ضوء
الضوء (الجمع: أضواء) هو إشعاع كهرومغناطيسي مرئي للعين البشرية، ومسؤول عن حاسة الإبصار.[1] يتراوح الطول الموجي للضوء ما بين 400 نانومتر (nm) أو 400×10−9 م، إلى 700 نانومتر - بين الأشعة تحت الحمراء (الموجات الأطول)، والأشعة فوق البنفسجية (الموجات الأقصر).[2][3] ولا تمثل هذه الأرقام الحدود المطلقة لرؤية الإنسان، ولكن يمثل النطاق التقريبي الذي يستطيع أن يراه معظم الناس بشكل جيد في معظم الظروف. تقدر أطوال الموجات للمصادر المختلفة للضوء المرئي ما بين النطاق الضيق (420 إلى 680)[4][5] إلى النطاق الأوسع (380 إلى 800) نانومتر.[6][7] يستطيع الأنسان تحت الظروف المثالية أن يرى الأشعة تحت الحمراء على الأقل التي يصل طولها الموجي 1050 نانومتر،[8] والأطفال والشباب يستطيعون رؤية ما فوق البنفسجية ما بين حوالي 310 إلى 313 نانومتر.[9][10][11]
الخصائص الأساسية للضوء المرئي هي الشدة، اتجاه الانتشار، التردد أو الطول الموجي والطيف، والاستقطاب، بينما سرعته في الفراغ، تقدر بـ (299,792,458 م/ث) وهي إحدى الثوابت الأساسية في الطبيعة.
من القواسم المشتركة بين جميع أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي (EMR)، أن الضوء المرئي ينبعث ويمتص في هيئة «حزم» صغيرة تدعى الفوتونات يمكن دراستها كجسيمات أوالموجات. وتسمى هذه الخاصية بازدواجية موجة الجسيمات. تعرف دراسة الضوء باسم البصريات، وهي مجال بحثي مهم في الفيزياء الحديثة.
تُطلق كلمة ضوء في الفيزياء أحيانًا على الإشعاع الكهرومغناطيسي لأي طول موجي، سواء كان مرئي أم لا.[12][13] وتَرتكز هذه المقالة على الضوء المرئي. أما كمصطلح عام فراجع مقالة الإشعاع الكهرومغناطيسي.
تاريخ
توصل الإغريق القدماء إلى بعض النظريات في مجال الضوء، وفتحت آفاق دراسة، لكنها كانت في الأغلب نظرية، ولم تتح الفرصة للبحث العملي لهذا الجانب الحيوي إلا على يد عدد من العلماء المسلمين في القرون الوسطى، ويأتي في مقدمتهم الحسن بن الهيثم.
وكانت أبرز إسهامات الحسن بن الهيثم (354- 430هـ، 965-1039م) في كتاب المناظر الاهتداء إلى طبيعة الضوء ووظائفه وحالة القمر وقوس قزح والمرايا ذات القطع المتكافئ، والمرايا الكروية والكسوف والخسوف والظلال. فانتفع بعلمه بالبصريات وإنتاجه الغزير كل من روجر بيكون، وفيتلو البولندي، وليوناردو دافينشي، ويوهان كبلر. وقد ترجم كتابه المناظر أكثر من خمس مرات إلى اللاتينية، وفيه يؤكد على أن الضوء مستقل عن اللون، وحلل لأول مرة عملية الإبصار، وأشعة الضوء التي ذهب من سبقوه إلى أنها تنبعث من العين إلى الأجسام فنراها، في حين قال ابن الهيثم:
واهتم ابن الهيثم بالعدسات وقال إن تكبير العدسة يتوقف على مقدار تحدُّبها، كما درس الانكسار والانعكاس.
لم يظهر عالم في الضوء يعتد به بعد ابن الهيثم إلا في القرن 17 أي بعد نحو سبعة قرون. ففي سنة 1666م اكتشف العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن أن الضوء الأبيض مؤلف من جميع الألوان، ووجد باستخدام المنشور أن كل لون في الشعاع الأبيض يمكن أن يفصل. ووضع نيوتن نظرية تقول إن الضوء يتألف من أجسام صغيرة تنتقل في خطوط مستقيمة خلال الفراغ، وسمّى النظرية نظرية الجسيمات الضوئية[محل شك]. وفي نفس الوقت الذي وضع فيه نيوتن نظريته للضوء، قال الفيزيائي والفلكي الهولندي كريستيان هويجنز إن الضوء يتألف من موجات. وقدم نظريته الموجية لشرح طبيعة الضوء. وتبدو النظريتان نظرية الجسيمات الضوئية والنظرية الموجية متضادتين تمامًا، وقد دارت مجادلات بين العلماء حولهما لحوالي 100 سنة. وفي بداية القرن 19 شرح الفيزيائي الإنجليزي توماس يونغ تداخل الضوء وأوضح أن الشعاعين من الضوء يلغي أحدهما الآخر تحت شروط محددة. وتتصرف موجات المياه بنفس الطريقة لكن بسبب صعوبة فهم كيفية حدوث التداخل بين الجسيمات، قبل معظم العلماء تجربة يونغ كبرهان على النظرية الموجية للضوء.
طبيعة الضوء
كان العلماء خلال القرن 19 يظنون أن الضوء موجة تنتقل كما تنتقل الموجة المائية. وقد راجت النظرية الموجية للضوء؛ لأنها مكّنت العلماء من تفسير ظاهرة نمط التداخل، وهي خطوط ساطعة وأخرى مظلمة حصل عليها العلماء من التجارب الضوئية. وإذا كان الضوء موجة فما هذه الموجات؟ موجات الماء سهلة التفسير لأنها تسير خلال سطح الماء بينما الماء نفسه يتحرك إلى أعلى وأسفل. وبالنسبة لعلماء القرن 19 كان الضوء يبدو مختلفًا عن موجات الماء بسبب انتقاله في الفضاء من الشمس والنجوم الأخرى إلى الأرض، فافترضوا أن موجات الضوء يجب أن تنتقل خلال مادة تمامًا كما هو الحال بالنسبة لموجات المياه التي تنتقل خلال الماء. وأطلق العلماء على هذه المادة اسم الأثير، بالرغم من أنهم لم يتوصلوا إلى مايبرهن على وجود هذه المادة. واستطاع العلماء بنهاية القرن 19 التوصل إلى أن موجات الضوء تتألف من مناطق تعرف بالمجالات الكهربائية والحقول أو المجالات المغنطيسية.
