كوليت خوري

كانت خوري رائدة في النسوية العربية، وكتبت في الخمسينيات قصصًا غاضبة عن الرجال «وأنانيتهم».[1] بدأت مسيرة خوري المهنية عام 1957 وامتدت لأكثر من ستة عقود. بدأت مسيرتها الأدبية بنشر مجموعة شعرية بالفرنسية بعنوان "Vingt Ans" (بيروت، 1958).[3] وفيها أعربت خوري عن استيائها من القيود الاجتماعية وفراغ حياتها وانعدام هدفها. كما وصفت محاولاتها للعثور على الخلاص من خلال الحب. نبعت الكثير من أعمال خوري من رغبتها في تجنب «الانتقام الصارخ»، وكانت الكتابة هي الطريقة الأفضل والوحيدة للتعبير عن نفسها.[4] كرست خوري أعمالها للانغماس في نفسية الأنثى، ولا سيما للدفاع عن حق المرأة في الحب. قالت خوري ذات مرة: «لأني شعرت دائمًا بالحاجة إلى التعبير عما يدور في داخلي... الحاجة إلى الاحتجاج، والحاجة إلى الصراخ... وبما أنني لم أرغب في الصراخ وأنا ممسكة بسكين، فقد صرخت بأصابعي وصرت كاتبة».[5] غطت العديد من قصص خوري مواضيع مثل الحب والشبقية، لا سيما من منظور الإناث. وكتبت خوري أكثر من عشرين رواية والعديد من المقالات السياسية والأدبية.

في عام 1959 صدمت العالم العربي برواية كتبت فيها علانية عن الحب. كان اسم هذه الرواية «أيام معه»، وقيل أنها المرة الأولى التي تكتب فيها امرأة بجرأة عن موضوع يعتبر من التابوهات في المجتمع السوري المحافظ.[6] استلهمت أيام معه من علاقة غرامية مع الشاعر السوري الأسطوري نزار قباني.[7] خلقت كوليت في قصتها امرأة قوية لم يكن حبها قوياً لدرجة أنه أعماها أو جعلها ضعيفة، وذلك من أجل الحفاظ على صورة القائدة القوية.[1] في القصة، البطلة والراوية ريم، هي ضد المجتمع وعائلتها، وتحاول تكوين هويتها الشخصية.[3] بينما توفي والدا ريم عندما كانت صغيرة، وبالتالي لا يمكنهما السيطرة على حياتها البالغة، لا يزال وجود والدها المهيمن يطاردها بعد وفاته.[3] تشعر ريم أيضًا بالاشمئزاز من الزواج في شكله التقليدي. في القصة، تقول بقوة: «لا! أنا لم أولد فقط لأتعلم الطبخ ثم لأتزوج وأنجب الأطفال وأموت! إذا كانت هذه هي القاعدة في بلدي، فسأكون الاستثناء. لا اريد ان اتزوج!».[3]

بعد ذلك بعامين، نشرت «ليلة واحدة» (1961)، التي حكت قصة ليلة قضتها الشخصية الرئيسية، رشا، مع رجل كان طيارًا في سلاح الجو الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية.[1] كانت هذه القصة أكثر إثارة للجدل بسبب عنصر الزنا واعتباره جانبا من جوانب التنوير الذاتي. تحاول البطلة المتزوجة رشا، أن تجد نفسها وتستعيد السيطرة على حياتها من خلال علاقة خارج نطاق الزواج بعد أن أجبرت على الارتباط برجل يبلغ من العمر 30 عامًا وهي في سن الخامسة عشرة.[3] يتعامل زوجها سالم مع الزواج على أنه صفقة تجارية تفتقر إلى العاطفة والرحمة.[3] يعامل سالم رشا كشيء وتعبّر عن إحباطها من ذلك بقولها: «هل فكرت ولو ليوم واحد أن هذه المرأة التي أحضرتها لتكملة أثاث منزلك كانت إنسانًا؟ إنها إنسان، تفضل ألف مرة مشاركتك بفكرة واحدة على أن تقدم لها أشهى الأطعمة».[3]

في كتابها «سنوات الحبّ والحرب»، والذي يتضمّن مقالات أدبية وقصصاً قصيرة كتبتها بين عامَي 1973 و1979، تمكّنت كوليت الخوري من تأريخ حرب تشرين (حرب السادس من أكتوبر). صدر الكتاب عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، ويقع في 334 صفحة من القطع الكبير،[8] ووفقا لمحمد خالد الخضر، يُظهر الكتاب حرص كوليت على رفع المستوى الأدبي في ما جاءت به نظراً إلى أهمية القصص التي أتت بها من الميدان العسكري ومن المشافي ومن ذوي الشهداء، لتكون كتاباتها «محمّلة بكرامة الجندي السوري وعنفوانه».[9]

من أقوالها المشهورة في أدب العقيد معمر القذافي: «كتاب القذافي القصصي هو عمل إبداعي فعلي، وهو في رأيي مجموعة أدبية غنية ضمّت القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية. وكان الكاتب متألقاً في كل هذه المجالات».[10]

من عام 1990 إلى 1995، عملت كوليت خوري كعضو مستقل في البرلمان السوري.[11] في عام 2008، تم تعيين كوليت مستشارة ثقافية للرئيس السوري بشار الأسد.[7][12][13] تكتب حاليًا في صحيفة البعث الحكومية السورية حول مجموعة واسعة من القضايا السياسية والأدبية.[14]

تزوجت كوليت مرتين وتطلقت من الموسيقار الإسباني رودريجو دي زياس،[15] وهو حفيد الدبلوماسي الأمريكي فرانسيس بورتون هاريسون ونجل الفنان المكسيكي ماريوس دي زياس. لدى كوليت وزياس ابنة، واسمها مرسيدس نارا دي زياس خوري.[15]

كانت علاقة خوري مع الشاعر السوري نزار قباني مصدر إلهام لها في روايتها عام 1961 أيام معه.[16]