ثقافة بروتستانتية

على الرغم من أن الإصلاح البروتستانتي كان في الأساس حركة دينية، إلاّ أنّ تأثيره اشتمل على جميع الجوانب الأخرى من المجتمع: الزواج والأسرة، والتعليم، والعلوم الإنسانية والعلوم، والنظام السياسي والاجتماعي، والاقتصاد، والفنون.[1]

(1) تمثال مارتن لوثر في الساحة المركزية في مدينة فيتنبرغ، مهد الإصلاح البروتستانتي، (2) مجموعة صور لعدد من مشاهير المسيحيين البروتستانت من مختلف المجالات

الأسرة

كاثرين جيفيرتس شوري، أول إمراة تتولى منصب أسقف الكنيسة الأسقفية الأمريكية.

تعتبر الأسرة الوحدة المركزية للمجتمع المسيحي، [2] وهي في المفهوم المسيحي كنيسة صغيرة، [3] وقد سمحت جميع المذاهب البروتستانتية بزواج رجال الدين. وقد أحدث مارتن لوثر ثورة إصلاحية شملت السماح للقسس بالزواج، وكان مارتن لوثر نفسه قد تزوج من كاترينا فون بورا في 13 يونيو 1525.[4][5]

قد ساهمت العديد من أسر الكهنة في تطوير النخب الفكرية في بلدانهم وبزر العديد من أبناء رجال الدين البروتستانت في كافة المجالات منهم على سبيل المثال الروائية الإنجليزية جاين أوستن، ومختري أول طائرة الأخوان رايت، [6] والفيلسوف والحائز على جائزة نوبل للسلام ألبرت شفايتزر، والكاتب والحائز على جائزة نوبل في الأدب تيودور مومسن، والرياضياتي والفيزيائي ليونهارت أويلر، [7] والفيلسوف فريدرخ نيتشه، [8] والرئيس الثاني والعشرون والرابع والعشرون للولايات المتحدة جروفر كليفلاند، ومؤسس شركة دي بيرز للألماس سيسل رودس، وصمويل مورس مخترع التلغراف، [9] وعالم الرياضيات ألفريد نورث وايتهيد، [10] والحاصل على جائزة نوبل للفيزياء إيرنست والتون، والحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء روبرت كيرل، [11] والحاصل على جائزة نوبل في الطب جون سالستون، [12][13] وإحد مؤسسي شركة إنتل روبرت نويس، [14] ومستشارة ألمانيا أنغيلا ميركل، [15] ورئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون، وعالم النفس كارل يونغ، [16] الممثل دنزل واشنطن، [17] والممثل آرون بول، [18] والمغنية جيسيكا سمبسون[19] وغيرهم.[20]

النساء

منذ حوالي عام 1950، دخلت النساء في سلك الكهنوت، وتولت النساء بعض أهم المناصب القيادية (مثل الأساقفة) وذلك في معظم الكنائس البروتستانتية. حيث تحاول معظم الطوائف البروتستانتية السائدة تخفيف القيود المفروضة منذ زمن بعيد على رسامة النساء كأساقفة، وذلك على الرغم من وجود بعض المجموعات الكبيرة التي تشدد هذه القيود كنوع من ردة الفعل. في حين تبنت الكنائس الكاريزماتية والعنصرة سيامة النساء منذ تأسيسها بهم.

كذلك يتم توجيه انتقادات إلى الكنائس البروتستانتية الإنجيلية والخمسينية والمحافظة من قبل الحركات الأنثوية بسبب تشجيع الكنائس المحافظة على دور المرأة التقليدي، وهو ما تراه الحركات الأنثوية حط من قيمة المرأة. وتصل أحيانًا الانتقادات إلى العقيدة والمفاهيم المسيحية مثل كون الأنبياء من الذكور، وكون قصص الكتاب المقدس تركز على الرجل وهو ما تراه هذه الحركات ساهم في بناء المجتمع الأبوي.[21]

التعليم

صفحة من طبعة الكتاب المقدس للملك جيمس، وهي من أهم الأعمال الأدبية في الحضارة الغربية.

أراد الإصلاحيين أن يكون جميع أعضاء الكنيسة قادرين على قراءة الكتاب المقدس والحصول على التعليم على جميع المستويات. على سبيل المثال أسس أتباع مذهب التطهيرية وهم أول من أسس مستعمرة خليج ماساتشوستس عام 1628 كانوا وراء تأسسيس جامعة هارفارد بعد ثماني سنوات على يد القس البروتستانتي جون هارفارد.[22] تبعها بعد ذلك إنشاء حوالي اثني عشر جامعة أخرى في القرن 18، وجامعة ييل التي تأسست على يد مجموعة من رجال الدين البروتستانت[23] وجامعة برنستون التي أرتبطت بالكنيسة المشيخية الأمريكية.[24] وجامعة بنسلفانيا التي أسسها رجال دين من الكنيسة الأسقفية والميثودية وجامعة كولومبيا التي أرتبطت بالكنيسة الأسقفية وجامعة براون التي أسستها الكنيسة المعمدانية أما كلية دارتموث فقد أسسها القس الأبرشاني إلياعازر ويلوك كجامعة تبشيرية وجامعة ديوك التي أسسها رجل الأعمال واشنطن ديوك وارتبطت تاريخيًا ورسميًا ورمزيًا في الكنيسة الميثودية، [25]

شدّد المصلحين البروتستانت كل من مارتن لوثر وجان كالفن وغيرهم على أهمية التعليم. في عام 1578 أصدر مجلس الكنائس البروتستانتية الفرنسية منشور يجبر فيه الوالدين تعليم أبناءهم إذ رأى المصلحون البروتستانت في أهمية التعليم داخل الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية لتعزيز الاعتقاد الديني، والاستقرار الاجتماعي، لذلك طالبوا بتوجه المزيد من الاهتمام للأطفال ولتعليمهم ومحاولة نشر القراءة والكتابة حتى يتسنى للجميع قراءة الكتاب المقدس، وبالتالي فان الدول البروتستانتية كانت تولي أهمية للتعليم في المنزل وللحياة المنزلية وفي كيفية الاعتناء بها. وكان أيضًا لطبعة الكتاب المقدس للملك جيمس، تأثير قوي، لا في أميركا أو بريطانيا فقط، بل في أي مكان وصلت إليه اللغة الإنكليزية، أي جميع المستعمرات بما فيها كندا وأستراليا ونيوزيلندا والدول الأفريقية المتحدثة بالإنكليزية. وقد أثرت الطبعة في شعر جون ميلتون وخطب مارتن لوثر كينغ. وبما أن إنجيل الملك جيمس هو مراجعة لترجمة ويليام تيندال وغيره من مترجمي القرن السادس عشر فإنه لا يعتبر ترجمة جديدة بحد ذاته بل هو تصاهر بين أفضل الترجمات التي سبقته.[26] مع ظهور الإصلاح البروتستانتي كان هناك توجه واسع النطاق للتعليم لأنه كان مطلوب من الاصلاحيين أن يكونوا قادرين على قراءة الكتاب المقدس.[27] فقد قال لوثر أنه من الضروري للمجتمع تعليم شبابها.[27] ورأى أنه كان من واجب السلطات المدنية إجبار رعاياهم لإبقاء أطفالهم في المدرسة.

