الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية

تألفت الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية من مستعمرات ما وراء البحار والأقاليم والأراضي التابعة للإمبراطورية الألمانية. توّحدت ألمانيا في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر على يد المستشار الألماني أوتو فون بسمارك. سابقاً، حاولت عدة ولايات ألمانية استعمار مناطق أخرى بشكل فردي في القرون السابقة، ولم تستطع الاحتفاظ بتلك المستعمرات إلا لفترة قصيرة، لكن الجهود الاستعمارية الهامة بدأت عام 1884 أثناء موجة التدافع على أفريقيا، فادعت ألمانيا حقها في استعمار الكثير من المناطق غير المستعمرة والمتبقية في أفريقيا، واستطاعت بناء ثالث إمبراطورية استعمارية من ناحية المساحة في تلك الفترة، بعد الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية الثانية.[1]

الإمبراطورية الألمانية
الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية
Deutsches Kolonialreich
إمبراطورية استعمارية
1884  1918
الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية
علم
الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية
شعار
المستعمرات والمحميات الألمانية عام 1914

عاصمة برلين
نظام الحكم غير محدّد
التاريخ
التأسيس 1884
معاهدة هليجولاند-زنجبار 1890
حروب هيريرو 1904
الزوال 1918
معاهدة فرساي 28 يونيو 1919

خسرت ألمانيا سيطرتها على إمبراطوريتها الاستعمارية عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914، واستولت قوى الحلفاء على بعض المستعمرات الألمانية خلال الأسابيع الأولى من الحرب. في المقابل، استطاعت بعض الوحدات أو الكتائب العسكرية الاستعمارية التابعة لألمانيا الصمود لفترة أطول. استسلمت مستعمرة جنوب غرب أفريقيا الألمانية عام 1915، والكاميرون في عام 1916، وشرق أفريقيا الألمانية عام 1918. في مستعمرة شرق أفريقيا الألمانية، خاض المدافعون تحت قيادة بول فون ليتو–فوربيك حرب عصابات ضد القوات الاستعمارية البريطانية والبرتغالية، ولم تستسلم المستعمرة حتى انتهاء الحرب العالمية.

استولى الحلفاء على الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية من خلال معاهدة فيرساي عقب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وأصبحت كلّ مستعمرة خاضعة لانتداب عصبة الأمم وتحت إشراف (وليس امتلاك) إحدى القوى المنتصرة في الحرب. انتهت الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية عام 1919. استمرت مخططات الألمان الهادفة إلى استعادة الممتلكات الإستعمارية خلال الحرب العالمية الثانية، في المقابل، شكك الكثيرون بكون استعادة الأملاك الاستعمارية هدفاً من أهداف الرايخ الثالث أساساً. كان عمر الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية قصيراً مقارنة بإمبراطوريات استعمارية أخرى، لكن المساعي الاستعمارية الألمانية غيّرت الأماكن والناس الذين كانوا على تماسٍ مع المستعمر الألماني، فقُمعت حركات التمرد، نظّم الألمان الإبادة الجماعية ولجؤوا إليها بصفتها وسيلة لإنزال العقاب الجماعي.[2][3]

الأصول

توحيد ألمانيا

سابقاً، وقبل اتحاد الولايات الألمانية عام 1871، لم تركّز تلك الولايات على تطوير سلاح البحرية، ذلك ما حرم ألمانيا من المشاركة مبكراً في السباق الاستعماري للسيطرة على المستعمرات النائية والبعيدة. صممت ألمانيا على اللحاق بالدول والإمبراطوريات الأخرى. قبل عام 1870، كان لكل ولاية ألمانية بنيتها السياسية وأهدافها المستقلة، أما السياسة الألمانية الخارجية حتى عهد أوتو فون بسمارك–وخلاله أيضاً–فركزت على حلّ «المسألة الألمانية» في أوروبا وتأمين المصالح الألمانية على القارة. لكن بحلول العام 1891، توحدت معظم الولايات الألمانية تحت الحكم البروسي. فسَعت الولايات إلى تكوين دولة «ألمانية» واضحة المعالم والحدود، وارتأت أن المستعمرات طريقة جيدة لتحقيق هذا الهدف.[4][5][6]

