إرادة الحياة (قصيدة)
إرادة الحياة، قصيدة من بحر المتقارب نظمها أبو القاسم الشابي في 26 جمادى الأولى 1352 هـ الموافق 16 سبتمبر 1933، وتُعدّ من أشهر القصائد في الشعر العربي الحديث. تستخدم الأبيات الأولى من القصيدة في النشيد الوطني التونسي.كما قامت لطيفة بغناء بعض أبيات القصيد بألحان جمال سلامة وقام بإنشاد (بعض) أبياتها كذلك المنشدان يحيى حوى وصالح اليامي.غير موثق
نص القصيدة
مقطع صوتي | ||
---|---|---|
قصيدة إرادة الحياة مسجلة صوتياً. |
||
معلومات الملف · مساعدة |
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ | فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ | |
ولا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي | وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر | |
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ | تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر | |
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ | مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر | |
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ | وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر |
وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ | وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر | |
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ | رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر | |
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ | وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر | |
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ | يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر | |
فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ | وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر | |
وَأَطْرَقْتُ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ | وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر |
وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ : | " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟" | |
"أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ | وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر | |
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ | وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر | |
هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ | وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر | |
فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ | وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر | |
وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم | لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر | |
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ | مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!" |
وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ | مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر | |
سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ | وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر | |
سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ | لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟ | |
فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ | وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر | |
وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ | مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر | |
يَجِيءُ الشِّتَاءُ، شِتَاءُ الضَّبَابِ | شِتَاءُ الثُّلُوجِ، شِتَاءُ الْمَطَـر | |
فَيَنْطَفِئ السِّحْرُ، سِحْرُ الغُصُونِ | وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر | |
وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ | وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر | |
وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا | وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر | |
وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ | وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر | |
وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ | تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر | |
وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ | ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر | |
وَذِكْرَى فُصُول ٍ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ | وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر | |
مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ | وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر | |
لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ | وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر | |
وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ | وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر |
وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ | حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر | |
فصدّعت الأرض من فوقـها | وأبصرت الكون عذب الصور | |
وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه | وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر | |
وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه | تعيد الشباب الذي قد غبـر | |
وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ | وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر | |
وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي | شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر | |
ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ | يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر | |
إليك الفضاء، إليك الضيـاء | إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر | |
إليك الجمال الذي لا يبيـد | إليك الوجود الرحيب النضر | |
فميدي كما شئتِ فوق الحقول | بِحلو الثمار وغـض الزهـر | |
وناجي النسيم وناجي الغيـوم | وناجي النجوم وناجي القمـر | |
وناجـي الحيـاة وأشواقـها | وفتنـة هذا الوجـود الأغـر | |
وشف الدجى عن جمال عميقٍ | يشب الخيـال ويذكي الفكر | |
ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ | يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر | |
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء | وَضَاعَ البَخُورُ، بَخُورُ الزَّهَر | |
وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ | بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر | |
وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ | في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر | |
وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ | لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر | |
إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ | فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ |
*شرح قصيده (إرادة الحياة)
- للشاعر أبو القاسم الشابي
1_ إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
المعنى: إذا أراد الشعب أن يعيش حرا كريما. فلا بد أن تجري الأمور وفق إرادته.ويحقق مراده
2_ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
صور الاستعمار وقد رحل ليلا ينجلي (يزول) وصور الظلم وقد زال
3_ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخر في جوها واندثر
صور شوق الحياة إنسان يعانق. وصور زوال الإنسان وهلاكه تبخر الذي يخرج من السائل ولا يترك أثرا في نهاية تبخره.
4_كذلك قالت لي الكائنات
وحدثني روحها المستتر
صور الكائنات الكونية إنسانا يخاطب الشاعر كما صور المعاني المستترة فيها إنسانا يحدثه ويتعلم منه.
5_ودمدمت الريح بين الفجاج
وفوق الجبال وتحت الشجر
صور الرياح إنسانا غاضبا.صوته مدو في الطرقات والمنخفضات وفوق الجبال وتحت الشجر.
6_إذا ما طمحت إلى غاية
ركبت المنى ونسيت الحذر
صور المنى لباسا يرتدى. وصور الحذر لباسا يخلع.ويلقى بعيدا.
7_ومن يتهيب صعود الجبال
يعش ابد الدهر بين الحفر
صور حال الإنسان الذي لا يحب الحياة الكريمة فيعيش حياته متعثرا بين الحفر ولا يقوى على النهوض.
8_فعجت بقلبي دماء الشباب
وضجت بصدري رياحٌ آخر
صور قلبه الطموح وقد امتلأ بدماء الشباب حيوية ونشاطا. كما صور الآمال التي يتمناها رياحا تضج بصدره. والمقصود حبه للبذل والعطاء.
9_وأطرقت أصغي لقصف الرعود
وعزف الرياح ووقع المطر
صور صوت الرياح صوت عود يعزف. وصور صوت الرعود صوت تكسر الشجر.وصوت المطر صوت إيقاع رقص.أو غناء أو نشيد.
