يحيى بن زكريا
يحيى بن زكريا، وهو من أنبياء بني إسرائيل، نسبه يحيى بن زكريا بن حنَّا ويقال زكريا بن دان ويقال زكريا بن أدن بن مسلم بن صدوق بن محمان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برحبة بن ناخور بن سلون بن بهفانيا بن حاش بن أني بن خثعم بن سليمان بن داود.[1]
يحيى بن زكريا | |
---|---|
السابق، الصابغ، البشير، الشهيد، المعمدان | |
الولادة | 1 ق.م بني إسرائيل |
الوفاة | 30 بعد الميلاد بني إسرائيل |
مبجل(ة) في | المسيحية، الإسلام، الصابئة المندائية، اليهودية |
النسب | يحيى بن زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن حشبان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخيا بن بلعاطة بن ناحور بن شلوم بن يهوشافاط (بهفاشاط) بن إينامن بن رحيعم بن سليمان بن داود بن إيشار بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن نحشون بن عميناذب بن أرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. |
كرمه الله وهو من سماه يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ،(1)واختلف في سبب تسميته بيحيى، قال ابن عبّاس: لأنّ الله تعالى أحيا به عقر أمّه، وقال قتادة: لأنّ الله أحيا قلبه بالإيمان والنبوّة، وقال الحسين بن الفضل: لأنّ الله أحياه بالطاعة[2]
أوتي النبوة وهو في عهد الصبا، فكان ينهى النَّاس عن الذنوب ويأمر بالمعروف ويُعمِّد النَّاس ليتخلصوا من الخطايا، وقد أخذ المسيحيين عنه تلك الطريقة في التعميد وسمّوه «يوحنا المعمدان»[3] قيل أنه لمّا ولد رفع إلى السماء ثم أنزل إلى أبيه بعد أن فطم، فكان يضئ البيت لنوره.[2]
علمه الله الكتاب والحكمة وهو صغير في حال صباه قال تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا . وقال عبد الله بن المبارك: قال معمر: قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب. فقال: ما للعب خلقنا. قال: وذلك قوله «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً».
يحيى بن زكريا في الإسلام
جزء من سلسلة الإسلام عن |
الأنبياء المذكرون في القرآن |
---|
بوابة الإسلام |
ذُكر اسم يحيى في القرآن خمس مرات وهي:
- فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (2)
- وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (3)
- يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (1)
- يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (4)
- فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (5)
وقد رويت قصته مع أبيه زكريا في القرآن في سورة مريم إذ كان زكريا يناجي الله أن يرزقه ولدًا بعد أن طعن في السن وكانت زوجة زكريا عاقرًا، فوهبه الله يحيى بالرغم من عقم زوجته وكبرها في السن.
وجاء ذكره في عدد من الأحاديث النبوية، منها ما رواه أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان، ثنا أبو خلف موسى بن خلف، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده ممطور، عن الحارث الأشعري أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ أوحَى إلى يحيَى بنِ زكريَّا بخمسِ كلماتٍ أن يعملَ بهنَّ ويأمرَ بني إسرائيلَ أن يعملوا بهنَّ فكأنَّه أبطأ بهنَّ فأتاه عيسَى فقال إنَّ اللهَ أمرك بخمسِ كلماتٍ أن تعملَ بهنَّ وتأمرَ بني إسرائيلَ أن يعملوا بهنَّ فإمَّا أن تُخبرَهم وإمَّا أن أخبرَهم فقال يا أخي لا تفعلْ فإنِّي أخافُ إن سبقتَني بهنَّ أن يُخسَفَ بي أو أعذَّبَ قال فجمع بني إسرائيلَ ببيتِ المقدسِ حتَّى امتلأ المسجدُ وقعَدوا على الشُّرفاتِ ثمَّ خطبهم فقال إنَّ اللهَ أوحَى إليَّ بخمسِ كلماتٍ أن أعملَ بهنَّ وآمرَ بني إسرائيلَ أن يعملوا بهنَّ أولاهنَّ لا تُشرِكوا باللهِ شيئًا فإنَّ مَثلَ من أشرك باللهِ كمثلِ رجلٍ اشترَى عبدًا من خالصِ مالِه بذهبٍ أو ورِقٍ ثمَّ أسكنه دارًا فقال اعملْ وارفعْ إليَّ فجعل يعملُ ويرفعُ إلى غيرِ سيِّدِه فأيُّكم يرضَى أن يكونَ عبدُه كذلك فإنَّ اللهَ خلقكم ورزقَكم فلا تُشرِكوا به شيئًا وإذا قمتُم إلى الصَّلاةِ فلا تلتفتوا فإنَّ اللهَ يُقبِلُ بوجهِه إلى عبدِه ما لم يلتفتْ وأمركم بالصِّيامِ ومَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ في عصابةٍ معه صُرَّةُ مِسكٍ كلُّهم يحبُّ أن يجدَ ريحَها وإنَّ الصِّيامَ أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ وأمركم بالصَّدقةِ ومَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ أسره العدوُّ فأوثقوا يدَه إلى عنقِه وقرَّبوه ليضربوا عنقَه فجعل يقولُ هل لكم أن أفديَ نفسي منكم وجعل يُعطي القليلَ والكثيرَ حتَّى فدَى نفسَه وأمركم بذكرِ اللهِ كثيرًا ومَثلُ ذلك كمثلِ رجلٍ طلبه العدوُّ سِراعًا في أثرِه حتَّى أتَى حصنًا حصينًا فأحرز نفسَه فيه وكذلك العبدُ لا ينجو من الشَّيطانِ إلَّا بذكرِ اللهِ».[4] وهناك أحاديث أخرى لكن فيها الضعيف والمنكر والمدلس
صفاته
يحيى أوّل من أقرّ بعيسى عليه السلام وصدّقه فقد كانت أم يحيى تقول لمريم: إنى أرى ما في بطنى يسجد لما في بطنك وكان يحيى أكبر من عيسى بستّة أشهر[2]وقد وصفه كعب الأحبار بقوله: كان يحيى بن زكريّا عليهما السلام حسن الوجه والصّورة، ليّن الجناح، قصير الأصابع، طويل الأنف، مقرون الحاجبين، رقيق الصوت، كثير العبادة، قويّا في طاعة الله عزّ وجلّ وقد ساد الناس في عبادته[5]
وقال إسرائيل: كان عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا ابني خالة وكان عيسى يلبس الصوف، وكان يحيى يلبس الوبر، ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم، ولا عبد ولا أمة، ولا ما يأويان إليه، أينما جنهما الليل أويا، فلما أرادا أن يتفرقا قال له يحيى : أوصني، قال: لاتغضب، قال لا أستطيع إلا أن أغضب، قال فلا تقتن مالًا، قال أما هذه فعسى.[6]
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ يَحْيَى، كَانَ كَثِيرَ الِانْفِرَادِ مِنَ النَّاسِ، إِنَّمَا كَانَ يَأْنَسُ إِلَى الْبَرَارِي، وَيَأْكُلُ مِنْ وَرَقِ الْأَشْجَارِ، وَيَرِدُ مَاءَ الْأَنْهَارِ، وَيَتَغَذَّى بِالْجَرَادِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيَقُولُ: مَنْ أَنْعَمُ مِنْكَ يَا يَحْيَى.
وذكر الله بره بوالديه وطاعته لهما أمراً ونهياً وترك عقوقهما قولاً وفعلاً فقال: «وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً».
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: فَقَدَ زَكَرِيَّا ابْنَهُ يَحْيَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَخَرَجَ يَلْتَمِسُهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، فَإِذَا هُوَ قَدِ احْتَفَرَ قَبْرًا وَأَقَامَ فِيهِ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أَنَا أَطْلُبُكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَنْتَ فِي قَبْرٍ قَدِ احْتَفَرْتَهُ، قَائِمٌ تَبْكِي فِيهِ؟! فَقَالَ: يَا أَبَتِ، أَلَسْتَ أَنْتَ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَفَازَةً لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِدُمُوعِ الْبَكَّائِينَ؟ فَقَالَ لَهُ: ابْكِ يَا بُنَيَّ، فَبَكَيَا جَمِيعًا. وَهَكَذَا حَكَاهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَمُجَاهِدٌ بِنَحْوِهِ. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ لِلَذَّةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، فَكَذَا يَنْبَغِي لِلصِّدِّيقِينَ أَنْ لَا يَنَامُوا؛ لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ نَعِيمِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ . ثُمَّ قَالَ : كَمْ بَيْنَ النَّعِيمَيْنِ وَكَمْ بَيْنَهُمَا. وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ، حَتَّى أَثَّرَ الْبُكَاءُ فِي خَدَّيْهِ مِنْ كَثْرَةِ دُمُوعِهِ.[7]
أما قول الله عنه: «وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ» فقيل المراد بالحصور الذي لا يأتي النساء. وقيل غير ذلك، وهو أشبه لقوله «هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً».[8]
وفاته
لم تذكر الكتب المدة التي عاشها نبي الله يحيى. من المعروف أنه ولد في السنة التي ولد فيها السيد المسيح، وذبح وهو في المحراب تنفيذاً لرغبة هيروديا من قِبل الملك هيرودوس.