التدافع على المستعمرات

اعتبر معظم الألمان في القرن التاسع عشر أن التحصل على ممتلكات استعمارية دليلٌ حقيقي على تحقيق أمة قومية. توصل الرأي العام إلى اعتقادٍ مفاده أن المستعمرات الألمانية ذات الموقع المتميز في أفريقيا والمحيط الهادي ستلبي مطامح الألمان بتشكيل أسطول أعالي البحار. أصبحت تلك الطموحات حقيقية، وغذتها الصحفُ التي امتلأت بداعمي الممتلكات الاستعمارية، والأعداد الضخمة من الجمعيات الجغرافية والمجتمعات الاستعمارية. لم يكن لبسمارك، بالإضافة إلى عددٍ من النواب في الرايخستاغ، أي اهتمام بالفتوحات الاستعمارية، التي بالكاد ضمنت لألمانيا بضعة أراضٍ متفرقة.[7]

في عام 1844، حاول الأرستقراطيون في منطقة الراين إقامة مستعمرة ألمانية في ولاية تكساس المستقلة، واشترك في هذه المهمة نحو 7400 مستوطن. توفي نصفهم، وكانت تلك المحاولة فاشلة بامتياز. كان السبب هو نقص المعدات الدائم، والأرض التي لم تساعدهم على تحقيق مساعيهم. وفي العام التالي، انضمت تكساس إلى الولايات المتحدة.[8]

كانت دوافع بسمارك الإستعمارية غامضة، فقال مراراً: «أنا لست رجلاً مهتماً بالمستعمرات»، و«سأظل محتقراً الأحلام الاستعمارية كما كنت دائماً». لكن في عام 1884، وافق بسمارك على استحواذ الإمبراطورية الألمانية على المستعمرات بهدف حماية طرق التجارة وتأمين المواد الأولية وتصدير البضائع واستغلال الفرص من أجل استثمار رأس المال، بالإضافة طبعاً إلى أهداف أخرى. في العام التالي، تدخل بسمارك رسمياً عندما تخلى عن نواياه الإستعمارية فجأة مثلما بدأها، وكأنه اتخذ قراراً خاطئاً سيؤدي إلى تناقض بين هذه السياسة والسياسات الأخرى الأكثر وضوحاً والتي تميّز بها. «في عام 1889، حاول بسمارك التخلي عن جنوب غرب أفريقيا الألمانية للإمبراطورية البريطانية. وقال أن المستعمرة عبءٌ إضافي ومُكلفة، وقال أنه يرغب بتحميل مسؤوليتها لأحدٍ آخر».[9][10][11][12][13]

قبل ذلك، كان للألمان تقاليد متعلقة بالتجارة البحرية تعود إلى عصر الرابطة الهانزية، مثل تقليد الهجرة الألمانية (شرقاً باتجاه روسيا وترانسلفانيا وغرباً نحو الأمريكيتين)، أظهر التجار والمبشرون الألمان في الشمال اهتمامهم بتجارة ما وراء البحار. أرسلت الجمهوريات الهانزية، مثل هامبورغ وبريمن، تجّارها في شتى أنحاء الكرة الأرضية. نظمت تلك المؤسسات التجارية نفسها باعتبارها كيانات مستعمرة مستقلة، وأجرت معاهدات تجارية واشترت الأراضي في أفريقيا والمحيط الهادي، وأجرت تلك المعاهدات مع زعماء القبائل المحلية. شكّلت تلك المعاهدات الأولى مع الكيانات المحلية أساس معاهدات الإلحاق والدعم الدبلوماسي والحماية العسكرية من طرف الحكومة الألمانية.[14]

الاستحواذ على المستعمرات

كانت بداية الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية عام 1884، وخلال تلك الأعوام، استحوذ الألمان وسيطروا على عددٍ كبير من الأراضي، مثل شرق أفريقيا الألمانية وجنوب غرب أفريقيا الألمانية والكاميرون وتوغو في أفريقيا. كان لألمانيا دورٌ نشط في المحيط الهادي، وضمت سلسلة من الجزر إلى الإمبراطورية، وهي الجزر التي أصبحت تعرف بغينيا الجديدة الألمانية. دُعي القسم الشمالي الشرقي من غينيا الجديدة بـ كايزر–فيلهلمسلاند، وأرخبيل بسمارك المكون من الجزر في الشرق، والذي احتوى على جزيرتين كبيرتين هما مكلنبرغ الجديدة وبوميرانيا الجديدة، واستولى الألمان أيضاً على جزر سولومن الشمالية. مُنحت تلك الجزر وضع الحماية السياسي.[15]