يبدأ النموذج البسيط لموجة الضوء بشعاع (خط مستقيم) يوضح اتجاه انتقال الضوء. وتمثل الأسهم القصيرة التي على طول الشعاع، والمتعامدة (زاوية قائمة) عليه، المجال الكهربائي. وتشير بعض الأسهم إلى الأعلى من الشعاع والأسهم الأخرى تشير إلى الأسفل منه. وهي تختلف في الطول، لذلك فإن النمط الكلي لرؤوس الأسهم يُشْبه الموجة والأسهم التي تمثل الحقل المغنطيسي هي أيضًا تشبه الموجة ولكن هذه الأسهم تصنع زاوية قائمة مع الأسهم التي تمثل الحقل الكهربائي. وهذا النمط يتحرك خلال الشعاع وهو الضوء. أثبتت التجارب في بداية القرن 20 أن العلماء في النهاية تركوا فكرة الأثير. وأدركوا أن موجة الضوء، بوصفها نمطًا منتظمًا من الحقول الكهربائية والمغنطيسية، يمكن أن تنتقل عبر الفضاء.
وتتميز الموجة الكهرومغناطيسية عامة بالعوامل التالية:
- الطول الموجي (λ) : المسافة لخط مستقيم من قمة الموجة إلى القمة التي بعدها.
- التردد (f): عدد المرات التي تمر خلالها القمة من نقطة ثابتة في الثانية.
- السعة (a): هي أقصى مسافة للقمة أو القاع (النقطة السفلى من الشعاع).
- الفترة (T): هو الوقت اللازم لمرور قمتين أو قاعين خلال نقطة ثابتة في الفراغ.
- سرعة الانتشار: المسافة التي تقطعها الموجة في زمن قدره ثانية واحدة أثناء انتشارها.
ولحساب سرعة انتشار الضوء (c) في الفراغ:
أو
الفوتون
اقترح العالم الفيزيائي الألماني ألبرت أينشتاين في سنة 1905 نموذجًا للضوء، وهو مفيد تمامًا مثل النموذج الموجي. يتصرف الضوء في بعض التجارب كما لو أنه جسيمات، وتسمّي هذا النوع من الجسيمات الآن الفوتونات. وفي نموذج أينشتاين فإن شعاع الضوء هو المسار الذي يسلكه الفوتون. فمثلاً عندما يرسل المصباح شعاعًا من الضوء خلال غرفة مظلمة فإن شعاع الضوء يتألف من عدد كبير من الفوتونات، وكل واحد منها يسير في خط مستقيم. فهل الضوء موجات أو جسيمات؟ فيما يبدو، لا يمكن أن يكون النموذجان معًا، لأن النموذجين مختلفان تمامًا. وأفضل إجابة أن الضوء لا هذا ولا ذاك. ويتصرف الضوء في بعض التجارب كما لو أنه موجة، وفي بعضها الآخر كما لو أنه جسيمات. وللضوء في الفراغ سرعة واحدة، بعكس الأنواع الأخرى من الموجات، وهي أقصى سرعة ممكنة لأي شيء. ولا يفهم العلماء كنه هذه الحقيقة. والحقيقة التي تنص على أن الضوء في الفراغ يملك سرعة واحدة وهي واحدة من أسس النظرية النسبية لأينشتاين.
عندما يدخل الضوء مادة ما يصطدم بالذرات التي تعطل سيره، إلا أنه يسير بسرعته المعتادة بين ذرة وأخرى.
الطيف المرئي والكهرومغناطيسي
يمكن تعريف هذا المدى من طيف الموجات الكهرومغناطيسية بإنه ذلك الطيف الذي يمكن أن يؤثر في العين فتحس بالرؤية، ويبدأ طيف الضوء المرئي عند اللون البنفسجي وينتهي عند اللون الأحمر. ونظرًا لأن حساسية العين تختلف باختلاف طول موجة الأشعة الضوئية المستقبلة فهي قادرة على التمييز بين الألوان المختلفة. وتكون حساسية العين أكبر ما يمكن عند الطول الموجي الذي يقع بين الأخضر والأصفر. وتقاس أطوال الموجات الضوئية بوحدات صغيرة جدا مثل الميكرومتر والنانومتر والانجستروم.
يمكن ملاحظة اختلاف الطول الموجي بالعين ثم يترجم داخل العقل للون من الأحمر وهو ذو أطول موجة حيث أن طوله الموجي 700 نانومتر، والبنفسجي ذو أقصر طول موجي حيث أن طوله الموجي حوالي 400 نانومتر، وبينهم ترد مختلف الألوان كالبرتقالي، والآخضر، والأزرق.
الطول الموجي الطيف الكهرومغناطيسي خارج مجال رؤية العين يطلق عليه الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء. تستطيع بعض الحيوانات مثل النحل رؤية بعض الأطوال الموجية الطويلة.
إن تعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية لفترة طويلة يمكن أن يسبب حروق الشمس أو سرطان الجلد، ونقص التعرض يسبب نقص فيتامين د.
خواص الضوء
انكسار الضوء
الانكسار تغير اتجاه مسار الموجة عندما تنـتقل من وسط مادة إلى وسط مادة آخر. تنكسر الموجات (تنثني) عندما تنتقل بزاوية من وسط إلى آخر حيث تكون سرعة الضوء مختلفة. والواقع أن القشة الموضوعة داخل كوب به ماء تبدو منكسرة عند سطح الماء. لأن سرعة الضوء في الماء أقل منها في الهواء. يتحدد مقدار انثناء شعاع ذي طول موجي معين، عند انتقاله من وسط إلى آخر، بوساطة قانون الانكسار (قانون سنيل) بين الوسطين لذلك الطول الموجي. ويتم إيجاد قانون الانكسار عن طريق حساب المثلثات. وهو دالة جيبية لزاويتي السقوط والانكسار:
حيث أن هي الزاوية بين الشعاع وسطح الوسط الأول، و هي الزاوية بين الشعاع وسطح الوسط الثاني، n1 و n2 معاملي الانكسار، n = 1 في الفراغ و n > 1 في المادة الشفافة.
تعتمد أغلب قوانين الانكسار على العلاقة بين زاوية الشعاع في الهواء وزاويته في وسط مثل الزجاج أو الكوارتز (المرو) أو البلاستيك. كما أن ألوان الضوء المختلفة لا تنكسر بالدرجة نفسها، ذلك لأن لها أطوالاً موجية مختلفة وتردد ثابت. وبسبب هذه الخاصية الضوئية، تتحلل أشعة الضوء إلى ألوان الطيف السبعة. والمنشور يعمل على أساس هذا المبدأ. وتستخدم خاصية الانكسار في العدسات لمعالجة الضوء من أجل تغيير حجم ووضوح الصور. ومن الامثلة على ذلك العدسات المكبرة، النظارات، العدسات اللاصقة، المجاهر والتلسكوبات الأنكسارية.
