وعد بلفور
وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس "وطن قوميّ للشعب اليهوديّ" في فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان). ونصها (مترجماً إلى العربيّة):
وعد بلفور Balfour Declaration | |
---|---|
وعد بلفور، كما كان موجوداً في الرسالة الأصليّة التي أرسلها آرثر بلفور إلى والتر روتشيلد | |
صياغة | 2 نوفمبر 1917 |
الموقع | المكتبة البريطانية |
محررو الوثيقة | والتر روتشيلد وآرثر بلفور وليو آميري واللورد ألفريد ميلنر |
الموقعون | آرثر جيمس بلفور |
الغرض | تأكيد دعم الحكومة البريطانية لتأسيس "وطن قوميّ" للشعب اليهوديّ في فلسطين، بمعاهدتين |
ويكي مصدر | وعد بلفور - ويكي مصدر |
جزء من سلسلة مقالات حول |
دولة إسرائيل |
---|
بوابة إسرائيل |
ضُمِّنَ هذا الوعد ضمن رسالة بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 مُوَجَّهَةٌ من وزير خارجيّة المملكة المتحدة آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العُظمى وإيرلندا. نُشر نص الوعد (أو الإعلان) في الصحافة في 9 نوفمبر/تشرين الثانيّ عام 1917.
وبعد إعلان المملكة المتحدة الحرب على الدولة العثمانية في نوفمبر 1914، بدأ مجلس وزراء الحرب البريطانيّ حالاً في النظر في مستقبل فلسطين. وبحلول آواخر 1917، قبيل إعلان بلفور، ووصولها في الحرب العالميّة الأولى إلى طريق مسدود، إذ لم تشارك حليفتا بريطانيا بالحرب بشكل كامل؛ فالولايات المتحدة لم تعاني من ضرر كبير بسبب الحرب، وكان الروس في خضمّ ثورة 1917. كُسرت حالة الجمود جنوب فلسطين بقيام معركة بئر السبع في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 1917.
يمكن إرجاع أول مفاوضات على مستوىً عالٍ بين البريطانيين والصهيونيِين إلى مؤتمرٍ أُجري في 7 فبراير من عام 1917، تضمَّن السير مارك سايكس والقيادة الصهيونية. قادت النقاشات التي تلت هذا المؤتمر إلى طلب بلفور في 19 يونيو من روتشيلد وحاييم وايزمان لتقديم مشروع إعلان عام. نُوقشت مشاريع واقتراحات أُخرى أبعد من قِبل مجلس وزراء بريطانيا خلال سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول مع مُدخلات صهيونيّة ومُعادية للصهيونيّة، ورئيس بلدية يافا الدكتور يوسف هيكل كن دون أي تمثيل للسكان المحليين لفلسطين. أُذن بالإفراج عن الإعلان النهائيّ بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول، وكان لمناقشات مجلس الوزراء هذه فوائد بإطلاق بروباغاندا بين أوساط اليهود حول العالم لنيّة الحلفاء في الحرب.
ومثلت الكلمات الأولى في نص الوعد، أول تعبير عام عن دعم قوة سياسية كبيرة للصهيونية. لم يكن لمصطلح "وطن قومي" (وَرد في نص الإعلان باللغة الإنجليزيّة national home) أي سابقة في القانون الدولي، وقد أُورد المصطلح غامضاً عمداً دون الإشارة إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين. كما لم يتم تحديد حدود فلسطين المعنيّة، وقد أكَّدت الحكومة البريطانيّة أن عبارة "في فلسطين" تشير إلى أن الوطني القومي اليهودي المُشار إليه لم يُقصد أن يُغطي كلَّ فلسطين. أُضيف الجزء الثاني من الوعد لإرضاء المعارضين لهذه السياسة، ممن ادعَوا أن هذا الإعلان سيضر بوضع السكان المحليِّين لفلسطين وسيشجع معاداة السامية الموجهة ضد اليهود في جميع أنحاء العالم. دعا الإعلان إلى حماية الحقوق المدنيّة والدينيّة للعرب الفلسطينيِّين، والذين كانوا يشكلون الأغلبية العُظمى من السكان المحليِّين لفلسطين آنذاك. اعترفت الحكومة البريطانيّة عام 1939 أنه كان من المفترض أخذ آراء السكان المحليين بعين الاعتبار، واعترفت عام 2017 بأنه كان ينبغي أن يدعو الإعلان لحماية الحقوق السياسيّة للعرب الفلسطينيِّين.
كان لهذا الوعد آثار طويلة الأمد كثيرة. فقد زاد هذا الوعد من الدعم الشعبيّ للصهيونيّة في أوساط المجتمعات اليهوديّة في أنحاء العالم، وقاد إلى قيام فلسطين الانتدابية، وهو المصطلح الذي يشير حالياً إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. ونتيجة لذلك، فقد تسبَّب هذا الوعد بقيام الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يُشار إليه غالباً بأكثر صراعات العالم تعقيداً. ولا يزال الجدال فيما يخصّ الوعد قائماً في كثير من النواحي، مثلاً الجدال فيما إذا كان الوعد يتعارض مع الوعود السابقة التي قطعها البريطانيُّون لشريف مكة خلال مراسلات الحسين – مكماهون.
خلفية
الدعم البريطاني السابق
قام الدعم السياسي البريطانيّ للوجود اليهوديّ المتزايد في منطقة فلسطين على حسابات جيوسياسيّة.[1][lower-roman 1] بدأ هذا الدعم في أربعينيات القرن التاسع عشر[3] وقاده اللورد بالمرستون بعد احتلال الحاكم العثماني الانفصاليّ لمصر محمد علي، احتلاله لسوريا وفلسطين.[4][5] بدأ النفوذ الفرنسي ينمو في فلسطين والشرق الأوسط عموماً كحامية للمجتمعات الكاثوليكية، كما بدأ النفوذ الروسي أيضاً بالنمو باعتبار روسيا حامية للأرثوذوكس الشرقيين في ذات المناطق. ترك هذا بريطانيا دون أي نفوذ في تلك المناطق، [4] لذا احتاجت بريطانيا أن تجد أو تخلق "من تحميه" في هذه المناطق.[6] دعمت المشاعر المسيحية المتعاطفة مع "إعادة اليهود" إلى فلسطين بين أوساط النخبة السياسيّة البريطانيّة منتصف القرن التاسع عشر، هذه الاعتبارات السياسيّة البريطانيّة، وكان من أبرز الشخصيّات الداعمة لهذا الأمر اللورد شافتسبري.[lower-roman 2] وقد شجَّعت وزارة الخارجيّة البريطانيّة هجرة اليهود بنشاط إلى فلسطين، ومثالها نصائح تشارلز هنري تشرشل في 1841-1842 لموسى مونتيفيوري زعيم الجماعة اليهودية البريطانية.[8][arabic-abajed 1] لم تنجح هذه الجهود الباكرة في زيادة الهجرة اليهوديّة؛[8][lower-roman 3] كان 24 ألف يهوديّ فقط يعيشون في فلسطين عشية ظهور الصهيونية داخل المجتماعات اليهوديّة في العالم في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر.[10] ومع التراجع الجيوسياسي الناجم عن اندلاع الحرب العالمية الأولى، أدَّت الحسابات القديمة، التي أُهملت لبعض الوقت، أدَّت إلى تجديد التقييمات الاستراتيجية وقيام مفاوضات سياسيّة على منطقتي الشرق الأوسط والشرق الأقصى.[5]
بدايات الصهيونية
نشأت الصهيونية آواخر القرن التاسع عشر كردَّة فعلٍ على الحركات القوميّة المعادية للسامية والإقصائيّة في أوروبا.[11][lower-roman 4][lower-roman 5] ساعدت أيضاً القوميّة الرومانسيّة في شرق ووسط أوروبا على إطلاق الهاسكالا أو حركة "التنوير اليهوديّ"، مما خلق انقساماً في المجتمع اليهوديّ بين أولئك الذي رأوا اليهوديّة كدين لهم وأولئك الذين رأوها كعرقيتهم أو أمتهم.[11][12] وقد شجَّعت برامج الإبادة اليهودية في روسيا القيصريّة تنامي الهويّة الأخيرة، مما أدى إلى تشكيل منظمة أحباء صهيون، ونشر ليون بينسكر لـكتابه "الانعتاق الذاتي" وأول موجة رئيسية للهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، والتي سُميت بـ"عليا الأولى".[14][15][12]
عام 1896، نشر تيودور هرتزل، وهو صحفيّ يهوديّ يعيش في الإمبراطورية النمساوية المجرية، نشر النص الأساسيّ للصهيونيّة السياسيّة بكتاب تحت عنوان الدولة اليهودية (بالألمانيّة: Der Judenstaat)، وقد أكَّد في هذا الكتاب على أن الحل الوحيد للمسألة اليهوديّة في أوروبا، بما فيها تنامي معاداة الساميّة هو تأسيس دولة لليهود.[16][17] وبعد عام، أسَّس هرتزل المنظمة الصهيونية، التي دعت في أولى مؤتمراتها إلى تأسيس "وطن للشعب اليهوديّ في فلسطين تحت حماية القانون العام". تضمَّنت التدابير المقترة لتحقيق هذا الهدف، تعزيز الاستيطان اليهودي في فلسطين، وتنظيم اليهود في الشتات، وتعزيز الشعور والوعي اليهوديّ، والخطوات التحضيريّة للحصول على المنح الحكوميّة اللازمة.[17] توفي هرتزل عام 1904 دون أن يحصل على أي مكانة سياسيّة مطلوبة لتنفيذ أجندته.[10]
انتقل القائد الصهيونيّ حاييم وايزمان، وهو أحد رؤساء المنظمة الصهيونية العالمية، انتقل من سويسرا إلى المملكة المتحدة عام 1904 والتقى بآرثر بلفور، الذي أطلق حملته الانتخابيّة 1905-1906 بعد استقالته من منصب الوزير الأول[18] في وقت سابق من العام ذاته، حيث التقيا في جلسة نظَّمها تشارلز دريفوس ممثل بلفور في الدوائر اليهوديّة.[lower-roman 6] وفي وقت مُبكر من هذا العام، استطاع بلفور الدفع بقانون الأجانب إلى البرلمان، بالإضافة إلى خطابات عاطفيّة تتحدَّث عن ضرورة تقييد موجة هجرة اليهود الفارين من الإمبراطوريّة الروسيّة إلى بريطانيا.[20][21] وقد تساءل بلفور خلال هذا اللقاء عن اعتراض وايزمان على خطة أوغندا لعام 1903 التي دعمها هرتزل لتوفير جزء من شرق أفريقيا البريطاني للشعب اليهوديّ كوطن. كان جوزيف تشامبرلاين سكرتير الدولة للمستعمرات في حكومة بلفور قد اقترح هذا المخطط على هرتزل، وذلك بعد رحلته إلى شرق أفريقيا في وقت سابق من هذا العام، [lower-roman 7] تم التصويت على هذا المخطط بعد وفاة هرتزل في المؤتمر الصهيونيّ السابع عام 1905[lower-roman 8] بعد عامين من النقاش الدائر في المنظمة الصهيونيّة.[24] ردَّ وايزمان أنه يعتقد بأن الإنجليزيّة تنتمي للندن كما ينتمي اليهود إلى القدس.[arabic-abajed 2]
و قد التقى وايزمان والبارون إدموند روتشيلد، وهو عضو في الفرع الفرنسيّ لعائلة روتشيلد وداعم رئيسي للحركة الصهيونية، التقيا للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني 1914،[26] ليتحدثا عن مشروع بناء جامعة في القدس.[26] لم يكن البارون روتشيلد جزءاً من المنظمة الصهيونيّة العالميّة، ولكنه أسَّس المستعمرات الزراعية اليهودية للعليا الأولى وقام بنقلهم إلى الرابطة الاستعمارية اليهودية عام 1899.[27] آتى هذا الاتصال أُكله في وقت لاحق من هذا العام، عندما طلب ابن البارون وهو جايمس دي روتشيلد، طلب لقاء وايزمان في 25 نوفمبر 1914، لكي يتطوَّع في التأثير على بعض من يعتبرون مقبولين في الحكومة البريطانية لأجندتهم لإقامة "دولة يهوديّة" في فلسطين.[arabic-abajed 3][29] ومن خلال دوروثي زوجة جايمس، التقى وايزمان بروتزيسكا روتشيلد التي قدَّمته إلى الفرع الإنجليزيّ للعائلة، وتحديداً زوجها تشارلز وأخوه الأكبر منه والتر وهو عالم حيوان وعضو مؤسس في البرلمان.[30] كان لوالدهما ناثان روتشيلد البارون الأول في العائلة ورئيس الفرع الإنجليزيّ من العائلة، كان له موقف متريّث من الصهيونيّة، ولكنه مات في مارس/آذار من عام 1915 وورث ابنه والتر اللقب عنه.[30][31]
و قبيل إعلان وعد بلفور، كان حوالي 8.000 من أصل 300.000 يهودي بريطاني ينتمون إلى المنظمة الصهيونيّة.[32][33] وعلى المستوى العالمي، بحلول 1913، وهو آخر تاريخ معروف قبيل الإعلان، كان نسبة من ينتمون إلى الصهيونية تُعادل 1% من اليهود.[34]
فلسطين العثمانية
بحلول عام 1916، كانت فلسطين قد أمضت أربعة قرون تحت الحكم العثماني.[36] ولمعظم هذه الفترة، مثَّل اليهود أقليّة صغيرة، تبلغ حوالي 3% من مجموع السكّان، بينما مثَّل المسلمون أكبر شريحة اجتماعيّة من السكان، يأتي بعدهم المسيحيون في المرتبة الثانية.[37]
