معركة نيقوبوليس
معركة نيقوپوليس أو معركة نيكوبلي [(بالتركية العثمانية: نيكوبلى مُحاربەسى) و(بالتركية: Niğbolu Muharebesi أو Niğbolu Haçlı Seferi)] أو حملة نيقوپوليس الصليبية، وقعت على الضفة اليُمنى الجنوبية لنهر الدانوب يوم 25 سبتمبر 1396م / 22 ذو الحجة 798 هـ، وفي بعض المصادر يوم 28 سبتمبر، وأسفرت عن انتصار ساحق حاسم للجيش العثماني بقيادة السلطان "يلدريم" بايزيد الأول (لقبه "يلدرم" ومعناه بالتركية: "الصاعقة"، لسرعة انقضاضه في الحرب كالصاعقة)، [1][2][3] وهزيمة جيش التحالف المجري الكرواتي البلغاري الأفلاقي الفرنسي البُرغُوني الألماني وقوات متنوعة ومساعدة أسطول بحري من البندقية على يد جيوش الدولة العثمانية، [4][5] ونهاية الإمبراطورية البلغارية الثانية.[6][7][8] وغالبًا ما يُشار إليها باسم واقعة الحملة الصليبية عند مدينة نيقوپوليس في بلغاريا، بقيادة سيغيسموند ملك المجر.[9][10]
بعد انتصار العثمانيين الساحق على الصليبيين في معركة قوصوه عام 1389م لم تعد هناك قوة صليبية أخرى قادرة على الوقوف أمام العثمانيين الذين انساحت جيوشهم يفتحون معظم بلاد البلقان حتى تقلّصَت الإمبراطورية البيزنطية إلى المنطقة المحيطة بعاصمتها القسطنطينية فضرب السلطان العثماني بايزيد الأول عليها حصاراً دائماً بدءاً من عام 1394م، [4][11] ولذلك تحركت حملة صليبية جرارة لردع العثمانيين عام 1396م، [12] إلا أن السلطان خرج لهم بجيشه وقطع عليهم طريق تقدمهم وفاجأهم في نيقوپوليس، فأبادهم بعد معركة حامية الوطيس وأحرز العثمانيون مرة أخرى نصراً حاسماً على الصليبيين في نفس العام.[13]
تكونت الحملة الصليبية في ظروف مواتية، إذ كانت حرب المائة عام في ذلك الوقت هادئة منذ عام 1389م في هدنة طويلة نادرة بين فرنسا وإنجلترا وكان الفرسان المحاربون بحاجة إلى منافذ أخرى لإشباع تعطشهم للمجد، فكان تكوين حملة صليبية للخروج في وجه العثمانيين عنواناً براقاً لأعمال الفروسية والمجد والشرف، وكانت فرنسا في ذلك الوقت مَلَكِيَّة إقطاعية تقليدية وكان السادةُ الإقطاعيون الكبار أقوياء للغاية ومستقلين إلى حد كبير في مناطق نفوذهم. كان فيليپ الثاني دوق بُرغُونية أقوى هؤلاء الأقطاب جميعاً وكان عمّاً للملك، وكان على الرغم من تقدمه في السن يعتز بحلم راوده مدى حياته بأن يخرج بحملة صليبية يكون هو الراعي المالي الرئيسي لها، لدرجة أنه عيّن ابنه يوحنا الجسور قُمَّس نيڤير في منصب القائد الأعلى للحملة الصليبية رغم أنه لم يشهد أي قتال من قبل! [11][14]
ادَّعى الإقطاعيون أن هدفهم الأسمى والأوحد هو صدّ المدّ العثماني المتتابع ولكن كان هدفهم الحقيقي هو المجد الشخصي ومكانة منازلهم وآفاق الثروة التي يحلمون بجمعها من وراء تلك الحملة.[15] كانت الأهداف الأخرى للصليبيين هي إخراج العثمانيين من البلقان، والسير إلى القسطنطينية لمساعدة المدافعين عنها، وخطَّطَ الفرسان أيضاً لعبور مضيق الدردنيل والسير نحو فلسطين لتحرير القبر المقدس في كنيسة القيامة في بيت المقدس من المُسلمين،[16] بحيث يعودون في نهاية الحملة منتصرين إلى أوروپا عن طريق البحر.[17]
ولكن في واقع الأمر، كانت الحملة الصليبية ممزقة منذ بدايتها بسبب الخلافات الشديدة بين قادة الصليبيين على الأسبقية والمكانة. وحين وصل زحف الفرسان الصليبيين إلى مدينة نيقوپوليس أواخر الصيف بعد معارك عديدة خاضوها ضد المدن الصغيرة الواقعة طوال الطريق الذي سلكوه، لم يكن معهم تجهيزات أو أدوات حصار ومجانيق للاستيلاء على قلعتها بالقوة، فاضطروا لوقف التقدم وضربوا حصاراً على قلعة نيقوپوليس حتى يتمكنوا منها فلا تصبح شوكة في ظهورهم حالما اجتازوها بدون تحييدها. ولكن بعد مرور أسابيع من الحصار تفاجأ الصليبيون بأن السلطان بايزيد الأول قد ظهر على رأس جيش كبير على مشارف نيقوپوليس على بعد عدّة ساعات فقط منهم بدون أن يتجهزوا لمناجزته، فأصيب معسكر الصليبيين بالذعر، وعلى الرغم من نقاشات قادتهم في مجلس الحرب، إلا أن أفعالهم كانت متهورة وغير مُنسَّقة فيما بينهم.
أصرّ الفرسان الفرنسيون على قيادة الهجوم منفردين، غير مدركين تمامًا لحجم جيش السلطان القادم إليهم. وكانت هجمة الفرسان الفرنسيين ناجحة في البداية، لكن السلطان بايزيد رد عليهم بقواته الاحتياطية.[18] فقد اندفع الفرسان الفرنسيون مسرعين باتجاه العثمانيين، وانفصلوا عن قوات الدعم من المشاة المجريين البطيئة حتى بَعُدت المسافة بين الفرسان والمشاة بسبب غرور فرسان الفرنسيين لتأمين مجد النصر حصراً لأنفسهم بعيداً عن المجريين. وعندها، شن السلطان بايزيد هجومًا مضادًا على الفرسان واستطاع تدمير الفرنسيين وسحقهم تماماً. وصل المشاة المجريون لاحقاً أرض القتال متأخرين بفاصل زمني وحاولوا يائسين دعم الفرنسيين المندحرين، ولكن في غفلة منهم لم يلحظوا تحرك سلاح الفرسان الخفيف العثماني للالتفاف سريعاً حول جموع الصليبيين. وبعد إحكام الالتفاف، انحصر الصليبيون وسط العثمانيين الذين أعمَلوا فيهم القتل وأبادوهم. كان سيغيسموند ملك المجر من بين القلائل الذين نجحوا في الفرار من المعركة إلى الأسطول الرابض في النهر.[19]
بعد انتهاء المعركة، جَنَّبَ العثمانيون من الأسرى الصليبيين الشباب الذين حُكم عليهم بأنهم تحت سن العشرين، وأرسلوهم ليعيشوا في كَنَفِ أُسَرٍ عثمانية.[20]
يُشار إلى تلك المعركة بأنها آخر الحملات الصليبية واسعة النطاق في العصور الوسطى، هي وحملة ڤارنا الصليبية (1443م-1444م) التي تلتها، والتي انتهت أيضًا بانتصار العثمانيين ومهَّدت لفتح القسطنطينية بعدها بأحد عشر سنة (1453م).[15]
سُمِّيَت معركة نيقوپوليس على اسم حصن وقلعة نيقوپوليس الواقعة على ضفاف نهر الدانوب في الأراضي البلغارية حالياً.[21] جميع الروايات المكتوبة عن المعركة غير مؤكدة تمامًا؛ وينقسم تقييم المؤرخين حول أحداث هذه المعركة بشدة، وفي كثير من الأحيان يتحيزون وفقًا لأصولهم وانتماءاتهم، بل إن يوم وقوع المعركة نفسه غير مؤكد، فالعديد من المؤلفين ومعظمهم من الأنجلوساكسونيين يعتبرونها وقعت يوم 25 سبتمبر؛ وفي الأدب التاريخي المجري يرجع تاريخها في الغالب إلى 28 سبتمبر، كما أن بعض المصادر الأخرى تذكر أيضاً أن تاريخ وقوع المعركة كان يوم 28 سبتمبر 1396م.[22]
خلفية الصراع
وقعت في القرن الرابع عشر الميلادي العديد من الحملات الصليبية الصغيرة التي قام بها ملوك أو فرسان منفردون، فكانت هناك الحملة الصليبية الفاشلة على المهدية في تونس عام 1390م، [14][23][24] وكانت هناك حروب صليبية مستمرة في شمال أوروپا على طول ساحل البلطيق ضد الشعوب الوثنية، ولكن كان من الواضح أنه لابد من إيقاف الزحف العثماني المتواصل من أجل سلامة أوروپا المسيحية. [14]
انتصر العثمانيون في معركة قوصوه عام 1389م، ثم توالت عقبها الفتوحات العثمانية سريعة تجتاح معظم بلاد البلقان حتى فصلوا مدينة القسطنطينية عن توابعها النائية، وقلّصُوا أملاك الإمبراطورية البيزنطية إلى المنطقة المحيطة مباشرة بعاصمتها، وضرب السلطان العثماني بايزيد الأول عليها الحصار من عام 1394م وحتى 1402م.[21][4] في عام 1394م (وفي مصدر آخر 1393م)، فتح العثمانيون نيقوپوليس العاصمة المؤقتة للقيصر البلغاري "يُوحنَّا شيشمان"، [22][26] وانضمت بذلك بلغاريا إلى الدولة العثمانية، وأسر العثمانيون قيصرها يُوحنَّا شيشمان وأعدموه في 3 يونيو/حزيران 1395م لتعاونه مع العدو، [25] بينما ظلّ شقيقه "يُوحنَّا ستراتسيمير" البلغاري متماسكا أمام الهجوم العثماني في قلعة ڤيدين التي سرعان ما تحولت إلى دولة تابعة للدولة العثمانية تدفع خراجاً سنويًا لها. وبانضمام تلك الدولة الواقعة بين مملكة المجر والدولة العثمانية إلى العثمانيين، أصبحت هاتين الدولتين جارتين وصار بينهما حدود مشتركة مباشرة لأول مرة.[27]
وبعد تصفية المملكة البلغارية الضعيفة، أصبحت الدولة العثمانية تتحمّل المسئولية المباشرة عن حماية الحوض الأسفل الجنوبي لنهر الدانوب، حيث تواجدت مملكة المجر على الضفة الشمالية من النهر، [25] وبذلك تمدد خط المواجهة الفاصل بين الإسلام والمسيحية شيئاً فشيئاً لصالح الإسلام نحو المجر،[4] وأصبحت الأخيرة هي خط الحدود الفاصل بين الديانتين في أوروپا الشرقية، وكان المجريون في خطر التعرض للهجوم وهو ما أزعج ملك المجر إذ صار متاخما للدولة العثمانية وخشي أن يحل ببلاده ما حلّ ببلغاريا فأرسل إنذاراً إلى السلطان بايزيد الأول بالجلاء عن بلغاريا، [28] مُدركاً أنه لا طاقة له وحده على مجابهة العثمانيين فاستنجد بأوروپا.[29]
كان الملك المجري سيغيسموند منذ توليه العرش عام 1387م يسعى إلى الحصول على دعم العالم الغربي المسيحي في القتال ضد العثمانيين الذين كانوا يتقدمون بشكل مطرد شمالًا لمدة نصف قرن، وقد وصلوا بالفعل إلى الحدود المجرية. [11]
تلقى سيغيسموند مساندة وتأييد أميري الأفلاق (والاشيا) والأردل (ترانسيلفانيا) على الرغم من كراهيتهما للمجر، إذ أن تخوفهما من الزحف العثماني حملهما على تأييد الحملة الصليبية المزمعة. [14]
خشيت جمهورية البندقية من أن السيطرة العثمانية على شبه جزيرة البلقان،[30] والتي تضمنت أراضٍ للبنادقة مثل بعض أنحاء المورة ودالماسيا، ستقلل من نفوذها على بحار الأدرياتيكي والأيوني وإيجة. [4]
ومن ناحية أخرى، خشيت جمهورية جنوة من سيطرة العثمانيين على نهر الدانوب والمضائق كونها ستُفضي إلى احتكار العثمانيين لطرق التجارة بين أوروپا والبحر الأسود، حيث كان للجنويين الكثير من المستعمرات مثل كفة وسينوب وأماصرة، كما امتلكت جنوة قلعة غلطة الواقعة شمال القرن الذهبي في القسطنطينية، والتي حاصرها السلطان بايزيد الأول عام 1395م. [4] كذلك شارك نبلاء البويار البلغار مخاوف الجمهوريات البحرية الإيطالية، واعتبروا حشد حملات صليبية جديدة فرصة لعكس مسار الفتح العثماني واستعادة البلقان من الحكم الإسلامي. [22]
وفي أغسطس، فوّض الملك سيغيسموند أربعة فرسان وأسقفًا بإعلان لمحكمة باريس بالنيابة عنه، [14] يظهروا فيه وصفا لكيفية غزو أربعين ألف جندي من العثمانيين للأراضي المسيحية وسلبها، وطلب بذلك نجدة المجر. استجاب مجلس النبلاء الفرنسيين بشكل كبير إلى الإعلان وأعلن "مشير فرنسا" وعدد من الدول الأوروپية أن المشاركة في الحملة واجب على كل "رجل ذي شجاعة". [17]
أسباب الحملة الصليبية
تجمعت عدة أسباب لدي الصليبيين، حثّتهم على التجمّع رغم اختلافهم وانشغالاتهم، والتوحّد لوقف المدّ العثماني، ومن هذه الأسباب: [31][29][25]
- عبور العثمانيين نهر الدانوب ودخولهم الأراضي البلغارية والمجرية.
- استحواذ العثمانيين على أملاك الإمبراطورية البيزنطية.
- تهديد القسطنطينية بشكل خطير وفرض الحصار الدائم عليها والتحكم في الدخول والخروج إليها طيلة صيف 1395م.
- قيام السلطان بايزيد بتشييد قلعة أناضولي حصار المقابلة للقسطنطينية على الضفة الأخرى (الآسيوية) من جانب مضيق البوسفورمما يعني التواجد العسكري الدائم في تلك المنطقة والسيطرة على الممر المائي كجزء من استعداداته للحصار العثماني الثاني للقسطنطينية عام 1395م.
- محاولة العثمانيين السيطرة على بحر إيجة وإخراج اللاتين الكاثوليك منها. [31]
أهداف الحملة الصليبية
وعلى الرغم من افتقار الصليبيين إلى الخطط التفصيلية، إلا أن التصور العام لأهداف للحملة كان:
- طرد العثمانيين من البلقان. [4]
- ثم الذهاب لمساعدة القسطنطينية المُحاصَرة.
- ثم عبور مضيق الدردنيل والسير عبر الأناضول وسوريا. [14]
- ثم تحرير فلسطين والقبر المقدس (كنيسة القيامة) من المماليك المسلمين. [1][4][28][16][31]
- وأخيرا العودة بالنصر إلى أوروپا عن طريق البحر.
تكوين الحلف الصليبي
في عام 1394م، كانت البابوية لا تزال منقسمة إلى فصيلين متناحرين، أحدهما يقع في أبينيون بفرنسا والآخر في روما.
وعلى الرغم من أن الانشقاق الغربي كان قد قسّم البابوية إلى قسمين وتواجَد بابوات متنافسون في المدينتين سالفتيّ الذكر، وأن الأيام التي كان للبابا فيها سلطة استدعاء حملة صليبية قد ولّت منذ زمن بعيد، إلا أن البابا بونيفاس التاسع أعلن شن حملة صليبية جديدة ضد العثمانيين، [4][11][2][31] ولكن بسبب الانشقاق الكنسي الذي ألحق ضرراً كبيراً بسلطة البابوية، لم تلق تلك الدعوة البابوية استجابة واسعة مثل الحملات السابقة واسعة النطاق.[21]
وعلى أي حال، فإن حقيقة سقوط بلغاريا في واقع الأمر، [22][11] وقبول الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني للشروط القاسية من السلطان العثماني بايزيد كانا بمثابة جرس إنذار قوى لكل الأوروبيين وبخاصة ملك المجر سيغيسموند والبابا بونيفاس التاسع. [26][31]
أدرك البابا بونيفاس التاسع أنه إذا تعرضت المجر لهزيمة كبرى من العثمانيين، فلسوف يكون الطريق إلى قلب أوروپا مفتوحا لدخول المدّ الإسلامي إليها، [28] فاتفق الرجلان على تكوين حلف صليبي جديد لمواجهة الصواعق العثمانية المُرسلة، [22] واجتهد الملك سيغيسموند في تضخيم حجم هذا الحلف وتدويله، [29] بإشراك أكبر قدر ممكن من الجنسيات المختلفة، وبالفعل جاء الحلف ضخماً يضم مائة وثلاثين ألف مقاتل (بحسب تقدير المؤرخ "شُكرُ الله" العثماني من القرن الخامس عشر الميلادي) من مختلف الجنسيات تحت إمرة سيغيسموند ملك المجر.[33][2]
كان العاملان الحاسمان في تشكيل الحملة الصليبية هما:
- حرب المائة عام الجارية بين إنجلترا في عهد ريتشارد الثاني وفرنسا في عهد شارل السادس.
- دعم فيليپ الثاني دوق بُرغُونية في رغبته بخروج حملة صليبية تحت رعايته، على الرغم من تقدمه في السن.[34]
هدنة حرب المائة عام
شكّلت الحرب القائمة بين الملك الإنجليزي ريتشارد الثاني والملك الفرنسي شارل السادس حدثاً مهم لعب دوراً في الإعداد للحملة.
ففي عام 1389م، هدأت الحرب بين إنجلترا وفرنسا في إحدى هدناتها المتكررة واستمرت تلك الهدنة لسنوات عديدة، حتى أنه في مارس 1395م، اقترح ريتشارد الثاني الزواج من إيزابيلا ابنة شارل السادس من أجل إحلال السلام بينهما، والتقى المَلِكان في أكتوبر 1396م على حدود كاليه للموافقة على الاتحاد بينهما وإطالة هدنة لولينغيم (بالإنجليزية: Truce of Leulinghem).[35]
تمويل دوق بُرغُونية للحملة
كان دعم بُرغُونية أمرًا حيويًا أيضًا وسط أقوى النبلاء الفرنسيين. ففي عام 1391م، أراد فيليپ الثاني دوق بُرغُونية أن يقرر ما بين إرسال حملة صليبية إما إلى بروسيا أو إلى المجر، فأرسل مبعوثه "غي دي لا تريموايّ" (بالفرنسية: Gui de La Trémoïlle) إلى البندقية والمجر لتقييم الوضع. كان تصور فيليپ الثاني البُرغُوني في البداية أن يقود حملة صليبية هو ولويس الأول دوق أُرليانش ويُوحنَّا غنط دوق لانكستر، على أن أيا منهم لم ينضم إلى الحملة الصليبية في نهاية المطاف. [26]
لم يكن من المرجح أن يُعتبر "الدفاع ضد العثمانيين" هدفًا مهمًا بشكل خاص للحملة الصليبية، بل كان اهتمام فيليپ الثاني البُرغُوني برعاية الحملة الصليبية هو زيادة سطوته ومجده الشخصي ومجد عائلته، وترى المؤرخة باربرا توكمان أنه "بما أنه كان أميراً يسعى لتضخيم ذاته، كانت النتيجة أن إبراز ثراءه هو السمة السائدة؛ أما الخطط، والدعم والإسناد، والاستخبارات عن العدو فقد جاء كل هذا في المرتبة الثانية".[36]
في عام 1394م، استخرج فيليپ الثاني البُرغُوني 120,000 جنيه من الضرائب من منطقة الفلمنك،[14] وفي مصدر آخر 700,000 فرنك ذهب، [14] وهو التمويل الكافي لبدء الاستعدادات لحملة صليبية،[4][31] فأرسل في يناير 1395م إلى الملك المجري سيغيسموند يخبره بأن التقدم بطلب رسمي لشارل السادس ملك فرنسا أمر مقبول بالنسبة له.[36] وعليه، وصل وفد سيغيسموند ملك المجر المكوّن من أربعة فرسان وأسقف إلى بلاط بريش في أغسطس، لشرح كيفية قيام 40,000 جندي عثماني بنهب الأراضي المسيحية وتعريضها للخطر، ثم طلب المساعدة نيابة عن سيغيسموند ملك المجر.
دعم ملك فرنسا العسكري
كان شارل السادس في أريحية من أمره بعدما حقق السلام مع إنجلترا من خلال زواج ابنته بملك إنجلترا، وبعدما أمِن جانبَهم من خلال تمديد الهدنة مع الإنجليز، فأجاب وفد ملك المجر بأن حماية المسيحية والاقتصاص من السلطان بايزيد الأول هي مسؤوليته.
