الخلاف حول هوية ذي القرنين
هناك اختلاف حول هوية ذي القرنين المذكور في القرآن الكريم بمقارنة شخصيته بالشخصيات التاريخية، عادة ما يقارن بعض المؤرخين شخصية ذي القرنين بعدة شخصيات تاريخية أمثال الإسكندر المقدوني، وكورش الكبير، والصعب بن مراثد ملك حمير، وحتى أخناتون.[1] يُعرَّف بعض العلماء المسلمين الغربيين والتقليديين الإسكندر الأكبر بأنه هو ذو القرنين.[2][3] بينما تشير المصادر الإسلامية القديمة إلى ملك ما قبل الإسلام من بلاد فارس أو جنوب شبه الجزيرة العربية من ملوك حمير واليمن، بينما يميل المودودي إلى أنه كورش الكبير.[4]
الإسكندر الأكبر
الإسكندر في الأساطير
كان الإسكندر الأكبر شخصية ذات شعبية كبيرة في الثقافات الكلاسيكية وما بعد الكلاسيكية في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. بعد وفاته في 323 قبل الميلاد بدأت مجموعة من الأساطير تنتشر حول مآثره وحياته، مثل صعود الإسكندر عبر الهواء إلى الجنة، ورحلته إلى قاع البحر في فقاعة زجاجية، والرحلة عبر أرض الظلام بحثًا عن ماء الحياة.
تضم سيرة حياة الإسكندر في طيّاتها عدد من الأساطير والقصص الخرافية، التي يُحتمل أن يكون الإسكندر نفسه قد شجع على إشاعتها وكتابتها.[5] يقول مؤرخه الخاص كاليستنس أن البحر تراجع خوفًا منه عندما كان في قيليقية. وبعد فترة قصيرة من وفاة الإسكندر، اخترع مؤرخ آخر، وهو أونيسيكريتوس، قصة مفادها أن «ثاليتريس» ملكة الأمازونيات زارت الإسكندر وحصل بينهما نوع من الودّ، وعندما قرأ أونيسيكريتوس القصة على مسمع ليسيماخوس، أحد خلفاء الإسكندر، أجابه قائلاً: «أتساءل أين كنت في ذلك الحين؟».[6] جُمعت كل الأساطير المتعلقة بالإسكندر بعد قرون من رحيله في كتاب عُرف باسم «رومانسية الإسكندر»، تشير أقدم المخطوطات اليونانية عن أساطير الإسكندر الأكبر أنها كانت مؤلفة في الإسكندرية في القرن الثالث، فُقِد نصها الأصلي ولكنها كانت مصدر لحوالي ثمانين نسخة مختلفة مكتوبة بأربع وعشرين لغة مختلفة. دُمج بعض هذه الأساطير في التقاليد اليهودية والمسيحية. خضع هذا الكتاب لمراجعات عديدة وإضافات كثيرة طيلة العصور القديمة وصولاً إلى العصور الوسطى، [7] ولذلك فهو يحوي عدد من القصص المشكوك بصحتها، كما تُرجم إلى لغات كثيرة من شاكلة اليونانية الرومية، والأرمنية، والسريانية، واللاتينية، وأغلب لغات أوروبا الغربية.[8]
زعم بيتر بيتنهولز أستاذ التاريخ في جامعة بازل بسويسرا أن قصة ذي القرنين لها جذور ترجع إلى الأساطير التي سادت في الشرق الأوسط حول الإسكندر الأكبر في زمن عصر المسيحية الأولى.[9] وفقًا لتلك الأساطير، فبعد أن هزم السكوثيون الذين هم من نسل يأجوج ومأجوج أحد قواد الإسكندر الأكبر، بنى الإسكندر الأكبر بوابات الإسكندر في جبال القوقاز لحبسهم بعيدًا عن الحياة المدنية (وفق ما جاء في كتابات يوسيفوس فلافيوس). أما ستيفن جيرو أستاذ الدراسات الشرقية والإسلامية في جامعة إيبرهارد كارلس في توبنغن فقد أشار إلى أن أقدم رواية تناولت قصة بوابة يأجوج وماجوج وردت في مخطوط سرياني حول الإسكندر الأكبر يرجع إلى الفترة بين سنتي 629-636م، وبالتالي استنتج أنه «حرفيًا، لا يمكن اعتبار المخطوط مصدر للرواية القرآنية»، كما أنه هناك اتفاق مطلق بين العلماء الغربيين[10] والمسلمين[11][12] أن سورة الكهف نزلت في مكة بين سنتي 615-619م.[13] كذلك قدّم برانون ويلير مدير مركز دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في الولايات المتحدة تحفظات مشابهة في هذا الشأن.[14]
في المسيحية
في التقاليد المسيحية في الشرق الأدنى تم تصويره في بعض القصص على أنه قديس. حولت الأساطير المسيحية الفاتح اليوناني القديم إلى الإسكندر «الملك المؤمن»، مما يعني أنه كان مؤمناً بالتوحيد. في نهاية المطاف دُمجت بعض عناصر رومانسية الإسكندر مع قصص الكتاب المقدس مثل يأجوج وماجوج.