في الهند

بعد عام 1857، أصبح إنشاء المدارس والمستشفيات من قبل المبشرين البروتستانت البريطانيين «سمة محورية للعمل التبشيري والمسارات الرئيسية للتحويل الديني».[28][29] وتعتبر كلية كنيسة المسيح التي بنيت في عام 1866 وكلية سانت ستيفن والتي بنيت في عام 1881، مثالين على المؤسسات التعليمية البارزة التابعة للكنيسة والتي تأسست خلال فترة حقبة الهند البريطانية.[30] وداخل المؤسسات التعليمية التي أنشئت خلال فترة الحكم البريطاني، كانت النصوص المسيحية، وخاصةً الكتاب المقدس، جزءاً من المناهج الدراسية.[29] خلال فترة الحكم البريطاني، طور المبشرون المسيحيون أنظمة الكتابة للغات الهندية التي لم يكن لها في السابق أنظمة.[31][32] كما وعمل المبشرون المسيحيون في الهند على زيادة معرفة القراءة والكتابة.[33]

في أفريقيا

بحسب دراسة حديثة، نشرت في مجلة العلوم السياسية الأمريكية (مطبعة جامعة كامبريدج)، حيث تم التركيز على دور المبشرين البروتستانت، وجدت الدارسة أنهم كثيرًا ما تركوا أثرًا اجتماعيًا إيجابيًا للغاية في المناطق التي كانوا يعملون فيها. «من خلال التحليل الإحصائي ارتبطت البعثات البروتستانتية بشكل كبير وبقوة مع نشر الطباعة، والتعليم، والتنمية الاقتصادية، وتنظيم المجتمع المدني، وحماية الملكية الخاصة، وسيادة القانون، ومستويات أقل من الفساد».[34] وبحسب العالم السياسي روبرت ودبيري وجد من خلال الإحصاءات إلى القول بأن البعثات البروتستانتية كانت عاملاً مساعدًا هامًا في نشر الحرية الدينية، والتعليم، والديمقراطية.[35]

نشط المبشرون البروتستانت بشكل خاص في إنشاء المدارس وتثقيف السكان المحليين، بدافع من إيمانهم بأن الجميع يجب أن يكونوا قادرين على قراءة الكتاب المقدس بلغتهم الأم. ويشير روبرت د. ودبيري عالم اجتماع في جامعة بايلور أن للمُبشرين البروتستانت في أفريقيا «كان لهم دور فريد في نشر التعليم الشامل» بسبب الأهمية الدينية لدراسة وقراءة الكتاب المقدس، حيث قام المُبشرين في ترجمة الكتاب المقدس للغات المحليَّة وفي إنشاء المدارس لتعزيز معرفة القراءة والكتابة.[36]

ويشير ناثان نان أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد أنَّ التعليم «هو المكافأة الرئيسية قبل المبشرين لجذب الأفارقة للمسيحية». كما وشجع المبشرين البروتستانت على تعليم المرأة ومحو الأمية بين النساء.[37] وبحسب الدراسة قد تلعب مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية المعاصرة دورًا أيضًا في الفجوة. ووفقاً لأستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد ناثان نان «تبين أن وجود المبشرين المسيحيين، وخاصةً المبشرين البروتستانت، يرتبط ارتباطًا وثيقًا وإيجابياً بزيادة التحصيل العلمي، ويبدو أن التأثيرات تستمر لأجيال عديدة».[37] كما ويشير بينما للبعثات الكاثوليكية والبروتستانتية تأثير إيجابي طويل المدى على التحصيل العلمي في أفريقيا، الا أن التأثيرات حسب الجنس كانت مختلفة تمامًا. كان للبعثات البروتستانتية تأثير إيجابي كبير على تعليم الإناث على المدى الطويل وتأثير صغير للغاية على تعليم الذكور على المدى الطويل. في المقابل، [38] وتوصل ناثان نان عن طريق الجمع بين المعلومات التاريخية عن مواقع البعثات التبشيرية الكاثوليكية والبروتستانتية في المستعمرات الأفريقية إلى وجود أدلة متوافقة مع الاعتقاد بأن البعثات البروتستانتية كان لها تأثير قوي على التحويل الديني، وعلى زيادة التحصيل العلمي.[39]

الاقتصاد

مركز روكفلر، في مانهاتن، مدينة نيويورك، وتعود إلى أسرة روكفلر وهي أسرة بروتستانتية لعبت دور هام في الاقتصاد العالمي.

مفهوم البروتستانتية حول الله والإنسان سمح لظهور حرية الفكر والانضباط والعمل. الذي كان يركز على الأعمال الدنيوية ويعتبر العمل كواجب يستفيد منه كل من الفرد والمجتمع ككل، وبالتالي شجعت البروتستانتية على تراكم الثروات واعتبرتها نعمة من عند الله متأثرة في ذلك في العهد القديم.[40] وهكذا، تحولت فكرة الكاثوليكية من أعمال الرب إلى الالتزام بالعمل الجاد كدليل على نعمة. واستنادًا إلى ماكس فيبر فأخلاق العمل البروتستانتية، خاصًة المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، كانت وراء ظهور العقلية الرأسمالية في أوروبا، [41]: وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص.[42] فقد حثت تعاليمهم بان يكونوا منتجين بدلاً من مستهلكين ويستثمروا أرباحهم لخلق المزيد من فرص العمل لمن يحتاج وبذلك تمكنهم في المساهمة في بناء مجتمع منتج وحيوي.[43] ومن الآثار المهمة للحركة الكالفينية، بسبب تأكيدها حرية الفرد، ظهور برجوازية جديدة، فالحرية الفردية وما رافقها من نجاح في مجال الصناعة، جعل أتباع الكالفينية يهتمون بالثروة والمتعة وحب التملك بدلاً من البحث عن خيرات الأرض بالسعي والجد.[44]

كذلك كان لأخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[45]

في دراسة معروفة قام بها عدد من الباحثين في مطلع الألفية ويمكن اختصار اسمها كالتالى: (CMRP) وجد عدد من الباحثين أن المجتمعات التي تسيطر عليها الثقافة البروتستانتية تشمل الولايات المتحدة، الدول الإسكندنافية، ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، سويسرا، كندا، أستراليا ونيوزيلندا تميل إلى العمل والاجتهاد والإنجاز والابتكار أكثر من المجتمعات التي تسيطر عليها ثقافات دينية أخرى مثل الكاثوليكية والإسلام والبوذية والهندوسية.[46] ووفقًا للدراسة فالدول ذات الثقافة والأغلبية البروتستانتية لديها مؤشر التنمية البشرية والناتج المحلي مرتفع، كما وتتربع العديد من الدول البروتستانتية قائمة أغنى دول العالم، [47] والدول الأقل فساداً في العالم.[48] ولدى العديد من المجتمعات البروتستانتية في دول غير بروتستانتية نفوذ اقتصادي كبير لا يتناسب مع وزنهم العددي يظهر ذلك على سبيل المثال في فرنسا حيث للبروتستانت نفوذ كبير في الصناعة والاقتصاد والشركات المالية والبنوك[49] وكوريا الجنوبية حيث معظم الشركات الكبرى بالبلاد يديرها مسيحيون بروتستانت.[50] واستنادًا إلى نموذج بارو وماكليري، فإن أخلاق العمل البروتستانتية قد لعبت دورًا رئيسيًا في نجاح كوريا الجنوبية في المجال الاقتصادي.[51][52]

يميل البروتستانت الأسقفيين والمشيخيين إلى أن يكونوا أكثر ثراء بكثير وأفضل تعليمًا من معظم الجماعات الدينية الأخرى في الولايات المتحدة، [53][54] يُذكر أنّ للأسقفيين نفوذ كبير في عالم الإقتصاد والسياسية حيث أنّ نسبهم تفوق نسبتهم السكانيّة وبشكل غير متناسب بين رجال الأعمال الأميركيين، [53] القانون والسياسة، وخاصًة في الحزب الجمهوري.[53]

خلصت دراسة أجرتها مجلة فورتشن أنّ واحد من كل خمسة أكبر الشركات في الولايات المتحدة تُدار من قبل الأسقفيين.[53] واحدة من ثلاثة أكبر وأقوى البنوك في البلاد، يرأسُه أسقفيين.[53] تاريخيًا إنتمت العديد من العائلات الأمريكية الثرية والغنية الشهيرة مثل عائلة روكفلر، ومورجان، وفورد، وروزفلت، وفاندربيلت، وكارنجي، ودو بونت، وآستور، وفوربس، وعائلة بوش إلى كنائس البروتستانتية الخط الرئيسي.[53]

دور الحركة التطهرية

قصر أسرة فاندربيلت، في رود آيلاند، وتعتبر أسرة فاندربيلت إحدى أكثر أسر الواسب المرموقة ثراءً وتأثيرًا على المجتمع الأمريكي.

