معاداة الشيوعية

معاداة الشيوعية هي مناهضة الفكر الشيوعي شكلا وموضوعا، وبدأ هذا التوجه منذ قيام الثورة البلشفية في الإمبراطورية الروسية خلال شهر أكتوبر من عام 1917 وتعاظمت تلك الكراهية على الصعيد العالمي أثناء الحرب الباردة.[1][2][3]

تضمّن الفكر المناهض للشيوعية العديد من الجوانب؛ أولها رفض فكرة المادية التاريخية أحد الأفكار الأساسية التي تقوم عليها الشيوعية، كما ينكر مناهضي الشيوعية النظرية الماركسية الداعية لأن تحل الشيوعية والاشتراكية محل الرأسمالية مثلما حلّت الرأسمالية محل الإقطاعية، في حين يتسائل مناهضو الشيوعية مدى صدق النظرية الماركسية الداعية لتواري الدولة الاشتراكية عندما تنعدم الحاجة إليها في مجتمع شيوعي حقيقي.

كما اتّخذ مناهضو الشيوعية القمع الذي شهدته روسيا خلال السنوات الأولى للبلشفية ذريعة للترويج لفكرهم وإن كان ما شهدته روسيا خلال تلك السنوات لا يضاهي ما شهده الاتحاد السوفيتي إبان حُكم جوزيف ستالين ومعاونيه أمثال فيليكس دزيرجنسكي رئيس البوليس السري الذي أصدر أحكاما بالإعدام ضد العديد من الخصوم السياسيين وكذلك قمع حركات التمرد مثل تمرد كرونشتاد وتمرد تامبوف، كما درج وصف مناهضي الشيوعية لكلا من الفكرين الشيوعي والفاشي بالفكر الشمولي لما شهدوه من أفعال مشابهة للحكومات الشيوعية والفاشية، كما زعم المؤرخ روبرت كونكويست مسئولية الشيوعية عن وفاة عشرات الملايين خلال القرن العشرين.

كما كانت الشدة المفرطة التي تعاملت بها الأحزاب الشيوعية التي اعتلت السلطة تجاه الخصوم السياسيين من المآخذ التي اتخذها مناهضو الشيوعية ضد الفكر الشيوعي، كما أكّد هؤلاء الخصوم أن أغلب الدول الشيوعية لم تُظهر أي تقدم من الفكر الاقتصادي الماركسي تجاه الشيوعية المُثلى بل عملت الشيوعية على خلق طبقة حاكمة جديدة والمسماة بالنومنكولتورا (بالروسية: Советская номенклатура) متمتعة بصلاحيات وسلطات أكثر من تلك التي تمتعت بها الطبقات الحاكمة الأخرى في النُظم غير الشيوعية.

الحركات المعادية للشيوعية

اليسار المعادي للشيوعية

انتقد الاشتراكيون الديمقراطيون الشيوعية منذ انفصال الأحزاب الشيوعية عن الأممية الثانية الاشتراكية لتشكيل الأممية الشيوعية الثالثة وذلك بسبب طبيعتها المعادية للديمقراطية. من الأمثلة على النقاد اليساريين للدول والأحزاب الشيوعية فريدريش إيبرت، وبوريس سوفرين، وبايارد روستين، وايرفينغ هاو، وماكس شاختمان. كان اتحاد العمل الأمريكي مناهضًا للشيوعية بقوة على الدوام. قام الكونغرس للمنظمات الصناعية الأكثر يسارية بتطهير الشيوعيين في عام 1947، وأصبح منذ ذلك الحين معاديًا للشيوعية بشدة.[4][5] وفي بريطانيا، قاوم حزب العمل بشدة الجهود الشيوعية للتسلل إلى صفوفه والسيطرة على السكان المحليين في الثلاثينيات من القرن العشرين. أصبح حزب العمل مناهضًا للشيوعية وكان رئيس الوزراء العمالي كليمنت أتلي مؤيدًا قويًا لحلف شمال الأطلسي (الناتو).[6]

الأناركيون

ينتقد الأناركيون بمن فيهم أولئك الذين يصفون أنفسهم بالشيوعيين، الأحزاب والدول الشيوعية الاستبدادية. ويجادلون بأن المفاهيم الماركسية مثل ديكتاتورية البروليتاريا وملكية الدولة لوسائل الإنتاج هي لعنة للأناركية. ينتقد بعض الأناركيين الشيوعية من وجهة نظر فردية بينما يدعم آخرون مثل بيتر كروبوتكين والأناركيين الثائرين الشيوعية التحررية الخاصة بهم من وجهة نظر فردية أيضًا.