بدأ العثمانيون بالتضييق على الهجرة اليهودية في آواخر 1882، كردة فعل على موجة "عليا الأولى" التي بدأت في وقت باكر من العام ذاته.[38] وعلى الرغم من أن هذه الموجة من الهجرة قد خلقت توتُّراً مع السكان المحليين، خاصة في أوساط التجّار والطبقات البارزة في المجتمع، فقد أعطى الباب العالي (الحكومة العثمانية المركزية) اليهود الحقوق ذاتها التي يمتلكها العرب في شراء الأراضي في فلسطين، وبحلول 1914 ارتفعت نسبة السكّان اليهود إلى 7% تقريباً.[39] في الوقت ذاته ومع تزايد عدم ثقة العرب بتركيا الفتاة- القوميّون الأتراك الذين تولَّوا حكم الإمبراطوريّة العثمانية في 1908- ومع بدء موجة هجرة عليا الثانية، تصاعدت القوميّة العربيّة ومعاداة الصهيونيّة في فلسطين.[39][40] لا يعلم المؤرخون ما إذا كانت هذه الحشود وتعزُّز هذه الأفكار ستؤدي إلى الصراع العربي الإسرائيلي ذاته فيما لو لم يعد بلفور اليهود بإقامة وطن في فلسطين.[lower-roman 9]
الحرب العالمية الأولى
1914-1916: مناقشات الصهيونيّة-الحكوميّة البريطانيّة الأولى
في يوليو 1914 اندلعت الحرب في أوروبا بين الوفاق الثلاثي (بريطانيا وفرنسا والإمبراطورية الروسية) ودول المركز (الإمبراطورية الألمانية والإمبرطورية النمساوية المجرية، انضمت إليهما الإمبراطوريّة العثمانيّة في آواخر هذا العام).[42]
ناقشت الحكومة البريطانية لأول مرة الصهيونيّة في لقاء وقع في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1914، بعد أربع أيام من إعلان بريطانيا للحرب على الإمبراطوريّة العثمانيّة، التي كانت تدير أرض فلسطين تحت اسم متصرفية القدس.[43] أشار ديفيد لويد جورج مستشار الخزانة آنذاك، خلال اللقاء إلى "مصير فلسطين النهائيّ".[44] وكان شركة المستشار "لويد جورج وشركاؤوه" قد انخرطت قبل عقد من الزمن بالاتحاد الصهيونيّ لبريطانيا العُظمى وإيرلندا للعمل على مخطط أوغندا، [45] وسيصبح هذا المستشار فيما بعد رئيساً للوزراء في وقت إعلان وعد بلفور، ويُعتبر المسؤول عن الإعلان.[46]
و قد انتعشت جهود وايزمان السياسيّة، [arabic-abajed 4] وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 1914 التقى مع هربرت صموئيل، عضو مجلس الوزراء البريطانيّ وعالم يهوديّ درس الصهيونيّة؛[48] وقد اعتقد صموئيل أن مطالب وايزمان متواضعة جداً.[arabic-abajed 5] وبعد يومين، التقى وايزمان بلفور مجدداً، لأول مرة منذ لقائهم الأول عام 1905، كان بلفور قد خرج من الحكومة منذ هزيمته الانتخابيّة عام 1906، ولكنه ظل عضواً بارزاً في حزب المحافظين باعتبارهم المعارضة الرسميّة.[arabic-abajed 6]
بعد شهر، نشر صموئيل مذكرة بعنوان (بالإنجليزية: The Future of Palestine) (العربيّة: مستقبل فلسطين) لزملائه في مجلس الوزراء. وقد جاء في المذكرة: "إنني أؤكِّدُ أن حل مشكلة فلسطين الذي سيلقى أكبر ترحيب بين قادة الحركة الصهيونيّة وداعميهم هو ضم البلاد إلى الإمبراطورية البريطانية".[51] ناقش صموئيل نسخةً من مذكرته مع ناثان روتشيلد في فبراير 1915، قبل شهر من وفاة الأخير.[31] كانت هذه أول مرة يُقترح فيها دعم اليهود كإجراء حربيّ في سجلّ رسميّ.[52]
تبع هذا العديد من المناقشات، بما في ذلك اللقاءات الأوليّة عامي 1915 و1916 بين لويد جورج الذي عُيِّن وزيراً للخارجيّة في مايو/أيَّار 1915،[53] ووايزمان الذي عُيِّن مستشاراً علميّاً للوزارة في سبتمبر/أيلول 1915.[54][53] وصف جورج لويد في مذكّراته بعد سبع عشر عاماً هذه اللقاءات بأنها "منبع وأصل" الإعلان، إلا أن عدداً من المؤرخين رفضوا هذا الإدّعاء.[arabic-abajed 7]
1915-1916: التعهدات البريطانية السابقة لوعد بلفور بخصوص فلسطين
في آواخر عام 1915، تبادل المندوب السامي البريطانيّ في مصر هينري مكماهون عشر رسائل مع حسين بن علي شريف مكة، وعد مكماهون حسين خلال هذه الرسائل بالاعتراف بالاستقلال العربيّ "ضمن الحدود المقترحة من قبل شريف مكة" في مقابل إطلاق حسين ثورةً ضد الدولة العثمانيّة. استُثني من هذا التعهُّد "أجزاء سوريا" الممتدة غرب "مناطق دمشق وحمص وحماة وحلب".[62][arabic-abajed 8] وقد بقي هذا الاستثناء للساحل السوريّ محل نزاع حامٍ لعدة عقود تلت هذه المراسلات[64] باعتبار أن فلسطين تقع جنوب غرب دمشق وبسبب عدم ذكرها بشكل واضح.[62]
أطلق شريف مكة حسين بن عليّ الثورة العربيّة في الخامس من يونيو/حزيران عام 1916،[67] على أساس اتفاق مقايضة خلال المراسلات التي جرت بينهما.[68] وعلى الرغم مما سبق، فقد أبرمت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا خلال أقل من ثلاثة أسابيع اتفاقيَّةً سريّة دُعيت باتفاقية سايكس بيكو، وصفها بلفور فيما بعد بأنها "طريقة جديدة تماماً" لتقسيم المنطقة بعد اتفاقية 1915 التي "بدت منسيَّةً".[arabic-abajed 10]
فاوض خلال هذه الاتفاقيّة الأنجلو-فرنسيّة آواخر عام 1915 وأوائل 1916 السير مارك سايكس عن بريطانيا وفرانسوا جورج بيكو عن فرنسا، مع وضع ترتيبات أوليّة في مذكرة مشتركة في 5 يناير/كانون الثاني عام 1916.[70][71] كان سايكس نائباً محافظاً بريطانياً ترقَّى في المناصب حتى وصل إلى موقع ذو تأثير هام في سياسة بريطانيا فيما يتعلّق بالشرق الأوسط، بدءاً من مقعده في لجنة دي بونسن عام 1915 ومبادرته لإنشاء المكتب العربي.[72] بينما كان بيكو ديبلوماسيَّاً وقنصلاً عاماً سابقاً في بيروت.[72] حددت هذه الاتفاقيّة مجالات النفوذ والسيطرة غرب آسيا في حال نجاح التحالف الثلاثي في هزيمة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، [73][74] حيث قاموا بتقسيم الأراضي العربية إلى مناطق إدارة فرنسيّة وبريطانيّة. في فلسطين، تم الاتفاق على إقامة إدارة دوليّة، [73][74] مع التأكيد على تشكيل الإدارة بعد التشاور مع حسين وروسيا، [73] وقد أشارت الاتفاقيّة إلى مصالح المسلمين والمسيحيِّين وأن "لأعضاء المجتمع اليهوديّ في جميع أنحاء العالم اهتمام ضميريّ وعاطفيّ بمستقبل البلاد."[71][75][arabic-abajed 11] و حتى قبيل هذه المرحلة لم تجرِ أي مُفاوضات نشطة مع الصهاينة، ولكن سايكس كان مدركاً للصهيونيّة وكان على اتصال مع موسى جاستر-و هو رئيس الاتحاد الصهيونيّ الإنجليزيّ السابق[77]- ومن الممكن أن يكون قد اطَّلع على مذكرة صموئيل.[75][78] وبرأي سايكس فإن هذا الاتفاق الذي حمل اسمه قد عفا عليه الزمان حتى قبل أن يُوقَّع في مارس/آذار 1916، فقد كتب سايكس في رسالة خاصة: "برأيي الصهاينة الآن هم مفتاح الوضع".[79] يُنظر إلى هذه المبادرات في أيام الحرب، بما في ذلك وعد بلفور، من قبل المؤرخين معاً بسبب إمكانيّة عدم توافق هذه المبادرات فيما بينها (سواء كان عدم التوافق حقيقياً أم مُتخيَّلاً) ولاسيّما فيما يتعلَّق بحسم قضيّة فلسطين.[80] يقول البروفيسور ألبرت حوراني مؤسس مركز الشرق الأوسط في كلية القديس أنطوني التابعة لجامعة أوكسفورد: "الجدال حول تفسير هذه الاتفاقيّات أمر من المستحيل أن ينتهي، لأنه كان من المقصود أن تحمل أكثر من تأويل."[81]
1916-1917: التغيرات في الحكومة البريطانية
فيما يتعلَّق بالسياسة البريطانيّة، جاء إعلان بلفور نتيجة وصول لويد جورج وحكومته التي حلّت محل حكومة هربرت أسكويث في ديسمبر 1916. وعلى الرغم من كون كلا رئيسي الوزراء ليبراليين (من الحزب الليبرالي) وكون حكومتيهما حكومتين ائتلافيَّتين في زمن حرب فإن لويد جورج وبلفور الذي عُيِّن وزيراً للخارجيّة فضَّلا تقسيم الإمبراطوريّة العثمانيّة بعد الحرب باعتباره هدفاً رئيسياً لبريطانيا من الحرب، بينما فضَّل أسكويث ووزير خارجيّته إدوارد جراي إعادة تشكيلها.[82][83]
و بعد يومين من تسلّم منصبه أخبر لويد جورج الجنرال روبرتسون رئيس هيئة الأركان العامة الإمبراطوريّة أنه يريد انتصاراً كبيراً، ويُفضَّل أن يستولي على مدينة القدس بغرض إثارة إعجاب الرأي العام البريطانيّ، [84] واستشار لويد جورج حالاً حكومة الحرب حول "حملة أُخرى على فلسطين بعد تأمين العريش."[85] وقد أدَّت ضغوط لويد جورج على الرغم من تحفُّظات روبرتسون، أدَّت إلى إعادة السيطرة على سيناء وضمها إلى مناطق سيطرتها في مصر، وبسيطرة البريطانيين على العريش في ديسمبر/كانون الأول 1916 ورفح في يناير/كانون الثاني 1917وصلت القوات البريطانيّة إلى الحدود الجنوبيّة للدولة العثمانيّة.[85] ومن ثُمَّ فشلت محاولتان للسيطرة على غزَّة بين 26 مارس/آذار و19 أبريل/نيسان، حلَّ الركود لمدة ستة أشهر جنوب فلسطين؛[86] ولم تحقق حملة سيناء وفلسطين أي تقدّم في فلسطين حتى 31 أكتوبر 1917.[87]
1917: المفاوضات الرسمية البريطانية-الصهيونية
بعد التغيُّر الحكومي البريطاني، كُلِّفَ مارك سايكس من قبل حكومة الحرب بمسؤولية شؤون الشرق الأوسط. في يناير/كانون الثاني من عام 1917، وعلى الرغم من أن مارك سايكس كان قد أسَّس علاقةً مع موسى جاستر سابقاً، إلا أنه بدأ بالبحث عن قادة صهاينة آخرين للقائهم؛ وبحلول نهاية الشهر كان سايكس قد تعرَّف على وايزمان وزميله ناحوم سوكولوف الصحفيّ والمدير التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية بعد أن انتقل إلى بريطانيا بداية الحرب.[lower-roman 11]
في 7 فبراير/شباط من عام 1917 دخل سايكس مُدعياً صفته الشخصيّة في مناقشات موضوعيّة مع القيادة الصهيونيّة.[arabic-abajed 12]
نُوقشت المراسلات البريطانيّة السابقة مع "العرب" خلال هذا الاجتماع. وقد سجّل سوكولوف ملاحظات عن وصف مارك سايكس بأن "العرب قد اعتبروا أنه ينبغي أن تكون اللغة هي المقياس [الذي تتحدد بموجبه أحقيّة السيطرة على فلسطين] و[بهذا المقياس] طالبوا بكل سوريا وفلسطين. لايزال من الممكن إدارة العرب، خاصةً إذا كانوا قد تلقَّوا الدعم اليهوديّ في قضايا أخرى."[89][90][arabic-abajed 13] وحتى هذه المرحلة لم يكن الصهاينة علم باتفاقيّة سايكس بيكو، على الرغم من شكوكهم في الأمر.[89] كانت أحد أهداف سايكس حشد الصهيونيّة لقضية سيادة البريطانيين على فلسطين، ليكون لديهم حجج تقدمها بريطانيا لفرنسا في هذا الأمر.[92]
أواخر 1917: مستجدات الحرب العالمية الأولى
خلال هذه الفترة، أدَّت مناقشات حكومة الحرب البريطانيّة إلى إعلان الوعد، حيث كانت الحرب قد وصلت إلى حالةٍ من الجمود. فعلى الجبهة الغربية تحوَّلت الحرب لصالح قوى المحور ربيع 1918،[93] قبل حسم الأمور لصالح الحلفاء في يوليو 1918 وما تلاه.[93] وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على ألمانيا في ربيع عام 1917، لم تتكبد الولايات المتحدة الأمريكيّة أي ضحايا حتى 2 نوفمبر 1917،[94] حيث كان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لايزال يأمل في تجنُّب إرسال قوات كبيرة إلى الحرب.[95] ومن المعروف أن القوَّات الروسيّة عانت من تشتُّتٍ بسبب الثورة الروسية والدعم المتزايد للبلاشفة، ورغم هذا بقيت حكومة ألكسندر كيرينسكي المؤقتة خلال الحرب. انسحبت روسيا فيما بعد من الحرب بعد المرحلة الأخيرة من الثورة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1917.[96]
الموافقة على إصدار الوعد
أبريل إلى يونيو: نقاشات الحلفاء