وبناء على ذلك الرد الواضح من الملك الفرنسي، استجاب تباعاً النبلاء الفرنسيون بحماس للإعلان وتوالى انضمامهم للحملة؛ وأعلن شرطي فرنسا: فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" (Count of Eu)، ومشير فرنسا يُوحنَّا مينجر المعروف أيضاً باسم "بوسيكو" (Boucicaut)، أن المشاركة في الحملة الصليبية واجبة على كل "رجل شجاع".[37]
القوّات المتحاربة
هناك اختلاف كبير حول تقييم عدد المقاتلين من كلا الطرفين وهو أمر مُتنازع عليه بشدة في الروايات التاريخية. تُشير المؤرخة باربرا توكمان إلى أن "المؤرخين اعتادوا موائمة الأرقام مع شدة هول الحدث"، واعتبرت أن معركة نيقوپوليس مهمة جدًا لدرجة أن عدد المقاتلين الذين ذكرهم مؤرخو العصور الوسطى يصل إلى 400,000، مع إصرار كل جانب على أن عدوهم يفوقهم عددًا بالضِّعف، مما قدَّم للصليبيين بعض العزاء لهزيمتهم النكراء، وزاد العثمانيين في مجد انتصارهم الحاسم. رفضت المؤرخة باربرا توكمان الرقم المُقدّر في كثير من الأحيان وهو 100,000 صليبي، [38] وأشارت إلى أن 100,000 رجل كانوا سيستغرقون شهرًا لعبور نهر الدانوب عند أخدود منطقة "البوابات الحديدية" (بالإنجليزية: iron gates)، [10] بينما استغرق الصليبيون ثمانية أيام لإتمام العبور بحسب المصادر.[39]
شهد الشاب الألماني يوحنا شيلتبرجر المعركة وهو في السادسة عشر من عُمره، وكان يومها تابعٌ شخصيٌّ لأحد النبلاء الباڤاريين، فسجّل عنه أقرب رواية وصلتنا عن قائد صليبي من الصف القيادي الأول في الحملة، وكان شيلتبرجر قد أسَرَه العثمانيون ولم يقتلوه لأنهم أبقوا على حياة كل من لم يبلغ 20 عاماً من أسرى المعركة،[40] فعاش شيلتبرجر مع أسرة عثمانية مثل كل شباب الأسرى الصليبيين مدة 30 عامًا قبل أن يعود إلى الوطن، [41] ثم كتب سردًا للمعركة قدَّر فيها قوة الصليبيين في المعركة النهائية بسبعة عشر ألف رجل،[39] ولكنه بالغ أيضًا في تقدير القوات العثمانية تقديراً متضخماً بشكل كبير باعتبارهم 200,000 جندي.[42][10]
حاول بعض المؤرخين الألمان في القرن التاسع عشر تقدير حجم المقاتلين من كل جانب، واستنتجوا في تقديرهم أن عدد الصليبيين كان ما بين 7,500 إلى 15,000 جندي، مقابل ما بين 12,000 إلى 20,000 جندي عثماني، مع الإشارة إلى أنه من وجهة النظر اللوجستية، كان من المستحيل على الريف المُحيط بنيقوپوليس أن يوفر الغذاء والأعلاف لعشرات الآلاف من الرجال والخيول،[39] إذ كانت جيوش العصور الوسطى تحصل على الإمدادات الغذائية من المنطقة المحيطة بها أثناء سيرها، بدلاً من استخدام خطوط الإمداد كما في الجيوش الحديثة.
وقدّر مؤرخون ألمان آخرون بالقرن التاسع عشر المقاتلين ما بين 7,500 و9,000 من الجيوش المسيحية مقابل ما بين 12,000 و20,000 من العثمانيين المسلمين.
كذلك جاء في أحد المصادر أنه من المرجح أن الجيش الفرنسي البُرغُوني كان لديه ما بين 700 إلى 1000 رجل فقط بدلاً من العشرة آلاف المقدرة سابقًا.
ويتضح من الأمثلة السابقة أن تقديرات المؤرخين قد تباينت بشكل كبير خلال أربعة قرون، وهو ما يوضحه جدول التقديرات أدناه.
المصدر | سنة التقدير | الانتماء | عدد الصليبيين | عدد العثمانيين | المجموع | المرجع |
---|---|---|---|---|---|---|
يوحنا شيلتبرجر Johann Schiltberger | 1427م | أوروپي | 16,000 | 200,000 | 216,000 | |
المؤرخ "شُكرُ الله" (Şükrullah) في مصدره "بهجة التواريخ" | القرن الخامس عشر | عثماني | 130,000 | 60,000 | 190,000 | [43] |
مؤرخون ألمان من القرن التاسع عشر | القرن التاسع عشر | أوروپي | 7,500-9,000 | 12,000-20,000 | 19,500-29,000 | |
ديفيد نيكول David Nicholle | 1999م | أوروپي | 16,000 | 15,000 | 31,000 |
الصليبيون
قيل أن حوالي 5,000 فارس وإقطاعي من فرنسا قد انضموا للحملة، [11] وكان برفقتهم 6,000 من أفضل فرق المتطوعين والمرتزقة من الرماة والجنود المشاة؛[4][29][28] وقد بلغ مجموعهم حوالي 11,000 رجل.[44] تلاهم في الأهمية فرسان رودس المعروفون باسم فرسان الإسپتارية، حاملي لواء المسيحية في بلاد الشام بعد انحدار الإمبراطورية البيزنطية ومملكة قبرص. وقدَّمَت البندقية أسطولًا بحريًا للدعم،[4][30] بينما شجع المبعوثون المجريون الأمراء الألمان في راينلاند وباڤاريا وساكسونيا وأجزاء أخرى من الإمبراطورية على الانضمام.[45] وأعلن المُنادون الفرنسيون عن الحملة الصليبية في بولونيا وبوهيميا ونبرة وقشتالة، فجاء من كل تلك المناطق أفراداً انضموا للحملة.[46] وانخرطت الدويلات الإيطالية كعادتها في تنافساتها المحمومة على المشاركة. [14]
ومن الواضح أن الأرقام المبالغ فيها تتكرر بين المصادر، وذلك يشمل تقديرات تقع ما بين 6,000 و12,000 جندي مجري،[47][48] 11,000 قوات فرنسية وإنكليزية وبُرغُونيَّة،[48] 12,000 من الأفلاقيين بقيادة ميرتشا العجوز أمير الأفلاق وهو مسيحي أرثوذكسي،[49] 6,000 ألماني[49] وما يقرب من 15,000[49] هولندي، وبوهيمي، وإسباني، وإيطالي، وبولوني، وبلغاري، واسكتلندي وقوات سويسرية على الأرض، [26][1] بدعم أسطول بحري من البندقية وجنوة وفرسان الإسبتارية.[4] ينتج عن هذه الأرقام ما يتراوح مجموعه بين 47,000 و49,000 جندي؛ وهو ما يصل إلى 120,000 [22][26] أو 130,000، [4][1][50][28] وذلك وفقًا لمصادر عديدة أخرى مثل تقدير المؤرخ العثماني شكر الله الذي قدّر في كتابه "بهجة التواريخ" (بالتركية: Behçetu't-Tevârih) في ستينيات القرن الرابع عشر تعداد الجيش الصليبي بحوالي 130,000 رجل.[51][52][53][31]
ذكر المؤرخ التركي يلماز أوزتونا أن الجيش المجري وحده تكون من 60,000 جندي، يليهم في التعداد 10,000 فرنسي بقيادة يوحنا الجسور قُمَّس نيڤير.[16] وذكر المؤرخان التركيان أحمد آق كوندوز وسعيد أوزتورك أن ملك المجر نجح في جمع 70,000 جندي صليبي من عدة دول معادية للعثمانيين. [31][53] ثم بعد اجتيازه نهر الدانوب، [29] توالى الالتحاق بهذا الجيش حتى أصبح تعداده 130,000 جندي صليبي. [53]
الإنكليز
ذُكرت على نطاق واسع مسألة مشاركة القوات الإنكليزية في تلك الحملة، ولكنها لم تحدث في الواقع بحسب التقصّي والقرائن، فقد جاء ذِكر مشاركة 3,000 فارس إنكليزي من أنطونيو فيورنتينو المعاصر، وهو ما اعتبره المؤرخ عزيز سوريال عطية ومن تبعوه على أنه حقيقة بدون ذكر أي دليل أو مرجع تاريخي. من الناحية الفعلية بحسب ذلك الزمان، فإن تواجد ألف فارس في الجيش يلزمه "ما بين أربعة إلى ستة آلاف رجل وعلى الأقل ضعفهم من الخيول"، وذلك بإحصاء الجنود المشاة المصاحبين للفرسان وغيرهم من التابعين القائمين على خدمة الخيول وخدمة الفرسان وتدريعهم.
وبالتحقيق العملي، لا توجد سجلات للإِجرَاءَات المالية في إنجلترا تثبت إرسال قوة عسكرية إلى الخارج في تلك الفترة، ولا يوجد أي ترتيب مَلَكِيّ لتنظيم وإرسال مثل هذه القوة. التقارير الخاصة بهنري الرابع ملك إنجلترا أو "ابن دوق لانكستر" الذي يقود فرقة إنكليزية في الحملة، تقارير زائفة، لأن الملك هنري وكل ابن من هذا القبيل بالإضافة إلى كل نبيل مهم من النبلاء، وُجدت أسمائهم جميعاً مدونة في سجلات الحضور التاريخية الخاصة بحفل زفاف الملك الذي وقع بعد خمسة أشهر من خروج وتحرك الحملة الصليبية، مما يثبت أنه لم يخرج في هذه الحملة.[54]
اعتقد المؤرخ عزيز سوريال عطية أيضًا أن استحضار القديس جرجس كصرخة حرب في نيقوپوليس يدل على تواجد الجنود الإنكليز الذين كان جرجس قديسًا لهم؛ لكن الكاتب الفرنسي جين فروسارت الذي ذكر هذه الصيحة، ادّعى بأنها كانت صرخة حرب صاح بها الفارس الفرنسي فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو"، أي أنها لم تكن صيحة حرب لأحد الجنود الإنكليز. علاوة على ذلك، لم يكن هناك أي جمع من أموال الفدية في إنجلترا لدفع فداء الأسرى كما حدث مع كل الدول الأخرى التي أرسلت جنودها إلى المعركة.
قد يُنسب بصورة انفرادية في بعض الروايات المعاصرة أن وجود "اللغة الإنكليزية" بين بعض أفراد الحملة كان بسبب بعض فرسان الإسبتارية الذين يتحدثون بها كلغة أمّ وانضموا إلى رفاقهم في الحملة الصليبية بعد مغادرة جزيرة رودس، التي كانت مقر فرسان الإسبتارية في ذلك الوقت، والإبحار في نهر الدانوب.[55] تشمل الأسباب المحتملة لغياب اللغة الإنكليزية، التوتر المتزايد بين الملك هنري الرابع ودوق غلوستر (بالإنجليزية: Duke of Gloucester)، والذي ربما أقنع الاثنين معاً أنه كان من الأفضل لهما إبقاء مؤيديهما قريبين لكل منهما، وأيضاً البُغض والكراهية التي سببتها الحرب الطويلة بين الإنكليز والفرنسيين، مما أدى إلى رفض الإنكليز وضع أنفسهم تحت حملة صليبية بقيادة فرنسا، بغض النظر عن السلام الذي توصلوا إليه مؤخرًا قبل الحملة الصليبية.[46]
العثمانيون
تُقدر القوات العثمانية بما بين 15,000 و20,000 رجل؛[47] لكن الأرقام المتضخمة شائعة هنا أيضًا. تُقدِّم العديد من المصادر تقديرات لحجم الجيش العثماني تصل إلى 60,000 جندي بما في ذلك المؤرخ العثماني شكر الله الذي كتب هذا في مُؤلَّفه "بهجة التواريخ" (بالتركية: Behçetu't-Tevârih) في ستينيات القرن الرابع عشر؛[51] أي نصف الجيش الصليبي تقريبًا.[52] كما ضمت القوة العثمانية 1,500 فارس وقيل 5,000 من سلاح الفرسان الثقيل الصربي[56] تحت قيادة الأمير أسطفان لازاريڤيتش الذي كان صهراً للسلطان بايزيد الأول وتابِعَهُ منذ معركة كوسوڤو عام 1389م.[57]
قُدر جيش السلطان بايزيد بستين ألف رجل في كتب التاريخ، وفي الواقع يمكن أن يكون هناك حوالي نصفهم فقط. كان سلاح الفرسان التابع للجيش العثماني يتكون من فرسان السپاهية المدرعون العثمانيون، وخمسة آلاف من سلاح الفرسان الثقيل للأمير الصربي أسطفان لازاريڤيتش، وكانت القوة الضاربة الرئيسية للمشاة العثمانيين هي جنود الإنكشارية الذين كانوا للحماية التكتيكية. [45]
وذكرت بعض المصادر أن جيش العثمانيين بلغ عددهم نحو 90,000 جندي أو 100,000. [1][14]
ذكر المؤرخ التركي يلماز أوزتونا أن السلطان بايزيد الأول قد وصل إلى تارنوڤو ومعه 70,000 جندي، وكان قد أرسل 20,000 جندياً آخرين إلى ممر شِبقا لم يشتركوا في المعركة. [4][31]
معظم الوحدات الأخرى كانت عثمانية غير نظامية، ومنها:
- مشاة العَزَب: وهم وحدات المشاة الخفيفة، مشاة عساكر الإيالات في الدولة العثمانية، وكانوا نوعا من الميليشيات الفلاحيّة، تتكون في الأصل من الشباب غير المتزوج الذين يخدمون كجنود مشاة غير نظاميين في الجيش العثماني. وكانوا متطوعين لا يحصلون على رواتب إلا أثناء الحملات ولهم حرية مغادرة الجيش متى أرادوا. كان الدور الرئيسي للعَزَب هو القتال كمشاة رماة على الرغم من أنهم كانوا في كثير من الأحيان فرساناً أيضاً، وكان لدى العَزَب كمتطوعين مجموعة واسعة من الأسلحة.
- فرسان الآقنجية: وهم وحدات سلاح الفرسان الخفيفة في التنظيم العسكري للدولة العثمانية بالمناطق الحدودية، وكان تدريبهم عالٍ ومنضبطين جداً ولا يعسكرون مع الجيش النظامي، وكان الصليبيون ينظرون إليهم بازدراء، رغم أنهم تلقوا تدريباً كافياً لمحاربة الجيش الأوروپّي المعاصر. ونظراً لخفّتهم وسرعتهم ومهارتهم، أُرسل سلاح الفرسان الخفيفة الآقنجية إلى الأمام في أثناء المعركة كطُعم، بحيث يكون ورائهم في الصف الثاني قوات الإنكشارية ينتظرون للاشتباك.
الاستعدادات العسكرية
التحالف الصليبي
ذكر المؤرخ التركي يلماز أوزتونا أن الجيش الصليبي كان مكونا من جنود جيدين ولكنهم لم يشاهدوا معركة بهذا الحجم من قبل، وأنهم قد اعتادوا على مقاتلة 5,000 أو 10,000 شخصاً وجهاً لوجه على أكثر تقدير، وأن كل منهم كان يجهل لغة الآخر ويجهلون تكتيك الحرب العثماني.
البُرغُونيون
كان الدور الرائد في التحضير للحملة من نصيب دوقية بُرغُونية، إحدى أقوى الدوقيات الأوروپية، إذ شكلت القوات الفرنسية البُرغُونيَّة الجزء الأكبر من القوات المشتركة للصليبيين. تألَّف جيش دوقية بُرغُونية من مفارز من الفرسان المدججين بالسلاح والقادرين على القتال من فوق ظهور الخيل، والمشاة الراجلين. وكان جزء كبير منها مفارز للرماة والقوس والنشَّاب. طوَّر البُرغُونيون أيضًا مدفعية بحسب إمكانات ذلك العصر، وكان الجيش البُرغُوني مصحوبًا بالعديد من عربات النقل مع العديد من الخدم.
كانت الروح المعنوية للوحدة الفرنسية البُرغُونية عالية جدًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أن الفرسان اعتبروا مشاركتهم في مثل هذه الحملة الصليبية شرفًا كبيرًا. كان عداء الفرنسيين تجاه المسيحيين الروم "المنشقين" وتجاه والمسلمين معروفًا جيدًا، وقد لعب هذا أيضًا دورًا في الروح المعنوية للحملة.
المجريون
خضع الجيش المجري لتغييرات كبيرة في القرن الرابع عشر، وكان يتألف بشكل أساسي في تلك الحملة من مفارز مدججة بالسلاح من الإقطاعيين المجريين، مُنظمين وفقًا لنموذج أوروپا الغربية. وكان الجيش مصحوبًا بالعديد من سلاح الفرسان الخفيف، جزء كبير منهم من الفرسان الرماة، بالإضافة إلى مليشيات من مختلف القبائل والعشائر في إمارة الأردل (ترانسيلڤانيا) ومقاطعات الجنوب السلاڤية.
الأفلاق
كان الصليبيون حلفاء للأفلاق الذين مثلت قواتهم قوة كبيرة في الحملة، وكانت قوات الأفلاق تتكون من جنود من القبائل الرعوية البدوية في الجبال والسفوح، وكانوا يُعتبرون في ذلك الوقت أفضل المحاربين في شبه جزيرة البلقان، وهم بالأساس خيالة رماة.
الألمان
تألفت الوحدة الألمانية أيضا في الغالب من الفرسان المدججين بالسلاح، الذين كانت منظمتهم العسكرية نسخة من تلك الخاصة بالفرنسيين.
الإسبتارية
كان أكثر المؤيدين المتعصبين للحملة القادمة هم فرسان الإسبتارية، الذين شكلوا قوة كبيرة في قوات التحالف.
البنادقة
كانت للقوات الصليبية أيضًا ميزة شبه كاملة في البحر بفضل مساعدة أساطيل حلفائها: جمهوريتا البندقية وجنوة الإيطاليتين.[30]
العثمانيون
على العكس من جيوش الدول الأوروپية الصليبية، كان الجنود العثمانيون منضبطون وملتزمون ويمتازون بروح الطاعة لأوامر رؤسائهم، مما أثار الاحترام لهم حتى من بين أسوأ أعدائهم.
كانت رواتب بعض الجنود العثمانيين تأتي من ممتلكاتهم الممنوحة لهم من الدولة العثمانية بحسب نظام التيمار الذي منحهم أرضاً مقابل وظائف تجاه الدولة، كما كان البعض الآخر يتلقى راتباً دائماً من الدولة العثمانية.[58]
كانت القوات العثمانية القادمة من الأناضول في شرق الدولة العثمانية تتبع بكلربك الأناضول، بينما كانت قوات غرب الدولة العثمانية من البلقان تتبع بكلربك الروملي، أما المحاربين من المقاطعات فكانوا تحت قيادة بكوات السناجق (رؤساء المقاطعات العثمانية).
كانت أفواج النخبة في الحرس العثماني ممثلة بقوات من الأناضول ومفارز أُرسلت من البلقان.
كانت القوة الضاربة الرئيسية للجيش العثماني هي سلاح الفرسان، وكان جزء كبير منهم يتألف من مفارز من الرماة الخيالة الخفيفة الذين جُنِّدوا من مختلف القبائل الناطقة بالتركية، معظمهم من فرسان الآقنجية الخفيفة من المنطقة الحدودية، ومعهم عدد كبير من ممثلي الإقطاعية المسيحية العسكرية. جُنِّد أيضًا بدوٌ رعاة من قبائل جبال البلقان البلغارية من فرسان الآقنجية الخفيفة، وكان أولئك المحاربون على دراية جيدة بالتضاريس في منطقة المعركة، مما شكَّلَ عاملاً هاماً في نجاح خطة المعركة.
تكوَّنّ قلب الجيش العثماني من فِرَق إقطاعية من فرسان السپاهية المدرعة الثقيلة تحت القيادة المباشرة للسلطان بايزيد الأول، وكانت تلك الوحدات مدربة ومسلحة جيدًا وأكثر فرق سلاح الفرسان العثماني استعدادًا للقتال.
تألف المشاة العثمانيون من رماة العزب المدججين بالسلاح والمُجنّدين من الفلاحين، بالإضافة إلى أفواج النخبة المشهورة من الإنكشاريين.
كانت البنادق مُستخدمة بحسب بعض الآراء وهو من غير المحتمل، ولكن حتى ولو كانت البنادق موجودة فإنه كان بإمكان عدد قليل جدًا من الجنود الحصول عليها؛ أما الغالبية العظمى فكانوا لا يزالون يرمون بالقوس. كان العثمانيون على استعداد جيد، وكانوا يعرفون ضعف الفرسان الصليبيين.
الصرب
قاتل الجيش الصربي إلى جانب العثمانيين، تحت قيادة أسطفان لازاريڤيتش أمير الصرب، المسيحي، [45] وكان الجيش الصربي عبارة عن اتحاد لممثلي النخبة العسكرية شبه الإقطاعية الذين خدموا في سلاح الفرسان الثقيل، بالإضافة إلى العديد من المرتزقة الذين كان معظمهم من إيطاليا التي اشترت منها الطبقة الأرستقراطية الصربية دروعًا وأسلحة ثقيلة. كانت تكتيكات الفرسان الصرب في ساحة المعركة مشابهة ومماثلة للتكتيكات العسكرية البيزنطية-البلغارية. [12]
كان بإمكان أسطفان لازاريڤيتش بصفته تابعًا للسلطان أن يختار الحياد السلبي في هذه المعركة مثلما فعل البلغار الذين وقعت تلك المعركة في بلادهم، ولكنه كان يكره المجريين فاختار الشكل الفعّال للولاء لسيده السلطان المسلم العثماني وشارك بقواته في المعركة معه.[12]
قادة الجيوش
قادة الجيوش العثمانية
- السلطان العثماني بايزيد الأول، قائد الجيوش العثمانية.
