تسمم البيرة الإنجليزية 1900
في عام 1900 ، تسمم أكثر من 6000 شخص في إنجلترا بالبيرة الملوثة بالزرنيخ، مما أسفر عن موت 70 من مصاب. وقد كان سبب أزمة سلامة الأغذية هو دخول الزرنيخ في سلسلة التموين عن طريق السكر المشوب الذي تم إنتاجه باستخدام حمض الكبريت الملوث. وكان المرض سائداً في جميع أنحاء منطقة ميدلاندز وشمال غرب إنجلترا، بينما كانت مانشستر هي الأكثر تضرراً.[1] شُخصت الحالة في الأصل بشكل خاطئ على أنها اعتلال عصبي كحولي، ثم تم التعرف على الوباء الرئيسي فقط بعد عدة أشهر.[2] بالإضافة إلى ذلك، أسفر التحقيق عن أسباب تفشي الوباء إلى كشف مصادر أخرى للزرنيخ في البيرة، والتي كانت تسمم الآلاف دون علم في العقود السابقة للمأساة.[2][3]
التشخيص الخاطئ والتحقيق
و يُعد هذا التسمم الجماعي غير معتاد حيث أنه لم يُلاحظ لمدة أربعة أشهر. حيث أن الأطباء الذين زاروا المرضى الذين كانوا يشربون الخمر عادة والذين أظهروا ضعف العضلات وخدر في اليدين أو القدمين، ظنوا في البداية أن المرضى كانوا يعانون من «التهاب العصب الكحولي». ومع ذلك، لوحظت زيادة ملحوظة في عدد الحالات حيث استسلم 41 شخصًا إلى التهاب العصب المحيطي، أو التهاب العصب المتعدد أو التهاب العصب الكحولي، و 66 شخصًا كانوا يموتون من إدمان الكحول في الأشهر الأربعة للتفشي، بينما كشفت الأشهر السبعة السابقة فقط عن 22 حالة.[4]
في نهاية المطاف كانت هذه الحالات من التهاب العصب مرتبطة بحالات تغير لون الجلد الذي كان يُعتقد سابقا أنه غير مرتبط. كما أشار إرنست رينولدز، الطبيب المسؤول عن الربط، إلى أن مادة واحدة فقط قد تسبب هذه الأعراض: الزرنيخ. هو أيضًا لاحظ أنّ من يشرب بكثرة المشروبات الروحية بدا أقل تأثرًا مِن مَن يشرب بيرة. وقام بجمع العينات لتحليلها من الحانات التي يرتادها مرضاه، والتي أكدت وجود الزرنيخ في البيرة التي يستهلكونها.[2]
مصدر التسمم
بمجرد تحديد مصانع الجعة المتأثرة، تم إجراء تحقيق لمعرفة مكان وجود الزرنيخ. ووجد أن الزرنيخ كان موجودًا في سكر محول قدم إلى مصانع الجعة من قبل بوستوك وشركاه من جارستون. وذلك كان من أجل خفض التكاليف في سوق البيرة الإنجليزية ذات الهامش الضئيل، فقامت بعض مصانع الجعة باستبدال الشعير عالي الجودة بشعير ذي الجودة المنخفضة والمكمل بالسكر. وكانت هذه الممارسة مثيرة للجدل إلى حد ما. وكجزء من حركة البيرة النقية، تم فتح تحقيق حول استخدام بدائل التخمير. وكان ملخص هذا التحقيق، الذي بدأ في عام 1896 وانتهى عام 1899، إلى أن بدائل التخمير لم تكن «مواد ضارة» بموجب قانون بيع الأغذية والأدوية لعام 1875 وأنه لا يوجد حاجة لتشريعات أخرى.[5][6]
وأُنتج هذا السكر بواسطة التحلل الهيدرولوجي للنشاء، حيث تم تسخين النشاء مع وجود حمض من أجل تشكيل الجلوكوز. ولم تكن هذه الطريقة جديدة، وتم استخدامها تجاريًا منذ عام 1814 على الأقل.[7] استخدم بوستوك وشركاؤه حمض الكبريتيك لإجراء التحلل المائي. هذا الحمض الذي تم شراؤه من نيكلسون وأولاده، كان مصنوعًا من البيرويت الذي يحتوي على الزرنيخ، والذي ظل في المنتج النهائي.[2]