التداخل
يعرف الضوء في معظم الحالات بأنه موجات لكل منها قمة وقاع. فعندما تمر موجتان ضوئيتان خلال نفس النقطة فإنهما تتداخلان في بعضهما لذلك فإنهما تجمعان أو تطرحان بعضهما من بعض. افترض أنه متى ما مرت قمة لموجة خلال النقطة فإنه تمر في الوقت نفسه قمة لموجة أخرى. وتجتمع القمتان مع بعضهما لتعطيا قمة كبرى. وتسمى هذه العملية التداخل البَنَّاء، وتعطي ضوءًا ساطعًا أكثر مما تعطيه أي موجة منفردة. وإذا افترضنا بدلاً من ذلك أنه متى ما وجدت قمة لموجة تمر خلال النقطة كان هناك قاع لموجة أخرى تمر خلاله، فإن القاع سوف يقلل من ارتفاع القمة ويترك النقطة معتمة أو مظلمة. وتسمى هذه العملية بالتداخل الهدام.
ووجود ظاهرة التداخل التي ينتج عنها سطوع أو تعتيم للضوء هي من أقوى الحجج التي تؤيد النظرية الموجية للضوء. وتنتج جميع أنواع الموجات أنماطاً من التداخل البَنَّاء والهدَّام عندما تمر خلال فتحتين صغيرتين متجاورتين.
وقد برهن العالم الإنجليزي توماس يونغ في بداية القرن 19 في تجربته الشهيرة على الطبيعة الموجية للضوء بإرسال شعاع ضوئي خلال فتحتين ضيقتين. ويصل الضوء الذي يخرج من الفتحتين إلى شاشة. فإذا كانت طبيعة الضوء غير موجية، فإنه يظهر على الشاشة كنقطتين ساطعتين ضيقتين، كل واحدة منهما تخرج من فتحة، لكن الواقع أنه عندما يخرج الضوء من كل فتحة، فإنه ينتشر مع الضوء الآخر، وتمتلئ الشاشة بخطوط مضيئة وأخرى معتمة تسمى الأهداب. تتكون أهداب لامعة عندما تصل الموجتان قمة مع قمة لتعطي تداخلاً بناء. وتتكون أهداب معتمة عندما تصل الموجتان قمة مع قاع لتعطي تداخلاً هدامًا.
الحيود والانتشار
أحد الخصائص الأكثر وضوحا للعين المجردة هو الضوء الذي ينتشر بخط مستقيم، ويسمى هذا النوع من الانتشار الحُيُودُ. فالحيود كما في التداخل ناتج من الحقيقة التي تنص على أن الضوء يتصرف كموجة. وتنتشر موجة الضوء قليلاً عندما تسير خلال فتحة صغيرة، أو حول جسيم صغير، أو يمر خلال حافة. وتنتشر كذلك موجات المياه، لكن الفتحات والأجسام التي تسبب الانتشار يجب أن تكون أكبر من تلك التي في حالة الضوء. ويمكن أن يكون حيود الضوء أمرًا مزعجًا. افترض أنك حاولت رؤية جسيم صغير جدًا بوساطة مجهر ذي كفاءة عالية. فكلما زادت قدرة التكبير لرؤية الجسم عن قرب أكثر، فإنه تبدو على حافات الجسم غشاوة. وكل حافة مُغَشَّاة سببها أن الضوء ينكسر عندما يمر خلال الحافة في طريقه إلى العين.
من ناحية أخرى يخدم الحيود دراسة ألوان شعاع الضوء إذا استخدمنا نبيطة تسمى محزز الحيود. ويحتوي المحزوز على آلاف الفتحات النحيفة التي تعطينا الضوء. يحيد كل لون في الضوء بكمية مختلفة قليلاً، وانتشار الألوان بهذا الكبر يجعل بإمكاننا رؤية كل لون. ويستخدم محزز الحيود في التلسكوبات التي تفصل الألوان في الضوء القادم من النجوم وهذا يمكِّن العلماء من دراسة المواد التي تتألف منها النجوم.
الانعكاس والتشتت
عندما يصطدم الضوء على الجسم، تحتفظ مادة ذلك الجسم بالطاقة ثم تعيد انبعاثها في كل الاتجاهات، وتسمى هذه الظاهرة بالانعكاس. ومع ذلك، فإن الأسطح الملساء بصريا بسبب التدخل الهدام فإنها تفقد معظم الاشعة، عدا أنها تنتشر في نفس الزاوية التي كان لها التأثير. ومن الأمثلة على هذا التأثير هي المرايا والأسطح المصقولة مثل الكروم، ومياه الانهار (لأن قاعها داكن).
الاستقطاب
يمكن ملاحظة ظاهرة الاستقطاب في بلورة شفافة توضع في شكل متوازي مع أخرى ويتم تدوير أحداها بزاوية 90°، فإن الضوء لا يمكن أن يمر من خلالهما.
بالإمكان الحصول على الضوء المستقطب من خلال انعكاس الضوء. والضوء المنعكس جزئيا أو كليا مستقطب مع زاوية السقوط. وتسمى الزاوية التي تسبب الاستقطاب الكلي بزاوية بروستر أو زاوية الاستقطاب.
تحتو ي العديد من النظارات الشمسية ومرشحات الكاميرا على بلورات استقطاب للقضاء على الانعكاسات المزعجة.
الآثار الكيميائية
يمكن لطاقة الضوء تغيير أسطح المواد كيميائيًا بواسطة امتصاصها. فعلى سبيل المثال يغيّر الضوء كيميائيًا جزيئات هاليد الفضة للفيلم الضوئي، ولذلك يمكن تسجيل الصورة عليه. ويمكن للضوء القوي أن يُبَهِّتَ ألوان الأقمشة بتغير صبغتها كيميائيًا. وشبكية العين تتغير كيميائيًا بسبب الضوء، ولذلك فإن الشبكية تنتج إشارات بالنسبة للبصر. والضوء عامل ضروري للتركيب الضوئي في النبات الذي يمثل العملية اللازمة لإنتاج الغذاء بتفاعل الضوء مع الماء وثنائي أكسيد الكربون. وكذلك تخليق فيتامين د بتفاعل الأشعة الفوق بنفسجية مع مركب 7-ديهيدروكوليستيرول تحت الجلد.
الظاهرة الكهروضوئية
تحدث الظاهرة الكهروضوئية أو المفعول الكهروضوئي عند سقوط إشعاع كهرومغناطيسي على سطح معدن فينتج عنه تحرير إلكترونات من سطح المعدن. ذلك لأن جزءا من طاقة الشعاع الكهرومغناطيسي يمتصها الإلكترون المرتبط بذرات المعدن فيتحرر منه ويكتسب طاقة حركة وهذه العملية تعتمد على تردد موجة الضوء.
