سكوثيون

السكوثيون أو الإصقوث (من اليونانية: Σκυθία)[1][2][3][4][5][6] [7][8][9][10][11][12][13] [14][15] [16][17] هم شعب بدوي متنقل ينحدر من أصول إيرانية وهم من مملكة سيثيا (سكيثيا) ، حل محل السيريين الذي كانوا قد جاؤا من سهول روسيا، وقد نزح السكوثيون من سهول أوراسيا إلى جنوبي روسيا في القرن 8 ق م.[18][19][20]، واستقروا بغرب نهر الفولجا شمال البحر الأسود حيث كانوا علي صلة بالمستعمرات الإغريقية حول البحر الأسود. تعرف اليوم بشبه جزيرة القرم (أوكرانيا). تمكن السكوثيون من تأسيس إمبراطورية غنية وقوية استمرت لقرون عديدة قبل أن يخضعوا للسارماتيين بين القرنين الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي.

مملكة السكوثيين والمملكة البارثية عام 100 قبل الميلاد

معظم ما نعرفه اليوم عن تاريخ السكوثيين يأتي من الروايات التي دونها المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس، والذي كان قد زار بلادهم. وقد نشرت تلك السجلات بعد دراستها من قبل علماء الأنتروبولوجيا (علم الإنسان) الروس. كما كتب عنهم أيضاً المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس ووصفهم بأنهم شعب ماجوج.

كان السكوثيين يثيرون إعجاب وخوف جيرانهم لخفة حركتهم ولبسالتهم في الحروب والمعارك، خصوصاً لمهارتهم بالفروسية حيث كانوا من أوائل الشعوب الذين تفننوا بركوب الخيل.

لمحة تاريخية

جلبت الهجرة السكوثيين من سهول أوراسيا إلى مقاطعات الكيميريين والذين كانوا يسيطرون بشكل تقليدي على القوقاز وعلى شمال البحر الأسود، وفي حرب استمرت ثلاثون عاماً تمكن السكوثيين من تدمير الكيميريين مؤسسين إمبراطوريتهم التي امتدت من غرب الإمبراطورية البارثية مروراً بسورية وفلسطين حتى حدود مصر. فقام الميديون حكام إيران آنذاك بمهاجمتهم وطردهم من أناطوليا، لتتحدد أخيراً أرض السكوثيين من بعد الحدود الفارسية حتى منطقة الكوبان على البحر الأسود جنوبي روسيا.

كانت قوة جيوش السكوثيين كافيةً تماماً لصد غزو جحافل الملك الفارسي داريوس الأول حوالي عام 513 ق.م.

في عام 339 ق.م قتل ملك السكوثيين آتياس عن عمر يناهز التسعين عاماً في معركة مع الملك المقدوني فيليب الثاني مما أوعز ببدء عصر الانحطاط، ودمرت الإمبراطورية السكوثية بشكل نهائي في القرن الثاني قبل الميلاد، وكان بالاكوس هو آخر ملوك السكوثيين.

مكتشفات أثرية للسكوثيين في كول أوبا في كيرش الواقعة شرقي شبه جزيرة القرم

الحضارة السكوثية

لم يكن السكوثيين يتميزون بقدرتهم على القتال فحسب بل أيضاً بأعمالهم ومخلفاتهم الحضرية، حيث طوروا طبقة من الأرستقراطيين الأغنياء الذين شجعوا على التوسع بالمهن والحرف وتركوا لنا اليوم قطعاً فنية فريدة من الذهب ومواد أخرى نفيسة. قامت نلك الطبقة من الزعماء (شيوخ العشائر) أو السكوثيين الملكيين من تثبيت أنفسهم كحكام لمقاطعات جنوب روسيا والقرم. وفي تلك المنطقة تمكن الباحثون من اكتشاف أبرز وأهم آثار الحضارة السكوثيية.

كان السكوثيين يحكمون من قبل ملك تنتقل سلطته بعد الوفاة إلى ابنه، وفي زمن المؤرخ هيرودوتس كانت العائلة الملكية السكوثيية قد تزاوجت مع اليونانيين.

