توما الأكويني
كان القديس توما الإكويني أو توما الأكويني أو توماس أكويناس (تلفظ /əˈkwaɪnəs/) (بالإيطالية: «TOMMASO d'AQUINO»)، أو (باللاتينية: «THOMA E AQVINATIS») (622هـ-673هـ) (ولد 1225 (وفي بعض المصادر 1226)[5]، وتوفي في السابع من مارس/آذار 1274) راهباً دومينيكانياً، وفيلسوفاً، وكاهناً كاثوليكياً، ومَلفاناً في الكنيسة الكاثوليكية.[6][7][هامش 1] فهو عالم لاهوت، وفقيه مؤثر للغاية في تقليد الفلسفة المدرسية (السكولاستية)، ويُعرف أيضاً بلقب العالِم الملائكي (باللاتينية: «Doctor Angelicus»)، والعالم المشترك (باللاتينية: «Doctor Communis»)، والعالم الكوني (باللاتينية: «Doctor Universalis»).[هامش 2] يحدد الاسم الأكويني أصول أجداده في منطقة أكوينو في لاتسيو الحالية في إيطاليا. من بين الشؤون الأخرى أنه كان مؤيداً بارزاً لعلم اللاهوت الطبيعي، وأبو مدرسةٍ فكريةٍ (تشمل كلّاً من اللاهوت والفلسفة) تُعرف باسم "التوماوية" (بالإنجليزية: «Thomism»). جادل بأن الله هو مصدر كلٍّ من نور العقل الطبيعي ونور الإيمان، وكان تأثيره على الفلسفة الغربية كبيراً فقد عملتِ الفلسفة الحديثة على الكثير من أفكاره تطويراً وتنقيحاً، كما عارضتِ الكثيرَ منها لا سيما في مجالات الأخلاق، والحق الطبيعي، وما وراء الطبيعة، والنظرية السياسية.[8]
ملفان | |
---|---|
توما الأكويني | |
(باللاتينية: Thomas Aquinos) | |
توما الأكويني من نقش المذبح بريشة الرسام الإيطالي كارلو كريفيلي | |
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | (بالإيطالية: Tommaso d'Aquino) |
الميلاد | 1225م / 622 هـ، (قلعة روكاسكا، قرب أكوين، إيطاليا |
الوفاة | 7 مارس 1274م / 673 هـ، دير فوسانوفا، لاتسيو، إيطاليا |
الحياة العملية | |
الحقبة | فلسفة قروسطية |
الإقليم | فيلسوف غربي |
المدرسة الفلسفية | المدرسية، مؤسس المذهب الفلسفي "التوماوية" |
الاهتمامات الرئيسية | الميتافيزيقيا (بضمنها: اللاهوت)، المنطق، العقل، الأخلاق، المعرفة، السياسة |
أفكار مهمة | الدلائل الخمسة على وجود الله، مبدأ التأثير المزدوج |
المدرسة الأم | جامعة باريس (1245–1248) جامعة نابولي فيدريكو الثاني (1239–1245) |
تعلم لدى | ألبيرتوس ماغنوس |
التلامذة المشهورون | ريميجيو دي جيرولامي |
المهنة | عالم عقيدة[1][2][3]، وأستاذ جامعي، وفيلسوف[3]، وكاتب[4]، وملفان، وراهب |
اللغات | اللاتينية، والإيطالية |
مجال العمل | فلسفة، وإلهيات |
موظف في | جامعة باريس |
أعمال بارزة | الخلاصة اللاهوتية |
التيار | توماوية، ونظرية الحرب العادلة، ومدرسية |
وعلى عكس العديد من التيارات في الكنيسة الكاثوليكية في ذاك الوقت[9] تبنى الإكويني العديد من الأفكار التي طرحها أرسطو -الذي دعاه «الفيلسوف»– محاولاً التوفيق بين الفلسفة الأرسطية والمبادئ النصرانية.[10]
يعد أشهر أعماله "أسئلة متنازَع عليها حول الحقيقة" (1256-1259م) (بالإنجليزية: «Disputed Questions on Truth»)، و"خلاصة ضد الكفار" (1259-1265م) (باللاتينية: «Summa contra Gentiles»)، و"الخلاصة اللاهوتية" (1265-1274م) (باللاتينية: «Summa Theologica») غير المكتمل ولكن المؤثر بشكلٍ كبيرٍ. تشكل تعليقاته على الكتاب المقدس وعلى أرسطو أيضاً جزءاً مهماً من مجموعة أعماله. والأكويني يتميز -علاوةً على ذلك- بترانيمه الإفخارستية التي تشكل جزءاً من شعائر القداس الإلهي (ليتورُجيا) للكنيسة الكاثوليكية.[11]
ويُعتبر توما الأكويني أحد أعظم اللاهوتيين والفلاسفة في الكنيسة الكاثوليكية، وهي تُكرّمه كقديسٍ وتعتبره المعلم النموذجي لمن يدرسون الكهنوت، كما يحظى باحترامٍ لدى الكنائس البروتستانتية كذلك. ويعتقد بعضهم أنه كان أعلى تعبيرٍ عن كلٍّ من العقل الطبيعي واللاهوت التأملي. استُخدمت دراسة أعماله في العصر الحديث -بفعل التوجيهات البابوية- ومنذ فترةٍ طويلةٍ كأساسٍ لبرنامج الدراسة المطلوب للباحثين عن الرسامة ككهنةٍ أو شمامسةٍ.[12] وكذلك لمن هم في طور التكوين الديني، وللطلبة الآخرين في التخصصات اللاهوتية (مثل الفلسفة، واللاهوت الكاثوليكي، وتاريخ الكنيسة، والشعائر الدينية (بالإنجليزية: «liturgy»)، والقانون الكنسي).[12] ويَعتبر الفيلسوف الإنجليزي "أنطوني كيني" الأكويني «واحداً من أعظم عشرة فلاسفةٍ في العالم الغربي».[13]
المناخ العام
جرت مياه كثيرة تحت الجسور منذ أطلق أوربان الثاني نداءه لتحرير بيت المقدس. مع مطلع القرن الثالث عشر وعت أوروبا الغربية أن الانتصار العسكري في الشرق أعقد من مجرد حملاتٍ عسكريةٍ وحسب مهما كانت شاقةً ناهيك عن الانتصار السياسي، وكان الناس بُسطاءَ سُذجاً يعتقدون أن المنتصر مؤيَّد من السماء ما أوجد عندهم شعوراً بالتناقض؛ كيف لنا أن نُهزم ونحن أصحاب العقيدة الحقة؟! «فالمغزى الرئيسي إذن للحركة الصليبية هو أن أوروبا الغربية اكتشفت روحها من خلال هذه الحركة، وقد جَبّتْ [أي قطعت] هذه النتيجة الإيجابية بمراحلَ آثار الفشل السياسي والحربي الذي صادفته... وبهذا نجد أن الحروب الصليبية قد أسفرت عن عكس الهدف المعلن في بدايتها تماماً.»[15] وبرز دور "قومونات المدن" التي توسعت، ومافتئت مثابرةً تكافح لتحوز حريتها شيئاً فشيئاً من السادة الإقطاعيين، ثم أقامتِ الأحلاف لترسيخ أقدامها أو لتوسيع تجارتها في أوروبا أو مع الشرق مثل رابطة الراين (حوالي 1254م)، والرابطة الهانزية (بالإنجليزية: «Henseatic League»)[16] شماليَّ الألب التي ناهز عددها ثمانين مدينةً في القرن الرابع عشر، وبلغت قومونات المدن في شمال إيطاليا من الثراء حدّاً مكّن البندقية مثلاً من تمويل الصليبية الرابعة (02-1204) على القسطنطينية، وصاحب ذلك الازدهار بناء القصور والكاتدرائيات المدينية الضخمة على "النمط القوطي" ذي الاستعارات الواضحة من العمارة الإسلامية كالقبوات ذات الأقواس المتقاطعة والزجاج المُعشّق، وتوسعت شبكة الطرق وجرى تحسينها، وانتشرت النُّزُل البسيطة على الطرقات للمبيت، وكان الزجّالون والشعراء الغنائيون الجوّالة (أو المغنون الجوالون) الذين يُسمَّون التروبادور (نقلاً من العربية طرب دور) يرتحلون عبر الأرجاء يشدون على قيثاراتهم قريضهم الشاعري (الرومانسي) الذي استُقيت مواضيعه من الشعر والموشحات العربية، كالغزل والحب العذري والهُجران والتغني بالطبيعة والحماسة مما كان دخيلاً على الأدب الأوروبي المُقتصر على المواضيع الدينية في ذاك الأوان المبكر، وكان الرهبان الفقراء ينتقلون من صَقعٍ إلى صقعٍ يبشرون بكلمة الرب مترسّمِين خُطا المسيح.[هامش 3] وسافر العديد من البحاثة إلى صقلية والأندلس والعالم العربيّ، وترجموا أعمالاً في الفلك والرّياضيّات، بما في ذلك التّرجمة الكاملة الأولى لعناصر إقليدس.[17] واستقدم ملوك صقلية النورمان أرباب المعرفة من إيطاليا وغيرها وضمّوهم إلى مجالسهم كنوع من التقدير، أو لزيادة سمو مجالسهم.[18]
وماينبغي أن يُخال من هذا التطور أن الحياة كانت رخيّةً سخيّةً.[19] لقد أحصيتْ في عهد فيليب أغسطس الملك الفرنسي (حكم 1180-1223) إحدى عشرة سنةً من المجاعات أكل فيها أقنان الأرض الجذورَ ولحاءَ الشجر والحيواناتِ النافقةَ قبلما يقضوا جوعاً، ولشدَ ما قضتِ الأوبئة والحرائق على سكان المدن وقد كان جُلّها مشيداً من الخشب،[19] وفي كتاب "الاعتبار" لأسامة بن منقذ الكناني (1095-1188) رواياتٌ فاجعةٌ عن الطب عند الإفرنج ومبلغ تضلعهم منه في تلك الأزمان.[20][هامش 4] وكان العنف سائداً لدرجة أن مَجْمَعاً كنسيّاً في العام 989م حرّم مهاجمة القساوسة والكنائس وممتلكات الفلاحين ما عُرف باسم "سلام الرب"، ثم أضيف له في مناسباتٍ أخرَ التجارُ، والناسُ في طريقهم إلى الكنيسة، والطواحينُ، ومعاصرُ النبيذ، وسنة 1017 فُرضت اللعنة على كافة أشكال العنف من العاشرة من يوم السبت حتى فجر الاثنين ما عُرف باسم "هدنة الرب"، ثم جُعل بَدْؤها من مساء الأربعاء، ووُسّعت لتشملَ أيامَ الصوم الكبير كافةً، والآحادَ الأربعة قبل عيد الميلاد. وسنة 1094م قرر مجمع كنسي أن «أي مسيحيٍّ يقوم بقتل مسيحيٍّ آخرَ فإنه بذلك يُريق دمَ المسيح».[21]
ملوك مستعربون وملوك متشددون
عاش البلاط الملكي في بلرم بعد زوال الحكم الإسلامي أزهى عهوده في ظل الملك النورماندي روجر الثاني (حكم 30-1154م) وحفيده فريدريك الثاني (ملك صقلية 1198-1250، الإمبراطور الروماني المقدس 20-1250)، فقد أشبه بلاطات قرطبة وإشبيليّة وطُليطلة وسَرَقُسْطة وسائر ملوك الطوائف في الأندلس، ومثلهم استقدما الفلاسفة والعلماء المسلمين كالشريف الإدريسي (1100-1166) -الذي أهدى راعيه روجر الثاني كتابَه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"-، وتزيّا بالزي العربي، وقرّبا المغنين الجوالين (التروبادور) حتى لُقّب كل منهما [إلماحاً إلى نظام حكمه المستعرب] بـ"سلطان صقلية المُعمَّد".[22] وكان مستشاروهما وموظفو نظاميهما -في معظمهم- من المسلمين، وقد ورثا عن الحكم الإسلامي مؤسسة "لا ديوانا" (الديوان) المشرفة على تنظيم مالية الدولة والضرائب،[هامش 5] [هامش 6] هذا الانفتاح وما ولّده من نهضةٍ -والتي لم يكن روجر الثاني وفريدريك الثاني سوى نموذجين لها وشاهدين عليها- جاء نتيجة التغلغل الحضاري الإسلامي في المجتمع الغربي، وهو سيولد ردة فعلٍ لن تلبثَ أن تَعتبر كل ما ورد ويرد من المجتمع الإسلامي شراً محضاً.