وقد قدم جون نيكلسون وأولاده، من ليدز، حمض الكبريتيك إلى بوستوك وشركاه منذ عام 1888. وبالنسبة لمعظم طول العلاقة التجارية، كان الحمض المقدم خالٍ من الزرنيخ. ومع ذلك في مارس 1900 بدأ نيكولسون بتزويد حمض الكبريتيك غير النقي الذي يحتوي على الزرنيخ. استمرت هذه الممارسة حتى نوفمبر عام 1900، عندما وجد أن الحمض هو سبب التفشي.[8] ادعى ال نيكلسون أنهم لا يعرفون طبيعة استخدام بوستوك للحمض وأنه كان بإمكانهم توفير حمض خال من الزرنيخ إذا طُلِب ذلك.[1]
مصادر بديلة للزرنيخ في البيرة
وبمجرد تحديد المصدر الرئيسي للتفشي على أنه تسمم بالزرنيخ، تم إجراء مزيد من التحري عن تلوث الجعة بالزرنيخ. وفي نهاية المطاف، وُجد أنه تم إدخال الزرنيخ أيضًا في البيرة عن طريق الشعير المملح. وذلك كان في مرحلة التجفيف من عملية صنع الجعة. ينخفض محتوى رطوبة الشعير عن طريق تجفيف الحبوب بالأبخرة الحارة للنار، التي يغذيها عادةً الكوك أو الفحم. وُجد أنه عندما يكون الزرنيخ موجودًا في الوقود، فإنه يمكن ترسبه على الشعير قبل النقع، وبالتالي سيكون موجودًا في المنتج النهائي.[2] كشفت التحقيقات في التفشي أن معظم حالات الاعتلال العصبي الكحولي المتوطنة في مانشستر في الواقع كانت تسممًا خاطئًا بسبب التسمم بالزرنيخ. حيث كان هذا الطريق البديل مسؤولًا عن تسمم الآلاف في السنوات التي سبقت تفشي المرض.[2][3]
تسمم البيرة هاليفاكس 1902
وأُعتبرت هذه الطريقة من التلوث هي سبب تفشي المرض في منطقة هاليفاكس في يناير وفبراير 1902 حيث لوحظ 13-14 حالة تسمم بالزرنيخ مع وجود 3 حالات وفاة. وكان السبب في هذه الحالة تجفيف الشعير على كوك الغاز.
رد الفعل
بعد الإبلاغ عن سبب التسمم من قبل وسائل الإعلام، لوحظ انخفاض كبير في استهلاك البيرة في المنطقة.[2]
وكانت استجابة صناعة التخمير مختلطة حيث كان هناك رد فعل قوي وفوري من بعض مصانع الجعة، بقيادة مصنع الجعة الكبير في مانشستر جروفز وويتنال، الذين ذهبوا إلى أبعد ما يمكن بإرسال البرقيات إلى جميع الحانات والنزل التي اشترت البيرة الخاصة بهم. استهلكت مصانع الجعة آلاف البراميل من البيرة بإغراقها في المجاري بالمدينة. وكانت مصانع الجعة الأخرى أبطأ في الاستجابة، حيث تم تسليم الغرامات إلى مصانع الجعة التي لا يزال من الممكن شراء عينات البيرة من قبل المحققين. بالإضافة إلى ذلك، تم تغريم حانة واحدة لبيع البيرة الملوثة بعد أن تم إخطارها بوجود الزرنيخ من قبل الشركة المصنعة.[2]
في لانكشاير، تمت محاكمة 23 حانة بسبب انتهاكات بموجب المادة 6 من قانون بيع الأغذية والأدوية لعام 1875.[2]
و قد انتهى الأمر ببوستوك وشركاه بالتصفية، ورفع دعوى قضائية ضد نيكولسون وأولاده عن الأضرار لخرق شرط ضمني بموجب قانون بيع السلع 1893. وتم سماع القضية من قبل السيد جاستيس بروس في المحكمة العليا. هذا وقد حكم القاضي على بوستوك بتحمل قيمة الحامض الملوث وقيمة منتجاته الفاسدة، ولكن لا توجد أضرار خاصة لفقدان الشهرة أو للأضرار التي يُطالب بها مصنعو البيرة والتي يتم تكبدها باستخدام المنتج الملوث في تصنيع السكر. نجا نيكلسون وأولاده وتم الاستحواذ عليها في وقت لاحق من قبل ب. لابورت (الآن لابورت بيه لسي).