حيازة الممتلكات عن طريق الشركات والإدارة

صادف بروز الإمبرالية والإستعمارية الألمانية ما عُرف بالتدافع على أفريقيا، وفي تلك الفترة، تنافس رجال الأعمال الألمان، أفراداً وليس كيانات حكومية، مع المستعمرات المُنشأة مسبقاً والمستثمرين أو رجال الأعمال المستعمرين. التحق الألمان بسباق الاستعمار حول آخر الأراضي غير المُستعمرة في أفريقيا والمحيط الهادي، وشمل هذا التنافس قوى أوروبية كبيرة وعدداً آخراً من القوى الأقل أهمية. تمثلت مساعي الألمان بأولى المشاريع التجارية في خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر في غرب أفريقيا وشرق أفريقيا وجزر ساموا والربع الشمالي الشرقي غير المكتشف من غينيا الجديدة والجزر المجاورة لها. بدأ التجار وأصحاب المشاريع بناء سمعة لأنفسهم في دلتا الكاميرون الأفريقي والساحل الرئيس على طول زانزيبار. في أبيا ومستوطنات فينشهافن وسمبسونهافن وجزر بوميرانيا الجديدة ومكلنبرغ الجديدة، بدأت شركات التجارة الجديدة التي تملك ميزانية كافية بالتوسع نحو الساحل لامتلاك المزيد من الأراضي. تبع ذلك تزايد امتلاك الأراضي الكبيرة في الداخل الأفريقي، وغالباً ما ألحق ذلك ضرراً بالسكان الأصليين. في شرق أفريقيا، تمكّن الإمبريالي كارل بيترس من الاستحواذ على أجزاءٍ واسعة من الأراضي لصالح مجموعته الاستعمارية «يبرزون من الغابات بعلامات إكس (وصفٌ مرتبط بزعماء القبائل الأميين) على الوثائق... مقابل نحو 60 ألف ميل مربع من ممتلكات أراضي سلطنة زانزيبار». تطلبت هذه المهمات الاستكشافية اتخاذ إجراءات أمنية، تتمثل بقوات مسلحة وخاصة وصغيرة من المجندين، أغلبهم من السودان، ويقودهم عادة شخصية عسكري سابقة مغامرة ومن رتبةٍ أدنى. برزت خلال تلك المهمات الاستكشافية، تحت قيادة بيترس وآخرون أيضاً، ممارسات وحشية مثل الشنق والجلد، فالإساءة للأفارقة لم تكن حكراً على شخصٍ أو طرف واحد.[16][17][18]

المستعمرات

منطقةفترةمساحة (حوالي)البلدان الحالية
كاميرون الألمانية

توغولاند
غرب أفريقيا الألماني1896–1918582٬200 كم²[19]  الكاميرون
 نيجيريا
 تشاد
 غينيا
 جمهورية أفريقيا الوسطى
 غانا
 توغو
جنوب غرب أفريقيا الألمانية1884–1918835,100 كم²[19] ناميبيا
غينيا الجديدة الألمانية1884–1918247,281 كم²[20][21][22] بابوا غينيا الجديدة
 جزر سليمان
 بالاو
 ولايات ميكرونيسيا المتحدة
 ناورو
 جزر ماريانا الشمالية
 جزر مارشال
 ساموا
شرق أفريقيا الألماني1891–1918995,000 كم²[19] بوروندي
 كينيا
 موزمبيق
 رواندا
 تنزانيا
 أوغندا
أجمالي2,659,581 كم²

