ما وراء الفلسفة

ما وراء الفلسفة، تُدعى أحيانًا فلسفة الفلسفة، هي «التحقيق في طبيعة الفلسفة».[1] يضم موضوعها أهداف الفلسفة، وحدود الفلسفة ومناهجها.[2][3] تستقصي الفلسفة بالتالي كلًا من طبيعة الوجود، وواقع الأشياء، وإمكانية المعرفة، وطبيعة الحقيقة وما إلى ذلك على نحو مخصص، بينما تمثل ما وراء الفلسفة بدورها الاستقصاء الذاتي المنعكس في طبيعة النشاط المؤدي لهذا النوع من الاستقصاءات وأهدافه ومناهجه، من خلال السؤال عن ماهية الفلسفة ذاتها، وأنواع الأسئلة الواجب عليها طرحها، وكيفية طرحها لهذه الأسئلة إلى جانب الإجابة عليها والأمور الممكن تحقيقها عبر إتمام ذلك. يعتبر البعض ما وراء الفلسفة موضوعًا سابقًا للفلسفة أو تمهيديًا لها،[4] وينظر إليها آخرون بوصفها جزءًا متأصلًا من الفلسفة،[5] أو جزءًا تلقائيًا من الفلسفة،[6] بينما يتبنى آخرون مزيجًا من وجهتي النظر هاتين.[2]

أدى الاهتمام المتزايد بما وراء الفلسفة إلى إنشاء مجلة ميتافيلوسوفي في يناير 1970.[7]

تمتلك العديد من التخصصات الفرعية للفلسفة فرعًا خاصًا من «ما وراء الفلسفة»، تشمل الأمثلة على ذلك ما وراء فلسفة الجمال، وما وراء المعرفة، والأخلاقيات الفوقية وما وراء الطبيعة (ما وراء الوجود).[8]

على الرغم من ظهور مصطلح ما وراء الفلسفة والاهتمام الصريح بما وراء الفلسفة كمجال محدد داخل الفلسفة في القرن العشرين، من المحتمل أن الموضوع قديم قدم الفلسفة ذاتها، وقد يعود إلى أعمال اليونان القديمة ونيابا في الهند القديمة.[9]

العلاقة مع الفلسفة

يعتبر بعض الفلاسفة ما وراء الفلسفة موضوعًا منفصلًا عن الفلسفة، فوقها أو بعدها،[4] بينما يعارض آخرون هذه الفكرة.[5] يجادل تيموثي ويليامسون بأن فلسفة الفلسفة «جزء تلقائي من الفلسفة»، بشكل مماثل لفلسفة أي شيء أخر.[6] أفاد كل من نيكولاس بونين وجيوان يو في كتاباتهما بفقدان شعبية الفصل بين دراسة الدرجة الأولى ودراسة الدرجة الثانية إذ واجه الفلاسفة صعوبة في ملاحظة الفرق بينهما.[10] وفق ما يتضح من هذه الآراء المتعارضة، يستمر الجدل حول اعتبار تقييم طبيعة الفلسفة بمثابة «فلسفة من الدرجة الثانية» أو مجرد «فلسفة صريحة».

أدلى العديد من الفلاسفة بشكوكهم حيال قيمة ما وراء الفلسفة.[11] تمثل أحد هؤلاء الفلاسفة في غلبرت رايل: «يميل الانهماك بالأسئلة المتعلقة بالمناهج إلى صرف انتباهنا عن محاولة الوصول لهذه المناهج بحد ذاتها. كقاعدة، يصبح الجري أسوأ، وليس أفضل، عند تفكيرنا كثيرًا في أقدامنا. لذا دعنا... من التحدث عن أي شيء عدا التنفيذ الفعلي للأمر».[12]

الكتابات

كتب لودفيغ فيتغنشتاين عن طبيعة الألغاز الفلسفية والفهم الفلسفي. أشار إلى نشوء الأخطاء الفلسفية من الالتباسات المتعلقة بطبيعة الاستقصاء الفلسفي. في كتابه تحقيقات فلسفية، وضح فيتغنشتاين عدم وجود ما وراء الفلسفة في سياق النظرية الشمولية للفلسفة.[13]

ميز سي دي بورد الفلسفة النقدية من التأملية في «موضوع الفلسفة، وعلاقتها بالعلوم الخاصة»، في مقدمة التفكير العلمي، في عام 1923. اختبر كيرت دوكاس، في الفلسفة كعلم، العديد من وجهات النظر حول طبيعة الفلسفة، وخلص إلى امتلاك الفلسفة موضوعًا مميزًا: التخمينات. اعتُبرت وجهة نظر دوكاس إحدى وجهات النظر الأولى الموصوفة على أنها «ما وراء الفلسفة».[14]

أيد هنري لوفيفر في ميتافيلوسوفي (1965)، من وجهة نظر ماركسية، «الانقطاع الوجودي» بوصفه نهجًا منهجيًا ضروريًا للنظرية الاجتماعية النقدية (بينما انتقد «الانقطاع المعرفي» للوي ألتوسير مع الماركسية الذاتية، التي مثلت أداة نظرية جوهرية في مدرسة البنيوية الماركسية).

