علم فروع الفقه

علم فروع الفقه أو علم الفروع هو أحد العلوم الشرعية التي تدرس فروع الفقه الإسلامي المتعلقة بأفعال المكلفين. عرّفه علماء أصول الفقه بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية، من أدلتها التفصيلية». وفروع الفقه هي: الأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، وتشمل: فقه العبادات وفقه المعاملات، أما أدلة الفقه الإجمالية؛ فهي موضوع أصول الفقه، وأما الأحكام الكلية؛ فهي موضوع القواعد الفقهية، فالأصول، والفروع، والقواعد، هي المواضيع الأساسية للفقه الإسلامي.[1]

فروع الفقه

علم فروع الفقه أو علم الفقه -أحد أنواع العلوم الشرعية- عرفه علماء أصول الفقه بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية، المكتسبة من أدلتها التفصيلية». ومعنى «العلم» أي: الموضوع بقوانين ومناهج. ومعنى «علم الفقه» يقصد به: الفن الموضوع بمنهجه، وقوانينه، الذي صاغ الفقهاء محتوياته وتفاصيله وموضوعه ومسائله، بدراسة علمية، وفق منهج علمي للبحث والنظر والاستدلال. ومعنى «الأحكام الشرعية» أي: نسبة للشرع وهو: ما شرعه الله على لسان نبيه من أحكام. ومعنى «العملية» أي: المتعلقة بافعال المكلفين. ومعنى «من أدلتها» أي: أن هذه الأحكام مكتسبة من أدلة شرعية، أو ناتجة عنها بعمل استنباط الأحكام، وفق منهج علم أصول الفقه. وتسمى هذه النتائج: فروع الفقه.

التسمية

الفقه في اللغة: الفهم، أو العلم، ثم غلب على علم الدين لشرفه. وأصل التسمية من قول الله تعالى:  وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ   ومما رواه البخاري بسنده بلفظ: «عن ابن شهاب قال قال حميد بن عبد الرحمن سمعت معاوية خطيبا يقول سمعت النبي يقول: «من يرد الله به خيرا؛ يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم، والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله.»[2] والفقه في الدين ليس بمعنى معرفة معنى الكلام، كما أنه أيضا ليس بمعنى فهم ما يقصد من المخاطب، ولا بمعنى تفسير المعنى، بل المقصود من التفقه في الدين: استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها. وقال الله تعالى:  وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا   وفي البدايات الأولى لتأسيس المدارس الفقهية كان موضوع الفقه يشمل كل الأحكام الشرعية، وبعد تأسيس المدارس الفقهية وتوسع العلوم؛ بدأ فصل بعض أنواع العلوم عن بعضها، وتمييز كل علم بمبادئ تعريفية، مثل: تحديد منهج العلم وموضوعه واسمه وغير ذلك. وصار الفقه بالمعنى الإصطلاحي؛ يطلق على: العلم بالاحكام الشرعية من أدلتها. المسمى: علم الفقه وهذا التعريف يتضمن:

  1. الموضوع؛ وهو: الأحكام الشرعية وتسمى: فروع الفقه
  2. المنهج، وهو: الأدلة وطرق الإستدلال، وتدخل ضمن: علم أصول الفقه
  3. الاستدلال، وهو: استنباط الأحكام من أدلتها.
  4. النتائج الكلية، وهي: القواعد الفقهية.

تعريف الفقه

بالمعنى اللغوي

الفقه في اللغة:[3] العلم بالشيء والفهم له،[4] قال ابن فارس في المجمل: هو العلم.[5] وخصه حملة الشرع بضرب من العلوم، ونقل ابن السمعاني عن ابن فارس: أنه إدراك علم الشيء، وقال الجوهري وغيره: هو الفهم، وقال الراغب هو التوسل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم. وفسر الفهم بمعرفة الشيء بالقلب، والعلم به، يقال: فهمت الشيء عقلته وعرفته، وفهمت الشيء فهما علمته، فلا يقصد فهم المعنى من اللفظ، ولا فهم غرض المتكلم.
وقال أبو إسحاق وصاحب اللباب من الحنفية: «فهم الأشياء الدقيقة، فلا يقال: فقهت أن السماء فوقنا». قال القرافي: وهذا أولى؛ ولهذا خصصوا اسم الفقه بالعلوم النظرية، فيشترط كونه في مظنة الخفاء، فلا يحسن أن يقال فهمت أن الاثنين أكثر من الواحد، ومن ثم لم يسم العالم بما هو من ضروريات الأحكام الشرعية فقيها.