كان لهم فنونهم التي نشأ منها فن السلت (مادة) بأوربا. وكان لهم فنونهم في لورستان (مادة) بمنطقة زاجورس البينية بين إيران والعراق حيث ازدهرت الصناعات البرونزية ما بين سنتي 1100ق.م. – 700ق.م. وتميزت بتشكيل الحيوانات والإنسان في تزيين الأسلحة وصناعة لقم ألجمة الأحصنة والدبابيس. واندمج هناك الإسكوثيون الذين جاؤا من القوقاز مع الكاشيويين (مادة) وطوروا صناعاتهم البرونزية حوالي سنة 2000ق.م.. ويعتبرون أسلاف الفرس والميديين (مادة). وكانت لغتهم الهندو-أوربية.

الجيش السكوثي

كانت عناصر الجيش السكوثيي تتألف بشكل أساسي من رجال أحرار لم يكونوا يتلقون من أجرٍ سوى المأكل والملبس اللازم لهم، ولكنهم كانوا يتشاركون غنائم الحرب فيما بينهم في حضور زعيم الأعداء المدحورين.

العديد من محاربيهم كانوا يرتدون الخوذات البرونزية ذات الطراز اليوناني والدروع المسلسلة، سلاحهم الرئيسي كان القوس ذو الحدبتين مع السهم ثلاثي الوريقات، أما سيوفهم فكانت مشابهة للسيوف الفارسية. وكان لكل سكوثي تقريباً مطيةً شخصية، وامتلك الأغنياء منهم قطعان كبيرة من الخيول والتي غالباً ماكانت من فصيلة الخيول المغولية.

الثقافة والمجتمع

بما أنه لم يكن للسكوثيين لغة مكتوبة، فلا يمكن جمع ثقافتهم غير المادية إلا من خلال كتابات من قبل مؤلفين غير سكوثيين، وشعوب إيرانية أخرى عاصرتهم في ذلك الوقت، ومجموعة من الأدلة الأثرية.

الانقسامات القبلية

عاش السكوثيون في قبائل كونفدرالية، وهو شكل سياسي من أشكال الارتباط التطوعي الذي كانوا ينظمون مراعيهم من خلاله، ويعمل عبر تنظيم دفاع مشترك ضد القبائل المجاورة التي تعتدي عليهم، والتي كانت أغلبها من رعاة الماشية الذين استأنثوا الخيول. في حين أن إنتاجية تربية الحيوانات المستأنسة تجاوزت إنتاجية المجتمعات الزراعية المستقرة بكثير، كان يحتاج الاقتصاد الرعوي إلى إنتاج زراعي تكميلي أيضًا، فأجرت اتحادات البدو الرّحل تحالفات تعايشية أو قسرية مع الشعوب المستقرة بمقابل حصولها على المنتجات الحيوانية وتقديم الحماية العسكرية. يروي هيرودوت أن ثلاث قبائل رئيسية من السكوثيين انحدرت من ثلاثة أبناء للتارغيتوس هم ليبوكسياس، وأربوكسياس، وكولاكسياس. أطلقوا على أنفسهم اسم السكولوتيين، على اسم أحد ملوكهم. كتب هيرودوت أن قبيلة أوشاتاي قد انحدرت من ليبوكسيس، أما الكاتياري والترابسيين فقد انحدرتا من أربوكسياس، والبارالاتييه (السكوثيون الملكيون) من كولاكسياس، الذي كان الأخ الأصغر لهم. وفقًا لهيرودوت، كان السكوثيون الملكيون أكبر وأقوى القبائل السكوثية، إذ كتب عنهم «لقد كانوا أعلى مرتبة من جميع تلك القبائل التي كانت كالعبيد بالنسبة لهم».

على الرغم من أن الباحثين قد عدّوا القبائل الثلاث على أنها متميزة جغرافيًا، فقد رأى جيورجيس دوميزيل الهبات الإلهية على أنها تشكل رموزًا للمهن الاجتماعية، موضحًا رؤيته الثلاثية للمجتمعات الهندو أوروبية المبكرة: يرمز كل من المحراث والنير (المَلحَم) للمزارعين، ويرمز الفأس للمحاربين، والوعاء للكهنة. كان آرثر كريستنسن الباحث الأول الذي قارن الطبقات الثلاثة للمجتمع السكوثي بطبقات الطوائف الإثنية الهندية. بحسب لدومزيل «قد تفسر محاولات الاعتداء غير المثمرة للأربوكسيين، والليبوكسيين، على عكس الناجحة لدى الكولاكسيين السبب في أن أعلى الطبقات لم تكن للمزارعين أو السحرة، بل للمحاربين».

