال الزراعة ونظام الزراعة الحراجي وتربية الحيوان لوصف انسياب جينات غير مستحب بين الأنواع المهندسة وراثيا وبين الأنواع البرية القريبة لها،[1] فإنه فلطالما استخدم علماء الحفاظ على البيئة ودعاة حركة هذا الحفاظ نفس المصطلح لوصف انسياب جيني غير مرغوب من الأنواع المدجنّة والوحشيّة والأنواع المدخلة (المستقدمة) أو الأنواع الدخيلة إلى حيوانات برية متوطنة أو فطرية.[4][5]

على سبيل المثال، تمثل منظمة ترافيك (بالإنجليزية: TRAFFIC) الشبكة العالمية لمراقبة التجارة في الحياة البرية حيث تعمل هذه الشبكة على التأكد من أن المتاجرة في النباتات والحيوانات البرية لا تشكل تهديدا لحفظ الطبيعة. تروج هذه الشبكة للوعي بالآثار الضارة للأنواع المدخلة التي يتم تقديمها في الطبيعة والتي قد "تهجن مع الأنواع الأصلية مما يسبب حدوث التلوث البيئي".[7] أما اللجنة المشتركة للحفاظ على الطبيعة (وتعرف اختصارا بـ JNCC) فتعمل كمستشار قانوني لحكومة المملكة المتحدة والحفاظ البيئي الدولي على الطبيعة. ويساهم عملها في حفظ وإثراء التنوع الحيوي والتثقيف حول الآثار الضارة لتقديم الأنواع المدخلة أو المستقدمة. وفي هذا السياق تتلخص الاستشارة التي تقدمها هذه اللجنة في أن الأنواع المدخلة:

"ستعمل على تعديل بركة الجينات (وهي عملية تدعى بالتلوث الجيني) وهو تغيير لا رجعة فيه.[8]

تأثير التلوث الجيني على الأنواع المهددة بالانقراض

إن الوصول إلى تسوية بخصوص نبتة برية معينة أو فصائل حيوانية مهددة بالانقراض قد يكون له أثر محدد في حالة هذه التجمعات القريبة ذات الصلة من الأصناف المهددة. مثال على ذلك هو الكلب البري الإفريقي المهدد بالانقراض حيث إن حالة الحفاظ عليه قد تم تقويضها ليس بفعل خسارة الموطن الطبيعي الذي يعيش فيه فقط بل بسبب خليط من انسياب الجينات من الكلبيات المدجنة وذلك عند تهجين الكلاب المستأنسة التي ترافق التجمعات البشرية مع الفصائل البرية.[9]

الهندسة الوراثية

يظهر استخدام مصطلح التلوث الجيني بهذا المعنى في وقت لاحق في تقييم واسع النطاق للأخطار البيئية المحتمل حدوثها بسبب الهندسة الوراثية في مجلة عالم البيئة في يوليو 1989. وقد اشتهر هذا التقييم أيضا عندما أشار إليه البيئي جيرمي ريفيكين في كتابه الذي نشر عام 1998 بعنوان قرن التكنولوجيا الحيوية.[10] ، بينما يوصف تهجين السلالات المقصود بين نوعين مختلفين وراثيا بالتهجين مع الانجبال الداخلي المتعاقب للجينات، استخدم ريفكين والذي لعب دورا رائدا في الجدال الأخلاقي حول التلوث الوراثي لحوالي عقد من الزمن مصطلح التلوث الجيني لوصف المخاطر التي قد تحصل نتيجة لعملية تعديل وراثي غير مقصودة تقوم خلالها الكائنات المعدلة وراثيا بتوزيع جيناتها داخل البيئات الطبيعية عن طريق التزاوج مع النباتات أو الحيوانات البرية.[1][11][12]

و تعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التلوث الوراثي على أنه: :“الانتشار غير المنظم للمعلومات الجينية (ترانسجينوم) إلى الشيفرة الجينية لكائنات لم تكن تحوي هذه المعلومات الجينية من قبل[13]

