جهاد بحري

الجهاد البحري الإسلامي كما تُطلق المراجع الإسلامية عليه، ويُعرف في المراجع الغربية بـ قرصنة البربر، هي العمليات البحرية الحربية المنظمة التي كان يرعاها قادة الدولة العثمانية وجمهورية أبي رقراق والدولة المملوكية والدولة الحفصية، والتي قام بها المسلمون ضد سواحل أو سفن الدول الأوروبية التي اعتبروها حرباً مقدسة ضد المسيحية،[1][2] خلال القرن السادس عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر في المناطق الغربية للبحر الأبيض المتوسط [3] وعلى طول سواحل المحيط الأطلسي الأوروبية والأفريقية. كانت قواعد انطلاقهم منتشرة على طول سواحل شمال أفريقيا ولا سيما مدن تونس وطرابلس والجزائر وال‍مغ‍رب وسلا وموائي أخرى بالمغرب وكانت هذه المنطقة معروفة في المصادر التاريخية الأوروبية باسم الساحل البربري.[4]

المجاهدين المسلمين
المجاهدين العثمانية
معركة بحرية مع قرصان بارباري بقلم لوريس أ كاسترو، 1681


الدولة الدولة العثمانية
الدولة الشريفة
إيالة الجزائر
إيالة تونس
إيالة طرابلس
الإنشاء القرن السادس عشر
النوع قوات بحرية
قاعدة المجاهدين الرباط
مدينة الجزائر
مدينة تونس
طرابلس
مناطق العمليات البحر الأبيض المتوسط
الاشتباكات حرب طرابلس
الحرب الأمريكية على إيالة الجزائر

كان هدف ما أطلق عليه المسلمون الجهاد البحري الإسلامي هو الجهاد في سبيل الله بالبحر، وكثيرًا ما ارتبطت عملياتهم بإنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش، كردة فعل على ما يقوم به الإسبان بحق المسلمين [5] وهو ذات الاضطهاد وممارسات محاكم التفتيش الذي تعرض لها يهود إسبانيا والذين سبق أن عاشوا عصراً ذهبياً من الازدهار الثقافي خلال الحكم الإسلامي ولكن واجهت كلتا المجموعتان الاضطهاد على يد ملوك الكاثوليك بعدما أصبحتا من الأقليات الدينية في البلاد.[6][7] وتعتبر بعض المصادر الإسلامية ممارساتهم بالهمجية مثل حادثة نبش قُبُور الْأَمْوَات وإحراقها لما استولى الإسبان على «حجر باديس» شمال المغرب،[8][9] فكان المجاهدون البحريون يقومون في المقابل بمهاجمة السفن التي كانت تنقل الجنود والبضائع. وفي المقابل تعد المصادر التاريخية الأوروبية هذه العمليات شكلًا من أشكال القرصنة وأن هدفهم كان في الغالب هو الاستيلاء على السفن لنيل الغنائم والأموال والعبيد.[2][10]

كان كلا من بحرية الدولة العثمانية والبحرية الإسبانية والقراصنة من الطرفين يعتبر غزو سفن الطرف الآخر من الواجبات الدينية والقربات المشروعة.[5]

البداية

قُرصان بَربَري، بريشة بيير فرانشيسكو مولا، 1650. متحف اللوفر.

اتحد الرياس البربر مع الرياس الأتراك وغدت البحرية العثمانية قوة ضاربة يُحسب حسابها. في بادئ الأمر وجّه رياس البحر اهتمامهم بالدرجة الأولى لإنقاذ المسلمين من ظلم الإسبان، والقضاء على التجارة الإسبانية، وضرب سواحلها وإلحاق الضرر بها.[11] فكلل الرياس الجزائريون تلك المهمة الجهادية بالنصر والنجاح.[10][12]