الحرب

كان السكيثيون شعبًا محاربًا. عندما تبدأ الحرب، سيشارك جميع السكان البالغين تقريبًا، بمن فيهم عدد كبير من النساء في المعركة. أشار المؤرخ الأثيني ثوسيديديس إلى أنه لا يمكن لأي شخص في أوروبا أو آسيا مقاومة السكوثيين دون مساعدة خارجية.

كان السكوثيون معروفون بشكل خاص في مهاراتهم في الفروسية، واستخدامهم المبكر للأقواس المركبة وهم يركبون على ظهور الخيل. بفضل قدرتهم الكبيرة على الحركة، يمكن للسكوثيين أن يتصدوا لهجمات غالبية الجنود المُشاة، والفرسان، ويدفعونهم للتراجع إلى السهوب. أتعبت هذه التكتيكات التي اتبعوها أعداءهم، مما سهّل عليهم هزيمتهم. وكان السكوثيون محاربين عدوانيين سيئيّ السمعة. حكمهم عدد قليل من النخبة المتحالفة مع بعضها البعض، واشتهر السكوثيون برماة السهوم، واكتسب الكثير منهم وظائف كمرتزقة. كان للنخب السكوثية مقابر كورغان (جثوة)، التي كانت عبارة عن تلال عالية مكوّمة فوق مقابر حجراتها من خشب صنوبر الأرزية (أو اللاريكس)، وهي صنوبرية نفضية (أو ساقطة، أي تفقد أوراقها في الخريف، وينمو عليها أوراق جديدة في الربيع) يُعتقد أنها كانت ذات أهمية خاصة كشجرة لتجدّد الحياة، لأنها تقف عارية الأوراق في فصل الشتاء.

يرجع تاريخ كنز زيوي، الذي كان كنزًا من الذهب والمعادن الفضية والعاج، والذي وُجد بالقرب من بلدة ساكيز جنوب بحيرة أورميا، إلى ما بين 680 و625 قبل الميلاد، واحتوى الكنز على أشكال ذات ملامح سكوثية من «نمط حيواني». يحتوي أحد الأطباق الفضية الذي وجد في الكنز على نقوش، ما تزال رموزها حتى الآن غير مفسّرة، وربما تمثل شكلاً من أشكال الكتابة السكوثية.

واشتهر السكوثيون في استخدامهم للسهام الشائكة والمسمومة باختلاف أنواعها، لأنها ناسبت حياتهم البدوية التي تركزت بشكل أساسي على استخدام الخيول، وبحسب هيرودوت «لقد تغذوا على دماء الخيول»، واشتهروا أيضًا بمهارتهم العالية في حرب العصابات.

قد تكون بعض الثقافات السكوثية-السارماتية هي التي أدت إلى ظهور قصص يونانية عن الأمازونيات. عُثر على مقابر للإناث المسلحات في جنوب أوكرانيا وروسيا. كتب ديفيد أنتوني، «نحو 20% من قبور المحاربين السكوثيون-السارماتيون في مناطق الدون السفلى والفولجا السفلى تحتوي على نساء يرتدين ملابس للمعركة كما لو كُن رجالًا، وقد يكون ذلك هو مصدر الإلهام للحكايات اليونانية حول الأمازونيات».