جسدت النسخة السريانية من «رومانسية الإسكندر» القائد المقدوني كملك مسيحي صالح مواظب على الصلاة، يفتح الممالك المنيعة ابتغاء رضا الله ويدعو الناس إلى عبادته كونه الإله الحق. وُصف الإسكندر من قبل الكهنة والكتّاب المصريين القدماء على أنه ابن «نيكتانيبو الثاني»، آخر فراعنة مصر قبل الغزو الفارسي، [15] وأن هزيمته الشاه دارا الثالث كانت بمثابة الخلاص الذي انتظرته مصر طويلاً، وأن مصر استمر يحكمها مصري.[15]
ورد في الكتاب المقدس ذكرٌ صريح للإسكندر، كما ذُكرت أيضًا قصة قائد صالح، سُمي بـ لوقرانائيم أو صاحب القرنين، قال بعض مفسري التوراة أنه يُحتمل أن يكون هو الإسكندر الأكبر، ومن المواضع التي ذُكر بها، سواء المؤكدة أو غير المؤكدة؛ سفر المكابيين الأول: إن الإسكندر بن فيلبس المقدوني بعد خروجه من أرض كتيم وإيقاعه بدارا ملك فارس وماداي ملك مكانه وهو أول من ملك على اليونان. ثم أثار حروبًا كثيرة وفتح حصونًا متعددة وقتل ملوك الأرض. واجتاز إلى اقاصي الأرض وسلب غنائم جمهور من الأمم فسكتت الأرض بين يديه فترفع في قلبه وتشامخ. وحشد جيشًا قويًا جدًا. واستولى على البلاد والأمم والسلاطين فكانوا يحملون إليه الجزية. وبعد ذلك انطرح على فراشه وأحس من نفسه بالموت. فدعا عبيده الكبراء الذين نشأوا معه منذ الصباء فقسم مملكته بينهم في حياته. وكان ملك الاسكندر اثنتي عشرة سنة ومات.[المكابيين 1][16] وسفر دانيال: أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. وَالتَّيْسُ الْعَافِي مَلِكُ الْيُونَانِ، وَالْقَرْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ. وَإِذِ انْكَسَرَ وَقَامَ أَرْبَعَةٌ عِوَضًا عَنْهُ، فَسَتَقُومُ أَرْبَعُ مَمَالِكَ مِنَ الأُمَّةِ، وَلكِنْ لَيْسَ فِي قُوَّتِهِ. وَفِي آخِرِ مَمْلَكَتِهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمَعَاصِي يَقُومُ مَلِكٌ جَافِي الْوَجْهِ وَفَاهِمُ الْحِيَلِ. وَتَعْظُمُ قُوَّتُهُ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقُوَّتِهِ. يُهْلِكُ عَجَبًا وَيَنْجَحُ وَيَفْعَلُ وَيُبِيدُ الْعُظَمَاءَ وَشَعْبَ الْقِدِّيسِينَ. وَبِحَذَاقَتِهِ يَنْجَحُ أَيْضًا الْمَكْرُ فِي يَدِهِ، وَيَتَعَظَّمُ بِقَلْبِهِ. وَفِي الاطْمِئْنَانِ يُهْلِكُ كَثِيرِينَ، وَيَقُومُ عَلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ، وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ.[دانيال 8]
التقاليد الأندلسية
بعد الفتح الإسلامي الأموي للأندلس عام 711 م، ازدهر الأدب الإسلامي في ظل مملكة قرطبة (929-1031 م). وأُصدرت مماثل عربي لرومانسية الإسكندر، يدعى «حكايات ذي القرنين».