- أسطفان لازاريڤيتش، أمير الصرب، وكان تابعًا للدولة العثمانية بعد معركة قوصوه عام 1389م وصهراً للسلطان بايزيد الذي تزوج أخته ميليڤا أوليڤيرا لازاريڤيتش.[59][29]
قادة الجيوش الصليبية
- سيغيسموند ملك المجر.
- يوحنا الجسور (بالفرنسية: Jean sans Peur)، قُمَّس نيڤير والقائد الأعلى للحملة الصليبية وهو ابن فيليپ الثاني، دوق بُرغُونية وكونت الفلمنك. وقع أسيراً في أيدي العثمانيين بعد قيادته المتهورة التي تسببت بالكارثة التي حلَّت بالحملة الصليبية. [10]
- "غي دي لا تريموايّ" (بالفرنسية: Gui de La Trémoïlle) المُلَقَّب "بالشجاع" (بالفرنسية: Le vaillant)، الوريث الأكبر لعرش بُرغُونية، والمستشار المفضل لفيليپ الثاني، دوق بُرغُونية.
- لويس "الفرايزي" من الفلمنك، سيد پرايت ووُستين (بالفرنسية: Seigneur de Praet et de la Woestine).
- جاك الثاني بوربون، قُمَّس مقاطعة "لا مارش" (بالفرنسية: Comte de la Marche) وقُمَّس "كاستْر" (بالفرنسية: Comte de Castres).
- يُوحنَّا الڤيانّي (بالفرنسية: Jean de Vienne)، أمير البحار الفرنسي، وأكبر فارس فرنسي في تلك الحملة الصليبية.
- يُوحنَّا مينجر (بالفرنسية: Jean II Le Meingre) المعروف أيضاً باسم "بوسيكو" (Boucicaut)، والذي أصبح مشير فرنسا العام التالي بعد المعركة.
- جيفري الكاريمالي (بالفرنسية: Geoffroy de Kerimel)، مشير بروتاني.
- فيليپ الأرتوائي، قُمَّس "أُو" (بالفرنسية: Comte d'Eu)، وشرطي فرنسا.
- غِليوم الثالث صاحب غونان (بالفرنسية: Guillaume III de Guenand)، من سادة "آل بورد" (بالفرنسية: des Bordes)، حامل بيرق فرنسا.
- أونجورون الثالث لورد "كوسي" (بالفرنسية: Enguerrand VII de Coucy).
- رونو دي رُويَه (بالفرنسية: Regnaut de Roye)، ياور الملك لشئون الغرفة (بالفرنسية: Chambellan du Roi).
- فيليبار دو نائيّاك (بالفرنسية: Philibert de Naillac) رئيس دير "أقطانية" (بالفرنسية: Prieur d'Aquitaine)، من فرسان الإسبتارية.
- نقولا الثاني جارائي (بالمجرية: Garai Miklós)، كبير البلاط الملكي المجري.
- ميرتشا العجوز (بالرومانية: Mircea cel Bătrân) أمير الأفلاق.
- هنري حاكم دوقية بار (بالفرنسية: Henri de Bar) زوج ابنة أونجورون الثالث لورد "كوسي".
- أسطفان الثاني لاكوڤيتش (بالكرواتية: Stjepan II. Lacković Čakovečki) بان الكروات.
- ڤوك برانكوڤيتش (بالصربية: Вук Бранковић)، سيّد إقطاعي صربي.
- هامبرت الساڤوائي (بالفرنسية: Humbert de Savoie)، ولقبه "دَعِيّ ساڤوا" أي الابن غير الشرعي (بالفرنسية: Bâtard de Savoie)، وهو الأخ غير الشقيق لأماديو الثامن، دوق ساڤوا.
- يُوحنَّا ستراتسيمير البلغاري (بالبلغارية: Иван Срацимир)، إمبراطور قيصرية ڤيدين.
مسير جيش الصليبيين
بينما خطط فيليپ دوق بُرغُونية بدايةً لقيادة الحملة الصليبية مع جون غونت دوق لانكاستر ولويس الأول دوق أورليان، إذ انسحب الثلاثة مُدَّعين أن مفاوضات السلام مع إنجلترا تتطلب وجودهم في بلادهم. ولكن الواقع أن أحدًا منهم لم يجرؤ على مغادرة جوار عرشه إذا بقي منافسيهم الرئيسيين في بلادهم.
ومع ذلك، احتفظ فيليپ دوق بورغونيا بالسيطرة على المؤسسة التي كان يمولها، وذلك من خلال تسمية ابنه الأكبر يوحنا الجسور كونت نيڤير (بالإنجليزية: John, Count of Nevers)، للقيادة الشكلية للحملة. [45]
ربما أدرك فيليپ دوق بورغونيا أن ابنه البالغ من العمر 24 عامًا، وكذلك "شرطي فرنسا" فيليپ الأرتوائي قمّس "أو" وأيضاً مشير فرنسا يُوحنَّا مينجر (ويُدعى: بوسيكو) اللذان كان عمريهما أقل من 35 عامًا، يفتقروا جميعاً إلى الخبرة اللازمة، ولهذا السبب استدعى أونجورون الثالث لورد "كوسي" (بالإنجليزية: Enguerrand VII, Lord of Coucy) المحارِب ورجل الدولة الأكثر خبرة في المملكة، وأقنعه بعد إلحاح بأن يكون "المستشار الرئيسي" لابنه يوحنا الجسور كونت نيڤير خلال الحملة الصليبية. وثبت لاحقاً إشكالية هيكل القيادة الصليبية بأنها كانت عنصراً حاسماً في النتيجة النهائية للحملة والكارثة التي حلّت على الصليبيين فيها، [22] إذ لم يكن محاربو القرون الوسطى يعرفون مفهوم "وحدة القيادة العسكرية" بعد.
أُعطي يوحنا الجسور كونت نيڤير قائمة طويلة من "المستشارين"، بالإضافة إلى قائمة أخرى من اللوردات الفرنسيين البارزين في الحملة الذين يمكن أن يتشاور معهم "عندما يستحسن ذلك".[60]
أُصدرت "قواعد الانضباط النظامية" للحملة الصليبية في مجلس الحرب يوم 28 مارس 1396م، وتضمن النصّ النهائي للقواعد أن "العنصر الذي يراه الكونت ورفاقه أنه طليعي في الجيش" هو "الفروسية"، وبالتالي استمرت مطالبة الفرسان إثبات شجاعتهم من خلال قيادتهم الهجوم.[61]
الذهاب إلى بودا
انطلقت الحملة الصليبية من مدينة ديجون الفرنسية في 30 أبريل 1396م متجهة من طريق ستراسبورغ عبر باڤاريا إلى نهر الدانوب الأعلى، [10] حيث استقلوا السفن النهرية، ووصلوا مدينة بودا المجرية للانضمام إلى سيغيسموند ملك المجر. [2][26][32][14]
وُضعت الترتيبات بحيث يقوم أسطول من سفن البندقية بإعاقة العثمانيين في بحر مرمرة،[30] وبأن يُبحر البنادقة عبر نهر الدانوب لمقابلة الصليبيين في الأفلاق في شهر يوليو.[61]
لم يكن لورد "كوسي" أونجورون الثالث "المستشار الرئيسي" ليوحنا الجسور كونت نيڤير مع الجمع الصليبي وقت تحركهم للسفر، لأنه كان قد أنتُدب في مهمة دبلوماسية منفصلة إلى جيان جالياتسو ڤيسكونتي دوق ميلانو الذي كان غاضبًا من المناورات السياسية الفرنسية التي أزاحت جنوة من تحت نفوذه.
كان جيان جالياتسو يحاول إيقاف عملية نقل سيادة جنوة إلى فرنسا، فلذلك أُرسل إليه لورد "كوسي" لتحذيره من أن فرنسا ستعتبر المزيد من التدخل في هذا الشأن عملاً عدائيًا. وفي الحقيقة كان الخلاف أكبر من كونه خلافاً سياسيًا، إذ أنه في نفس شهر رحيل الحملة الصليبية، نُفيت ڤالنتينا ڤيسكونتي ابنة جيان جالياتسو المحبوبة لديه وزوجة دوق أورليان من باريس، بسبب مكائد الملكة إيزابو الباڤارية.
هدد جيان جالياتسو ڤيسكونتي دوق ميلانو بإرسال فرسان للدفاع عن شرف ابنته، ولكن في أعقاب الكارثة التي حلت بالصليبيين في معركة نيقوپوليس، ساد الاعتقاد بأن جيان جالياتسو قد نقل معلومات استخباراتية إلى بايزيد الأول عن تحركات القوات الصليبية. وفي الواقع، لا يوجد دليل حاسم على تلك الفرضية، ومن المرجح أن جيان جالياتسو أصبح كبش فداء بسبب العداء الكائن بينه وبين فرنسا. وعلى الرغم من عدم وجود دليل على خيانته، إلا أنه لا يزال هناك احتمال بأن يكون دوق ميلانو، وهو الذي قد قتل عمه لضمان سلطته، قد خان الصليبيين فعلياً.
أتمّ لورد "كوسي" أونجورون الثالث مهمته الدبلوماسية كاملة برفقة هنري حاكم دوقية بار وأتباعهما، ثم غادر ميلانو إلى البندقية، حيث طلب سفينة في 17 مايو لنقله عبر البحر الأدرياتيكي، فنزل في ميناء سينج الكرواتي في 30 مايو قبل اتخاذه طريقه برَّاً إلى مكان التجمُّع في بودا.[28][62] تحركت القوات الكرواتية في يونيو بقيادة بان كرواتيا "نقولا الثاني جارائي" من بلدة نين الساحلية باتجاه بودا بعد جلسة للبرلمان الكرواتي، وانضمت إلى الجيش الملكي المجري بقيادة سيغيسموند ملك المجر وكرواتيا. [63]
وصل لورد "كوسي" أونجورون الثالث قبل يوحنا الجسور كونت نيڤير الذي توقف في نهر الدانوب الأعلى لحضور حفلات الاستقبال والاحتفالات التي أقامها الأمراء الألمان. لم يصل يوحنا الجسور كونت نيڤير إلى ڤيينا حتى 24 يونيو، أي بعد شهر كامل من وصول مقدمة جيش الصليبين بقيادة شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قمّس "أو" ويُوحنَّا مينجر (بوسيكو) مشير فرنسا.
أُرسل أسطول من 70 سفينة بندقية محملة بالمؤن إلى نهر الدانوب،[30] بينما استمتع يوحنا الجسور كونت نيڤير بمزيد من الحفلات التي أقامها صهره ليوپولد الرابع دوق النمسا. طلب يوحنا الجسور بعد ذلك من صهره الحصول على قرض مذهل قدره 100,000 دوقات، الأمر الذي استغرق وقتًا لترتيبه، ثم وصل في النهاية إلى بودا بحلول شهر يوليو.[64]
من بودا إلى نيقوپوليس
حدَّد القادة الصليبيون خطتهم الاستراتيجية للحملة أثناء مكوثهم في بودا. [32]
تحول مجلس الحرب الصليبي في بودا على الفور إلى ساحة خلاف عنيف. كان سيغيسموند يأمل في أن يأتي العثمانيون ويهاجمون بالجيوش التي يمكنهم جمعها على عجلة من أمرهم وليس بجيوش كبيرة مدربة، وخاصة أن أمير الأفلاق ميرتشا العجوز كان قد حقق بعض النجاح ضد جيوش الإيالات العثمانية، ولكن هذه المرة لم تكن تلك النجاحات اليسيرة متوقعة. في النهاية، تقرر أن يتقدم الجيش باتباع مسار نهر الدانوب، وأن تدخل القوات البحرية المتجمعة في البحر الأسود إلى نهر الدانوب وتقدم الدعم.
بمجرد وصول القادة كان لا بد من تنسيق الاستراتيجية مع "فيليبار دو نايّاك" (بالفرنسية: Philibert de Naillac) قائد فرسان الإسپتارية، ومع ممثلي أسطول البندقية. حملت 44 سفينة بندقية فرسان الإسپتارية من جزيرة رودس عبر بحر إيجه وصولاً إلى بحر مرمرة، بينما تابعت بعض السفن إبحارها حتى وصلت البحر الأسود ودخلت نهر الدانوب صعوداً دون الانخراط في معركة.[30]
يُنظر إلى حقيقة أن العثمانيين الذين كانت لديهم قوات بحرية بسيطة ولم يتصدوا للسفن البندقية من أجل السيطرة على البحر، كدليل واضح يثبت أن السلطان بايزيد الأول ومعظم قواته كانوا في هذا الوقت بالفعل على أراضي الجانب الأوروپي.[64] كان السلطان بايزيد الأول قد أعلن في العام السابق أنه سيهاجم المجر بحلول مايو ولكنه لم يبرز لهم حتى نهاية يوليو.
بدأ الصليبيون في السير على الضفة اليسرى لاتجاه سريان نهر الدانوب، أما الجيش المجري فانحرف جزء منه شمالًا لتجميع قوات ترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) وقوات ميرتشا العجوز في الأفلاق بينما أحضر الجزء الآخر من المجريين مؤخرة الرتل الصليبي.
أُرسلت كشافة المجريين حتى مضيق الدردنيل ولم يتمكنوا من العثور على أي أمارة تدل على تواجد السلطان وقواته، مما دفع الفرنسيين إلى اعتبار السلطان جباناً.
أكّد سيغيسموند ملك المجر للصليبيين أن السلطان بايزيد سيأتي حتماً، ونصحهم بأنه من الحكمة السماح لجيش العثمانيين بخوض عناء المسيرة الطويلة ليحضروا إليهم بدلاً من قيام جيش الصليبيين بنفس المسيرة الطويلة للعثور عليهم،[28] ولكن الفرنسيين وحلفائهم رفضوا هذه الاستراتيجية وقال لورد "كوسي" أونجورون الثالث المتحدث باسمهم: "رغم أن تبجحات السلطان أكاذيب، إلا أنه لا ينبغي أن يمنعنا ذلك من القيام بأعمال السلاح وبملاحقة أعدائنا، فهذا هو الهدف الذي أتينا من أجله"، فلم يكن لدى سيغيسموند ملك المجر خيار سوى الإذعان.
كتب المؤرخون أيضًا أن خطاب لورد "كوسي" أونجورون الثالث قد أثار الغيرة في فيليپ الأرتوائي قمّس "أو"، الذي شعر أنه كان يجب أن يحظى بشرف المتحدث بسبب علو منصبه كشرطي فرنسا.[65]
النهب أثناء المسير
وقبل دخول الصليبيين إلى الأراضي التي يسيطر عليها المسلمون، ورد في المصادر أن أعمال النهب وسوء معاملة السكان قد تزايدت وأن الجنود الصليبيين شاركوا في عمليات النهب والاغتصاب المنتظم أثناء مرورهم عبر ألمانيا، كما ورد أن عدم الانضباط لدى الفرنسيين وصل إلى آفاق جديدة عندما دخلوا أراضٍ "إنشقاقية" لمسيحيين من مذهب مختلف. تحدث المؤرخون ببلاغة عن فجور الصليبيين واستخفافهم بالمقدسات وتجديفهم، وكتبوا روايات مفصلة عن الفرسان السكارى الذين كانوا يرقدون مع البغايا لعدَّة أيام، وجاءت تلك الكتابات في أفضل الأحوال من روايات غير مباشرة. ترى المؤرخة باربرا توكمان أن هؤلاء المؤرخين كانوا جزءًا من اتجاه معاصر لإلقاء اللوم على هزيمة الحملة الصليبية بسبب لا أخلاقية الجنود الصليبيين، وأنه من المستحيل التحقق من مثل هذه الادعاءات.[67]
عبور الدانوب عند أورشوڤا
يضيق نهر الدانوب في أورشوڤا عند أخدود منطقة "البوابات الحديدية" (بالإنجليزية: iron gates)، ومن هناك عبر رتل الجنود الصليبي إلى الضفة اليمنى من النهر باستخدام عوامات وقوارب، على مدار ثمانية أيام. [14]
إعدام الحامية العثمانية في ڤيدين
كان الهدف الأول للصليبيين بعد عبور نهر الدانوب هو مدينة وقلعة ڤيدين عاصمة بلغاريا الغربية في السابق قبل أن تخضع للسيطرة العثمانية، [22] وكان حاكمها الأمير البلغاري "يوحنا سراتسيمير". [14]
لم يكن لدى يوحنا سراتسيمير أي رغبة في القتال من أجل الفاتحين العثمانيين ضد قوة ساحقة من الصليبيين، فاستسلم على الفور وانحاز بقواته إلى الصليبيين وفتح لهم الأبواب ليدخلوا، ودارت معركة شديدة مع الحامية العثمانية بالمدينة أُبيدت فيها الحامية الصغيرة مقابل الجيش الصليبي الجرار وخيانة الحاكم البلغاري. [14]
كانت عملية إراقة الدماء الوحيدة هي إعدام الضباط العثمانيين من حامية الدفاع العسكرية في ڤيدين، وزادت هذه الحادثة من اقتناع الفرنسيين بأن العثمانيين غير قادرين على تحدي الصليبيين في ميدان الحرب.[39] [14]
غدر الفرنسيين بأورياهوڤو
على تل يوفر رؤية كاشفة ممتازة للمنطقة المحيطة. بُنيَت القلعة في القرن التاسع وكانت بمثابة مركز حدودي مهم وجزء من نظام الدفاع
على طول الحدود الشمالية للدولة البلغارية. كان يمر بها في الماضي الطريق الروماني المهم "الطريق إلى القسطنطينية عبر سنغيدونو على ضفاف
نهر الدانوب" (باللاتينية: Via Singiduno usque ad Constantinopolim per ripam Danubii). مرت أيضًا القوات الصليبية للملوك المجريين
سيغيسموند (1396م) وفلاديسلاف جاجيلو (1444م). كانت قلعة "كاماكا" صغيرة نسبيًا وكان شكلها غير منتظم. كان البناء متينًا للغاية،
مبنيّ بشكل نموذجي على الطراز البلغاري القديم: أحجار ملحومة بالجص وشبكة من العوارض الخشبية لتتناسب مع البناء. في الوقت
الحاضر، لا يوجد سوى برج مراقبة يبلغ ارتفاعه 9 أمتار وهو محفوظ جيدًا نسبيًا. دُمِّرت قلعة "كاماكا" بالكامل خلال القرن السادس
عشر.[68]
أما المدينة التالية الواقعة على النهر فكانت بأورياهوڤو وكان الهدف التالي للصليبيين هو قلعتها "كاماكا - القلعة الحجرية" (بالبلغارية: Крепост Камъка)، وهي قلعة قوية تقع على بعد 75 ميل (121 كـم) من ڤيدين. [14]
كانت أورياهوڤو معقل منيع يحيط به خندق وسوران، وتوجد به حامية عثمانية ضخمة. [14]
اندفع الفرنسيون على الفور بقيادة شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" ومشير فرنسا يُوحنَّا مينجر "بوسيكو" وهم محبطون من عدم وجود فرصة لإظهار شجاعتهم في أعمال السلاح، بسير حثيث ليلاً للوصول إلى القلعة قبل حلفائهم، ووصلوا في الصباح بينما كانت القوات العثمانية قد خرجت لتدمير الجسر المُقام عبر الخندق المحيط بالقلعة فاستطاع الفرنسيون بعد قتال عنيف تأمين الجسر قبل تدميره واشتبكوا مع العثمانيين ولم يتمكنوا وحدهم من دفع العثمانيين وتعرض الفرنسيون للإبادة لولا وصول الجيش المجري بقيادة سيغيسموند ملك المجر متأخراً إلى القلعة، فتضافرت القوات الصليبية وتمكنت من الوصول إلى جدران القلعة قبل أن يجبر الليل المقاتلين على وقف القتال. [14]
وفي صباح اليوم التالي، وافق سكان أورياهوڤو على الاستسلام لسيغيسموند لضمان إنقاذ حياتهم وممتلكاتهم، ولم يكن باستطاعة الحامية العسكرية العثمانية الاستمرار في مقاومة الحملة الصليبية الجرارة بهذا العدد الذي لم يسبق من قبل. [14]
ولكن حدث أن انتهك الفرنسيون اتفاق سيغيسموند على الفور ولم يقبلوه ونهبوا المدينة وقاموا بذبح معظم المسلمين والمسيحيين البلغار الأرثوذكس بالسيف بعد أن فتحوا لهم بوابات القلعة، وأسروا مجموعة كبيرة ثم زعموا لاحقًا أنهم استولوا على المدينة عن طريق الغزو لأن رجالهم المهاجمين قد تسوَّروا الجدران في الليلة السابقة. [14]
احتجز الفرنسيون الآلاف من السكان البلغار والعثمانيين كرهائن لطلب الفدية وأشعلوا النيران في المدينة.[28][14]
اعتبر المجريون هذا التصرف الفرنسي الأرعن إهانة خطيرة لمَلَكَهَم بعدما أعطى المدينة العهد بالأمان، وفي المقابل اتَّهَمَ الفرنسيون المجريين بمحاولة سلبهم مجد النصر من خلال القتال.[69][70]
ترك الصليبيون حامية عسكرية للحفاظ على أورياهوڤو، واستمروا باتجاه نيقوپوليس، وهاجموا حصنًا أو اثنين أو قريتين على طول الطريق، لكنهم تجاوزوا قلعة واحدة خرج منها الرسل مسرعين لإبلاغ السلطان بايزيد الأول بدخول الجيش الصليبي.[70]
مسير الجيش العثماني
بينما كان السلطان بايزيد يلدريم يحاصر إسطنبول للمرة الثانية عام 1395م، [4] إذ تنامى إلى مسامعه خبر خروج جيش صليبي جديد. عملت الاستخبارات العثمانية بشكل جيد إذ رصدت السفن التي مرَّت عبر مضيق البوسفور لتشارك مع البحرية الصليبية.[30] بالإضافة إلى ذلك، استولى العثمانيون على الرسالة التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني إلى الملك المجري يخبره بأن السلطان بايزيد قد عَلِمَ بالجيش الصليبي.