وبعض الباحثين يربطون أيضًا دور التطهريين وهم من الكالفينين في الاقتصاد والرأسمالية في الولايات المتحدة الاميركية. فقد حثت تعاليمهم بان يكونوا منتجين بدلاً من مستهلكين ويستثمروا أرباحهم لخلق المزيد من فرص العمل لمن يحتاج وبذلك تمكنهم في المساهمة في بناء مجتمع منتج وحيوي.[43] ومن الآثار المهمة للحركة التطهرية، بسبب تأكيدها حرية الفرد، ظهور برجوازية جديدة، فالحرية الفردية وما رافقها من نجاح في مجال الصناعة، جعل أتباع البيوريتانية يهتمون بالثروة والمتعة وحب التملك بدلاً من البحث عن خيرات الأرض بالسعي والجد.[44] ويعتبر اليوم أحفاد التطهريين أو ما يعرفون بالواسب الطبقة الثرية والمتعلمة في الولايات المتحدة، [55] وهم بمثابة النخبة الاجتماعية التي تتحكم في الاقتصاد والسياسة والمجتمع الأمريكي.[56]

التأثير الكالفيني

أدى صعود البروتستانتية إلى تحرير أوروبا المسيحية وإلى ازدياد نظرة روما ضد الربا. في أواخر القرن الثامن عشر، بدأت العائلات التجارية البروتستانتية للانتقال إلى العمل المصرفي بدرجة متزايدة، ولا سيّما في البلدان التجارية مثل المملكة المتحدة (آل بارينجز)، وألمانيا (أسرة شرودرز وبرينبرغ) وهولندا. كما ولعبت النخب البروتستانتية الغنيّة دور كبير اقتصادي مثالًا على ذلك عندما تحولت جنيف إلى البروتستانتية في 1536 وذلك بعد وصول جون كالفين إلى هناك. بحيث ظهر التأثير البروتستانتي في سويسرا وعلى المجتمع السويسري خاصًة في المجال العلمي والاقتصادي إذ تشكل البروتستانت من المتعلمين والحرفيين والبرجوازيين، وعمل البروتستانت خاصًة الهوغونوتيون في إنشاء البنوك وعملوا في الذهب والتجارة.[57] كما لعبت العائلات الغنية العريقة البروتستانتية دور اقتصادي هام، كعائلة بيكتات، التي مَـنحت إسمها لمصرف بيكتات الخاص.[58]

ظهر أيضًا التأثير الكالفيني في هولندا وعلى المجتمع والاقتصاد الهولندي، ولعب هجرة الهوغونوتيون الذين قدموا من فرنسا، والبروتستانت الذين قدموا من جنوب هولندا إلى مدينة أمستردام. أدت هذه الهجرات إلى إنشاء العديد من الأعمال المصرفيّة والصناعيّة الكبرى.[59] يظهر قول يعكس الوضع آنذاك في القرن السادس عشر:

الكاثوليك لديهم الكنائس، واللوثريين لديهم السلطة، والكالفينيين يملكون المال.[60]

العلوم

مكتبة جامعة كولومبيا، والتي كانت من معاقل البروتستانت، أثرت البروتستانتية على انتشار الأبحاث العلمية.[61]

يرى عدد من المؤرخين وعلماء الاجتماع أن ظهور البروتستانتية كان لها أثر كبير في نشوء الثورة العلمية، [62] وكأحد الأسباب التي أدت إلى الثورة العلمية خاصًة في انكلترا وألمانيا، فقد وجدوا علاقة ايجابية بين ظهور حركة التقوى البروتستانتية والعلم التجريبي.[63]

واستنادًا إلى روبرت ميرتون فأن العلاقة بين الانتماء الديني والاهتمام بالعلم هو نتيجة لتضافر كبير بين القيم البروتستانتية وتلك في العلوم الحديثة.[64] وقد شجعت القيم البروتستانتية على البحث العلمي من خلال السماح بالعلم لتحديد تأثير الله على العالم، وبالتالي يتم تقديم مبررات دينية لأغراض البحث العلمي.[63] وتاريخيًا فالبروتستانتية لم تدخل في صراع مع العلم.[65] وكان روبرت ميرتون قد أسند نظريته بسبب كون أغلب العلماء في الجمعية الملكية وهي من المؤسسات العلمية المرموقة من البروتستانت.[62] وكانت قد سبقه عدد الباحثين في اعتبار أخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[45] وسبب لتطور المجتمع اقتصاديًا ودافع لتطوير العلوم وواحدة من المحركات الدافعة لبنية المجتمع العلمي، كون البروتستانتية تركز على الاجتهاد وتعطي مكانة مميزة للدراسة والمعرفة والعقل.[66][67]

ذكر كتاب ذكرى 100 عام لجائزة نوبل أنَّ حوالي (31.5%) من الحاصلين على جائزة نوبل بين الأعوام 1901- 2000 كانوا من البروتستانت.[68] وكان كل من اللوثريون والكالفينيين والأنجليكان على التوالي البروتستانت الأكثر حصولًا على جوائز نوبل. كما وجدت دراسة أخرى لشيربي أودلبرغ عام 2000 أنّ 35% من الحائزين على جائزة نوبل هم من البروتستانت.[69] ذكر عالم الاجتماع جيرهارد لنسكي في أوائل عقد 1960 أنَّ العلماء البروتستانت كانوا أكثر إنتاجية بست مرات من نظرائهم الكاثوليك، وهو اختلاف انعكس في حقيقة أن المجتمعات البروتستانتية ولدت الكثير من الحائزين على جائزة نوبل للعلوم أكثر من الكاثوليك.[70] بين عام 1900 وعام 1977، جاء حوالي 60% من الحائزين الأمريكيين على جائزة نوبل في العلوم إما من مدينة نيويورك أو من الغرب الأوسط، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإنجازات غير المتناسبة للمجتمعات اليهودية والبروتستانتية.[70]

ذكرت دراسة نُشرت في كتاب النخبة العلميّة: الحائزين على جائزة نوبل في الولايات المتحدة أنّ 60% من الحائزين على جائزة نوبل في الطب في الولايات المتحدة بين الأعوام 1901-1972 هم من خلفية بروتستانتية، ويُشّكل العلماء من الخلفية البروتستانتية نسبة 84.2% من الأمريكيين الحائزين على جائزة نوبل في الكيمياء بين الأعوام 1901-1972، ويشكلون أيضًا نسبة 58.6% من الأمريكيين الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء.[71] تشير الدراسة أيضًا إلى أنّ 70.3% من النخبة العلميّة في الولايات المتحدة من خلفية بروتستانتية مقابل 20% من خلفية كاثوليكية و9.3% من خلفية يهودية؛ يُذكر أنّ حوالي 60.9% من نخبة الأطباء في الولايات المتحدة هم من خلفية بروتستانتية، فضلًا عن 74.1% من نخبة علماء الكيمياء و68.2% من نخبة علماء الفيزياء هم من البروتستانت.[71] في كتابهم الصادر عام 2014 حول صعود وسقوط المجموعات الثقافية الأمريكية، وجدت أساتذة كلية الحقوق بجامعة ييل آمي تشوا وجيد روبنفيلد أن المجموعات العرقية الأمريكية الثلاث الممثلة تمثيلاً زائداً بين الحائزين على جائزة العلمية: البروتستانت البيض واليهود والآسيويون.[72]

يُذكر أنه وفقًا لدراسة نشرتها وال ستريت جورنال فإن ستة طوائف بروتستانتية تتصدر قائمة أولى العشرة طوائف دينية التي حصلّت على أفضل اداء في اختبار سات SAT على مستوى الولايات المتحدة.[73]

دور الهوغونوتيون

الهوغونوتيون وهم أعضاء كنيسة فرنسا الإصلاحية البروتستانتية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد لعبت النخب البروتستانتية من أتباع الهوغونوتيون الغنيّة دور كبير اقتصادي وفكري في فرنسا منذ القرن السادس عشر، إلى الوقت الحالي. وتتمّ الإشارة في هذا السياق، إلى أن نفوذ البروتستانت الفرنسيين كبير ولا يتناسب مع وزنهم العددي. ويتبدى هذا في مجالات عديدة، ففي الصناعة: شركة بيجو لصناعة السيارات، مجموعة هيرمز في مجال العطور والسلع الراقية. وفي السياسة ليونيل جوسبان وميشيل روكار (شغلا منصب رئيس الوزراء). وفي الثقافة اندريه جيد، الفيلسوف بول ريكور، السينمائي جان لوك غودار.[49]

تحولت جنيف إلى البروتستانتية في 1536 وذلك بعد وصول جون كالفين إلى هناك. وأضحى للبروتستانتية تأثير كبير على المجتمع السويسري خاصًة في المجال العلمي والاقتصادي إذ تشكل البروتستانت من المتعلمين والحرفيين والبرجوازيين، وعمل البروتستانت خاصًة الهوغونوتيون في إنشاء البنوك وعملوا في الذهب والتجارة.[57] وعلى غرار الدين والسياسة، كانت الفكرة الجوهرية في المجال المصرفي تتمثل في حماية المواطن من خلال الاستناد على رافعة المتطلبات الأخلاقية الرفيعة. وهنا يتجه الفكر بدون تردد إلى الزمن الحاضر. من جهة أخرى، اعتبرت البروتستانتية أن المجال الخاص (أو الخصوصية الفردية) قيمة تستحق الحماية، وإذا ما تم الربط بين هذه الأخيرة وممارسة أنشطة مصرفية، يُتحصّل على السر المصرفي. ولا تزال جينيف على صِـلة قوية بأصولها البروتستانتية، على المستويين الاجتماعي والمعنوي، اجتماعيًا، لأن عددا من العائلات الغنية العريقة بروتستانتية، كعائلة بيكتات، التي مَـنحت اسمها لمصرف بيكتات الخاص.[58]