التقى بلفور وايزمان في وزارة الخارجيّة يوم 22 مارس/آذار 1917، وبعد يومين وصف وايزمان اللقاء بأنه "أول محادثة عمل حقيقيّة لي [أي وايزمان] معه [أي بلفور]".[97] شرح وايزمان خلال اللقاء أن الصهاينة يُفضِّلُون فرض الحماية البريطانيّة على فلسطين بدلاً من الترتيبات الإدارية الأمريكية أو الفرنسيّة أو الدوليّة؛ وقد وافق بلفور، ولكنَّه حذّر من "وجود صعوبات مع فرنسا وإيطاليا".[97] تحدَّد الوضع الفرنسيّ فيما يتعلّق بفلسطين ومنطقة سوريا خلال الفترة التي سبقت إعلان وعد بلفور من خلال اتفاقيّة سايكس بيكو، وتعقَّد الموقف بدءاً من 23 نوفمبر من خلال معرفة فرنسا بوجود مناقشات بريطانيّة مع شريف مكّة.[98] قبيل عام 1917، قاد البريطانيُّون القتال على الحدود الجنوبيّة للدولة العثمانيّة وحدهم نظراً لوجودهم في مستعمرة مصر المُجاورة لهذه المنطقة فيما كان الفرنسيّون مشغولين في القتال على الجبهة الغربيّة في أراضي فرنسا.[99][100] كما لم تشمل مُشاركة إيطاليا إلى جانب بريطانيا وفرنسا في الحرب، والتي بدأت بعد معاهدة لندن في أبريل/نيسان 1915، لم تشمل هذه المشاركة أي انخراط في القتال في منطقة الشرق الأوسط حتى أبريل/نيسان 1917 وفق اتفاقية سانت جان دي مورين، ففي هذا المؤتمر، أثار لويد جورج قضية فرض الحماية البريطانيّة على فلسطين وقد تلقَّف [الفرنسيّون والإيطاليّون الفكرة] ببرودٍ شديد".[101][102][arabic-abajed 14] وفي مايو/أيَّار ويونيو/حزيران من عام 1917 أرسل الفرنسيّون والإيطاليّون مفارز لدعم البريطانيّين أثناء قيامهم بالتحضير لهجوم جديد على فلسطين.[99][100] في أوائل أبريل/نيسان عُيِّنَ سايكس وبيكو كمفاوِضَين رئيسيَّين مرَّةً أُخرى عن بريطانيا وفرنسا على الترتيب، هذه المرة في مهمة لمدة شهر في الشرق الأوسط لإجراء مناقشات مع شريف مكة والقادة العرب الآخرين.[103][arabic-abajed 15] وفي 3 أبريل 1917، التقى سايكس بلويد جورج وكورزون وهانكي لتلقّي إرشاداته في هذا الصدد، وكانت إبقاء الفرنسيِّين جانباً في ظل "عدم المساس بالحركة الصهيونية" وإمكانيّة تطويرها تحت الإشراف البريطانيّ، [عدم] الدخول في أتي تعهّدات للعرب، ولاسيّما فيما يتعلَّق بفلسطين."[105] وقبل السفر إلى الشرق الأوسط، قام بيكو عبر سايكس بدعوة ناحوم سوكولوف إلى باريس لتوعية الحكومة الفرنسية فيما يتعلّق بالحركة الصهيونيّة.[106] وقد قام سايكس بتهيئة الطريق من خلال مراسلات مع بيكو، [107] ووصل سايكس بعد عدة أيام من وصول سوكولوف، وفي غضون هذه الأيام، التقى سوكولوف ببيكو ومسؤولين فرنسيِّين آخرين، وأقنع وزارة الخارجيّة الفرنسيّة بقبول دراسة بيان أهداف الصهيونيّة "فيما يتعلَّق بتسهيلات الاستعمار والاستقلال الذاتي الجماعيّ وحقوق اللغة وتأسيس شركة يهوديّة مُرخَّصَة".[108] توجَّه فيما بعد سايكس إلى إيطاليا مباشرةً وعقد اجتماعات مع السفير البريطاني وممثل الفاتيكان البريطانيّ لتمهيد الطريق أمام سوكولوف هناك.[109]
حظي سوكولوف بفرصة للقاء البابا بندكتوس الخامس عشر في 6 مايو/أيَّار 1917.[110]
وقد تضمَّنت ملاحظات سوكولوف عن اللقاء-و هو اللقاء الوحيد المعروف المحفوظ عند المؤرخين- تعبير البابا لتعاطفه ودعمه للمشروع الصهيونيّ.[111][lower-roman 12]
في 21 مايو/أيار 1917، قدَّم أنجيلو سيريني رئيس لجنة الجاليات اليهوديّة، [arabic-abajed 16] سوكولوف إلى سيدني سونينو وزير الشؤون الخارجيّة الإيطاليّ. كما استقبله باولو بوسيلي رئيس الوزراء الإيطاليّ. نسَّق سونينو للسكرتير العام للوزارة كي يرسل رسالة مفادها أنه على الرغم من أنه لم يتمكّن من التعبير عن نفسه فيما يتعلّق بمزايا هذا البرنامج الذي يهمّ جميع الحلفاء، فإنه "بشكل عام" فإنه لم يكن مُعارضاً للادعاءات المشروعة لليهود.[117] وفي رحلة العودة، التقى سوكولوف القادة الفرنسيِّين مرَّة أُخرى وحصل على رسالة مؤرخة في 4 يونيو/حزيران 1917، تُعطي تأكيدات على تعاطف تجاه القضية الصهيونيّة من قبل جون كامبون رئيس القسم السياسيّ في وزارة الخارجيّة الفرنسيّة.[118] لم تُنشر هذه الرسالة، ولكنها أُودِعَت في وزارة الخارجيّة البريطانيّة.[lower-roman 13] بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في 6 أبريل/نيسان، قاد وزير الخارجيّة البريطانيّة لـ"بعثة بلفور" إلى واشنطن ونيويورك حيث أمضى شهراً بين منتصف أبريل/نيسان ومنتصف مايو/حزيران. وخلال هذه الرحلة قضى وقتاً طويلاً في مناقشة الصهيونيّة مع لويس برانديز وصهيونيّ بارز وحليف مُقرَّب من ويلسون الذي عيَّن عضواً في المحكمة العليا قبل عام.[arabic-abajed 17]
يونيو إلى يوليو: قرار تحضير إعلان الوعد
بحلول يوم 13 يونيو/حزيران 1917، اعترف رونالد جراهام رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجيّة بأن السياسيِّين الثلاثة الأكثر بروزاً وهم رئيس الوزراء ووزير الخارجيّة ووكيل وزارة الدولة للشؤون الخارجيّة البرلمانيّ اللورد روبرت سيسل كانوا جميعاً مؤيدين لدعم بريطانيا للحركة الصهيونيّة؛[arabic-abajed 18] وفي اليوم نفسه، كتب وايزمان لجراهام للدفاع عن الإعلان على الملأ.[arabic-abajed 19][122]
بعد ستة أيام، في لقاء عُقد في 19 يونيو، طلب بلفور من اللورد روتشيلد ووايزمان تقديم صيغة للإعلان.[123] وخلال الأسابيع اللاحقة، أعدَّت لجنة المفاوضات الصهيونية مسوَّدة تحتوي على 143 كلمة، ولكنها اعتبرها سايكس وجراهام وروتشيلد شديدة التحديد في بعض المجالات الحسَّاسة.[124] وبشكل منفصل، أُعدت وزارة الخارجيّة مسودة مختلفة، وصفها هارولد نيكلسون عام 1961 وهو أحد من اشترك في إعدادها، وصفها بأنها اقتراح "ملاذ لضحايا الاضطهاد من اليهود".[125][126] وقد لقيت هذه المسودة مُعارضة قويّة من الصهاينة، وأُهملت في نهاية المطاف؛ كما لم يُعثر على أي نسخة من المسودة في أرشيفات وزارة الخارجيّة.[125][126]
بعد إجراء مناقشات أوسع، أُعدَّت مسودة أخرى تمت مراجعتها وكانت أقصر بكثير من سابقاتها بطول 46 كلمة فقط، أرسلها اللورد روتشيلد إلى بلفور يوم 18 يوليو/تموز.[124] تلقَّت وزارة الخارجيّة هذه المسودة، وعُرضت فيما بعد على مجلس الوزراء للنظر فيها بشكل رسميّ.[127]
سبتمبر إلى أكتوبر: القبول الأمريكي وموافقة حكومة الحرب في بريطانيا
اتُخذ قرار إعلان الوعد من قبل حكومة الحرب البريطانيّة في 31 أكتوبر 1917، وقد جاء هذا القرار بعد مناقشة امتدت لأربعة لقاءات حكوميّة (بما فيها لقاء 31 أكتوبر 1917)، وعُقدت هذه اللقاءات الأربعة على مدى شهرين.[127] وقد قام سكرتير حكومة الحرب البريطانيّة موريس هانكي وبدعم من الأمناء المساعدين[128][129]-في المقام الأول سايكس وزميله عضو البرلمان عن المحافظين والمؤيد للصهيونية ليو أمري- قام بعرض وجهات نظر خارجيّة أمام مجلس الوزراء. تضمنت وجهات النظر المعروضة آراء وزراء في الحكومة وحلفاء حرب-و لاسيّما الرئيس الأمريكيّ وودرو ويلسون- وفي أكتوبر قدَّم ستة قادة صهاينة وأربعة من اليهود غير الصهاينة عروضاً رسميّة أمام مجلس الوزراء.[127]
طلب مسؤولون بريطانيّون من الرئيس الأمريكيّ ويلسون موافقته على هذه المسألة في مناسبتين-الأولى في 3 سبتمبر/أيلول، وردّ حينها بأن الوقت لم يحن بعد، ومرَّةَ أُخرى في 6 أكتوبر/تشرين الأول وعندها وافق على إصدار الإعلان.[130]
ما يلي مقتطفات من محاضر اجتماعات مجلس الوزراء الأربعة، وهي تُقدِّم وصفاً للعوامل الأساسيّة التي أخذها الوزراء بعين الاعتبار أثناء هذه الاجتماعات:
- 3 سبتمبر/أيلول: "بالإشارة إلى اقتراح إرجاء القضيّة، أشار [بلفور] إلى أن وزارة الخارجيّة كانت تحت ضغط شديد فيما يتعلّق بهذا الأم ولمدة طويلة. كان هناك منظمة قويّة ومُتحمِّسَةٌ للغاية، وعلى الأخص في الولايات المتحدة التي كانت متحمسة للغاية في هذه المسألة، وكان باعتقاده أنه سيكون هناك مساعدات كبير للحلفاء حتى يتحلَّوا بحماسة وجديّة هؤلاء الناس المتطوعين إلى جانبنا. كان عدم القيام بأي شيء مخاطرة بحدوث خرقٍ مع هؤلاء، وكان من الضروريّ أن نواجه هذا الوضع."[131]
- 4 أكتوبر 1917: "...قال [بلفور] أن الحكومة الألمانية بذلت جهوداً لإظهار التعاطف مع الحركة الصهيونيّة. وعلى الرغم من معارضة عدد من الأثرياء اليهود في هذه البلاد لهذه الحركة، فقد حصدت دعم أغلبيّة اليهود، في معظم الأحداث في روسيا وأمريكا، وربما في بلدان أُخرى... قرأ السيد بلفور فيما بعد إعلاناً شديد التعاطف من الحكومة الفرنسية نُقل إلى الصهاينة، وقد قال أنه علم أن الرئيس ويلسون موافقاً بشدة لهذه الحركة."[132]
- 25 أكتوبر 1917: "... ذكر السكرتير أنه كان هناك ضغوط من وزارة الخارجيّة لتقديم مسألة الصهيونيّة، وكان يُنظر إلى التسوية الباكرة بأهميّة كبيرة."[133]
- 31 أكتوبر 1917: "قال [بلفور] أنه فهم أن الجميع موافقون الآن، على أنه من وجهة نظر دبلوماسية وسياسيّة صرفة، كان من المرغوب أن يكون هناك إعلان مؤيد لتطلُّعات القوميّين اليهود. يبدو أن الغالبيّة العُظمى من يهود روسيا وأمريكا، كما في الواقع في جميع أنحاء العالم، موافقون للحركة الصهيونيّة. فإذا ما قمنا بصياغة إعلان مؤيد لمثل هذا التصوُّر، فيجب أن نكون قادرين على القيام بدعاية بروباغاندا مفيدة إلى أقصى حد في كلٍّ من روسيا وأمريكا."[134]
صياغة الوعد
سمح رفع الحظر عن أرشيف الحكومة البريطانيّة للعلماء بتجميع الصيغ المختلفة المقترحة للإعلان. فقد نشر ليونارد ستاين في كتابه الصادر عام 1961 أربع صياغات سابقة للإعلان.[135]
يعود تاريخ التبدُّلات التي طرأت على صياغة الوعد إلى إرشاد حاييم وايزمان لفريق الصياغة الصهيونيّ إلى بعض الأهداف في رسالة مُورَّخَةٍ بتاريخ 20 يونيو/حزيران عام 1917، بعد يوم واحد من لقاء وايزمان بروتشيلد وبلفور. حيث اقترح وايزمان أن ينصّ وعد الحكومة البريطانيّة على: "اقتناعها أو رغبتها أو نيَّتها دعم الأهداف الصهيونيّة لإنشاء وطن قوميّ يهوديّ في فلسطين؛ لا يجب الإشارة إلى القوّة المهيمنة لأن هذا سيخلق صعوبات للبريطانيّين مع الفرنسيِّين؛ يجب أن يكون إعلاناً صهيونيَّاً."[82][136]
و بعد شهر من تسلُّم مسودة 12 يوليو/تموّز من روتشيلد، وهي المسودة ذات الصياغة منخفضة السقف، اقترح بلفور عدداً من التعديلات التقنيّة بشكل رئيسيّ.[135] فيما شملت المسودتان التاليتان تعديلات جوهريّة أكثر بكثير: فقد خفَّضت الأولى والتي ظهرت آواخر أغسطس/آب على يد اللورد ميلنر، أحد الوزراء الخمسة لحكومة لويد جروج الذين لا يحملون حقيبةَ الطموح الصهيونيّ في إقامة "الوطن القومي" على كامل فلسطين إلى "في فلسطين"، أما التعديل الجوهريّ الثاني فقد كان في أوائل أكتوبر/تشرين الأول حيث أضاف مينلر وأمري ما أسموه "بنود حماية".[135]
قائمة بالصيغ/المسودات المعروفة لوعد بلفور، تُظهر التغيرات بين الصيغ/المسودات المختلفة | |||
---|---|---|---|
الصيغة/المسودة | نص المسودة/الصيغة (بالإنجليزية) | ترجمة النص (بالعربية) | التغيرات |
الصيغة الصهيونيّة الأوليّة يوليو/تمُّوز 1917[137] |
His Majesty's Government, after considering the aims of the Zionist Organization, accepts the principle of recognizing Palestine as the National Home of the Jewish people and the right of the Jewish people to build up its national life in Palestine under a protection to be established at the conclusion of peace following upon the successful issue of the War.
|
توافق حكومة جلالة الملكة بعد النظر إلى أهداف المنظمة الصهيونيّة، مبدأ الاعتراف بفلسطين كوطن قوميّ للشعب اليهوديّ وحق الشعب اليهوديّ في بناء حياته القوميّة في فلسطين تحت حماية يتم تأسيسها في خلاصة مفاوضات السلام التي تعقب النجاح في الحرب.
|
|
مسودة اللورد روتشيلد 12 يوليو/تمُّوز 1917[137] |
1. His Majesty's Government accepts the principle that Palestine should be reconstituted as the national home of the Jewish people. |
1. توافق حكومة صاحبة الجلالة مبدأ أن فلسطين ينبغي إعادة تشكيلها كوطن قوميّ للشعب اليهوديّ.