نهاية الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية

الاحتلال في الحرب العالمية الأولى

كان ضباط الاستعمار البريطاني ينظرون إلى الألمان -خلال السنوات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى- على أنّهم ضعيفون من حيث «الكفاءة الاستعمارية»، وكانت «إدارتهم الاستعمارية، على الرغم من ذلك، متفوقة على مثيلاتها في الدول الأوروبية الأخرى». كانت القضايا الاستعمارية الأنجلو-ألمانية، في العقد الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، تصنف على أنها بسيطة، وكان سلوك الإمبراطوريتين البريطانية والألمانية تجاه بعضهما سلوكًا توافقيًا. أبدى وزير الخارجية البريطاني السير إدوارد غراي -الذي كان، حتى عام 1911، لا يزال يُصنف على أنه معتدل- «استعدادًا لدراسة خريطة القارة الأفريقية بروح ألمانية الولاء». تأكدت بريطانيا من عدم امتلاك ألمانيا لأي قيمة تذكر في التعاملات الإقليمية، ومع ذلك، فقد وجهت إلى إدوارد غراي، ولرئيس الوزراء البريطاني حينها «هربرت هنري أسكويث» في أوائل عام 1914 نصيحة بـ «وضع حدّ للعملية التي وصفها المستشارون بأنها «أخذ ألماني، ومنح بريطاني»». تحركت بريطانيا وحلفاؤها، فور إعلان الحرب في أواخر شهر يوليو من عام 1914، ضد المستعمرات، وأُبلغ العوام من الناس بأن المستعمرات الألمانية تمثل تهديدًا لهم، بحجة أن «كل مستعمرة ألمانية تمتلك محطة لاسلكية قوية، تُمكن الألمان من التواصل مع بعضهم البعض عبر البحار، وسيقومون -كلما سنحت لهم الفرصة- بالانقضاض من مخابئهم لتخريب وتدمير تجارتنا، وللإغارة على سواحلنا». كانت بريطانيا تعتبر ألمانيا قوّة استعمارية غاشمة فريدة من نوعها نشأت خلال الحرب. في منطقة المحيط الهادي، أعلنت اليابان -حليفة بريطانيا- الحرب على ألمانيا سنة 1914، واستولت بسرعة كبيرة على العديد من المستعمرات الجزيرية الألمانية، كجزر الماريانا، وأرخبيل كارولين، وجزر مارشال، دون أي مقاومة تذكر.[23][24][25][26][27]

لم تتمكن القوات الألمانية، بحلول عام 1916، من الصمود إلا في المناطق النائية من غابات شرق القارة الأفريقية. تحدث السياسي الجنوب أفريقي جان سموتس، الذي كان يخدم في تلك الفترة في حكومة الحرب البريطانية المصغرة، عن الخطط الألمانية للتحول إلى قوة عالمية، وعن مخططات العسكرة واستغلال الموارد، مشيرًا إلى التهديد الذي تمثله ألمانيا على الحضارة الغربية بحد ذاتها. تناقلت الوسائل الإعلامية المتاحة حينها تحذيرات السياسي الجنوب الأفريقي جان سموتس، وترسخت فكرة عدم السماح لهم بالعودة إلى ألمانيا بعد الحرب.[28]

مصادرة

فُككت إمبراطورية ما وراء البحار الألمانية بعد هزيمة الحرب العالمية الأولى، وتحولت المستعمرات الألمانية -تطبيقًا للمادة 22 من معاهدة فرساي- إلى نظام الانتداب، تحت سلطة عصبة الأمم المتحدة، وجرى توزيعها على بلجيكا والمملكة المتحدة وبعض الدومنيونات البريطانية وفرنسا واليابان، مع التأكيد على عدم عودة أي من سكان المستعمرات إلى ألمانيا (الأمر الذي تضمنه المادة 119 من معاهدة فرساي).[29]

في أفريقيا، تقاسمت المملكة المتحدة وفرنسا الكاميرون الألمانية وتوغولاند، فيما خضعت رواندا أوروندي (الواقعة في الشمال الغربي لشرق أفريقيا الألماني) للسيطرة البلجيكية، حصلت المملكة المتحدة على المساحة الأكبر من المستعمرات الأفريقية، واكتسبت بذلك الحلقة المفقودة من سلسلة الممتلكات البريطانية الممتدة من جنوب أفريقيا حتى مصر (من رأس الرجاء الصالح حتى القاهرة)، وحصلت البرتغال على المنطقة التي تعرف بمثلث كينوغا (الذي يعتبر جزءًا صغيرًا من شرق أفريقيا الألماني). ووضعت المنطقة التي كانت تعرف بـ «جنوب غرب أفريقيا الألمانية» تحت وصاية اتحاد جنوب أفريقيا. أما من حيث عدد السكان، فقد نقل ما نسبته 42% من أصل 12.5 مليون شخصٍ كانوا يعيشون تحت السيطرة الألمانية إلى السيطرة البريطانية وإلى دومينيوناتها، فيما نُقل ما نسبته 33% منهم إلى السيطرة الفرنسية، و 25% إلى السيطرة البلجيكية.[30]

في المحيط الهادئ، وُضعت الجزر الألمانية الواقعة إلى الشمال من خط الاستواء (جزر مارشال وكارولين وماريانا وبالاو) وخليج كياوتشو في الصين تحت الوصاية اليابانية. فيما سيطرت نيوزلندا على جزر ساموا الألمانية. ووضعت غينيا الجديدة الألمانية وأرخبيل بسمارك وجزيرة ناورو تحت الوصاية الأسترالية.[31][32]