في العرف

نقل لفظ (فقه) من معناه اللغوي بغلبة الاستعمال في العرف إلى معنى العلم بالدين. قال ابن منظور: «وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم كما غلب النجم على الثريا والعود على المندل».[4]

قال ابن الأثير: «واشتقاقه من الشق والفتح، وقد جعله العرف خاصا بعلم الشريعة، -شرفها الله تعالى-، وتخصيصا بـعلم الفروع منها».[4] قال ابن منظور: «والفقه في الأصل الفهم، يقال: أوتي فلان فقها في الدين أي فهما فيه. قال الله عز وجل: ﴿ليتفقهوا في الدين[6] أي: ليكونوا علماء به، وفقهه الله، ودعا النبي لابن عباس فقال: «اللهم علمه الدين وفقهه في التأويل» أي: فهمه تأويله ومعناه، فاستجاب الله دعاءه وكان من أعلم الناس في زمانه بكتاب الله تعالى». وقال ابن سيده: «وفقه عنه بالكسر: فهم، ويقال: فقه فلان عني ما بينت له يفقه فقها إذا فهمه».[4]

في العصر الأول

فهم جميع أحكام الدين الاعتقادية والعملية، كما يطلق على الأحكام نفسها، ومما يدل ذلك قولة عليه الصلاة والسلام: «رب حامل فقه غير فقيه» «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه». وقد عرفه الإمام أبو حنيفة بأنه: «معرفة النفس ما لها وما عليها»؛ لذا سمى كتابه في العقيدة: (الفقه الأكبر)، والفقه الأصغر عنده: علم الفقه بمعناه عند المتأخرين.
ونقل الفقه إلى علم الفروع بغلبة الاستعمال كما أشار إليه ابن سيده حيث قال: «غلب على علم الدين لسيادته وشرفه كالنجم على الثريا، والعود على المندل».

الفقه بالمعنى اللغوي: «الفهم» ومادته: (فقه) بوزن «فعل» -بكسر عين الماضي- يقال: فقه الرجل أي: فهم الشيء وعلم به، ويستعمل في اللغة أيضاً بمعنى: الفهم الدقيق والفطنة لما يحتاج في إدراكه إلى جودة التفكير والتأمل. وغلب استعمال لفظ «فقه» على العلم بالأحكام الشرعية. المسمى: «علم الفقه»

بالمعنى الاصطلاحي

ومعناه في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: (العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية) معنى العلم في اللغة: الإدراك أي: الممكن بالنسبة للإنسان. وهو بمعنى: المعرفة عموما، إلا أنه غالباً ما تطلق المعرفة الجزئيات، ويطلق العلم بمعنى: «دراسة ذات موضوع محدد، ومنهج واضح، وقوانين ثابتة» فالمقصود بعلم الفقه دراسة موضوع الأحكام الشرعية، وفق منهج علم أصول الفقه وصولا إلى: النتائج والقوانين وهي: الأحكام الشرعية العملية. فيختص علم الفقه بأمور تعريفية منها:

أن أحكامه مستمدة من الدين الإسلامي،

  • أنه يدرس موضوع الأحكام الشرعية المتعلقة بالمكلف.
  • أنه علم نظري؛ باعتبار أن المجتهد يستنبط أحكامه بالنظر والإستدلال.
  • أن موضوعه عملي؛ باعتبار أنه العلم بالأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلف.

قال ابن حجر الهيتمي في تعريف الفقه بالمعنى الاصطلاحي: العلم بالأحكام الشرعية العملية الناشئة عن الاجتهاد. وموضوعه فعل المكلف من حيث تعاور تلك الأحكام عليه واستمداده من الأدلة المجمع عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمختلف فيها كالاستصحاب ومسائله كل مطلوب خبري يبرهن عليه في العلم وفائدته امتثال الأوامر واجتناب النواهي وغايته انتظام أمر المعاش والمعاد مع الفوز بكل خير دنيوي وأخروي.[7]