كان الرياس يتسارعون إلى تلبية إرادة السلطان العثماني في كافة الحروب التي خاضها، مثل حرب مالطة وتونس ولبيناتو. فعلى سبيل المثال، كان أمير البحر عروج بربروس مُقربًا من الأمير العثماني قورقود [13] الذي دفعه إلى الذهاب إلى شمال إفريقيا للإطلاع على أحوال المسلمين، [12] ثم أصبح عروج رئيسًا للأسطول المملوكي لفترة، ثم ذهب لدولة الحفصيين في تونس، ولاحقًا ضم البلاد التي فتحها للدولة العثمانية.[14][15][16]

ذكر دي جراممونت (de Grammont) «لقد كذّب مؤسسو الأسطول الجزائري الشائعات والتهم التي أطلقها عليهم البعض حينما وصفوهم بلصوص البحر».[10][12] فمصدر هذه الشائعات الكاذبة جاءت من المؤرخين الإسبانيين، فاعتمد بقية المؤرخين على ما كتبه المؤرخين الإسبان.[10]

القرن 15

في القرن 15، فتحت العمارة (البحرية) العثمانية ميناء «آق كرمان» (تقع حاليا في أوكرانيا[17] ثم فُتحت جزر اليونان، ثم حاصروا رودس التي كانت مركز فرسان رودس.[5]

وفي أواخر القرن 15، اجتهد البابا اسكندر السادس (بورجيا) وملك نابولي ودوق ميلانو وجمهورية فلورنسا في محالفة الدولة العثمانية والاستعانة بسفنها البحرية في حروبها، ففتح السلطان مدينة ليبانت بريا بكل سهولة بعد انتصار البحرية العثمانية على سفن البنادقة في خليج ليبانت.[5]

القرن 16

أدى اشتداد ضراوة الصراع ما بين القوى المسيحية الإسلامية على ساحتي شبه الجزيرة الإيبرية وشمال أفريقيا منذ مطلع القرن السادس عشر [1] في نهاية المطاف إلى وقوع مجموعة من الأحداث المتتالية خلال سبعينات القرن السادس عشر التي أدت إلى تنامي النقمة المتبادلة بين المورو وفئات عدة من المجتمع الإسباني ما أدى إلى ثورة البشرات التي استطاع الإسبان سحقها بقوة، ومن ناحية أخرى استطاع الموريسك التعاون والتنسيق مع حلفائهم من ملوك ونبلاء فرنسا البروتستانتيون حيث اتحدث الأقليتان لاشتراكهما في التعرض للاضطهاد الديني على يد الأغلبية الكاثوليكية في إسبانيا وفرنسا.[18] ووتواصل هذا التنسيق الإسلامي البروتسانتي إلى عهد هنري الرابع ملك فرنسا أوائل القرن السابع عشر الذي كان بروتستانتي التنشئة ومن أبرز من كان المورو قد سعوا للتنسيق معهم فبعد أن أرسل مورو بلنسية بمذكرة عام 1602 قام هو الأخير بإرسال مُكلف حكومي للاتصال معهم سراً والتعرف على أوضاعهم.[19] وقد هيمن في مجال الاهتمام لدى الإسبان تزايد القوة الإسلامية في حوض المتوسط ولاسيما الأتراك التي قاموا بغزو طرابلس وفقد الإسبان معظم مواقعهم في شمال أفريقيا. وانتعشت قوة الأمازيغ في الغرب الأقصى فقاموا بعدد من عمليات الإنزال والهجمات على السفن وقاموا بالتنسيق مع المورو الذين يساعدونهم ويلتحقون بهم ليعبروا البحر باتجاه سواحل جنوب المتوسط التي كانت معاقل انطلقا هجماتهم البحرية.[20]

فتحت البحرية العثمانية جزيرة رودس.[5]

في أثناء الحروب العثمانية في أوروبا، اتحدت بحرية شارلكان ملك إسبانيا وإيطاليا وأرشيدوق النمسا ورأس الإمبراطورية الرومانية المقدسة مع سفن الدولة البابوية بقصد محاربة العثمانيين من جهة البحر، فاحتلوا موانئ من بلاد المورة بعد قتل من كان بها من الجنود الإنكشارية وتدمير القلعتين اللتين أقامهما السلطان بايزيد الثاني على ضفتي خليج ليبانت ببلاد اليونان، [5] ومن ثم تهديد الجزر العثمانية.