كان خيار وضع المستعمرات الألمانية السابقة تحت سلطة المستوطنين البيض الخيارَ الأكثر ملاءمة بالنسبة للحكومة البريطانية، ومن الممكن اعتباره مكافأة مناسبة للدومينيونات بعد «خدمتها العظيمة والعاجلة للإمبريالية» من خلال تدخلها العسكري بأمر من بريطانيا العظمى ولأجلها. أصبح للمستعمرات البريطانية، بعد اعتماد معاهد فيرساي، مستعمرات خاصة بها، الأمر الذي كان له أثر كبير على إجراءات دعاوي باريس التي قام بها رؤساء وزراء كل من أستراليا «بيلي هيوز»، ونيوزرلندا «ويليام ماسي»، وجنوب أفريقيا «لويس بوتا». لم يكن «مبدأ تقرير المصير» الوارد في عهد عصبة الأمم ساريًا على هذه المستعمرات، واعتبر «بلا معنى». وُضع نظام الانتداب ووافقت عليه وزارة الحربية البريطانية (مع الفرنسيين والإيطاليين) بهدف تبديد الشكوك الإمبريالية البريطانية التي انتابت رئيس الولايات المتحدة توماس وودرو ويلسون، وكان هذا النظام وسيلة تمكّن البلدان من انتزاع ملكية أراضي العدو والاحتفاظ بها باعتبارها «أمانة مقدسة» وليست ممتلكات. لكن «بعيدًا عن تصور الاستقلال النهائي للمستعمرات الألمانية (السابقة)، اعتبر ساسة الدول الحلفاء –في مؤتمر باريس للسلام- عام 1919 بمثابة تجديد للعصر الإمبراطوري وليس نهاية له». كانت وزارة الحرب البريطانية -أثناء المشاورات- على ثقة باختيار المواطنين الأصليين في كل المناطق للحكم البريطاني. بيد أن مجلس الوزراء قد أقر «بضرورة إثبات عدم خضوع سياسته تجاه المستعمرات الألمانية لاعتبارات توسعية»، إذ كانت أمريكا ترى في الإمبراطورية «أخطبوطًا يلتهم الأرض بشهية إقليمية شرهة».[33][34][35][36][37][38]

الخاتمة

رأى الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في عصبة الأمم المتحدة وصيًا إضافيًا على المستعمرات الألمانية التي استولى عليها واحتلها «الفاتحون الجشعون». احتفظ المنتصرون بالمستعمرات الألمانية لإيمانهم بتفوق الحكم الأسترالي والبلجيكي والبريطاني والفرنسي والياباني والنيوزلندي والبرتغالي والجنوب أفريقي على الحكم الألماني. استخدم الأفارقة والآسيويون -بعد عدة عقود، وخلال انهيار الإمبراطوريات الاستعمارية القائمة في تلك الفترة- نفس الحجج التي استخدمها الحلفاء ضد الحكم الاستعماري الألماني، وطالبوا بفرض سيادتهم الذاتية على بلدانهم.[39][40][41]

قاتل بعض الأفراد مع جمعية الاستعمار الألمانية، في العشرينيات من القرن الماضي، من أجل فكرة الاستعمار. لم يكن الاستيطان في القارة الأفريقية أمرًا شائعًا، ولم يكن القائد النازي «أدولف هتلر» مهتمًا بها. أُنشئت «رابطة مستعمرات الرايخ» عام 1936 تحت قيادة فرانز ريتر فون إيب، وشملت جميع المنظمات الاستعمارية، وكانت تهدف إلى زيادة شعبية الاستعمار، وزيادة الاهتمام العام بالمستعمرات الألمانية السابقة، وإلى المشاركة في عملية التحريض السياسي. دخلت المنظمة، مع بداية الحرب العالمية الثانية، مرحلة الانهيار إلى أن حُلت بشكل كامل بموجب مرسوم صدر عام 1943 بسبب «النشاط غير المرتبط بالحرب».