وكان لويس التاسع (حكم 26-1270م) صاحب فرنسا أبرز من يمثل رد الفعل ذاك. خطط وقاد صليبيتين على الشرق وهما السابعة على مصر (1250) أُسر فيها، وأمضى بعدها أربع سنين في فلسطين يستحث نبلاءه عبثاً لخوض حملةٍ أخرى، والثامنة على تونس (1270) قضى فيها نحبه.[23]
الحملة الصليبية الألبجنسية
كان لتأثيرات الحضارة الإسلامية عبر مداخلها المختلفة إلى المجتمع الغربي (الأندلس، صقلية، الحروب الإفرنجية، فضلاً عن الطرق الأقلَّ أهميةً كالتجارة) والممتدة سحابةَ قرونٍ من أن تختمر وتثمر نهايةَ المطاف. كانت علاقات جنوب فرنسا (يطلق عليها منطقة "ميدي") وثيقة الوشائج مع شمال إيبيريا أكثر مما هي مع فرنسا الشمالية. إن اللهجاتِ المحليةَ لجنوب أوروبا الغربية تطورت ضمن عائلة اللغات الرومانسية في فرعٍ خاصٍّ بها وكان منها القطالونية شمال شرقي إسبانيا، والبروڤنسالية جنوبيَّ فرنسا، والبييدمونتية شمال غربي إيطاليا، في حين تعتبر الفرنسية الشمالية (الحالية) أكثرَ نأياً رغم انتمائها إلى عائلة اللغات الرومانسية نفسها.[هامش 7] مما تميزت به بعض طوائف ذلك العهدِ الإيمانُ بأنه لا يوجد وسيط بين الله والعبد قاصرين دور الكنيسة على الوعظ والإرشاد، كحالة أتباع "بطرس والدو" أو "فقراء ليون" الذين بشروا باللهجة المحلية. كان والدو تاجراً ثرياً وهب ثروته للفقراء (حوالي العام 1170)، ورعى ترجمة العهد الجديد إلى اللغة المحلية ليتمكن من الاستشهاد به للعامة، وبدأ التبشير، وعندما رفض طلبَ البابا الخضوعَ للنظام الكنسي معتبراً أنَّ واجبه أن يطيع الرب أكثر من طاعة البشر حرمه وجماعتَه البابا، فخرجوا ملتجئين إلى شعاب جبال الألب في ساڤوا وبييدمونت[24] وفي لانجدوك، وشُهِروا بالتواضع والعمل المستقيم والعفة والمحبة، كتب عنهم أحد المؤرخين: «إن ألدَّ الأعداءِ لا يمكنهم أن يجدوا علةً واحدةً في بطرس والدو ومسيحيي الألب الكتابيين من حيث الآداب والسلوك». صادفتِ الوالدنسية انتشاراً في أرياف شمال جبال الألب -حيث مات والدو طريداً في بوهيميا في العام 1179م- وجاءت إرهاصاً للحركة البروتستانتية بعد ثلاثة قرون.[25]
كان الشعور العام أن القاعدة الرئيسة للتيار المخالف للكنيسة هي بييدمونت وجنوب فرنسا وأراغون،[26] وهي أماكن الكاثار الذين اعتنقوا الثنوية المانوية الوافدة مع التأثيرات الشرقية ممزوجةً مع الغنوصية ومذهب العرفان المسيحي وربما شيء من التقمص، واعتقدوا بالصراع الأزلي بين الخير (الروح) ويمثله المسيح، والشر (المادة والجسد) ويمثله الشيطان وسلاحه الرغبة الجنسية، وأنكروا المَطْهر، والنار، والبعث، ورأوا أن روح المرء التقي ستتحد بجسده فيما ستتقمصُ الروحُ الشريرةُ الحيواناتِ، وكانوا مُسالمين يرَوْن القتل أمراً شائناً أكان على يد قاتلٍ أم بحكم قاضٍ.[27][هامش 8] وساعد التجار والشعراء الجوالة (التروبادور) في سياحتهم على نشر أفكار الألبيجنس،[هامش 9] ومما زاد من انتشارهم دعوتُهم لحرية الرأي والعقيدة إذ ساد مجتمعاتهم تسامح كبير حتى مع اليهود في مقابل تصلب الكنيسة وفساد رجال الإكليروس الذين اشتهروا بشراء المناصب الدينية والتسرّي،[28][هامش 10] وفي بعض المناطق حَدَبَ الأمراء والسادة الإقطاعيون عليهم مثل ريموند السادس قُمُّص (كونت) تولوز عاصمة مقاطعة لانجِدوك (بالفرنسية: «Languedoc») الذي كان العديد من موظفي بلاطه منهم، وقاموا بالدعوة علناً تحت حكمه، حتى إنهم دُعوا بالألبيجنس (بالفرنسية: «Albigeois») نسبةً لمدينة "ألبي" التابعة له في مقاطعة لانجدوك، والتي اعتبرت مركزهم،[29] وقد وافق ريموند السادس على محاولة هدايتهم بالإقناع، لكنه رفض تنفيذ المرسوم البابوي باستئصالهم،[30] ما أدى إلى حرمانه كنسياً مرتين، كما رفض بعض رجال الكنيسة استخدام العنف ضدهم كأسقف أُربونة، وأسقف بيزير، ولما أعيت إنوسنت الثالث (حبريته 1198-1216م) الحيلةُ أعلن عن حملةٍ صليبيةٍ على الزنادقة واعداً بأن تكون أراضيهم ومدنهم وممتلكاتهم مستباحةً لكل من يشترك فيها، وبسبب القرب الجغرافي كان أمرها أيسرَ جداً من الحملات الإفرنجية (بالإنجليزية: «Crusades») المتجهة إلى الشرق، فضلاً عن أن مناطق الألبجنسيين كانت مغريةً بسبب ثرائها وازدهارها، وسرعان ما تقاطرَ المتطوعون، وكان أبرزهم -وبالطبع أكبرهم مغنماً- الملك الفرنسي الذي استولى على مناطقَ شاسعةٍ ضمها في النهاية لأملاكه الخاصة، وإقطاعيته وقتئذٍ من الصغر لا تعدو بالكاد ما بين باريس وأورليان،[31] بل إن كثيراً من السادة الإقطاعيين من أتباعه كانوا أثرى -وبالتالي أقوى- منه بكثيرٍ. دامتِ الحملة عشرين عاماً، وصاحبتها وحشيةٌ بالغة العنف حتى بالمعايير الأوروبية القروسطية، وأدت إلى إنشاء محاكم التفتيش على يد الدومينيكان سنة 1210.[32] واعتبرت من أوائل حروب الإبادة الجماعية (بالإنجليزية: «Genocide») في التاريخ [33][هامش 11] فيما بعد حرّم مجمع تولوز الكنسي (1229م) تحريماً باتاً ترجمة أي جزءٍ من الكتاب المقدس -عدا المزامير والأدعية- إلى اللغات الدارجة.[34]
الثقافة والعلم والفلسفة
مافتئتِ اللاتينية في ذلك الزمن المبكر -والحضارة الغربية لمّا تزلْ تحبو- اللغةَ الوحيدةَ للعلم والفلسفة والثقافة بشكلٍ عامٍّ في مجتمعٍ شاسع الأرجاء يمتد من صقلية إلى الأراضي المنخفضة، ومن البرتغال إلى بورغُنديا، فكان بوسع الطلبةِ خريجي المدارس الإقليمية أن يرتحلوا من صقلية أو ناپولي (على نحو ما سيفعل الأكويني) إلى پاريس، أو بولونيا، أو شلمنقة، أو أكسفورد، أو مونپلييه للدراسة في جامعاتها دونما حاجةٍ لإتقان لغةٍ أخرى، وكان التعليم تحت إشراف الكنيسة، ولم يكنِ الاقتباس عن المسلمين هُجنةً بل بالحريِّ صيحة العصر، فقد كانت كلمة فيلسوف في عصر القديس أنسلم (1033-1109م) تعني عربي، ونقل عن روجر بيكون (20–1292) قوله: "لقد جاءت الفلسفة إلينا من العرب"، ولقد تتلمذت أوروبا على مآثر الفلاسفة والعلماء المسلمين، «وسنرى أن الذي دعا توماس أكويناس لتأليف كتابه الجامع في اللاهوت "الخلاصة اللاهوتية" هو أن يحول دون تسرب التفاسير العربية لأرسطو إلى علوم الدين المسيحية.»[35]
لم تكن الفلسفة المدرسية مذهباً قائماً برأسه، بل مصطلح أطلق لاحقاً على شتى المذاهب والأفكار الفلسفية التي كانت شائعةً في أوروبا القروسطية، ولقد وصلت إلى ذروتها إبان القرن الثالث عشر الميلادي بحيث بات ممكناً التمييز بين أربعة تياراتٍ مختلفةٍ إزاء الفلسفة اليونانية -وأرسطو خاصةً- في هذا القرن:[36]
- ثمة أولاً الرشديون، ولربما أُطلق على مذهبهم "الرشدية اللاتينية"، الذين تقبلوا أفكار أرسطو كما شرحها المسلمون دونما تحفظٍ أو تعديلٍ، وحيثما تخالف هذه الآراء تعاليم الدين نادَوْا بوجوب قَبول كليهما معاً (وهي النظرية التي دعيت فيما بعد بـ"الحقيقة المزدوجة")،[37] وأبرز من يمثلهم سيجر دي برابانت أو سيجر البرابانتي (حوالي 1240 – قبل 10/ 11/ 1284م).
- وثاني هذه التيارات الأغسطينيون ممن درسوا أرسطو ووعَوْا أفكاره مع تمسكهم بآراء القديس أغسطين المبنية على الفلسفة الأفلاطونية، وأبرزهم القديس بونافنتورا (21-1274).