بقيت النظرية الموجية للضوء سائدة زمن طويل حتى نهاية القرن 19 إلى أن إكتـُشفت الظاهرة الكهروضوئية فعملت على قلب المفاهيم لطبيعة الضوء. تتلخص الظاهرة الكهروضوئية فيمايلي: يسلط إشعاع ضوئي على معدن موضوع في ناقوس مفرغ من الهواء وفي وجود حقل كهربائي مطبق بين قطبين مربوطين بمقياس التيار الكهربائي. في حالة عدم وجود أي إشعاع يشير مؤشر الجهاز إلى الصفر. وعند تسليط الإشعاع يلاحظ تحرك مؤشر الجهاز دلالة على وجود تيار كهربائي، أي أن عددا من الإلكترونات انتـُزعت من المعدن وانتقلت تحت تأثير الحقل الكهربائي إلى القطب الموجب. إلى هنا لا شيء يتناقض مع النظرية الموجية، حيث يمكن الافتراض ان طاقة الموجة (والمتناسبة مع مربع سعة الموجة) انتقلت إلى إلكترونات المعدن. لكن التجربة أثبتت أن طاقة الإلكترونات لا تعتمد على شدة الإشعاع ولكن على تواتره: تستجيب الإلكترونات في الذرة لتردد شعاع الضوء بصفة خاصة، وزيادة شدة الإشعاع يُزيد فقط عددالإلكترونات.
- العلاقة بين طاقة الإلكترونات E وتواتر الإشعاع f خطية:
- حيث V هو جهد التأين للمعدن ويسمى كذلك جهد الخروج، h هو ثابت بلانك وهو العدد المميز لميكانيكا الكم وهو يعطي العلاقة بين تردد الموجة وطاقة الموجة. وجهد التأين خاصية من خواص المادة ويعتمد على التوزيع الإلكتروني لذرة العنصر، ومقداره يختلف من عنصر إلى عنصر.
أول من قدم تفسير هذا المفعول كان ألبرت آينشتين فحسب هذا الأخير فإن الضوء يصدر في شكل كمات منفصلة من الطاقة تسمى فوتونات كل فوتون يحمل معه مقدارا من الطاقة يساوي جداءالتواتر بثابت بلانك.
ملاحظة: عكس ما يعتقد البعض فإن أينشتين حصل على جائزة نوبل على أعماله حول المفعول الكهروضوئي وليس عن النظرية النسبية
المصادر الضوئية
يوجد العديد من المصادر الضوئية. وأكثرها شيوعا هي الحرارية: وهي الجسم الذي يصدر درجة حرارة معينة وتبعث نفس خصائص طيف إشعاع الجسم الأسود. ومن الامثلة البسيطة للمصدر الحراري هي أشعة الشمس المنبعثة من جو الشمس عند تقريبا 6,000 كلفن القمة في المنطقة المرئية من الطيف الكهرومغناطيسي في مخطط وحدة الطول الموجي،[14] وتقريبا 44% من طاقة الشمس التي تصل إلى الأرض مرئية.[15] ومن الأمثلة الأخرى المصابيح المتوهجة، التي تنبعث منها فقط حوالي 10% من طاقتها على شكل ضوء مرئي والباقي يكون أشعة تحت الحمراء. ومن مصادر الضوء الحرارية الشائعة في التاريخ هي الاجسام الصلبة المتوهجة بسبب اللهب، ولكن هذه أيضا تبعث معظم إشعاعتها تحت الحمراء وجزء صغير فقط كطيف مرئي. تكون ذروة طيف الجسم الأسود في اتجاه الأشعة تحت الحمراء العميقة عند الطول الموجي 10 ميكرومتر، وتكون للأجسام الباردة نسبيا مثل البشر. وكلما ازدادت درجة حرارة الجسم، تنزاح الذروة إلى أطوال موجية أقصر، مولدة أولا توهجًا أحمرًا، ثم توهجًا أبيضًا، وأخيرًا توهجًا أزرقًا حين تنزاح الذروة خارجة من الجزء المرئي من الطيف تجاه مجال الأشعة الفوق بنفسجية. يمكن رؤية هذه الألوان عند تسخين المعدن إلى درجات حرارة عالية فنرى اللون الأحمر ثم اللون الأبيض. أما الانبعاثات الحرارية الزرقاء فلا يمكن رؤيتها غالبًا، بإستثناء النجوم واللون الأزرق الذي نراه في لهب الغاز أو مشعل اللحام هو في الواقع نتيجة لانبعاثات جزيئية، وخصوصًا من جذور CH الحرة (تصدر حزمة موجية طولها حوالي 425 نانومتر، ولا ترى في النجوم أو الإشعاع الحراري النقي).
تصدر الذرات الضوء وتمتصه عند طاقات مميزة. مما يولد خيوط الإصدار الذري في طيف كل ذرة. يمكن للإصدار أن يكون تلقائيا، كما في حالة مصباح ثنائي باعث للضوء (LED)، ومصباح التفريغ الغازي (مثل مصابيح النيون، ولافتات النيون، ومصابيح بخار الزئبق، وغيرها)، واللهب (ضوء صادر عن الغاز الساخن نفسه، على سبيل المثال، يـُصدر الصوديوم ضوءا أصفرا عند وضعه في لهب الغاز). ويمكن أيضا أن يكون الإصدار محفزًا، كما هو الحال في الليزر أو في الموجات الدقيقة للمايزر.
تباطؤ الجسيمات المشحونة، مثل الإلكترون، يمكن أن يُولد إشعاعًا مرئيًا: إشعاع سيكلوتروني، وإشعاع سنكتروني، وأشعة انكباح. الجسيمات الأولية المتحركة بسرعة أكبر من سرعة الضوء ضمن وسط ما يمكن أن تولد إشعاع شيرنكوف.
تُولد بعض المواد الكيميائية إشعاعًا مرئيًا بعملية الضيائية الكيميائية. وكذلك في الأجسام الحية، تسمى هذه العملية بالضيائية الحيوية. فمثلا تقوم اليراعة بتوليد الضوء بهذه الطريقة، ويمكن للمراكب المبحرة في الماء أن تميز البلانكتون الذي يولد توهجًا ضعيفًا. تقوم بعض المواد بتوليد الضوء عندما تضاء بإشعاع ذي طاقة تناسب توزيعها الإلكتروني. تعرف هذه الظاهرة بالفلورية. وتستخدم في المصابيح الفلورية. تصدر بعض المواد الضوء بعد فترة قصيرة من تحفيزها بإشعاع طاقي، وتعرف هذه الظاهرة باسم الفسفورية .