وذكروا في قتله أسباباً من أشهرها أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزوّجها، فنهاه يحيى عن ذلك، فبقي في نفسها منه، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها استوهبت منه دم يحيى، فوهبه لها، فبعث إليها من قتله وجاء برأسه ودمه في طست إليها، فيقال أنها هلكت من فورها وساعتها. وقيل: بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها، فلما يئست منه تحايلت في أن استوهبته من الملك، فتمنع عليها الملك، ثم أجابها إلى ذلك، فبعث من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في طست.
ثم اختلف في مقتل يحيى بن زكريا هل كان بالمسجد الأقصى أم بغيره على قولين. فقال الثوري عن الأعمش عن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبياً منهم يحيى بن زكريا.
وقد نص ابن كثير في البداية والنهاية أنهما ممن قتل قبل تسليط بختنصر على بني إسرائيل، وقد ذكر أيضاً حديثاً في قتلهما، ولكنه ضعفه ونسبه إلى النكارة.
ووردت عدة آثار عن الصحابة والتابعين في قتلهما ذكرها الطبري وابن كثير، والظاهر أنها مأخوذة من أهل الكتاب، ومن أصحها ما روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عروة بن الزبير قال: ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، فذهب فأتاها برأسه في طست. وقال بعضهم أنه رفع إلى السماء استدلالاً بقوله تعالى: وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (6)، فقيل أن السلام في الموت معناه أنه لم يقتل.
يوجد مقام للنبي يحيى أو (يوحنا المعمدان) داخل الجامع الأموي في مدينة دمشق، وتوجد كنيسة القديس يوحنا المعمدان في القدس تزار حتى يومنا هذا.
يحيى بن زكريا في الديانات الأخرى
يحيى بن زكريا في الصابئة المندائية
يعتبر الصابئة المندائيون يحيى بن زكريا أهم أنبيائهم وآخرهم، ويعتبرونه الشخص الذي أحيى هذه الديانة، له مكانة سامية جداً بهذه الديانة ويسمى بيهيا يهانا ويهيا يهانا مصبانا ويعني يحيى الصابئي، ويُنسب إليه كتاب بسمى تعاليم ومواعظ النبي يحيى، كما وردت فصول بكتاب ديانة الصابئة كنزا ربا يُنسب إضافها للنبي يحيى.
يحيى بن زكريا في المسيحية
في المسيحية يسمى يوحنا المعمدان (كان يعمّد الناس أي يغسلهم في النهر ليتوبوا عن الخطايا) وهو من عمّد يسوع المسيح.
هامش
المراجع
- ابن كثير, أبو الفداء إسماعيل بن عمر، عبد الله بن عبد المحسن التركي (المحرر)، البداية والنهاية (ط. الاولى، 1997م)، دار هجر للطباعة والنشر، ص. 2/ 294.
- النويري، "كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب - مولد يحيى بن زكريا -"، المكتبة الشاملة الحديثة، ص. 200، اطلع عليه بتاريخ 12 يونيو 2021.
- الزحيلي, وهبة، "التفسير الوسيط للزحيلي"، المكتبة الشاملة الحديثة، مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 12 يونيو 2021.
- "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، 13 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 يونيو 2021.
- "كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب"، المكتبة الشاملة الحديثة، 13 يونيو 2021، مؤرشف من الأصل في 13 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 يونيو 2021.
- البدابة والنهاية طبعة هجر - ابن كثير- 2/405
- البداية والنهاية ط هجر - ابن كثير - 2/ 409- 410
- ابن كثير، قصص الأنبياء.
طالع أيضًا
- بوابة إسرائيل
- بوابة أعلام
- بوابة القرآن
- بوابة الإسلام
- بوابة المسيحية