فتح خير الدين باشا إقليمي الجزائر وتونس.[5][12] ثم استمر في غزو سفن الإفرنج والنزول علي بعض شواطئ إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغنم الأموال والأهالي، إلى أن تحالف السلطان سليمان القانوني مع فرنسا، فتحول خير الدين باشا إلى شواطئ إسبانيا وانتقم من أهلها على مارتكبوه من الفظائع مع المسلمين بعد سقوط غرناطة والأندلس.[5]

وبسبب تهديد البحرية البرتغالية التي التفت في المحيط الهندي جنوب جزيرة العرب، فتحت البحرية العثمانية تحت إمرة والي مصر سليمان باشا مدائن عدن ومسقط وحاصرت جزيرة هرمز، ثم سواحل كوجرات في شمال غرب الهند وفتح أغلب الحصون التي أقامها البرتغاليون، ثم فتحت باقي اليمن وجعلته ولاية عثمانية.

استعان ملك فرنسا هنري الثاني بالبحرية العثمانية، التي اشتركت مع البحرية الفرنسية في فتح سواحل إسبانيا وإيطاليا ضد الإمبراطور شارلكان بعد إبرام معاهدة في 1 فبراير 1553م التي كانت بعض بنودها بحسب ترجمة مجموعة وثائق البارون دي تستا: «أن تصبح كل السفن الأسيرة ملكا للسلطان سليمان القانوني»، و«تكون المدن التي تتغلب عليها تلك السفن غنيمة للعثمانيين بجميع سكانها، بينما تعود ملكية تلك المدن المفتوحة وأسلحتها ومدافعها وحيواناتها ومتعلقاتها ملكاً لملك فرنسا هنري الثاني» و«إذا أمر ملك فرنسا البحرية العثمانية أن تحارب على سواحل شارل ملك النمسا، فتقوم البحرية العثمانية بذلك بلا مقابل وتكون الغنائم الحربية والمؤن والمدن التي تفتحها البحرية العثمانية ملكاً لملك فرنسا، أما الأسرى فيُسلمون للعثمانيين».[5]

فتحت البحرية العثمانية جزيرة كورسيكا وجزيرة صقلية ثم جزيرة كريت وبعض المدن على البحر الأدرياتيكي. فاستعانت إيطاليا بإسبانيا والبابا وانتصروا بحريا علي السفن العثمانية في 7 أكتوبر 1571م في معركة ليبانت البحرية.[5] وخطب البابا في الكنيسة وشكر ابن شارلكان الذي كان أميرا على السفن المسيحية بانتصاره على السفن الإسلامية.[5] وسارت السفن الإسبانية واحتلت مدينة تونس.[5]

بعد معركة ليبانت البحرية، فتحت البحرية العثمانية جزيرة قبرص.[5]

القرن 17

فتحت البحرية العثمانية جزيرة كريت بعد هجوم سفن فرسان مالطة ومحاولتهم أسر ابن السلطان إبراهيم خان الأول.[5]

تغلبت سفن جمهورية البندقية على البحرية العثمانية عند مدخل مضيق الدردنيل واحتلت جزيرة تنيدوس ولمنوس وغيرهما ومنعت سفن القمح والمأكولات من الوصول إلى اسطنبول من هذا الطريق حتى غلت الأسعار وانعدم الأمن والسكينة.[5]

أُرسلت سفن البحرية العثمانية عام 1657م لمحاربة سفن جمهورية البندقية عند مدخل مضيق الدردنيل فاستردت منهم ما احتلوه من الثغور والجزر.[5]