وبحلول الوقت الذي وصل فيه الجيش الصليبي إلى بودا، [32] كان السلطان بايزيد يلدريم قد ترك بالفعل حصار إسطنبول، وتقدمت وحدات سلاح الفرسان الخفيفة الآقنجية العثمانية تحت قيادة غازي إيڤرانوس بك على الفور وبدأت في استكشاف طريق الجيش العثماني، [21] فجائته الأخبار بتوقف الصليبيين 15 يوماً أمام قلعة نيقوپوليس.
ترك السلطان بايزيد يلدريم عددًا صغيرًا من القوات لتستمر في حصار القسطنطينية، وبالتالي لم يتمكن البيزنطيون من إرسال قواتهم البحرية إلى نهر الدانوب لمعاونة الحملة الصليبية.
تعبئة الجيوش
أمر السلطان بايزيد يلدريم جيوش الروملي العثمانية بأن لا تهاجم العدو الصليبي، وأمر جميع قوات الجيش العثماني بأن تتجمع للتعبئة بين مدينتي أدرنة وپلوڤديڤ، فبدأت القوات في التجمع هناك على الفور بسرعة كبيرة ونزلت قوات على ساحل نهر ماريتسا (بالتركية: Meriç nehri) الذي يمر في داخل منطقة البلقان.
كانت جيوش الدولة العثمانية تتكوَّن من وحدات إيالة الروملي وإيالة الأناضول، التي ينظمها الصدر الأعظم المحنّك قرة تيمورطاش باشا (بالتركية: Kara Timurtaş Paşa).
وكانت هناك أيضًا مساهمات عسكرية مهمة من الإمارات التابعة للدولة العثمانية وخصوصا الصرب الذين جاءوا إلى پلوڤديڤ بقيادة أسطفان لازاريڤيتش وانضموا إلى الجيش العثماني الرئيسي جنوب ممر شِبقا (بالتركية: Şıpka Geçidi).[21]
المسير إلى نيقوپوليس
غادر الجيش العثماني الرئيسي نقطة التجمّع في نهاية أغسطس 1448م، ومرّوا عبر ممر شِبقا في 20 سبتمبر، ثم وصلوا إلى تارنوڤو في 21-22 سبتمبر، حيث واجهوا هناك قوة استطلاع صليبية لأول مرة، كان الملك سيغيسموند قد أرسلها لاستكشاف قدوم العثمانيين.[4]
كانت تارنوڤو عاصمة الإمبراطورية البلغارية الثانية تتبع العثمانيين الذين فتحوها سابقاً في ربيع عام 1393م.
وبالمقابل، وصلت قوات الاستطلاع العثمانية إلى نيقوپوليس وعاينت الجيوش الصليبية التي خيَّمت أمام قلعة المدينة. [50]
وصول العثمانيين نيقوپوليس
في 24 سبتمبر، وصل السلطان بايزيد يلدريم والجيش العثماني الرئيسي على بُعد بضعة كيلومترات جنوب نيقوپوليس، وأُقيمت خيمة يلدريم على تل قريب.[14]
كتب المؤرخون العثمانيون أن وصول الجيش الرئيسي أمام نيقوپوليس كان في المساء، وبينما كان العمل جارياً لإنشاء معسكر الجيش، ذهب السلطان بايزيد يلدريم إلى مقدمة أسوار القلعة مستغلاً الظلام ونادى على دوغان باي القائد العثماني لقلعة نيقوپوليس وأمره بالمقاومة حتى الصباح، فناداه دوغان باي بأن الروح المعنوية كانت جيدة لأنه كان لديه ما يكفي من الطعام في القلعة، وذكروا أن السلطان لم يكن لديه فرصة للهزيمة لأنه وصل بنفسه أمام القلعة.[16]
حصار نيقوپوليس
كانت نيقوپوليس نقطة عبور نهري وميناء مهم على نهر الدانوب، وكانت قلعة نيقوپوليس محمية للغاية وتقع في مركزٍ دفاعيٍ طبيعيٍ أعلى جرف منحدر يطل على النهر، ما جعلها معقلًا رئيسيًا للسيطرة على نهر الدانوب السفلي وخطوط الاتصال إلى الداخل. وكان هناك طريق صغير يمتد بين الجرف والنهر، وكانت القلعة في الواقع مدينة يحوطها سوران دفاعيان هما السور الأكبر وهو مَبنيٌّ فوق المرتفعات أعلى الجرف والسور الأصغر الذي يقع أدناه، وفي الجهة الداخلية من الجدران المحصنة ينحدر الجرف بشدة نزولاً إلى السهل.[71]
كان دوغان باي (بالتركية: Doğan Bey) حاكم نيقوپوليس وقائد القلعة العثماني، متمرسًا للغاية، مُحصناً بطريقة جيدة ومجهزًا بالمؤن والسلاح جيدًا، [73] وكان على يقين من أن السلطان بايزيد سيحضر بنفسه ليدافع عن المدينة، وكان دوغان باي مستعدًا لتحمل حصار طويل فلم يستسلم للصليبيين.[74] كانت القلعة العثمانية قد رُمِّمَت بشكل جيد من جديد وكانت قوة الحامية العسكرية موجودة في الحصن. [45][14]
في 10 سبتمبر، وصل الأسطول الصليبي المكون من سفن البندقية وجنوة ومعهم فرسان الإسپتارية من خلال نهر الدانوب ورسوا أمام قلعة نيقوپوليس.[30]
وصل أولاً الجنود الفرنسيون والبورغونيون عن طريق البرّ وأقاموا معسكرًا بالقرب من القلعة، ثم وصل الملك سيغيسموند وجيشه المعسكر على الجانب الآخر من القلعة مقابل المدينة.[14]
حمل الفرنسيون والبورغونيون معهم عدة سلالم نصبوها بسرعة ولكن ظهر أنها لم تكن ذات فائدة عسكرية في اقتحام القلعة، [14] وكان لدى المجريين قوات متخصصة لحفر الأنفاق ولكن لم يكن لها جدوى، [14] واشتكت الجماعتان من عدم امتلاكهما أسلحة الحصار اللازمة رغم أن العديد من المنجنيقات البحرية كانت ترسو في النهر وعليها أدوات الحرب والحصار، ولكن لم يفكر أحد من الجيوش البرية في طلبها.
لم يكن الصليبيون قد أحضروا معهم آلات حصار بطريق البرّ، إذ أن يُوحنَّا مينجر (بوسيكو) مشير فرنسا كان يعتقد أن الجيش لا ينبغي له أن يحمل معه آلات حصار؛ وأنه يكفي نصب سلالم حصار لكسر مقاومة العثمانيين الذين كان ينظر إليهم بازدراء، وصرّح بتفاؤل أن السلالم يمكن أن تُصنَع بسهولة من الحبال وأن فائدتها العسكرية أكبر من فائدة المنجنيق، إذا ما استخدمها الرجال الشجعان. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى أسلحة الحصار وانحدار الجرف الصخري الحاد باتجاه أسوار القلعة والتحصينات الهائلة، جعلت الاستيلاء على القلعة بالقوة أمرًا مستحيلًا، إذ صد العثمانيون بسهولة بعض الهجمات والمحاولات العشوائية الحادثة من دون تخطيط.[14]
وبعد أن بائت محاولات اقتحام القلعة بالفشل المتكرر، وبدلاً من مهاجمة القلعة والاستيلاء عليها، فضّل الصليبيون تكتيك حصار القلعة وتجويع أهلها بحصار طويل والانتظار حتى الانتهاء من الطعام والشراب.
ركز سيغيسموند استعداداته على الدفاع وأقام الصليبيون مواقع حول المدينة لإغلاق المخارج، وأقاموا حصاراً بحرياً في النهر، وتمركزوا في حصار لتجويع المدافعين. [74][14]
استهانة الصليبيون بالعثمانيين
كان الصليبيون واثقون بأن السلطان بايزيد الأول لن يجرؤ على الاشتباك معهم لأن جيوشهم أفضل تسليحًا وأكثر تدريباً. وباتوا مقتنعين بأن حصار القلعة سيكون مجرد مقدمة لدَفعَة كبيرة للتخفيف عن القسطنطينية، بل إنهم لم يُصدقوا أن السلطان العثماني بايزيد سيصل إليهم بسرعة كبيرة ليُريهم كيف تكون المعارك الحقيقية.[75]
مر أسبوعان استمتع فيهما الصليبيون المتململون بالأعياد والألعاب والاستخفاف بالبراعة القتالية لعدوهم، ولم ينشر الصليبيون أي حراسة سواء بسبب السُّكر أو بسبب الإهمال، على الرغم من أن الباحثين عن الطعام الذين كانوا يغامرون بالابتعاد عن المعسكرات كانوا يجلبون أخبارًا عن اقتراب العثمانيين.[14]
صرّح قادة الصليبيين بأن السلطان العثماني لم يكن على علم بالغزو الصليبي، ولم يعتقدوا أن السلطان يمكنه الوصول إلى هذه القلعة البعيدة أبداً، وبالتالي تجنبوا إرسال وحدة استطلاع دائمة إلى الجنوب من القلعة.
وعلى العكس من ذلك، أثبتت الوقائع التاريخية للمعركة بأن السلطان العثماني كان على دراية جيدة بوضع الصليبيين وتحركاتهم وكذلك بالقدرات القتالية لجيشه، واتضح ذلك من خلال أمرين:
- معرفته بتحركات الحملة الصليبية وسرعة تعبئته لجيش كبير ومسيره ثم مباغتته الصليبيين في نيقوبوليس على عكس توقعاتهم من غير أن يرصدوا تحركاته.
- معرفته بقدرات جيشه، وتجلى ذلك في حسن استخدام القوات بحسب مهارة كل فرقة، إذ كان نصف جيشه يتكون من جنود الصفوة الإنكشارية وفرسان السپاهية وفرسان الصرب المدربين تدريباً جيداً، وكان بقية الجيش يتكون من وحدات المشاة الخفيفة العزب، وفرسان الآقنجية الخفيفة والوحدات الأخرى التي كانت تُعتبر ذات قيم قتالية أقل، ولذلك أراد في خطته اقتحام الصليبيين بشكل غير متوقع، فأرسل قواته في الليلة التي سبقت المعركة لتحتل التلال غير المحروسة المرتفعة جنوب نيقوپوليس، ثم خبّأ القوات الرئيسية وراء الإنكشارية، كما سيأتي تفصيله.
اقتراب الجيش العثماني
كان السلطان بايزيد الأول في هذا الوقت بالفعل يمر خلال إدرنة وكان في سير حثيث ليعبر ممر شِبقا ويصل إلى تارنوڤو.[76] انضم إليه على الطريق حليفه أسطفان لازاريڤيتش من صربيا. [45]
مناوشات الاستطلاع
أرسل سيغيسموند ملك المجر قوة من 500 فارس للاستطلاع حول تارنوڤو، 70 ميل (110 كـم) إلى الجنوب، وعادوا بأنباء مفادها أن العثمانيين قادمون بالفعل، فوصل الخبر أيضًا إلى سكان نيقوپوليس المحاصَرين فنفخوا في الأبواق وهتفوا سروراً بمقدم السلطان والجيش العثماني إليهم. ادعى يُوحنَّا مينجر (بوسيكو) مشير فرنسا أن ضجيج احتفال سكان نيقوپوليس كان خدعة لأنه كان يعتقد أن السلطان العثماني لن يأتي ولن يهاجمهم أبدًا؛ كما هدد بقطع آذان أي شخص يناقش الشائعات حول قدوم العثمانيين باعتباره يضر بمعنويات الصليبيين![76]
كان لورد "كوسي" أونجورون الثالث من القلائل الذين اهتموا باستكشاف الموقف، فقاد بنفسه مجموعة من 500 فارس و 500 من رماة السهام إلى الجنوب، حيث علم أن مجموعة كبيرة من العثمانيين يقتربون من ممر قريب. فقام بإبعاد 200 فارس لتنفيذ انسحاب خادع، مما دفع العثمانيين الذين يلاحقونهم إلى الوقوع في كمين، فهاجم مؤخرة العثمانيين بقية رجاله الذين كانوا ينتظرونهم مختبئين. قتل رجال لورد "كوسي" أونجورون الثالث كل ما في وسعهم وعادوا إلى المعسكر حيث هزَّت أعماله المعسكر وحركته من سُباته وأثارت إعجاب الصليبيين الآخرين.
تُجادل المؤرخة باربرا توكمان بأن ذلك زاد أيضًا من الثقة المفرطة لدى الفرنسيين وأثار مرة أخرى غيرة فيليپ كونت "أُو"، الذي اتهم لورد "كوسي" أونجورون الثالث بالمخاطرة بالجيش بدافع التهور ومحاولة سرقة المجد والسلطة من يوحنا الجسور كونت نيڤير.[77]
وصول الجيش العثماني
وصل السلطان يلدريم بيازيد الأول إلى قلعة نيقوپوليس على ضفاف نهر الدانوب قادماً بجيشه من إدرنة في وقت قصير يناهز 24 ساعة، وقد جاء بسرعة تليق بلقبه "يلدريم" (بالتركية: Yıldırım)، [78] أي "الصاعقة" باللغة التركية، إذ كان معروفاً بسرعة تحركه بالجيوش ومباغتة الأعداء، وبمجرد وصوله دعا القادة إلى مجلس الحرب.[79]
مجلس حرب الصليبيين
في الرابع والعشرين، دعا سيغيسموند ملك المجر أمراء الجيوش إلى مجلس الحرب، واقترح هو وميرتشا العجوز الأفلاقي خطة حربية تقضي بإرسال جنود المشاة الأفلاقيين، الذين لديهم خبرة في محاربة العثمانيين، للهجوم الأول على مقدمة الجيش العثماني. [26]
كانت هذه القوات عادة ما تكون ميليشيات سيئة التسليح، وعادة ما تهدف للنهب، ولكنها تُستخدم في المعارك لإرهاق الخصوم قبل أن يقابلوا قوات عثمانية ذات جودة أفضل. ادعى سيغيسموند ملك المجر أن مقدمة الجيش العثماني هذه ليست جديرة باهتمام الفرسان، واقترح أنه بمجرد مرور صدمة الاشتباك الأول، يُشكل الفرنسيون خط المواجهة للاندفاع إلى الأمام، بينما يتبعهم المجريون والحلفاء الآخرون لدعم الهجوم ومنع فرسان السپاهية (سلاح الفرسان العثماني الثقيل) من اكتساح أجنحة جيش الصليبيين. استنكر فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" هذا الاقتراح باعتباره مُهينًا للفرسان الذين سيضطرون إلى اتباع الفلاحين المشاة في المعركة، يقصد جنود المشاة الأفلاقيين. وبحسب ما ورد قال: "إن وجودنا في المؤخرة لهو إهانة لنا، وتعريضنا لازدراء الجميع"، وأعلن أنه سيطالب بمركز مقدمة الجيش بصفته "شرطي فرنسا"، وأن أي شخص يقف أمامه سيوجه له إهانة قاتلة. كان يدعمه في هذا الموقف مشير فرنسا يُوحنَّا مينجر (بوسيكو)، أما يوحنا الجسور كونت نيڤير الذي طمأنته ثقة القادة الفرنسيين الأصغر سناً، فقد اقتنع بسهولة.[77]
تفشي خبر وصول العثمانيين
بعد تعيين الفرنسيين ليكونوا في مقدمة الهجوم، غادر سيغيسموند ملك المجر لوضع خطة المعركة لقواته. وعلى ما يبدو، أنه في غضون ساعات، أرسل رسالة إلى المعسكر مفادها أن السلطان بايزيد كان على مسير 6 ساعات فقط.
ارتبك جنود معسكر الصليبيين من هول مفاجأة الخبر الذي لم يتوقعوه وتباينت ردود أفعالهم، وقيل أنهم كانوا في حالة سكر على العشاء إذ رفض البعض تصديق الخبر، وارتعب البعض في حالة من الذعر، بينما استعد البعض الآخر على عجل للمعركة.[80]
همجية ذبح أسرى أورياهوڤو
عند وصول العثمانيين أرض المعركة، أقدم الصليبيون فوراً على ذبح أسرى أورياهوڤو غدراً بزعم عدم وجود عددٍ كافٍ من الحراس في الجيش الصليبي، بعد أن كانوا قد استسلموا صلحاً وعهداً مع ملك المجر سيغيسموند للحفاظ على حياتهم.
قام الصليبيون بتلك المجزرة الهمجية التي لا تُقرها أعراف الحروب والفروسية حتى في حروب تلك الحقبة، وذبحوا الأسرى المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس أعدائهم في الدين وأعدموهم بوحشية على مرأى من أهالي نيقوپوليس وصاحبها وقائد الحامية العسكريَّة فيها "دوغان باي".[14]
أجمع المؤرخون على هذا العمل لاحقًا بأنه "عمل همجي بربري" (بالإنجليزية: barbarism)، حتى المؤرخون الأوروپيون،[81] وبخاصة أن سكان أورياهوڤو كانوا في ضمان عهدهم مع الملك سيغيسموند على الاستسلام للصليبيين مقابل إنقاذ حياتهم وممتلكاتهم، ولكن الفرنسيون انتهكوا اتفاق سيغيسموند وغدروا بالسكان مرتين:
- بعد التصالح مع السكان واستسلامهم، دخل الفرنسيون ونهبوا المدينة وذبحوا الأهالي، وأخذوا منهم أسرى وساقوهم إلى نيقوپوليس.
- ثم في نيقوپوليس ذبحوا الأسرى جميعاً قبل بدء المعركة بمجرد رؤية الجيش العثماني.
ولم يكن هذا من أخلاق الفروسية ولا من أعمال النبالة وأعراف الحروب في ذلك الزمن.[21]
خطة المعركة
منذ تحرك الحملة الصليبية الجرارة ظهرت بوادر الوهن والفشل مبكراً بين قادة الحملة، [26] وذلك لأن الملك سيغيسموند قائد الحملة كان لا يستمع لنصيحة أحد من باقي القادة، بل حدث خلاف شديد على إستراتيجية القتال، [26] فسيغيسموند كان يؤثر الانتظار حتى تأتى القوات العثمانية إليهم منهكة من المسير، [22] بينما يرى بقية القادة المبادرة بالهجوم، وبالفعل لم يستمعوا لرأى الملك سيغيسموند وانحدروا مع نهر الدانوب حتى وصلوا مدينة نيقوپوليس في شمال البلقان.[82][26]
في 25 أو 28 سبتمبر 1396م (تضارب في المصادر)، واجه الجيشان المتساويان في القوة تقريبًا بعضهما البعض في ساحة القتال عند مدينة نيقوپوليس، [83] بمنطقة مفتوحة ليست بعيدة عن تحصينات المدينة، والموقع الدقيق للمعركة هو موضع خلاف بين المصادر التي وصلتنا.
تباينت استراتيجيات الفريقين المتحاربين، وتوزيع الجنود في أرض المعركة.
إستراتيجية الحلفاء الصليبيين
عشية المعركة، اقترح سيغيسموند في مجلس الحرب أن يصطدم سلاح الفرسان الخفيف من قوات ترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) والأفلاق مع القوات العثمانية المتقدمة ويستكشفوا حجم قوات العدو. كان من المفترض أن تُحسم المعركة بهجوم الجيش المجري الألماني الرئيسي ويُعطَى الفرنسيون دور قوات التدخُّل الاحتياطي. ووفقًا للمصادر، فإن الفرنسيين الذين أرادوا اكتساح العدو بهجوم أمامي على خط المواجهة بأي ثمن، غضبوا من هذا التقسيم للأدوار، وانسحب شرطي فرنسا: فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" من اجتماع مجلس الحرب شعوراً بالإهانة. [26]
احتقر الفرنسيون المجريين وحلفائهم واعتبروهم غير لائقين للقتال، [26] وكان الفرنسيون في هذا مدفوعين بالرغبة في المجد ولذلك بالغوا في تقدير قوتهم وقلَّلُوا من شأن العثمانيين بشكل قاتل، وفي فخرهم هذا ذُكر أنهم قالوا: "لو سقطت السماء، فسنرفعها على أسِنَّةِ رماحنا!" [45][22][16] ولكن من غير المعروف مدى صحة تلك المقولة من عدمها، وعلى أي حال، تبقى حقيقة أنه في مواجهة تكتيكات المشاة المتطورة باستمرار، لم يعد أسلوب قتال الفروسية يعني الكثير. أراد الفرسان الفرنسيون القتال باتباع قواعد معينة هي: القتال الصادق وأخذ الأسرى، ولكنهم تجاهلوا ذلك فعلياً من خلال الاستراتيجيات الجديدة. كان الهدف الجديد هو التغلب على الخصم وتدميره تمامًا وجعله عاجزًا، ولم يتكيفوا تحت أي ظرف من الظروف مع "ميثاق الشرف" غير المكتوب.