السياسة

في العصور الوسطى، كانت الكنيسة والسلطات الدنيوية ترتبط ارتباطًا وثيقًا. فصل مارتن لوثر الدين عن العالم الدنيوي من حيث المبدأ (مبدأ المملكتين).[74] اضطر المؤمنون إلى استخدام العقل للتحكم في المجال الدنيوي بطريقة منظمة وسلمية. مذهب لوثر وتظرته حول الكهنوت لجميع المؤمنين سمح ترقية وابراز دور العلمانيين في الكنيسة إلى حد كبير. وكان لأعضاء الكنيسة الحق في انتخاب الأساقفة، وإذا لزم الأمر حتى على التصويت لصالح اقالته.[75] وعزز كالفين هذا النهج الديمقراطي عن طريق تقسيم الكنيسة تنظمها تحت حكم مجالس شيوخ بشكل ديمقراطي. فيوجد في كل مجمع دورة مكونة من شيوخ حاكمين وشيوخ معلمين. الشيوخ الحاكمون مسؤولون عن حكم وانضباط الكنيسة، والشيوخ المعلمون مسؤولون عن الوعظ الكتابي وتدبير الأسرار المقدسة (التي يوجد منها اثنان فقط في الكنائس البروتستانتية، وهي المعمودية والعشاء الرباني). وبالإضافة إلى الشيوخ، يوجد في كل مجمع شمامسة مسؤولون عن الأمور المادية مثل التبرعات والحاجات الخيرية.

وفقا لتعاليم جان كالفن يجب على الأمّة أن يحكمها رؤساء مُنتَخبون، لا في دولة استبداديّة أو تحت حكومة طاغية. ففي الفصل الأخير من مؤلّفه «ملخّص التّعليم المسيحيّ»، أعرب «كالفن» عن تفضيله لهذا النّوع من الحُكم، الّذي كان سابقًا لعصره في القرن السّادس عشر. وعلى الرّغم من إدراكه أنّ كلّ أنواع الحُكم في هذا العالم هي ضمن مشيئة الله، إلاّ أنّه اعتبر أنّ الحُكم الجمهوريّ قد يضع الرّؤساء أو المُمثّلين عن الشّعب موضع المراقبين لبعضهم بعضًا، ممّا يحول دون الحكم الاستبداديّ. لقد خاف «كالفن» من اغتصاب الإنسان للسُّلطة بسبب فساده. لذلك، فإنّ الخيار بوجود رؤساء مُنتَخبين قد يعني إظهار مشيئة الله لشعبه. إنّ الحُكم الجمهوريّ، أو حُكم القضاة، يعكس النّموذج الكتابيّ عن حُكم الشّيوح المنتخبين للكنيسة.[76] كان لتعاليم كالفن والبروتستانتية الأثر الأكبر على رسيخ مبادئ الديموقراطية في إنجلترا مع الثورة المجيدة، وهولندا، والتي تبنت الكالفينية كمذهب رسمي وتبنت نظامًا ليبراليًا ما جعلها بنوع خاص موئلاً لمختلف الأقليات المضطهدة خصوصًا اليهود.[77] كما ومنحت حق اللجوء لفلاسفة أمثال باروخ سبينوزا وبيير بايل. وكان هوغو غروتيوس قادرًا على تدريس نظريته حول القانون الطبيعي حيث كان تفسيره ليبراليًا نسبيًا مقارنة للكتاب المقدس .[78]

متسقة مع الأفكار السياسية الكالفينية، خلقت البروتستانتية الديمقراطية في الولايات المتحدة وإنجلترا على حد سواء. في إنجلترا خلال القرن السابع عشر، كانت النخبة المكونة من الأشخاص الأكثر أهمية أمثال أوليفر كرومويل، جون ميلتون، جون لوك من البروتستانت. كما وقادت النخبة البروتستانتية أحداثًا هامة في التاريخ الغربي مثل الثورة المجيدة، ومشروع وثيقة حقوق 1689، وقانون للتسوية.[79] في وقت لاحق نقل البريطانيون المثل الديمقراطية إلى مستعمراتهم، على سبيل المثال في أستراليا، ونيوزيلندا، والهند. في أمريكا الشمالية مارست كل من مستعمرة بليموث (التي أسسست على يد الآباء الحجاج عام 1620) ومستعمرة خليج ماساتشوستس (والتي أسست عام 1628) ديمقراطية الحكم الذاتي والفصل بين السلطات.[80][81][82][83] كانت الولايات المتحدة مزيجًا من طوائف بروتستانتية عديدة لا تنظمها سلطة مركزية، لذلك فقد كان اعتماد إحدى هذه الطوائف دينًا للدولة أو لإحدى الولايات سيؤدي إلى مشاكل عديدة تؤثر على حالة الاتحاد الفدرالي لذلك كان لا بدّ من فصل الدين عن الدولة، وبالتالي كان الدين السبب الرئيس في خلق أول جمهورية علمانية، [84] لقد وجد المسيحيون الأمريكيون، النظام الجديد بما يتيحه من حرية إنجاز الله تمامًا كما حصل مع موسى وداوود وفق الكتاب المقدس، فرغم علمانيتهم ظل الإمريكيون مخلصين لمسيحيتهم؛[85] كذلك فحسب الموسوعة البريطانية فقد تأثر الآباء المؤسسون للولايات المتحدة عند كتابة دستور الولايات المتحدة من تعاليم الكتاب المقدس والقيم المسيحية.[86]

الحرية الدينية وحقوق الإنسان

المفكر جون لوك.

بادرت النخبة البروتستانتية في خلق الحرية الدينية، والتي كانت النقطة الممهدة لانطلاق حقوق الإنسان. فقد وضع الإصلاحيين البروتستانت حرية الضمير في أولوية عالية في الجداول اللاهوتية والفلسفية والسياسية منذ رفض لوثر الارتداد عن معتقداته من خلال الضغوطات التي قامنت بها الإمبراطورية الرومانية المقدسة ضده عام 1521. في رأيه، الإيمان عمل من الروح القدس وبالتالي لا يمكن أن يُجبر على أي شخص.[87] القائلون بتجديد عماد والهوغونوتيون كانوا من أهم المطالبين لحرية الضمير، وقد مارست الجماعتين الفصل بين الكنيسة والدولة .[88] في أوائل القرن السابع عشر ظهرت أسماء من المعمدانيين أمثال جون سميث وتوماس هلويس والتي نادت وكان لها فضل في نشر والدفاع عن الحرية الدينية.[89] وكانت لأفكار جون سميث صدى وتأثير على جون ميلتون ومواقف جون لوك حول التسامح.[90][91] تحت قيادة القس المعمداني روجر ويليامز والأبرشاني توماس هوكير والقس وليم بن من جمعية الأصدقاء الدينية وضغت كل من رود آيلاند وكونيتيكت وبنسلفانيا جنبًا إلى جنب في دساتيرها الديمقراطية حرية الدين. أصبحت هذه المستعمرات ملاذات آمنة للأقليات الدينية المضطهدة، بما في ذلك اليهود.[92][93][94] أدلى إعلان الاستقلال الأمريكي، ودستور الولايات المتحدة، ووثيقة حقوق تشريع حقوق الإنسان الأساسية وإعطائه إطارًا قانونيًا وسياسيًا.[95] الغالبية العظمى من الأمريكيين البروتستانت من رجال دين وعلمانيين على حد سواء، أيدت بقوة حركة الاستقلال . ومثلت جميع الكنائس البروتستانتية الكبرى في الأول والثاني من المؤتمرات القارية.[96] في القرنين التاسع عشر والعشرين أصبحت الديمقراطية الأمريكية نموذجًا يُحتذى به للعديد من البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، على سبيل المثال في أمريكا اللاتينية واليابان وألمانيا.