موضوع الفقه

موضوع الفقه هو: «الأحكام الشرعية العملية» أي: المتعلقة بأفعال المكلفين. والأحكام الشرعية تشمل الأحكام الاعتقادية والعملية، ونتيجة لتوسع العلوم الشرعية؛ استقل علم العقائد بموضوعه عن موضوع الفقه، واختص علم الفقه بموضوعه وهو: الأحكام الشرعية العملية، ويتضمن:

  1. الأحكام الشرعية، وهي: الموضوع الأساسي للفقه، ويشمل:
    1. الأحكام الفرعية، وهي: فروع الفقه.
    2. الأحكام الكلية، وهي: القواعد الفقهية.
  2. الأدلة، وهي: أصول الفقه.
  3. الاستدلال، وهو: عمل المجتهد في استنتاج الأحكام الشرعية من أدلتها.

موضوع فروع الفقه

موضوعُ فروع الفقه الأحكام الشرعية العملية، أي: المتعلقة بأفعال المكلفين، ومواضيع فروع الفقه كثيرة تتلخص في قسمين أساسيين هما: فقه العبادات ويتضمن: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والعمرة، ويشمل أبوابا وفصولا وتفريعات أخرى. وفقه المعاملات ويتضمن: البيوع وغيرها من المعاملات مثل: الإجارة، والرهن، والربا والوقف، والجعالة، والبيع، ووالمعاوضة الربوية وغيرها. والنكاح وما يتعلق به كالطلاق، والصداق والخلع والظهار والإيلاء، واللعان، والعدة والرضاع والحضانة، والنفقات. وأبواب والمواريث، والجنايات، والأقضية والشهادات، والأيمان والنذور، والكفارات، والأطعمة والأشربة، وأحكام الصيد والذبائح، والذكاة، ومعاملات أهل الكتاب، وأحكام الجهاد، والسبق والرمي، العتق، ويدخل ضمن ذلك مواضيع أخرى.

واضعه

واضع علم الفقه هم الأئمة المجتهدون من أصحاب المذاهب الفقهية، والمقصود بوضع العلم هيكلة محتوياته وإخراجها بطريقة علمية، وتحديد مبادئه وموضوعه ومنهجه وقوانينه، وإخراجه وتدوينه وصياعته بصورة متكاملة. ذكر ابن عابدين أن واضع علم الفقه: أبو حنيفة النعمان، كما يذكر الحنفية أن أبا حنيفة هو واضع علم أصول الفقه، ويمكن حمل هذا على أنه أول من وضع الفقه الحنفي وأصول مذهبه.

في المراحل الأولى من تاريخ الفقه كان موضوع الفقه في الدين يشمل جميع الأحكام الشرعية النظرية والعملية، والأحكام الكلية والجزئية، وأصول الأحكام وفروعها وقواعدها، وأصول الدين (علم العقيدة)، وفروعه، والإيمان والأخلاق والسلوكيات وسائر الأحكام الشرعية العملية والعلمية وأصولها وفروعها وبعد ظهور المذاهب الفقهية الكبرى: بدء تحديد موضوع الفقه في مراحل وضع المذاهب الفقهية وتدوينها ودراستها، وقد كان أبو حنيفة يعرف الفقه بأنه: معرفة النفس ما لها وما عليها، وقسم الفقه إلى فقه أصغر وفقه أكبر، وجعل العقيدة موضوع الفقه الأكبر، ثم جاء الشافعي فوضع علم أصول الفقه أي: أنه أول من دونه وجمعه في علم مستقل، وكان علم أصول الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: أصول الفقه، وكان علم الفقه مستقلا بموضوعه الذي هو: فروع الفقه.

موضوع الفقه

موضوع علم الفِقْه فعل المكلف ثبوتا أو سلبا من حيث إنه مكلف؛ لأنه يبحث فيه عما يعرض لفعله من حل وحرمة ووجوب وندب. وموضوع كل علم: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية. وبعد تدوين العلوم الشرعية، تميز علم العقائد بموضوعه عن موضوع الدراسات الفقهية، واختص الفقه بموضوعه وهو: الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأفعال المكلّفين، وما يعرض لأفعالهم من حلّ وحرمة، ووجوب، وندب وكراهة وغير ذلك. فيختص موضوع الفِقْه بالأحكام الشرعية العملية، أما العلم بالأحكام الشرعية العلمية؛ فهو موضوع أصول الدين (علم التوحيد)، وهو مستقل بموضوعه عن علم الفقه. وأصول الدين ثابتة يتفق عليها المسلمون، وإنما حصل الخلاف في العقيدة بسبب ظهور الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة، ولم تظهر مباحث علم التوحيد إلا لهدف الرد على أهل الأهواء والزيغ.[. 1]