القرن 18

عمل رسل روسيا على إثارة الناس في بلاد المورة، حتى إذا استعد الأهالي للثورة خرجت بعض السفن الروسية من بحر البلطيق متجهة إلى بلاد اليونان بعد الاستيلاء على كورون لتشجيع الناس على العصيان، إلا أن السفن العثمانية التقت بهم وهزمتهم.[5] تتبعت سفينتان «حرّاقتان» روسيتان السفن العثمانية التي رجعت إلى ميناء جشمة في الغرب من إزمير، فظن العثمانيون أنهم يودون الانضمام إليهم ففتحوا لهم الميناء، فبمجرد دخولهم ألقوا النيران علي السفن العثمانية فاحترقت باشتعال ماكان بها من البارود في 5 يوليو 1770م.[5]

بعدها، قصد أمير البحر الروسي «الفنستون» الهجوم على إسطنبول لعدم وجود سفن عثمانية تمنعه من المرور في مضيق الدردنيل، لكنه فضّل احتلال جزيرة لمنوس لجعلها مركزا لهم فحاصرها، ولكن العثمانيين حولوا بعض السفن التجارية إلى حربية وحصنوا مضيق الدردنيل ببناء قلاع على ضفتيه وتحصينها بالمدافع الضخمة بسرعة غير معهودة، فاستحال المرور من مضيق الدردنيل، [5] فهاجم القبطان حسن بك سفن الروس المحاصرة لجزيرة لمنوس سنة 1771م وأجلاهم عن الحصار.[5]

الخروج إلى المحيطات

من الحوادث المشهورة في القرن 16 التي تؤكد خروج البحارة العثمانيين إلى المحيطات، خروج القبطان مراد رايس (الأكبر) عام 1585 وإبحاره عبر مضبق جبل طارق ثم الوصول إلى عدة جزر من مجموعة جزر الكناري، كما استطاع إلقاء القبض على الحاكم الإسباني في جزيرة لانزاروت (بالإنجليزية: Lanzarote)‏ مع عائلته و 300 شخص من الجزيرة، ثم أطلق سراحه فيما بعد، بعد أن وقع إتفاقية معه ودفع فديته.[12]

هناك حوادث أخرى مشهورة في القرن 16 تظهر خروج العثمانيين إلى المحيطات مثل:[12]

  • فتح جزيرة لوندي في جنوب بريطانيا العظمى ضمن خليج بريستول عام 1625م. وبقيت عدة سنوات حتى تم توقيع معاهدة.
  • مهاجمة سواحل الدانمارك سنة 1627م بقيادة القبطان مراد رايس (الأصغر) ، ثم التوجه إلى آيسلاندا، ثم ميناء هايمي.
  • الهجوم على السواحل البريطانية، وخاصة خلال السنوات من 1619-1621م، مثل: «مارتلاند بونينت» و«بليموث هاف».
  • الهجوم على الجزر البريطانية، مثل: الدونز، الدرشت، كرفوول وديفون والمقاطعات حولها.
  • الهجوم على بلتيمور 1631م.
  • الوصول إلى جزيرة نيوفوندلاند الواقعة في كندا حاليا، مما يعكس جرأة في تاريخ الأعمال البحرية.[وفقاً لِمَن؟]
  • استمرت الأعمال في المياه الإنكليزية حتي 1700م.[12]