وكان الصلة القوية بين أمريكا والثورة الفرنسية من خلال الماركيز دي لافاييت، فقد كان من المؤيدين المتحمسين للمبادئ الدستورية الأمريكية . وكان الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن قد قام أساسًا على مشروع ووثيقة لافاييت لحقوق الإنسان.[97] إعلان الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان أيضا كان نتيجة للتقليد الدستوري الأميركي.[98][99][100]

مارتن لوثر كينغ، قس وناشط سياسي إنساني، من المطالبين بإنهاء التمييز العنصري.

أثرت البروتستانتية على الديمقراطية، نظرية العقد الاجتماعي، والفصل بين السلطات، والحرية الدينية، والفصل بين الكنيسة والدولة من خلال الفلاسفة والمفكرين البروتستانت خلال عصر الإصلاح وعصر التنوير. كان للفلاسفة التنويرين الإنجليزيين والاسكتلنديين والألمان والسويسريين أمثال توماس هوبز وجون لوك، جون تولاند، ديفيد هيوم، غوتفريد فيلهلم لايبنتز، إيمانويل كانت، وجان جاك روسو لجميعهم خلفية بروتستانتية.[101] على سبيل المثال استند جون لوك والذي استندت افكاره السياسية على «مجموعة من الافتراضات المسيحية البروتستانتية»[102] حول المساواة بين جميع البشر، بما في ذلك المساواة بين الجنسين («آدم وحواء») والمستمدة من سفر التكوين 1، 26 -28.[103] يُذكر أنّ العديد من الأفكار الأساسية في إعلان الاستقلال الأمريكي ووثيقة الحقوق قد أستمدت من الكتاب المقدس.[104]

كما تم تشريع العديد من جوانب حقوق الإنسان الأخرى من جانب النخبة الفكرية البروتستانتية. منها على سبيل المثال إلغاء التعذيب في بروسيا عام 1740 والرق في بريطانيا في عام 1834 وفي الولايات المتحدة في عام 1865. يجادل رودني ستارك العالم في علم اجتماع الدين في كتابه «لمجد الله»، أن المسيحية بشكل عام والبروتستانتية بشكل خاص، ساعدت على إنهاء الرق في جميع أنحاء العالم، [105] ويشاركه في ذلك أيضًا لامين سانه المؤرخ في جامعة ييل، [106] إذ يشير هؤلاء الكتّاب إلى أن المسيحيين كانوا ينظرون إلى الرق بأنه خطئية ضد الإنسانية وفق معتقداتهم الدينية.[107] وفي أواخر القرن السابع عشر بدأت الطوائف البروتستانتية مثل القائلون بتجديد عماد في انتقاد الرق. العديد من الانتقادات المماثلة وجهت أيضًا من قبل جمعية الأصدقاء الدينية، المينونايت، والاميش ضد الاسترقاق، لعلّ كتاب هيريت ستاو "كوخ العم توم"، والذي كتبته «وفقًا لمعتقداتها المسيحية» في عام 1852، أحدث صدىً عميقًا في انتقاد الرق. وكانت جمعية الأصدقاء الدينية من أولى المؤسسات الدينية المناهضة للعبودية، كما لعب أيضًا جون ويسلي، مؤسس الميثودية، دورًا في بدء حركة التحرير من العبودية كحركة شعبية.[108]

بالإضافة إلى المساعدة في التحرير من العبودية من قبل الطوائف البروتستانتية، فقد بذل عدد من البروتستانت مزيد من الجهود نحو تحقيق المساواة العرقية، والمساهمة في حركة الحقوق المدنية.[109] فمنظمة الأميركيين الأفارقة تذكر الدور الهام للحركات الاحيائية المسيحية في الكنائس السوداء التي لعبت دور هام وأساسي في حركة الحقوق المدنية.[110] ولعل أبرز المسيحيين ممن لعبوا دور في حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، وهو قس للكنيسة المعمدانية، وزعيم حركة الحقوق المدنية الإميركية ورئيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية، وهي منظمة مسيحية تنادي بالحقوق المدنية. وكان لبروتستانت أمثال وليام ويلبرفورس وهارييت بيتشر ستو وابراهام لنكولن دور هام في إلغاء الرق.[111][112] وأثر الفيلسوف والفكر البروتستانتي هوغو غروتيوس وصموئيل بوفينروف أثر بالغ على القانون الدولي.[113][114] والتي منها أستنبطت اتفاقية جنيف، وهي جزء مهم من القانون الدولي الإنساني، والتي هي نتيجة لعمل هنري دونان البروتستانتي المتدين ومؤسس الصليب الأحمر.[115]

الرعاية الصحية والاجتماعية

الزوجين وليام وكاثرين بوث مؤسسي جيش الخلاص.

نادى الإصلاحيون البروتستانت لمساعدة الناس. وقد أسست المنظمات البروتستانتية المستشفيات والمنازل لذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن، والمؤسسات التعليمية، والمنظمات التي تقدم المساعدات إلى البلدان النامية، وغيرها من وكالات الرعاية الاجتماعية.[116][117][118] في القرن التاسع عشر، ظهر في العالم البروتستانتي حركات نشطة والتي نادت إلى الإصلاح الاجتماعي مثل إلغاء الرق، الإصلاحات في السجن، وحق المرأة في الاقتراع.[119][120][121] كما جوابا على «المسألة الاجتماعية» في القرن التاسع عشر، وألمانيا تحت حكم المستشار البروتستانتي أوتو فون بسمارك تم إقامة برامج التأمين التي قادت الطريق إلى دولة الرفاه (التأمين الصحي والتأمين ضد الحوادث، والتأمين على العجز، ومعاشات الشيخوخة). وتأثر بسمارك وسياسته من حركة «المسيحية العملية».[122][123] هذه البرامج، تم تبنيها من قبل العديد من الدول الأخرى، ولا سيما في العالم الغربي.

خلال الثورة الصناعية ظهرت عدد من العديد من المشاكل الاجتماعية، أدى ذلك إلى ظهور حركات دينية داخل الطوائف البروتستانتية، والتي حاولت ايجاد حلول لهذه المشاكل. منها مثل «جيش الخلاص» و«جمعية الشبان المسيحيين» والتي تدير مؤسسات متعددة تشمل مستشفيات ومراكز تأهيل لمدمني الكحول والمخدرات، ومعسكرات وأندية للصبية والفتيات، وأماكن إقامة للمسنين وأندية ومراكز للعناية اليومية، كما تقدم برامج تعليمية للأمهات غير المتزوجات، ودعمًا للمسجونين وعائلاتهم.[124] وقد تبنت أيضًا هذه الحركات عقيدة النظافة من الإيمان، ومنها حركات الإنجيل الاجتماعي التي ظهرت داخل الكنائس البروتستانتية، ولعلّ أبرزها «جيش الخلاص» الذي شكَّله الزوجين وليم وكاثرين بوث، وقد كان لهم دور في نشر والتوعية عن النظافة الشخصية ونقلًا عن كتاب الصحة والطب في التعاليم الانجيلية، [125] كان أحد شعاراتهم الأبكر: «الصابون، الحساء، والخلاص». فضلًا عن تشديدهم على الإستحمام خاصًة عشية يوم السبت ويوم الأحد تحضيرًا للقداس وتقديمهم وإنتاج منتجات خاصة بالنظافة الشخصيّة.[126] ومن الشخصيات التي برزت في هذه الفترة أيضًا فلورنس نايتينجيل وهي قديسة في الكنيسة الأنجليكانية، [127] فقد اهتمت فلورنس بالنظافة وقواعد التطهير، وبتمريض الصحة العامة في المجتمع وتعتبر أول من وضع قواعد للتمريض الحديث وأسس لتعليم التمريض ووضعت مستويات للخدمات التمريضية والخدمات الإدارية في المستشفيات.[128]

الفن والموسيقى والأدب

أسرة باخ، كانت للأسرة اسهامات جمة في الموسيقى الكنسية البروتسانتية.