غايته

غايته أي: ثمرته المترتبة عليه: الفوز بسعادة الدارين: دار الدنيا بنقل نفسه من حضيض الجهل إلى ذروة العلم، وببيان ما للناس وما عليهم لقطع الخصومات ودار الآخرة بالنعم الفاخرة.[8]

استمداده

استمداد علم الفقه أي مأخذه: من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. أما أقوال الصحابة فتابعة للسنة، وأما تعامل الناس فتابع للإجماع، وأما التحري واستصحاب الحال فتابعان للقياس، وتفصيل ذلك في كتب الأصول.

علم أصول الفقه

أصول الفقه مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفردا هو: «الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه». وأصول الفقه بمعناه اللقبي،[. 2] هو: العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.[9] [. 3] وبعبارة أخری: أصول الفقه هو علم يضع القواعد الأصولية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها الصحيحة. والصّلة بين الفقه وأصول الفقه أنّ الفقه يعنى بالأدلّة التّفصيليّة لاستنباط الأحكام العمليّة منها، أمّا أصول الفقه فموضوعه الأدلّة التفصيلة من حيث وجوه دلالتها على الأحكام الشّرعيّة. وأدلة الفقه الإجمالية، تعتمد على القرآن والحديث فهما الدليلان الذان تعتمد علهما باقي الأدلة الشرعية، ويليهما الإجماع؛ لأنه يقوم على أساس من الكتاب والسنة، ويليه القياس، ويعتمد على الأحكام الكلية العامة، من الكتاب والسنة، في الاستدلال به على الأحكام الفرعية التي لم يرد بخصوصها نص في الكتاب والسنة، وفق أحكام وقواعد للاستدلال، فهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة، هي: أصول ثانوية بمعنى: أنها أدلة شرعية يستدل بها المجتهد، عند عدم ظهور الحكم بالأدلة الأربعة، كما أن هذه الأصول الثانوية، مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في انكارها بالكلية، وتشمل: استصحاب الحال، والاستحسان وهو: الحكم بالأحسن عند عدم وجود نص صريح في المسألة، بشرط أن يكون موافقا للشرع، وألا يخالفه، أو هو العدول عن دليل القياس في المسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي هذا العدول عن المجتهد. والمصالح المرسلة: وهي المعاني أو الأمور التي يتم ربط الحكم بها وبناؤه عليها جلب منعفة أو دفع مضرة عن الناس دون أن يوجد نص بخصوص هذا الموضوع، والعرف: وهو ما تعارف عليه الناس وألفوه من قول أو فعل تكرر حتى امتزج بأفعالهم وصارت عقولهم تتلقاه بالقبول، وليس في الشرع مايخالفه. وهناك أدلة أخرى مختلف عليها بين الفقهاء بالإضافة إلى أن ما عدا الإجماع والقياس مختلف أيضاً في حجيتهم. وعمل أهل المدينة عند المالكية. وقول الصحابي.

تعلم الفقه

حكم تعلّم الفقه فرض عين على كل مسلم ومسلمة فيما لا بد منه من أساسيات الأحكام في العبادات مثل: كيفيّة الوضوء والصّلاة، والصّوم ونحو ذلك، وفيما يحتاج إليه لصحة معاملاته، وعليه حمل بعضهم الحديث المرويّ: «عن أنس عن النّبيّ قال: «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»» فعلى كل مسلم ومسلمة تعلم ما لابد منه من الأحكام. قال ابن عابدين: وحكم الشارع فيه وجوب تحصيل المكلف ما لا بد له منه، فالمطلوب أن يعرف من العلوم ما يعينه على المقصود؛ لأن ما عدا الفقه وسيلة إليه فلا ينبغي أن يصرف عمره في غير الأهم، وما أحسن قول ابن الوردي:

والعمر عن تحصيل كل علميقصر فابدأ منه بالأهم
وذلك الفقه فإن منهما لا غنى في كل حال عنه

. ثمّ ما يجب وجوب عين من ذلك كلّه هو ما يتوقّف أداء الواجب عليه غالباً، دون ما يطرأ نادراً، فإن حدث النّادر وجب التّعلّم حينئذ.