|
1. His Majesty's Government [*] accepts the principle * حُذفت كمية كبيرة من النص |
مسودة بلفور أواسط أغسطس/آب 1917 |
His Majesty's Government accepts the principle that Palestine should be reconstituted as the national home of the Jewish people and will use their best endeavours to secure the achievement of this object and will be ready to consider any suggestions on the subject which the Zionist Organisation may desire to lay before them.[135] |
توافق حكومة صاحبة الجلالة على المبدأ القائل بأنه ينبغي إعادة تأسيس فلسطين كوطن قوميّ للشعب اليهوديّ وسيبذلون [أعضاء الحكومة] غاية جهودهم لضمان إنجاز هذا الأمر وسيكونون جاهزين للنظر في أي اقتراحات على الموضوع ترغب المنظمة الصهيونيّة بوضعها أمامهم. |
|
مسودة ميلنر آواخر أغسطس/آب 1917 |
His Majesty's Government accepts the principle that every opportunity should be afforded for the establishment of a home for the Jewish people in Palestine and will use its best endeavours to facilitate the achievement of this object and will be ready to consider any suggestions on the subject which the Zionist organisations may desire to lay before them.[135] | توافق حكومة صاحبة الجلالة على مبدأ أنه ينبغي إتاحة كل فرصة لتأسيس وطنٍ للشعب اليهوديّ في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل إنجاز هذا الهدف وستكون جاهزة للنظر في أي اقتراحات على الموضوع ترغب المنظمات الصهيونيّة في وضعها أمامهم. | His Majesty's Government accepts the principle that |
مسودة ميلنر-أمري 4 أكتوبر 1917 |
His Majesty's Government views with favour the establishment in Palestine of a national home for the Jewish race, and will use its best endeavours to facilitate the achievement of this object, it being clearly understood that nothing shall be done which may prejudice the civil and religious rights of existing non-Jewish communities in Palestine or the rights and political status enjoyed in any other country by such Jews who are fully contented with their existing nationality.[135] |
تنظر حكومة صاحبة الجلالة بعين العطف لإقامة وطن قوميّ للعرق اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل إنجاز هذا الهدف، على أن يُفهم بوضوح أنه لن يُفعل شيء يمكن أن يُخلّ بالحقوق المدنيّة والدينيّة للمجتمعات غير اليهوديّة الموجودة في فلسطين أو الحقوق أو الحالة السياسيّة التي يتمتع بها اليهود في أي بلد أُخرى ممن يكتفون بجنسيتهم الحاليّة. |
His Majesty's Government |
الإصدار النهائيّ |
His Majesty's Government view with favour the establishment in Palestine of a national home for the Jewish people, and will use their best endeavours to facilitate the achievement of this object, it being clearly understood that nothing shall be done which may prejudice the civil and religious rights of existing non-Jewish communities in Palestine, or the rights and political status enjoyed by Jews in any other country. |
تنظر حكومة صاحبة الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر. |
His Majesty's Government view |
جادل فيما بعد الكثير من الكُتَّاب في هويّة "المؤلف الأساسيّ" للوعد. وقد أوضح بروفيسور التاريخ الأكاديميّ في جامعة جورج تاون كارول كيوجليّ في كتابه المؤسسة الأنجلز-أمريكيّة الذي صدر عام 1981، رأيه بأن اللورد مينلر كان الكاتب الرئيسيّ للوعد، [lower-roman 14] وفيما بعد، افترض بروفيسور التاريخ الحديث في جامعة أبيرستويث في ويلز ويليام روبنشتاين أن أمري هو الكاتب الأصلي.[140] فيما كتبت سحر هنيدي أن دايفيد أورمسبي-جور ادَّعى خلال تقرير أعدَّه لإيفيلن شاكبيرج أن اشترك مع أمري بصياغة شكل المسودة النهائيّة للوعد.[141]
قضايا أساسية
أُرسلت الصيغة التي اِتُفِقَ عليها لللإعلان، والتي تتكون من جملة واحدة مؤلفة من 67 كلمة (بالإنجليزية)، [142] في يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 في رسالة قصيرة من بلفور إلى والتر روتشيلد لنقلها إلى الاتحاد الصهيونيّ لبريطانيا العظمى وإيرلندا.[143] تضمن الإعلان أربع بنود، تضمن أول بندين وعداً بدعم "تأسيس وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين"، وتبعهما "بندان وقائيَّان"[144][145] مع احترام "الحقوق المدنيّة والدينيّة للمجتمعات غير اليهوديّة الموجودة في فلسطين"، و"الحقوق والوضع السياسيّ الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".[143]
"وطن قومي للشعب اليهودي" أم دولة يهودية
هذه وثيقة مُصاغة بعناية شديدة ولكن بالنسبة لعبارة 'وطن قوميّ للشعب اليهودي' الغامضة إلى حدٍ ما، فيمكن اعتبارها غير ملزمة بما فيه الكفاية... لكن غموض العبارة المُشار إليها كان سبباً للمتاعب منذ البداية. استخدم أشخاص مختلفون في مناصب عليا لغةً من النوع الأكثر تحمُّلاً لمعاني قاصدين إعطاء انطباع مختلفاً جداً لتفسير أكثر اعتدالاً يمكن تحميله للكلمات. تجاهل الرئيس ويلسون جميع الشكوك ما المقصود من وجهة نظره عندما قال في مارس 1919 للقادة اليهود في أمريكا، "أنا أكثر مقتنع بأن دول الحلفاء، وبالموافقة الكاملة من حكومتنا وشعبنا قد اوفقت على أن يتم إقامة أسس الكومنولث اليهوديّ في فلسطين.'[arabic-abajed 20] كما أعلن الرئيس ثيودور روزفلت أنه ينبغي أن تكون أحد شروط الحلفاء لإقامة السلام 'أن تكون فلسطين دولة يهودية'. وقد تحدَّث السيد ونستون تشرتشل عن 'دولة يهوديّة'، كما تحدَّث السيد بونار لو في البرلمان البريطاني عن 'إعادة فلسطين لليهود'."[147][arabic-abajed 21] |
—تقرير لجنة بالن، أغسطس/آب 1920[149] |
صيغ مُصطلح "وطن قوميّ" غامضاً بشكل متعمَّد، [150] دون وجود أي قيمة قانونيّة أو سابقة تاريخيّة في القانون الدولي، [143] بحيث أن معناه غير واضح عند مقارنته بمصطلحات أُخرى كـ"الدولة".[143] فقد استخدم هذا المصطلح بدلاً عن مصطلح "الدولة" عن قصد بسبب وجود أصوات معارضة للبرنامج الصهيونيّ داخل أوساط الحكومة البريطانيّة.[143] ووفقاً للمؤرخ نورمان روز، فإن كبيري مهندسي إعلان بلفور ظنوا أن دولةً يهوديّة ستقوم مع مرور الوقت، بينما خلصت اللجنة الملكيّة الفلسطينيّة إلى أن الصياغة كانت "نتاج حل وسط بين أولئك الوزراء الذين ارتأوا إنشاء دولة يهوديّة وأولئك الذين لم يرتأوا."[151][lower-roman 15]
يمكن ملاحظة محاولات التأويل من خلال المراسلات التي أدّت إلى إصدار الشكل النهائي للوعد. فقد أرسل سايكس تقريراً رسمياً إلى حكومة الحرب بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول قال فيه أن الصهاينة لا يريدون "إقامة جمهوريّة يهوديّة أو أي شكل آخر لدولة في فلسطين أو في أي جزء من فلسطين" ولكنهم يفضلون بدلاً من ذلك صيغة من صيغ الحماية المُقدَّمة على شكل انتداب على فلسطين.[arabic-abajed 22] بعد شهر، كتب كورزون مذكّرةً[154] تم تدوالها في 27 سبتمبر/أيلول عام 1917 طرح فيها سؤالين، يكّز الأول على معنى عبارة "وطن قوميّ للعرق اليهوديّ في فلسطين"؛ حيث لاحظ أن هناك آراءاً مختلفة فيما يتعلَّق بالأمر تتراوح بين مركز روحيّ لليهود فقط وحتّى دولة كاملة.[155]
افترضت بعض الصحف البريطانية أنه كانت هناك رغبة بإقامة دولة يهوديّة حتى قبل إكمال الصيغة النهائية للإعلان.[lower-roman 16] كما بدأت الصحف في الولايات المتحدة باستخدام مصطلحات "الوطن القوميّ اليهوديّ" و"دولة يهوديّة" و"جمهوريّة يهوديّة" و"كومنولث يهوديّ" بشكل متبادل.[157]
يُقدّم الخبير في المعاهدات دايفيد هنتر ميلر، والذي كان حاضراً في مؤتمر باريس للسلام وقد جمع في وقت لاحق خلاصة 22 مجلد من الوثائق، يُقدّم تقريراً عن قسم المخابرات في الوفد الأمريكي إلى مؤتمر باريس للسلام 1919 وهو المؤتمر الذي أوصى بـ"إقامة دولة مستقلة في فلسطين، " وأن هذا "سيكون سياسة عصبة الأمم للاعتراف بفلسطين كدولة يهوديّة، حالما تقوم فيها دولة يهوديّة على أرض الواقع."[158][159] أبعد من ذلك نصح التقرير بإنشاء دولة فلسطينيّة مستقلة تحت انتداب بريطاني مشرع من عصبة الأمم. وأن يتم السماح بالاستيطان اليهودي وتشجيعه في هذه الدولة وأن تكون الأماكن المقدسة في هذه الدولة تحت سيطرة عصبة الأمم.[159] كما تحدَّثت مجموعة التحقيق الأمريكيّة للدراسة بإيجابيّة عن إمكانية قيام دولة يهوديّة في فلسطين في آخر المطاف إذا ما تواجدت التركيبة السكانية الملائمة لهذا الأمر.[159]
كتب المؤرخ ماثيو جايكوبز فيما بعد أن نهج الولايات المتحدة كان يعوقه "الغياب العام للمعرفة المتخصصة بالمنطقة" وأنه "مثل الكثير من أعمال لجنة التحقيق الأمريكيّة عن الشرق الأوسط، فإن التقارير عن فلسطين خاطئة للغاية" و"تفترض مسبقاً نتيجة الصراع". يقتبس ماثيو عن ميلر ما كتبه عن أحد التقارير عن تاريخ وتأثير الصهيونيّة بأنه "غير صالح على الإطلاق من أي نقطة استشراف وينبغي النظر إليها على أنها ليست أكثر من تقرير عن المستقبل"[160]
أكَّد اللورد روبرت سيسيل في 2 ديسمبر 1917 لجمهور يخطب فيه أن الحكومة قصدت أن "يهودا لليهود".[158]يرى يائير أورون أن سيسيل وباعتباره وكيل وزارة الدولة للشؤون الخارجية يمثل الحكومة البريطانية في احتفالية تجمع الاتحاد الصهيونيّ الإنجليزيّ "ربما قد ذهب أبعد من الموجز الرسميّ" في قوله (يستشهد بشتاين) "أمنيتنا أن تكون الدول العربية للعرب وأرمينيا للأرمن ويهودا لليهود".[161]
و في أكتوبر/تشرين الأول التالي، ناقش نيفيل تشامبرلاين أثناء ترؤوسه للقاء صهيونيّ موضوعَ "دولةٍ يهوديّة جديدة".[158] آنذاك كان تشامبرلاين عضواً في البرلمان عن دائرة برمنغهام، ليديوود، إذ أُعيد إحياء الفكرة مرَّةً أُخرى عام بعد موافقة تشامبرلاين على الكتاب الأبيض عام 1939، إذ ذكرت وكالة التلغراف اليهوديّة أن رئيس الوزراء "قد غيَّر رأيه بشكل ملحوظ خلال السنوات الواحدة والعشرين بين هذين الحدثين"[162] وبعد مرور عام وتحديداً في الذكرى الثانية لإعلان بلفور، قال الجنرال جان سمتس أن بريطانيا "ستفي بتعهدها... وأن دولةً يهوديّة عظيمةً ستقوم في نهاية المطاف."[158] وبالمثل، قال تششل بعد عدّة أشهر:
و قد سأل آرثر ميغان خلال لقاء حكوميّ في 22 يونيو/حزيران عام 1921 تشرشل عن معنى الوطن القوميّ. فأجاب تشرشل قائلاً "إذا ما أصبحوا على مدار السنين أكثريَّةً في البلد، فإنهم سيأخذونه بشكل طبيعيّ....بالتناسب مع العرب. لقد تعهّدنا بعدم إخراج العرب من أرضهم أو سلبهم حقوقهم السياسيّة والاجتماعيّة".[164]
