شعيب

النبي شعيب كما جاء في القرآن أو رعوئيل[2] كما جاء في التوراة، ويقال له بالسريانية يثرون، وهو نبي عربي عُرف بخطيب الأنبياء لحكمته وفصاحته،[3] يقال أن جدته أو أمه هي بنت لوط، والثابت في نسبه أنه من سلالة إبراهيم واختلفت الأقول حول أسماء وتسلسل أبائه إلى إبراهيم،[4] أُرسل شعيب إلى قوم مَدْيَن أو ما عُرف عند المفسرين بأصحاب الأيكة، كانت ديار قوم مدين تمتد ما بين الأطراف الشمالية للحجاز إلى الأطراف الجنوبية للشام، كما توجد أثار لمساكنهم باقية إلى اليوم في شمال غربي الحجاز بمحافظة البدع[5][6][7] بمنطقة تبوك، المملكة العربية السعودية، يعتقد أن النبي شعيب عاش ما يقارب 242 سنة.

شعيب
خطيب الأنبياء
الولادة القرن 16 قبل الميلاد
مدين
الوفاة القرن 15 قبل الميلاد
مدين
مبجل(ة) في الإسلام، مذهب الموحدون الدروز،[1] اليهودية، المسيحية
النسب شعيب بن ميكائيل بن يشجب بن مدين بن إبراهيم الخليل.
الكهوف في ما كان يسمى مدين، أو ما يعرف الآن بالمنطقة الجبلية لمدينة تبوك في المملكة العربية السعودية

نسبه

أختلف في نسب شعيب على أقوال كثيره، منها الآتي:

ما ورد عنه

ذُكر النبي شعيب في القرآن 11 مرة. حسب النص القرآني بعث الله تعالى نبيه شعيباً في قومه (مدين[13] وكان قوم مدين أهل تجارة وزراعة وتمر بديارهم واحدة من أهم الطرق التجارية أنذاك، إلا أنهم كانوا يتعاملون مع الناس بالغش والمكر والخداع، فهم إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويزيدون عما يستحقون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وينقصون، ولا يعطونهم ما يستحقون. فنهاهم شعيب من مغبة هذه الأفعال الشنيعة والمعاملات السيئة فلم يأبهوا بما يقول.[14] وسلك قوم مدين طريق البغي والضلال فراحوا مع هذه الأعمال المشينة يشركون بالله تعالى ويتوعدون شعيباً والذين آمنوا معه بالعذاب والطرد [15] ، ثم جرت سنة الله في القوم الظالمين (الهلاك) بعدما تمادوا في الباطل وساروا في طريق الغي والضلال.[16] كما ذكر القرآن أن الله بعث شعيباً إلى أصحاب الأيكة،[17] فراح القوم يعبدون الأيكة (الأيكة هي الغيضة الملتفة الأشجار) من دون الله تعالى إضافة إلى تطفيفهم في الكيل والميزان، فذكرهم شعيب بعاقبة هذا الأمر فردوا عليه بالتكذيب لنبوته فطالهم من الله عذاب عظيم.[18]

والمفهوم لدى المسلمين أن شعيب يعد واحداً من الأنبياء العرب المذكورين بالاسم في القرآن، مع الأنبياء العرب الآخرين صالح، وهود، وإسماعيل ومحمد. ويقال انه كان معروفاً من قبل المسلمين الأوائل بأنه "الواعظ البليغ بين الأنبياء"، لأنه كان قد مُنح موهبة وبلاغة في لغته.[19]

وأحياناً يُعَرَّف شعيب بأنه يثرون كاهن مديان المذكور في العهد القديم، رغم عدم تطابق ما ينسب إليهما من أفعال وأحداث في الدينين الإسلامي واليهودي. يذكر العهد القديم أن يثرون (بالإنجليزية: Jethro)‏ هو حمو موسى، وهو كاهن مديان الذي لجأ إليه موسى عندما هرب من فرعون ملك مصر وتزوَّج ابنته صفّورا. هو أيضا نبي ذو مكانه فريده في دين/ مذهب الدروز، ويعتبر من أسلاف الدروز، حيث يُقدس الموحدون الدروز شعيب أحد أنبياء العرب، ويعدونه المؤسس الروحي والنبي الرئيسي في مذهب التوحيد.[20][21][22][23][24]