كتب بول موسر أن النقاش ما وراء الفلسفي النموذجي مشتمل على تحديد الشروط التي يمكن بموجبها وصف الادعاء على أنه فلسفي. اعتبر موسر الأخلاقيات الفوقية، أي دارسة الأخلاق، شكلًا من أشكال ما وراء الفلسفة، بالإضافة إلى ما وراء نظرية المعرفة، أي دراسة نظرية المعرفة.[15]

المراجع

  1. Lazerowitz, M. (1970)، "A note on "metaphilosophy""، Metaphilosophy، 1 (1): 91، doi:10.1111/j.1467-9973.1970.tb00792.x. see also the موسوعة الإنترنت للفلسفة article by Nicholas Joll: Contemporary Metaphilosophy
  2. Nicholas Joll (18 نوفمبر 2010)، "Contemporary Metaphilosophy"، Internet Encyclopedia of Philosophy (IEP)، مؤرشف من الأصل في 17 يوليو 2021.
  3. Armen T Marsoobian (2004)، "Metaphilosophy"، في John Lachs؛ Robert Talisse (المحررون)، American Philosophy: An Encyclopedia، ص. 500–501، ISBN 978-0203492796، Its primary question is "What is philosophy?"
  4. See for example, Charles L. Griswold Jr. (2010)، Platonic Writings/Platonic Readings، Penn State Press، ص. 144–146، ISBN 978-0271044811، مؤرشف من الأصل في 13 أغسطس 2021. {{استشهاد بكتاب}}: روابط خارجية في |مؤلف= (مساعدة)
  5. Martin Heidegger (1956)، Was Ist Das – die Philosophie?، Rowman & Littlefield، ص. 21، ISBN 978-0808403197، مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2021.
  6. Timothy Williamson (2008)، "Preface"، The Philosophy of Philosophy، John Wiley & Sons، ص. ix، ISBN 978-0470695913، The philosophy of philosophy is automatically part of philosophy, just as the philosophy of anything else is...
  7. The journal describes its scope as: "Particular areas of interest include: the foundation, scope, function and direction of philosophy; justification of philosophical methods and arguments; the interrelations among schools or fields of philosophy (for example, the relation of logic to problems in ethics or epistemology); aspects of philosophical systems; presuppositions of philosophical schools; the relation of philosophy to other disciplines (for example, artificial intelligence, linguistics or literature); sociology of philosophy; the relevance of philosophy to social and political action; issues in the teaching of philosophy." نسخة محفوظة 2017-08-15 على موقع واي باك مشين.
  8. Robert S Hartman (1995)، "Axiology as a science"، في Rem B. Edwards (المحرر)، Formal Axiology and Its Critics، Rodopi، ص. 21، ISBN 978-9051839104.
  9. IEP نسخة محفوظة 17 يوليو 2021 على موقع واي باك مشين.
  10. Nicholas Bunnin & Jiyuan Yu (2009)، "Metaphilosophy"، The Blackwell Dictionary of Western Philosophy، Wiley-Blackwell، ص. 426–427، ISBN 978-1405191128.
  11. Søren Overgaard؛ Paul Gilbert؛ Stephen Burwood (2013)، "Introduction: What good is metaphilosophy?"، An introduction to metaphilosophy، Cambridge University Press، ص. 6، ISBN 978-0521193412، مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2021.
  12. Gilbert Ryle (2009)، "Chapter 23: Ordinary language"، Collected Essays 1929-1968: Collected Papers Volume 2 (ط. Reprint of Hutchinson 1971)، Routledge، ص. 331، ISBN 978-0415485494. Quoted by Søren Overgaard؛ Paul Gilbert؛ Stephen Burwood (2013)، "Introduction: What good is metaphilosophy?"، An introduction to metaphilosophy، Cambridge University Press، ص. 6، ISBN 978-0521193412، مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2021.
  13. One might think: if philosophy speaks of the use of the word "philosophy" there must be a second-order philosophy. But it is not so; it is, rather, like the case of orthography, which deals with the word "orthography" among others without then being second order. لودفيغ فيتغنشتاين Philosophical Investigations Blackwell Oxford 1963 para 121.
  14. Dommeyer F., (1961), A Critical Examination of C. J. Ducasse's Metaphilosophy, Philosophy and Phenomenological Research, Vol. 21, (Jun., 1961), No. 4 pp. 439-455
  15. Paul K. Moser (2008)، "Metaphilosophy"، في Robert Audi (المحرر)، The Cambridge Dictionary of Philosophy (ط. Paperback reprint of 2nd)، Paw Prints 2008-06-26، ص. 561–562، ISBN 978-1439503508.
  • بوابة علوم
  • بوابة الأساطير
  • بوابة الهندوسية
  • بوابة الأديان
  • بوابة فلسفة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.