يمكن تحفيز المواد الفسفورية بتسليط جسيمات دون الذرية عليها. والتألق المهبطي (بالإنجليزية: Cathodoluminescence) هو أحد الأمثلة على ذلك. هذه الآلية تستخدم في الرائي ذو أنبوب الأشعة المهبطية.
ويوجد آليات أخرى لإنتاج الضوء:
- ضيائية حيوية
- ضيائية صوتية
- ضيائية كهربائية
- ضيائية احتكاكية
- وميض
- إشعاع شيرينكوف
عندما يمتد مفهوم الضوء ليشمل الفوتونات ذات الطاقة العالية جدًا (أشعة غاما)، فإن آليات توليد الضوء تشمل أيضًا:
- النشاط الإشعاعي
- فناء الجسيم – الجسيم المضاد.
ميزت هيئة الإضاءة الدولية بين المنبع الضوئي والمضياء. المنبع الضوئي هو مصدر فيزيائي للضوء، مثل الشمس والمصابيح، بينما يشير مصطلح مضياء إلى توزيع قدرة طيفية خاص. وبالتالي يمكن توصيف المضياء مسبقًا، ولكن قد لا يمكننا تصنيعه عمليًا.[16]
قياس الضوء
يقيس العلماء الطول الموجي للضوء بمقاييس متنوعة من الوحدات المترية والإمبراطورية. وإحدى هذه الوحدات المترية المعروفة هي الميكرومتر الذي يساوي 0.000001 متر (10 −6 م).
والطول الموجي للضوء في الطيف المرئي محصور في المنطقة من حوالي 0.4 ميكرومتر للبنفسجي الغامق إلى حوالي 0.7 ميكرومتر للأحمر القاني. والتردد لأي موجة يساوي النسبة بين سرعة الموجة إلى الطول الموجي، ويقاس بوحدات تسمَّى الهرتز. فالموجة لها تردد يساوي هرتزًا واحدًا إذا كانت قمة واحدة تمر خلال نقطة محددة في كل ثانية. والموجة لها تردد يساوي 100 هرتز إذا كانت 100 قمة تمر خلال نقطة محددة للقياس في كل ثانية. يسير الضوء في الفراغ بسرعة 300 مليون متر لكل ثانية تقريبًا. ولأن الضوء المرئي له طول موجي قصير وسرعة عالية فله تردد عال. فتردد الضوء البنفسجي مثلاً، يساوي 750 مليون مليون هرتز.
سرعة الضوء
بالرغم من أن الضوء يبدوكأنه ينتقل خلال الغرفة في لحظة رفع ستارة النافذة، فإنه في الحقيقة يستغرق بعض الوقت للانتقال لأي مسافة. وسرعة الضوء خلال الفراغ ـ حيث لا تعطّل الذرات انتقاله ـ هي 299,792,458 م/ث (تقريباً 186,282 ميل/ث). وجميع أشكال الأشعة الكهرومغناطيسية تتحرك بنفس السرعة في الفراغ.
كان الفلكيون منذ القدم يعتقدون أن الضوء ينتقل بسرعة لانهائية كما كان يُعتقد أن أي حدث يحدث في أي مكان في الكون يلاحظ في جميع النقاط الأخرى في الكون في الوقت ذاته. ولكن عالم الطبيعة الإيطالي جاليليو صمم في أوائل القرن 17 تجربته لقياس سرعة الضوء ليحسم الأمر. أرسل جاليليو أحد المساعدين إلى هضبة بعيدة مع التعليمات له بفتح غطاء فانوس يحمله عندما يشاهد جاليليو الموجود على هضبة أخرى يفتح غطاء فانوسه، وكان هدف جاليليو أنه بمعرفته للمسافة بين الهضبتين يستطيع حساب سرعة الضوء بواسطة قياسه للزمن بين لحظة فتحه للغطاء ولحظة رؤيته لضوء الفانوس الثاني، وفشلت التجربة على الرغم من أن تفكير جاليليو كان معقولاً. ولأن سرعة الضوء عالية جدًا لذلك لم يستطع حساب الزمن القصير.
أتى الفلكي الدنماركي أوول رومر في حوالي 1675 بشواهد برهنت على أن الضوء ينتقل بسرعة ثابتة (محدودة). حيث رصد خلال عمله في باريس أحد أقمار المشتري الذي يسمى آيو باستخدام المقراب، وقد لاحظ تناقض في فترة ظهور مدار (آيو)، وتمكن من حساب أن الضوء يلزمه 22 دقيقة لاجتياز قطر مدار الأرض.[17] وأشارت ملاحظات رومير إلى أن سرعة الضوء الثابتة هي 226,000 كم/ثانية، ويمثل هذا الرقم 75% من السرعة الفعلية.
أجريت في أوروبا تجربة أخرى أكثر دقة لقياس سرعة الضوء على يد هيبوليت فيزو في عام 1849. حيث وجه فيزو حزمة من الضوء إلى مرآة تبعد عدة كيلومترات. بوضع ترس دوار في مسار اشعة الضوء من المصدر إلى المرآة وبالعكس، وقد وجد فيزو عند معدل دوران محدد بأن الضوء سيعبر خلال إحدى فجوات الترس في طريقه إلى المرآة وسيعبر في الفجوة القادمة على الترس في طريق العودة إلى المصدر. بمعرفة المسافة إلى المرآة، عدد أسنان الترس، ومعدل الدوران، تمكن فيزو من حساب سرعة للضوء تساوي 313,000,000 م/ث.
في عام 1862 أجرى ليون فوكو تجربة باستخدام مرايا دوارة لتحدد سرعة للضوء واتت النتيجة ما يقارب 298,000,000 م/ث.
في عام 1926 كرر الفيزيائي الأمريكي ألبرت ميكلسون طريقة فوكو باستخدام مرايا دوارة مطورة لقياس الزمن اللازم للضوء لاتمام رحلة ذهاب وعودة من ماونت ويلسون إلى ماونت سان انطونيو في كاليفورنيا. أسفرت القياسات الدقيقة عن سرعة للضوء تساوي 299,796,000 م/ث.[18] ونسبة الخطأ المحتمل في هذا الرقم أقل من أربعة كيلومترات لكل ثانية.
السرعة الفعالة للضوء في المواد الشفافة المختلفة العادية تكون أقل مما هي عليه في الفراغ. على سبيل المثال سرعة الضوء في الماء هي حوالي 3/4 من سرعته في الفراغ، وفي الزجاج هي 2/3 من سرعته في الفراغ.