10_وقالت لي الأرض لما سألت
أيا أم هل تكرهين البشر؟
صور الأرض أما يسائلها
11_أبارك في الناس أهل الطموح
ومن يستلذ ركوب الخطر.
صور الأرض أما تجيبه. وصور الخطر دابة تركب.
12_هو الكون حيٌ يحب الحياة
ويحتقر الميت مهما كبر.
صور الكون إنسانا حيا. كما صور الإنسان الكسول الخامل ميتا مندثراً.
13_فلا الأفق يحضن ميت الطيور
ولا النحل يلثم ميت الزهر.
صور الأفق إنسانا يرفض أن يحضن ميت الطيور. كما صور النحل إنسانا لا يلثم ميت الزهر.
14_سالت الدجى: هل تعيد الحياة
لما أذبلته ربيع العمر؟
صور الكائنات الحية وقد ضعفت شجره ذبلت *وصور عمر الكائنات نباتا مونعا.
15_فلم تتكلم شفاه الظلام
ولم تترنم عذارى السحر.
صور الظلام إنسانا لا يتكلم.كما صور الحسان في الليل صامته لا تترنم.
16_وقال لي الغاب في رقة
محببة مثل خفق الوتر
صور الغاب إنسانا صوته رقيق عذب وصور الصوت لحنا جميلا ينبعث من وتر آلة موسيقية.
17_يجيء الشتاء.شتاء الضباب
شتاء الثلوج.شتاء المطر.
صور الشتاء وقد انتشر الضباب وسقط الثلج فغطى الأرض.ونزل المطر.
18_وتبقى البذور.التي حملت
ذخيرة عمر جميل غبر
19_معانقة وهي تحت الضباب
وتحت الثلوج وتحت المدر
20_لطيف الحياة الذي لا يمل
وقلب الربيع الشذي الخضر
صور البذور إنسانا يحمل سر وجوده. وصور البذور وهي تحت الضباب.والثلوج والمدر.أناسا يعانقون طيف الحياة والربيع الأخضر.
21_ظمئت إلى النور فوق الغصون !
ظمئت إلى الظل تحت الشجر.
صور البذور إنسانا ظمآناً. كما صور النور ماء يبعث الحياة فيها. وصورها إنسانا ظمآناً.كما صور الظل تحت الشجر ماء يرويها.
22_وما هو إلا كخفق الجناح
حتى نما شوقها وانتصر.
صور حركة قدوم النور مثل حركة خفق جناح الطائر. صور البذور إنسانا يتشوق إلى النور.
23_فصدعت الأرض من فوقها
وأبصرت الكون عذب الصور
صور البذور إنسانا شق التراب والصخر من فوقه وخرج. وصورها وقد أطلت إنسانا يبصر صور الكون العذبة.
24_وأعلن في الكون: أن الطموح
لهيب الحياة.وروح الظفر!
صور صوتا قد اسمع الكون.وصور الطموح لهيبا يبعث الحياة في كل كائن وصور الظفر إنسان روحه الطموح.
25_إذا طمحت للحياة النفوس
فلا بد أن يستجيب القدر!
صور النفوس ذات الإرادة وهي تطمح للحياة الحرة. وصور القدر إنسانا يستجيب لطموح النفوس ويحقق لها غاياتها.
معارضة القصيدة
وقد عارض جماعة القصيدة بحجة انها تنافي عقيدة القضاء والقدر التي هي ركن من اركان الايمان حسب موقع إسلام ويب[1] السلفي الذي يديره فريق من طلبة العلم الشرعي المتميزين والمتمرسين في هذا المجال حسبما صرح[2] وقد عارض القصيدة عالم من علماء الشيعة هو السيد عبد الرسول الحسيني الكفائي[3] من علماء مدينة الكاظمية إحدى أهم المدن العلمية عند الشيعة فعارضها مشطراً:
(إذا الشـعب يومـاً أراد الحيــاة) بحكــم الإلــه وفيمـا أمــر
وجــاهد صدقـاً لنيــل رضــاه (فلابـدّ أن يسـتجيب القـدر)[4]
وشطرها ثانية فقال:
(إذا الشـعب يومـاً أراد الحيــاة) بنـهج الرسـول والإثني عشر
وطبـق حكـم الكتـاب العزيــز (فلابـدّ أن يسـتجيب القــدر)[5]
مقالات ذات صلة
مراجع
- "قول الشاعر إذا الشعب يوماً اراد الحياة في الميزان"، مؤرشف من الأصل في 14 مارس 2019.
- "التعريف بمركز الفتوى"، مؤرشف من الأصل في 3 مارس 2020.
- "السيرة الذاتية لـ السيد عبد الرسول السيد عزيز الكفائي"، مؤرشف من الأصل في 13 مارس 2020.
- عبد الرسول الكفائي، مختارات شعرية في التخميس والتشطير، ص. 151.
- السيد عبد الرسول الكفائي، مختارات شعرية في التخميس والتشطير، ص. 152.
وصلات خارجية
(فيديو) إرادة الحياة بصوت لطيفة على يوتيوب
(فيديو) إرادة الحياة بصوت هدى على يوتيوب
(فيديو) إرادة الحياة بصوت صالح اليامي على يوتيوب
(فيديو) إرادة الحياة بصوت يحيى حوا على يوتيوب
- بوابة أدب عربي
- بوابة أدب
- بوابة شعر