تكاد تنعدم العلاقات التي تربط ألمانيا الحديثة مع مستعمراتها السابقة، إذ لا يوجد -على سبيل المثال- رابطة للدول التي تحررت من الاستعمار الألماني (على غرار رابطة دول الكومنوولث التي كانت تحت السيطرة البريطانية أو المنظمة الدولية للفرانكوفونية). لا تعتبر اللغة الألمانية لغة مهمة في القارة الأفريقية -حتى داخل المستعمرات الألمانية السابقة- على عكس اللغتين الفرنسية والإنجليزية المنتشرتين بشكل واسع في جميع أنحاء القارة واللتان يتحدث بهما ذوي الأصول الأفريقية والأوروبية على حد سواء، على الرغم من وجود أقلية واحدة في نامبيا تتحدث اللغة الألمانية. تتعاون ألمانيا الحديثة مع العديد من البلدان في القارتين الآسيوية والأفريقية اقتصاديًا وثقافيًا بغض النظر عن التاريخ الاستعماري الذي يربطها بها.

المراجع

  1. Diese deutschen Wörter kennt man noch in der Südsee, von Matthias Heine "Einst hatten die Deutschen das drittgrößte Kolonialreich[...]" "نسخة مؤرشفة"، مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 22 يناير 2020.{{استشهاد ويب}}: صيانة CS1: BOT: original-url status unknown (link)
  2. Biskup, Thomas؛ Kohlrausch, Martin، "Germany 2: Colonial Empire"، Credo Online، Credo Reference، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
  3. Townsend, Mary (Jun 1938). "The German Colonies and the Third Reich". Political Science Quarterly. 53 (2): 186-206.
  4. (5)
  5. Biskup, Thomas; Kohlrausch, Martin. "Germany 2: Colonial Empire". Credo Online. Credo Reference.
  6. (3)
  7. Reichstag deputy فريدريك كاب stated in debate in 1878 that whenever there is talk of "colonization," he would recommend to keep pocketbooks out of sight, "even if the proposal is for the acquisition of paradise." [Washausen, p. 58]
  8. Biskup, Thomas، "Germany: 2. Colonial empire"، Credo Reference، John Wiley and Sons Ltd، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 21 أبريل 2019.
  9. Taylor, Bismarck. The Man and the Statesman, p. 215
  10. Crankshaw, Bismarck, p. 395
  11. Washausen, p. 115
  12. Crankshaw, p. 397.
  13. Taylor, p. 221.
  14. Washusen, p. 61
  15. {Biskup, Thomas; Kohlrausch, Martin. "Germany 2: Colonial Empire". Credo Online. Credo Reference. }
  16. later Kaiser-Wilhelmsland and the أرخبيل بسمارك
  17. Washausen, p. 67-114; the West and East Africa firms
  18. Haupt, p. 106
  19. "Statistische Angaben zu den deutschen Kolonien"، www.dhm.de (باللغة الألمانية)، Deutsches Historisches Museum، مؤرشف من الأصل في 10 أغسطس 2014، اطلع عليه بتاريخ 29 سبتمبر 2016، Sofern nicht anders vermerkt, beziehen sich alle Angaben auf das Jahr 1912.
  20. Firth, Stewart (1983). New Guinea Under the Germans. Carlton, Australia: Melbourne University Press. ISBN 0-522-84220-8.
  21. "Rank Order – Area"، CIA World Fact Book، مؤرشف من الأصل في 13 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 12 أبريل 2008.
  22. "The Pacific War Online Encyclopedia"، مؤرشف من الأصل في 01 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 22 سبتمبر 2016.
  23. Louis (1967), pp. 17, 35.
  24. Louis (1967), p. 31.
  25. Louis (1967), p. 30.
  26. Louis (1967), pp. 16, 36
  27. Louis (1967), p. 37.
  28. Louis (1967), pp. 102–116
  29. Louis (1967), p. 9
  30. German South-West Africa was the only African colony designated as a Class C mandate, meaning that the indigenous population was judged incapable of even limited self-government and the colony to be administered under the laws of the mandatory as an integral portion of its territory, however, South Africa never annexed the country outright although Smuts did toy with the idea.
  31. Australia in effective control, formally together with United Kingdom and New Zealand
  32. Louis (1967), p. 117-130
  33. Louis (1967), p. 132
  34. "New Zealand goes to war: The Capture of German Samoa"، nzhistory.net.nz، مؤرشف من الأصل في 14 نوفمبر 2016، اطلع عليه بتاريخ 20 أكتوبر 2008.
  35. General J.C. Smuts is often identified as the inventor of the idea of "mandates" [Louis (1967), p. 7]
  36. Louis (1967), p. 7
  37. Louis (1967), p. 157
  38. Louis (1967), p. 6
  39. Louis (1963), p. 233
  40. Louis (1967), p. 160
  41. Louis (1967), p. 159
  • بوابة التاريخ
  • بوابة القرن 19
  • بوابة الإمبراطورية الألمانية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.