دوافع وأهداف الجهاد البحري الإسلامي

المصادر الأوروبية

تذكر المراجع الغربية أن الهدف الرئيسي للهجمات كان إلقاء القبض على العبيد المسيحيين الذين كانوا سلعة في تجارة العبيد العثمانية وقد بيعوا في أسواق العبيد المحلية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.[21] ووفقاً للباحث روبرت ديفيس فقد استطاع البربر أسر واستعباد ما يتراوح من مليون إلى مليون وربع إنسان خلال الفترة من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر وتم بيعهم جميعاً كعبيد في الأسواق بشمال أفريقيا.[22][23][24] كما طالت هجماتهم جزيرة آيسلندا الواقعة في أقصى شمال المحيط الأطلنطي والتي لم تحتك مع البربر من قبل حيث هجموا على بعض البلدات شرقي الجزيرة وقاموا باختطاف مئات الضحايا التي باعوها في أسواق العبيد عام 1627، ويُعرف الحدث في تاريخ الجزيرة باسم الهجمات التركية (بالآيسلندية: Tyrkjaránið)، وتعرض به حوالي 400-800 من الأسرى للبيع في سوق العبيد، ولكن المصادر الآيسلاندية لا تتفق مع هذا الرقم.[25][26] وصلت بضعة رسائل كتبها أسرى إلى أيسلندا، تشير إلى أنه تم التعامل مع الأسرى بشكل مختلف جدا وفقا للقادة البحريين، فذكر غوتورمور هالسسون، وهو أسير من المنطقة الشرقية بآيسلاندا، في خطاب مكتوب في باربيري في 1631م: «هناك فرق كبير هنا بين الأسياد. بعض العبيد الأسرى يحصلون معاملة حسنة ولطيفة من أسيادهم، والبعض يجدون أنفسهم في معاملة وحشية قاسية بشكل سيء، والذين يُجبرون مع القليل من الطعام، مقيدين بالحديد، من الصباح حتى المساء».[27]

وفي أثناء الثورة الأمريكية، هاجم القراصنة السفن الأمريكية التي دخلت حوض المتوسط وكانت حينها الولايات المتحدة دولة وليدة تسعى لنيل استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية، فدفعت هذه الهجمات إلى تدخل السلطان محمد الثالث من سلالة العلويين بالمغرب وقام بحماية السفن الأمريكية من هجمات القراصنة ووقعت المغرب معاهدة صداقة مع الولايات المتحدة لتصبح أقدم معاهدة صداقة لم يُخل ببنودها في التاريخ الأمريكي.[28][29] كما أصبحت المغرب أول بلد يعترف بالولايات المتحدة كبلد حر ومستقل عن بريطانيا عام 1778م.[30]

المصادر العربية والعثمانية

تشير المصادر العربية والعثمانية إلى أن قيام هؤلاء المجاهدين البحريين بحرق السواحل الأوروبية كانت رداً على الممارسات التي ارتكبتها تلك الدول الأوروبية من احتلال للأرض وقتل الأبرياء وارتكاب المجازر الجماعية والأعمال اللاإنسانية، [12] وذلك بالنظر لما تعرض له المسلمون في الأندلس، والهجمات الأوروبية على الشمال الأفريقي بغزو البرتغال لمدينة سبتة عام 1415، وسيطرة الإسبان على المرسى الكبير عام 1505 ومدن حجر باديس ووهران وأخرجوا الْمُسلمين مِنْهَا ونبشوا قُبُور الْأَمْوَات وحرقوها وأهانوا الْمُسلمين كل الإهانة، [8][9] ثم مدينة بجاية عام 1508م وطرابلس الغرب في عام 1535 قبل أن يتنازلوا عنها لفرسان القديس يوحنا، إِلَى أَن انتزعهما العثمانيون من أَيْديهم. فكانت أعمال قتالية ضد دول هي أصلاً في حالة حرب معها، فتُطلق عليهم بعض المراجع اسم «صاعقة البحر».[31]

أما الأوروبيون وبعض المصادر العربية الأخرى فتطلق على الهجمات اسم «أعمال القرصنة»، وذلك لأن الكثير من الدول والقادة حاولوا البحث عن وسيلة يضمنون بها ولاء هؤلاء المجاهدين أو رضاهم، وعندما فشلت كل المحاولات لتحقيق ذلك وصفوهم «بالقراصنة البربر» (بالإنجليزية: Barbary pirates)‏ أو «القراصنة العثمانيين» (بالإنجليزية: Ottoman corsairs)‏.[32][33]

تجارة العبيد غرب المتوسط

نحت هولندي قديم، عنوان اللوحة الأصلي: الطريقة التي كان يُباع بها السجناء المسيحيون كعبيد في سوق الجزائر العاصمة.