- وثالثها فريق من الأغسطينيين الفرنسيسكان ظهروا في أكسفورد، واهتموا بالعلوم التجريبية والرياضيات أكثر من الميتافيزيقا، ويمثلهم روبرت جروسِّتست (1175-1253) (بالإنجليزية: «Grossetest»)، وتلميذه الفرنسيسكاني روجر بيكون (20–1292)، والذي اعتمد على ما قدمه المسلمون ولا سيما ابن سينا وابن الهيثم، وكان من أهم ما قبسه عن المسلمين -وخاصةً ابن الهيثم الذي كان كتابه "المناظر" بمنزلة الدستور العلمي لأساتذة أكسفورد- الاهتمام بالمنهج التجريبي في البحث، فقال إن وسائل المعرفة ثلاث النقل والاستدلال والتجربة، والأولان لا يفيدان معرفةً ما لم تثبتِ التجربةُ صحةَ نتائِجِهِما، وقال إن التجربة توصلنا إلى علمٍ جديدٍ قائمٍ بذاته هو "العلم التجريبي" (وكان أول من صاغ المصطلح)، والذي يمكننا من السيطرة على الطبيعة.[38]
- ورابعها الأرسطيون الدومينيكان الذين تمسكوا بأرسطو أساساً لشرح عقيدتهم، ولكنهم أنشؤوا تفسيراً له خاصاً بهم، ورفضوا ما سواه من الشروح والتفاسير عليه مثل الأفلاطونية الحديثة وأعمال الفلاسفة المسلمين كابن سينا مع إقرارهم بتلمذتهم على كتابات أولئك الشُّراح وفهمهم أرسطو -أو جُلَّه على الأقل- من خلالهم، وأبرزهم ألبرت الكبير (06-1280) أسقف قُلونيا الذي كان أول من فصل بين الفلسفة واللاهوت لأن الأولى وسيلتها العقل بينما يقوم الثاني على الوحي، لكنه أوصى بتوسيط الفلسفة لحل المشاكل اللاهوتية، على أنه -مع استيعابه للمذاهب الفلسفية السابقة عليه- لم ينشئ مذهباً مستقلاً خاصاً به ما جعل تلامذته ينقسمون بين الأفلاطونية الحديثة والأرسطية، وهنا يأتي تلميذه توما الأكويني ليُغلّب جانب أرسطو وليغدوَ أبرز ممثلي هذا التيار.[39]
ولئن كانت هذه التيارات تلخص المواقف الفكرية للمجتمع الغربي في القرن الثالث عشر بناءً على الفيض الفكري والفلسفي الإسلامي الوافد إليها، فإنها تمثل ردود فعل النخبة المثقفة الغربية على هذا الفكر، وما ينبغي من مجرد اسم "الرشديين" أو "الرشدية اللاتينية" أن نستنتج أنه كان لهم «الفضل الأكبر في تمكين الفكر العربي -خاصةً ابن رشدٍ- من التأثير في الفكر الأوروبي، فهو أمر يخالف الحقيقة تماماً. لقد زوّد الفكرُ العربي الفكرَ الأوروبي بغذاءٍ وموادَّ جديدةٍ، وفتح أمامه عالماً كاملاً جديداً من الميتافيزيقا، وكان على كافة مذاهب الفكر الأوروبي أن تدرسَ أولاً ترجمات المؤلفات العربية.»[37]
السيرة الذاتية
حياته المبكرة (1225-1244)
ولد توما الإكويني حوالي العام 1225 على الأرجح في قلعة روكاسِكا قلعة والده "لاندولف دي أكوينو" كونت (قُمّص) منطقة أكوينو في مملكة صقلية (جنوب مقاطعة لاتسيو الإيطالية اليوم). ينتمي توماس إلى أقوى فرعٍ في العائلة، فقد كان لاندولف شريفاً ذا نفوذٍ حاز لقب "فارس" بصفته نبيلاً في بلاط الإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثاني.[40]
وترتبط عائلته بسلالة هوهنشتاوفن الحاكمة في الإمبراطورية الرومانية المقدسة عن طريق والدته ثيودورا كونتيسة (قُمُّصَة) تيات.[41] ولكن مصدراً آخرَ ذكر أنها تنتمي إلى فرع يدعى "روسّي" (بالإنجليزية: «Rossi») في عائلة "كاراشيولو" من ناپولي.[42] كان سينيبالد شقيق لاندولف رئيس دير الرهبان البنديكتيين في مونتي كاسينو أقدمِ ديرٍ بنديكتيٍّ،[هامش 12] بينما كان جميع أبناء العائلة في مهنٍ عسكريةٍ.[43] قررتِ العائلة أن يسلكَ توماس طريق عمه في الرهبانية،[44] وكان هذا نهجاً وظيفياً تقليدياً للابن الأصغر لأحد نبلاء جنوب إيطاليا.[45]
بدأ توما الإكويني تعليمه المبكر في سن الخامسة في دير مونتي كاسينو، غير أنه بعدما اندلع الصراع العسكري بين الإمبراطور فريدريك الثاني والبابا غريغوري التاسع (حبريته 27-1241م)، ووصول هذا الصراع إلى الدير في أوائل العام 1239. قرر لاندولف وثيودورا إرسال ابنهما إلى المدرسة العامة [تسمية الجامعة حينذاك] (باللاتينية: «Studium Generale»)؛ الجامعةُ التي كان فريدريك الثاني أنشأها حديثاً (في العام 1224م) في ناپولي،[46][هامش 13] وعلى الأغلب فإن توماس تعرّف ثمة [لأول مرةٍ] على أعمال أرسطو، وابن رشد [الحفيد] (26-1198م)، وموسى بن ميمون (1135-1204م) ممّن أثّروا -لاحقاً- على فلسفته اللاهوتية.[47] كان معلمه في مواد الأرتيماطيقي والهندسة والفلك والموسيقا بطرس الإيبنيري،[48] وخلال سنيِّ دراسته في ناپولي تأثر توماس بالمبشر الدومينيكاني يوحنا دي سانت جوليان الذي كان جزءاً من الجهود الفعالة للرهبانية الدومينيكانية من أجل تجنيد أتباعٍ مخلصين.[49]
بعد أعوامٍ ستةٍ أمضاها في جامعة ناپولي،[50] وفي سن التاسعةَ عشرَ قرَّ قرار توماس على الانضمام إلى النظام الدومينيكاني الذي كان الراهب القشتالي دومينيك دي غوزمان (1170؟-1221م) أسسه في العام 1215م،[هامش 14] ولكن انضمامَه إلى الرهبانية الدومينيكانية لم يرُقْ لعائلته،[51] وفي محاولةٍ لمنع أمه ثيودورا من التدخل في اختياره رتّب الدومينيكان لانتقاله إلى روما، ومن ثَمَّ إلى پاريس، ولكن أثناء رحلته إلى روما قبض عليه إخوته -بناءً على تعليمات أمهم- بينما كان يرتوي من نبعٍ، وأعادوه إلى والديه في قلعة "مونتي سان جيوفاني كامبانو".[52]
احتُجز توماس لمدة عامٍ تقريباً في القلاع العائلية في مونتي سان جيوفاني وروكاسِكا في محاولةٍ لمنعه من تولي العادة الدومينيكانية ودفعِه إلى التخلي عن طموحه الجديد.[47] وبسبب المخاوف السياسية لم يستطعِ البابا الأمر بإطلاق سراحه مما أدى إلى إطالة فترة احتجازه.[53] أمضى توماس هذا الوقت في محاولة تعليم أخواته والتواصل مع أعضاء التنظيم الدومينيكاني.[47]
في بعض الأوقات لجأ اثنان من إخوته إلى استئجار بغيٍّ لإغوائه، وبحسب المدوَّن في السجل الرسمي لإعلان تقديسه فقد دفعها الأكويني عنه بعيداً حاملاً جذعاً محترقاً رسم به صليباً على الحائط قبل أن يسقط في نشوةٍ صوفيةٍ، ثم تبدّى له ملاكان وهو نائم، وقالا له: «انظر.. نحن نحزمك بأمر الله بحزام العفة الذي لن يتعرّض حامله للخطر من الآن فصاعداً. ما لا تستطيع القوة البشرية الحصول عليه أضحى الآن ممنوحاً لك كمنحةٍ سماويةٍ». مذ ذاك حصل توماس أكويناس على العفة الكاملة، وبقي يرتدي الحزام إلى نهاية حياته. أُعطي الحزام لدير فرشيلي القديم في بيدمونت، وهو الآن في شيري بالقرب من تورين.[54][55]
أصبحتِ العائلة يائسةً من عدول توماس -الذي بقي على تصميمه- عنِ الانضمام إلى الدومينيكان، ومع حلول أواخر العام 1244م، وبعدما فشلت جميع محاولاتها سعت ثيودورا -حفظاً لماء الوجه- إلى ترتيب هروبه ليلاً من نافذته. كان الهروب السري من الاعتقال -في رأيها- أقلَّ ضرراً من الاستسلام العلني للدومينيكان وصوناً لسمعة الأسرة.[هامش 15] أًرسل توماس أولاً إلى ناپولي، ثم إلى روما لمقابلة "يوهانس فون ڤيلدِزهاوزن" السيد العام للتنظيم الدومينيكاني.[56]
باريس وقلونيا وألبرت الكبير وأول إشراف في باريس (1245-1259)
أرسل توماس أكويناس للدراسة في كلية الآداب في جامعة باريس -التي تأسست في العام 1220- والتابعة لأسقفية باريس في العام 1245م حيث التقى هنالك لأول مرةٍ -في الأعم الأغلب- بالعالم الدومينيكاني "ألبرت ماجنوس" (أو الكبير، دكتور (مَلفان) الكنيسة الكاثوليكية، 1200-1280م) وارتبط به،[57] ثم تولى الأكويني منصب رئيس قسم اللاهوت في كلية سانت جيمس في باريس،[58] وعندما أرسل المشرفون ألبرت الكبير للتدريس في الجامعة العامة (التعليم العام) المفتتحة حديثاً في قُلونيا في العام 1248م،[57] تبعه توماس رافضاً عرض البابا إنوسنت الرابع (حبريته 43-1254) بتعيينه بصفته الدومينيكانية رئيساً لدير مونتي كاسينو.[44] عين ألبرت الكبير طالبَه المعارضَ توماس أستاذاً وطالبَ ماجيستر.[41] وبعد فشله في مناظرته الأولى -نظراً لأنه كان هادئاً، ولا يتحدث كثيراً- اعتقد بعض زملائه من الطلبة أنه بطيء، ووصفوه بالثور الصامت، لكن ألبرت صاح بهم متنبئاً: «إنكم تدعونه الثور الغبي، لكنه في تعليمه سيُصدر يوماً ما خُواراً يُسمَع عبر أرجاء العالم أجمع».[44]
كُلّف توماس أكويناس في قُلونيا بالتدريس كأستاذٍ متدربٍ (باللاتينية: «baccalaureus biblicus») حيث قام بإرشاد الطلبة حول كتب العهد القديم، وألّف "تعليق حرفي على إشعيا" (باللاتينية: «Expositio super Isaiam ad litteram»)، و"تعليق على إرميا" (باللاتينية: «Postilla super Ieremiam»)، و"تعليق على المراثي" (باللاتينية: «Postilla super Threnos»).[59] ثم عاد إلى پاريس في العام 1252م للتحضير لدرجة الماجستير في اللاهوت. حاضر عن الكتاب المقدس كأستاذٍ متدربٍ، وبعدما أضحى موضوع رسالته "بكالوريوس سنتينتياروم" (باللاتينية: «baccalaureus Sententiarum») (أو "بكالوريوس عن الجمل")[60] كرس ثلاث السنوات الأخيرة من دراسته للتعليق على كتاب "الجمل" لبيتر لومبارد. في أول تآليفه اللاهوتية الأربعة ألف توماس تعليقاً ضخماً على "الجمل" عنونه "تعليق على الجمل" (باللاتينية: «Scriptum super libros Sententiarium»)، وبعيداً عن كتاباته للماجستير ألّف "في الوجود والجوهر" (باللاتينية: «De ente et essentia») لزملائه الدومينيكان في باريس.[44]
عُيّن الأكويني في ربيع العام 1256م أستاذاً مشرفاً في علم اللاهوت في باريس،[هامش 16] وكان من أوائل أعماله إبّان توليه هذا المنصب "ضد أولئك الذين يهاجمون عبادة الله والدين" (باللاتينية: «Contra impugnantes Dei cultum et religionem») مدافعاً عن حقوق أخويات الرهبان المتسولين (بالإنجليزية: «Mendicant Orders») [هامش 17]في تدريس اللاهوت، والذين تعرضوا للهجوم من قبل "ويليام دي سانت أمور" الذي تمكن من أن يحدَّ من السماح لأخويات الرهبان هذه بالتدريس إبّان غيبة لويس التاسع [في الحملة الصليبية السابعة على مصر] قبلما يُعيد إليهم البابا ألكسندر الرابع (حبريته 54-1261م) صلاحياتهم في ذلك.[61] هاجم ويليام دي سانت آمور كذلك الجماعات الدينية والطوائف الرهبانية التي تدير مؤسساتٍ تعليميةً، فتصدى له توما الإكويني.[62] [هامش 18]