أراد سيغيسموند استخدام فرق الجيوش المعاوِنة الخاصة به من ترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) والأفلاق في طليعة الهجوم ومقدمة الجيش، حيث أنه قدَّرَ معنوياتهم على أنها منخفضة، وبالتالي يمكنه مراقبتهم بشكل أفضل إذا ما كانوا أمامه في طليعة الجيش. رفض الفرسان الفرنسيون هذا بغضب وأصروا على حقوقهم قبل بدء القتال، أي على شرف أن يكونوا هم أول من يخوض المعركة وليس مشاة الأردل والأفلاق.[79]
إستراتيجية السلطان بايزيد
بمجرد وصول السلطان بايزيد الأول بالجيش إلى نيقوپوليس، ما لبث أن قام بجمع الديوان وتقييم الوضع العسكري مع قادة الجيش.
اتخذ بعض القادة العثمانيين المتمرسين رأياً لهزيمة الجيش الصليبي المتزاحم من خلال إنزال الرعب والفزع بهم، وذكروا أن شعوب البلقان لم يروا من قبل الإبل التي في متناول جيش العثمانيين، وصرحوا بأنهم يستطيعون هزيمة الصليبيين باستخدام هذه الحيوانات الضخمة. من ناحية أخرى، رَفَضَ السلطان يلدريم بايزيد مثل هذا الهجوم لأنه لم يجده تصرفاً رجوليًا.
اعتمدت إستراتيجية السلطان بايزيد على دفع قوات خفيفة لملاقاة الصليبيين ومناوشتهم ثم الانسحاب السريع إلى أعلى الهضبة التي عليها جيش السلطان الرئيسي، ومن ثم، مباغتة الصليبيين المندفعين وراء القوات العثمانية الخفيفة المنسحبة وسحقهم بالفرسان المدرعة والإنكشارية القابعين أعلى الهضبة، ثم الالتفاف سريعاً خلف الصليبيين بالفرسان العثمانية الخفيفة لمحاصرتهم في الوسط، وإعمال القتل فيهم وأسر المستسلمين منهم.
القوات الصليبية
كانت القوات الفرنسية والبُرغُونيَّة متواجدة في وسط تشكيل الصليبيين، ومن خلفهم اصطف المجريون والألمان والپولنديون في جبهة واسعة.
على الجناح الأيمن منهم تمركزت قوات الأردل (ترانسيلڤانيا)، وعلى الجناح الأيسر قوات الأفلاق (والاشيا).
القوات العثمانية
استقرَّ الجناح الأيسر من التنظيم العثماني على الغابة، بينما كان جانبه الأيمن محميًا بالتضاريس شديدة الوعورة ويستقر على مستنقعات نهر الدانوب. وكان هناك أمام قلب الجيش العثماني منخفض ضيق مليء بالغابات. تألفت القوات الرئيسية للجيش العثماني من سلاح الفرسان وقُسِّمَ الجيش إلى قلب في المركز وجناحين يمكن أن يتقدموا للأمام ويشكلون هلالاً.
وبحسب التقاليد، وُضع سلاح الفرسان البلقاني والروميلي في الجناح الأيمن للجيش، في حين شكلت فرسان الأناضول قوات الجناح الأيسر، وتموضع المشاة الرماة أمام القوات الرئيسية. كان المشاة موجودون في الوسط، محميون بصفوف من الأوتاد الخشبية المحفورة في الأرض بصورة مائلة تجاه الصليبيين، كما شارك في المعركة العديد من أفواج الإنكشارية.
وكانت هناك مفارز من فرسان الآقنجي الخفيفة المدججين بالسلاح، مهمتهم توجيه العدو الصليبي إلى القوات العثمانية الرئيسية المحصنة جيدًا ومن ثمّ مفاجأة الصليبيين بهجوم كاسح من الفرسان العثمانية.
إيجاز أحداث المعركة
في فجر يوم 25 سبتمبر من عام 1396م، بدأ المقاتلون الصليبيون في تنظيم أنفسهم تحت رايات قاداتهم. كانت الوحدة المجريَّة في الجيش الصليبي هي أكبر الوحدات، تليها الوحدة الفرنسيَّة، ثُمَّ وحدات سائر الأقوام الأوروپيَّة.
وفي الصباح الباكر، أرسل سيغيسموند مشيره (مارشاله) الأكبر إلى يوحنا الجسور القائد الأعلى للحملة الصليبية يحمل رسالة مفادها أن كشافته قد اكتشفوا طليعة الجيش العثماني، وطلب منه تأجيل الهجوم لمدة ساعتين لإعطاء الكشافة الوقت الكافي لدراسة مواقع الجنود العثمانيين وتقييم عددهم. [22]
دعا يوحنا الجسور على عَجَل قادة الصليبيين إلى الاجتماع، فتحدث يُوحنَّا الڤيانّي، أمير بحار فرنسا وأكبر فارس في الحملة الصليبية لدعم خطط سيغيسموند. وفي المقابل أعلن شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو"، أن الملك المجري أراد ببساطة أن يستحوذ لنفسه على كل أمجاد النصر على العثمانيين، ولهذا أعلن استعداده لقيادة الهجوم شخصياً بالفرسان. أخذ أونجورون الثالث لورد "كوسي" كلمات الكونت في الاعتبار، وطلب المشورة من يُوحنَّا الڤيانّي الذي ردَّ بأنه إذا أراد شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" الهجوم، فيجب على الجيش الهجوم معه، لكنه كرر أنه سيكون قرارًا أكثر حكمة لو نُسِّقت تلك الأعمال الحربية مع الملك المجري سيغيسموند والحلفاء الآخرين. رفض فيليپ الأرتوائي الصبر والانتظار، وسرعان ما تصاعد الخلاف في المجلس إلى حجج لا طائل من ورائها. [26]
قرر فيليپ الأرتوائي عدم التنسيق مع حلفاءه وقاد طليعة الفرسان الفرنسيين، بينما قاد كوسي ويوحنا الجسور القوة الرئيسية، وتوجه سلاح الفرسان الفرنسي مُعَزَّزاً برماة الخيول نحو نيقوپوليس باتجاه العثمانيين، بينما بقي فرسان الإسپتارية والألمان والحلفاء الآخرون مع سيغيسموند. [26]
نشر السلطان بايزيد فرسان الآقنجية العثمانية بعناية في المقدمة يتحركون إلى جانب قوات النخبة الإنكشارية ينتظرون فرسان الصليبيين، وكان سلاح الفرسان الآقنجية خفيف التدريع سريع الحركة متّقد الذكاء. [45]
تذكر بعض المراجع أن السلطان وضع ضعف القوات في المقدمة بخطة حربية واضحة. [45]
في بداية المعركة، تسبب فرسان النخبة الاسپتاريّة، المدرعون من الرأس إلى أخمص القدمين، في إلحاق خسائر بوحدات قيادية من العثمانيين، ثم خرج لهم فرسان الآقنجية يراوغون بخفةٍ فرسانَ الصليبيينَ المثقلين بالدروع ويرمونهم بالسهام من كل جانب رمياً متواصلاً. تحول الفرسان الفرنسيون لمهاجمة التهديد الجديد الذي تفاجأوا به أمامهم، فتشتت فرسان الآقنجية واندفع ورائهم الفرسان الفرسان المدرعون نحو الهضبة التي كان السلطان بايزيد قد وزع عليها جيشه ينتظرهم ولم يُبد لهم إلا القليل من جيشه. تبع سيغيسموند الفرسان الفرنسيين المدرعين، بجنود المشاة الذين كانوا تحت إمرته ولكنهم لم يتقدموا بنفس سرعة الفرسان التي سبقتهم باتجاه العثمانيين.
وكان هذا تماماً ما أراده السلطان بايزيد، بأن يتبع مشاة الصليبيين البطيئين خيول فرسانهم السريعة فتسبقهم الخيول وتنفصل قوات الصليبيين عن بعضها البعض، ويصبح فرسانهم خارج حماية جنودهم المشاة.
كان العثمانيون ينتظرونهم قابعين خلف حقل رصفوه بالأوتاد الطويلة المائلة المغروزة في الأرض بحيث تدخل في صدور وبطون خيول الفرسان المندفعون خلالها، فترجَّل الفرنسيون عن خيولهم واستمروا في القتال عبر الأوتاد سيرًا على الأقدام تحت ثقل دروعهم، وفقدوا بذلك ميزتين قتاليتين:
- فقدوا ميزة الهجوم المباغت السريع بالخيول بعد أن نزلوا عنها لتلافي الأوتاد، وتحولوا إلى قتال المشاة البطئ.
- فقدوا أيضاً ميزة قتال المشاة لأن تدريعهم الثقيل كفرسان محمولين على الخيول قد أبطأ من تقدمهم مشياً، وقلل من قدرتهم كمحاربين على المبارزة.
وكان مشاة الصليبيين في هذه اللحظة متأخرين بعيداً خلف الفرسان الفرنسيين يسعون حثيثا للحاق بهم.
وصل الفرسان الفرنسيون المدرعون ببطء إلى فرسان العثمانيين الرماة والإنكشاريين وهاجموهم. تقدر بعض المصادر عددهم في هذا الموضع بحوالي 10,000 جندي إنكشاري و 5,000 فارس عثماني. [45]
حاول أونجورون الثالث لورد "كوسي" ويُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا إنشاء تشكيل منتظم خلال المعركة وحذّروا الفرسان الفرنسيين لكي ينتظروا المشاة المجريين الذين يسعون مشياً على الأقدام ليلحقوا بهم. ولكن الفرسان الصرب المتحالفين مع العثمانيين تدخلوا هنا وهاجموا فرسان الصليبيين بعنف وطردوهم. [45]
حاول الفرنسيون اقتحام تلة اشتبهوا في وجود بقايا من الجيش العثماني عليها، ولكن السلطان بايزيد كان قد أعدَّ عليها سلاح فرسان السباهية المدرع في تشكيل منظّم، شاهري رماحهم، وتقدرهم بعض المراجع في هذا الموضع بحوالي 40,000 من حملة الرماح، [45] فقاموا بإخماد الفرسان الفرنسيين المدرعين الذين قاتلوا بشكل فردي وعلى الأقدام.
تفرقت جنود ترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) والأفلاق، وارتبكت صفوف المجريين المتقدمين بسبب الفرسان الفرنسيين المُدبرين هرباً من سعير المعركة عائدين باتجاه معسكر الصليبيين بعدما فشلوا في الصمود أمام العثمانيين لفترة زمنية طويلة تمكن المشاة من اللحاق بهم.[84]
وقع الجيش الصليبي محصوراً بين فرسان السپاهية العثمانيون والفرسان الصرب المدرعين بقيادة أسطفان لازاريڤيتش الذين أعملوا فيهم القتل، وخسر الصليبيون المعركة. [45]
كانت القوة العثمانية الرئيسية متمركزة في التلال والغابات، وعندما حان وقت تدخلها في المعركة، كان جميع الفرسان الصليبيون تقريبًا، بمن فيهم القادة المشهورون مثل يُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا، قد دُحِروا وتضرروا بسبب الإغارة عليهم.
ظهر السلطان بايزيد الأول كالصاعقة ومعه ستون ألف مقاتل بحسب تقدير المؤرخ "شُكرُ الله" العثماني، وكان ظهوره كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب بقية الصليبيين، فوقعت عليهم الهزيمة مدوية حتى أن الملك سيغيسموند الذي وقف قبل المعركة يقول في تيه وغرور "لو انقضت علينا السماء من عليائها لرفعناها بحرابنا"، [22][16] هرب مذعوراً وألقى بنفسه في مركب صغير تاركاً خلفه حملته الصليبية الفاشلة تذوق ويلات الهزيمة المروعة.[33]
تذكر بعض المصادر عن شجاعة السلطان بايزيد بأنه جُرح جروحا كثيرة في المعركة حتى أن فرسه قد جُرح أيضا وأنه قد سقط عنه فلم يستسلم بل ركب جوادا غيره وأكمل الحرب حتى أدرك النصر. [16]
وعلى هذا، في 25 سبتمبر 1396م، هُزم الصليبيون الواثقون من أنفسهم من خلال التدفق المستمر لسلاح الفرسان العثماني.
تفصيل الوقائع
أرسل سيغيسموند ملك المجر قائده الأكبر إلى يوحنا الجسور كونت نيڤير للإبلاغ عن أن الكشافة التابعة له قد شاهدوا طلائع الجيش العثماني، وطلب تأجيل الهجوم لمدة ساعتين إلى أن يعود كشافته بالمعلومات الاستطلاعية بما يتعلق بأعداد العدو وتصرفه.
استدعى يوحنا الجسور كونت نيڤير على عجلة من أمره مجلساً من المستشارين، فقام فيه كل من لورد "كوسي" أونجورون الثالث ويُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا وأكبر فارس فرنسي في الحملة الصليبية، ينصحان بإطاعة رغبات الملك المجري، والتي بدت حكيمة بالنسبة لهم.
أما شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" فإنه أعلن أن سيغيسموند ملك المجر يرغب ببساطة في احتكار كل شرف المعركة لنفسه وأعلن عن رغبته في قيادة الهجوم بنفسه. صرّح لورد "كوسي" أونجورون الثالث، أن رأي فيليپ الأرتوائي عن نية سيغيسموند احتكار الشرف لنفسه هي "إفتراضات"، وطلب مشورة يُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا. [26]
قال يُوحنَّا الڤيانّي: "عندما لا يمكن سماع الحقيقة والعقل، عندها يجب تحكيم الافتراضات"، [85] أي أنه يرى أيضاً أن سيغيسموند يقترح خطة الهجوم بما يضمن المجد والشرف لنفسه.
هنا علّق يُوحنَّا الڤيانّي أنه إذا رغب فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" في التقدم بفرسانه، فيجب على الجيش أن يتبعه ولكن سيكون من الحكمة التقدم بالتنسيق مع المجريين والحلفاء الآخرين.
رفض فيليپ أي انتظار للتنسيق مع القوات الأخرى، ودخل قادة المجلس في نزاع شرس، حيث اتَّهم الصقورُ الأصغرُ سناً الفرسانَ الأكبر سنا بأنهم ليسوا حصيفين، بل هم خائفين. [26]
ويبدو أن النقاش قد حُسم عندما قرر فيليپ التقدم بفرسانه، ضارباً عرض الحائط كل الاقتراحات والخبرات العسكرية المطروحة.[85]
هجوم الفرسان الفرنسيين
شن شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي في الصباح هجومًا من تلقاء نفسه مع الجيوش الفرنسية والبُرغُونيَّة التي كانت تحت قيادته، وركل خطة سيغيسموند الحربية. وفقًا لبعض المصادر، طلب منه الملك سيغيسموند شخصيًا التخلي عن هذه الخطة، ولكن دون فائدة. لم يكن باقي الجيش قد استقر بعد في صفوف المعركة وقتما اندفع الفرسان الفرنسيون وحدهم بدون تنسيق أو اتفاق مع حلفائهم، وهو ما يفضل المؤرخون الفرنسيون ذكره على أنه خيانة لهم من باقي التحالف الصليبي وتخلِّيهم عن الفرنسيين في المعركة.
سيطر فيليپ الأرتوائي على طليعة الفرسان الفرنسيين، وقاد يوحنا الجسور كونت نيڤير ولورد "كوسي" أونجورون الثالث الجيش الرئيسي، وانطلق الفرسان الفرنسيون برفقة رماة السهام الخيالة وقد أعطوا ظهورهم إلى قلعة نيقوپوليس لملاقاة العثمانيين القادمين على الطريق ينحدرون أرتالاً من فوق التلال الجنوبية.
بقي فرسان الاسپتارية والألمان والحلفاء الآخرون مع القوات المجرية تحت قيادة سيغيسموند ملك المجر.
أدى هجوم الفرسان المدرعين إلى تشتيت فرسان الآقنجية الخفيفة العثمانية أو على الأقل خروج بعضهم من أرض المعركة، وتماشى هذا مع خطط كلا الطرفين المتصارعين: إذ أراد السلطان سحب الفرسان الفرنسيين إلى قلب جيش العثمانيين حتى يُبيدوهم، بينما أراد الفرنسيون نِسبة مجد النصر حصراً لأنفسهم بتقدمهم منفردين، وبأن يحوزوا قصب السبق في مطاردة العثمانيين.
ومنذ ذلك الحين تتضارب الأحداث بين عدة روايات متناقضة بشدة.
الفرنسيون في مواجهة الإنكشارية
سحقت الهجمة الفرنسية الجنود غير المُدربين الذين وُضعهم السلطان في الخطوط الأمامية كطُعمٍ لجلب الصليبيين إلى قلب الجيش العثماني. فتقدمت خيول الفرنسيين متعرضين لوابل كثيف من سهام الرماة العثمانيين المحنكين، مسرعين وراء الانسحاب التكتيكي العثماني، ولا يعلمون أنهم يجُرُّونهم صوب صفوف مشاة الإنكشارية صفوة الجيش العثماني الرابضين فوق الهضبة.
نصح لورد "كوسي" أونجورون الثالث ويُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا الفرسان الفرنسيين بأن يتوقفوا مؤقتًا لإصلاح صفوفهم ومنح أنفسهم بعض الراحة والسماح للمجريين ببعض الوقت للتقدم إلى موقع يمكنهم فيه من دعم الفرسان الفرنسيين. نقض هذا الرأي الفرسان الأصغر سنا الذين ليس لديهم فكرة عن حجم القوة العثمانية، وأعماهم هذا الانتصار الأوَّلي، واعتقدوا بسذاجة عديمي الخبرة أنهم قد هَزَمُوا للتوّ جيش السلطان بايزيد بأكمله وأصروا على إكمال المطاردة دون أي تأخير لإتمام النصر.[56]
وبينما هم يشرعون في المطاردة إذ وصلوا إلى منطقة كان العثمانيون قد أعدُّوها مسبقاً وغرسوا فيها صفوفاُ من الأوتاد الطويلة الحادة، مائلة إلى الأمام بارتفاع صدور الخيول، ومُصمَّمَة لتفخيخ خيول الصليبيين وبَقر بطونها إذا ما مرّوا مسرعين عبر ذلك الحقل.
في تلك المرحلة من المعركة، كانت المسافة الفاصلة بين خيول الفرسان الفرنسيين المسرعين، ومشاة المجر من خلفهم، قد بعُدت جداً.
ثقبت صفوف الأوتاد المائلة صدور الخيول ومزقت بطونها وأعاقت اندفاعها. ولما رأى الفرنسيون صعوبة التقدم بالخيول، اضطر العديد منهم الترجَّل لتفكيك تلك الأوتاد وفتح طريق خلالها، ومع ذلك سرعان ما سئموا التقدم لأن الدروع التي كانوا يلبسونها كانت ثقيلة ومن المفترض أن خيولهم هي التي تحملهم بتلك الأثقال، ولم يكن بوسعهم وحدهم خلع كل تلك الدروع.
واصل الفرسان الفرنسيون تقدمهم المتعجِّل بصعود التل على الرغم من أن التقارير الواردة في المصادر تُشير إلى أن أكثر من نصفهم كانوا يسيرون على الأقدام، إما لأنهم كانوا مترجّلين بسبب خطوط خوازيق الخيول الحادة الدفاعية أو لأنهم ترجلوا لاقتلاعها. عانى الفرسان الصليبيون في دروعهم الثقيلة، ووصلوا منهَكين إلى الهضبة على قمة المنحدر حيث كانوا يتوقعون أن يجدوا القوات العثمانية الفارّة، لكن بدلاً من ذلك وجدوا أنفسهم في مواجهة فيلق جديد قويّ من فرسان السپاهية العثمانية الثقيلة الذين احتفظ بهم السلطان بايزيد يلدريم في قوات الاحتياط. [45]
وهكذا، تفعَّلت على أرض الواقع الخطة الحربية الذكية للجيش العثماني بشكل كامل، وبلع الصليبيون الطعم الذي جرّهم إلى المهلكة على أيدي العثمانيين.