يقدر المؤرخ الأمريكي روبرت ديفيس من جامعة ولاية أوهايو في كتابه الاختصاصي بعنوان «عبيد مسيحيون وسادة مسلمون: الإتجار بالعبيد في البحر الأبيض المتوسط والساحل البربري وإيطاليا 1500–1800» أن خلال الفترة الممتدة من عام 1530 حتى 1780 وصل عدد الأوروبيين من المسيحيين الذين قُبِض عليهم للعمل كعبيد في شمال أفريقيا ولا سيما الجزائر وتونس وطرابلس الغرب وأسطنبول وسلا ما بين مليون إلى مليون ونصف شخص ولا تتضمن هذه التقديرات من تم استعباده في المغرب وغيرهم من القوى التي كانت نشطة في البحر المتوسط.[34] ويشرح ديفيس أن حساباته تعتمد على مبدأ ثبات نسبة عمليات الاستعباد على مدة 250 عاماً لعدم وجود سجلات تاريخية توثق عمليات البيع والشراء مثلما كان الحال عليه في كثير من تجارة العبيد بالأمريكيتان، ويذكر أنه:

«لا توجد سجلات تاريخية لعدد الرجال والنساء والأطفال الذين تم استعبادهم ولكن بالإمكان حساب العدد التقريبي للأسرى الجدد اللازمون لثبات نسب التعدادت السكانية والإستعاضة الحسابية عن وفيات هؤلاء العبيد ومن هرب منهم أو تم فديهم أو اعتنقوا الإسلام وتحرروا. ويُقدر استاداً على هذا الأساس أن العدد اللازم هو بحوالي 8,500 عبد سنوياً من أجل سد النقص في الأعداد - وعلى هذا المنوال يصل عدد العبيد إلى 850,000 شخص خلال فترة القرن الواحد التي امتدت من عام 1580 حتى عام 1680. وبذلك يبلغ العدد خلال 250 سنة بتطبيق التقدير من عام 1530 حتى 1780 إلى ما لا يقل عن 1,250,000 شخص.[35]»


بين النظرة الغربية والإسلامية للأحداث

هناك من يرى إعطاء الأولوية لاستخدام المراجع الغربية الأكاديمية فقط لأنها تخبر الحقيقية بموضوعية، بزعم أن الغالبية الساحقة من المراجع العربية في تاريخنا وفي تاريخ كثير من البلدان مثل المراجع الصينية حول تاريخ الصين، والمراجع الروسية حول تاريخ التسار، لا تعتمد على نقل التاريخ كما هو في غالب الأحيان ولكن تزيف التاريخ وتبرر ما فعلوه.

ويشهد الواقع بأن المراجع العربيَّة والإسلاميَّة المثبتة مليئة بأحداث وقعت بسبب أشخاص مُسلمين أو جماعات مُسلمة تسببت بِالأذى لِأُناس بغير وجه حق، والمُؤرخين العرب والمُسلمين يذمُّون هؤلاء بسبب فعلتهم ويُدافعون عن المظلومين، مثل ذم المُوحدين على لسان المُؤرخين العرب والمُسلمين كونهم كانوا شديدين ودمويين في جوانب كثيرة، رُغم نُصرتهم للأندلس، ومديح المُؤرخين المُسلمين بِقُسطنطين الحادي عشر آخر أباطرة الروم بسبب موته في سبيل الدفاع عن وطنه، وأيضا مدحهم بشيخ فرسان القديس يُوحنَّا عندما فتح العُثمانيُّون رودس، وذمهم الخليفة هذا وذاك بسبب بطشه وظلمه.