وخلال فترة عمله تلك ما بين 1256 و1259 كتب الأكويني عدة أعمالٍ، بما فيها "أسئلة خلافية عنِ الحقيقة" (باللاتينية: «Questiones disputatae de veritate»)، وهي مجموعة من تسعةٍ وعشرين سؤالاً تُعد محلَّ خلافٍ حول جوانب الإيمان والحالة الإنسانية[63] أعدت لمناقشات الجامعة العامة التي ترأسها حول الصوم الكبير والقدوم،[64] وكذلك كتاب "أسئلة متنوعة" (باللاتينية: «Quaestiones quodlibetales»)، وهي مجموعة من إجاباته على أسئلةٍ طرحها عليه الجمهور الأكاديمي.[63]
فضلاً عن كتابين حول عملين لفيلسوف القرن السادس الميلادي "أنيسيوس مانيلوس سيفيرينوس بويثيوس"، وهما "شرح لسفر بويثيوس عن الثالوث" (باللاتينية: «Expositio super librum Boethii De trinitate») وهو تعليق على كتاب بويثيوس "عن الثالوث" (باللاتينية: «De trinitate»)، والآخر "شرح عن كتاب الأسابيع لبويثيوس" (باللاتينية: «Expositio super librum Boethii De hebdomadibus») وهو تعليق على كتاب "عن الأسابيع" (باللاتينية: «De hebdomadibus») لبويثيوس أيضاً،[65] وقد كان لمؤلفات بويثيوس الفضل في تعريف المجتمع الغربي -ولو جزئياً- بأفكار أرسطو في المنطق.[66] وفي نهاية عهده انكبَّ يعمل على أحد أشهر أعماله "خلاصة ضد الكفار" (باللاتينية: «Summa contra Gentiles»).[67][هامش 19]
نابولي وأورفييتو وروما (1259-1268)
أكمل توماس في العام 1259 الإشراف الأول له في التعليم العام "استوديوم جنرال"، وغادر پاريس قافلاً إلى ناپولي حيث عُيّن واعظاً عاماً من قبل جماعةٍ من رجال الكنيسة المحليين في 29 سبتمبر/أيلول من العام 1260م، وفي سبتمبر/أيلول من العام 1261 استُدعيَ إلى ديرٍ في أورڤييتو [شمال شرق روما] وبصفته مدرساً للدير فقد كان مسؤولاً عن التنشئة الرعوية للرهبان ممّن لم يلتحقوا بالتعليم العام، وفي أورڤييتو أكمل كتابه الخلاصة ضد الكفار، وكتب "كاتينا أوريا" (باللاتينية: «Catena Aurea») ("السلسلة الذهبية")،[68] وأنتج أعمالاً للبابا أوربان الرابع [خريج مدرسة باريس، حبريته 61-1264] مثل قداس العيد الذي أُنشئ حديثاً لعيد "كوربوس كريستي"، و"ضد أخطاء الإغريق" عارضاً رأيه في العقيدة الأرثوذكسية.[67] لا تزال بعض الترانيم التي كتبها توماس لعيد كوربوس كريستي تُؤدى حتى يومنا هذا مثل بانجي لينغوا -والتي يُطلق عليها اسم "تانتوم إرغو" (أو "حينها فقط") (باللاتينية: «Tantum ergo») الشهيرة- و"خبز الملائكة" (باللاتينية: «Panis angelicus»). أكدتِ الدراسات الحديثة أن الأكويني كان بالفعل مؤلف هذه النصوص، وهي نقطة كانت مثار اعتراضٍ من قبل بعض البحاثة.[69]
استدعى البابا كليمنت الرابع (حبريته 65–1268) المنتخبُ حديثاً -في فبراير/شباط من العام 1265- إلى روما للعمل كعالم لاهوتٍ بابويٍّ، وفي العام نفسه كلّفه الفرع الدومينيكاني في أجناني[70] بالتدريس في "المدرسة الديرية" (استوديوم كونفِنتوال) (باللاتينية: «Studium Conventuale») في الدير الروماني في "سانتا سابينا" الذي تأسس قبل بضعة عقودٍ في العام 1222.[71] غدتِ "المدرسة الديرية" الآن في سانتا سابينا تجربةً للدومينيكان، فهي أول مدرسةٍ إقليميةٍ تابعةٍ للرهبانية، وهي مدرسة متوسطة ما بين التعليم الديري والتعليم العام أو "المدرسة العامة" (استوديوم جنرال). قبل ذاك لم تكنِ المقاطعة الرومانية توفر أي تعليمٍ متخصّصٍ من أي نوعٍ؛ لا فنونٍ ولا فلسفةٍ. فقط مدارس الأديرة البسيطة مع مناهجها [الدراسية] الأساسية في اللاهوت للرهبان المقيمين هي التي كانت تقام في توسكانا وميريديونالي خلال بضعة العقود الأولى من حياة الرهبانية [الدومينيكانية]. كان مقرراً أن تكون المدرسة الإقليمية الجديدة في سانتا سابينا مدرسةً أكثر تقدماً في المقاطعة.[72] يخبرنا "تولوميو دا لوكا" -زميل توما الإكويني في وقتٍ مبكرٍ وكاتب سيرته- إنه في مدرسة سانتا سابينا قام توماس بتدريس مجموعةٍ كاملةٍ من الموضوعات الفلسفية؛ كليهما الأخلاقية والطبيعية.[73]
بدأ الأكويني أثناء وجوده في المدرسة الإقليمية في سانتا سابينا عمله الأكثرَ شهرةً "الخلاصة اللاهوتية" (باللاتينية: «Summa theologiae»)،[68] والتي تَصورها مناسِبةً بشكلٍ خاصٍّ للطلبة المبتدئين «لأن عالِمَ الحقيقة الكاثوليكية يجب ألا يعلم الشخص المتمرس وحسب، بل عليه أيضاً تعليم المبتدئين. كما يقول الرسول في 1 كورنثوس 3: 1-2، بالنسبة للأطفال الرضع لدى المسيح، أعطيتك الحليب لتشرب وليس اللحوم، نيتنا المقترحة في هذا العمل هي نقل تلك الأشياء التي تتعلق بالديانة النصرانية بطريقةٍ تلائم تعليم المبتدئين».[65][74] أثناء وجوده هناك كتب أيضاً مجموعةً متنوعةً من الأعمال الأخرى مثل خلاصته غير المكتملة "اللاهوت" (باللاتينية: «Theologiae»)، و"رد على الأخ جون من فرشيلي بخصوص مئةٍ وثمانية (108) مقالاتٍ مستمدةٍ من أعمال بيتر تارنتياز".[65][هامش 20]
عقد توماس سلسلةً من المناظرات المهمة حول قوة الله خلال فترة منصبه كرئيسٍ للمدرسة، والتي جمعها في كتابه "في القدرة" (باللاتينية: «De potentia»).[75] كان نيكولاس بروناتشي (1240-1322) أحد طلبة توماس في المدرسة الإقليمية في سانتا سابينا، ولاحقاً في المدرسة العامة في باريس، ورافقه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1268 مع "ريجينالد دي ببيرنو" مساعد توماس وسكرتيره حيث غادروا فيتربو في طريقهم إلى باريس لبدء العام الدراسي.[76][77] كان الطوباوي توماسيلو دي بيروجيا أيضاً طالباً آخرَ لتوماس في المدرسة الإقليمية في سانتا سابينا.[78]
بقي توماس في المدرسة المحلية في سانتا سابينا من العام 1265 إلى أنِ استُدعيَ مرةً أخرى إلى باريس في العام 1268 لولايةٍ ثانيةٍ للتدريس.[75] بعد رحيله إلى باريس في العام 1268، ومع مرور الوقت قُسّمت الأنشطة التربوية للمدرسة في سانتا سابينا إلى حرمين جامعيين. كان الدير الجديد للرهبانية في كنيسة سانتا ماريا سوبرا مينِرڤا بدايةً متواضعةً في العام 1255 كمجتمعٍ للنساء المتحولات [إلى الرهبانية]، لكنه نما بسرعة في الحجم والأهمية بعد تسليمه للرهبان الدومينيكان في العام 1275.[71] نُقل في العام 1288 المكون اللاهوتي لمنهج المقاطعة لتعليم الرهبان من المدرسة الإقليمية في سانتا سابينا إلى "المدرسة الديرية" (استوديوم كونفِنتوال) في "سانتا ماريا سوبرا مينِرڤا"، والتي أعيد تنظيمها كمدرسةٍ لاهوتيةٍ خاصةٍ.[79] حُوّلَت هذه المدرسة في القرن السادس عشر إلى كلية سانت توماس (باللاتينية: «Collegium Divi Thomæ»)، وفي القرن العشرين نُقلَتِ الكلية إلى دير القديسيْن دومينيك وسيكستوس، وحُوّلت إلى "الجامعة البابوية للقديس توما الأكويني" أوِ المعروفة باسم "أنجِليكوم" (باللاتينية: «Angelicum»).[79]
الإشراف الثاني المشاكس في باريس (1269–1272)
كلّف التنظيم الدومينيكاني في العام 1268م توماس أكويناس بمنصب المشرف في جامعة پاريس للمرة الثانية؛ المنصب الذي سيشغله حتى ربيع العام 1272م. وفيما يبدو فإن أحد أسباب إعادة التعيين المفاجئ هذا ناجم عن صعود "الرشدية" أو -ما اعتُبر- "الأرسطية الراديكالية" في الجامعات. كان الدومينيكان -حتى قبل الأكويني- يعتنقون المذهب الفلسفي الأرسطي [ألبرتوس الكبير على سبيل المثال الذي كان الأرسطي الأول بين فلاسفة عصره[50]]، ولكن بعد صعود نجم الرشدية وذيوع آرائها لم يعد هذا يروق للسلطات الكنسية التي اتهمتهم بأنهم ينتصرون للرشدية وابن رشدٍ (26-1198م) انتصاراً يحيد بهم عن "الطريق القويم"، وأفضى الخلاف إلى اصطدام الدومينيكان بالسلطات الكنسية في جامعة پاريس، وكان الأكويني نشر -إلى جانب كتبه الأخرى- واحداً من أهم كتبه "الخلاصة ضد الكفار" (59-1264م)، وهو موجه -في المقام الأول- إلى تفنيد عقيدة المسلمين،[هامش 21] وقد أصاب -فيما يظهر- سمعةً عريضةً من تآليفه -لا سيما كتابه ذاك-، وعمله التدريسي في ذلك الوقت.[80]
تواطأتِ النزاعات مع بعض الفرنسيسكان المهيمنين لتجعلَ من إشراف توماس أكويناس الثاني أكثر صعوبةً واضطراباً من الأول، فقبل عامٍ فقط من مجيئه لتولي هذا التكليف، وفي خضمِّ نزاعات باريس (66-1267) اتهم السيد الفرنسيسكاني "ويليام دي باجليوني" الأكويني بتشجيع "الرشديين" (بالإنجليزية: «Averroists»)، وغالباً ما اعتبره أحدَ «القادة العميان للمكفوفين». تقول إليونور ستامب: «لقد قيل أيضاً بشكلٍ مقنعٍ إن كتاب توما الأكويني De aeternitate mundi ["في خلود العالم"] كان موجهاً -بشكلٍ خاصٍّ- ضد زميله في اللاهوت الفرنسيسكاني "جون بيكهام"».[81] كان الرشديون تياراً قوياً في الجامعات، وقد أخذ الأكويني على نفسه أن يستخلصَ أرسطو وينفيَ ابن رشد، ويبين أن أنصار الرشدية من المسلمين والكاثوليك كليهما أخطؤوا في فهم أرسطو وشرحه، وأنه سوف «يزيل هذا الأذى الذي نتج عن الإسراف في متابعة التعاليم العربية».[50][هامش 22]
واستجابةً منه لدحض الرشدية كتب الأكويني عملين أحدهما "في وحدة الفكر، ضد الرشدية" (باللاتينية: «De unitate intellectus contra Averroistas») حيث يندد بالرشدية معتبراً إياها غير متوافقةٍ مع العقيدة المسيحية.[82] وأنهى -إبّان فترة الوصاية الثانية هذه- الجزءَ الثانيَ من الخلاصة، وألف كتابين "في الفضائل" (باللاتينية: «De Virtutibus»)، و"قي الخلود في العالم، ضد المُشككين" (باللاتينية: «De aeternitate mundi, contra murmurantes»)،[75] وهو الكتاب الذي تعامل مع ابن رشد المثير للجدل والمبدأ الأرسطي "أزليّة [قِدَم] العالم".[81]
