غزوات الرسول محمد
غزوات العصر النبوي أو كما أطلق عليها المؤرخون غزوات النبي محمد بن عبد الله بدأت مع ظهور الدين الإسلامي في القرن السابع الميلادي بعد هجرة الرسول محمد إلى يثرب (المدينة المنورة) وتأسيسه الدولة الإسلامية فيها. في ذلك الوقت شُرع للمسلمين الجهاد، حيث أن هذه الغزوات ومع اختلاف أسبابها جاءت بالتوافق مع مبدأ الحرب الدينية من مفهوم إسلامي أو ما يطلق عليه الجهاد. من ناحية أخرى فكان بعض المهاجرين يريد تعويض خسائره حيث تركوا كل ما كانوا يملكون في مكة وقت فرارهم من تعذيب الكفار في مكة . وكانت قوافل المكيين التجارية إلى بلاد الشام وفلسطين تمر بالقرب من المدينة المنورة.
جزء من سلسلة مقالات حول |
الإسلام |
---|
بوابة الإسلام |
ما قبل الغزوات
عندما كان المسلمون يعيشون في مكة كانوا يتعرضون للتنكيل والتعذيب من كفار قريش بسبب إيمانهم واعتقادهم، واستمر هذا الأمر لمدة ثلاثة عشر عاماً منذ بعثة النبي تعرض فيه المسلمون إلى شتى أنواع التعذيب والظلم، فكان المسلمون يتعرضون للتعذيب والحرق والإغراق والقتل أحيانًا. وعلى الجانب الاقتصادي كان الظلم عن طريق مصادرة المال دون وجه حق واغتصابه بالقوة، والطرد من الديار، هذا بخلاف ظلم النفس بالسب والقذف وتشويه السمعة، وسلب الحرية بالحبس والعزل عن المجتمع.[1]
أذن النبي للمؤمنين بالهجرة أولا إلى الحبشة حيث كان يحكم فيها ملك مسيحي عادل يسمى النجاشي، سمح للمسلمين اللجوء إلى بلاده فعاش المسلمون الأوائل في بلاده في أمان. بعد ذلك وإزاء هذه الظروف والابتلاءات في مكة أذن الله لأتباع محمد الهجرة إلى المدينة المنورة، فلم يكن أمام المسلمين آنذاك إلا أصعب الحلول ألا وهو ترك الأهل والديار والبحث عن وطن جديد يؤويهم، وقد يكون أقرب وصف لوضع المسلمون حينئذ هو اللاجئون بلغة عصرنا هذا. وكان بدءُ خروجِهم إلى يثرب - وهو الاسم السابق للمدينة المنورة قبل الهجرة - في مطلع السّنة الثّالثة عشرة لِلبعْثَةِ النبوية.
إلا أن هروب المسلمون لم يعجب قريش التي لم تكف أذاها وأبت أن تترك المسلمين فأخذت تطاردهم حتى قتلت من قتلت ومنعت البعض من أخذ أموالهم وممتلكاتهم وعملت على تضييق الخناق عليهم بشكل عام ولذلك كان خروج المسلمون من مكّة يتم في الليل وفي تخفي خشية من قريش حتّى لا تمنعهم من الهجرة، ولِيَسْلًمُوا من أذاها حقنا لدمائهم وحتى يتمكنوا من إقامة شعائر دينهم والحياة في سلم.
ثم هاجر الرسول محمد من مكة إلى يثرب في العام الثالث عشر بعد بدء دعوته. وعندما وصل الرسول إلى المدينة التي أحسن أهلها المسلمون (ويسمون الأنصار) استقبال اخوانهم (المهاجرين) كان كل تركيزه في بناء مجتمع إسلامي قائم على المؤاخاة والسلام، فأول ما فعله الرسول هو بناء المسجد النبوي الذي لم يكن موضعاً لأداء الصلوات فحسب بل كان بمثابة جامعا يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام مباشرة من الرسول، كما ألف الرسول بين مختلف قبائل يثرب وعلى الأخص بين قبيلتي الأوس والخزرج، التي لطالما كانت تفتتها الحروب والنزعات في عصر الجاهلية قبل الإسلام.
ومع توثيق الرسول لقواعد المجتمع الإسلامي الجديد بإقامة الوحدة العقائدية والسياسية والنظامية بين المسلمين، رأى أن يقوم بتنظيم علاقاته بغير المسلمين، وكان همه في ذلك هو توفير الأمن والسلام والسعادة والخير للبشرية جمعاء، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد، فسن في ذلك قوانين السماح والتجاوز التي لم تعهد في عالم مليء بالتعصب والتغالي. وأقرب من كان يجاور المدينة من غير المسلمين هم اليهود، فعقد معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة سلام وحرية عبادة ودفاع مشترك، ولم يتجه الرسول إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة والخصام ولم تكن فكرة الحرب مطروحة.
ومع استقرار وضع المسلمون في المدينة ظهرت قريش مجدداً على الساحة مهددة ومتوعدة باستئصال المسلمين عن بكرة أبيهم، ولم تكتفي قريش بتهديد المسلمين فحسب بل شمل هذا التهديد أيضاً من يعيش معهم في المدينة في سلم، فكتبوا إلى عبد الله بن أبي بن سلول بصفته رئيس الأنصار يقولون لهم في كلمات باتة:
إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم . وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن أبي بن سلول ليمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة - وقد كان يحقد على النبي، لما يراه أنه أخذ ملكه - وبالفعل جمع من معه من عبدة الأوثان واجتمعوا لقتال المسلمين إلا أن النبي استطاع احتواءهم.[2]
ولما علمت قريش بفشل مخططها بإثارة الفتنة في المدينة عمدت إلى تهديد المسلمين مباشرةً وارسلت إليهم قائلة: لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم، ونبيد خضراءكم في عقر داركم.