شارك الأناركيون في بداية ثورة فبراير 1917 وفرحوا بها كمثال على استيلاء العمال على السلطة لأنفسهم. ومع ذلك، أصبح من الواضح بعد ثورة أكتوبر أن البلاشفة والأناركيين يمتلكون أفكارًا مختلفة بالكامل. كانت الأناركية إيما غولدمان التي رُحلت من الولايات المتحدة إلى روسيا في عام 1919، متحمسة في البداية للثورة، لكنها شعرت بخيبة أمل شديدة وبدأت في كتابة كتابها «خيبة أملي في روسيا». كما انتقد الأناركي بيتر كروبوتكين بحدة البيروقراطية البلشفية الناشئة في رسائل إلى فلاديمير لينين، مشيرًا في عام 1920 إلى أن «[دكتاتورية حزبية] تضر بشكل كبير عملية بناء نظام اشتراكي جديد. وأن ما هو مطلوب هو البناء المحلي من قبل القوى المحلية. [ ...] لقد أصبحت روسيا بالفعل جمهورية سوفيتية من حيث الاسم فقط».[7] حارب العديد من الأناركيين ضد الشيوعيين الروس والإسبان واليونانيين وقتلوا الكثير منهم، مثل ليف شيرنيي وكاميلو بيرنيري وكونستانتينوس سبيراس.

الليبراليون

حدد كارل ماركس وفريدريك إنجلز في البيان الشيوعي بعض التدابير المؤقتة قصيرة المدى التي يمكن أن تكون خطوات مؤدية نحو الشيوعية. وأشاروا إلى أن «هذه التدابير ستختلف بالطبع باختلاف البلدان. ومع ذلك، سيكون ما يلي قابلاً للتطبيق بشكل عام في معظم البلدان المتقدمة». وصف لودفيج فون ميزس هذا بأنه «خطة من 10 نقاط» لإعادة توزيع الأراضي والإنتاج، وجادل بأن الأشكال الأولية والمستمرة لإعادة التوزيع تشكل إكراهًا مباشرًا للناس. لا تقول خطة ماركس المكونة من 10 نقاط ولا بقية البيان أي شيء عن من يحق له تنفيذ هذه الخطة.[8] جادل ميلتون فريدمان بأن غياب النشاط الاقتصادي الطوعي يسهل بشكل كبير على القادة السياسيين القمعيين منح أنفسهم سلطات قسرية. كما شارك فريدريش هايك وجون ماينارد كينز وجهة نظر فريدمان، ويعتقد كلاهما أن الرأسمالية هي أمر حيوي لحرية البقاء والازدهار.[9][10]

الموضوعيون

يعادي الموضوعيون الذين يتبعون آين راند الشيوعية بشدة.[11] يجادلون بأن الثروة (أو أي قيمة إنسانية أخرى) هي نتاج العقول الفردية، وأن الطبيعة البشرية تتطلب التحفيز من خلال الحافز الشخصي، وبالتالي فإن الحرية السياسية والاقتصادية فقط هي التي تتماشى مع الازدهار البشري. ويعتقدون أن هذا يتجلى في الازدهار المقارن لاقتصادات السوق الحرة. وتكتب راند أن القادة الشيوعيين يدّعون عادة أنهم يعملون من أجل الصالح العام، لكن كان العديد منهم أو كلهم فاسدين واستبداديين.[12]