يوجد سجل للتلوث الجيني منذ عام 2005 وتم إطلاقه من أجل منظمتي جين واتش البريطانية والسلام الأخضر الدولية ويقوم هذا السجل بتوثيق كل الحوادث المتعمدة أو الإطلاق غير المتعمد [14][15] للكائنات المعدلة وراثيا.[16]

تمت دراسة 4 محاصيل مختلفة خلال 10 سنوات ولم يثبت أن أيا من هذه الكائنات التي تم تعديلها وراثيا هي دخيلة أو أكثر ثباتا من نظيرتها التقليدية.[17] كثيرا ما يتم الاستشهاد مثلا على حالات التلوث الجيني بالاكتشاف الشهير للجينات المتقولة من الذرة المحورة وراثيا في أصناف الذرة البلدية في أواكساكا في المكسيك وتمتع التقرير الذي أصدرته كويست وكابيلا [18] منذ ذلك الحين بمصداقية تقوم على أسس منهجية.[19]

توصلت المجلة العلمية التي نشرت الدراسة أول مرة إلى نتيجة مفادها أن: "الدليل الموجود ليس كافيا لتبرير نشر الورقة العلمية الأولى"، وقد خلصت محاولات أخرى حديثة حاولت تكرر الدراسات الأصلية إلى أن الذرة التي حورت وراثيا قد اختفت من منطقة جنوب المكسيك في عامي 2003 و2004.[20] لطالما شكّل الغرض من المحاصيل المحورة وراثيا وهو المساعدة في تطوير القابلية وحالة مخزون العالم من الغذاء نوعا من الصراع مع العموم ومع المخاوف الصحية التي أثيرت بخصوص سلامة الغذاء في المنتج الذي يتم استهلاكه أخيرا.[21]

كشفت دراسة أجريت قرب حقل أوريغون التجريبي على نوع محور وراثيا من أعشاب البنتاجراس الزاحفة (باللاتينية: لأغروستيس الرئدي) أن الجينات وسماتها المرتبطة بها (مثل المقاومة لمبيدات الگلايفوسيت) يمكن أن تنتقل عن طريق تلقيح الرياح للنباتات المستوطنة من أصناف الأغروستيس المختلفة حتى على بعد 14 كم من منطقة الاختبار.[22] في عام 2007، وافقت شركة سكوتس المنتجة للبنتاجراس المحور وراثيا على دفع غرامة مدنية بلغ مقدارها 500,000 دولارا أمريكيا لمنظمة الغذاء الأمريكية (USDA). زعمت المنظمة أن الشركة "فشلت في إدارة تجربة في حقل أوريغون الاختباري في عام 2003 بطريقة تؤكد أنه لا عشب البنتاجراس الزاحف الملائم لمبيدات الگلايفوسيت ولا أنساله قد تستمر في الحياة في البيئة".[23]

التلوث الوراثي مصطلح مثير للجدل

سواء أكان هناك جدل بأن التلوث الجيني أو المصطلحات المشابهة له مثل "التدهور الوراثي" و"الغمر الجيني" و"الاستيلاء الجيني" و"العدوان ÀČČČ" هي وصف علمي مناسب لأحيائية الأصناف الدخيلة فإن كلا من هايمر وسيمبيلروف يجادلان بأن هذه المصطلحات:

"... تفترض بأن الهجائن أقل قدرة على التوائم من آبائها وهي ليست بغيتنا أو أن هناك قيمة متوارثة في بركة الجينات "النقية"".[24]

يوصي هذان الاثنان بأن يدعى انسياب الجينات من الأصناف الدخيلة بالخليط الجيني بما أن:

"الخلط قد لا يحتاج إلى أن يتم إجراء انحياز قيمي له ونستخدمه هنا للإشارة إلى خلط بركات الجين سواء أترافق ذلك أم لم يترافق مع انخفاض في الكفاءة".[24]