حقل أوتاد الخيول
كتب المؤرخون عن الخيول التي تخوزقت على تلك الأوتاد، وراكبيها الذين ينزلون ويسحبون الأوتاد للسماح للخيول بالمرور، والهزيمة الأولية للمشاة العثمانيين الذين انسحبوا للأمان خلف فرسان السپاهية العثمانيين:
- وفقًا للمفهوم الأكثر شيوعًا عن تلك الواقعة، فقد اقتحم الفرسان الفرنسيون المدرعون والمدججون بالسلاح قوات الإنكشارية الذين أطلقوا السهام على المهاجمين من الأقواس وتمكنوا من إيقاف هجومهم. أطلق جنود الإنكشارية السهام بكثافة على العديد من الخيول، فسقطت وسط هذا الارتباك بعض الخيول في الخنادق الدفاعية التي حفرها الإنكشارية، وظلت باقي الخيول مرعوبة فزِعَة وألقت بأصحابها من على ظهورها.
- قال مؤرخون آخرون إن الفرسان الفرنسيين الذين اكتسبوا خبرة كافية في حرب المائة عام ضد إنجلترا، قد نزلوا عن صهوات جيادهم أمام العوائق المعدنية وبدأوا في مهاجمة الإنكشارية سيرًا على الأقدام، تاركين الخيول وراءهم مع بعض المسلحين لإحضارها بعد تحطيم دفاعات الإنكشارية، وهكذا فَقَدَ الفرنسيون الميزة الحربية للهجوم بالخيول.
مهلكة الفرسان الفرنسيين
اندفعت فرسان السپاهية العثمانية الأشداء إلى الأمام في مواجهة الصليبيين المُنهكين، يُصاحبهم أبواق النداء بهجوم مضاد وقرع طبول الحرب يصيحون "الله أكبر!"، فبلغ الإحباط من الفرنسيين مبلغاً واضحًا إذ انكسر بعض الفرسان وهربوا مذعورين عائدين إلى أسفل المنحدر، بينما حارب الباقون وقاوموا العثمانيين بشدّة على مقولة "لا خنزيرٌ مُزبِدٌ ولا ذئبٌ غاضبٌ سيكون أكثر شراسةً (من العثمانيين)"، على حد تعبير أحد المؤرخين المعاصرين. [45]
سقطت الراية الفرنسية الكبرى 6 مرات على الأرض وتناوب على رفعها 6 رجال مختلفين قُتلوا في كل مرة، حتى أخذها العثمانيون من يد أمير بحار فرنسا يُوحنَّا الڤيانّي الذي رفعها لآخر مرة حتى قُتل هو الآخر. [4]
لم تنجح هذه المقاومة العنيدة من الفرنسيين في تلافي وقوع الهزيمة المحتمة. [4]
تضارب المصادر
بعدما هُزمت القوات الفرنسية-البُرغُونيَّة بالكامل، تبدو الأحداث اللاحقة غير واضحة من خلال الروايات المتضاربة.
تلاحظ المؤرخة باربرا توكمان أنه "من بين الروايات المختلفة، لا يجب أن يكون هناك وصف موحّد لتحركات وحظوظ ساحة المعركة؛ إذ لا يوجد سوى مشهد متعدد الألوان." [86]
وعلى الرغم من تضارب المصادر بعد هزيمة الفرنسيين، إلا أن المصادر الأوروپية والعثمانية تتفق على أنه بعد هزيمة الفرنسيين، تبع ذلك هزيمة القوات المجرية وحلفائها.
مقتل بعض قادة الفرنسيين
أصيب يُوحنَّا الڤيانّي أمير بحار فرنسا، الذي مُنح شرف حمل البيرق الفرنسي في المعركة باعتباره الفارس الأكبر سناً، عدة مرات متتالية أثناء محاولته حشد معنويات مواطنيه على الرغم من تقدمه في السنّ، قبل أن يخرّ صريعاً مقتولاً بأيدي جنود العثمانيين الأشداء.
من بين الفرسان البارزين الآخرين الذين قُتلوا:
استسلام قادة الفرسان الفرنسيين
وقع يوحنا الجسور كونت نيڤير القائد الأعلى للحملة الصليبية في قبضة العثمانيين مُهدَّداً بالقتل تحت سيوفهم، فألقى حرَّاسُه الشخصيون أنفسهم على الأرض مستسلمين صامتين للمطالبة بحياة سيدهم. وعلى الرغم من إعلان الجهاد، إلا أن العثمانيون كانوا مهتمين أيضاً بأسر النبلاء، فأسروا يوحنا الجسور كونت نيڤير ولم يقتلوه.[21][29][16]
عندما رأى الجنود سيدهم يوحنا الجسور كونت نيڤير يُساقُ أسيراً، استسلم بقية الفرنسيين وتوقف الفرسان عن المقاومة.[87]
تطويق الجيش الصليبي
الترتيب الزمني للأحداث غير واضح من خلال المصادر التي وصلتنا، لكن يبدو أنه بينما كان الفرنسيون يتقدمون صعودًا على المنحدر، كانت خيالة العثمانيين السپاهية أو الآقنجية تلتف على طول جناحي جيش الصليبيين، مكتسحين من يظهر أمامهم حتى أتموا تطويق الصليبيين.
تحكي الروايات عن معركة وقعت وسط هذا الارتباك بين المجريين وجنسيات أخرى صليبية على السهول وعن تدافع للخيول التي سقط عنها فرسانها. [45]
دور القوات المجرية
واصل مشاة الصليبيين المجريين وحلفائهم التقدم حتى وصلوا وعاينوا مَقتَلَةَ الفرسان الفرنسيين وسط العثمانيين وفرار من نجح منهم في النجاة من التطويق العثماني، [45] وهنا تختلف المصادر في دور الجيش المجري وحلفائهم.
هناك معركة مشكوك في وقوعها ولم تنجح المصادر في تأكيدها، تدّعي أن سيغيسموند قد سارع بثقة على رأس القوات المشتركة إلى مساعدة الحلفاء المهزومين. وتبعاً لهذا الرأي، فإن سيغيسموند عندما وصل مع المشاة بتأخير كبير وشاهد الفرسان الفرنسيين يُقتلون ويهربون مذعورين من هول المفاجأة والرعب، فإنه قد شنّ هجومًا على القوات العثمانية الرئيسية، ولفترة من الوقت خاض على ما يبدو معركة مع فرسان السپاهية العثمانيين المدرعين تدريعاً جيداً، قاتل فيها سيغيسموند وسيد فرسان رودس الاسپتارية والألمان لمنع تطويق خيالة العثمانيين السپاهية للصليبيين، "بمذبحة لا تُوصف" على كلا الجانبين، على حد تعبير المؤرخين.[56] وأن القوات المجرية، وهي تشق طريقها عبر حشود الأوتاد المغروزة في الأرض، قد شدت العنان لمعركة دامية خاسرة.[88]
أما الرأي المُثبت، فإن قوات الملك سيغيسموند قد ولّت هاربة بدون قتال عندما رأت تطويق العثمانيين للفرنسيين، وثبت في جميع المصادر فرار سيغيسموند إلى الأسطول الراسي بنهر الدانوب ولا خلاف على ذلك.[89]
وسواء اختلفت المصادر حول قتال سيغيسموند وحلفائه ضد القوات العثمانية أم لا، فإن الثابت هو أن العثمانيين تغلَّبوا على قوة سيغيسموند ملك المجر حتى دحروهم وأصبح شغلهم الشاغل كيفية النجاة بأرواحهم من هذه المَهلكة. [45]
دخول فرسان الصرب
كان تعزيز الصرب للعثمانيين بحوالي 1,500 من الفرسان الصرب بقيادة الأمير أسطفان لازاريڤيتش أمرًا بالغ الأهمية، [47] إذ أن دخولهم المعترك في هذا التوقيت وهجوم سلاح الفرسان الصربي الثقيل مع العثمانيين المشتبكين ضد الصليبيين، قد أدى إلى تشتيت الصليبيين تماماً. [56]
تذكر بعض المراجع أن تعداد الصرب كان 5,000 فارساً بقيادة أسطفان لازاريڤيتش. [45]
نقد رؤية المؤرخين الفرنسيين
من الواضح جدًا والثابت من مختلف المصادر الآتي:
- طارد الفرسان الفرنسيون العثمانيين المنسحبين من الخطوط الأمامية.
- نزل الفرنسيون عن خيولهم وتركوها عند حقل الأوتاد.
- ثم اخترقوا مقدمة الجيش العثماني متقدمين سيرًا على الأقدام مثقلين بالدروع.
- هرعت إليهم القوات العثمانية الرئيسية، بما في ذلك فرسان السپاهية المدرعة.
- التفّ فرسان الآقنجية الخفيفة خلف الفرنسيين وأغلقوا الحَلَقَة حولهم.
- اكتمل تطويق الفرنسيين بأكملهم وسط العثمانيين الذين أعملوا فيهم القتل.
- سرعان ما استسلم الفرنسيون المتعبون، وبعد بعض محاولات القتال، استسلم معظم الجيش الصليبي.
ولكن المؤرخين الفرنسيين يرون أن الفرنسيون قد انتصروا، وكان من الممكن أن يحصدوا نصرًا كاملاً إذا ما استغل سيغيسموند هذا النجاح وتبعهم مع الجيش الرئيسي.
ووفقًا للمؤرخين الآخرين، فإنه لمّا رأى المجريون الفرنسيين مُطوَّقين، ركضوا هاربين دون رمية واحدة أو ضربة سيف. [45]
والواقع أن الفرسان الفرنسيون قد اندفعوا بدون تنسيق مع المجريين وانفصلوا عن مشاة الجيش المجري بمسافة كبيرة ليلحقوا العثمانيين الظاهرين أمامهم، فلم يكن هناك احتمال بأن تساندهم قوات سيغيسموند التي ولت هاربة بدون قتال عندما رأت نهاية الفرنسيين تحت سيوف العثمانيين وشاهدوا بأعينهم إعمال القتل فيهم إلى أن توقف الفرنسيون يائسين من القتال مستسلمين لإنقاذ أرواحهم من القتل.
وبذلك يتضح عدم موضوعية المؤرخين الفرنسيين، وأنهم قد غلَّبوا انتماءاتهم العرقية فوق حيادية الحُكم التاريخي على رعونة قرارات قادتهم ونقص خبرتهم القتالية وانعدام رؤيتهم الاستراتيجية لمجريات أحداث المعركة.
فوضى معسكر الصليبيين
وصفت المصادر بأن بعض الخيول والفرسان الفرنسيين الذين نجوا من التطويق والقتل قد ركضوا عائدين إلى معسكر الصليبيين فراراً من القتل حيث كان سيغيسموند قد رتب قواته للتوّ، فتسبب الناجون الذين أبلغوا عن مقتلة الفرسان الفرنسيين في بث الذعر وسط معسكر الصليبيين والرعب من قدوم العثمانيين الوشيك عليهم، ولم يستطع سيغيسموند إخماد الفوضى.
فبدأ هروب الصليبيين بشكل جماعي قبل قدوم القوات العثمانية إلى معسكر الصليبيين.
عُقدت صفقة مع بقايا الصليبيين المذهولين أمام الفجيعة، واستسلم جيش سيغيسموند المذهول من هول المعركة للعثمانيين الذي استكملوا هزيمة الصليبيين.
من الذين فروا من ساحة المعركة، نجا القليل منهم.
فرار سيغيسموند ملك المجر
عندما رأى الملك سيغيسموند ضغط القوات العثمانية وتيقن من الهزيمة الكاملة، فرّ من المعركة وقفز وحاشيته المباشرة إلى نهر الدانوب وسبحوا إلى السفن. [17]
لاذ بالفرار سيد فرسان رودس مع سيغيسموند واستقلّا قارب صيد أوصلهما إلى سفن البندقية الراسية في منتصف نهر الدانوب مقابل قلعة نيقوپوليس.[56][26]
قاد الكونت "هيرمان الثاني من تسليه" (بالإنجليزية: Hermann II, Count of Celje)، حاكم هاپسبورغ كارنيولا وابن عم زوجة سيغيسموند المتوفاة، القوة التي سهلت فرار سيغيسموند ملك المجر، وفيما بعد، تزوجت ابنته باربرا دي تسليه من الملك سيغيسموند نفسه.[90]
أبحر سيغيسموند ملك المجر في النهر خائفًا من غدر الأفلاقيين متجهاً إلى البحر الأسود ثم القسطنطينية قبل أن يعود إلى دياره عن طريق البحر. [17]
عاد القادة الفارون بتلك السفن إلى ديارهم في التفاف بحري كبير عبر المياه. [26]
فرار الصليبيين من المعركة
هرب جنود الأفلاق من الجناح الأيسر للجيش الصليبي وهربت الفرسان الخفيفة لترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) والمجريين من الجناح الأيمن على عجل، بينما ظل الفرسان المدرعون في المنتصف.
بعد أن ولّت القوة الفرنسية أدبارها منهزمة وشرع القادة الصليبيون بالانسحاب من الميدان هرباً من المقتلة، حاول الجنود الصليبيون النجاة عن طريق نهر الدانوب، حيث كان ينتظرهم الفرسان السپاهية العثمانيون، فوقع منهم عشرة آلاف أسير في أيدي العثمانيين، [50] بينما حاول الباقون الهرب عبر النهر فغرق منهم الكثير.
حاول الكثيرون السباحة إلى القوارب في النهر ليصعدوا عليها، حتى أن العديد من القوارب قد غرقت بسبب ثقل الحمولة؛ ولذلك قام الذين نجحوا في الصعود على متن القوارب بدفع كل من يحاول الصعود إليها من الماء ليمنعوهم، خوفا من غرق تلك القوارب.
وغرق الكثيرون ممن حاولوا السباحة على طول الطريق عبر النهر.
وجد الصليبيون الذين عبروا نهر الدانوب محاولين العودة إلى ديارهم عن طريق البر، أن الأراضي التي كانوا يمرون عليها قد جردها بالفعل من العلف القوة المنسحبة من جيش الأفلاق.
مقتل "بان" كرواتيا
تعرّف السلطان بايزيد الأول وتابعه حاكم صربيا أسطفان لازاريڤيتش على جثة "بان" كرواتيا "نقولا الثاني جارائي" كبير البلاط الملكي المجري وصهر لازاريڤيتش، الذي قاتل إلى جانب سيغيسموند ملك المجر.
نتائج المعركة
أسفرت معركة نيقوپوليس عن نصر حاسم عظيم للمسلمين كان له أعظم الأثر في العالم الإسلامي بأسره، [50] ووقعت بشارة الفتح في كل مكان مسلم، وأرسل السلطان بايزيد الأول إلى كبار حكام العالم الإسلامي يبشرهم بالفتح وبالعديد من أسرى الصليبيين كهدايا وسبايا لهؤلاء الحكام باعتبارهم دليلاً مادياً على روعة النصر.[91]
قال سيغيسموند ملك المجر لاحقًا لسيد فرسان الإسپتارية: "لقد خسرنا اليوم بسبب غرور وعُنجُهِيَّة هؤلاء الفرنسيين. إذا استمعوا لنصيحتي، كان لدينا عدد كافٍ من الرجال لمحاربة أعدائنا".
أعلن المؤرخ جان فرويسارت: "منذ معركة ممر رونسڤال [عام 778م] عندما قُتل [جميع] أقران فرنسا الإثني عشر، لم يتلق العالم المسيحي خراباً جللاً مثل هذا." [92]
خسائر المعركة
ذكر المؤرخ التركي يلماز أوزتونا أن حوالي 100,000 جندي صليبي قد غرقوا في النهر. [4]
كما وقع حوالي 10,000 جندي صليبي أسرى بيد العثمانيين، وتمكن حوالي 20,000 من الهرب منفردين. [4][28]
خسائر العثمانيين غير معلومة، ولكن تذكر المصادر الأوروپية أن حجم الخسائر قد بلغ 30,000 جندي عثماني بين قتيل وجريح، بينهم فيليبار دو نائيّاك قائد فرسان الإسپتارية وأمير بحار فرنسا يُوحنَّا الڤيانّي. [4]
الأسرى الصليبيين والفداء
قبِل السلطان بايزيد دفع الفدية وأطلق سراح الأسرى. [26]
تعرّف العثمانيون على "جاك الهيلي" (بالفرنسية: Jacques de Helly)، وهو فارس فرنسي كان قد خدم سابقاً في عهد السلطان مراد الأول والد السلطان بايزيد، وجعلوه يُحدد كبار النبلاء من بين الأسرى.
جُمع لورد "كوسي" أونجورون الثالث وهنري حاكم دوقية بار وشرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" و"غي دو تريموايّ" والعديد من غيرهم مع يوحنا الجسور كونت نيڤير للفداء بالمال. [10][66]
إعدام بعض الأسرى جزاء الغدر
قام السلطان بايزيد الأول بجولة في ساحة المعركة في وقت لاحق من ذلك اليوم على أمل العثور على جثة ملك المجر، واستشاط غضبه بعد اكتشاف جثث مذبحة أورياهوڤو الهمجية للضباط الأسرى العثمانيين المغدورين، فأمر بأن يُجمع أمامه في صباح اليوم التالي (26 سبتمبر/أيلول) جميع السجناء.
تذكر بعض المراجع أن السلطان قد ثار عندما سمع من حامية قلعة نيقوپوليس أنهم شاهدوا ذبح الأسري العثمانيين قبل المعركة، فلما عاين الجم الغفير من رجاله صرعى أمر بقتل أسراه البالغين 10,000 صليبي. [45]
وقف يوحنا الجسور كونت نيڤير وبقية الأسرى النبلاء بجانب السلطان بايزيد الأول ليشاهدوا عمليات الإعدام.
تعرَّف العثمانيون على مشير فرنسا يُوحنَّا مينجر (بوسيكو) في صفوف الأسرى، فارتمى يوحنا الجسور كونت نيڤير على الأرض راكعاً على ركبتيه أمام السلطان وأشار بأصابعه المتشابكة إلى أنه و"بوسيكو" مثل الإخوة، فأخرجه العثمانيون من صفوف الإعدام، وجُمع مع النبلاء الآخرين.
أما الباقون، الذين يُعتقد أن عددهم عدة آلاف، فقد رُبِطوا معًا في مجموعات من ثلاثة أو أربعة، وقيَّدوا أيديهم ليسيروا أمام السلطان، وأُمرت مجموعة من الجلادين بقتل كل مجموعة على حدة، إما بقطع الرأس أو بقطع أطرافهم عن أجسامهم، بعد وضع النبلاء جانبًا.
دفع العثمانيون وتداً إلى الأرض لقياس أطوال الأسرى، وكل من كان أطول من ذلك الوتد كان يُعدم.
استمرت الإعدامات من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من بعد الظهر، ثم أوقف السلطان بايزيد الأول الإعدامات وألغاها. وبغض النظر عن الروايات المبالغ فيها حول عدد الإعدامات، يُقال إن عدد القتلى يتراوح ما بين 300 و 3,000، على الرغم من أن عدد القتلى في ساحة المعركة كان أكثر من ذلك بكثير.[49][94]
قُطعت رؤوس معظم الفرسان الذين أسرهم العثمانيين.
كان السلطان بايزيد غاضبًا جدًا بعد علمه أن الجيش الصليبي قد ذبح الأسرى المسلمين وحتى الأرثوذكس في المكان الذي مر به.[79]
معاملة الأسرى صغار السنّ
لم يقتل العثمانيون أي أسير عمره أصغر من 20 عاماً من الجنود الأسرى الصليبيين.[95]
نجت حياة الجنود الصليبيين الأسرى الذين كانوا في سن مبكرة وأُرسلوا إلى العائلات العثمانية ليتربوا كمسلمين.
قَسَمُ يوحنا الجسور كونت نيڤير
عرف يوحنا الجسور كونت نيڤير العثمانيين لأول مرة في معركة نيقوپوليس، وأُعجب بقيادة السلطان بايزيد وبطولاته وما رآه من معاملة أسراه، فأقسم أنه لن يرفع سيفًا على العثمانيين مرة أخرى إذا حرروه من الأسر.[96][29]
بعد إطلاق سراحه مقابل فدية، اتصل به السلطان يلدريم بايزيد وردّ عليه قَسَمَهُ قائلاً: "أُعيد إليك القَسَمَ الذي أخذته على نفسك. على العكس من ذلك، إذا كنت رجلاً ذا شرف، خذ سلاحك واحشد كل القوى المسيحية ضدي لكي تعطيني فرصةً جديدة للانتصار [عليكم]، [10] لأنني أتيت إلى العالم لكي أجاهد فقط لنشر دين الله ونيل رضاه." [97][59]
مآل الفارين من المعركة
مات العديد من الناجين الجوعى على طول الطريق بعد أن أصبحوا يتجولون في الغابة بثياب خَرِقة وبعد أن سُرقت أي ممتلكات كانت لديهم.
ربما كان أشهر القلائل الذين وصلوا إلى منازلهم بعد هذه الرحلة هو الكونت روبرت الباڤاري، الذي وصل إلى عتبة بابه مرتديًا ملابس متسول وتوفي بعد عدة أيام من محاكماته.[94]
سار الأسرى 350 ميلاً إلى جاليبولي، وقد جُرِّدوا من قمصانهم وكان معظمهم حفاة بدون أحذية، وأيديهم مقيدة.
في جاليبولي، وُضع الأسرى النبلاء في الغرف العلوية للبرج بينما حُبس السجناء الـ300 الذين كانوا نصيب السلطان من الأسرى العاديين في الأسفل. مرت السفينة التي تحمل سيغيسموند ملك المجر على بعد نصف ميل من البرج أثناء مرورها عبر مضيق الدردنيل، فقام العثمانيون بوضع الأسرى على طول الشاطئ واستدعوا ساخرين سيغيسموند ليأتي وينقذ رفاقه المأسورين.