الشيوعيون السابقون

شعار معاداة الشيوعية

كان ميلوفان جيلاس مسؤولًا شيوعيًا يوغسلافيًا سابقًا وأصبح لاحقًا معارضًا وناقدًا بارزًا للشيوعية. كما كان ليزيك كوجاكوفسكي شيوعيًا بولنديًا الذي أصبح مشهورًا بسبب مناهضته للشيوعية. اشتهر بتحليلاته النقدية للفكر الماركسي، ولا سيما تاريخه المشهور المؤلف من ثلاث مجلدات «التيارات الرئيسية للماركسية» والذي «يعتبره البعض أحد أهم الكتب حول النظرية السياسية في القرن العشرين».[13] كتاب آخر هو «الإله الذي فشل» الذي صدر في عام 1949 ويجمع ست مقالات بالإضافة إلى شهادات عدد من الشيوعيين السابقين المشهورين الذين كانوا كتابًا وصحفيين. الموضوع المشترك للمقالات هو خيبة أمل المؤلفين بالشيوعية وتخليهم عنها. الجملة الترويجية للكتاب هي «ستة رجال مشهورين يطلعونا كيف غيروا رأيهم حول الشيوعية». هناك أربعة آخرين من أبرز المناهضين للشيوعية وهم ويتاكر تشامبرز وهو جاسوس سابق للاتحاد السوفييتي الذي شهد ضد رفاقه الجواسيس أمام لجنة الأنشطة غير الأمريكية في مجلس النواب؛ والدكتورة بيلا دود، وأناتولي غوليتسين وأوليغ كالوغين، اشتغل كلاهما بلجنة أمن الدولة في الاتحاد السوفيتي (الكي جي بي) سابقًا وحظي الأخير برتبة جنرال.[14]

ومن بين المناهضين للشيوعية الذين كانوا ماركسيين في السابق: الكُتاب ماكس إيستمان، وجون دوس باسوس، وجيمس برنهام، وموري ريسكيند، وفرانك ماير، وويل هيربرج، وسيدني هوك، والمساهمون في كتاب الإله الذي فشل: لويس فيشر، أندريه جيد، آرثر كويستلر، إغنازيو سيلون، ستيفن سبندر تاجار زافالاني، وريتشارد رايت. من بين المناهضين للشيوعية الذين كانوا اشتراكيين أو ليبراليين أو ديمقراطيين اجتماعيين في السابق: جون تشامبرلين، فريدريك هايك، ريموند مولي، نورمان بودهوريتز، ديفيد هورويتز، وإرفنج كريستول.[15][16]

انظر أيضًا

مصادر

  1. "معلومات عن معاداة الشيوعية على موقع esu.com.ua"، esu.com.ua، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  2. "معلومات عن معاداة الشيوعية على موقع enciclopedia.cat"، enciclopedia.cat، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  3. "معلومات عن معاداة الشيوعية على موقع d-nb.info"، d-nb.info، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  4. Markku Ruotsila, British and American Anti-communism Before the Cold War (2001).
  5. Paul Corthorn and Jonathan Davis (2007)، British Labour Party and the Wider World: Domestic Politics, Internationalism and Foreign Policy، I.B.Tauris، ص. 105، ISBN 9780857711113، مؤرشف من الأصل في 15 مايو 2020.
  6. Harvey A. Levenstein, Communism, anti-communism, and the CIO (1981).
  7. Selected Writings on Anarchism and Revolution, P.A. Kropotkin Anarchist Archives. نسخة محفوظة 30 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
  8. Potichnyj, Peter J.; Zacek, Jane Shapiro (1983). Politics and Participation under Communist Rule.
  9. Hayek, Friedrich (1944)، The Road to Serfdom، University of Chicago Press، ISBN 0-226-32061-8.
  10. Bellamy, Richard (2003)، The Cambridge History of Twentieth-Century Political Thought، Cambridge University Press، ص. 60، ISBN 0-521-56354-2.
  11. Mayhew, Robert (2004). Ayn Rand and Song of Russia: Communism and Anti-Communism in 1940s Hollywood.
  12. Rand, Ayn (1966). Capitalism: the Unknown Ideal. New American Library.
  13. "Polish anti-Marxist thinker dies", Adam Easton, BBC News, 17 July 2009. نسخة محفوظة 21 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  14. Chambers, Whittaker (1952)، Witness، Random House، ISBN 0-89526-571-0، مؤرشف من الأصل في 5 مايو 2020.
  15. إرفنج كرستول, Neoconservatism: The Autobiography of an Idea, 1995.
  16. فريدريش فون هايك, The Fatal Conceit: The Errors of Socialism, 1988.


  • بوابة أعلام
  • بوابة شيوعية
  • بوابة التاريخ
  • بوابة السياسة
  • بوابة الحرب الباردة
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.