ألهمت الفنون بقوة المعتقدات البروتستانتية. خلق مارتن لوثر، بول غيرهارد، جورج تذبل، إسحاق واتس، تشارلز ويسلي، وليام كوبر، والعديد من الكتاب الآخرين والملحنين الآخرين تراتيل الكنيسة المعروفة. الموسيقيين مثل هاينريش شوتس، يوهان سيباستيان باخ، هاندل جورج فريدريك، هنري بورسيل، يوهانس برامز، وفيليكس مندلسون بارتولدي ألفو أعمالاً دينية عظيمة في الموسيقى. كان من الرسامين من الخلفية البروتستانتية على سبيل المثال لا الحصر ألبرشت دورر، هانز هولباين الأصغر، لوكاس كراناتش، ورامبرانت، وفنسنت فان جوخ. وقد أثرى الأدب العالمي أعمال كل من ادموند سبنسر، جون ميلتون، جون بنيان، جون دون، جون درايدن، دانيال ديفو، ويليام وردزورث، جوناثان سويفت، يوهان فولفغانغ غوته، فريدريش شيلر، صمويل تايلور كوليردج، إدغار ألان بو، وماثيو أرنولد، كونراد فرديناند ماير، ثيودور فونتين، واشنطن ايرفينغ، روبرت براوننج، اميلي ديكنسون، إميلي برونتي، تشارلز ديكنز، ناثانيال هوثورن، توماس ستيرنز إليوت، توماس مان، وليم فوكنر، جون أبدايك، وغيرهم الكثير.

الثقافة البروتستانتية الإنجيلية

الكنيسة المشيخية؛ تكثر الكنائس والتردد عليها في مناطق الحزام الإنجيلي.

تتركز الثقافة البروتستانتية الإنجيلية والأصولية في جنوب شرق إلى وسط جنوب الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة تُعرف باسم الحزام الإنجيلي تُشكِل فيه البروتستانتية الإيفانجيلية المحافظة اجتماعياً جزءاً رئيسياً من الثقافة، وحضور الكنيسة المسيحية فيه أعلى منه في بقية الولايات المتحدة. يحتوي الحزام الإنجيلي على معظم الولايات المتحدة الجنوبية ممتداً إلى تكساس وأوكلاهوما. خلال الحقبة الاستعمارية (1607 - 1776)، كان الجنوب معقلاً للكنيسة الأنجليكانية. وحدث تحوله إلى معقلٍ من معاقل البروتستانتية غير الأنجليكانية بشكلٍ تدريجية أثناء القرن التالي من خلال سلسلة من حركات الإحياء الديني، وكثير منها مرتبط بازدياد شعبية الطائفة المعمدانية في الإقليم. وغالبًا ما تكثر الكنائس والمؤسسات الدينية في مناطق الحزام الإنجيلي فضلًا عن الجامعات والمدارس المسيحية وبرامج التلفزة الدينية. يميل أبناء الحزام الإنجيلي إلى التصويت للأحزاب اليمينية، ويتبعون أسلوب حياة محافظ في أمور الزواج والجنس والأخلاق ويميل أبناء الحزام الإنجيلي إلى إنشاء أسر كبيرة العدد. ويشددون على الحقيقة الحرفية للكتاب المقدس، أي أنه يفسر الكتاب بشكل لفظي غير قابل للتأويل الأدبي أو التاريخي. في أواخر القرن العشرين بدأت المسيحية الأصولية بتأسيس مؤسسات إعلامية من أجل التبشير ولنشر الأفكار الخاصة بها وبحيث مناطق الحزام الإنجيلي معقلها، كما أنها تمكنت من التتغلغل في الحياة السياسية الأمريكية وأصبحت طرفًا نافذًا في اليمين المسيحي الأمريكي.

وتتواجد مناطق أخرى تعرف باسم الحزام الإنجيلي حيث الثقافة البروتستانتية المحافظة هي السائدة وحيث معدل حضور القداس والتردد على الكنائس هو الأعلى مثل المناطق الريقية في أستراليا وكولومبيا البريطانية فيكندا ومقاطعة بيو بيو في التشيلي ويوتلاند في الدنمارك وزيلند وأوفرايسل في هولندا ومور أو روميسدال في النرويج وبوهيانما في فنلندا ونانجينغ في الصين وفي في الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا وفي غوتنبرغ وأوربرو ويونشوبينغ في السويد ومقاطعة أنترم في أيرلندا الشمالية وتاريخيًا كانت اسكتلندا هي أكثر المناطق محافظة وتدين في المملكة المتحدة.[129]

تأثير اليهودية على الثقافة البروتستانتية

نصب الوصايا العشرة تعتبر الوصايا أسس أخلاقية في اليهودية والمسيحية.

بعد نشوء البروتستانتية على يد مارتن لوثر في القرن السادس عشر، أصدر مارتن لوثر كتابه «يسوع ولد يهودياً» سنة 1523 وقال فيه إن اليهود هم أبناء الله وإن المسيحيين هم الغرباء. ويرى الكثير من الكتاب والمؤرخين أن هذه الفترة تعد الولادة الحقيقية والفعلية للمسيحية اليهودية. وتقوم المسيحية اليهودية على تفضيل الطقوس العبرية في العبادة على الطقوس الكاثوليكية بالإضافة إلى دراسة اللغة العبرية على أساس أنها كلام الله. ولاتزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوارة والتناخ والتي يطلقون عليها إلى جانب عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه؛ يعتقد المسيحيون أن النبؤات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح، وهذا السبب الرئيس لتبجيل التوراة.

أخذت العلاقة تتحسن بين اليهود والطوائف البروتستانتية في القرن التاسع عشر ومن ثم القرن العشرين وتوّج هذا التحسن بنشوء الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية ودعمهما لقيام إسرائيل لأسباب دينية؛[130][131]

ظهر في العالم البروتستانتي مصطلح التراث اليهودي المسيحي ازداد شيوعاً في العالم الغربي في الآونة الأخيرة، وهو يعني أن ثمة تراثاً مشتركاً بين اليهودية والمسيحية، وأنهما يكوِّنان كلاً واحداً. ويعتبر التراث اليهودي المسيحي من المكونات الرئيسية للحضارة الغربية.[132][133][134]

يظهر تأثير العهد القديم واليهودية على الثقافة البروتستانتية من خلال تبني عكس بعض الكنائس البروتستانتية التي تنحو نحو التفسير الحرفي للكتاب المقدس بفرض سلسة من الشرائع كالقيود على الطعام أمثال الأدفنتست إذ يمتنعون عن تناول اللحوم والمواد المخدرة والمنبهة والمورمون. أو من خلال ممارسة ختان الذكور إذ وتمارس قطاعات بروتستانتية واسعة؛ ختان الذكور في أستراليا، [135] كندا، [136] نيوزيلندا، [137] جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة فضلًا عن المجتمعات البروتستانتية في أفريقيا مثل كينيا.

مارست الدول الغربيّة الناطقة بالإنكليزيّة ختان الذكور على نطاق واسع: إنكلترا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتّحدة. تعتبر الولايات المتحدة اليوم أكبر دولة مسيحيّة في العالم مارست وما زالت تمارس ختان الذكور على أطفالها على نطاق واسع لأسباب مختلفة ولكن لعب وما زال يلعب التفسير الحرفي للتوراة عند الأصوليّين المسيحيّين دوراً هامّاً في تثبيت ختان الذكور في هذا البلد.