التقاليد الفارسية الجديدة
كان الفرس قبل اعتناقهم الإسلام، ينعتون الإسكندر «الملعون»، حيث اتهموه بحرق معابدهم وإتلاف نصوصهم وكتبهم المقدسة.[17] أما بعد دخول الإسلام إلى بلاد فارس، وانحسار المجوسية في جيوب صغيرة معزولة، واطلاع الفرس على مؤلف «رومانسية الإسكندر»، أخذت صورة جديدة أكثر إيجابًا تحل مكان تلك القديمة تدريجيًا.[18] ففي كتاب الملوك (بالفارسية: شاهنامه) لأبا القاسم الفردوسي، ذُكر الإسكندر ضمن قائمة الملوك الشرعيين لفارس، ووُصف بأنه شخص أسطوري سافر إلى أقاصي العالم بحثًا عن ينبوع الشباب.[19] قام بعض الكتّاب الفرس لاحقًا بربط الإسكندر والفلسفة، فرسموه وهو يجلس في نقاش مع فلاسفة كبار أمثال أرسطو وسقراط وأفلاطون، يتحدثون عن كيفية التوصل لمعرفة سر الخلود.[18]
هناك أيضًا أدلة على أن الترجمة السريانية لرومانسية الإسكندر، التي يعود تاريخها إلى القرن السادس، لم تكن مستندة مباشرة على النسخة اليونانية، ولكنها كانت تستند إلى مخطوطة بهلوية مفقودة فارسية كُتِبَت قبل الإسلام.[20]
آراء العلماء المسلمين
يرى بعض المؤرخين المسلمين أن هناك تشابه بين قصة الإسكندر الأكبر وقصة ذي القرنين، بينما يرفض ذلك أغلب علماء الدين الإسلامي باعتبار أن الإسكندر المقدوني لم يدين بالتوحيد، ولم يكن مؤمنًا صالحًا مثل ذي القرنين. الاستدلال الأكبر من قِبل المؤرخين أن الإسكندر كان يظهر على رأسه قرني كبش في أغلب المسكوكات، وأنه غزا الشرق والغرب، يقول المورخ الإيراني أبو الفضل البلعمي:[21] «سموا الإسكندر، ذو القرنين لأنه وصل من قرن إلى قرن وتسمى زوايا العالم بالقرن وإحدى الزوايا مكان شروق الشمس والزاوية الأخرى مكان مغرب الشمس وكل زاوية على حدة تسمى قرنا وتسميان قرنين مع بعضهما والله عز وجل سماه في القرآن ذو القرنين».