يوجد مثالا غير مسبوق على طبيعة تباطؤ الضوء في المادة، حيث أجرى فريقان مستقلان من علماء الفيزياء على وضع الضوء في حالة «الشلل التام» عن طريق بتمريره بواسطة تكاثف بوز-أينشتاين لعنصر الروبيديوم، أحد الفريقين في جامعة هارفارد ومعهد رولاند للعلوم في كامبريدج، ماساتشوستس، والآخر في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية، أيضا في كامبريدج.[19] وبذلك فإن الوصف العام ليصبح الضوء في حالة «توقف» في هذه التجارب تشير فقط إلى الضوء المخزن في حالة اثارة الذرات ثم إعادة اطلاقة في وقت لاحق، كتحفيز لنبضة ليزر ثانية. خلال وقت «التوقف» لم يعد ليكون ضوء.
سطوع الضوء
استخدم العلماء وحدات مختلفة لقياس سطوع مصدر الضوء وكمية الطاقة في شعاع الضوء الآتي من ذلك المصدر. تُسمى كمية الضوء المنتجة بواسطة أي مصدر ضوئي شدة الاستضاءة لذلك المصدر، والوحدةُ المستخدمة لقياس شدة الاستضاءة تسمى الشمعة. وأُخذَت شدة الاستضاءة المنتجة بواسطة شمعة بحجم معيّن مصنوعة من زيت الحوت، لسنوات عديدة، وحدة قياس ثابتةً وسُميّت هذه الوحدة الشمعة، ومع ذلك لم توفر شمعة زيت الحوت استخدامًا بسيطًا وثابتًا لقياسات الضوء. وتعرف الشمعة الواحدة الآن بأنها كمية الضوء المنطلقة من مصدر يبعث عند تردّد محدّد (540×1012 هرتز)، وعند شدة إشعاعية محددة (1⁄683 واط لكل وحدة مساحة تسمى ستراديان). ولا تشير شدة ضوء المصدر بالشموع إلى مدى سطوع الضوء عندما يصل إلى سطح جسم مثل كتاب أو منضدة. وقبل أن نقيس كثافة التدفق الضوئي أو الدفق الضيائي (الضوء الساقط على السطح)، يجب علينا أن نقيس مسافة انتقال الضوء خلال الفراغ بين المصدر والجسم. ويمكننا قياس شعاع الضوء بوحدة تُسمّى لومن. ولمعرفة كيفية قياس اللومن، تصوّر أن هناك مصدرًا ضوئيًا في وسط تجويف كروي. وفي السطح الداخلي للجسم الكروي مساحة تساوي مربع نصف قطر الجسم الكروي. فإذا كان نصف القطر مترًا واحدًا، على سبيل المثال، وكان مصدر الضوء له شدة إضاءة تساوي شمعة واحدة، فإن المساحة المقطوعة سوف تحصل على فيض ضوئي (سرعة تدفق الضوء) يقدر بلومن واحد.
ويقيس المهندسون في النظام المتري كثافة التدفق الضوئي بوحدات تُسمّى لكس وينتج كثافة تدفق ضوئي مقدارها لكس واحد، لومنًا واحدًا من الضوء على مساحة متر مربع واحد. ويستخدم في النظام الإمبراطوري وحدات تُسمّى قدم ـ شمعة. وينتج كثافة تدفق ضوئي مقدارها قدم ـ شمعة واحدة بلومن واحد من الضوء يسقط على مسافة مقدارها قدم مربع واحد. تتغير شدة الضوء الساقط على مساحة ما عكسيًا مع مربع المسافة التي بين المصدر والسطح. ولهذا إذا زادت المسافة فإن كثافة التدفق الضوئي تقل بمقدار مربع تلك الزيادة، وتُسمّى هذه العلاقة بقانون التربيع العكسي. فإذا كان السطح يحصل على لكس واحد من الضوء على بعد مسافة مقدارها متر واحد من المصدر، ثم أزيح لمسافة مترين مربعين من المصدر، فإنّ هذا السطح سوف يحصل على (½)² أو¼ لكس من الضوء. ويحدث هذا لأن الضوء ينتشر خارجًا من المصدر.
نظريات
لقد كان يٌعـتقد حتى نهاية القرن الثامن عشر بأن الضوء شبيه بالصوت ويحتاج إلى وسط مادي حتى ينتقل ويسمى هذا الوسط بالأثير الذي كان يعرفه العلماء بأنة مادة رقيقة جداً ذات كثافة متناهية في الصغر وذلك لتبرير إن الأثير لا يمكن ملاحظته ولكن تجربة ميكلسون ومورلي أثبت إن الأثير غير موجود.
ففي عام 1905م وضع اينشتاين فرضاً لحل هذه المشكلة والفرض يقول : (إذا كان هناك عدد من الراصدين يتحركون بسرعة منتظمة كل منهم بالنسبة للآخر وأيضاً بالنسبة للمصدر الضوئي وإذا كل من الراصدين يقيس سرعة الضوء الخارج من المصدر فأنهم جميعاً سيحصلون على نفس القيمة لسرعة الضوء).
هي نفس فكرة جاليلو عام 1600م وهذا الفرض هو أساس النظرية النسبية الخاصة والتي استغنت عن فكرة وجود الأثير. وأثبت أن سرعة الضوء ثابتة في جميع المراجع.
نظرية الجسيمات الضوئية
اقترح العالم الذري بيير جاسندي (1592-1655)، نظرية الجسيمات في الضوء ونشرت بعد وفاته في الستينات. وقد درس إسحاق نيوتن وقت مبكر نظرية جاسندي، وفضلها على نظرية ديكارت في الأثير. وفي عام 1675 ذكر في فرضيته للضوء بأن الضوء مكون من كريات (جزيئات مادة) تنبعث من مصدر في كل الاتجاهات. وكانت احدة حجج نيوتن ضد الطبيعة الموجية للضوء، حيث أن الموجات معروفة بانحنائها حول العقبات، والضوء ينتقل في خطوط مستقيمة فقط. بالرغم من انه شرح ظاهرة حيود الضوء (الذي كان قد لاحظها فرانشيسكو ماريا جريمالدي) عن طريق السماح بالجسيمات الضوئية بأن تخلق موجة محلية من الأثير.
تصور نيوتن أن الجسم المضيء تنبعث منه جسيمات دقيقة كروية تامة المرونة وتسير بسرعة منتظمة كبيرة جداً وتختلف من وسط إلى آخر حسب كثافته. وتكون حركة هذه الجسيمات الكروية في خطوط مستقيمة في الوسط المتجانس الواحد وقد استدل نيوتن على أن الأشعة الضوئية عندما تصطدم بسطح عاكس فأن زاوية السقوط تساوي زاوية الانعكاس كاصطدام كرة تامة المرونة بسطح أملس مرتدة بحيث زاوية سقوطها تساوي زاوية انعكاسها.