المصادر

  1. Mirfatih Zekiyev Türklerin ve Tatarların kökeni syf; 143-178 Selenge yayınları Ağustos 2007
  2. Tarhan, M. Taner – "Ön Asya Dünyası'nda İlk Türkler Kimmerler ve İskitler" Türkler Ansiklopedisi, C. I, Ankara 2002, s. 597
  3. Kazi Laypanov / İsmail Miziyev Türk Halklarının kökeni Selenge yaınları 2008 syf 77-101
  4. GÜLER, Ali 2001 Türklük Bilgisi, Tamga Yayıncılık, ANKARA 34
  5. MEMİŞ, Ekrem1987 İskitler’in Tarihi, Selçuk Üniversitesi Yayınları, KONYA syf 79-80
  6. Cahill, Patricia A. Unto the breach: martial formations, historical trauma, and the early modern stage (2008), Oxford University Press, sf. 45 نسخة محفوظة 2014-09-18 على موقع واي باك مشين.
  7. The ancient history of the east by Philip Smith, Page 474 : The Sacae were, in fact, the nomad race whom the Persians found on their northern frontier, along which they extended from Asterabad to Balkh, in the area, and probably as the ancestors, of the present "Turcomans and Uzbeks". The Sacaa appear to have belonged to the "Turkish stock", perhaps with a Mongolian inteimixture
  8. The library of photius V1 , page 73 : The "Turks", formerly called "Massagetae" ( a tribe of Scythians) , and by the Persians Kirmikhiones, who live to the east of the Tanais (Don)
  9. A History of All Nations from the Earliest Times by Samuel Griswold, page 357: The tribes of barbarians who inhabited the wide tract of country to the east of the Caspian Sea received from the ancients the general name of "Scythinans" they are now known to Europeans under the appellation of "Tartars". Although this country has been from time to time subject to a succession of warlike nations, they have probably all been derived from the same original stock for, though known to the rest of the world by various names, their habits and character have always been the same. The "Scythians" of the Greeks do not differ essentially from the modern "Tartars:. Before the time of Alexander, the region called Transoxiana was inhabited by a nation known under the general name of Sacae of these the Geta and Massaget were powerful tribes
  10. Travels in Tartay, Thibet and China by M.Huc page 307: The "Tartars", descended from the ancient "Scythians", have preserved to this day the dexterity of their ancestors in archery and horsemanship
  11. A history of India by Phd Augustus Frederic Rudolf, page 43: In the meantime there had appeared on the borders of India a formidable foe who soon overthrew the whole of the Graeco-Bactrian kingdoms. These were the "Sakas", a section of the great "Turki", or "Scythian" race
  12. The story of the nations Parthia by Phd George Rawlinson, page 31
  13. Hunted through central Asia , Paul Nazaroff, 2002 , Page 123: There is no doubt as Professor Mischenko thinks that the "Scythian" tribe of "Massagetae" where nothing more nor less than the ancestors of the "Kirghiz"(a Turki nation) of today in the Turagi province. Where the name survives in the river Massagatka and the mountain Mussagat"
  14. Don García de Silva Figueroa, from book Totius legationis suae et Indicarum rerum Persidisque commentarii, Page 123: "There is no doubt that the "Turkmens" are of the "Scythian" or Asian Tatars, and they can not be doubted as they are "Turk", because in addition to the nominal and characteristic similarities, of when they had entered Persian empire from Asia minor, their Turkish origins is known and undoubtable for themselves and for the Persians"
  15. Sir William Smith : Dictionary of Greek and Roman Geography: Abacaenum Hytanis : p 1097: "Now between these limits lay the Scythian of Herodotus, That the "Scythians" of Herodotus belonged to the great "Turk" " family
  16. Alexanderian Mirror [ Persian Ayne Eskandari] by persian scholar Mirza Agha Khan Kermani , page 81 : This "tartarian" tribes who lived around the river Jaxartes divided into three branches: first Sac that are known by name Sit an Sac (Scythian), second Massagate , and the third tribe is Saget which is known by name Khetas
  17. F. R. Grahame, the Empires of Scythia, Page 10, Such were the Monarchies of Huns, the Igours and, Avars ; The Chazars, Polotzi, and Mongols, While the Ottoman "Turks" who are also "Scythian" in origin and descent
  18. "معلومات عن سكوثيون على موقع id.ndl.go.jp"، id.ndl.go.jp، مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2020.
  19. "معلومات عن سكوثيون على موقع enciclopedia.cat"، enciclopedia.cat، مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  20. "معلومات عن سكوثيون على موقع catalogue.bnf.fr"، catalogue.bnf.fr، مؤرشف من الأصل في 28 مايو 2017.

وصلات خارجية

  • بوابة علم الآثار
  • بوابة كازاخستان
  • بوابة ما قبل التاريخ
  • بوابة روسيا
  • بوابة إيران
  • بوابة أوكرانيا
  • بوابة حضارات قديمة
  • بوابة الشرق الأوسط القديم
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.