بينما ينكر ذلك أغلب علماء الدين الإسلامي، ويستدلوا بعدة أدلة، منها أنه لم يكن موحدًا، وأن زمن الإسكندر الأكبر مختلف عن زمن ذي القرنين، فيذكر ابن كثير الدمشقي أنه بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة.[22] أما الاختلاف الثالث فأن الإسكندر كان من اليونان، وذي القرنين من العرب. كما يعتقد عدد من علماء المسلمين أن ذي القرنين كان في زمن إبراهيم، وقد ذكر الأزرقي وابن كثير الدمشقي أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم وطاف معه بالكعبة هو وإسماعيل، يقول ابن حجر العسقلاني:[23]
الْإِسْكَنْدَر الْيُونَانِيّ كَانَ قَرِيبًا مِنْ زَمَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَبَيْن زَمَن إِبْرَاهِيم وَعِيسَى أَكْثَر مِنْ أَلْفَيْ سَنَة، وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْإِسْكَنْدَر الْمُتَأَخِّر لُقِّبَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشْبِيهًا بِالْمُتَقَدِّمِ لِسَعَةِ مُلْكه وَغَلَبَته عَلَى الْبِلَاد الْكَثِيرَة، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْفُرْس وَقَتَلَ مَلِكهمْ اِنْتَظَمَ لَهُ مُلْك الْمَمْلَكَتَيْنِ الْوَاسِعَتَيْنِ الرُّوم وَالْفُرْس فَلُقِّبَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِذَلِكَ. والْحَقّ أَنَّ الَّذِي قَصَّ اللَّه نَبَأَهُ فِي الْقُرْآن هُوَ الْمُتَقَدِّم. وَالْفَرْق بَيْنهمَا مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدهَا: مَا ذَكَرْته. الثَانِي: أنّ الْإِسْكَنْدَر َكَانَ كَافِرًا، وَكَانَ مُعَلِّمُهُ أَرَسْطَاطَالِيس، وَكَانَ يَأْتَمِر بِأَمْرِهِ، وَهُوَ مِنْ الْكُفَّار بِلَا شَكّ، الثَالِث : كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ الْعَرَب، وَأَمَّا الْإِسْكَنْدَر فَهُوَ مِنْ الْيُونَان. |
ويقول ابن تيمية: «وليس هذا الإسكندر هو ذا القرنين المذكور في القرآن كما يظن ذلك طائفة من الناس، فإن ذلك كان متقدمًا على هذا وذلك المتقدم هو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج، وهذا المقدوني لم يصل إلى السد، وذاك كان مسلمًا موحدًا وهذا المقدوني كان مشركًا هو وأهل بلده اليونان كانوا مشركين يعبدون الكواكب والأوثان».[24]
كورش الكبير
يعتقد البعض أن ذا القرنين المذكور في القرآن هو كورش الكبير.[25][26] أول من اقترح ذلك كان عالم اللغة الألماني ريدشولب في عام 1855، لكنها فشلت في اكتساب متابعين بين العلماء الغربيين، [27] لكنها لاقت رواجًا من قِبل العديد من العلماء والمعلقين الهنود والباكستانيين والإيرانيين أمثال أبو الكلام آزاد، وإسرار أحمد، وأبو الأعلى المودودي، وجواد أحمد غامدي، كما ذكر ذلك الطباطبائي في تفسيره، [28] وناصر مكارم الشيرازي في تفسيره، [29] والباحث الأحمدي محمد علي.[30]
رأي العلماء المسلمين
يرى المؤيدون لأن كورش هو ذو القرنين أن بينهما أوجه شبه كثيرة، ذكروا منها:
- أنه من ملوك فارس: شخصية ذي القرنين معروفة عند اليهود، ذُكرت في سفر دانيال 8، ويهود المدينة قد سألوا النبي محمد عن ذي القرنين؛ لذلك يجب أن يكون معروفًَا لديهم. ونص دانيال 8 يذكر أن ذا القرنين هو أحد ملوك مادي وفارس: أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ. وَالتَّيْسُ الْعَافِي مَلِكُ الْيُونَانِ، وَالْقَرْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ هُوَ الْمَلِكُ الأَوَّلُ.[31] كما سماه سفر أشعياء بـ «راعي الرب» وقال في الإصحاح 45: «هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أممًا وأحقاء ملوك أحل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق. أنا أسير قدامك والهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف. وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابي. لكي تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك. لقبتك وأنت لست تعرفني».[32] وكان اليهود يُجلّون كورش الكبير، لأن غزوه هو الذي تسبب في سقوط مملكة بابل وتحرير بني إسرائيل، وكانت القرون رمزًا مألوفًا للقوة في ممالك بلاد ما بين النهرين.