أما في ظاهرة الانكسار فأنه قد فسره نيوتن عندما تخترق هذه الجسيمات الكروية الضوئية أوساطاً مختلفة الكثافة مثل الماء أو الزجاج فإنها تنكسر داخل كل وسط وتنحرف عن المسار المستقيم لها. فعند انتقال الضوء من وسط اقل كثافة مثل الهواء إلى وسط أكثر كثافة مثل الماء فأن الوسط المائي يحرف هذه الجسيمات الضوئية إلى أسفل، ومعنى ذلك أن المركبة الرأسية لسرعة الضوء المنكسر سوف تقل بحيث تقترب الجسيمات الكروية الضوئية من العمود على السطح الفاصل بين الوسطين.
وبذلك سوف تزداد السرعة المحصلة، أي أن سرعة الضوء في الوسط الكثيف سوف تزداد وتصبح أكبر من سرعة الضوء في الوسط الخفيف (أي أن سرعة الضوء تعتمد على الكثافة الضوئية للوسط). وهذا غير صحيح ويخالف التجارب العلمية حيث أن سرعة الضوء تكون أكبر ما يمكن في الفراغ أي تزداد كلما قلت الكثافة للوسط فأن سرعة الضوء في ذروتها في الفراغ وبالتالي فشلت نظرية نيوتن في تفسير ظاهرة الحيود والتداخل والاستقطاب.
النظرية الكهرومغنطيسية
وجد ماكسويل أن الضوء هو موجة كهرومغناطيسية سرعتها تساوي سرعة الضوء. أي أن الضوء موجات كهرومغناطيسية ذات طاقة، وقد أتضح أن الشحنة الكهربائية تولد مجالاً كهربائياً حولها وهي ساكنة، وتولد مجالاً مغناطيسياً وهي متحركة. كذلك التغير في المجال الكهربائي يولد مجالاً مغناطيسياً، وهذا نص قانون أمبير. وأن التغير في المجال المغناطيسي يولد مجالا كهربائيا وهذا نص قانون فاراداي. هذه الحقيقة هي أصل تكوين الموجات الكهرومغناطيسية حيث أن شحنة كهربائية متذبذبة تولد في الفضاء مجالين كهربائي ومغناطيسي، أي مجالاً (كهرومغناطيسي) متغير وهذا المجال يتحرك في الفراغ بسرعة الضوء نفسها (3exp8 متر /ثانية) أي 300000 كيلومتر /ثانية.
C =1/ ((ε.μ) (1/2)) = 3 exp8
أما شدة الضوء (I) أو شدة الموجة الكهرومغناطيسية فهي (الطاقة في وحدة الزمن لوحدة المساحة وعمودية على اتجاه انتشار الموجة) . I= ε. (Eexp2). c
حيث (E) شدة المجال الكهربائي أو المغناطيسي (B).
يحدد المدى التقريبي للطيف الكهرومغناطيسي من موجات الراديو ذات الطول الموجي الطويل إلى أشعة غاما ذات الطول الموجي القصير جداً والطاقة العالية. والضوء المرئي أي الذي يمكن للعين البشرية رصد موجاته يقع بين مدى من فوق البنفسجي إلى تحت الأحمر.ومن الجدير بالذكر أنة لا توجد حدود تفصل مناطق الطيف من بعضها البعض.
عندما تسقط الموجات الكهرومغناطيسية على سطح ما وبصورة عمودية فأن الجسم يمتص تلك الأشعة وأن قوة تسمى قوة الأشعاع تظهر وتحسب من خلال العلاقة التالية :
F= P/ ©
حيث P هي الطاقة لكل وحدة زمن أي القدرة للموجة الكهرومغناطيسية الممتصة ويمكن الحصول على P من خلال العلاقة التالية:
P= (u) / c
حيث u هي الطاقة الكهرومغناطيسية.
نظرية النسبية العامة
من أهم العلماء الفيزيائيين الذين قاموا بتفسير سلوك الضوء حول العالم بلانك الذي درس الطاقة الأشعاعية المنبعثة من الأجسام الساخنة واستطاع حسابها بالقانون التالي:
E= h. f
حيث (E) هي الطاقة و (h) هو ثابت يسمى ثابت بلانك ويساوي 6.635exp-34 J.s جول.ثانية. و (f) هو التردد الضوء المنبعث.
وأن الضوء ينبعث على شكل كمات صغيرة سماها الفوتون واقترح اينشتاين على أساس فرض بلانك أن الطاقة في الحزم الضوئية تنتشر في الفراغ بشكل حزم مركزة من الطاقة وهي الفوتونات ويكون انبعاثها على شكل كمات أي دفعات واقترح أن الضوء المار خلال الفراغ لا يسلك سلوك الموجة إطلاقاَ بل سلوك جسيم الفوتون وبذلك تعارض اينشتاين في أول الأمر مع مبدأ النظرية الموجية للضوء التي حققت نتائج مخبريه عظيمة ولكن بعد مرور فترة زمنية أيد اينشتاين فكرة النظرية الموجية وعارض نفسه أي عارض مبدأ سلوك الجسيمات.
وفي عام 1924م وضع العالم الفرنسي دي بروجلي مبدأ هام جداً وهو المبدأ السائد حتى الآن والذي نال على أثرة شهادة الدكتوراه في الفيزياء وينص على: (أن للضوء صفة مزدوجة فهو يسلك سلوك الموجة تحت ظروف معينة - (وهذا يفسر الانعكاس والانكسار والاستقطاب والحيود والتداخل وهذا ما يتفق مع نظرية ماكسويل)- وأن الضوء يسلك سلوك الجسيم (الفوتون) تحت ظروف أخرى -(وهذا يفسر تفاعل الضوء مع المواد والظاهرة الكهروضوئية وظاهرة كومبتون وغيرها وهذا ما يتفق مع نظريات اينشتاين ونيوتن).
وهذا يعني أن للمادة صفة مزدوجة فإذا كان لدينا جسم كتلته (m) يتحرك بكمية حركة (p) فأن طول الموجة المصاحبة له تعطى من خلال القانون التالي :
- λ = (h) / P
ومن وجه نظري فإن هذا القانون مهم جداً وهو محور النظرية الكمية لاحظ في القانون أن
P. λ= h
حيث أن (p) تمثل الاعتبارات الجسيمية (P = m. v حيث v سرعة الجسيم) و (λ) طول الموجة وحاصل ضربهم هو ثابت بلانك (h). ويعني بشكل أدق أنه يمكن القول بأن حزمة أي حزمة ضوئية لها تردد وطول موجي ويمكن اعتبارها موجة ويمكن القول أن الحزمة الضوئية مشكلة من الفوتونات أي لها طاقة حركة وكمية حركة.