يشكك علماء البيئة مثل باتريك مور وهو عضو سابق ومؤسس في منظمة السلام الأخضر في كون الغرض من وراء مصطلح التلوث الوراثي سياسيا أكثر منه علميا. حيث يعتبر أن المصطلح يثير مشاعر عاطفية تجاه الموضوع. وعلق مور على المسألة في إحدى المقابلات [25] بقوله:

"إن أخذت في الاعتبار مصطلحا شائعا في هذه الأيام وهو مصطلح "التلوث الوراثي" أو ما يسمى بالتلوث الجيني فإنه مصطلح إعلامي وليس تقنيا أو علميا. إن كلمة تلوث هي أحكام قيمة. إن استخدام كلمة "وراثي" يعطي العامة انطباعا بأنهم يتحدثون عن أمر علمي أو تقني-كما لو وجد أمر كهذا يعبّر عن الجينات التي تصل إلى حد التلوث"[26]

انظر أيضًا

مراجع

  1. Gene flow from GM to non-GM populations in the crop, forestry, animal and fishery sectors, Background document to Conference 7: May 31 - July 6, 2002; Electronic Forum on Biotechnology in Food and Agriculture, Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO) نسخة محفوظة 14 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  2. GE agriculture and genetic pollution web article hosted by Greenpeace.org نسخة محفوظة 11 أبريل 2010 على موقع واي باك مشين.
  3. Potts B. M., Barbour R. C., Hingston A. B., Vaillancourt R. E. (2003) Corrigendum to: TURNER REVIEW No. 6 Genetic pollution of native eucalypt gene pools—identifying the risks. Australian Journal of Botany 51, 333–333. دُوِي:10.1071/BT02035_CO
  4. Butler D. (1994). Bid to protect wolves from genetic pollution. Nature 370: 497 دُوِي:10.1038/370497a0
  5. ITALY'S WILD DOGS WINNING DARWINIAN BATTLE, By PHILIP M. BOFFEY, Published: December 13, 1983, THE NEW YORK TIMES. Accessed 27 November 2009: "Although wolves and dogs have always lived in close contact in Italy and have presumably mated in the past, the newly worrisome element, in Dr. Boitani's opinion, is the increasing disparity in numbers, which suggests that interbreeding will become fairly common. As a result, genetic pollution of the wolf gene pool might reach irreversible levels, he warned. By hybridization, dogs can easily absorb the wolf genes and destroy the wolf, as it is, he said. The wolf might survive as a more doglike animal, better adapted to living close to people, he said, but it would not be what we today call a wolf." نسخة محفوظة 2 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  6. Norman C. Ellstrand, 2001. "When Transgenes Wander, Should We Worry?" Plant Physiol, Vol.125, pp.1543-1545
  7. When is wildlife trade a problem? hosted by TRAFFIC.org, the wildlife trade monitoring network, a joint programme of WWF and IUCN - The World Conservation Union. Accessed on November 25, 2007
    Invasive species have been a major cause of انقراض throughout the world in the past few hundred years. Some of them prey on native wildlife, compete with it for resources, or spread disease, while others may hybridize with native species, causing “genetic pollution". In these ways, invasive species are as big a threat to the balance of nature as the direct overexploitation by humans of some species.[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2007 على موقع واي باك مشين.
  8. Effects of the introduction of invasive/non-native species - Joint Nature Conservation Committee (JNCC), a statutory adviser to Government on UK and international nature conservation. Accessed on November 25, 2007.
    Occasionally non-native species can reproduce with native species and produce hybrids, which will alter the genetic pool (a process called genetic pollution), which is an irreversible change."نسخة مؤرشفة"، مؤرشف من الأصل في 4 فبراير 2011، اطلع عليه بتاريخ 10 أبريل 2009.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link) [وصلة مكسورة]
  9. C. Michael Hogan. 2010. Alien species topic ed. Mark Mcginley; ed-in-chief Cutler Cleveland, NCSE, Washington DC نسخة محفوظة 07 سبتمبر 2010 على موقع واي باك مشين.