مراجع

  1. Karl Heussi, Kompendium der Kirchengeschichte, 11. Auflage (1956), Tübingen (Germany), pp. 317-319, 325-326
  2. انظر المجمع الفاتيكاني الثاني وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  3. ملكوت الله في الأسرة المقدسة، الأنبا تكلا، 7 تشرين أول 2010. نسخة محفوظة 09 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. Wilson, 232.
  5. Schaff, Philip, History of the Christian Church, Vol VII, Ch V, rpt. Christian Classics Ethereal Library. Retrieved 17 May 2009; Bainton, Mentor edition, 226. نسخة محفوظة 20 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. "The Wright Family." U.S. Centennial of Flight Commission, 2003. Retrieved: September 21, 2010.. نسخة محفوظة 09 يونيو 2016 على موقع واي باك مشين.
  7. Calinger, Ronald S. (2015)، Leonhard Euler: Mathematical Genius in the Enlightenment، Princeton University Press، ص. 11، ISBN 9780691119274.
  8. Wicks, Robert (01 يناير 2014)، Zalta, Edward N. (المحرر)، Friedrich Nietzsche (ط. Winter 2014)، مؤرشف من الأصل في 13 أبريل 2019.
  9. Mabee 2004.
  10. Victor Lowe, Alfred North Whitehead: The Man and his Work, Vol I (Baltimore: The Johns Hopkins Press, 1985), 2.
  11. Proffitt, Pamela (2001)، "Robert Floyd Curl, Jr."، في Narins, Brigham (المحرر)، Notable Scientists from 1900 to the Present، Farmington Hills, MI: The Gale Group، ص. 503–4، ISBN 0787617520.
  12. "John Sulston"، DNA Learning Centre، Cold Spring Harbor Laboratory، مؤرشف من الأصل في 31 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 21 أبريل 2014.
  13. "John E. Sulston"، Encyclopædia Britannica، Encyclopædia Britannica, Inc.، مؤرشف من الأصل في 8 نوفمبر 2014، اطلع عليه بتاريخ 21 أبريل 2014.
  14. Berlin, p. 9
  15. Merkel hat polnische Wurzeln Süddeutsche Zeitung, 13 March 2013 نسخة محفوظة 09 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  16. Brome, Vincent (1978)، Jung (ط. 1)، New York: Atheneum، ص. 28. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= / |تاريخ= mismatch (مساعدة)
  17. "Denzel Washington Biography (1954–)"، Filmreference.com، مؤرشف من الأصل في 13 مايو 2019، اطلع عليه بتاريخ 14 أغسطس 2011.
  18. Gajewski, Josh (30 مايو 2009)، "Aaron Paul catches a couple of breaks in 'Big Love' and 'Breaking Bad'"، لوس أنجلوس تايمز، مؤرشف من الأصل في 06 مارس 2016، اطلع عليه بتاريخ 10 فبراير 2014.
  19. "Jessica Simpson – Interviews, news, newspapers, magazines, radio, TV, internet"، Jessicasimpsonweb.yaia.com، مؤرشف من الأصل في 4 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 04 أكتوبر 2012.
  20. قائمة أبناء رجال الدين [الإنجليزية].
  21. Feminist philosophy of religion نسخة محفوظة 11 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
  22. "The Harvard Guide: The Early History of Harvard University"، News.harvard.edu، مؤرشف من الأصل في 22 يوليو 2010، اطلع عليه بتاريخ 29 أغسطس 2010.
  23. "Increase Mather"، مؤرشف من الأصل في 11 فبراير 2006., موسوعة بريتانيكا الحادية عشرة, موسوعة بريتانيكا
  24. Princeton University Office of Communications، "Princeton in the American Revolution"، مؤرشف من الأصل في 21 يناير 2012، اطلع عليه بتاريخ 24 مايو 2011. The original Trustees of Princeton University "were acting in behalf of the evangelical or New Light wing of the Presbyterian Church, but the College had no legal or constitutional identification with that denomination. Its doors were to be open to all students, 'any different sentiments in religion notwithstanding.'"
  25. Duke University's Relation to the Methodist Church: the basics نسخة محفوظة 28 مارس 2013 على موقع واي باك مشين.
  26. "www.alsabaah.com"، مؤرشف من الأصل في 2 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 19 مارس 2022.
  27. المسيحية والتعليم 1 من الموسوعة البريطانية نسخة محفوظة 02 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  28. Jr, Charles Yrigoyen (25 سبتمبر 2014)، T&T Clark Companion to Methodism (باللغة الإنجليزية)، Bloomsbury Publishing، ص. 400، ISBN 9780567662460.
  29. Crane, Ralph؛ Mohanram, Radhika (31 أغسطس 2013)، Imperialism as Diaspora: Race, Sexuality, and History in Anglo-India (باللغة الإنجليزية)، Oxford University Press، ص. 86، ISBN 9781781385630.
  30. Carpenter, Joel؛ Glanzer, Perry L.؛ Lantinga, Nicholas S. (07 مارس 2014)، Christian Higher Education (باللغة الإنجليزية)، Wm. B. Eerdmans Publishing، ص. 103، ISBN 9781467440394.
  31. Kanjamala, Augustine (21 أغسطس 2014)، The Future of Christian Mission in India (باللغة الإنجليزية)، Wipf and Stock Publishers، ص. 120، ISBN 9781630874858.
  32. Bhaṭṭācāryya, Haridāsa (1969)، The Cultural Heritage of India (باللغة الإنجليزية)، Ramakrishna Mission Institute of Culture، ص. 60، ISBN 9780802849007.
  33. Mullin, Robert Bruce (12 نوفمبر 2014)، A Short World History of Christianity (باللغة الإنجليزية)، Westminster John Knox Press، ص. 231، ISBN 9781611645514.
  34. Missions: Rescuing from Hell and Renewing the World | Desiring God نسخة محفوظة 19 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  35. Robert D. Woodberry, "The missionary roots of liberal democracy," American Political Science Review 106.2 (2012): 244-274 / online نسخة محفوظة 11 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  36. الدين والتعليم حول العالم، مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة، ديسمبر 2016 ص.120
  37. الدين والتعليم حول العالم، مرجع سابق، ص.129
  38. [scholar.harvard.edu/files/nunn/files/education_gender_v2.pdf Gender and Missionary Influence in Colonial Africa]
  39. نسخة محفوظة 28 مارس 2018 على موقع واي باك مشين.
  40. Herrick, Cheesman Abiah (1917)، History of commerce and industry، Macmillan Co.، ص. 95، مؤرشف من الأصل في 7 يوليو 2014.
  41. Weber, Max "The Protestant Ethic and The Spirit of Capitalism" (Penguin Books, 2002) translated by Peter Baehr and Gordon C. Wells
  42. Calvin's position is expressed in a letter to a friend quoted in Le Van Baumer, Franklin, editor (1978)، Main Currents of Western Thought: Readings in Western Europe Intellectual History from the Middle Ages to the Present، New Haven: Yale University Press، ISBN 0-300-02233-6. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= has generic name (مساعدة)
  43. Wilmore, Gayraud S. (1989)، African American religious studies: an interdisciplinary anthology، Duke University Press، ص. 12، مؤرشف من الأصل في 28 فبراير 2020.
  44. Sheldon Wolin, Tocqueville Between Two Worlds (2001), p. 234.
  45. Kiely, Ray (Nov 2011). "Industrialization and Development: A Comparative Analysis". UGL Press Limited: 25-26.
  46. The Central Liberal Truth نسخة محفوظة 01 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  47. The World's Richest Countries نسخة محفوظة 31 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  48. Corruption Perceptions Index 2012. Full table and rankings. Transparency International. Retrieved: 4 February 2013. نسخة محفوظة 24 يوليو 2013 على موقع واي باك مشين.
  49. تاريخ البروتستانت في فرنسا. نسخة محفوظة 24 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  50. "المسيحية في كوريا الجنوبية"، مؤرشف من الأصل في 17 مارس 2020.
  51. "Religion linked to economic growth"، Taipei Times، 04 فبراير 2012، مؤرشف من الأصل في 01 ديسمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 10 فبراير 2012.
  52. Lee, Felicia R. (31 يناير 2004)، "Faith Can Enrich More Than the Soul"، The New York Times، مؤرشف من الأصل في 14 مايو 2007.
  53. B.DRUMMOND AYRES Jr. (19 ديسمبر 2011)، "THE EPISCOPALIANS: AN AMERICAN ELITE WITH ROOTS GOING BACK TO JAMESTOWN"، New York Times، مؤرشف من الأصل في 19 يناير 2018، اطلع عليه بتاريخ 17 أغسطس 2012.
  54. Davidson, James D.؛ Pyle, Ralph E.؛ Reyes, David V. (1995)، "Persistence and Change in the Protestant Establishment, 1930-1992"، Social Forces، 74 (1): 157–175 [p. 164]، doi:10.1093/sf/74.1.157، JSTOR 2580627.
  55. من هم الواسب وموقعهم في المجتمع الأمريكي (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 25 يناير 2017 على موقع واي باك مشين.
  56. الواسب الطبقة اللامعة في المجتمع الأمريكي (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 20 مايو 2010 على موقع واي باك مشين.
  57. Steinhauer, Harry. Twelve German Novellas, p. 315. University of California Press, 1977. ISBN 0-520-03002-8
  58. جنيف: تراثها بروتستانتي، لكن حاضرها شيئ آخر - SWI swissinfo.ch نسخة محفوظة 3 أكتوبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  59. Marnef, G. "The towns and the revolt". In: Darby, G. (ed), The Origins and Development of the Dutch Revolt (Londen/New York 2001) 84–106; 85 and 103.
  60. Körner, p. XIII. Later, the هوغونوتيون refugees flocking to Frankfurt following the مرسوم فونتينبلو by French king لويس الرابع عشر ملك فرنسا in 1685 proved similarly valuable additions to the city's economy, but they too found membership in the Patrizier societies elusive.
  61. McCaughey, Robert (2003)، Stand, Columbia : A History of Columbia University in the City of New York، New York, New York: Columbia University Press، ص. 1، ISBN 0231130082، مؤرشف من الأصل في 18 أغسطس 2021، اطلع عليه بتاريخ 11 أبريل 2011.