وفي الواقع كان الأكويني مستاءً بشدةٍ من انتشار الرشدية، ولقد غضب عندما اكتشف أن "سيجر دي برابانت"[هامش 23] يعلم التفسيرات الرشدية لأرسطو للطلبة الباريسيين.[83] وفي 10 ديسمبر/كانون الأول من العام 1270م أصدر أسقف باريس "إتيين تيمبيي" مرسوماً يدين ثلاث عشرة قضيةً أرسطيةً ورشديةً باعتبارها زندقةً، ويوقع حرمةً كنسيةً على أي امرئٍ يواظب على دعمها،[84] ويحرم -بصفته الرسمية كرئيسٍ لجامعة باريس- تعليم آراء ابن رشد في الجامعة، ودعاه رأس الضلال.[85] كان العديدون في المجتمع الكنسي -ممن يُدعَوْن أوغسطينيين- يتملكهم الخوف من أن هذا التقديم للأرسطية، والرشدية الأكثر منها تطرفاً[هامش 24] ربما يلوّثان بطريقةٍ ما نقاء الإيمان المسيحي. أجرى توماس -فيما يبدو محاولةً منه لمواجهة الخشية المتعاظمة من الفكر الأرسطي- سلسلةً من المناظرات ما بين العامين 1270 و1272؛ "في الفضائل بشكلٍ عامٍّ" (باللاتينية: «De Virtutibus in communi»)، و"في الفضائل الكاردينالية" (باللاتينية: «De Virtutibus cardinalibus»)، و"الأمل" (باللاتينية: «De spe»).[86]
التكليف الأخير والتوقف عن الكتابة (1272-1274)
في العام 1272 أخذ توماس إجازةً من مدرسة باريس عندما دعاه الدومينيكان في وطنه لتأسيس مدرسةٍ عامةٍ (جامعة) (باللاتينية: «Studium Generale») أينما يشاء، وانتقاء طافم التوظيف فيها كما يشاء. اختار إنشاء المؤسسة في ناپولي، وانتقل إلى هناك ليتولى منصبه كمشرفٍ عليها.[75] استغرق وقته في ناپولي للعمل على الجزء الثالث من الخلاصة فيما كان يحاضر حول مواضيعَ دينيةٍ مختلفةٍ. وعظ أيضاً لأهل ناپولي كل يومٍ خلال الصوم الكبير في العام 1273. هذه العظات حول الوصايا، وقانون الإيمان، وأبونا، والسلام عليك يامريم كانت جدّ مشهورةٍ.[87]
يُعزى تقليدياً لتوماس القدرة على التحليق. مثلاً ذكر ج. ك. تشيسترتون أن «تجاربه تضمنت حالاتٍ مشهودٍ لها من التحليق في نشوةٍ؛ وظهرت له العذراء المباركة، وهي تُريحه بخبرٍ مُرحِّبٍ بأنه لن يكون أسقفاً أبداً».[88]
ويُروى تقليدياً أنه في مناسبةٍ في العام 1273م في دير الدومينيكان في كنيسة القديس نيقولاس في ناپولي،[89] بعد "الماتينز"[هامش 25]، ارتفع توماس -وشاهده ساكريستان دومينيك دي كاسيرتا- في الصلاة بالدموع أمام أيقونة المسيح المصلوب. قال المسيح لتوماس: «لقد كتبت عني جيداً ياتوما. ماهي المكافأة التي كنت لتحصل عليها مقابل عملك؟» أجاب توماس: «لا شيء غيرEك يارب».[90][91]
في 6 ديسمبر/كانون الأول من العام 1273م حدثت تجربة صوفية أخرى، فبينما كان يحتفل بالقداس شعر بنشوةٍ طويلةٍ بشكلٍ غير عاديٍّ.[91] وبسبب ما رآه تخلى عن برنامجه، ورفض أن يُمليَ على صديقه "ريجِنالد من ببيرنو"، وعندما توسل إليه ريجنالد للعودة إلى العمل أجابه توماس: «ريجنالد.. لا أستطيع، لأن كل ما كتبته يبدو لي مثل القش»[92] (باللاتينية: «mihi videtur ut palea»).[93] ونتيجة لذلك ستبقى "الخلاصة اللاهوتية" غير مكتملةٍ.[94] يفسر بعضهم أن ما تسبب بالضبط في تغير توماس في سلوكه كان نوعاً من التجارب الخارقة للطبيعة مع الله، وبعدما اقتيد إلى سريره استعاد بعض القوة.[95]
دعا البابا غريغوري العاشر (حبريته 71-1276م) إلى المجمع الثاني في ليون الذي سينعقد في 1 مايو/أيار من العام 1274 بحثاً عن طريقةٍ لجمع شمل الكنيستين الكاثوليكية الغربية والأرثوذكسية الشرقية، واستدعي توماس للحضور.[96] في ذاك المجمع كان من المقرر تقديم عمل توماس الذي كان ألفه للبابا أوربان الرابع بشأن العقيدة الأرثوذكسية "ضد أخطاء الإغريق".[97]
في طريقه إلى المجمع راكباً حماراً على طريق أبيان[96] ضرب رأسه بغصن شجرةٍ سقطت وأصيب إصابةً خطيرةً مرةً أخرى. اصطُحِب بسرعةٍ إلى مونتي كاسينو للتعافي،[95] وبعدما نال قسطاً من الراحة انطلق ثانيةً، لكنه توقف عند دير فوسانوڤا للسيسترسيان (الفرنسيسكان) بعد أن عاوده المرض.[98][هامش 26] مرّضه الرهبان لعدة أيامٍ،[99] وبعدما تلقى طقوسه الأخيرة دخل في مناجاةٍ وصلّى: «لقد كتبتُ وعلّمتُ الكثير عن هذا الجسد جِدِّ المقدسِ، وعن الأسرار الأخرى في إيمان المسيح، وحول الكنيسة الرومانية المقدسة التي أعرض عليها كل ما كتبته وأُقدّمه».[100] وما وافى يوم السابع من مارس/آذار عام 1274 حتى رقد رقدته الأخيرة[98] بينما كان يعلق على نشيد الأناشيد.[101]
إدانة العام 1277 والتقديس
في العام 1277م أصدر "إتيين تيمبيي" -أسقف باريس الذي أصدر إدانة العام 1270- إدانةً أخرى أكثر شمولاً. كان أحد أغراض هذه الإدانة هو تبيان أن قوة الله المطلقة تتجاوز أية مبادئَ منطقيةٍ ربما وضعها أرسطو أو ابن رشد عليها.[102] وبشكلٍ أكثر تحديداً احتوت الإدانة على قائمةٍ من مئتين وتسع عشرة (219) مسألةً قرر الأسقف أنها تنتهك قدرة الله المطلقة. تضمنت هذه القائمة عشرين مسألةً توماويةً أضر إدراجها بشدةٍ بسمعة توما الأكويني لسنواتٍ عديدةٍ.[103]
وفي العام نفسه (1277) يصدر أسقف كانتربري قراراً يحرّم تدريس بعضاً من مبادئ التوماوية في أكسفورد التابعة له، وكذا تحريمان آخران في العامين 1284، و1286 قبلما يتحول موقف السلطات الكنسية منه رويداً رويداً.[104]
وضع دانتي (1265-1321م) في "الملهاة الإلهية" روح توماس في جنة الشمس مع الأمثلة العظيمة الأخرى للحكمة الدينية.[105] يؤكد دانتي أن الأكويني مات بالتسمم بأمرٍ من شارل دي أنجو (شارل الأول ملك نابولي) (26-1285).[106] يستشهد ڤيلاني بهذا الاعتقاد،[107] ويصف أنطونيو افيورنتينو الجريمة ودوافعها، لكنَّ المؤرخ لودوفيكو أنطونيو موراتوري يستنسخ الرواية التي قدمها أحد أصدقاء الأكويني، وهذه النسخة من القصة لا تعطي أي تلميحٍ لوجود تلاعبٍ.[108]
ولقد قدم توما الأكويني خدمةً جُلّى للكنيسة الكاثوليكية بجمعه وتنظيمه التعاليم الكنسية،[109] كما أن علم اللاهوت عنده بدأ في الارتقاء إلى مكانةٍ مرموقةٍ، وبعد أقلَّ من ثلاثة قرونٍ في العام 1567 أعلن البابا "بيوس الخامس" (حبريته 66-1572) القديسَ توماس أكويناس طبيباً للكنيسة (بالإنجليزية: «Doctor of the Church») (أو مَلفاناَ)، وصنف عيده مع أعياد الآباء اللاتينيين الأربعة: أمبروز، وأوغسطينوس، وجيروم، وغريغوري،[108] وفي مجمع ترينت (45-1563) حظي الأكويني بشرف وضع "الخلاصة اللاهوتية" خاصته على المذبح جنباً إلى جنبٍ مع الكتاب المقدس والأحكام.[103][110]
ذكر البابا ليو الثالث عشر (حبريته 1878-1903) في رسالته العامة المؤرخة في 4 أغسطس/آب من العام 1879 أن لاهوت توما الأكويني كان عرْضاً نهائياً للعقيدة الكاثوليكية، وعليه وَجّهَ رجالَ الدين لاتخاذ تعاليمه كأساسٍ لمواقفهم اللاهوتية، كما أصدر البابا المذكور مرسوماً يقضي بأن على جميع الندوات والجامعات الكاثوليكية أن تُدرِّس مذاهب توماس، وحيثما لم يتطرقِ [الأكويني] للحديث عن موضوعٍ معينٍ فقد «جرى حث المعلمين على تدريس استنتاجاتٍ تتوافق مع فكره»، وفي العام 1880 أُعلن القديس توما الأكويني راعياً لجميع المؤسسات التعليمية الكاثوليكية.[108] إن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية -منذ رسالة ليو الثالث عشر المشار إليها- تعتبر التوماوية الفلسفة الوحيدة الصحيحة.[5]
وفي "عصر الإيمان" ذاك -كما يدعو "ويل ديورانت" و"موريس بيشوب" القرونَ الوسطى العالية (1000-1500م)- كثرت قصص المعجزات وجعل الوعاظ يرددونها بوقارٍ والناس يتلقفونها تواقين لأن يحدث معهم أمثالها، ورُوي أن ببغاءً ردد عبارةً كما سمعها من مالكته ترددها عندما تخاف: "أغثني يا قديس توماس" وذلك في مواجهة هجومٍ من طائرٍ مفترسٍ، فأنقذه القديس توماس في الحال.[109] وحينما اعترض "محامي الشيطان" على عملية تقديس توما الأكويني لعدم وجود معجزاتٍ له استشهد أحد الكرادلة بكتاباته في "الخلاصة اللاهوتية" على أنها معجزة قائلاً: «هناك العديد من المعجزات مثل المقالات (في خلاصته)» (باللاتينية: «Tot miraculis، quarticulis»).
وبعد خمسين عاماً على وفاته، وفي 18 يوليو/تموز من العام 1323م رَسم البابا "يوحنا الثاني والعشرون" (ثاني بابوات أڤينيون، حبريته 16-1334) توماس أكويناس قديساً.[111] يُظهر أحد الأديرة في ناپولي بالقرب من كاتدرائية ناپولي زنزانةً يُفترض أنه عاش فيها،[108] وقد نقلت رُفاته من دير فوسانوڤا إلى كنيسة اليعاقبة في تولوز جنوب غربي فرنسا في 28 يناير/كانون الأول من العام 1369م، وفيما بين العامين 1789 و1974م حُفظ الرفات في "بازيليك سانت سيرنين" في تولوز، ومن ثَمَّ أعيد في العام 1974م إلى كنيسة اليعاقبة حيث يقبع هناك منذ ذلك الحين.
أعلن البابا بنديكتوس الخامس عشر (حبريته 14-1922): «اكتست هذه الرهبنة (الدومينيكانية) بريقاً جديداً عندما أعلنتِ الكنيسة أن تعاليم توما هي تعاليمها، وأنه هو العالِم -والذي كُرّم بمديحٍ خاص من كبار الكهنة- سيد المدارس الكاثوليكية وراعيها».[112]
عند تطويبه قديساً أُدرج يوم عيده في "التقويم الروماني العام" للاحتفال به في ذكرى وفاته يوم 7 مارس/آذار، ونظراً لأن هذا التاريخ يقع عادةً في فترة "الصوم الكبير" فقد نَقلت مُراجعةُ العام 1969م للتقويم [الكنسي] ذكراه إلى 28 يناير/كانون الأول تاريخ نقل رُفاته إلى كنيسة اليعاقبة في تولوز.[113][114]
يجري تكريم توماس أكويناس بيوم العيد كذلك في بعض كنائس المجتمع الأنجليكاني مع مهرجانٍ أصغر، وذلك يوم 28 يناير/كانون الأول.[115]
الفلسفة
كان توماس الأكويني عالماً لاهوتياً وفيلسوفاً مدرسياً. ومع ذلك لم يعتبر نفسه فيلسوفاً،[116] وقدِ انتقد الفلاسفة معتبراً إياهم وثنيين لأنهم «يقعون دوماً في التقصير في [معرفة] الحكمة الحقيقية والصحيحة التي يمكن العثور عليها في الوحي المسيحي».[117][هامش 27] ومع هذا كان الأكويني يحترم أرسطو لدرجة أنه غالباً ما يستشهد به في "الخلاصة" ببساطةٍ تحت اسم «الفيلسوف» -وهي تسمية كانت كثيرة الاستخدام في ذلك الوقت- وبسببه «أصبح "الاستاجيري" [أي أرسطو] معدوداً بين الكاثوليك واحداً من "الآباء" أو يكاد، وبات في رأيهم أن نقده في أمور الفلسفة الخالصة يقرب جداً من الكفر في الدين»،[118] وبالرغم من ذلك فإن توماس «لم يتنازل عن العقيدة النصرانية من خلال جعلها تتماشى مع الأرسطية الحالية، وبدلاً من ذلك قام بتعديلها وتصحيحها كلما تعارضت مع المعتقد المسيحي».[119]
يعتمد الكثير من أعمال توماس على موضوعاتٍ فلسفيةٍ، وبهذا المعنى يمكن وصفها بأنها أعمال فلسفية أيضاً، ولقد كان لفكره الفلسفي تأثير هائل على اللاهوت المسيحي اللاحق، وخاصةً في الكنيسة الكاثوليكية، وامتد إلى الفلسفة الغربية بشكلٍ عامٍّ.