كما كتب بلفور رداً على كرزون في يناير/كانون الثاني 1919 "لم يطرح وايزمان أبداً فكرة المطالبة بحكومة يهوديّة في فلسطين. برأيي، ادعاءٌ كهذا غيرُ مقبول بشكل واضح، ولا أعتقد شخصيَّاً أنه ينبغي علينا أن نذهب أبعد من الإعلان الأصليّ الذي أعلنته للورد روتشيلد".[165]
في فبراير/شياط عام 1919 أصدرت فرنسا بياناً بأنها لا تُعارض وضع فلسطين تحت الوصاية البريطانيّة وتشكيل دولة يهوديّة.[158] وقد لاحظ فريدمان أيضاً تغيُّر موقف فرنسا؛[158] كما سجّل يهودا بلوم، عند مناقشته لموقف فرنسا "غير الودود تجاه الحركة القوميّة اليهوديّة" محتوى تقرير كتبه روبرت فانسيارات (عضو بارز في الوفد البريطانيّ إلى مؤتمر باريس للسلام) إلى كرزون في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1920، إذ قال:
كما أخبر وزير خارجيّة اليونان لمحرر جريدة سالونيكا اليهوديّة الموالية لإسرائيل أن "تأسيس دولة يهوديّة يلقى في اليونان تعاطفاً كاملاً وصادقاً... ستصبح فلسطين اليهوديّة حليفاً لليونان."[158] أما في سويسرا، فقد أيَّد عددٌ من المؤرخين بما فيهم الأساتذة توبلر وفوريل-يوفرن وروجاز، فكرةَ إقامة دولة يهوديّة مع إشارتهم إلى "الحق المقدّس لليهود".[158] بينما في ألمانيا، فقد اعتبر المسؤولون ومعظم الصحافة الألمانيّة الإعلان بمثابة إقامة دولية لليهود برعاية بريطانيّة.[158]
أوضحت الحكومة البريطانيّة، ولاسيّما تشرشل أن الإعلان لم يقصد تحويل كامل فلسطين إلى وطن قوميّ يهوديّ، "لكن ينبغي أن يكون مثل هذا الوطن في فلسطين."[lower-roman 17]
كتب العقيد توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب) في رسالة إلى تشرشل في 17 يناير/كانون الثاني إلى تشرشل أن الأمير فيصل أكبر أبناء الشريف حسين "قد وافق على التخلِّي عن كل ادَّعاءات والده بفلسطين" مقابل السيادة العربية على العراق وعبر الأردن وسوريا.[168][lower-roman 18] يناقش كاتب سيرة فيصل اجتماعاً مثيراً عُقِدَ في 20 يناير/كانون الثاني عام 1921 بين فيصل وحدَّاد وحيدر وليندسي ويونغ وكورنواليس، ويقول أن هذا اللقاء أدَّى إلى سوء فهم سيُستَغلّ فيما بعد ضد فيصل حيث ادَّعى تشرشل في البرلمان أن فيصل كان يعرف بأن أراضي فلسطين على وجه الخصوص كانت مُستبعَدَةً من وعود دعم مملكة عربيّة مستقلّة. يقول علّاوي أن محضر الاجتماع يظهر فقط أن فيصل قد قبل بتأويل الحكومة البريطانيّة للتبادلات دون الاتفاق بالضرورة معهم.[169] أكَّد تشرشل في البرلمان عام 1922 هذا، "...محادثة عُقِدَت في وزارة الخارجيّة في العشرين من يناير 1921، بعد أكثر من خمس سنوات من إتمام المراسلات التي اعتمدت عليها الادِّعاءات. في هذه المناسبة شُرِحَت وجهة نظر حكومة صاحبة الجلالة إلى الأمير، الذي أعرب عن استعداده لقبول البيان القائل بنيّة حكومة صاحبة الجلالة لاستبعاد فلسطين."[170]}} أبرم الأمير فيصل ملك سوريا والعراق اتفاقاً رسمياً مع القياديّ الصهيونيّ حاييم وايزمان، إذ صاغ مسوّدة هذا الاتفاق العقيد توماس إدوارد لورنس، تضمّن هذا الاتفاق الإشارة إلى محاولة تأسيس علاقة سلام بين العرب واليهود في فلسطين.[171] وُقِّعَت اتفاقية فيصل-وايزمان في 3 يناير عام 1919، استمرت هذه الاتفاقيّة لمدة قصيرة وتضمنت تعاوناً عربياً يهودياً لتسهيل إنشاء وطن لليهود في فلسطين.[arabic-abajed 23] وتعامل فيصل مع فلسطين بشكل مختلف فر عرضه في مؤتمر السلام في 6 فبراير/شباط 1919، إذ قال "فلسطين، وبسبب طابعها العالميّ، [ينبغي أن] تُترك على جانب واحد للنظر المتبادل بين جميع الأطراف المعنيّة".[173][174] لم تُنفَّذ هذه الاتفاقية على الإطلاق.[arabic-abajed 24] و في رسالة لاحقة كتبها لورنس عن توقيع فيصل للاتفاقيّة باللغة الإنجليزيّة، أوضح لورنس:
عندما عُرضَت الرسالة على لجنة شاو عام 1929، تحدَّث رستم حيدر إلى فيصل في بغداد وأبرقَ بأن فيصل "لا يتذكّر أنه كتب أي شيء من هذا القبيل".[177] وفي يناير/كانون الثاني عام 1930 كتب حيدر لصحيفة في بغداد أن فيصل: "يجد من الغريب للغاية أن يُنسب الأمر إليه لأنه لن يفكر في أيّ وقت بالسماح لأي دولة أجنبيّة بالمشاركة في بلد عربيّ".[177] كما كتب عوني عبد الهادي سكرتير فيصل في مذكراته أنه لم يكن على علم بأن لقاءاً بين فرانكفورتر وفيصل قد عُقِد وأنه: "أعتقج أن هذه الرسالة، بافتراض أنها حقيقيّة، قد كتبها لورنس، وأن لورنس وقَّعها بالإنجليزيّة نيابةً عن فيصل. أعتقد أن هذه الرسالة جزء من الادعاءات الكاذبة التي اختلقها حاييم وايزمان ولورنس لتضليل الجمهور."[177] وبحسب علاوي، فإن التفسير الأكثر ترجيحاً لرسالة فرانكفورتر هو أنه تمّ عقد اجتماع وقام لورنس بصياغة رسالة باللغة الإنجليزية، لكن "محتوياتها لم تكن واضحة تماماً لفيصل. ومن ثمّ تم حضّه أو لم يتم على التوقيع عليها"، وذلك باعتبارها تتعارض مع تصريحات فيصل العامّة والخاصة آنذاك.[178]و قد نقل ماتين عن فيصل خلال مقابلة في 1 مارس/آذار قوله:
يملي عليّ هذا الإحساس باحترام الأديان الأخرى رأيي عن فلسطين، جارتنا. أن يأتي اليهود غير السدعاء للإقامة هناك وأن يتصرّفوا كمواطنين جيّدين في هذا البلد، ستفرح إنسانيتنا بأنهم وُضعوا تحت حكومة مسلمة أو مسيحية مُفوَّضة من عصبة الأمم. إذا أرادوا إقامة دولة وأن يطالبوا بالحقوق السياديّة في هذه المنطقة، فإني أرى مخاطر جديّة للغاية. سيكون هناك تخوّف من حدوث صراع بينهم وبين الأعراق الأخرى.[179]
و بالرجوع إلى الكتاب الأبيض الصادر عام 1922، فقد كتب تشرشل لاحقاً أنه "لا يوجد فيه شيء يحول دون إقامة دولة يهوديّة في النهاية."[180] وفي المستوى الخاصّ، فقد اتفق عدّة مسؤولين بريطانيّين مع تفسير الصهاينة بأن الدولة ستقوم عندما تتحقق الأغلبيّة اليهوديّة.[181]
التقى حاييم وايزمان بتشرشل ولويد جورج وبلفور في منزل بلفور في لندن في 21 يوليو/تمّوز عام 1921، وخلال هذا اللقاء قام لويد جورج وبلفور بطمأنة وايزمان "بأنهما كان يعنيان دولةً يهوديّة في نهاية المطاف"، وفقاً لمحضر وايزمان عن اللقاء.[182] قال لويد جورج عام 1937 أنه كان المقصود أن تصبح فلسطين كومنولث يهوديّ إذا وعندما "يصبح اليهود أغلبيّة حاسمة بين السكّان"، [arabic-abajed 25] وكرَّر ليو أمري الموقف ذاته عام 1946,[arabic-abajed 26] وفي تقرير لجنة اليونسكوب عام 1947، خضعت قضية الوطن مقابل الدولة للتدقيق، وقد وصلت اللجنة إلى نتيجة مماثلة لما خلص إليه لويد جورج.[lower-roman 19]
ردود الفعل
التأثير طويل الأمد
ردّاً على وعد بلفور قامت عدّة ثورات أبرزها الثورة الفلسطينية الكبرى عام ١٩٣٥م على يد الشيخ عزّ الدين القّاسم وبعد استشهاده قادها فخري عبد الهادي فأرسل الإنتداب البريطاني لجنة بيل ١٩٣٧م التي أعلنت تقسيم فلسطين بين العرب واليهود .
انظر أيضاً
ملاحظات
اقتباسات داعمة
- كان مونتيفيوري أغنى يهوديّ بريطانيّ، وقائد مجلس نواب اليهود البريطانيين. تضمَّنت رسالة تشارلز هنري تشرشل الأولى عام 1841 تحفيز الاهتمام بالهجرة اليهوديّة إلى فلسطين: "لنفترض أنك وزملاؤك يجب أن تهتموا مرةً ما في هذا الأمر الجديّ لاستعادة بلدكم القديم، يبدو لي (بانياً آرائي على المعطيات الموجودة في الإمبراطورية التركية) أنه يمكن فقط لمواضيع البابا كهذه أن تبدأوها وتعيدوا موطئ قدمكم في فلسطين".[8]
- وفقاً لمذكرات وايزمان، كانت المحادثة على النحو الآتي: "سيد بلفور، لنفترض أنني أعرض عليكم باريس بدلاً من لندن، هل ستأخذونها؟" جلس، ثم نظر إليّ وأجابني: "لكن د.وايزمان، نحن لدينا لندن." ثم قلت: "هذا صحيح" "و لكن نحن امتلكنا القدس عندما كانت لندن مستنقعاً." وقد... قال شيئين أتذكرهما بوضوح. الأول: "هل هناك الكثير من اليهود ممن يفكرون مثلك؟" أجبت: "أعتقد أنني أتحدث بعقلية ملايين اليهود ممن لن تستطيع رؤيتهم ولا يستطيعون الحديث عن أنفسهم." ...لهذا قال: "إذا كان الأمر هكذا ستكون يوماً ما قوَّة." قبل وقت قصير من انسحابي، قال بلفور: "من الغريب أن اليهود الذين التقيتهم كانوا مختلفين تماماً." أجبت: "أنت تلتقي النوع الخاطئ من اليهود سيد بلفور".[25]
- وصفت ملاحظات وايزمان أن اللقاء اتسم بـ:"اعتقد [جايمس] أن الطموحات الفلسطينية لليهود ستجد استجابة مواتية جداً في الدوائر الحكوميّة، التي ستدعم مشروعاً كهذا، من ناحية إنسانيّة ومن وجهة نظر سياسيّة إنجليزيّة. حيث سيُمثِّلُ قيام مجتمع يهوديّ قويّ في فلسطين أصلاً سياسيّاً قيِّماً. لذا فقد اعتقد أن المطالب التي تتحدث عن تشجيع استعمار اليهود في فلسطين متواضعة جداً ولن تستهوي رجال الدولة بشدة. ينبغي للمرء أن يطلب أكثر من هذا والأمر الذي يُقارب إلى تشكيل دولة يهوديّة."[28] شرح جوتوين هذه المناقشة على النحو الآتي: "إن توصية جايمس بأنه ينبغي على الصهاينة أن لا يتوقفوا عند طلب توطين اليهود في فلسطين، ولكن أن يتجاوزوه إلى طلب دولة يهوديّة، تعكس التناقض السياسيّ بين الإصلاحيين الذين كانوا على استعداد لدعم توطين اليهود في فلسطين كجزء من إعادة تنظيم الإمبراطورية العثمانية، والراديكاليين الذين نظروا إلى الدولة اليهوديّة كوسيلة لتقسيمها. وعلى الرغم من أن تأكيد جايمس أن طلب الدولة اليهوديّة سيساعد في كسب دعم رجال الدولة البريطانية، في ضوء معارضة أسكويث وجراي لهذا الطلب، يبدو أن عدم الدقة إن لم يكن التفسير المضلل لنصيحة جايمس كان يهدف إلى تجنيد وايزمان، ومن خلاله الحركة الصهيونيّة، لمساعدة الراديكاليين ولويد جورج."[28]
- ورد في مذكرات وايزمان: "إن دخول تركيا في المعركة والتعليقات التي أدلى بها رئيس الوزراء في خطابه في جاليدهال كان دافعاً إضافياً باتجاه مواصلة العمل الاستطلاعيّ بسرعة أكبر... فرصة عرضت نفسها لنقاش المشاكل اليهوديّة مع السيد سي. بي. سكوت (محرر مانشستر جارديان)... أعتقد أن السيد سكوت قد أعطى انتباهه الحذر جداً والتعاطفيّ مع المشكلة بأكملها، وهذا كان جيداً كفايةً ليعد بأن يُكلِّم السيد لوي جروج في هذا الموضوع... وبحدوث هذا الأمر، اقترح السيد لويد جورج بعد عدة مشاغل طيلة الأسبوع، اقترح أن عليّ رؤية السيد هربرت صموئيل، وقد حدثت هذه المقابلة في مكتبه.[حاشية سفلية: 10 ديسمبر/كانون الأول 1914]"[47]
- مذكرات وايزمان: "أعتقد أن مطالبي كانت متواضعة للغاية، وأنه يجب القيام بأشياء أكبر في فلسطين؛ هو نفسه سيتحرك ويتوقَّع أن يتحرَّك اليهود حالما ينجلي الوضع العسكريّ... يتعين على اليهود التضحية وقد كان هو مستعداً لهذا. عند هذه النقطة، غامرت بأن أسأل من أي ناحية خطط السيد صمئيل أكثر طموحاً من خططي. فضَّل السيد صموئيل عدم الدخول في مناقشة خططه، لأنه يود الاحتفاط بها "سلسةً"، ولكنه اقترح أنه ينبغي على اليهود بناء سكك حديديّة ومرافئ وجامعة وشبكة من المدارس إلخ... كان يعتقد أيضاً أنه يمكن إعادة بناء الهيكل كرمز للوحدة اليهودية وبطبيعة الحال بشكل حديث."[49]