أدى التسمم إلى تعيين لجنة ملكية برئاسة اللورد كلفن، والتي قدمت تقريرًا أوليًا في عام 1901 وتقريرًا نهائيًا في عام 1903.
آثار طويلة الأجل
كانت الآثار على سوق البيرة قصيرة الأجل واستأُنف استهلاك البيرة على مدار العام.[1] كما ألغى تقرير اللجنة محاولات إحياء حركة البيرة الصافية، وحقيقة أن الزرنيخ كان موجودًا في الشعير المملح والسكري.[6] يبدو أن ليس هناك أي آثار مباشرة على التشريعات الناجمة من الحادث.[1][6]
في عام 1901، لوحظ انخفاض كبير في معدل المواليد في مانشستر وسالفورد وليفربول. وكان هذا الانخفاض أكبر في المناطق الأكثر تضررا، مما دفع اللجنة الملكية إلى الاستنتاج بأن الوباء هو السبب.[3]
مراجع
- Chen, Chi-Ling (2011-05)، Health Hazards of Environmental Arsenic Poisoning، WORLD SCIENTIFIC، ص. 65–94، ISBN 9789814291811، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
{{استشهاد بكتاب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=
(مساعدة) - History of Beer and Brewing، Cambridge: Royal Society of Chemistry، ص. 1–31، ISBN 9780854046300، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
- "THE FINAL REPORT OF THE ROYAL COMMISSION ON ARSENICAL POISONING.1"، The Lancet، 162 (4190): 1746–1748، 1903-12، doi:10.1016/s0140-6736(00)75953-8، ISSN 0140-6736، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=
(مساعدة) - Luo, M؛ Shang, L؛ Brooks, M؛ Jiagge, E؛ Zhu, Y؛ Conley, S؛ Fath, MA؛ Harouaka, R؛ Merajver, SD (14 فبراير 2018)، "Abstract P1-02-09: Targeting breast cancer stem cell state equilibrium through modulation of redox signaling"، Cancer Research، 78 (4 Supplement): P1–02-09-P1-02-09، doi:10.1158/1538-7445.sabcs17-p1-02-09، ISSN 0008-5472، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
- [Phillips, Jim; French, Michael (2008). "The Pure Beer Campaign and Arsenic Poisoning, 1896–1903". Rural History. 9 (02): 195. doi:10.1017/S0956793300001576. ISSN 0956-7933. Phillips, Jim; French, Michael (2008). "The Pure Beer Campaign and Arsenic Poisoning, 1896–1903". Rural History. 9 (02): 195. doi:10.1017/S0956793300001576. ISSN 0956-7933.].
{{استشهاد ويب}}
: الوسيط|title=
غير موجود أو فارغ (مساعدة)، تحقق من قيمة|مسار=
(مساعدة) - John), French, Michael (Michael (2000)، Cheated not poisoned? : food regulation in the United Kingdom, 1875-1938، Manchester: Manchester University Press، ISBN 0719056055، OCLC 44100786، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
- Shamekh, S.؛ Mustranta, A.؛ Poutanen, K.؛ Forssell, P. (1998-09)، "Enzymatic Hydrolysis of Barley Starch Lipids"، Cereal Chemistry Journal، 75 (5): 624–628، doi:10.1094/cchem.1998.75.5.624، ISSN 0009-0352، مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ=
(مساعدة) - "Jarvis, Sir (Arnold) Adrian, (25 Oct. 1904–21 Jan. 1965), Chairman: Goldfields of Mysore & General Exploration Ltd; J. & A. Churchill Ltd; J. Jarvis & Sons Ltd; Jarvis Property Co.; Armstrong Whitworth Metal Industries Ltd; Director: Tor Investment Trust; National Employers Mutual Association Ltd; National Employers Life Co"، Who Was Who، Oxford University Press، 01 ديسمبر 2007، مؤرشف من الأصل في 27 مارس 2020.
- بوابة إنجلترا
- بوابة طب