وهناك من يزعم استعباد آلاف الآيسلنديين في حين أن تقديراتهم في المراجع الأجنبية نفسها كانت بين حوالي 400-800 من الأسرى الذين تم بيعهم، في حين أنه المراجع الأجنبية نفسها تذكر أن تم التعامل مع الأسرى كان بشكل مختلف جدا وفقا للقادة البحريين، حيث ذكر غوتورمور هالسسون، وهو أسير من المنطقة الشرقية بآيسلاندا، في خطاب مكتوب في باربيري في 1631م: أن «هناك فرق كبير هنا بين الأسياد. بعض العبيد الأسرى يحصلون معاملة حسنة ولطيفة من أسيادهم، والبعض يجدون أنفسهم في معاملة وحشية قاسية بشكل سيء».[27]

من أشهر قادة العمليات

الاسم الصورة
خير الدين بربروس
عروج بربروس
طورغوت رايس
علج علي باشا
مراد رايس (الأكبر)
مراد رايس (الأصغر)

من أشهر المعارك

انظر أيضًا

مراجع

  1. الصلابي, علي محمد (2010)، الدولة العثمانية: عوامل النهوض وأسباب السقوط ( الجزء الأول)، دار المناهل للنشر، ص. 291، ISBN 9796500031675، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  2. لويس, برنارد (1996)، عبد القادر محمد, ماهر (المحرر)، اكتشاف المسلمين لأوربا، ktab INC، ص. 53، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  3. الغالي, غربي، (2007)، دراسات حول تاريخ الدولة العثمانية والمشرق العربي، 1288-1916، ديوان المطبوعات الجامعية،، ISBN 9789961011041، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
  4. سرهنك, المير ألاي إسماعيل (1988)، تاريخ الدولة العثمانية، دار الفكر الحديث للطبع والنشر، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
  5. "تاريخ الدولة العلية العثمانية"، www.goodreads.com، مؤرشف من الأصل في 26 مايو 2017، اطلع عليه بتاريخ 23 مايو 2018.
  6. Pérez, Joseph (2009)، Los judíos en España (باللغة الإسبانية)، ISBN 84-96467-03-1، مؤرشف من الأصل في 30 نوفمبر 2011. {{استشهاد بكتاب}}: يحتوي الاستشهاد على وسيط غير معروف وفارغ: |cite= (مساعدة)
  7. Pérez, Joseph، Breve Historia de la Inquisición en España، ISBN 978-84-08-00695-4.
  8. خالد, سلاوي، أحمد بن؛ محمد, عثمان، (2007)، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية،، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
  9. "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 24 مايو 2018، اطلع عليه بتاريخ 23 مايو 2018.
  10. كتاب حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر واسبانيا 1492 – 1792، مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2016.
  11. الصلابي, علي محمد (01 يناير 2010)، الدولة العثمانية: عوامل النهوض وأسباب السقوط ( الجزء الأول)، Al Manhal، ISBN 9796500031، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020. {{استشهاد بكتاب}}: تأكد من صحة |isbn= القيمة: checksum (مساعدة)
  12. التر, عزيز سامح (1989)، الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  13. Ṭaqqūsh, Muḥammad Suhayl (1995)، العثمانيون من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، 896-3431 ه/9921-4291 م، دار المحروسة،، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  14. محمد, الصلابي ،علي محمد؛ Ṣallābī, ʻAlī Muḥammad Muḥammad (2001)، الدولة العثمانية، دار التوزيع والنشر الاسلامية،، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
  15. "القصة الحقيقية لأمير البحار العثماني خير الدين بربروس"، ترك برس، 04 يناير 2018، مؤرشف من الأصل في 10 فبراير 2018، اطلع عليه بتاريخ 23 مايو 2018.
  16. الساعد الفضي: قصة حسن بن خير الدين وبابا عروج بربروسا، 1992، مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
  17. اوزتونا, يلماز، تاريخ الدولة العثمانية 1/2، دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020.
  18. C. Hess, Andrew (1968)، The Moriscos, An Ottoman Fifth Column in XVI Century Spain، The American Historical Review، ج. Vol. 74, No. 1، مؤرشف من الأصل في 08 أغسطس 2020، pp. 1-25 {{استشهاد بكتاب}}: |المجلد= has extra text (مساعدة).