- مرة أخرى من مذكرات وايزمان: "بناء على اقتراح البارون جايمس، ذهبت لرؤية السير فيليب ماجنوس وأجيت معه محادثة طويلة، وقد عبَّر عن استعداده للتعاون، شرط أن يتم تقديره بشكل كبير... سألت السير فيليب عن رأيه عن صوابيّة رؤية السيد بلفور وقد اعتقد أن مقابلة السيد بلفور ستكون ذات أهميّة وقيمة كبيرتين... في إحدى زياراتي للندن كتبت للسيد بلفور وحصلت على موعدٍ معه في يوم السبت في الأسبوع ذاته في الساعة 12:00 في مكتبه.[حاشية سفليّة: 12 ديسمبر/كانون الأول 1914] تحدثت معه بشكل عمليّ بنفس التسلسل الذي تحدثت مع السيد صموئيل فيه، ولكن كل منعطف في هذا الحديث كان أكاديمياً أكثر من كونه عملياً."[50]
- طُلب من وايزمان إنتاج عملية جديدة لإنتاج الأسيتون من أجل خفض تكلفة إنتاج الكوردايت؛[46] وقد وُصِفَ الاعتقاد الشائع بأن هذا الدور منحه تأثيراً لإصدار الإعلان، وُصف بأنه "خياليّ"، [55] و"أسطورة" و"خرافة"، [56] و"نتاج خيال [جورج لويد]".[57] وقد ورد في مذكرات الحرب الخاصة بجورج لويد التي خلقت هذه الأسطورة: "و لكن بحلول ربيع 1915 أصبح الموقف في سوق الأسيتون الأمريكية حساساً للغاية... سرعان ما بات واضحاً من خلال المسح الذي أجريناه لجميع المتطلبات المتوقّعة المتنوّعة، بات واضحاً أن إمدادات كحول الخشب لمصانع الأسيتون لن تكون كافية للطلب المتزايد، وخاصة في عام 1916... بينما كنت ألقي عن بعض حلول المشكلة، عارضت محرر مانشستر جارديان سي. بي. سكوت... أخذت كلمته عن البروفيسور وايزمان ودعوته لرؤيتي في لندن... استطاع إنتاج الأسيتون بعملية تخمير داخل المختبر، ولكنها تطلَّبت وقتاً قبل أن يستطيع ضمان إنتاج ناجح على مقاييس المصانع. في غضون أسابيع قليلة أتى إليّ وقال: "لقد حُلَّت المشكلة."... عندما حُلت مشاكلنا من خلال عبقرية الدكتور وايزمان قلت له: "لقد قدَّمت خدمةً عظيمة للدولة، وينبغي عليّ أن أسأل الوزير الأول أن يقترحك لجلالتها لبعض التكريم.' قال: 'لا أريد شيئاً لنفسيّ.' سألته: 'ألا يوجد شيء نستطيع فعله كاعتراف لمساعدتك القيّمة للبلد؟'. ردّ: 'نعم، أريد أن تفعل شيئاً ما لشعبي' ثم أوضح تطلُّعاته فيما يتعلَّق بإعادة اليهود إلى الأرض المقدسة التي اشتهروا بها. كان هذا منبع وأصل الإعلان الشهير عن الوطني القوميّ لليهود في فلسطين. وعندما أصبحت الوزير الأول تحدَّثت عن المسألة برمتها مع السيد بلفور والذي كان فيما بعد وزيراً للخارجيّة. كعالمٍ كان مهتماً للغاية عندما حدَّثته عن إنجاز الدكتور وايزمان. كنا قلقين آنذاك فيما يتعلّق بجمع الدعم اليهوديّ في البلدان المحايدة، ولاسيّما أميركا. تم الاتصال مباشرة بين الدكتور وايزمان ووزير الخارجيّة. هكذا كانت بداية الجمعية؛ وكانت نتيجة ذلك بعد تفحُّصٍ طويل إعلان بلفور الشهير..."[58]
- انظر الرسالة الأصليّة التي أُرسلت 25 أكتوبر/تشرين الأول 1915 هنا. وصف جورج أنطونيوس وهو أول من نشر المراسلات كاملةً، وصف هذه الرسالة بأنها "الأهم من المراسلات بأكملها، وقد يُنظر إليها باعتبارها الوثيقة الأكثر أهميّة في تاريخ الحركة القوميّة العربيّة... وما يزال يُستشهد بها على أنها الدليل الرئيسيّ لاتهام العرب لبريطانيا العظمى بنكث عهودها معهم."[63]
- قال سايكس في رسالة بتاريخ 27 فبراير 1916 قُبيل رحيله إلى روسيا إلى صموئيل: "قرأت مذكرتك وقد حفظتها."[65] وفيما يتعلَّق بالحدود شرح سايكس: "باستثناء الخليل وشرق الأردن هناك القليل لنناقشه مع المسلمين، حيث يصبح مسجد عمر القضية الوحيدة ذات الأهميّة الحيوية لنناقشها معهم وأبعد من ذلك مع أيٍّ من البدو الذين لا يعبرون النهر إلا من أجل الأعمال. أتخيَّل أن الهدف الأساسيّ للصهيونيّة هو تحقيق مركز تواجد مثاليّ لقوميّة بدلاً من إقامة حدود أو امتداد أراضٍ."[66]
- و قد دوَّن بلفور في مذكراته في أغسطس/آب 1919، "في 1915 أُقرَّ إسناد مهمة تحديد الحدود لشريف مكة، ولم يكن هناك أي قيود على تقديره باستثناء تحفُّظات معينة بغية حماية المصالح الفرنسيّة في غرب سوريا وكيليكيا. في 1916 بدا كما لو تم تناسي كل هذا. فقد ألغت اتفاقية سايكس بيكو إلى مرجعيّة لشريف مكة ووثائقنا الخمس المتعلّقة بالأمر، التي لم يسمع بها منذ ذاك الوقت. تبنت فرنسا وإنجلترا اللتان خلقتا من خلال اتفاقيّة سايكس بيكو التدابير الإقليميّة الرئيسية التي وُصفت سابقاً-و هي التدابير التي لم يوافق عليها حلفائنا والقوى المرتبطة بهم صراحةً ولم يستبدلونها صراحةً."[69]
- ناقش سايكس المسألة مع بيكو، حيث اقترح إنشاء سلطنة عربيّة في فلسطين تحت الحماية البريطانيّة والفرنسيّة، وقد وبَّخ إدوارد جراي سايكس، كان ينبغي على بوشان أن يبلغ سايكس بأن 'يطمس من ذاكرته أن مذكرة حكومة السيد صموئيل قد أشارت بأي شكل إلى حماية بريطانية وأنني أخبرت السيد صموئيل في ذاك الوقت بأن الحماية البريطانية كانت غير واردة على الإطلاق وعلى السير مارك سايكس ألا يذكر هذا الموضوع أبداً دون توضيحه'.[76]
- وصف ناحوم سوكولوف اللقاء عام 1919 بالآتي: "في 7 فبراير 1917 تشكلت نقطة تحوّل في التاريخ... في بداية عام 1917 دخل السير مارك سايكس في علاقات أوثق مع الدكتور وايزمان والكاتب، وقد أدَّت النقاشات التي حصلت مع الأخير إلى لقاء 7 فبراير عام 1917 الذي يُمثِّلُ بداية المفاوضات الرسميّة، وإلى جانب السير مارك سايكس شاركت الأسماء الآتية في اللقاء: اللورد روتشيلد والسيد هربرت بينتويتش والسيد جوزيف كوين والدكتور موسى جاستر (حدث اللقاء في منزله) والسيد جايمس دي روتشيلد والسيد هاري ساتشر ورايت هون وهربرت صموئيل والدكتور حاييم وايزمان والكاتب."[88]
- كما أبلغ مارك سايكس الصهاينة بأنه كان سيلتقي بيكو في اليوم التالي وقد رُشِّح سوكولوف من قِبل روتشيلد لحضور هذا اللقاء الذي حدث في منزل سايكس. تمكَّن سوكولوف من تقديم قضية الصهاينة وشرح رغبته بالحماية البريطانيّة رغم أن بيكو رفض هذه النقطة. وفي اليوم التالي، التقى بيكو وسوكولوف وحدهما في السفارة الفرنسيّة، وقد قال بيكو تعليقاً على هذا الحدث "سيرى بأن الحقائق المتعلّقة بالصهيونيّة قد أُوصِلَت إلى الجهات المناسبة وأنه [أي بيكو] سيبذل قصارى جهده لتفوز الحركة [الصهيونيّة] أيَّاً كانت مواقف التعاطف الضروريّة للفوز بما يتفق مع وجهة النظر الفرنسيّة في هذه المسألة."[91]
- كانت حكومة الحرب خلال مراجعة هذا المؤتمر في 25 أبريل/نيسان "ميَّالةً إلى الرأي القائل بآنه عاجلاً أم آجلاً ينبغي إعادة النظر باتفاقية سايكس بيكو... كما أنه ينبغي عدم القيام بأي إجراء في هذه المسألة في الوقت الحالي".[101]
- تلقَّى سايكس باعتباره كبير المسؤولين التنفيذيِّين لقوة الاستطلاع المصرية إرشادات الحكوة البريطانيّة في 3 أبريل/نيسان بينما تلقَّى بيكو المندوب السامي للأراضي التي ستحتلُّها فرنسا في سوريا وفلسطين إرشادات حكومته في 2 أبريل/نيسان.[104][105] وقد وصل سايكس وبيكو إلى الشرق الأوسط في نهاية أبريل/نيسان واستمرا في المناقشات حتى نهاية مايو/أيَّار.[103]
- تُعرف لجنة الجاليات اليهوديّة (بالإيطالية: Comitato delle università israelitiche) اليوم باتحاد الجاليات اليهوديّة الإيطاليّة (بالإيطالية: Unione delle comunità ebraiche italiane)
- عام 1929، كتب القائد الصهيونيّ جايكوب دي هاس: "في مايو 1917 قبيل وصول بعثة بلفور إلى الولايات المتحدة، استغل الرئيس ويلسون المناسبة لإتاحة الفرصة للمناقشات الصهيونيّة الفلسطينيّة، ولم تُهمل هذه المناسبة. وفي أول استقبال رسميّ للسيد بلفور من قِبل الرئيس ويلسون، خصَّ بلفور برانديز كأحد الأشخاص الذي يرغب بإجراء مُحادثة خاصّة معهم. وقد لخَّص السيد بلفور في واشنطن موقفه في جملة واحدة، "أنا صهيونيّ". ولكن كما التقى برانديز ببلفور كلما تطلَّبت الظروف، فقد التقى صهاينة آخرون وناقشوا المشكلة الفلسطينيّة مع جميع أعضاء البعثة البريطانيّة الذين كان يُعتقد أنهم مرغوبون لزرع التفاهم. وقد كان هذا ضرورياً لأنه في هذا المنعطف الخاص كان إقامة إلزام أمريكيّ في فلسطين كانت سياسة لم يفضلها برانديز، وكان يجري مناقشتها في الصحف الأوروبيّة باستمرار."[119]
- كتب رونالد جراهام إلى اللورد هاردنج الوكيل الدائم لوزارة الدولة للشؤون الخارجيّة (أعلى موظف حكوميّ بعد الوزير في وزارة الخارجيّة) في 13 يونيو/حزيران عام 1917: "يبدو في ضوء التعاطف تجاه الحركة الصهيونيّة الذي سبق أن أعرب عنه رئيس الوزراء السيد بلفور واللورد أر. سيسيل ومسؤولون آخرون، أننا ملزمون بدعمها، على الرغم من أن السياسة الصهيونيّة باتت أكثر تحديداً ينبغي أن يكون دعمنا ذا طابع عام. لذلك، ينبغي أن نضمن كل المنافع السياسيّة التي نستطيع الحصول عليها من خلال اتصالاتنا بالصهيونية، ولاشك أن هذه المنافع ستكون كبيرة، ولاسيّما في روسيا، حيث تنحصر وسيلة الوصول إلى البروليتاريا اليهودية عبر الصهيونيّة، التي يلتزم معظم يهود هذه البلاد بها."[120]
- كتب وايزمان: "يبدو أنه من المرغوب بالنسبة لجميع وجهات النظر أن تُعبِّر الحكومة البريطانيّة عن تعاطفها ودعمها للادعاءات الصهيونيّة بما يتعلّق بفلسطين. في الحقيقة، يحتاج الأمر إلى تأكيد الرأي الذي عبَّر عنه أعضاء بارزون ومُمثِّلون للحكومة عدة مرات لنا، وهو الذي شكَّل الأساس لمفاوضاتنا طوال فترة طويلة قاربت الثلاثة أعوام"[121]
- في 16 أبريل 1916، وفي استجابة لطلب مُفوَّضِي السلام الأمريكيين، أوضح الرئيس الأمريكي ويلسون التقارير الصحفيّة التي انتشرت عن كلامه حيث قال: "طبعاً لم أستخدم أيَّاً من الكلمات المُقتبسة، وهم في الواقع لا يزعمون أنها كلماتي. ولكنني قلت من حيث الجوهر ما تم اقتباسه، على الرغم من أن تعبير "تأسيس كومنولث يهوديّ" كان أبعد قليلاً من فكرتي في ذاك الوقت. كل ما كنت أقصده تأكيد مواقفنا المعلنة من موقف الحكومة البريطانيّة بالنظر إلى إلى مستقبل فلسطين".[146]
- يستشهد شميدت كذلك بقول شتاين بأن "آراء بونار لو عن المسألة الصهيونيّة غير معروفة" بالإضافة إلى قول ابنه وكاتب سيرته الذاتيّة لآراء مشابهة لرأي شتاين.[148]
- يقول سايكس في مذكرته الرسميّة عن لقاءات جمعته بصهاينة: "ما لا يريده الصهاينة: I.الحصول على أي سلطة سياسيّة خاصة على المدينة القديمة للقدس بحد ذاته أو التحكم بأي أماكن مقدسة إسلامية أو مسيحية؛II. إقامة جمهورية يهوديّة أو أي شكل آخر لدولة في فلسطين؛ III. التمتع بأي حقوق خاصة لا يتمتع بها بقية سكان فلسطين؛ بينما يرغب الصهاينة في: I.الاعتراف بالسكان اليهود في فلسطين كوحدة قوميّة، متحدة مع الوحدات القوميّة [الأخرى] في فلسطين؛ II. الاعتراف بحق المستوطنين اليهود الأوائل بالانضمام إلى الوحدة القوميّة اليهوديّة في فلسطين"[153]