في الدين الإسلامي

آمن شعيب بنبي الله إبراهيم، وهاجر معه ودخل معه دمشق، وكان فصيحاً مفوهاً حيث كان بعض السلف يسمي شعيبًا بخطيب الأنبياء لفصاحته وحلاوة عبارته وبلاغته في دعوة قومه إلى الإيمان. أُرسِل شعيب إلى أهل مَدْيَن برسالته كما جاء بالقرآن ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٨٥ [الأعراف:85]. كان أهل مدين قوم كفار ضالين يعبدون الأيكة، والأشجار والنباتات إضافة إلى أنهم سيئ الخلق والأخلاق حيث كانوا ينقصون المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم شعيب إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل.

لم تكن قضية نبي الله شعيب قضية توحيد، وألوهية فقط، بل إنه كذلك كان تعديل وتقويم لأسلوب حياة الناس، فبدأ شعيب في توضيح أمور سوء تعاملهم وكما وصف ذلك في المصحف الشريف ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ٨٤ [هود:84]، ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم ولم يعطوا الناس حقهم، فقد كان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء وشطارة في الأخذ والعطاء.

فقال لهم نبيهم كما ورد في القرآن الشريف ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ٨٥ [هود:85]، وتوعدهم بالرجم والطرد من رحمة الله... ﴿وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ومذكر إياهم بما قد يكون قد بقي عندهم من أخلاق أو قيم ﴿بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ [هود:86] ما عند الله خير لكم ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [هود:86] وانه يريد الخير لهم وأنه ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم، إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه وأن كل ما يريده هو خير لهم ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ [هود:86].

أخذ قومه يحاججونه بأسلوب جدلي وتهكمي مريض وصف المصحف الشريف قولهم ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ٨٧ [هود:87]، كيف يتركوا عبادة آبائهم للأشجار والنباتات، وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده، أي جرأة من شعيب هذه؟. لم ييأس نبي الله شعيب من قومه فحاول إيقاظ مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم بقوم نوح، وبقوم هود، وبقوم صالح، وبقوم لوط، وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالله غفور رحيم. لكن كلام نبي الله شعيب زاد قومه أعراضاً وبعداً عنه قائلين كما وصف في المصحف الشريف ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا [هود:91].

لقد كان ضعيف بمقياسهم، ضعيف لأن الفقراء والمساكين هم فقط من اتبعوه، أما علية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم، إنه المقياس البشري الخاطئ، ونسوا وأنكروا أن القوة بيد الله، والله مع أنبياءه، واستمروا بكفرهم وتهديدهم قائلين كما جاء في المصحف الشريف... ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ [هود:91] فقالوا له: لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضرباً بالحجارة، فعندما أقام شعيب الحجة عليهم، غيروا أسلوبهم، فتحولوا من السخرية إلى التهديد.

لكن شعيب تلطف معهم متجاوزاً لإساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم... ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّه [هود:92].

لكن قوم شعيب وصلوا لحد ضاقوا به ذرعاً بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه، وقرروا الدخول بمرحلة جديدة من التهديد، فهددوه أولا بالقتل، ثم تحولوا بتهديدهم بطرده من قريتهم، فخيروه بين التشريد، أو العودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والنباتات، ولكن نبي الله شعيب أفهمهم أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها، لقد نجاه الله من ملتهم، أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد، فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟.