النظرية الموجية الكمية
لدراسة انتقال الطاقة كحركة موجية يتطلب عادة وسط حيث تتذبذب جزيئات الوسط. فالجسيم المتذبذب يؤثر بقوة على جاره فتجعله يتذبذب أيضاً وبهذه الطريقة فأن الحركة من جسيم إلى آخر وبالتالي يتم انتقال الطاقة الموجية في المادة، وهي حالة مشابهة لما يحدث في الماء عندما تنقل الطاقة إلى الضفة دون أن تنتقل جسيمات الماء نفسه أو انتقال الصوت في الهواء. وفكرة الأثير ابتكرت كي يكون هذا الوسط هو الوسط الناقل للضوء بالطريقة السابقة. ولكن الضوء حسب النظرية الكهرومغناطيسية لا يحتاج إلى وسط فهو يأتي من الشمس أي في الفراغ الذي لا وسط فيه وبسرعة الضوء المطلقة وبعد ذلك تبين من النظرية الكهرومغناطيسية أن الموجة الكهرومغناطيسيةعبارة عن تغير مجالين متوافقين بنفس التردد، أحدهما كهربائي (E) ووالآخر مغناطيسي (B).
وقد عُرّفت جبهة الموجة على أساس ذلك بأنها المحل الهندسي لجميع النقاط ذات الطور الواحد.
اقرأ أيضاً
المراجع
- هيئة الإضاءة الدولية (1987). International Lighting Vocabulary. Number 17.4. CIE, 4th edition. ISBN 978-3-900734-07-7.
By the International Lighting Vocabulary, the definition of light is: “Any radiation capable of causing a visual sensation directly.” نسخة محفوظة 4 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين. - Pal, G. K.؛ Pal, Pravati (2001)، "chapter 52"، Textbook of Practical Physiology (ط. 1st)، Chennai: Orient Blackswan، ص. 387، ISBN 978-81-250-2021-9، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 11 أكتوبر 2013،
The human eye has the ability to respond to all the wavelengths of light from 400-700 nm. This is called the visible part of the spectrum.
- Buser, Pierre A.؛ Imbert, Michel (1992)، Vision، MIT Press، ص. 50، ISBN 978-0-262-02336-8، مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2017، اطلع عليه بتاريخ 11 أكتوبر 2013،
Light is a special class of radiant energy embracing wavelengths between 400 and 700 nm (or mμ), or 4000 to 7000 Å.
- Laufer, Gabriel (13 يوليو 1996)، Introduction to Optics and Lasers in Engineering، Cambridge University Press، ص. 11، ISBN 978-0-521-45233-5، مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 2017، اطلع عليه بتاريخ 20 أكتوبر 2013.
- Bradt, Hale (2004)، Astronomy Methods: A Physical Approach to Astronomical Observations، Cambridge University Press، ص. 26، ISBN 978-0-521-53551-9، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 20 أكتوبر 2013.
- Ohannesian, Lena؛ Streeter, Anthony (09 نوفمبر 2001)، Handbook of Pharmaceutical Analysis، CRC Press، ص. 187، ISBN 978-0-8247-4194-5، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 20 أكتوبر 2013.
- Ahluwalia, V. K.؛ Goyal, Madhuri (01 يناير 2000)، A Textbook of Organic Chemistry، Narosa، ص. 110، ISBN 978-81-7319-159-6، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 20 أكتوبر 2013.
- Sliney, David H.؛ Wangemann, Robert T.؛ Franks, James K.؛ Wolbarsht, Myron L. (1976)، "Visual sensitivity of the eye to infrared laser radiation"، Journal of the Optical Society of America، 66 (4): 339–341، doi:10.1364/JOSA.66.000339، مؤرشف من الأصل في 08 أكتوبر 2014،
The foveal sensitivity to several near-infrared laser wavelengths was measured. It was found that the eye could respond to radiation at wavelengths at least as far as 1064 nm. A continuous 1064 nm laser source appeared red, but a 1060 nm pulsed laser source appeared green, which suggests the presence of second harmonic generation in the retina.
- Lynch, David K.؛ Livingston, William Charles (2001)، Color and Light in Nature (ط. 2nd)، Cambridge, UK: Cambridge University Press، ص. 231، ISBN 978-0-521-77504-5، مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2014، اطلع عليه بتاريخ 12 أكتوبر 2013،
Limits of the eye's overall range of sensitivity extends from about 310 to 1050 nanometers
- Dash, Madhab Chandra؛ Dash, Satya Prakash (2009)، Fundamentals Of Ecology 3E، Tata McGraw-Hill Education، ص. 213، ISBN 978-1-259-08109-5، مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 18 أكتوبر 2013،
Normally the human eye responds to light rays from 390 to 760 nm. This can be extended to a range of 310 to 1,050 nm under artificial conditions.
- Saidman, Jean (15 مايو 1933)، "Sur la visibilité de l'ultraviolet jusqu'à la longueur d'onde 3130" [The visibility of the ultraviolet to the wave length of 3130]، Comptes rendus de l'Académie des sciences (باللغة الفرنسية)، 196: 1537–9، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2017.
- Gregory Hallock Smith (2006)، Camera lenses: from box camera to digital، SPIE Press، ص. 4، ISBN 978-0-8194-6093-6، مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
- Narinder Kumar (2008)، Comprehensive Physics XII، Laxmi Publications، ص. 1416، ISBN 978-81-7008-592-8، مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
- https://thulescientific.com/LYNCH%20&%20Soffer%20OPN%201999.pdf & Soffer OPN 1999.pdf نسخة محفوظة 2020-05-11 على موقع واي باك مشين.
- "Reference Solar Spectral Irradiance: Air Mass 1.5"، مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 نوفمبر 2009.
- McDonald, Roderick (1997)، Colour Physics for Industry (ط. Second Edition)، Society of Dyers and Colourists، ص. 99، ISBN 0 901956 70 8
{{استشهاد}}
:|edition=
has extra text (مساعدة) - "Scientific Method, Statistical Method and the Speed of Light"، Statistical Science، 15 (3): 254–278، 2000، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019.
- Michelson,, A. A. (يناير 1927)، "Measurements of the velocity of light between Mount Wilson and Mount San Antonio"، Astrophysical Journal، 65: 1، Bibcode:1927ApJ....65....1M، doi:10.1086/143021، مؤرشف من الأصل في 29 أكتوبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 مارس 2014.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: صيانة CS1: extra punctuation (link) - Harvard News Office (24 يناير 2001)، "Harvard Gazette: Researchers now able to stop, restart light"، News.harvard.edu، مؤرشف من الأصل في 29 يوليو 2016، اطلع عليه بتاريخ 08 نوفمبر 2011.
- بوابة فنون
- بوابة ألوان
- بوابة الفيزياء
- بوابة بصريات
- بوابة علوم