- شرح علي علاوي ذلك على النحو الآتي: "عندما غادر فيصل اللقاء مع وايزمان لشرح تصرفاته لمستشاريه الذين كانوا في جناح من المكاتب قريب في فندق كارلتون، قُوبل حينها بتعبيرات الصدمة وعدم التصديق [من قِبَل مستشاريه]. كيف يمكن له أن يوقّع على وثيقة كتبها أجنبيّ لصالح أجنبيّ آخر باللغة الإنجليزية، بلغة لا يعرف عنها شيئاً، فأجاب فيصل مستشاريه كما سجّل عوني عبد الهادي في مذكراته، "أنتم محقّون في أن تفاجؤوا لأنني وقّعت مثل هذا الاتفاق المكتوب باللغة الإنجليزيّة. لكنني أؤكد لكم أن دهشتكم ستختفي عندما أقول لكم بأنني لم أوقّع على الاتفاقيّة قبل أن أشير كتابياً إلى أن موافقتي على التوقيع مشروطةٌ بقبول الحكومة البريطانيّة لمذكرة سابقة قدّمتها إلى وزارة الخارجيّة... تحتوي [هذه المذكرة] على مطلب استقلال الأراضي العربيّة في آسيا، بدءاً من خط يبدأ في الشمال من الإسكندرية وحتى ديار بكر ويصل إلى المحيط الهندي في الجنوب. وفلسطين كما تعلمون ضمن هذه الحدود... لقد أكّدت خلال هذه الاتفاقيّة قبل التوقيع أنني لست مسؤولاً عن تنفيذ أي شيء في هذه الاتفاقيّة إذا سُمح بأي تعديل على مذكرتي""[172]
- رغم ذكر لجنة اليونسكوب إلى أنه "بالنسبة لعدة مراقبين في ذاك الوقت، اِعتُبر إبرام اتفاقيّة فيصل-وايزمان بشَّر بخير فيما يتعلّق بالتعاون المستقبليّ بين العرب واليهود في فلسطين."[175] وفي إشارة إلى تقرير عام 1937 للجنة الملكيّة الفلسطينيّة، إذ أشارت إلى أنه "ليس هناك أي زعيم عربيّ منذ 1919 قال أن التعاون مع اليهود ممكن حتّى" على الرغم من الآمال التي عبّر عنها الممثلون البريطانيّون والصهينيّون.[176]
- قال لويد جورج في شهادته أمام اللجنة الملكيّة الفلسطينيّة: "كانت الفكرة، وكان هذا التفسير الذي وُضع في ذلك الوقت، ألَّا تُقام دولة يهوديّة على الفور في إثر معاهدة السلام دون الرجوع إلى رغبات أغلبيّة السكان. من ناحية أُخرى، تم الاعتقاد بأنه عندما يحين الوقت الذي يتم فيه إنشاء مؤسسات تمثيليّة لفلسطين، فإذا ما استغلّ اليهود لهذه الفرصة الموفرة لهم بفكرة الوطن القوميّ وتمكّنوا من أن يصبحوا أغلبيّة حاسمة في السكان، وبالتالي ستصبح فلسطين كومنولث يهوديّ."[183]
- شهادة أمري تحت القسم أمام لجنة التحقيق الأنجلو-أمريكية في نياير/كانون الثاني 1946: "إن عبارة 'تأسيس وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي' كان المقصود منها وتم فهمها من جميع الأطراف المعنية في وقت إعلان بلفور أن فلسطين ستصبح في النهاية 'كومنولث يهوديّ' أو 'دولة يهوديّة'، إذا جاء اليهود فقط واستوطنوا هناك بأعداد كافية."[184]
ملاحظات تفسيرية ووجهات نظر علمية
- وصف رنتون ذلك على النحو التالي: "إن جانباً حاسماً من هذا التصور للإعلان باعتباره نتاجاً للإخوَّة البريطانيّة، على عكس الواقع، كان أن لدى البريطانيين قلق طبيعيّ وعميق الجذور فيما يتعلّق بحقوق اليهود ولاسيّما الإحياء القوميّ، وهو ما كان جزءاً متأصلاً في الثقافة والتاريخ البريطانييَن. وبهذه الطريقة التي ٌقُدِّم بها الإعلان، أُظهر الإعلان كما لو أنه طبيعيّ.و بالتالي قُدمت الصهيونيّة لا فقط باعتبارها الغاية النهائية من التاريخ اليهوديّ، ولكن من التاريخ البريطاني أيضاً. إن ميل التاريخين الوطنيّ والصهيونيّ إلى التطور والنمو باتجاه نقطة واحدة من المصير والفداء، سمح بالواقع بالتفسير من هذا القبيل. وهكذا أُنتجت أسطورة "الصهيونية الأولية" البريطانيّة، التي كان لها تأثير طويل الأمد على تأريخ وعد بلفور، وذلك تلبية لحاجات الدعاة الصهيونيِّين الذين يعملون لصالح الحكومة البريطانية."[2]
- كتب دونالد لويس: "إن مزاعم هذا وفقط عبر [الفيلوسامية المسيحيّة والصهيونية المسيحية]، يمكن أن تفسر التأثيرات الدينية والثقافية التي عملت معاً لتخلق جواً من الرأس بين أوساط النخبة السياسية في بريطانيا، والتي حُسمت بشكل نهائي بوعد بلفور[7]
- ، وفيما يتعلّق بالمخططات الأوروبيّة لتشجيع الهجرة الكاثوليكية واليهودية إلى فلسطين، يشير شولتش أن "لكن من بين العديد من مشاريع المستعمرات والشركات، لم تلاقي سوى اثنتان فقط نجاحاً: مستعمرة الفرسان منذ عام 1868 والمهاجرون اليهود منذ 1882".[9]
- يصف ليفين وموسبيرج هذا بالتالي: "لم يكن أصل الصهيونيّة اليهوديّة والتقليديّة، بل معاداة الساميّة والقوميّة. انتشرت المثل العليا للثورة الفرنسية ببطئ عبر أوروبا، وأخيراً وصلت مستوطنة بالي في الإمبراطورية الروسية، مما ساعد على انطلاق التنوير اليهودي أو الهاسكالا. أدى ذلك لانقسام دائم في العالم اليهوديّ، بين من اعتنقوا رؤية الهويّة المرتكزة على الدين أو الهلاخاه وأولئك الذين تبنَوا جزئياً الخطاب العنصري المنتشر آنذاك وجعلوا من الشعب اليهودي أمة. وقد ساعد في ذلك موجة المذابح المُدبَّرة في أوروبا الشرقية التي بدأت بدفع مليوني يهوديّ للهجرة طيراناً، معظمهم اختار أمريكا، ولكن بعضهم اختاروا فلسطين. وقد كانت القوة الدافعة وراء هذا حركة أحباء صهيون التي عملت منذ عام 1882 لتطوير هويّة عبرية منفصلة عن اليهوديّة كدين."[12]
- و قد كتب جليفن: "إن حقيقة أن الوطنية الفلسطينية تطور بعد الصهيونيّة، بل باعتبارها رداً عليها، لا يقلل بأس شكل من الأشكال شرعيّة الوطنيّة الفلسطينيّة أو يجعلها أقل شرعيّةً من الصهيونيّة. فكل القوميات نشأت معارضةً لبعض 'الآخرين'. وإلا لم قد يكون هناك حاجةٌ لتحديد من أنت؟ وتُعرَّف جميعا القوميات بمن تعارضه. وكما رأينا، فقد نشأت الصهيونيّة ذاتها كرة فعل على الحركات القوميّة المعادية للسامية والإقصائيّة في أوروبا. سيكون من الخطأ الحكم على الصهيونيّة على نحوٍ ما أقل بأنها شرعيّة من معاداة الساميّة الأوروبيّة أو تلك القوميات. علاوةً على ذلك، إن الصهيونيّة بحد ذاتها تُعرَّف بمعارضتها للسكان الفلسطينين الأصليين في المنطقة. فكلٌ من 'فتح الأرض' و'فتح العمال' شعاراتٌ أصبحت مركزية لسلالة الصهيونيّة المهيمنة في يشوب والتي نشأت نتيجة للمواجهة الصهيونيّة مع 'الآخرين' الفلسطينيِّين.[13]
- كتب ديرفريز: "رضخ بلفور على الأقل لجهود تشامبرلاين الباكرة لمساعدة اليهود على إيجاد أراضٍ لإقامة مستوطنة يهوديّة. وفقاً لسيرته، فقد كان مهتماً بما فيه الكفاية بالصهيونيّة في آواخر 1905 ليسمح لرئيس الدوائر اليهوديّة في حزبه تشارلز دريفوس بتنظيم لقاء له مع وايزمان. من المكن أنه كان مفتوناً برفض المجلس الصهيونيّ لعرض 'أوغندا'. ومن غير المرجح أن يكون بلفور قد 'تحوَّل' إلى الصهيونيّة خلال هذا اللقاء، على الرغم من أن هذا الرأي قد قدَّمه وايزمان وأيَّده كاتب سيرة بلفور. كان بلفور قد استقال من منصبه كوزير أول عندما التقى وايزمان."[19]
- كتب روفنز: "في ربيع عام 1903 كان السكرتير ذو الستة والستين عاماً مُتعباً من رحلة إلى الممتلكات البريطانيّة في أفريقيا... أياً كان منشأ الفكرة، استقبل تشامبرلاين هرتزل في مكتبه بعد أسابيعٍ فقط من برامج إبادة كيشينيف. ركَّز على هرتزل بنظارته المفردة (المونوكل) وعرض عليه مساعدته. قال له تشامبرلاين "رأيتُ لك أرضاً في رحلاتي، وهي أوغندا. ليست على الساحل، ولكنها إلى الداخل مما يجعل مناخها ممتازاً حتى بالنسبة للأوروبيين... وقلت لنفسي ستكون هذه أرضاً للدكتور هرتزل.".[22]
- كتب روفنر: "بعد ظهية اليوم الرابع للمؤتمر، قدَّم نورادو ثلاث حلول أمام المندوبين: (1)أن توجّه المنظمة الصهيونيّة جميع جهودها المستقبليّة إلى فلسطين فقط؛ (2)أن تشكر المنظمة الصهيونيّة الحكومةَ البريطانيّة لعرضها أراض للحكم الذاتي شرق أفريقيا؛ و(3)أن تنحصر عضوية المنظمة الصهيونيّة باليهود الذين يعلنون ولائهم لبرنامج بازل (البيان الذي صدر عن المؤتمر الصهيونيّ الأول)." اعترض زانجويل... وعندما أصرَّنورادو على حق المؤتمر في تمرير الحلول بغض النظر، غضب زانجويل، وقال متحدياً نورادو "ستُحاكم أمام محكمة التاريخ"... ومنذ الساعة الواحدة والنصف مساءاً تقريباً من يوم 30 يوليو(/تموز) عام 1905، سيُعرَّف الصهيونيّ من الآن فصاعداً بأنه الشخص الذي التزم ببرنامج بازل و"التأويل الأصلي" الوحيد للبرنامج القائم على نشاط الاستيطان حصراً في فلسطين. لم يقبل زانجويل وداعموه "التأويل الأصليّ" الذي قدَّمه نورادو، حيث اعتقدوا أن هذا سيقود إلى التخلّي عن الجماهير اليهوديّ وعن رؤية هرتزل. وقد ادَّعى أحد المستوطنين أن كتلة أوشيشكين الانتخابيّة "دفنت الصهيونيّة السياسيّة" في الواقع."[23]
- لاحظ شنير أن: "لم يكن إعلان بلفور، في حدِّ ذاته، مصدراً للمشكلة في أرضٍ كانت سابقاً تعيش في سلام، ولكنه لم يكن مجرَّد إشارة على طريقٍ يتجه نحو الهاوية. لا يمكن لأحدٍ أن يقول ما كان يمكن أن تسير وفقه الأحداث في فلسطين دون الإعلان. ما حدث نتاجٌ للقوى والعوامل غير المتوقعة تماماً."[41]
- يصف كيدوري بيان الكتاب الأبيض عام 1922بأنه: "...غير صحيح أن الحكومة اعتبرت 'دائماً' تحفظات مكماهون شاملة لولاية بيروت وسنجق القدس، حيث أن هذه الوثيقة ليست أقدم من مذكرة يونج في نوفمبر 1920".[61]
- قُدِّم سايكس إلى وايزمان وسولوكو عبر جايمس أرتون مالكوم-رجل أعمال أرمنيّ بريطانيّ- وإل. جي. جرينبرج-محرر "التاريخ اليهودي".[82]
- في كتابه تاريخ الصهيونيّة، يلاحظ سوكولوف إلى أنه عقد لقاءات مع الكرادلة وكلمة أمام بجمهور بحضور البابا، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى.[112] وقد كتب سوكولوف تقريرَين عن حديثه مع البابا، أحدهما مكتوب بخط اليد باللغة الفرنسية ويفترض وفقه الكاتب سيرجيو مينيربي "لأن المحادثة على الأرجح قد جرت بهذه اللغة الفرنسية ولأن هذا التقرير قد كُتب بخط يد سولوكوف بعد المقابلة مباشرةً"[113][114] أما الآخر فقد كان "مطبوعاً باللغة الإيطالية بعد عدة أيام من لقاء الجمهور".[113][114] يحذّر كروتز كما شتاين من أنهم "لا ينبغي أن يُؤخذا بالطبع كمحضر حرفيّ"[115][116] وقد ترجم مينيربي: "سوكولوف: تأثرت كثيراً بهذه الذكريات التاريخية الملائمة. اسمح لي أن أضيف بأن روما التي دمَّرت يهودا قد عُوقبت كما ينبغي. زالت، بينما لم يعش اليهود فقط، بل لا يزالون يملكون الحيويّة الكافيّة لاستعادة أرضهم. قداسته: نعم، نعم، إنها العناية الإلهية، لقد قضى الله ذلك... قداسته:...و لكن مشكلة الأماكن المقدسة بالنسبة لنا فائقة الأهميّة. يجب الحفاظ على الحقوق المقدسة. سوف نرتب هذا بين الكنيسة والقوى العظمى. يجب أن تحترم هذه الحقوق إلى أقصى حدودها... هذه الحقوق عمرها مئات السنين، وقد كانت مضمونة ومُصانة من كل الحكومات."