"ساد البلاء جميع القلوب" |
—ميشال پانتوان المعروف باسم "راهب القديس دوني" |
قام سيغيسموند أثناء وجوده في القسطنطينية بمبادرات لفدية الأسرى، لكن السلطان بايزيد كان يدرك تماماً أن ثروة المجر قد استُنفدت في الحملة الصليبية وأنه يمكن الحصول على فديات من فرنسا.
وبعد مكوثهم شهرين في جاليبولي، نُقل الأسرى السجناء إلى بورصة عاصمة العثمانيين الواقعة في آسيا.[98]
وصول نبأ الهزيمة إلى فرنسا
في الأسبوع الأول من ديسمبر، وصلت أخبار المعركة في صورة شائعات عن هزيمة لا يمكن تصورها إلى باريس، ونظرًا لعدم وجود أخبار مؤكدة، فقد سُجن مروِّجي الشائعات في "الحصن الصغير" (بالفرنسية: Grand Châtelet)، وفي حالة إدانتهم بالكذب، كان يُحكم عليهم بالإعدام غرقاً.
سارع كل من ملك فرنسا وفيليپ دوق بورغونيا ولويس الأول دوق أورليان وهنري حاكم دوقية بار إلى إرسال المبعوثين إلى البندقية والمجر لجلب الأخبار، وفي 16 ديسمبر، نقلت السفن التجارية إلى البندقية خبر هزيمتهم في نيقوپوليس وهروب سيغيسموند ملك المجر.[99][31]
"الجنازات من الصباح إلى المساء". |
—ديشون |
كلَّف السلطان بايزيد الفارس الصليبي جاك الهيلي الذي تعرّف على النبلاء بعد المعركة، بالسفر لإبلاغ ملك فرنسا ودوق بورغونيا بانتصاره ومطالبته بالفدية، بعد تعهده بأن يعود إلى السلطان.
سافر جاك إلى باريس في عيد الميلاد وجثا على ركبتيه أمام الملك وروى عن الحملة الصليبية والمعركة والهزيمة ومذبحة الصليبيين الغادرة للأسرى وما استتبعه من إعدام الأسرى الصليبيين جراء تلك الوحشية وهمجية الصليبيين، كما حمل رسائل من يوحنا الجسور كونت نيڤير والأسرى النبلاء الآخرين، أما أولئك الذين لم يحمل لهم جاك رسائل معه، فقد افترضوا أنهم قد ماتوا جميعا، وتجمّع أعضاء البلاط الملكي يبكون حول جاك للحصول على مزيد من المعلومات حول أحبائهم.
"كان من المؤسف سماع الأجراس كادحة في جميع الكنائس في باريس" |
—أُعلن يوم 9 يناير يوم حداد في جميع أنحاء فرنسا |
وفقًا لميشال پانتوان (بالفرنسية: Michel Pintoin) (حوالي 1350م-حوالي 1421م) المعروف باسم "راهب القديس دوني" (بالفرنسية: Religieux de Saint-Denis)، كتب يصف الوضع: "ساد البلاء جميع القلوب" وكتب ديشون (بالفرنسية: Deschamps) عن "الجنازات من الصباح إلى المساء".
أُعلن يوم 9 يناير يوم حداد في جميع أنحاء فرنسا وفي ذلك اليوم "كان من المؤسف سماع الأجراس كادحة في جميع الكنائس في باريس".[100]
اتفاقات فداء الأسرى الصليبيين
غادر وفد من باريس يحمل هدايا نفيسة إلى السلطان بايزيد في 20 يناير 1397م، للتفاوض بشأن الفدية، وغادر جاك الهيلي بالفعل برسائل إلى الأسرى، ملتزمًا بقَسَمِ العودة إلى السلطان.
"ملحمةٍ عظيمةٍ لم يكن مثلها في الأعصار" |
—الإمام ابن الجزري الذي كان شاهد عيان على تلك الموقعة الكبيرة |
أصبحت مُساعَدة جيان جالياتسو ڤيسكونتي دوق ميلانو حيوية، حيث كانت له اتصالات واسعة في البَلاط العثماني. ولهذا الغرض، أُرسِلَ إليه المبعوثين لإبلاغه بموافقة ملك فرنسا المتأخرة على السماح له بإضافة "زهرة الزنبق" إلى شعار درع ڤيسكونتي، على أساس أن زوجة جالياتسو الأولى كانت من أفراد البيت الملكي الفرنسي، ولكن في حقيقة الأمر كانت تلك رشوة للحصول على وساطته عند السلطان بايزيد ولحثه على بذل الجهد معهم.
في غضون ذلك وصل المبعوثون الذين أُرسلوا في أوائل ديسمبر إلى البندقية، وبعد أن علموا بمصير الأسرى شقّوا طريقهم إلى بورصة عاصمة العثمانيين.
أصبحت البندقية، بسبب شبكة التجارة الخاصة بها، مركزًا لتبادل الأخبار والمال وفداء الأسرى.[101]
في 13 فبراير 1397م، توفي لورد "كوسي" أونجورون الثالث مريضًا أو ربما بسبب جروح المعركة.
أُطلق سراح كل من مشير فرنسا يُوحنَّا مينجر (بوسيكو) و"غي دو تريموايّ" بعد تعهدهما بالحصول على تمويل في بلاد الشام، وعندما وصلا إلى جزيرة رودس مرض دو تريموايّ وتوفي في عيد الفصح.
توصَّلَ المفاوضون الفرنسيون في بلاط السلطان أخيرًا في يونيو إلى اتفاق بشأن فدية قدرها 200,000 فلورين من الذهب، ثم توفي شرطي فرنسا فيليپ الأرتوائي قُمَّس "أو" في 15 يونيو.
أُطلق سراح الأسرى السجناء بدفعة مُقدمة قدرها 75,000 فلورين في 24 يونيو بناءً على وعدهم بالبقاء في البندقية حتى دفع الفدية المتبقية. ومع ذلك، وجد النبلاء أنه من غير المعقول أن يسافروا قافلين إلى بلادهم بأقل من أُبَّهَتهِم المعتادة، فاقترضوا مبلغاً إضافياً يقترب من مبلغ الفدية من أجل إعادة تهيئة أنفسهم.
وعند وصولهم إلى البندقية في أكتوبر وبعد التوقف في جزر مختلفة لاستعادة الأموال واقتراضها، كانت المعاملات المالية المطلوبة لتقديم الفدية ودفع ترتيبات السفر ونفقات المعيشة للنبلاء معقدة للغاية.
استغرقت معاملة مالية ثلاثية الجوانب بين بورغونيا وسيغيسموند والبندقية 27 عامًا لتسويتها. وعندما تفشي الطاعون في البندقية وتطلب من النبلاء أن ينتقلوا مؤقتًا إلى تريڤيزو، ظلوا يطالبون هنري حاكم دوقية بار بالمبلغ الذي عليه.[102]
عودة الأسرى الصليبيين
في يوم خروج الأمراء والفرسان الصليبيين ليعودوا إلى بلادهم، فاجأهم السلطان بمائدة طعام ذاخرة، فتعجبوا من صنيعه الإنساني على الرغم من سوء معاملتهم للأسرى المسلمين والغدر بهم، فأقسموا بأنهم لن يعاودوا الهجوم على أراضي الدولة العثمانية في الأناضول أو الروملى، ولن يرفعوا السلاح في وجه الجيش العثماني مرة أخرى. [16]
عاد آخر القادة الصليبيين إلى فرنسا في فبراير 1398م: يوحنا الجسور كونت نيڤير، ومشير فرنسا يُوحنَّا مينجر (بوسيكو)، و"غي دو تريموايّ" وجاك دي لا مارش، إلى جانب سبعة أو ثمانية فرسان آخرين، فاستقبلوهم بالمنشدين والحفلات والمَسِيرات أثناء سفرهم عبر المملكة.[103]
آثار ما بعد المعركة
- معركة نيقوپوليس هي الحرب الوحيدة في الأيام الأولى للإمبراطورية العثمانية، التي قُتل فيها بعض الأسرى، وذلك لسبب خاص هو ذبح الصليبيين للأسرى المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس من أورياهوڤو، في سابقة غدر مخيفة ومخالفة لأعراف الحروب وأخلاق الفروسية والمعاهدات.
تغير سياسة سيغيسموند
- حدثت الهزيمة بشكل رئيسي بسبب الهجوم الكارثي على قلب الجيش الصليبي، وهو فيلق من الفرسان الفرنسيين في أغلبه. ووفقًا للمصادر، فقد دفعهم الفرنسيون على مضض إلى الأمام وحاصرهم العثمانيون. اندلع الذعر في بقية الجيش، وفرّت الجيوش المساعدة من ترانسيلڤانيا (إمارة الأردل) والأفلاق، وحطمت القوات العثمانية الجيش الرئيسي المجري. كان هذا أول فشل في السياسة الخارجية سيغيسموند ملك المجر.
- تعلم سيغيسموند من الهزيمة وأدرك أنه يجب عليه اختيار الدفاع بدلاً من الهجوم، لأنه لم تكن مملكة المجر ولا الدول المسيحية الأخرى قوية بما يكفي لهزيمة العثمانيين في دَفعة واحدة.
- في الجمعية الوطنية التي عُقدت في تيميشوارا بغرب رومانيا عام 1397م، قدّم سيغيسموند جيشاً جديداً، حيث أجبر مُلَّاك الأراضي على تقديم فرسان من الرماة مع مشاة من العبيد، وبدأ في بناء نظام حصون حدودي لحماية الحدود من الهجمات العثمانية، وبنىَ العشرات من التحصينات.
- بعد الهزيمة، عهد سيغيسموند بالقيادة إلى جنود ممتازين مثل پيپو سپانو (بالإنجليزية: Pippo Spano) الإيطالي، وسرعان ما ظهر يوحنا هونياد الأمير المجري على الساحة، وهو شخص موهوب عسكرياً ناوئ العثمانيين لفترة من الزمن حتى قُتل أثناء حملة عسكرية ضد القوات العثمانية في 11 أغسطس 1456م.
توقف الحملات الصليبية
- تركت الهزيمة الفادحة للصليبيين انطباعًا دائمًا في العالم الغربي، ليس فقط على المتضررين بشكل مباشر بالهزيمة، ولكن أيضًا على أولئك الذين لم يكن لهم سوى علاقة غير مباشرة أو حتى الذين لم تكن لهم علاقة بالحملة، فلم ينادي أي أحد بحملة أخرى بعدها. [17]
- لم تخرج أي حملة جديدة من أوروپا الغربية لوقف التقدم العثماني في البلقان بعد هذه الهزيمة حتى أربعينيات القرن الرابع عشر.[104]
- ثبّط العثمانيون تشكيل تحالفات أوروبية مستقبلية ضدهم من خلال انتصارهم في معركة نيقوپوليس، وحافظوا على ضغطهم على القسطنطينية، وشددوا سيطرتهم على البلقان، وأصبحوا يمثلون تهديدًا أكبر لوسط أوروپبا.[105][33]
- اتضح للصليبيين بعد المعركة أنه كان من المستحيل هزيمة العثمانيين في البلقان.[33]
- تضاءلت مكانة المجر عند المجتمع المسيحي الأوروپي وراحت هيبة الدولة ورهبتها بعد الهزيمة الشنعاء، وفرار الملك من المعركة. [26]
- أشار المؤرخ الهولندي يوهان هويزينجا (ديسمبر 1872م-1 فبراير 1945م) إلى "العواقب المؤسفة للشروع في إدارة الحُكم بتهور في مشروع ذي أهمية حيوية، بروح الفروسية المغامِرة"، [106] وأن المشاركين في الحملة والمؤرخين المعاصرين لها لم يحللوا الحدث وفقاً لهذا المفهوم.
بناء مسجد في القسطنطينية
ازدادت عزلة القسطنطينية تحت الحصار العثماني وفقدوا الأمل بعدما ذهبت محاولة حملة الإنقاذ الصليبية هباءً منثورا،[29] وشدّد السلطان بايزيد الحصار عليها تمهيداً لفتحها،[25] ثم قَبِل الصلح مع البيزنطيين وفك بموجبه الحصار مقابل مبلغ عشرة آلاف دينار مع السماح للمسلمين ببناء مسجد في القسطنطينية لإقامة شعائر الدين الحنيف، [66] وأن تُقام لهم محكمة شرعية للنظر في قضايا المستوطنين المسلمين بها. [10]
وتردد الآذان خمس مرات كل يوم من فوق المآذن بالقسطنطينية، [26] وفرض السلطان بايزيد تعيين قاضٍ مسلم في القسطنطينية ليفصل بين المسلمين في قضاياهم، كما خصص 700 منزل داخل العاصمة البيزنطية لأبناء المسلمين. [26]
كما تنازل الإمبراطور البيزنطي عن نصف "حي غلطه" بالقسطنطينية للمسلمين ووُضعت به حامية عثمانية قوامها 6,000 جندي عثماني. [26]
وزادت الجزية على القسطنطينية، وفرض العثمانيون الضرائب على الكروم ومزارع الخضروات الواقعة حول القسطنطينية. [26]
سلطان الروم
أرسل السلطان بايزيد يلدريم إلى الخليفة المتوكل العباسي بالقاهرة يطلب منه الإقرار على لقب سلطان الروم (الأناضول والبلقان)، كدليل على وراثته الدولة السلجوقية، [53][26] ودليل على العزم الذي اتخذه بايزيد على مواصلة الجهاد ضد أوروپا حتى يفتحها كلها، [1] حتى يتسنى له بذلك أن يُسبغ صفةً شرعيةً على دولة بني عثمان بين أبناء ودول العالم الإسلامي. [26][28]
وافق على ذلك السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق، حامي الخليفة، [26] وخاطبه الخليفة العباسي الموجود في مصر في رسالة بعبارة "سلطان إقليم الروم"، [16] وانساح كثير من المسلمين إلى بلاد الأناضول حيث الدولة العثمانية القوية المظفرة، وهاجر إليها الكثيرون لخدمتها.[33] وكان الملك الظاهر يقول: "ما أخشى من تيمورلنك، فإن كل أحد يساعدني عليه، وإنما أخشى من بني عثمان، إذا وقع بينهم الخلف".[107]
وبهذا أصبح السلطان بايزيد الأول هو أول من حمل لقب "سلطان" من آل عثمان. [1]
انتقل إلى الأناضول الآلاف من أبناء المسلمين، وساهموا في اقتصاد الدولة وفي العلوم وفي الأعمال الحكومية، وأتى الكثيرون من إيران والعراق وبلاد ما وراء النهر، بالإضافة إلى أولئك الذين فرُّوا من دخول تيمورلنك المغولي. [26]
حملات العثمانيين
- بعد معركة نيقوپوليس، دخل العثمانيون إلى المجر وعادوا بغنائم كثيرة.
- واصلت الأفلاق موقفها ضد العثمانيين، بعد أن أوقفت حملة أخرى في العام التالي 1397م، وفي عام 1400م كانت هناك حملة عسكرية أخرى للعثمانيين.[28]
- اقتص السلطان بايزيد من حكام شبه جزيرة المورة الذين حالفوا الصليبيين، فشن عليهم حملة ودمرهم، [30][2] وعاقب حكامها على موقفهم المُعادي الذي اتخذوه والخراب الذي أحدثوه، [26][32] ففتح آرغوس وآتيكا وسيلڤري وحاصر كورنشة. [28]
- سيطر السلطان بايزيد على ساحل بحر مرمرة وتحكم في الدردنيل وحكم معظم آسيا الصغرى والبلقان تقريباً. [45]
نهاية الإمبراطورية البلغارية الثانية
- يُنظر أيضًا إلى معركة نيقوپوليس على نطاق واسع على أنها سطّرت نهاية الإمبراطورية البلغارية الثانية، حيث أن الآمال في إحياءها قد انتهت بهزيمة الصليبيين جميعاً، وبضبط آخر حكام بلغاريا إيڤان سراتسيمير وأسره، ثم إعدامه في بورصة عاصمة العثمانيين.[108]
الأحداث التي تلت المعركة
تجدد حرب المائة عام
سرعان ما تجددت الحرب في أوروپا الغربية بين إنجلترا وفرنسا بعد تلك الحملة مباشرة في حرب المائة عام، [21] وتجددت صراعات سيغيسموند مع جمهورية البندقية، وحروبه ضد الهوسيين.
وفاء السلطان بايزيد الأول بنذره
نذر السلطان بايزيد الأول أن يبني عشرين جامعًا من مال الغنائم إن قُدِّر لهُ النصر في تلك الحرب على الصليبيين. فانهزمت جيوش التحالف الصليبي في نيقوپوليس على يد الجيوش العثمانية، [109] وكانت نهاية الإمبراطورية المجرية الثانية.[110]
بعد تمام النصر، سارع السلطان بايزيد الأول في العاصمة العثمانية بورصة مع رجاله إلى تحديد الأماكن التي ستُبنى عليها هذه المساجد العشرون وفاءً بنذره.
بعد فترة من البحث، اكتشف السلطان صُعوبة بناء عشرين جامعًا؛ فطلب من عُلماء الإسلام المُحيطين به، ومنهم صهره وزوج ابنته ومستشاره الشيخ «أمير سلطان» إيجاد حلٍّ له، فوجدوا أنَّهُ قد قال في نذره «عشرين قبَّة» ولم يقل مساجد حرفيًّا، على اعتبار أن القبّة تعني مسجدًا واحداً، فاعتبروا أنَّهُ إذا بَنَى مسجدًا جامعًا كبيراً يحوي عشرين قبَّة يكون قد أوفى بِالنذر.
وهكذا بُني مسجد أُولو جامع، ومعناه: "الجامع الكبير" في بورصة عاصمة الدولة العثمانية حينئذ، على شكلِ مستطيلٍ تَعلُوُه عشرونَ قُبَّة كبيرة مُتلاصقة توجد تحت كل قبَّة منها مساحة كبيرة لِلصلاة، والمستطيل على شكل مصفوفة قباب «5x4»: خمسة قباب بِاتجاه القبلة، ووراءهم مثلهم لأربعةِ صفوفٍ، وتحت كُل قبَّة مساحة مسجد من مساجد ذلك الزمان.
مازال هذا المسجد الجامع قائماً في مدينة بورصة بتركيا حتى يومنا هذا وتُقام فيه الصلوات، ومعروض به أقدم كسوة كاملة في العالم لباب الكعبة المشرّّفة، إذ تعود لفتح العثمانيين مصر عام 1517م وانتقال الخلافة الإسلامية إليهم.[111]
أصبح مسجد «أُولُو جامع» أحد أهم خمسة مساجد في العالم الإسلامي في زمن بنائه، ويُعتبر بداية انطلاقة العمارة العثمانية.
عهد الفترة العثماني
بعد 6 سنوات من المعركة، تفككت الإمبراطورية العثمانية لبعض الوقت بسبب دخول تيمورلنك الأناضول من الشرق،[25] ولكن العثمانيين نجحوا في فتح القسطنطينية بعد خمسين عاما فقط. إذ انهزم السلطان بايزيد الأول على يد تيمورلنك في معركة أنقرة في صيف 1402م، [112] وأعقب ذلك فترة من الفوضى في الإمبراطورية العثمانية واستغلها ميرتشا العجوز لتنظيم حملة مع مملكة المجر ضد العثمانيين.[29]
أرسل تيمورلنك بعد فوزه في معركة أنقرة مبعوثين إلى الحكام الأوروپيين يُعلن بفخر أنه هزم السلطان بايزيد، الذي لم يتمكنوا من هزيمته. ومنحت تلك الأحداث القسطنطينية بشكل خاص، والتي تعرضت لضغوط عسكرية شديدة ومتواصلة من قِبَل العثمانيين، فترة راحة. [53]
تذكر المراجع أن البابا كان أحد الأسباب الرئيسية وراء تحريض تيمورلنك لغزو الدولة العثمانية بعد هزيمة نيقوپوليس المروعة لأن الدول الصليبية لم يعد في استطاعتها فعل شيء تجاه العثمانيين، كذلك حرضه البيزنطيون الواقعون تحت الحصار العثماني، والإمارات الأخرى القائمة في الأناضول. [16]
توسع الدولة العثمانية
هزم العثمانيون جيوش المجريين والپولنديين والأفلاقيين في معركة ڤارنا عام 1444م، ثم في معركة قوصوه الثانية عام 1448م، ثم فتح العثمانيون القسطنطينية أخيرًا عام 1453م وأصبحت بيد المسلمين، وتوقفت فتوحات العثمانيين مؤقتًا فقط في حصار بلغراد عام 1456م، ثم تلاها فتح ديسپوتية المورة عام 1460م، وإمبراطورية طرابزون عام 1461م، وإمارة ثيودورو عام 1475م، التي أنهت آخر بقايا الإمبراطورية الرومانية الشرقية البيزنطية، وكذلك الجيوب الأخيرة المتبقية من المقاومة اليونانية ضد العثمانيين في كل من البلقان والأناضول، ثم معركة موهاتش ليتمّوا فتح مملكة المجر في العصور الوسطى عام 1526م حيث هُزم المجريون من مصادمَة واحدة وفي وقت قليل لا يتجاوز ساعتين، وترتب عليها ضياع استقلال المجر بعد ضياع جيشها على هذه الصورة في هزيمة مروعة أخرى.
