تفسير البغوي

معالم التنزيل: كتاب متوسط، نقل فيه مصنفه الصحيح من تفسير الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا يذكر الضعيف.

التعريف بالمؤلف

مؤلف معالم التنزيل هو أبو محمد، الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي، الفقيه الشافعي، المحدث، المفسر.توفي (510 هـ).[1]

نبذة عنه

وهو من أجلّ الكتب وأنبلها حاوٍ للصحيح من الأقول، عارٍ عن الغموض والتكلف في توضيح النص القرآني، محلى بالأحاديث النبوية والآثار الغالب عليها الصحة.

ومعالم التنزيل من أشهر كتب التفسير بالمأثور وهو تفسير كامل للقرآن مع مقدمة للمؤلف يستهلها بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله ، ثم يبين مهمة إرسال الرسول وإنزال الكتاب المعجز عليه، ثم يذكر ما اشتمل عليه القرآن من الأمور عقيدة وفقهاً وقصصاً وحكماً.

ثم ينتقل البغوي – – إلى دواعي تأليفه لتفسيره فيقول: (فسألني جماعة من أصحابي المخلصين وعلى اقتباس العلم مقبلون كتاباً في معالم التنزيل وتفسيره، فأجبتهم إليه معتمداً على فضل الله وتيسيره متمثلاً وصية رسول الله فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).

ومن هذا النص نستفيد أن تفسيره جاء نزولاً عند رغبة طلابه وتلاميذه المخلصين والمقبلين على اقتباس العلم وتحقيقاً لوصية رسول الله واقتداء بالماضين.

ويقدم البغوي بعد ذلك الطريقة التي اختارها وجعل عليها تفسيره وهي التوسط والاعتدال فيقول: (فجمعت بعون الله وحسن توفيقه فيما سألوا كتاباً متوسطاً بين الطويل الممل والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيداً لمن أقبل على تحصيله).[2]

أقوال العلماء عنه

قال ابن تيمية:

«والبغوي تفسيره مختصر من الثعالبي لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة». وقد سئل عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة ؟ الزمخشري أم القرطبي أم البغوي ؟ أو غيرهؤلاء؟ فأجاب: «وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة - البغوي » الفتاوى 13/386

ووصفه الإمام الخازن في مقدمة تفسيره: بأنه من أجمل المصنفات في علم التفسير وأعلاها، جامع للصحيح من الأقاويل، عارٍ من الشبه والتصحيف والتبديل، محلَّى بالأحاديث النبوية، مطرَّز بالأحكام الشرعية، موشَّى بالقصص الغريبة وأخبار الماضين العجيبة، مرصَّع بأحسن الإشارات، مخرَّج بأوضح العبارات، مفرَّغ في قالب الجمال بأفصح مقال. [2]

قال عنه صالح الفوزان «فإن تفسير الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي تفسير جيد، شهد العلماء بجودته وإتقانه وتمشيه على مذهب السلف في المنهج والاعتقاد، إلا أنه طويل بالنسبة لحاجة غالب الناس اليوم، فالناس اليوم بحاجة إلى تفسير مختصر موثوق.

فلذلك اتجهت همة أخينا الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد بن علي الزيد إلى اختصار هذا التفسير وتقريبه للناس. وقد اطلعت على نموذج من عمله فوجدته عملًا جيدًا ومنهجًا سديدًا، حيث إنه يختار من هذا التفسير ما يوضح الآيات بأقرب عبارة وأسهلها، فهو مختصر جيد مفيد. جزى الله أخانا الشيخ عبد الله على عمله هذا خيرًا وغفر الله للإمام البغوي ورحمه، جزاء ما ترك للمسلمين من علم نافع ومنهج قويم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه».[3]

مضمون الكتاب

1- المقدمة.

2- مصادره التي استعان بها على تفسير الكتاب.

3- فضائل القرآن وتعليمه.

4- معنى التفسير والتأويل والفرق بينهما.

5- التفسير، بدءًا من الفاتحة وصولًا إلى سورة الناس.

مصادره التي اعتمد عليها

مصادره من كتب التفسير

وهي.:[4]

1- تفسير ابن عباس.

2- تفسير مجاهد بن جبر المكي.

3- تفسير عطاء بن أبي رباح النيسابوري.

4- تفسير الحسن البصري.

5- تفسير قتادة.

6- تفسير أبي العالية.

7- تفسير القرظي عن الهروي.

8- تفسير زيد بن أسلم.

9- تفسير الكلبي.

10- تفسير الضحاك.

11- تفسير المقاتل بن حيان.