  10. Jeremy Rifkin (1998) The Biotech Century: Harnessing the Gene and Remaking the World, published by J P Tarcher, ISBN 0-87477-909-X
  11. Michael Quinion “Genetic Pollution” – World Wide Words نسخة محفوظة 30 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. Amy Otchet (1998) Jeremy Rifkin: fears of a brave new world an interview hosted by The United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO)
    Will wars be fought for the control of genes in the 21st century? Jeremy Rifkin fears the worst and explains why [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 15 سبتمبر 2009 على موقع واي باك مشين.
  13. A. Zaid, H.G. Hughes, E. Porceddu, F. Nicholas (2001) Glossary of Biotechnology for Food and Agriculture - A Revised and Augmented Edition of the Glossary of Biotechnology and Genetic Engineering. A FAO Research and Technology Paper ISSN 1020-0541. Food and Agriculture Organization of the United Nations. ISBN 92-5-104683-2. Accessed on November 24, 2007 "نسخة مؤرشفة"، مؤرشف من الأصل في 16 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 5 سبتمبر 2019.
  14. http://archive.greenpeace.org/pressreleases/geneng/2001may11.html ILLEGAL GENETICALLY ENGINEERED CORN FROM MONSANTO DETECTED IN ARGENTINA نسخة محفوظة 2012-03-16 على موقع واي باك مشين.
  15. http://www.gmcontaminationregister.org/index.php?content=re_detail&gw_id=131&reg=cou.13&inc=0&con=0&cof=0&year=0&handle2_page= Brazil – Illegal Roundup Ready cotton grown on 16,000 hectares نسخة محفوظة 2017-02-12 على موقع واي باك مشين.
  16. GM Contamination Register نسخة محفوظة 22 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  17. M. J. Crawley et al., Nature 409 682-3 2001 نسخة محفوظة 19 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
  18. Quist, David؛ Chapela, IH (2001)، "Transgenic DNA introgressed into traditional maize landraces in Oaxaca, Mexico"، Nature، 414 (6863): 541–543، doi:10.1038/35107068، PMID 11734853.
  19. Christou, Paul (2002)، "No Credible Scientific Evidence is Presented to Support Claims that Transgenic DNA was Introgressed into Traditional Maize Landraces in Oaxaca, Mexico"، Transgenic Research، 11 (1): 3–5، doi:10.1023/A:1013903300469.
  20. S. Ortiz-Garcı´a et al. 2005, Absence of detectable transgenes in local landraces of maize in Oaxaca, Mexico (2003–2004) Proceedings of The National Academy of Sciences 102:p12338-12343 نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  21. Anthony J. Conner, Jeane M.E. Jacobs, July 1999. Mutation Research/Genetic Toxicology and Environmental Mutagenesis, Vol.433, Issue 1-2, pp.223-234
  22. L. Watrud et al. 2004, "Evidence for landscape-level, pollen-mediated gene flow from genetically modified creeping bentgrass with CP4 EPSPS as a marker", Proceedings of The National Academy of Sciences 101, p.14533.
  23. USDA Concludes Genetically Engineered Creeping Bentgrass Investigation | USDA Newsroom نسخة محفوظة 21 مارس 2010 على موقع واي باك مشين.
  24. Rhymer JM and Simberloff, D. (1996) Extinction by Hybridization and Introgression. Annual Review of Ecology and Systematics 27: 83-109 doi:10.1146/annurev.ecolsys.27.1.83
  25. Greenpeace, "Say no to genetic pollution" (n.d.) http://www.greenpeace.org نسخة محفوظة 2012-06-03 على موقع واي باك مشين.
  26. What's Wrong with the Environmental Movement: an interview with Patrick Moore By: Competitive Enterprise Institute staff, Environment News 2004 published by The Heartland Institute. "نسخة مؤرشفة"، مؤرشف من الأصل في 1 ديسمبر 2006، اطلع عليه بتاريخ 15 مارس 2011.
  • بوابة الأنواع المنقرضة والمهددة بالانقراض
  • بوابة علم البيئة
  • بوابة علم الأحياء الخلوي والجزيئي
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.