- أن غزواته انتشرت في الشرق والغرب، انتشرت غزوات كورش إلى سوريا وآسيا الصغرى في الغرب وإلى السند في الشرق، وامتدت مملكته إلى القوقاز في الشمال.
- أنه موحد صالح، يؤكد عزرا أنه كان عابدًا لله وملكًا يخاف الله حرّر بني إسرائيل، وأمر بإعادة بناء معبد سليمان لعبادة الله.
بينما يرى المعارضين لذلك أن شخصية كورش الكبير لا تنطبق مع الصورة التي رسمها القرآن لذي القرنين كقائد مؤمن مجاهد يحارب في سبيل الله، كذلك لم يُدعى قط كورش بلقب ذي القرنين، وأن كورش زردشتي حسب الآثار والنقوش التي تعود لعصره، ولا يوجد دليل على توحيده،[33] فحسب أسطوانة كورش الشهيرة والتي كتبت بأمره بعد غزوه لبابل وتحريره لليهود، ذُكر فيها أن كبير آلهة قدماء البابليين مردوخ أرسل قورش ليخلصهم من حكم الملك البابلي نبو نيد.[34]
ملك من ملوك حمير
وردت بعض الآثار الإسلامية المنسوبة للصحابة والتابعين أن ذا القرنين أنه من ملوك حمير، وكان ملوك حمير التبابعة يحملون ألقاب بها حرف «ذو» مثل: ذو نواس الحميري والملك سيف بن ذي يزن والملك ذو رعين الحميري والملك عمرو ذو غمدان،[35] والملك عامر ذو رياش،[36] والملك إفريقيس بن ذي المنار والملكة لميس بن ذي مرع وغيرهم كثيرون.[37]
واختلفوا في اسمه فقالوا: اسمه الصعب بن مرائد، وهو أول التبابعة، وهو الذي حكم لإبراهيم في بئر السبع. وفي خطبة قس بن ساعدة قال: «يا معشر إياد، أين الصعب ذو القرنين، ملك الخافقين، وأذل الثقلين، وعمر ألفين، ثم كان كلحظة عين».[38] ويُروى عن ابن عباس أنه سئل عن ذي القرنين من كان، فقال: «هو من حمير، وهو الصعب بن مراثد، وهو الذي مكن الله له الأرض وأتاه الله من كل شي سببا»، وقد سئل كعب الأحبار عن ذي القرنين فقال: «الصحيح عندنا من علوم أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير، وأنه الصعب».[39][40] وذكر المقريزي أن اسمه الصعب بن مراثد بن الحارث الرائش بن الهمال في سدد بن عاد بن منح بن عامر الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود.[41] وقيل: كان اسمه مرزبى بن مرذبة، وذكر الدارقطني وابن ماكولا أن اسمه هرمس. ويقال: هرديس بن فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوجين بن يونان بن يافث بن نوح، وقيل: إنه أفريدون بن أسفيان، الذي قتل الملك الضحاك.[38] وقال أبو جعفر الطبري: «وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل: موسى بن عمران (عليهما السلام) وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف».[42]
وقد ذكر أيضاً ابن هشام هذا القول (غير جازمًا به)[43] أنه أحد ملوك حمير التبابعة في كتابه التيجان، وأبو الريحان البيروني في كتابه الآثار الباقية عن القرون الخالية، وأجزم بهذا القول نشوان الحميري في كتبه «شمس العلوم» وكتاب «خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة»، وقد جاء في بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذي القرنين منها:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما | ملكا تدين له الملـوك وتحتشد | |
بـلغ المشارق والمغارب يبتغي | أسبـاب أمر مـن حكيـم مـرشـد | |
فرأى مغيب الشمس عند غروبهـا | فـي عيـن ذي خلب وثـأط حرمـد |
توجد أشعار عربية كثيرة تروي مجد ونسب ذي القرنين حتى أنه رثاه الشاعر الشهير امرؤ القيس الكندي:
ألـم يحزنك أن الـدهر غـول | ختـور العهد يلتهم الرجـالا | |
أزال عن المصـانع ذا ريـاش | وقـد ملك السهـول والجبـالا | |
همام طـحـطـح الآفـاق وجيـا | وقـاد إلى مشارقها الرعـالا | |
وسـد بحيـث تـرقـى الـشـمس | سدا ليأجوج ومأجوج الجبـالا |
وقال المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة:
فما ملك العراق على المعلي | بمقـدار ولا المـلك الشــآم | |
أسـد شـاص ذي القرنين حتـى | تولى عـارض الملك الهـمـام |
أنكر عدد من المؤرخين هذه الأقوال، وذكروا أن الأشعار التي تذكر ذا القرنين وأنه من حمير غير مسندة، وقد تكون كُتبت بعد الإسلام، وأن الأخبار عن ملوك حمير أشبه بالأقاصيص الموضوعة ولا دليل قوي عليها.[44][45]
أخناتون
يرى حمدي بن حمزة أبو زيد عضو مجلس الشورى السعودي في كتابه فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، أن ذو القرنين ما هو إلا أخناتون ذلك الملك الفرعوني الداعي للتوحيد.[46]
مراجع
- الخلاف حول هوية ذي القرنين
- Stoneman 2003.
- EI2.
- Maududi, Syed Abul Ala، Tafhim al-Qur'an، مؤرشف من الأصل في 20 نوفمبر 2019،
The identification ... has been a controversial matter from the earliest times. In general the commentators have been of the opinion that he was Alexander the Great but the characteristics of Zul-Qarnain described in the Qur'an are not applicable to him. However, now the commentators are inclined to believe that Zul-Qarnain was Cyrus ... We are also of the opinion that probably Zul-Qarnain was Cyrus...
- Roisman & Worthington 2010، صفحة 187
- Plutarch 1919، صفحات LXVI, 1 أنظر الصفحة نسخة محفوظة 31 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
- Stoneman 1996، passim
- Roisman & Worthington 2010، Chapter 6, 117
- Bietenholz 1994، صفحة 122-123.
- Theodor Nöldeke: Geschichte des Qorāns. Göttingen 1860; 2. Aufl., Teil 1–3, bearb. von Friedrich Schwally (Teil 1–2), Goffhelf Bergsträsser u. Otto Pretzl (Teil 3). Leipzig 1909–1938.
- Allamah Abu 'Abd Allah al-Zanjani - The History of the Quran - Al-Tawheed Vol. 4, No. 3; Vol. 5, No. 1, 2, & 3.
- Kevin P. Edgecomb - Chronological Order of Quranic Surahs - Bombaxo, 2002.
- Gero, Stephen، "The Legend of Alexander the Great in the Christian Orient" (PDF)، ص. 4–5، مؤرشف (PDF) من الأصل في 21 يونيو 2020،
خاصة، جاء وصف حبس قبائل يأجوج ومأجوج (جوج وماجوج في الكتاب المقدس) خلف بوابة حديدية أو سد حتى نهاية الزمان، حينئذ يخرجون من حبسهم. للآن، لم نجد هذه القصة في أقدم الروايات حول الإسكندر اليوناني؛ وإنما فُسّرت على الوجه المعروف اليوم لاحقًا في عمليات نقل النصوص خلال العصر البيزنطي في العصور الوسطى؛ أي أنه لا يمكن اعتبار قصة الإسكندر مصدرًا للرواية القرآنية.[...] كما أن هذا العمل (أسطورة الأسكندر) ليست مؤهلة لتكون مصدر مباشر لقصة الأسكندر ذي القرنين في القرآن [...] تشير الأبحاث الأخيرة إلى المعرفة المسبقة لغزو الخزر لأرمينيا عام 629 م.
- Wheeler, B. "Moses in the Quran and Islamic Exegesis". p. 19..