  62. Gregory, 1998
  63. Sztompka, 2003
  64. Becker, 1992
  65. John William Draper, History of the Conflict Religion, D. Appleton and Co. (1881)
  66. Ferngen, 2002
  67. Porter & Teich 1992
  68. باروخ شاليف، 100 عام على جوائز نوبل (2003)، مطبعة الناشرون والموزعون آتلانتك ص.57: بين الأعوام 1901 و2000 تبيّن أن 654 حاصل على جائزة نوبل إنتمى الى 28 ديانة، وينتمي حوالي (65.4%) من الحاصلين على جائزة نوبل إلى الديانة المسيحية بطوائفها المتعددة.
  69. An Ethical and Intellectual Profile of Atheists [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 22 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  70. The Nobel Scientists and the Origins of Scientific Achievement نسخة محفوظة 21 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  71. Scientific Elite: Nobel Laureates in the United States نسخة محفوظة 26 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  72. The Triple Package: How Three Unlikely Traits Explain the Rise and Fall of Cultural Groups in America Paperback – نسخة محفوظة 14 يناير 2019 على موقع واي باك مشين.
  73. مقارنة معدل الذكاء بين اليهود والاسقفيون البروتستانت (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 05 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  74. Heinrich Bornkamm, Toleranz. In der Geschichte des Christentums in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band VI (1962), col. 937
  75. Original German title: Dass eine christliche Versammlung oder Gemeine Recht und Macht habe, alle Lehre zu beurteilen und Lehrer zu berufen, ein- und abzusetzen: Grund und Ursach aus der Schrift
  76. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, p. 10
  77. النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص. 34 - 35
  78. Karl Heussi, Kompendium der Kirchengeschichte, S. 396-397
  79. Cf. M. Schmidt, England. Kirchengeschichte, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band II (1959), Tübingen (Germany), col. 476-478
  80. Nathaniel Philbrick (2006), Mayflower: A Story of Courage, Community, and War, Penguin Group, New York, N.Y., ISBN 0-670-03760-5
  81. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 65-76
  82. Christopher Fennell (1998), Plymouth Colony Legal Structure, (http://www.histarch.uiuc.edu/plymouth/ccflaw.html) نسخة محفوظة 2012-04-29 على موقع واي باك مشين.
  83. Hanover Historical Texts Project (http://history.hanover.edu/texts/masslib.html) نسخة محفوظة 2020-06-12 على موقع واي باك مشين.
  84. النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.102
  85. النزعات الأصولية، مرجع سابق، ص.103
  86. الآباء المؤسسيين والمسيحية، الموسوعة البريطانية نسخة محفوظة 02 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
  87. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, p. 5
  88. Heinrich Bornkamm, Toleranz. In der Geschichte des Christentums, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band VI (1962), col. 937-938
  89. H. Stahl, Baptisten, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 863
  90. G. Müller-Schwefe, Milton, John, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band IV, col. 955
  91. Karl Heussi, Kompendium der Kirchengeschichte, p. 398
  92. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 99-106, 111-117, 124
  93. Edwin S. Gaustad (1999), Liberty of Conscience: Roger Williams in America, Judson Press, Valley Forge, p. 28
  94. Hans Fantel (1974), William Penn: Apostle of Dissent, William Morrow & Co., New York, N.Y., pp. 150-153
  95. Robert Middlekauff (2005), The Glorious Cause: The American Revolution, 1763-1789, Revised and Expanded Edition, Oxford University Press, New York, N.Y., ISBN 978-0-19-516247-9, pp. 4-6, 49-52, 622-685
  96. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 192-209
  97. Cf. R. Voeltzel, Frankreich. Kirchengeschichte, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band II (1958), col. 1039
  98. Douglas K. Stevenson (1987), American Life and Institutions, Ernst Klett Verlag, Stuttgart (Germany), p. 34
  99. G. Jasper, Vereinte Nationen, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band VI, col. 1328-1329
  100. Cf. G. Schwarzenberger, Völkerrecht, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band VI, col. 1420-1422
  101. Karl Heussi, Kompendium der Kirchengeschichte, 11. Auflage, pp. 396-399, 401-403, 417-419
  102. Jeremy Waldron (2002), God, Locke, and Equality: Christian Foundations in Locke’s Political Thought, Cambridge University Press, New York, N.Y., ISBN 978-0521-89057-1, p. 13
  103. Jeremy Waldron, God, Locke, and Equality, pp. 21-43, 120
  104. W. Wertenbruch, Menschenrechte, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band IV, col. 869
  105. رودني ستارك، For the Glory of God: How Monotheism Led to Reformations, Science, Witch-Hunts, and the End of Slavery ISBN 978-0-691-11436-1 (2003)
  106. Lamin Sanneh, Abolitionists Abroad: American Blacks and the Making of Modern West Africa, Harvard University Press ISBN 978-0-674-00718-5 (2001)
  107. Ostling, Richard N. (17 سبتمبر 2005)، "Human slavery: why was it accepted in the Bible?"، Salt Lake City Deseret Morning News، مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 2015، اطلع عليه بتاريخ 03 يناير 2007.
  108. "Abolitionist Movement"، MSN Encyclopedia Encarta، Microsoft، مؤرشف من الأصل في 31 أكتوبر 2009، اطلع عليه بتاريخ 03 يناير 2007.
  109. "Civil Rights Movement in the United States"، MSN Encyclopedia Encarta، Microsoft، مؤرشف من الأصل في 31 أكتوبر 2009، اطلع عليه بتاريخ 03 يناير 2007.
  110. "Religious Revivalism in the Civil Rights Movement"، African American Review، Winter, 2002، مؤرشف من الأصل في 12 يناير 2016، اطلع عليه بتاريخ 03 يناير 2007. {{استشهاد بخبر}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  111. Allen Weinstein and David Rubel, The Story of America, pp. 189-309
  112. Karl Heussi, Kompendium der Kirchengeschichte, 11. Auflage, pp. 403, 425
  113. M. Elze,Grotius, Hugo, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band II, col. 1885-1886
  114. H. Hohlwein, Pufendorf, Samuel, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band V, col. 721
  115. R. Pfister, Schweiz. Seit der Reformation, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band V (1961), col. 1614-1615
  116. Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 484-494
  117. H. Wagner, Diakonie, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 164-167
  118. J.R.H. Moorman, Anglikanische Kirche, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 380-381
  119. Clifton E.Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 461-465
  120. Allen Weinstein and David Rubel, The Story of America, pp. 274-275
  121. M. Schmidt, Kongregationalismus, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band III, col. 1770
  122. K. Kupisch, Bismarck, Otto von, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 1312-1315
  123. P. Quante, Sozialversicherung, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, Band VI, col. 205-206
  124. جيش الخلاص نسخة محفوظة 10 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  125. Foundations for Practice - how should Christians teach medicine? نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
  126. Salvation Army now offering personal hygiene products medicine نسخة محفوظة 12 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  127. Florence Nightingale نسخة محفوظة 30 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  128. تاريخ التمريض نسخة محفوظة 28 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  129. "Pastor attacks scientist's talk"، BBC News، 30 مارس 2008، مؤرشف من الأصل في 07 مارس 2016.
  130. Episcopalians v. Jews on IQ (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 05 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  131. الكنيسة البروتستانتية وعلاقتها بالمسيحية الصهيونية الجزيرة، 12 ديسمبر 2006 نسخة محفوظة 14 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  132. Orlandis, A Short History of the Catholic Church (1993), preface.
  133. How The Catholic Church Built Western Civilization نسخة محفوظة 20 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  134. This is one way in which Jews influenced Western civilization.
  135. Richters, J (2006)، "Circumcision in Australia: prevalence and effects on sexual health"، Int J STD AIDS، 17 (8): 547–554، doi:10.1258/095646206778145730، PMID 16925903.
  136. "Information package on male circumcision and HIV prevention: insert 2" (PDF)، World Health Organisation، ص. 2، مؤرشف من الأصل (PDF) في 2 مايو 2020.
  137. Dickson, N (2005)، "Herpes simplex virus type 2 status at age 26 is not related to early circumcision in a birth cohort"، Sex Transm Dis، 32 (8): 517–9، doi:10.1097/01.olq.0000161296.58095.ab، PMID 16041257.

انظر أيضًا

  • بوابة المسيحية
  • بوابة ثقافة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.