دخل الصراع والمكابرة بقوم شعيب بأن بدأوا يطالبوه بأن ينزل عليهم العقاب فأنتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. فراحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين، وراحوا يسألونه عن عذاب الله. فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية. وخرج شعيب والمؤمنين، وجاء أمر الله كما وصف بالمصحف الشريف﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ٩٤ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ٩٥ [هود:94–95]. جاءتهم غمامة كبيرة أظلتهم ففرحوا بها وتصوروا أنها تحمل لهم المطر ثم فوجئوا بالغضب، وأنهم أمام عذاب عظيم في يوم عظيم. أدركتهم صيحة جبارة من السماء جعلت كل واحد منهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه، لقد صعقت الصيحة كل مخلوق حي، فلم يستطع أي منهم أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه، كل ما استطاعه هو أن يجثم في مكانه مصروعا بالصيحة.

طالع أيضاً

مراجع

  1. Sandra Mackey (16 مارس 2009)، Mirror of the Arab World: Lebanon in Conflict (ط. illustrated, reprint)، W. W. Norton & Company، ص. 28، ISBN 9780393333749.
  2. خروج 2: 18
  3. إبراهيم يوسف (15 مايو 2003)، قبسات من مواكب النبوة - شعيب ويونس عليهما السلام، العبيكان للنشر، مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2020.
  4. بدر الدين، عمدة القاري شرح صحيح البخاري - الجزء الخامس عشر، ktab INC.، مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2020.
  5. جمال عبد، جزيره العرب الجزء الأول، IslamKotob، مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2020.
  6. سامي بن عبدالله (18 يونيو 2014)، أطلس تاريخ الأنبياء والرسل، العبيكان للنشر، ISBN 978-603-503-691-7، مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2020.
  7. أبي العباس تقي الدين أحمد بن (01 يناير 1998)، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (الخطط المقريزية) 1-4 ج1، Dar Al Kotob Al Ilmiyah دار الكتب العلمية، ISBN 978-2-7451-2244-5، مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2020.
  8. التفسير - الطبري - ج12 - الصفحة 554. نسخة محفوظة 2022-06-11 على موقع واي باك مشين.
  9. فتح القدير - الشوكاني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٤. نسخة محفوظة 2022-06-11 على موقع واي باك مشين.
  10. الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج١ - الصفحة ١١٩. نسخة محفوظة 2022-06-11 على موقع واي باك مشين.
  11. غريب الحديث - الحربي - ج٢ - الصفحة ٤٣٣. نسخة محفوظة 11 يونيو 2022 على موقع واي باك مشين.
  12. التفسير - أبو حيان الأندلسي - ج٤ - الصفحة ٣٣٩. نسخة محفوظة 2022-06-11 على موقع واي باك مشين.
  13. سورة الأعراف: اية 85 - 86
  14. سورة هود: اية 87
  15. سورة الأعراف: اية 88
  16. سورة الأعراف: اية 90 - 93
  17. سورة االشعراء: اية 176 - 179
  18. سورة االشعراء: اية 185 - 191
  19. ابن كثير، إسماعيل، قصص الأنبياء. ص. 220
  20. Corduan, Winfried (2013)، Neighboring Faiths: A Christian Introduction to World Religions، ص. 107، ISBN 0-8308-7197-7.
  21. Mackey, Sandra (2009)، Mirror of the Arab World: Lebanon in Conflict، ص. 28، ISBN 0-393-33374-4.
  22. Lev, David (25 أكتوبر 2010)، "MK Kara: Druze are Descended from Jews"، Israel National News، Arutz Sheva، مؤرشف من الأصل في 7 نوفمبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13 أبريل 2011.
  23. Blumberg, Arnold (1985)، Zion Before Zionism: 1838–1880، Syracuse, NY: Syracuse University Press، ص. 201، ISBN 0-8156-2336-4، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2020.
  24. Rosenfeld, Judy (1952)، Ticket to Israel: An Informative Guide، ص. 290.
  • بوابة أعلام
  • بوابة القرآن
  • بوابة الإسلام
  • بوابة الموحدون الدروز
  • بوابة المسيحية
  • بوابة اليهودية
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.