شروح على أرسطو
كتب توماس أكويناس العديد من التعليقات المهمة على أعمال أرسطو، بما في ذلك "حول الروح"، و"في التفسير"، و"الأخلاق النيقوماخية"، و"الميتافيزيقيا". ويرتبط عمله بترجمات ويليام أوف موربيك (1215 /1235 – 1286) لأعمال أرسطو من اليونانية إلى اللاتينية مباشرةً والتي أتمها سنة 1267.[هامش 28] مثلما ارتبط بالأعمال الفلسفية العربية -التي شرحت الفكر اليوناني وأرسطو خاصةً شرحاً وافياً وأضافت إليها- وآراء الفلاسفة العرب حوله كابن سينا وابن رشد والرازي والغزالي.[66]
نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا)
يعتقد توما الأكويني أنه «من أجل معرفة أي حقيقةٍ -مهما كانت- يحتاج الإنسان إلى مساعدةٍ إلهيةٍ، لأن العقل يُحركه الله إلى صنيعه».[120] ومع ذلك اعتقد الأكويني أن لدى البشر القدرة الطبيعية على معرفة أشياءٍ كثيرةٍ بدون وحيٍ إلهيٍّ خاصٍّ على الرغم من أن هذا الوحي يحدث من وقتٍ لآخر «خاصةً فيما يتعلق بهذه (الحقائق) المتعلقة بالإيمان».[121] ولكن هذا هو النور الذي أعطاه الله للإنسان وفقاً لطبيعة الإنسان: «الآن.. كل شكلٍ منحه الله للمخلوقات له القدرة على فعلٍ محدّدٍ [uality]، والذي يمكنه إنجازه بما يتناسب مع ملكته المناسبة [لهذا الفعل]، ويكون عاجزاً فيما وراء ذلك، اللهم إلا عبر شكلٍ فائق الإضافة، كما أن الماء يمكنه أن يسخن -فقط- عند تسخينه بالنار، وعليه يكون للفهم البشري شكل، أو بكلمةٍ أخرى ضوء واضح، والذي هو [هذا الشكل أو الضوء] كافٍ -في حد ذاته- لمعرفة أشياءٍ معقولةٍ محددةٍ، بمعنى تلكم [الأشياء] التي يمكن أن نحصل على معرفتها من خلال الحواس».[121]
الأخلاق
تستند الأخلاق عند توما الأكويني على مفهوم "مبادئ العمل الأولى".[122] يذكر في كتابه الخلاصة اللاهوتية:
«تشير الفضيلة إلى كمالٍ معينٍ للسلطة. يُعتبر كمال الشيء الآن أساساً لما يتعلق بنهايته، لكن نهاية القوة هي الفعل، لذلك يقال إن القوة كاملة مثلما هي محددة لعملها».[123]
شدد توماس على أنه «يقال عن "التوليف"[هامش 29] إنه قانون عقولنا، لأنه عادةً يحتوي على مبادئ القانون الطبيعي، والتي هي المبادئ الأولى لأفعال الإنسان».[124][125]
ووفقاً لتوماس «... جميع الأفعالِ الفضيلةِ موصوفةٌ في القانون الطبيعي بما أن عقل كلِّ فردٍ يملي عليه -بطبيعة الحال- التصرف بفضيلةٍ، ولكن إذا تكلمنا عن الأفعال الفاضلة المعتبرة في ذاتها -أي في جنسها الصحيح- فلا ينص القانون الطبيعي على جميع الأفعال الفاضلة: فالكثير من الأشياء تتم بشكلٍ فاضلٍ، والتي لا تميل إليها الطبيعة في البدء؛ وإنما من خلال استقصاء العقل وجد البشر أنها تساعد على العيش الكريم». لذلك يجب أن نحدد ما إذا كنا نتحدث عن الأفعال الفاضلة تحت مظهر الفاضلة أو كفعلٍ في جنسها.[126]
عرّف الأكويني الفضائل الأساسية الأربعة بأنها الحكمة والاعتدال والعدالة والثبات. الفضائل الأساسية طبيعية وتتبدّى في الطبيعة، وهي مُلزِمة للجميع. ومع ذلك فهناك ثلاث فضائلَ لاهوتيةٍ: الإيمان والرجاء والمحبة. يصف توماس أيضاً الفضائلَ بأنها فضائل منقوصة (غير كاملة) وفضائل (كاملة)، والفضيلة الكاملة هي أي فضيلةٍ مع المحبة (بالإنجليزية: «charity»).[هامش 30] المحبة تكمّل الفضيلة الأساسية. يمكن لغير المسيحي أن يظهر الشجاعة، لكن ذلك سيكون شجاعةً باعتدالٍ. أما المسيحي فمن شأنه أن يظهر الشجاعة مع المحبة، وهذه هي إلى حدٍّ ما خارقة للطبيعة ومتميزة عن الفضائل الأخرى في موضوعها، أي الله:[127]
كتب توما الأكويني: «[الجشع] هو خطيئة ضد الله تماماً مثل حميع الخطايا المميتة بقدر ما يدين الإنسان الأشياءَ الأبديةَ من أجل الأشياء الزمنية».[128]
علاوةً على ذلك ميّز توماس في أطروحته عن القانون أربعة أنواعٍ من القانون: أبدي، وطبيعي، وإنساني، وإلهي. فالقانون الأبدي هو قضاء الله الذي يحكم كل الخليقة: «هذا القانون الذي هو السبب الأسمى لا يمكن فهمه على أنه غير قابلٍ للتغيير وأبديٍّ»[129] القانون الطبيعي هو "المشاركة البشرية في القانون الأبدي ويتم اكتشافه بالعقل".[130] يقوم القانون الطبيعي على "المبادئ الأولى":[131]
وعلى السواء أكان القانون الطبيعي يحتوي على العديد من المبادئ، أم شرحاً وحيداً فحسب من قبل توماس، فإن «كل الميول لأيّة أجزاءٍ مهما كانت من الطبيعة البشرية -على سبيل المثال الأجزاء القابلة للغضب والمغادرة- بقدر ما يحكمها العقل تنتمي إلى القانون الطبيعي، ويجري اختزالها إلى مبدأٍ أولٍّ واحدٍ، كما هو مذكور أعلاه: بحيث إن تعاليمَ القانون الطبيعي كثيرة في حد ذاتها، ولكنها تقوم على أساسٍ واحدٍ مشتركٍ».[132]
يحسبُ توماس رغبات الحياة والإنجاب من بين تلك القيم الإنسانية الأساسية (الطبيعية) التي تستند إليها جميع القيم الإنسانية. وفقاً له فإن جميع الميول البشرية موجهة نحو السلع البشرية الحقيقية. في هذه الحالة فإن الطبيعة البشرية المعنية هي الزواج، وهِبَةُ الذات الكاملة للآخر التي تضمن أسرةً للأطفال ومستقبلاً للبشرية.[133] وقد عرّف الميل المزدوج لفعل الحب [الجماع]: «نحو الخير الذي يرغب فيه الإنسان لشخصٍ ما (لنفسه أو لغيره) ونحو ما يتمنى له بعض الخير».[134]
يستنتج توماس فيما يتعلق بقانون الإنسان «... كما هو الحال في العقل التأملي من المبادئ المعروفة التي لا يمكن إثباتها بشكلٍ طبيعيٍّ، فإننا نستخلص استنتاجاتِ مختلف العلوم التي لا تُمنَح لنا معرفتها بطبيعتها، بل نكتسبها. من خلال جهود العقل، لذلك من مبادئ القانون الطبيعي -كما من المبادئ العامة التي لا يمكن إثباتها- أن العقل البشري يحتاج إلى الشروع في تحديدٍ أكثر خصوصيةً لبعض الأمور. هذه التحديدات الخاصة -التي ابتكرها العقل البشري- هي تسمى قوانين الإنسان، بشرط مراعاة الشروط الأساسية الأخرى للقانون ...» القانون الإنساني هو القانون الوضعي: القانون الطبيعي الذي تطبقه الحكومات على المجتمعات.[126]
القانون الطبيعي والبشري ليسا كافيين بمفردهما. إن الحاجة إلى توجيه السلوك البشري جعلت من الضروري وجود قانونٍ إلهيٍّ. القانون الإلهي هو القانون المعلن بشكلٍ خاصٍّ في الكتب المقدسة. يقتبس توما: «يقول الرسول (عبرانيين 7-12): ترجمة الكهنوت؛ من الضروري أن تتم ترجمة القانون أيضاً. لكن الكهنوتَ ذو شقين -كما ورد في نفس المقطع- أي الكهنوت اللاواعي، وكهنوت المسيح، لذلك فإن القانون الإلهي ذو شقين، هما الشريعة القديمة والشريعة الجديدة».[135]
أثر توماس كذلك بشكلٍ كبيرٍ في الفهم الكاثوليكي للخطايا المميتة والعَرَضية.
يشير توما الأكويني إلى الحيوانات على أنها غبية، وأن النظام الطبيعي قد أعلن عن الحيوانات لاستخدام الإنسان، ونفى أن يكون لدى البشر أي واجب صدقةٍ تجاه الحيوانات لأنهم ليسوا أشخاصاً، وإلا فسيكون قتلهم من أجل الطعام غيرَ قانونيٍّ، لكن يجب أن يظل البشر خيّرين لهم، لأن «العادات القاسية قد تنتقل إلى معاملتنا للبشر».[136][137]
أسهم توماس في الفكر الاقتصادي باعتباره جانباً من جوانب الأخلاق والعدالة. لقد تعامل مع مفهوم "السعر العادل"، وهو عادةً سعر السلعة في السوق أو سعر منظَّم كافٍ لتغطية تكاليف البائع للإنتاج. وقال إن من غير الأخلاقي أن يرفع البائعون أسعارهم لمجرد أن المشترين في حاجةٍ ماسّةٍ إلى المنتج.[138][139]
النظام السياسي
أصبحت نظرية توما الأكويني عن النظام السياسي شديدة التأثير. يرى توماس الإنسانَ ككائنٍ اجتماعيٍّ يعيش في مجتمعٍ، ويتفاعل مع أعضائه الآخرين، وهذا يُفضي -من بين أمورٍ أخرى- إلى تقسيم العمل.
ميّز توماس بين الرجل الصالح والمواطن الصالح، وهو أمر مهم لتطوير النظرية التحررية [أو الليبرالية]. أي إن مجال الاستقلالية الفردية كان مجالاً لا يمكن للدولة أن تتدخل فيه.[140]
يعتقد توماس أن المَلَكية هي أفضل شكلٍ من أشكال الحكومة، لأنه لا يتعين على الملك أن يقدم تنازلاتٍ لأشخاصٍ آخرين، ومع ذلك فقد رأى النظام الملكي أفضلَ شكلٍ من أشكال الحكم بمعنىً محددٍ للغاية وذلك فقط عندما يكون الملك فاضلاً؛ وإلا فهو الأسوأ إذا ما كان الملك شريراً.[141] علاوةً على ذلك -وفقاً لتوماس- فإن الأوليغارشية تتدهور بسهولةٍ إلى الاستبداد أكثر من الملكية. ولمنع الملك من أن يغدوَ طاغيةً يتوجب كبح سلطاته السياسية، كذلك ما لم يجرِ التوصل إلى اتفاقٍ بين جميع الأشخاص المعنيين ينبغي التسامح مع الطاغية، وإلا فقد يتدهور الوضع السياسي إلى حالةٍ من الفوضى، والتي ستكون أسوأ من الاستبداد.[هامش 31] في عمله السياسي "دي ريجنو" (باللاتينية: «De Regno») أخضع الأكويني السلطة السياسية للملك لقائد القانون الإلهي والإنساني؛ لله الخالق. لقد أكد على سبيل المثال:
- - "دي ريجنو، الفصل 4، رقم 21" (باللغتين اللاتينية والإنجليزية).
- - "دي ريجنو، الفصل 2، رقم 15" (باللغتين اللاتينية والإنجليزية).
وبحسب الأكويني فالملوك هم ممثلو الله في أراضيهم، لكنَّ الكنيسة ممثلةً بالباباوات أعلى من الملوك في مسائل العقيدة والأخلاق. نتيجةً لذلك يُلزَم الحكام الدنيويّون بتكييف قوانينهم مع عقائد الكنيسة الكاثوليكية وقراراتها.