ولا يجب على المكلف تعلم جميع تفاصيل الأحكام، لكن يجب عليه قبل الإقدام على أي عمل أو ممارسة أن يعرف حكم الشرع فيه، فمن باع واشترى مثلا عليه معرفة الحكم قبل الإقدام عليه لئلا يقع في المحظور، وكذلك في سائر المعاملات، فيتعيّن على من يريد شيئاً من ذلك تعلّم أحكامه ليحترز عن الشّبهات والمكروهات، وكذا كلّ أهل الحرف، فكلّ من يمارس عملاً يجب عليه تعلّم الأحكام المتعلّقة به ليمتنع عن الحرام. ويجب أيضا العلم بما يفسد قلبه كالحسد ليجتنه.

وقد يكون تعلّم الفقه فرض كفاية، وهو ما لا بدّ للنّاس منه في إقامة دينهم، بوجود علماء بالفقه في كل بلد. وقد يكون تعلّم الفقه نافلةً، وهو التّبحّر في أصول الأدلّة، والإمعان فيما وراء القدر الّذي يحصل به فرض الكفاية.

وقد فرض الله على الأمة الإسلامية تعلم أحكام الشرع والتفقه في الدين، كما أن من فروض الكفاية أن يتفرغ البعض للتعلم ليعلموا ذويهم وقومهم، قال الله تعالى:  وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ   قال الطبري: «فقال بعضهم: وهو نفر كان من قوم كانوا بالبادية، بعثهم رسول الله يعلمون الناس الإسلام، فلما نزل قوله: ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله انصرفوا عن البادية إلى النبي خشية أن يكونوا ممن تخلف عنه، وممن عني بالآية، فأنزل الله في ذلك عذرهم بقوله: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة.. وكره انصراف جميعهم من البادية إلى المدينة».[10]

فقه عبادات

فقه العبادات هو القسم الأول من فروع الفقه، ويتضمن موضوع أحكام العبادات، والمسائل المتعلقة بها، مثل: أحكام النية، والأركان والشروط والمبطلات وغير ذلك. وتقدم العبادة على المعاملة لأهميتها، وأهم مواضيع فقه العبادات:

الطهارة

الطهارة في اللغة بمعنى: النظافة والخلوص من الأدناس، وشرعا: رفع حدث وإزالة نجس، وما في معناهما، وعلى صورتهما. والحدث في اللغة: الشيء الحادث، وفي الاصطلاح: أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع صحة الصلاة، حيث لا مرخص، وهو نوعان: 1- حدث أصغر وهو: ما أوجب الوضوء، 2- حدث أكبر وهو: ما أوجب الغسل.

وأحكام الطهارة تتضمن: مبادئ الطهارة ووسائلها مثل: الماء والتراب وغيرها، ومقاصد الطهارة، وهي: رفع الحدث وإزالة النجس. فتتضمن: أحكام المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم والاستنجاء، والنجاسات، والسواك، والأواني، والمطهرات، والإجتهاد، وإزالة النجاسة، وخصال الفطرة، وأحكام الحدث، والحيض والنفاس والاستحاضة، وأبواب ومسائل أخرى تدخل ضمن موضوع الطهارة.

الصلاة

الصلاة ومعناها في اللغة: الدعاء، وبالمعنى الشرعي هي: أقوال وأفعال مخصوصة، تبدء بالتكبير وتنتهي بالتسليم. وهي أحد أهم مواضيع فروع الفقه بعد الطهارة، ويتضمن أحكام الصلاة، والصلاة المفروضة وصلاة النفل، وأوقات الصلاة، وأركانها وشروطها، ومستحباتها، ومبطلاتها، وصلاة الجمعة وأحكام صلاة الجماعة، وشروط القدوة، وغيرها من الأحكام.

الزكاة

الزكاة في اللغة: النماء والتطهير، وفي الاصطلاح: ما يجب إخراجه في مال أو بدن بشروط مخصوصة، أو اسم لمال مخصوص يجب على جهة مخصوصة، ويصرف لجهة مخصوصة. والزكاة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع.[11]

وتجب الزكاة في المال أو البدن، والمقصود بالبدن زكاة الفطر، وزكاة المال هي: زكاة النقد، والزروع والثمار، والنعم، عروض التجارة.