- على الرغم من أن الأخيرة على ما يبدو كانت مُقدَّمَةً من سوكولوف إلى رونالد جراهام، فقد طُلب من بيكو المجيء إلى لندن بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول ليمثل في لقاء حكوميّ ويشرح الموقف الفرنسيّ فيما يتعلَّق بالحركة الصهيونيّة. يستشهد كوفمان بتظرة شتاين للأمر باحتمالية عدم لفت الوثيقة لنظر اللورد بلفور أو أنه قد نسي أمرها ويستشهد بفيريت بأنه يعتقد بأن الوثيق قد ضاعت.[118]
- كتب كويجلي: "ينبغي أن يُطلق على هذا الإعلان، الذي يُعرف دائماً باسم إعلان بلفور، اسم "إعلان ميلنر" لأن ميلنر هو المُصمِّم الفعليّ، كما كان على ما يبدو مؤيداً رئيسياً له في حكومة الحرب. لم يتم الإعلان عن هذه الحقيقة حتى 21 يوليو 1937. في ذاك الوقت، قال أورمسبي-جور مُتحدثاً عن الحكومة في مجلس العموم "إن المسودة التي طرحها اللورد بلفور أصلاً لم تكن المسودة النهائية التي وافقت عليها حكومة الحرب. المسودة الخاصة التي وافقت عليها حكومة الحرب وفيما بعد حكومات الحلفاء والولايات المتحدة... وأخيراً تجسدت من خلال الانتداب، صادف أن اللورد ميلنر قد صاغها. كان ينبغي إصدار المسودة النهائية الفعليّة باسم وزير الخارجيّة، ولكن المصمم الفعليّ كان اللورد ميلنر."[139]
- وصف نورمان روز هذا بالآتي: "لا يمكن أن يكون هناك أي شك حول ما كان يدور في أذهان المهندسين الرئيسيّين لإعلان بلفور. الأدلة لا تقبل الحجل. وكلها تصور بمرور الوقت ظهور دولة يهوديّة. وعليه، كان الأمر بالنسبة للصهاينة الخطوة الأولى التي ستقود إلى دولة يهوديّة. ولكن بالنسبة لوايزمان –و هو أنجلوفيل [أي محب ويحترم الثقافة البريطانية –و القيادة الصهيونيّة فقد برهنت على تداعيات عكسيّة. وبمحاولة البريطانيّين التوفيق بين التزاماتهم المتنوعة، بدأت بالنسبة للصهاينة فترة مليئة بالوعود ولكن أيضاً بالإحباط الشديد. فقد أشار أحد المتهكمين إلى أن عملية التقليل من شأن وعد بلفور بدأت في 3 نوفمبر 1917 [أي بعد يوم واحد من إطلاق الوعد].[152]
- دافعت صحيفة ذا دايلي كرونيكل في 30 مارس/آذار عن إنعاش "فلسطين اليهوديّة" وبناء "دولة صهيونيّة... تحت الحماية البريطانيّة."[156] كما كتبت صحيفة نيو يوروب (أوروبا الجديدة) في 12 و19 و26 أبريل/نيسان عام 1917 حول "دولة يهوديّة" كما فعلت صحف أُخرى ذلك، بما فيها ليفربول كورير (في 24 أبريل/نيسان) وذا سبيكتاتور (في 5 مايو/أيّار) وذا جلاسجو هيرالد (في 29 مايو/أيّار).[156] كما كتبت بعض الصحف البريطانيّة أنه كان من اهتمامات بريطانيا إعادة تأسيس "دولة يهوديّة" أو "بلد يهوديّ"، ومن بين هذه الصحف ذا ميثوديست تايمز وذا مانشستر جارديان وذا غلوب وذا دايلي نيوز.[156]
- لدى سؤال تشرشل عام 1922 عما كان المقصود بتنمية وطن قوميّ لليهود في فلسطين، أجاب تشرشل "يمكن الإجابة بأن لا يعني فرض جنسية يهودية على سكان فلسطين ككل، ولكن تنمية المجتمع اليهودي الموجود... إذ يمكن أن يصبح مركزاً يستطيع فيه الشعب اليهوديّ ككل أن يأخذ فيه على أرضيّة الدين والعرق مصالحاً ويعتبره فخراً... على أرض فلسطين كحقّ لا بسبب المعاناة... أن وجود وطن قوميّ يهوديّ في فلسطين يجب أن يكون مضموناً عالمياً."[167]
- أضاف تشرشل خلال رسالة إلى العقيد توماس لورنس "من الواضح تماماً أن اليهود المنتشرين في جميع أنحاء العالم ينبغي أن يكون لهم مركز قوميّ ووطن قوميّ حيث يمكن جمع شمل بعضهم. وفي أيُّ مكان آخر يمكن أن يكون ذلك سوى في أرض فلسطين، التي كانت لأكثر من ثلاثة آلاف عام مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً وعميقاً؟"[168]
- «كان ما يدور في أذهان من وضعوا إعلان بلفور متضارباً. تبقى حقيقة أنه، في ضوء الخبرة المكتسبة كنتيجة للاضطرابات الخطيرة في فلسطين، فقد وضعت السلطة الانتدابية في بيان "السياسة البريطانيّة في فلسطين" الصادر في 3 يونيو 1922 عن المكتب الاستعماري، بنية تقييديّة على إعلان بلفور.[185]»و«و مع ذلك، لم يمنع إعلان بلفور ولا الانتداب إنشاءَ دولة يهوديّة في نهاية المطاف. فقد اعترف الانتداب في ديباجته فيما يتعلَّق بالشعب اليهوديّ بـ"أرضيات إعادة تأسيس وطنهم القوميّ". ومن خلال توفير تسهيلات للهجرة اليهودية، باعتباره أحد الالتزامات الرئيسيّة لسلطة الانتداب، فقد منحت اليهودَ فرصة، من خلال الهجرة واسعة النطاق، لإنشاء دولة يهوديّة في نهاية المطاف بأغلبيّة يهوديّة.[186]»
مراجع
- Renton 2007، صفحة 2.
- Renton 2007، صفحة 85.
- Sch?lch 1992، صفحة 44.
- Stein 1961، صفحات 5–9.
- Liebreich 2004، صفحات 8–9.
- Sch?lch 1992، صفحة 41.
- Lewis 2014، صفحة 10.
- Friedman 1973، صفحة xxxii.
- Sch?lch 1992، صفحة 51.
- Cleveland & Bunton 2016، صفحة 229.
- Cohen 1989، صفحات 29–31.
- LeVine & Mossberg 2014، صفحة 211.
- Gelvin 2014، صفحة 93.
- Rhett 2015، صفحة 106.
- Cohen 1989، صفحات 31–32.
- Cohen 1989، صفحات 34–35.
- Rhett 2015، صفحات 107–108.
- Weizmann 1949، صفحات 93–109.
- Defries 2014، صفحة 51.
- Klug 2012، صفحات 199–210.
- Hansard, Aliens Bill: HC Deb 02 May 1905 vol 145 cc768-808; and Aliens Bill, HC Deb 10 July 1905 vol 149 cc110-62 نسخة محفوظة 12 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Rovner 2014، صفحات 51–52.
- Rovner 2014، صفحة 81.
- Rovner 2014، صفحات 51–81.
- Weizmann 1949، صفحة 111.
- Lewis 2009، صفحات 73–74.
- Penslar 2007، صفحات 138–139.
- Gutwein 2016، صفحات 120–130.
- Schneer 2010، صفحات 129–130: "Baron James urged him..."
- Schneer 2010، صفحة 130.
- Cooper 2015، صفحة 148.
- Stein 1961، صفحات 66–67.
- Schneer 2010، صفحة 110.
- Fromkin 1990، صفحة 294.
- Tamari 2017، صفحة 29.
- Cleveland & Bunton 2016، صفحة 38.
- Della Pergola 2001، صفحة 5 and Bachi 1974، صفحة 5
- Friedman 1997، صفحات 39–40.
- Tessler 2009، صفحة 144.
- Neff 1995، صفحات 159–164.
- Schneer 2010، صفحة 14.
- Schneer 2010، صفحة 32.
- Büssow 2011، صفحة 5.
- Reid 2011، صفحة 115.
- Defries 2014، صفحة 44.
- Lewis 2009، صفحات 115–119.
- Weizmann 1983، صفحة 122.
- Huneidi 2001، صفحات 79–81.
- Weizmann 1983، صفحة 122b.
- Weizmann 1983، صفحة 126.
- Kamel 2015، صفحة 106.
- Huneidi 2001، صفحة 83.
- Billauer 2013، صفحة 21.
- Lieshout 2016، صفحة 198.
- Defries 2014، صفحة 50.
- Cohen 2014، صفحة 47.
- Lewis 2009، صفحة 115.
- Lloyd George 1933، صفحة 50.
- Kattan 2009، صفحة xxxiv (Map 2), and p.109.
- Posner 1987، صفحة 144.
- Kedourie 1976، صفحة 246.
- Huneidi 2001، صفحة 65.
- Antonius 1938، صفحة 169.
- Huneidi 2001، صفحات 65–70.
- Kamel 2015، صفحة 109.
- Sanders 1984، صفحة 347.
- Kattan 2009، صفحة 103.
- Kattan 2009، صفحة 101.
- Memorandum by Mr. Balfour (Paris) respecting Syria, Palestine, and Mesopotamia, 132187/2117/44A, August 11, 1919 نسخة محفوظة 09 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
- Kedourie 2013، صفحة 66.
- Dockrill & Lowe 2002، صفحات 539–543, full memorandum.
- Ulrichsen & Ulrichsen 2014، صفحات 155–156.
- Schneer 2010، صفحات 75–86.
- Khouri 1985، صفحات 8–10
- Kedourie 2013، صفحة 81.
- Lieshout 2016، صفحة 196.
- Halpern 1987، صفحات 48, 133.
- Rosen 1988، صفحة 61.
- Dockrill & Lowe 2001، صفحات 228–229.
- Shlaim 2005، صفحات 251–270.
- Hourani 1981، صفحة 211.
- Gutwein 2016، صفحات 117–152.
- Mathew 2013، صفحات 231–250.
- Woodward 1998، صفحات 119–120.
- Woodfin 2012، صفحات 47–49.
- Grainger 2006، صفحات 81–108.
- Grainger 2006، صفحات 109–114.
- Sokolow 1919، صفحة 52.
- Schneer 2010، صفحة 198.
- Stein 1961، صفحة 373; Stein cites Sokolow's notes in the Central Zionist Archives.
- Schneer 2010، صفحة 200.
- Schneer 2010، صفحات 198–200.
- Zieger 2001، صفحات 97–98.
- Zieger 2001، صفحة 91.
- Zieger 2001، صفحة 58.
- Zieger 2001، صفحات 188–189.
- Schneer 2010، صفحة 209.
- Brecher 1993، صفحات 642–643.
- Grainger 2006، صفحة 66.
- Wavell 1968، صفحات 90–91.
- Lieshout 2016، صفحة 281.
- Grainger 2006، صفحة 65.
- Schneer 2010، صفحات 227–236.
- Laurens 1999، صفحة 305.
- Lieshout 2016، صفحة 203.
- Schneer 2010، صفحة 210.
- Schneer 2010، صفحة 211.
- Schneer 2010، صفحة 212.
- Schneer 2010، صفحة 214.
- Schneer 2010، صفحة 216.
- Friedman 1973، صفحة 152.
- Sokolow 1919، صفحات 52–53.
- Minerbi 1990، صفحات 63–64, 111.
- Minerbi 1990، صفحة 221; cites CZA Z4/728 for the French version and CZA A18/25 for the Italian version..
- Stein 1961، صفحة 407.
- Kreutz 1990، صفحة 51.
- Manuel 1955، صفحات 265–266.
- Kaufman 2006، صفحة 385.
- de Haas 1929، صفحات 89–90.
- Friedman 1973، صفحة 246.
- Weizmann 1949، صفحة 203.
- Palestine and the Balfour Declaration, Cabinet Paper, January 1923
- Friedman 1973، صفحة 247.
- Rhett 2015، صفحة 27.
- Rhett 2015، صفحة 26.
- Stein 1961، صفحة 466.
- Hurewitz 1979، صفحة 102.
- Adelson 1995، صفحة 141.
- Hansard, War Cabinet: HC Deb 14 March 1917 vol 91 cc1098-9W نسخة محفوظة 12 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Lebow 1968، صفحة 501.
- Hurewitz 1979، صفحة 103.
- Hurewitz 1979، صفحة 104.
- Hurewitz 1979، صفحة 105.
- Hurewitz 1979، صفحة 106.
- Stein 1961، صفحة 664: "Appendix: Successive drafts and final text of the Balfour Declaration"
- Lieshout 2016، صفحة 219.
- Halpern 1987، صفحة 163.
- Rhett 2015، صفحة 24.
- Quigley 1981، صفحة 169.
- Rubinstein 2000، صفحات 175–196.
- Huneidi 1998، صفحة 33.
- Caplan 2011، صفحة 62.
- Gelvin 2014، صفحة 82ff.
- Kattan 2009، صفحات 60–61.
- Bassiouni & Fisher 2012، صفحة 431.
- Talhami 2017، صفحة 27.
- Hansard, : HC Deb 27 April 1920 vol 128 cc1026-7 نسخة محفوظة 09 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Schmidt 2011، صفحة 69.
- Palin Commission 1920، صفحة 9.
- Makovsky 2007، صفحة 76: "The definition of "national home" was left intentionally ambiguous."
- Palestine Royal Commission 1937، صفحة 24.
- Rose 2010، صفحة 18.
- Strawson 2009، صفحة 33.
- Curzon 1917.
- Lieshout 2016، صفحات 225–257.
- Friedman 1973، صفحة 312.
- American Emergency Committee for Zionist Affairs, The Balfour Declaration and American Interests in Palestine (New York 1941) pp. 8-10.
- Friedman 1973، صفحة 313.
- Miller, David Hunter. My Diary at the Conference of Paris (New York), Appeal Printing Co., (1924), vol 4 pp. 263-4
- Jacobs 2011، صفحة 191.
- Auron 2017، صفحة 278.
- "Chamberlain, in 1918, Envisaged Jewish State Linked to U.S. or Britain"، Jewish Telegraph Agency، 1939، مؤرشف من الأصل في 07 نوفمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 04 نوفمبر 2017.
- Alexander, Edward. The State of the Jews: A Critical Appraisal, Routledge (2012) ebook
- Johnson 2013، صفحة 441.
- Lieshout 2016، صفحة 387.
- Blum, Yehuda (2008)، "The Evolution of Israel's Boundaries"، 'Jerusalem center for Public Affairs، مؤرشف من الأصل في 07 نوفمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 03 نوفمبر 2017.
- Gilbert, Martin. Churchill and the Jews: A Lifelong Friendship, Macmillan (2007) p. 74, taken from Churchill's letter of 1 March 1922
- Wallace, Cynthia D. Foundations of the International Legal Rights of the Jewish People and the State of Israel, Creation House, (2012) pp. 72-73
- Allawi 2014، صفحة 323.
- Hansard, : HC Deb 11 July 1922 vol 156 cc1032-5 نسخة محفوظة 12 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Sekulow, Jay. Unholy Alliance: The Agenda Iran, Russia, and Jihadists Share for Conquering the World, Simon and Schuster (2016) pp. 29-30
- Allawi 2014، صفحة 189.
- Friedman 1973، صفحة 92.
- وزارة الخارجية الأمريكية (1919). Secretary's Notes of a Conversation Held in M. Pichon's Room at the Quai d'Orsay, Paris, on Thursday, 6 February 1919, at 3 p.m.. 3. Foreign Relations of the United States – Peace Conference. ويكي مصدر.
- UNSCOP 1947، صفحة II, Art. 122.
- Palestine Royal Commission 1937، صفحة 78.
- Allawi 2014، صفحة 215.
- Allawi 2014، صفحة 216-217.
- "The Return to Jerusalem What representatives of Muslim and Christian communities think of Zionism" [Le Retour a Jerusalem Ce que pensent du sionisme les representants des musulmans et des communantes chretiennes]، Le Matin (باللغة الفرنسية)، France، 01 مارس 1919، مؤرشف من الأصل في 10 نوفمبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 23 يوليو 2017.
- UNSCOP 1947، صفحة II, Art. 77.
- Mansfield 1992، صفحات 176–177.
- Gilbert, Martin (2007)، Churchill and the Jews، New York: Henry Holt and Company, LLC، ص. 71.
- Palestine Royal Commission 1937، صفحات 23–24
- The Palestine Yearbook of International Law 1984، Martinus Nijhoff، 1997، ص. 48، ISBN 9789041103383، مؤرشف من الأصل في 25 يناير 2020.
- UNSCOP 1947، صفحة II, Art. 142.
- UNSCOP 1947، صفحة II, Art. 145.
- بوابة السعودية
- بوابة فلسطين
- بوابة إسرائيل
- بوابة تاريخ الشرق الأوسط
- بوابة الصراع العربي الإسرائيلي