واعتبر الأكويني أن الرقَّ ليستِ الحالةَ الطبيعيةَ للإنسان،[142] وأكد أن العبد بطبيعته مساوٍ لسيده [143]، وميّز بين "العبودية الطبيعية" التي تفيد كلا السيد والعبد، و"العبودية الخَنوع" التي تزيل عن العبد كل استقلاليةٍ، وهي -بحسب الأكويني- أسوأ من الموت.[144] مذاهب الأكويني عن السعر العادل،[145] أما بشأن حق القتل في النظام الاستبدادي، والمساواة بين جميع أبناء الله المعمَّدين في "تناول القديسين"، فقد وضع حداً للسلطة السياسية لمنعها من الانحدار نحو الطغيان. نال هذا النظام اعتباراً لدى المعارضة البروتستانتية للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وفي الردود "اللامبالية" على التوماوية التي أتى بها كانط (1724-1804)، واسبينوزا (32-1677).
علم النفس
يؤكد توماس الأكويني أن الإنسان هو مادة مادية واحدة. إنه يفهم الروح على أنها شكل الجسد، مما يجعل الإنسان مركباً من الاثنين، وهكذا فإن المركبات الحية المكونة من مادةٍ هي وحدها التي يمكن حقاً أن تسمى بشريةً، والجثث "بشرية" فقط بالقياس. مادة واحدة موجودة في الواقع تأتي من الجسد والروح. الإنسان هو جوهر مادي واحد، ولكن لا يزال ينبغي فهمه على أنه يمتلك نفساً غير ماديةٍ تستمر بعد الموت الجسدي.
يقرر توماس بوضوحٍ في كتابه "الخلاصة اللاهوتية" موقفه من طبيعة الروح معرفاً إياها بأنها "أول مبدأٍ للحياة".[146] الروح ليست جسديةً أو جسداً. إنها فعل الجسد، لأن العقل غير ماديٍّ، فهو لا يستخدم أعضاء الجسد، لأن «"عمل أي شيءٍ يتبع طريقة وجوده».[147]
وطبقاً لتوماس فإن الروح ليست مهمةً، وليست حتى مسألةً روحانيةً أو معنويةً. وإذِ الأمر كذلك فلن تكون قادرةً على فهم المسلمات غير المادية. يتلقى المستقبِل الأشياءَ وفقاً لطبيعة المتلقي الخاصة، ولذلك فعلى الروح (المتلقي) لكي تفهم (تستقبل) المسلَّمات يجب أن يكون لها طبيعة المسلمات نفسها. ومع ذلك فإن أي مادةٍ تفهم المسلمات قد لا تكون مركبةً على شكل مادةٍ، وبذا فإن البشر لديهم أرواح عاقلة، وهي أشكال مجردة مستقلة عن الجسد، لكن الكائن البشري هو مادة مادية واحدة موجودة وحيدة تأتي من الجسد والروح: وهذا ما عناه توماس عندما كتب أن «شيئاً ما في الطبيعة يمكن أن يتشكل من مادةٍ فكريةٍ وجسدٍ»، وأن «شيئاً وحيد الطبيعة لا ينتج من كينونتين دائمتين إلا إذا كان لأحدهما طابع الشكل الجوهري والآخر من مادة».[148]
الروح «شكل جوهري»؛ إنها جزء من مادةٍ، لكنها ليست مادةً في حد ذاتها. ومع ذلك فالروح موجودة منفصلة عن الجسد، وتستمر بعد الموت في العديد من القدرات التي نعتقد أنها بشرية. الشكل الجوهري هو ما يجعل الشيء عضواً في النوع الذي ينتمي إليه، والشكل الأساسي هو أيضاً الهيكل أو التكوين الذي يوفر للكائن القدراتِ التي تجعل الكائن ما هو عليه. بالنسبة إلى البشر هذه القدرات هي تلك الخاصة بالحيوان العقلاني.
يمكن فهم هذه الفروق بشكلٍ أفضلَ في ضوء فهم توماس للمادة والشكل، وهي نظرية (بالإنجليزية: «hylomorphic») ("مادة/شكل") مشتقة من أرسطو. في أي مادةٍ ماديةٍ معينةٍ المادة والشكل متحدان بالضرورة، وكل منهما جانب ضروري لتلك المادة، ومع ذلك فهي مفهومة من الناحية المفاهيمية. تمثل المادة ما يمكن تغييره بشأن المادة -ما هو الشيء المحتمل أن يكون شيئاً آخر. على سبيل المثال من المحتمل أن تكون المادة البرونزية تمثالاً، كما من المحتمل أيضاً أن تكون صنجاً. يجب أن تُفهمَ المسألة على أنها مسألة شيء. في المقابل الشكل هو الذي يحدد جزءاً معيناً من المادة لأن يكون مادةً معينةً وليس مادةً أخرى. عندما يقول توماس إن جسم الإنسان يتكون جزئياً فقط من المادة، فهذا يعني أن الجسمَ الماديَّّ هو كائن بشري محتمَل. الروح هي التي تحقق تلك الإمكانات في كائنٍ بشريٍّ موجودٍ، وبناءً عليه فإن حقيقة أن جسم الإنسان هو نسيج بشري حي يستلزم أن الروح البشرية حاضرة بالكامل في كل جزءٍ من أجزاء الإنسان.
الاقتصاد
تناول توماس الأكويني معظم الأسئلة الاقتصادية في إطار العدالة، وهي التي زعم أنها أسمى الفضائل الأخلاقية.[149] يقول إن العدالة هي «عادةٌ يُمنح الإنسان بموجبها حقّه بإرادةٍ ثابتةٍ ودائمةٍ»،[150] وجادل بأن هذا المفهوم للعدالة له جذوره في القانون الطبيعي. يخلص جوزيف شومبيتر في كتابه "تاريخ التحليل الاقتصادي" إلى أن «جميع الأسئلة الاقتصادية لو جُمِعت هي أمور أقلَّ بالنسبة له من أصغر قضيةٍ في العقيدة اللاهوتية أو الفلسفية، وفقط عندما تثير الظواهر الاقتصادية أسئلةً في اللاهوت الأخلاقي يتطرق إليها».[151]
كان توما الأكويني حريصاً على التمييز بين السعر العادل أو الطبيعي لسلعةٍ ما عن ذلك السعر الذي يتلاعب به طرف آخر. إنه يحدد السعر العادل من خلال عدة أمور. أولاً يجب أن يكون السعر العادل متناسباً مع قيمة السلعة، وقد أكد توماس أن سعر السلعة يقيس جودتها: «تُقاس جودة الشيء -الذي يدخل في نطاق الاستخدام البشري- بالسعر المعطى له»،[152] ومضى يقول إن سعر السلعة -مقيساً بقيمتها- يتحدد بفائدتها للإنسان. هذه القيمة ذاتية لأن كل خيرٍ له مستوىً مختلف من الفائدة لكل إنسانٍ. جادل توماس -إذن- بأن على السعر أن يعكس القيمة الحالية لقيمةٍ جيدةٍ تبعاً لفائدتها للإنسان، ويتابع: «الذهب والفضة مكلّفان ليس فقط بسبب نفع الأواني وما شابه ذلك من الأشياء المصنوعة منهما، ولكن أيضاً بسبب تميز ونقاء جوهرهما».[153]
كتب توماس أكويناس أيضاً على نطاقٍ واسعٍ عن الربا (بالإنجليزية: «Usury») أي إقراض المال مع الفائدة. وأدان ممارستها: «إن أخذ الربا مقابل المال المُقَرَض ظلمٌ في حد ذاته، لأن هذا بيع ما لا وجود له، وهذا يؤدي ظاهرياً إلى عدم المساواة الذي يتعارض مع العدل». تُستهلك النقود والسلع الأخرى المماثلة فقط عند استخدامها. إن تقاضي علاوةٍ مقابل المال المُقَرض هو رسم لأكثرَ من مجرد استخدام السلعة. وهكذا خلص توما الأكويني إلى أن المُقرِض يتقاضى رسوماً مقابل شيءٍ ليس يملكه، وبمعنىً آخر لا يُمنح كل واحدٍ ما يستحق.
اللاهوت
نظر توما الأكويني إلى اللاهوت، أو العقيدة المقدسة على أنها علم، تتكون المواد الخام [المصادر] الخاصة به من الكتاب المقدس وتقاليد [أعراف] الكنيسة الكاثوليكية. نتجت مصادر البيانات هذه من خلال إعلان الله الذاتي للأفراد والجماعات عبر التاريخ. الإيمان والعقل على الرغم من اختلافهما إلا أنهما مرتبطان؛ وهما الأداتان الأساسيتان لمعالجة بيانات اللاهوت. يرى توماس أن كليهما ضروري -أو بالأحرى أن التقاءَ الاثنين كان ضرورياً- لكي يحصلَ المرء على معرفةٍ حقيقيةٍ عن الله. مزج توماس الفلسفة اليونانية والعقيدة المسيحية من خلال الافتراض بأن التفكيرَ العقلانيَّ ودراسةَ الطبيعة -مثلُهما مثلُ الوحي- كانت طرقاً صحيحةً لفهم الحقائق المتعلقة بالله. وفقاً للأكويني يكشف الله عن نفسه من خلال الطبيعة، لذا فدراسة الطبيعة تعني دراسة الله. تتمثل الأهداف النهائية للاهوت -في ذهن توما- في استخدام العقل لفهم حقيقة الله واختبار الخلاص من خلال تلك الحقيقة. الفكر المركزي هو «الهبة غير المدفوعة بالطبيعة، والكمال»، («النعمة لا تدمر الطبيعة، بل تُكملها»).
الوحي
يعتقد الأكويني أن الحقيقة تُعرف بالعقل والعقلانية (الوحي الطبيعي)، وبالإيمان (الوحي فوق الطبيعي). ينبع الوحي فوق الطبيعي من وحي "الروح القُدُس" (بالإنجليزية: «Holy Spirit») ويتاح من خلال تعاليم الأنبياء ملخصةً في الكتاب المقدس، وتُنقل بواسطة "السلطة التعليمية" (بالإنجليزية: «Magisterium»)،[هامش 32] وهو المجموع الذي يُطلق عليه اسم "التقليد" أو "العُرف" (بالإنجليزية: «Tradition»). الوحي الطبيعي هو الحقيقة المتاحة لجميع الناس من خلال طبيعتهم البشرية وقوى العقل. ولقد شعر توماس -على سبيل المثال- أن هذا ينطبق على الطرق العقلانية لمعرفة وجود الله.
ومع أنه يمكن للمرء أن يستنتج وجودَ الله وصفاتِه (الوحدة، والحقيقة، والخير، والقوة، والمعرفة) من خلال العقل، فإن بعض التفاصيل المحددة قد لا تُعرف إلا من خلال الوحي الخاص من الله عبر يسوع المسيح، فالمكونات اللاهوتية الرئيسية للنصرانية مثل الثالوث (بالإنجليزية: «Trinity»)، والتجسد (بالإنجليزية: «Incarnation»)، والمحبة (بالإنجليزية: «charity») يُكشف عنِها في تعاليم الكنيسة والكتب المقدسة ولربما لا يمكن استنباطها بطريقةٍ أخرى.[154]
الحفاظ على الطبيعة في النعمة
المعرفة الموحى بها لا تنفي حقيقة وكمال العلم الإنساني كإنسان، بل أكثر من ذلك هي ترسخهما.
إنها -أولاً- تعترف بأن الأشياء نفسها يمكن أن تعالجَ من منظوريْن مختلفين من دون أن يلغيَ أحدُهما الآخر، ومن ثَمَّ يمكن أن يكون هناك عِلْمان من علوم الله.
ثانياً إنها [أي المعرفة الموحى بها] توفر أساساً لكلا العِلْمين؛ وظيفة واحدة من خلال قوة نور العقل الطبيعي، والأخرى من خلال نور الوحي الإلهي. علاوةً على ذلك يمكن لكلا العلمين -إلى حدٍّ ما على الأقل- الابتعاد عن بعضهما بعضاً لأنهما إنما يختلفان "حسب الجنس"، فالعقيدة المقدسة نوع من مسألةٍ مختلفةٍ جوهرياً عن اللاهوت الذي هو جزء من الفلسفة (الخلاصة اللاهوتية (ST): I. 1.1 ad 2).
الإيمان والعقل يكملان بعضهما بعضاً بدلاً من التناقض بينهما حيث كل منهما يقدم وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ عن الحقيقة نفسها.