وإزاء كل هذه الأحداث وبعد أن أصبح المسلمون قوة أذن الله لهم بالقتال ورد العدوان - وهذا ينطوي تحت مظلة الجهاد في الإسلام - فنزلت الآيات الكريمة :
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ سورة الحج الآيات، 39-41
وبعد ذلك شرع الجهاد أيضاً لتمكين العقيدة من الانتشار دون عقبات - يؤمن المسلمون أن من واجبهم نشر الإسلام والتعريف به في شتى بقاع العالم وأما الدخول في الإسلام فهي حرية شخصية لا إكراه فيها -، ولصرف الفتنة عن الناس ليتمكنوا من اختيار الدين الحق بإرادتهم الحرة وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة:193).[3] سبق غزوات النبي محمد عدد من السرايا. تعددت غزوات الرسول محمد حتى بلغت ما يقارب 28 غزوة وتعدد معها أسبابها.
تعريف الغزوة
- الغَزْوُ: السيرُ إِلى قِتالِ العَدُو، والغزوة المرَّةُ من الغزو، والجمع غزوات كشهوات، وغزو العدو إنما يكون في بلاده.[4] أما السَريَّة : القطعة من الجيش من خمس أنفس إلى ثلاثمائة وأربعمائة، توجه مقدم الجيش إلى العدو، والجمع سرايا.[5]
أما الغزوة في الاصطلاح الإسلامي فتعني أن يخرج المسلمون لقتال الكفار بقيادة الرسول محمد، أما السرية في الإسلام فهي خروج المسلمين لقتال أعداء الإسلام وبقاء النبي في المدينة، على أن تكون هذه الثلة من المسلمين بقيادة أحد الصحابة يختارهم الرسول.
الأسباب
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [6] (سورة الحج، الآيات 39-41).
عدد قتلى الغزوات
بلغ عدد القتلى في كل معارك النبي محمد بن عبد الله ما يقارب الألف قتيل من الطرفين، منهم 600 من مقاتلي يهود بني قريظة قتلوا قضاء لا قتالا، نتيجة لغدر اليهود بالمسلمين مرتين وقت معركة الخندق.[7]
إحصائيات
- تراوح عدد الغزوات التي قادها الرسول محمد بين التسع عشرة غزوة والثلاثين غزوة، ولعل الاختلاف في إحصاء عدد الغزوات يعود إلى ذهاب بعض المؤرخين والعلماء إلى اعتبار جميع الوقائع التي سبقت الغزوات الكبرى وقائع وغزوات منفردة، حتى إن كانت قريبة من بعضها البعض من حيث الفترة الزّمنية بينما ذهب البعض الآخر إلى جمع الغزوات المتقاربة في الفترة الزمنيّة بإعتبارها غزوةً واحدة مثل غزوة خيبر وغزوة وادي القُري.
- كان من ضمنها 9 غزوات دار فيها قتال والباقي حقق أهدافه دون قتال.
- من ضمن هذه الغزوات خرج الرسول محمد إلى 7 غزوات علم مسبقاً أن العدو فيها قد دبر عدواناً على المسلمين.
- استمرت الغزوات 8 سنوات من 2 هـ إلى 9 هـ.
- في السنة الثانية للهجرة حدث أكبر عدد من الغزوات حيث بلغت 8 غزوات.
- مجموع غزوات النبي وسراياه تقارب المئة أو تفوقها.[8]
غزوات الرسول مُحمد
وغزوات الرسول مُحمد بالترتيب كالتالي:[9]
|
جدول زمني لغزوات الرسول محمد
تالياً هو جدول توزيع غزوات الرسول محمد على سنوات الجهاد:[9]
طالع أيضًا
المراجع
- "أسباب الجهاد عند النبي"، مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019.
- "تهديد كفار قريش لابن أبي"، مؤرشف من الأصل في 20 أغسطس 2018.
- تشريع الجهاد في الإسلام من موقع الشبكة الإسلامية نسخة محفوظة 11 نوفمبر 2004 على موقع واي باك مشين.
- انظر : مجمع البحرين : 1 / 315، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف / العراق، والمتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية، والمدفون بالنجف / العرا، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران.
- مجمع البحرين : 1 / 216.
- القرآن الكريم، سورة الحج الآيات، 39-41.
- غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، محمد متولي الشعراوي.
- كم عدد غزوات الرسول نسخة محفوظة 31 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
- غزوات الرسول على البوربوينت [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 26 أبريل 2011 على موقع واي باك مشين.
- السيدة صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها نسخة محفوظة 16 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
وصلات خارجية
- ما هي الغزوات والحروب التي شارك فيها النبي محمد؟
- ما هي غزوة الحُديبية، ومتى حدثت؟
- متى كانت غزوة بدر، وما هي أسبابها، ولماذا سميت بهذا الاسم، وكم كان عدد المشاركين فيها من الطرفين؟
- متى حصلت غزوة ذات السلاسل ؟ وما هو تفصيل أحداثها؟
- بوابة الإسلام
- بوابة التاريخ
- بوابة التاريخ الإسلامي
- بوابة الحرب
- بوابة محمد