12- تفسير المقاتل بن سليمان.

13- تفسير السدي.

مصادره في تفسير الأخبار والروايات

كانت عن المبتدأ لوهب بن منبه، وعن المغازي لمحمد بن إسحاق. وقد كان يكتب السند الذي نقل به عن هذين الكتابين.[5]

مصادره في علم القراءات

وقد ذكر في تفسيره من القراء الذين أخذ عنهم:[6]

مصادره في اللغة

ذكر البغوي في تفسيره بعض أعلام اللغة، ممن أخذ منهم معاني الكلمات والجمل، ومنهم:

منهجه في التفسير

يعتمد منهج البغوي على المأثور من القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين، مع اهتمامه بالقراءات المختلفة للقرآن واللغة العربية بجوانبها، وكذلك الأحكام الفقهية. ويمكن ويمكن تصنيف منهجيه على النقاط التالية[7].:

1- يذكر اسم السورة وعدد آياتها وبيان مكيها من مدنيها، وقد يفصل في تلك النقطة، فيذكر الآيات المكية في السورة المدنية، والآيات المدنية في السورة المكية. ثم يتطرق إلى أسباب النزول، وقد يتحدث عن أسباب نزول آيات بعينها.

2- شرح القرآن بالقرآن، أو بالأحاديث النبوية: وذلك بمقارنة ورود الكلمة في مواطن أخرى في القرآن أو الحديث، أو حتى آراء الصحابة:

ومن الأمثلة على ذلك: تفسيره لمعنى البسملة عند البدء بسورة الفاتحة، فيقول: (الاسم هو المسمى، وعينه وذاته، قال تعالى: ((إنا نبشرك بغلامٍ اسمه يحيى)) [مريم: 7]).[8]

ومن الأمثلة تفريقه بين الحمد والشكر في تفسيره سورة الفاتحة، فيقول إنَّ الحمد باللسان قولًا، أما فهو الشكر بالأركان فعلًا. فقال الله تعالى: ((الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا)) [الإسراء: 111]. وقال: ((اعملوا آل داوود شكرًا)) [سبأ: 13].[9]

3- لجوؤه للنحو واللغة لتوضيح معاني المفردات الغريبة، إضافة للقرآن والحديث:

وذلك بالرجوع إلى أصلها اللغوي ومصدرها. بإيجاز ودون إسهاب، فكان لا يبالغ ولا يقتر، إنما يأخذ بها بحسب الحاجة لتفسير معنى الآيات. ومن الأمثلة على ذلك:  اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ  وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ   فكتب: (استوى: علا عليه، لأجل مسمى: إلى وقتٍ معلوم، يفصل الآيات: يبين الدلالات، مد الأرض: بسطها...).[10]

ومن الأمثلة الأخرى قوله تعالى: ((وبشر الذين آمنو)) [البقرة: 25]. فكتب عنها: (البشارة: كل خبر صادق تتغير به بشرة الوجه، ويستعمل في الخير والشر، وفي الخير أغلب).

أما بالنسبة للنحو: فقد كان يمر على النواحي النحوية مرورًا بسيطًا دون إطالة، إلا بما يخدم الحاجة للتفسير. فمثلًا يقول في كلمة «حتى» في قوله تعالى:  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ  : (وإذا كان الفعل الذي يلي حتى في معنى الماضي ولفظه لفظ المستقبل فلك فيه الوجهان، الرفع والنصب. فالنصب على ظاهر الكلام، لأن حتى تنصب الفعل المستقبل. والرفع لأن معناه الماضي، وحتى لا تعمل في الماضي) وغيرها من الأمثلة.

ومن ذلك تبيينه لبعض الضمائر، كما في قوله تعالى:  وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ  . فلم قال «وإنها» ولم يقل «وإنهما»؟ رد هنا الكناية للصلاة، لأنها أعم. وغيرها من الأمثلة.

4- يقوم بإعراب بعض الآيات، وتعلق ذلك بالمعنى.

5- يذكر القراءات الأخرى للآية إن أثرت على المعنى:

فقد اهتم كثيرًا بالقراءات، حتى أنه قد كتبَ كتاب «الكفاية» في فن القراءات.

ومن الأمثلة على ذلك: اختلاف القراءات في سورة الفاتحة. فـ «مالك يوم الدين» تُقرأ في إحدى القراءات «ملك يوم الدين» وكلمة «صراط» تُقرأ بالسين في إحدى القراءات. فكان يذكر الفرق باللفظ والفرق في المعنى.