- Roisman & Worthington 2010، Chapter 6, 122
- مطرانية طنطا وتوابعها، أسرة البابا كيرلس العلمية: سفر المكابيين الأول، الإصحاح 1 نسخة محفوظة 24 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- Curtis, Tallis & Andre-Salvini 2005، صفحة 154
- Roisman & Worthington 2010، Chapter 6, 120
- Fischer 2004، صفحة 66
- Doufikar-Aerts, Faustina (2003). The Last Days of Alexander in an Arabic Popular Romance of Al-Iskandar. in The Ancient Novel and Beyond by Panayotakis, Zimmerman and Keulen.
- تاریخ البلعمي، ج 1، ص 488-489
- أبي الفداء إسماعيل بن عمر/ابن كثير، البداية والنهاية 1-8 مع الفهارس ج1: البداية والنهاية 1/8 - لونان، دار الكتب العلمية، ISBN 978-2-7451-2781-5، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020.
- أبي الفضل أحمد بن علي/ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري 1-15 ج7، دار الكتب العلمية، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020.
- "من هو ذو القرنين المذكور في القرآن ؟ - الإسلام سؤال وجواب"، islamqa.info، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 يونيو 2020.
- Azad 1990.
- Wheeler 2006.
- Tatum, James (1994)، The Search for the ancient novel، Johns Hopkins University Press، ص. 342، ISBN 978-0-8018-4619-9، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020.
- In his Vol 26 of his Opus Magnum, الميزان في تفسير القرآن
- In his Bargozideh Tafseer-i Nemuneh (برگزیده تفسیر نمونه)، Vol 3, p69
- Raheem, M. R. M. Abdur (1988)، Muhammad the Prophet (باللغة الإنجليزية)، Pustaka Nasional Pte Ltd، ص. 231، ISBN 978-9971772239، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020.
- "سفر دانيال 8"، st-takla.org، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 يونيو 2020.
- ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا وكشف عنها - أبو الكلام أزاد دكتور عبد المنعم النمر بمجلة العربي العدد 184 - نسخة محفوظة 23 مارس 2015 على موقع واي باك مشين.
- "هل كورش هو ذو القرنين؟"، islamexplained.com، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 يونيو 2020.
- Cyrus Cylinder Translation - Livius نسخة محفوظة 24 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- خلاصة السيرة الجامعة لعجائب الملوك التبابعة نسخة محفوظة 16 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- التيجان في ملوك حمير نسخة محفوظة 24 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- معجم اللغة العربية نسخة محفوظة 07 2يناير7 على موقع واي باك مشين.
- "إسلام ويب - البداية والنهاية - كتاب أخبار الماضين من بني إسرائيل وغيرهم - خبر ذي القرنين- الجزء رقم3"، islamweb.net، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 18 يونيو 2020.
- الهمدان, د حاتم، ذو القرنين: النبي المصري الذي طاف بالعالم وعلم الناس الدين والحضارة، E-Kutub Ltd، ISBN 9781780581750، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020.
- "التيجان في ملوك حمير • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة"، shamela.ws، مؤرشف من الأصل في 05 يوليو 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 يوليو 2018.
- لكتاب: المواعظ والاعتبار المؤلف: المقريزي نسخة محفوظة 06 أكتوبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- أبي العباس تقي الدين أحمد المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (الخطط المقريزية) 1-4 ج1، دار الكتب العلمية، ISBN 978-2-7451-2244-5، مؤرشف من الأصل في 18 يونيو 2020.
- أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد (01 يناير 2009)، الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام 1-4 ج2، Dar Al Kotob Al Ilmiyah دار الكتب العلمية، مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2020.
- عبدالرحمن بن محمد بن (14 يونيو 2016)، مقدمة ابن خلدون، دار الارقم بن ابي الارقم - بيروت / لبنان، ISBN 978-9953-442-99-0، مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2020.
- ولي الدين ابو زيد ابن، المقدمة تاريخ العلامة ابن خلدون، ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 21 مارس 2020.
- فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، حمدي بن حمزة أبو زيد.
- بوابة مصر القديمة
- بوابة أعلام
- بوابة التاريخ
- بوابة أدب
- بوابة الأديان
- بوابة القرآن
- بوابة الإسلام