  19. Louis Cardaillac, Morisques et Protestants, Al-Andalus, Vol. XXXVI (1971)
  20. Diccionario Historico Español, Art. Felipe II.
  21. "British Slaves on the Barbary Coast"، مؤرشف من الأصل في 8 فبراير 2009.
  22. Robert C. Davis (ديسمبر 2003)، Christian Slaves, Muslim Masters: White Slavery in the Mediterranean, the Barbary Coast and Italy, 1500-1800، لندن: Palgrave Macmillan، ص. 45، ISBN 0333719662، مؤرشف من الأصل في 26 مارس 2017، اطلع عليه بتاريخ 15 مايو 2015.
  23. Jeff Grabmeier (08 مارس 2004)، "When Europeans Were Slaves: Research Suggest White Slavery Was Much More Common Than Previously Believed"، researchnews.osu.edu، Columbus, Ohio: OSU News Research Archive، مؤرشف من الأصل في 14 يونيو 2017، اطلع عليه بتاريخ 15 مايو 2015.
  24. Based on "records for 27,233 voyages that set out to obtain slaves for the Americas". Stephen Behrendt, "Transatlantic Slave Trade", Africana: The Encyclopedia of the African and African American Experience (New York: Basic Civitas Books, 1999), (ردمك 0-465-00071-1).
  25. Wilson, Peter Lamborn (2003)، Pirate Utopias، Autonomedia، ص. 100، ISBN 1-57027-158-5، مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2020، اطلع عليه بتاريخ 29 أبريل 2011. It is also found in D'Aranda, Emanuel (1666), The History of Algiers and It's Slavery with Many Remarkable Particularities of Africk. London: John Starkey, p. 248.
  26. Vilhjálmur Þ. Gíslason, Bessastaðir: Þættir úr sögu höfuðbóls. Akureyri. 1947
  27. Letter written by Guttormur Hallsson نسخة محفوظة 02 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  28. Roberts, Priscilla H. and Richard S. Roberts, Thomas Barclay (1728–1793: Consul in France, Diplomat in Barbary, Lehigh University Press, 2008, pp. 206–223.
  29. "Milestones of American Diplomacy, Interesting Historical Notes, and Department of State History"، U.S. Department of State، مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2019، اطلع عليه بتاريخ 17 ديسمبر 2007.
  30. "Cohen Renews U.S.-Morocco Ties"، U.S. Department of Defense، مؤرشف من الأصل (mil) في 30 نوفمبر 2009، اطلع عليه بتاريخ 12 مارس 2009.
  31. "كتاب "تاريخ الدولة العثمانية"، يلماز أوزتزنا، تركيا، اسطنبول، 1988م."، docs.google.com، مؤرشف من الأصل في 10 يناير 2020، اطلع عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2017.
  32. كتاب الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية، مؤرشف من الأصل في 9 يناير 2020.
  33. "[حمّل] الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية، عزيز سامح التر، (جزءان) PDF - ملتقى أهل الحديث"، www.ahlalhdeeth.com، مؤرشف من الأصل في 24 نوفمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 21 مايو 2018.
  34. Davis, Robert C. (2003)، Christian Slaves, Muslim Masters: White Slavery in the Mediterranean, the Barbary Coast and Italy, 1500-1800، Palgrave Macmillan، ISBN 978-0-333-71966-4.
  35. Carroll, Rory؛ correspondent, Africa (11 مارس 2004)، "New book reopens old arguments about slave raids on Europe"، The Guardian (باللغة الإنجليزية)، ISSN 0261-3077، مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 11 ديسمبر 2017.

وصلات خارجية

  • بوابة الجزائر
  • بوابة الدولة العثمانية
  • بوابة القرن 19
  • بوابة المتوسط
  • بوابة المغرب العربي
  • بوابة تاريخ أفريقيا
  • بوابة تاريخ أوروبا
  • بوابة علاقات دولية
  • بوابة قرصنة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.