روابط خارجية
مصادر خارجية
- باللغة العربية
- "موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية - السياسي والعسكري والحضاري 629-1341هـ / 1231-1922م".[113][114][115]، تأليف يلماز أوزتونا (Yılmaz Öztuna)، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: د. محمود الانصاري، الدار العربية للموسوعات.
- كتاب "تاريخ الدولة العثمانية" [116][117][118][119][120][121][122] المترجم إلى اللغة العربية، أحد أشهر مؤلفات يلماز أوزتونا (Yılmaz Öztuna) كاتب وصحفي ومؤرخ تركي، ولد في 20 سبتمبر 1930م في مدينة إسطنبول التركية، وتوفي في 9 فبراير 2012 في مدينة أنقرة،[123] ترجمة عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: د. محمود الانصاري، منشورات مؤسسة فيصل للتمويل (بالتركية: FAİSAL FİNANS KURUMU)- تركيا - استانبول 1981.
- كتاب "تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة"،[124][125] أ.د. محمد سهيل طقّوش، دار النفائس.
- كتاب "تاريخ الدولة العلية العثمانية"،[21] للأستاذ محمد فريد بك المحامي، حققه: د. إحسان حقّي، دار النفائس.
- كتاب "تاريخ الدولة العلية العثمانية"، كتاب ألفه محمد فريد بك، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
- كتاب "العثمانيون رجالهم العظام ومؤسساتهم الشامخة"،[126][127] عثمان نوري طوباش،[128] دار الأرقم للنشريات والمطبوعات.
- بلغات أجنبية
- Atiya, Aziz S. (1965)، The Crusades in the Later Middle Ages، New York.
- Atiya, Aziz S. (1978)، The Crusade of Nicopolis، New York.
- Földi, Pál (2000)، Nagy hadvezérek: Hunyadi János (Great Warlords: János Hunyadi) (باللغة المجرية)، Budapest: Anno Publisher، ISBN 963-9066-66-4.
- Froissart, Jean (1400)، Froissart's Chronicles، ج. IV، ISBN 0-14-044200-6.
{{استشهاد بكتاب}}
: روابط خارجية في
(مساعدة)|عنوان=
- Parker, Geoffrey (2005)، Compact History of the World (ط. 4)، London: Times Books.
- Riley-Smith, Jonathan (1995)، The Oxford History of the Crusades، Oxford.
- Sherrard, Philip (1966)، Great Ages of Man: Byzantium: A History of the World's Cultures، Time-Life Books، ISBN 978-0-662-83340-6.
- Andrić, Stanko (2015)، "A Garai főnemesi család és a Horvát Királyság / Velikaška obitelj Gorjanski i Hrvatsko Kraljevstvo [The aristocratic Garai family and the Kingdom of Croatia]"، في Fodor, Pál؛ Sokcsevits, Dénes؛ Turkalj, Jasna؛ Karbić, Damir (المحررون)، A horvát-magyar együttélés fordulópontjai: Intézmények, társadalom, gazdaság, kultúra / Prekretnice u suživotu Hrvata i Mađara: Ustanove, društvo, gospodarstvo i kultura [Turning Points of the Croatian-Hungarian Co-habitation: Institutions, Society, Economy and Culture] (باللغة المجرية والكرواتية)، MTA Bölcsészettudományi Kutatóközpont Történettudományi Intézet, Hrvatski institut za povijest، ص. 481–492, 543–554، ISBN 978-963-416-019-9.
- Atiya, Aziz S. (1965)، The Crusades in the Later Middle Ages، New York.
- Atiya, Aziz S. (1978)، The Crusade of Nicopolis، New York.
- Földi, Pál (2000)، Nagy hadvezérek: Hunyadi János (Great Warlords: János Hunyadi) (باللغة المجرية)، Budapest: Anno Publisher، ISBN 963-9066-66-4.
- Froissart, Jean (1400)، Froissart's Chronicles، ج. IV، ISBN 0-14-044200-6.
- Grant, R.G. (2005)، Battle: A Visual Journey Through 5,000 Years of Combat، London: Dorling Kindersley.
- Housley, Norman, المحرر (1996)، Documents on the Later Crusades, 1274–1580، New York.
- Madden, Thomas F. (2005)، Crusades: the Illustrated History (ط. 1)، Ann Arbor: University of Michigan Press.
- Mango, Cyril (2002)، The Oxford History of Byzantium (ط. 1)، New York: Oxford University Press.
- Nicolle, David (1999)، Nicopolis 1396: The Last Crusade، Campaign Series، London: Osprey Publishing.
- Parker, Geoffrey (2005)، Compact History of the World (ط. 4)، London: Times Books.
- Riley-Smith, Jonathan (1995)، The Oxford History of the Crusades، Oxford.
- Sherrard, Philip (1966)، Great Ages of Man: Byzantium: A History of the World's Cultures، Time-Life Books، ISBN 978-0-662-83340-6.
- Tuchman, Barbara W. (1978)، A Distant Mirror: the Calamitous 14th Century، New York: Alfred A. Knopf، ISBN 0-345-28394-5.
- Zsolt, Hunyadi (1999)، The Crusades and the military orders: expanding the frontiers of Latin Christianity، CEU Medievalia، London: Budapest Dep. of Medieval Studies, Central European Univ. 2001، ص. 226، ISBN 978-963-9241-42-8، OCLC 260026764.
- Šuica, Marko (2009)، "Битка код Никопоља у делу Константина Филозофа" [The Battle of Nicopolis in the work of Constantine the Philosopher]، Историјски часопис، 58: 109–124.
المراجع
- "ص6 - كتاب موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي - تحول الإمارة إلى سلطنة - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 29 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "ص35 - كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر - الموقف على جبهة المسلمين في المشرق - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- عثمان نوري طوبّاش (2016م / 1437هـ)، عثمان نوري طوباش - العثمانيون رجالهم العظام ومؤسساتهم الشامخة، ترجمة: د. محمد حرب
مراجعة وتصحيح: محمد أوقومش، دار الأرقم.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|سنة=
(مساعدة)، line feed character في|آخرون=
في مكان 19 (مساعدة)، الوسيط|مؤلف1=
و|مؤلف=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة) - 1840 تاريخ الدولة العثمانية يلماز أوزتونا P.d.f كتاب 1677.
- "ص328 - كتاب موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر - بايزيد الأول بن مراد - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "معلومات عن معركة نيقوبولس على موقع britannica.com"، britannica.com، مؤرشف من الأصل في 29 يونيو 2019.
- "معلومات عن معركة نيقوبولس على موقع universalis.fr"، universalis.fr، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2019.
- "معلومات عن معركة نيقوبولس على موقع id.loc.gov"، id.loc.gov، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
- Medievalists.net (15 فبراير 2022)، "The Battle of Nicopolis (1396)"، Medievalists.net (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 15 فبراير 2022، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- "ص144 - كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية - واقعة نيكوبلي فلما علم سجسمون ملك المجر خبر ما حل ببلاد البلغار خشي علي مملكته اذ صار متاخما في عدة نقط للدولة العلية فاستنجد باوروبا وساعده البابا واعلن - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "ص140 - كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية - واقعة نيكوبلي فلما علم سجسمون ملك المجر خبر ما حل ببلاد البلغار خشي علي مملكته اذ صار متاخما في عدة نقط للدولة العلية فاستنجد باوروبا وساعده البابا واعلن - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "ص5 - كتاب الموسوعة التاريخية الدرر السنية - العثمانيون ينتصرون على ملوك أوروبا في موقعة نيقوبوليس - المكتبة الشاملة الحديثة"، al-maktaba.org، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2022.
- "Battle of Nicopolis"، World History Encyclopedia (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- الأيام الحاسمة في الحروب الصليبية.
- "BATTLE OF NICOPOLIS 1396 – LAST WESTERN CRUSADE"، Site Title (باللغة الإنجليزية)، 19 ديسمبر 2016، مؤرشف من الأصل في 26 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 ديسمبر 2021.
- عثمان نوري طوباش - كتب بالعربية .العثمانيون رجالهم العظام ومؤسساتهم الشامخة.
- "ص460 - كتاب بين العقيدة والقيادة - صدى الفتح - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "Battle of Nicopolis | Summary | Britannica"، www.britannica.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- "Battle of Nicopolis | Summary | Britannica"، www.britannica.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 8 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 ديسمبر 2021.
- Tuchman 561–2
- #، "مرحبا تركيا - معركة نيكوبوليس.. الإعصار العثماني الذي غزا أوروبا"، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2021.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة CS1: أسماء عددية: قائمة المؤلفون (link) - علي محمد الصلابي (2001)، السلطان محمد الفاتح وعوامل النهوض في عصره (PDF) (ط. 1)، دار الإيمان، مؤرشف من الأصل (PDF) في 4 يوليو 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط|مؤلف1=
و|مؤلف=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة) - باربرا توكمان، A Distant Mirror، Alfred A. Knopf, New York, 1978 pp. 462-77.
- Rainer Lanz، "Ritterideal und Kriegsrealität im Spätmittelalter. Das Herzogtum Burgund und Frankreich" (PDF) (باللغة الألمانية)، Dissertation, University Zurich pp. 171-187، مؤرشف من الأصل (PDF) في 30 يوليو 2007.accessed 07-10-08
- تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الإنحدار لخليل اينالجيك.
- "الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط ل علي محمد محمد"، كتاب بديا، مؤرشف من الأصل في 4 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 04 يوليو 2022.
- "ص1847 - كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية - بلغاريا - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- تاريخ العثمانيين من قيام الدولة الى الانقلاب على الخلافة.
- تاريخ الدولة العلية العثمانية.
- معالم تاريخ الامبراطورية البيزنطية محمود سعيد عمران.
- موسوعة الامبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري يلماز اوزتونا 01 P.d.f كتاب 5422.
- جمال الدين فالح الكيلاني، التاريخ العثماني تفسير جديد (PDF)، تحقيق: عماد عبد السلام رؤوف، مؤرشف من الأصل (PDF) في 4 يوليو 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط|مؤلف1=
و|مؤلف=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة) - "قصة الإسلام | معركة نيكوبوليس"، islamstory.com، مؤرشف من الأصل في 25 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2021.
- Tuchman, 544–545
- Tuchman, 533–537
- Tuchman, 545
- Tuchman, 545–546
- "ص8 - كتاب مجلة البيان - العلاقات الإسلامية النصرانية - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- Tuchman, 554
- "معركة نيكوبوليس .. ابن الجزري شاهد عيان"، نون، المصدر: جريدة الحياة اللندنية الدولية، السبت، ١٧ يناير/كانون الثاني ٢٠١٥م.، 17 سبتمبر، 2018، مؤرشف من الأصل في 7 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10/3/2022.
{{استشهاد ويب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
و|تاريخ=
(مساعدة) - "ص130 - كتاب قصة الحضارة - العلماء - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- Schiltberger, Johann (c. 1427)، "The Battle of Nicopolis (1396)"، from The Bondage and Travels of Johann Schiltberger, trans. J. Buchan Telfer (London: Hakluyt Society, series 1, no.58; 1879، The Society for Medieval Military History، مؤرشف من الأصل في 06 فبراير 2009، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2009.
- "Askerı Yapi Ve Savaşlar: Savaşlar (2/11)" (باللغة التركية)، www.theottomans.org، مؤرشف من الأصل في 8 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2009.
- A Global Chronology of Conflict: From the Ancient World to the Modern Middle East, by Spencer C. Tucker, 2009 p.316
- "ص33 - كتاب قصة الحضارة - أمارات البلقان تلتقي بالترك - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- Tuchman, 548
- Grant
- Madden
- See, for example, an estimate of 10,000 executed in "I Turchi E L'Europa: Dalla battaglia di Manzikert alla caduta di Costantinopoli: Bayazed I (1389–1402)" (باللغة الإيطالية)، www.maat.it، مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2009.
- "ص6 - كتاب الموسوعة التاريخية الدرر السنية - معركة نيغبولو نيكوبوليس بين الدولة العثمانية وبين الجيوش الصليبية في أوربا - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "Askerı Yapi Ve Savaşlar: Savaşlar (2/11)" (باللغة التركية)، www.theottomans.org، مؤرشف من الأصل في 3 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2009.
- Türk Tarihi: Battle of Nicopolis (Turkish) نسخة محفوظة June 2, 2007, على موقع واي باك مشين.
- الدولة العثمانية المجهولة، 303 سؤال وجواب توضح حقائق غائبة عن الدولة العثمانية أحمد آق كوندوز و سعيد أوزتورك.
- Tipton, Charles L. (1962)، "The English at Nicopolis"، Speculum، 37 (4): 528–540، doi:10.2307/2850239، ISSN 0038-7134، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022.
- Tipton, Charles L. (1962)، "The English at Nicopolis"، Speculum (37): 533–40.
- Tuchman 560
- Alexandru Madgearu, The Wars of the Balkan Peninsula: Their Medieval Origins, ed. Martin Gordon, (Scarecrow Press, 2008), 90.
- "sipahi | Ottoman cavalry | Britannica"، www.britannica.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- "ص57 - كتاب قصة الحضارة - العثمانيون - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- Tuchman, 549
- Tuchman, 550
- Tuchman, 550–551
- Andrić 2015.
- Tuchman, 552
- Tuchman, 553
- "ص5 - كتاب الموسوعة التاريخية الدرر السنية - العثمانيون ينتصرون على ملوك أوروبا في موقعة نيقوبوليس - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- Tuchman, 553–554
- "Kamaka fortress (Town of Oryahovo)"، Guide Bulgaria (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2016، اطلع عليه بتاريخ 06 مارس 2022.
- Tuchman, 554–555
- Madden, p 184
- Tuchman, 555
- Ökmen, Fatih، "Hünername Minyatürleri ve Sanatçıları.pdf"، مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2021.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: Cite journal requires|journal=
(مساعدة) - Grant, p 122
- Tuchman, 556
- Madden, 185
- Tuchman, 556–557
- Tuchman, 558
- "ص14 - كتاب مجلة الرسالة - تاريخ جحا - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- aboosala7، "معركة نيكوبوليس.. حينما كانت «الصاعقة» العثمانية على وشك اجتياح أوروبا"، ساسة بوست، مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2021.
- "معركة نيكوبوليس"، e3arabi - إي عربي، 10 أبريل 2020، مؤرشف من الأصل في 25 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2021.
- Tuchman, 558–559
- "معركة نيقوبولس"، مواضيع، 02 مايو 2021، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2022.
- "ص399 - كتاب تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير - نيكوبوليس - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "John | duke of Burgundy | Britannica"، www.britannica.com (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 9 نوفمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 ديسمبر 2021.
- Tuchman 559
- Tuchman 559–560
- Tuchman 560–561
- "قرروا القضاء على العثمانيين ففاجأهم السلطان "الصاعقة" بهزيمةٍ منكرة استمرت آثارها قرنين"، عربي بوست، 2020/11/20 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10/3/2022.
{{استشهاد ويب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
و|تاريخ=
(مساعدة) - Yulia.Dzhak (28 يونيو 2016)، "Battle of Nicopolis - The Failed Crusade Against The Ottomans"، WAR HISTORY ONLINE (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 25 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- "Battle of Nicopolis"، Oxford Reference (باللغة الإنجليزية)، doi:10.1093/oi/authority.20110803100234144، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 09 مارس 2022.
- نجيب العقيقي، المستشرقون (ط. الثالثة، ١٩٦٤ م)، دار المعارف القاهرة - مصر، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط|مؤلف1=
و|مؤلف=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة) - Tuchman 561
- Kaçar, Hilmi؛ Dumolyn (2013)، "The Battle of Nicopolis (1396), Burgundian Catastrophe and Ottoman Fait Divers."، Revue belge de Philologie et d'Histoire، 91 (4): 905–934، doi:10.3406/rbph.2013.8474، مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2022.
- Tuchman 562
- معركة نيقوبوليس وانتصار الدولة العثمانية علي دول اوروبا هزيمة ساحقة، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2022
- Kaçar, Hilmi؛ Dumolyn (2013)، "The Battle of Nicopolis (1396), Burgundian Catastrophe and Ottoman Fait Divers."، Revue belge de Philologie et d'Histoire، 91 (4): 905–934، doi:10.3406/rbph.2013.8474، مؤرشف من الأصل في 9 ديسمبر 2021.
- "https://twitter.com/i0ll/status/611607572458504192"، Twitter، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2022.
{{استشهاد ويب}}
: روابط خارجية في
(مساعدة)|عنوان=
- Tuchman 564–6
- Tuchman 566
- Tuchman 566–7
- Tuchman 568
- Tuchman 571–5
- Tuchman 575
- علي خليل (01 يناير 2011)، الدولة العثمانية في سنوات المحنة، Al Manhal، ISBN 9796500012384، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022.
- "Battle of Nicopolis". نسخة محفوظة 2014-10-08 على موقع واي باك مشين.
- Huizinga, اضمحلال العصور الوسطى (1919) 1924:69.
- محمد بن أحمد بن إياس الحنفي (1982م / 1402هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور (الجزء الثاني)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مؤرشف من الأصل في 6 يوليو 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|سنة=
(مساعدة)، الوسيط|مؤلف1=
و|مؤلف=
تكرر أكثر من مرة (مساعدة) - Andreev, Jordan؛ Lalkov (1996)، Българските ханове и царе [The Bulgarian Khans and Tsars] (باللغة البلغارية)، فيليكو ترنوفو: Abagar، ص. 297–298، ISBN 954-427-216-X.
- سبيتان, سمير ذياب (01 يناير 2012)، تركيا في عهد رجب طيب أردوغان، Al Manhal، مؤرشف من الأصل في 3 يناير 2020.
- محاسيس, نجاة سليم (01 يناير 2011)، معجم المعارك التاريخية، Al Manhal، مؤرشف من الأصل في 3 يناير 2020.
- "أردوغان: إحياء آيا صوفيا بشارة حرية للمسجد الأقصى"، عربي21، 11 يوليو 2020، مؤرشف من الأصل في 2 أكتوبر 2020، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2022.
- "ص168 - كتاب الوفيات والأحداث - ابن الملقن - المكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 3 يوليو 2022، اطلع عليه بتاريخ 03 يوليو 2022.
- "موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري - يلماز أوزتونا pdf | موقع جديد الكتب"، www.booksjadid.info، مؤرشف من الأصل في 13 يونيو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري 1/ 4، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2017.
- "Nwf.com: موسوعة تاريخ الأمبراطورية العثمانية السي: يلماز أوزتونا: كتب"، مؤرشف من الأصل في 2 أبريل 2018، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- "كتاب الدولة العثمانية / يلماز أوزتونا : — miqat-history"، www.miqat-history.net، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- 2orath (23 أبريل 2014)، "تحميل كتاب تاريخ الدولة العثمانية يلماز أوزتونا pdf"، Faharis، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- كتاب تاريخ الدولة العثمانية، مؤرشف من الأصل في 18 أغسطس 2018.
- Gate, Damas، "تاريخ الدولة العثمانية- الجزء الثاني - المكتبة الإسلامية"، www.damasgate.com، مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- "تحميل كتاب تاريخ الدولة العثمانية PDF مجانا تأليف يلماز أوزتونا | موقع ال كتب PDF"، مقهى الكتب، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- "تاريخ الدولة العثمانية - المكتبة الوقفية للكتب المصورة PDF"، waqfeya.com، مؤرشف من الأصل في 18 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- "تحميل كتاب تاريخ الدولة العثمانية pdf مجانا ل يلماز أوزتونا | كتب pdf"، Kutub PDF Website، مؤرشف من الأصل في 19 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- (باللغة التركية:Hürriyet Gazetesi) صحيفة حريت التركية، Gazeteci Yılmaz Öztuna vefat etti (مؤرشف) (باللغة التركية)، مؤرشف من الأصل في 10 مارس 2022، اطلع عليه بتاريخ 4 سبتمبر 2015 / 20 ذي القعدة 1436 هـ.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ الوصول=
(مساعدة)صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link) - "تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة"، Goodreads، مؤرشف من الأصل في 20 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 26 أبريل 2017.
- طقوش, محمد سهيل (01 يناير 2008)، تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، دار النفائس للنشر والتوزيع، مؤرشف من الأصل في 7 يناير 2020.
- "العثمانيون رجالهم العظام ومؤسساتهم الشامخة"، Goodreads، مؤرشف من الأصل في 2 أبريل 2018، اطلع عليه بتاريخ 01 مايو 2017.
- قراءة وتحميل كتاب: رجالهم العظام ومؤسساتهم الشامخة : العثمانيون، عثمان نوري طوباش. نسخة محفوظة 6 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- "عثمان نوري طوبّاش | الصفحة الرسمية العربية"، ar.osmannuritopbas.com (باللغة التركية)، مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 01 مايو 2017.
- بوابة التاريخ
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة الحرب
- بوابة الدولة العثمانية
- بوابة المجر
- بوابة بلغاريا
- بوابة رومانيا
- بوابة مملكة فرنسا
- بوابة العصور الوسطى