6- يوضح في آيات العقيدة والتوحيد رأي أهل السنة والجماعة، ويدحض آراء الفرق الأخرى:

ومن ذلك رده على الجهمية الذين يقولون إنَّ نعيم الجنة يفنى. فاستشهد بقوله تعالى: ((أُكلها دائمٌ وظلها)) [الرعد: 35].[11]

ومن ذلك أيضًا رده على من قال بأنَّ الأنبياء يقعون في الذنوب، والذين كانوا يستشهدون بقوله تعالى: ((واستغفر الله)). فرد عليهم في ذلك أيضًا. بأنَّ معناه السمع والطاعة لحكم الشرع، وفصل في ذلك قليلًا.[12]

7- يورد آراء الفقهاء في آيات الأحكام الفقهية باختصار:

ومن أمثلة ذلك تفصيله للأحكام الفقهية في الطلاق عند ورود آيات الطلاق المختلفة.[13]

8- قلة ذكره لقصص الإسرائيليات والبدع والابتعاد عنها:

ومن الإسرائيليات التي ذكرها البغوي هي قصة هاروت وماروت.[14]

وقد لاحظ بعض الدارسون والمحدثون وجود هذه الإسرائيليات في تفسير البغوي.[15]

9- يعتمد الاختصار، حتى في تخريج الأحاديث:

وقد كان يرمز لصحيح البخاري بالرمز (خ) ومسلم (م) والمتفق عليه بـ (ق).

ميزات التفسير

1- من التفاسير المبكرة: فالبغوي من علماء القرن الخامس الهجري.

2- جمعه لعدة جوانب مع بعضها في التفسير: وهي المأثور من القرآن والسنة، والمعقول، والأحكام الفقهية، واللغة العربية بنواحيها المختلفة (من نحوٍ وصرفٍ وإعرابٍ... إلخ).

3- اعتماده كثيرًا على الكتاب والسنة: فكثيرًا ما كان يفسر الآيات بالآيات أو الأحاديث.

4- الاختصار: ومن ذلك حذف الأسانيد، مع الإحالة لمصدر الحديث. وعدم التفصيل الأمور اللغوية والنحوية.

5- الاهتمام بالقراءات القرآنية عند التفسير، وبيان الفرق بالمعنى الناتج.

6- التطرق للناحية البلاغية للقرآن.

الانتقادات على تفسير البغوي

تقريبًا أشاد بتفسير البغوي جميع العلماء، منهم الإمام الذهبي.[16] إلا أنَّ الانتقاد الأساسي على تفسيره كان بأخذه بالإسرائيليات في بعض المواضع، وإن قلت.

اختصارات تفسير البغوي

لأهمية الكتاب في علم التفسير قام بعض العلماء باختصاره، وآخرون اقتبسوا منه أجزاءً لكتبهم.

ومن ذلك أن قام علاء الدين علي بن إبراهيم (المعروف بالخازن، المتوفى سنة 725) بكتابة تفسيره لباب التأويل مختصرًا من كتاب معالم التنزيل للبغوي، وقد أضاف عليه ما كان يراه ملائمًا.

وممن اختصر تفسير البغوي الشيخ تاج الدين الحسيني (المتوفى سنة 875).[17]

كما استفاد منه برهان الدين الزركشي عند كتابة كتابه «البرهان».

المصادر

  1. طبقات المفسرين للسيوطي ص 13 ،ووفيات الأعيان ج1 / 145 - 146 .
  2. الإمام البغوي(ومعالم التنزيل) وقفة سريعة وتعريف موجز - عوض أحمد الناشري الشهري نسخة محفوظة 8 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. مختصر تفسير البغوي [ معالم التنزيل ] نسخة محفوظة 26 يناير 2013 على موقع واي باك مشين.
  4. معالم التنزيل، 1/3-6.
  5. معالم التنزيل، 1/6.
  6. معالم التنزيل، 1/7
  7. البغوي ومنهجه في التفسير، عفاف عبد الغفور، ص. 78-79.
  8. معالم التنزيل، 1/17.
  9. معالم التنزيل، 1/20.
  10. معالم التنزيل، 4/3-4.
  11. معالم التنزيل، 4/25.
  12. معالم التنزيل، 1/595.
  13. معالم التنزيل، الجزء السابع.
  14. معالم التنزيل، 1/89.
  15. التفسير والمفسرون، 1/237.
  16. طبقات الحفاظ، ص. 457.
  17. كشف الظنون، 1/1726.

وصلات خارجية

تفسير البغوي على موقع أمازون كيندل

  • بوابة الإسلام
  • بوابة القرآن
  • بوابة كتب
  • بوابة علوم إسلامية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.