الصوم

الصوم ومعناه في اللغة: الإمساك، وشرعا: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية. وللصوم أحكام، وأنواع فصيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام، وهو فرض عين على المكلف بإجماع المسلمين، وما عدا صيام رمضان قد يكون واجبا كالقضاء والنذر والكفارة، وما عدا ذلك إما أن يكون مستحبا وهو: صوم النفل المقيد، والنفل المطلق، وإما أن يكون منهيا عنه ويشمل: صوم يوم العيدين، ويوم الشك ويوم عرفة للحاج.
والفروع الفقهية للصوم تتضمن: أحكامه وأنواعه وأقسامه وأركانه وشروطه ومبطلاته ومستحباته ومكروهاته، وأنواع الإفطار وأحكام المسافر والمريض والعاجز عن الصوم والحائض والحامل والمرضع، والقضاء والكفارة، وصوم النفل وأحكام الاعتكاف وفروع ومسائل أخرى.

الحج

الحج من أبواب فروع الفقه، ويتضمن: أحكام الحج والعمرة، والحج في اللغة: القصد، وشرعا: قصد بيت الله الحرام لأداء النسك، أو قصد المشاعر لأداء المناسك، ويتضمن: تعريف الحج، وشروط وجوبه، وشروط صحته، ومواقيته الزمانية والمكانية، وأركانه وواجباته وسننه، وما يتعلق به مثل: أحكام الإحرام، والتحلل وفساد النسك، والفدية أو الدماء المتعلقة به.

فقه معاملات

المواضيع الأساسية للفقه

أهم مواضيع فروع الفقه
عبادات معاملات
الأوليات
الطهارة
الصلاة
الزكاة
الصوم
الحج
المواريث >> الفرائض الفروض التعصيب الحجب الحساب
البيوع >>
النكاح >>
الجنايات >>
الحدود >>
الأقضية والشهادات >>
الأيمان والنذور >>
السبق والرمي >>
أخرى >>

مصادر

  1. مقدمة حاشية ابن عابدين (تعريف الفقه) نسخة محفوظة 21 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. رواه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. فتح الباري ص: 198 دار الريان للتراث نسخة محفوظة 08 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  3. بكسر الفاء. وفي البحر المحيط: فقه -بالكسر- فهو فاقه إذا فهم. وفقه -بالفتح- فهو فاقه أيضا إذا سبق غيره إلى الفهم. وفقه -بالضم- فهو فقيه إذا صار الفقه له سجية.
  4. لسان العرب لابن منظور
  5. وجرى عليه إمام الحرمين في التلخيص، وإلكيا الهراسي، وأبو نصر بن القشيري، والماوردي. البحر المحيط
  6. سورة التوبة آية:123
  7. ج1 ص20 و21 التحفة لابن حجر نسخة محفوظة 10 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  8. رد المحتار على الدر المختار، لابن عابدين، (المقدمة)، ج1 ص: (38)، دار الكتب العلمية.
  9. شرح مختصر الروضة، نجم الدين أبو الربيع سليمان بن سعيد الطوسي، الفصل الأول، تعريف أصول الفقه باعتباره مركبا، ج1 ص120، مؤسسة الرسالة، 1407 هـ/ 1987 م.
  10. تفسير الطبري، تفسير سورة التوبة: (القول في تأويل قوله تعالى: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين"). ج14، ص566 دار المعارف.
  11. سرح منتهى الإرادات نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  1. موضوع الدراسات الفقهية أشمل من ذلك، فهو يدرس موضوع: "الأحكام الشرعية العملية" من "أدلتها التفصيلية". فموضوعه هو: الأحكام الشرعية، وأدلتها. وموضوع الفقه بمعنى: علم فروع الفقه هو: الأحكام الشرعية العملية، من أدلتها التفصيلية. ومعنى "العملية" أي: المتعلقة بأفعال المكلفين. وموضوع أصول الفقه: أدلة الفقه الإجمالية، وموضوع علم أصول الفقه هو: الأدلة والإستدلال. موضوع القواعد الفقهية هو: الأحكام الكلية.
  2. معناه اللقبي، أي: المركب الإجمالي، بمعنى: العلم المسمى:«أصول الفقه»
  3. رابط الكتاب مختصر شرح الروضة نسخة محفوظة 10 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  • بوابة الفقه الإسلامي
  • بوابة الإسلام
  • بوابة علوم إسلامية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.