الخلق
بوصفه كاثوليكياً يعتقد الأكويني أن الله هو «صانع السماء والأرض من كل ما هو مرئيٍّ وغير مرئيٍّ»، ومثل أرسطو افترض بأن الحياة يمكن لها أن تتشكل من مادةٍ غير حيةٍ أو من الحياة النباتية، وهي نظرية للتوالد التلقائي المستمر تُعرف باسم التوليد التلقائي:[155]
إضافةً إلى ذلك اعتبر توماس نظرية إمبِدوقلِس (بالإنجليزية: «Empedocles») أن العديد من الأنواع المتحولة ظهرت في فجر الخلق. توصّل توماس إلى أن هذه الأنواع قد نشأت من خلال طفراتٍ في الحيوانات المنوية الحيوانية، وجادل بأن الطبيعة لم تكن غيرَ مقصودةٍ. بدلاً من ذلك لم يكنِ المقصود من هذه الأنواع ببساطةٍ هو الوجود الدائم. نقاشه هذا عُثر عليه في تعليقه على فيزياء أرسطو:[156]
الحرب العادلة
في حين إنه من التناقض الحديث عن "الانقسام العادل" أو "الشجار العادل" أو "الفتنة العادلة" تسمح كلمة "الحرب" بالتصنيف الفرعي إلى النوعين الجيد والسيّء. استخدم توما الأكويني -بعد قرونٍ من أوغسطينوس- سلطة حجج [القديس] أوغسطين (354-430م) في محاولةٍ لتحديد الظروف التي يمكن أن تكونَ الحرب في ظلها عادلةً.[157] وقد أوضح ذلك في عمله التاريخي "خلاصة لاهوتية":
- أولاً: يجب أن تحدث الحرب لهدفٍ جيدٍ وعادلٍ بدلاً من السعي وراء الثروة أو السلطة.
- ثانياً: يجب أن تخوض الحرب العادلة سلطة مؤسسة بشكلٍ صحيحٍ مثل الدولة.
- ثالثاً: يجب أن يكون السلام دافعاً مركزياً حتى في خضمِّ العنف.[158]
مدرسة شلمنقة
بعد حوالي مئتي عامٍ وسّعت مدرسة شلمنقة (بالإنجليزية: اقتباس مضمن) فهم توماس أكويناس للقانون الطبيعي والحرب العادلة. بالنظر إلى أن الحرب واحدة من أسوأ الشرور التي يعاني منها الجنس البشري، فقد رأى أتباع هذه المدرسة أنه لا ينبغي اللجوء إليها إلا عندما يكون ذلك ضرورياً لدرء شرٍّ أكبرَ. والاتفاق الدبلوماسي مفضل -حتى بالنسبة للحزب الأقوى- قبل بدء الحرب. من الأمثلة على "الحرب العادلة":
- في الدفاع عن النفس طالما هناك احتمال معقول للنجاح، أما إذا كان الفشل أمراً مفروغاً منه، فهي إذن مجرد إهدارٍ للدم.
- حرب وقائية ضد طاغيةٍ على وشك الهجوم.
- الحرب لمعاقبة العدو المذنب.
والحرب غير مشروعةٍ أو لاشرعيةٌ ببساطةٍ استناداً إلى دافعها الأصلي؛ فهي يجب أن تتوافق مع سلسلةٍ من المتطلبات الإضافية:
- يجب أن تكون الاستجابة متناسبةً مع الشر؛ فالمزيد من العنف أكثر مما هو ضروري للغاية سيكون غير عادلٍ.
- تعلن السلطات الحاكمة الحربَ، لكن قرارَها ليس سبباً كافياً لبدء الحرب، فإذا كان الناس يعارضون الحرب فهي غير شرعية. من حق الشعب أن يودع حكومة تشن حربا ظالمة أو على وشك شنها.
- بمجرد أن تبدأ الحرب ، لا تزال هناك حدود أخلاقية للعمل. على سبيل المثال ، لا يجوز مهاجمة الأبرياء أو قتل الرهائن.
- يجب على المتحاربين استنفاد جميع خيارات الحوار والمفاوضات قبل شن الحرب؛ الحرب مشروعة فقط كملاذٍ أخيرٍ.
- وبموجب هذه العقيدة فإن الحروب التوسعية، وحروب النهب، والحروب لتحويل الكفار أو الوثنيين، والحروب من أجل المجد، كلها ظالمة بطبيعتها.
طبيعة الله
يعتقد الأكويني أن وجود الله أمر بدهيٌّ في حد ذاته، ولكن ليس بالنسبة إلينا. «... لذلك أقول إن هذا الافتراض "الله موجود" -في ذاته- بدهي، لأن المحمولَ (بالإنجليزية: «Predicate») [أو المُسنَد][هامش 33] هو ذاته الموضوع (بالإنجليزية: «Subject»)... الآن ولكوننا لا نعرف جوهر الله، فإن هذا الافتراضَ ليس بدهيّاً بالنسبة إلينا؛ بل يتوجّب إثباته من خلال الأجرام التي نعرفها أكثر، على الرغم من أنها أقلُّ شهرةً في طبيعتها؛ يعني من خلال تأثيراتها».[159]
والله هو جوهر نفسه فلا فرق بين الجوهر والوجود، لأنه لو لم يكونا سواءً لكان الله جَرْماً مُركّباً من جوهرٍ ووجودٍ، والله جرم بسيط يستحيل أن يتجزأ[هامش 34] وليس في الله حوادث[هامش 35] عارضة، وهو لايقع تحت جنسٍ من الأجناس ولذا استحال تعريفه.[160]
يعتقد توماس أكويناس أنه يمكن إثبات وجود الله، ولقد دلّلَ في تفصيلٍ كبيرٍ (باختصارٍ في "الخلاصة اللاهوتية" حيث صاغها على شكل مناقشةٍ فلسفيةٍ، وبشكلٍ أكثرَ شمولاً في "الخلاصة ضد الكفار") على وجود الله في خمس حججٍ، والمعروفة على نطاقٍ واسعٍ باسم "الطرق الخمس" (باللاتينية: «quinque viae»)، وتدعى أيضاً البراهين الخمسة:[161]
- 1) الحركة: بعض الأشياء تتحرك بلا شكٍّ، على الرغم من أنها لا يمكن أن تتسبّب في حركتها الخاصة. يعتقد الأكويني «بما أنه لا يمكن أن تكون هناك سلسلة لانهائية من أسباب الحركة، فيجب أن يكون هناك محرك أول لا يتحرك بفعل أي شيءٍ آخرَ، وهذا ما يفهمه كل أحدٍ من "الله"». يطلق على هذه الحجة "المحرك الأول" أو "المحرك غير المتحرك".
- 2) السببية: مثلما هو في حالة الحركة لا شيءَ يمكن أن يُسبّب نفسَه، ولكن من المستحيل وجود سلسلةٍ لانهائيةٍ من السببية، لذلك يجب أن يكون هناك سبب أول يسمى "الله"، يطلق على هذه الحجة "المسبِّب الأول".
- 3) وجود ما هو ضروري وغير ضروري: تتضمن تجربتنا أشياءً موجودةً بالتأكيد، ولكنها غير ضروريةٍ بحسب الظاهر. لا يمكن أن يكون كل شيءٍ غيرَ ضروريٍّ، لأنه في وقتٍ ما لم يكُ ثمة شيء ولن يكون ثمة شيء، وعليه فنحن مضطرون إلى افتراض وجود شيءٍ بالضرورة، وهذه الضرورة -التي من تلقاء نفسها- هي في الواقع السبب في وجود أشياءٍ أخر، يطلق على هذه الحجة "حجة الوجود".
- 4) التدرج: إذا استطعنا ملاحظة تدرجٍ في الأشياء بمعنى أن بعض الأشياء أكثرُ سخونةً وبعضها أكثر جودةً وما إلى ذلك، فلا بد أن تكون هناك صيغة تفضيلٍ تمثل الشيء الأصدق والأنبل، وبناءً عليه فهي موجودة تماماً. هذا [المفهوم] إذن هو ما ندعوه "الله"، يطلق على هذه الحجة "حجة الأفضلية المقارَنة".
- 5) الميول المنظِّمة للطبيعة: يُلاحَظ توجه الأفعال (الإجراءات) جميعاً نحو هدفٍ ما في الأجرام بأسرها التي تتَّبع القوانين الطبيعية، وأيّما جرمٌ لايمتلك وعياً [ذاتياً] فإنه يتجه نحو غايةٍ ما تحت إشراف جرمٍ واعٍ. هذا [المفهوم] هو ما نسميه "الله"، يطلق على هذه الحجة "العلة الغائية".[162][هامش 36] ويراها برتراند رسل قريبة الشبه كثيراً من البرهان الثاني.
كان الأكويني مقتنعاً ومتأثراً بما يسمى "الإثبات الحقيقي": (بالإنجليزية: «Proof of the Truthful»)؛ الحجة التي كان ابن سينا (370-427هـ / 980-1037م) أولَ من أتى بها،[163] والتي تُعرف في الفلسفة الإسلامية باسم "برهان الصِدِّيقين"،[هامش 37] وفيما يتعلق بطبيعة الله شعر الأكويني -مثلُ ابنِ سينا- أن أفضل منهجٍ هو اعتبار ما ليس الله عليه، أو ما يُطلق عليه عموماً البرهان "عن طريق النفي" (باللاتينية: «via negativa»)،[هامش 38] ولسوف يقوده ذلك إلى اقتراح خمس عباراتٍ عن الصفات الإلهية:
- 1) الله بسيط لا يتكون من أجزاءٍ مثل الجسد والروح، أو المادة والشكل.[164]
- 2) الله كامل لا ينقصه شيء، أي إن الله متميّز عن غيره من الكائنات بسبب حقيقة الله الكاملة.[165] عرّف الأكويني "الله" بأنه "فِعْل الوجود" (باللاتينية: «Ipse Actus Essendi subsistens») حرفياً "فعل الاكتفاء الذاتي"،[166] أو "واجب الوجود" على حدِّ تعبير علم الكلام المختص بالعقيدة الإسلامية.
- 3) الله لانهائي، أي إن الله ليس محدوداً [أو مقيّداً] بالطرق التي تجعل الكائناتِ المخلوقةَ محدودةً جسدياً وفكرياً وعاطفياً. يجب تمييز هذه اللامحدوديّة عن كلٍّ من اللانهاية من حيث الحجم، واللانهاية من حيث العدد.[167][هامش 39]
- 4) الله ثابت، وغير قادرٍ على التغيير في جوهر الله وخصائصه.[168]
- 5) الله واحد من غير تنوعٍ في ذات الله. إن وحدة الله تجعل "جوهر الله" هو نفسه "وجود الله"، وعلى حد تعبير الأكويني إن «الافتراضَ "الله موجود" صحيح -في حد ذاته- بالضرورة، لأن الموضوع والمحمول (أو المسنَدَ إليه والمسنَد) متماثلان».[169]
ولقد خالف الأكويني القديس بطرس داميان (1007– 72/ 1073) فيما ذهب إليه في رسالته "قدرة الله التي لا تحدها حدود"، وخلص فيها إلى أن الله بمستطاعه فعل أشياء تعاكس قانون التناقض، وأن يلغيَ الماضي وهي نظرة غدت مخالفةً لأصول الدين من بعدِ ما رفضها توما الأكويني.[170] كما بسط الأكويني في الجزء الثاني من خلاصته ضد الكفار القول في المستحيلات، فقرر أنه يستحيل على الله أن يكون جسماً، أو يغيّرَ ذاته، أو يُخفقَ، أو يصيبَه الرَّهَقُ، أو النسيانُ، أو الندمُ، أو الغضبُ، أو الحزنُ، أو يخلقَ إنساناً بغير روحٍ، أو يجعلَ زوايا المثلث لا تعادل قائمتين، أو ينسخَ الماضي، أو يجترحَ الآثامَ، أو يخلقَ إلهاً آخرَ، أو يختفيَ من الوجود، كما أقرَّ في هذا الجزء -مخالفاً عموم الفلاسفة- بخلق اللهِ العالمَ من عدمٍ.[171][هامش 40]
السبب الأول
تأخذ براهين توماس الخمسة على وجود الله بعض تأكيدات أرسطو المتعلقة بمبادئ الوجود. إن الله باعتباره السبب الأول (باللاتينية: «Prima causa») يأتي من مفهوم أرسطو عن المُحرِّكِ غير المتأثر [بغيره]، ويؤكد أن الله هو السبب النهائي لكل الأجرام.[172][173]
طبيعة الإثم
يعرّف الأكويني -بعد القديس أغسطين من هيبو- الإثمَ بأنه «كلمة أو فعل أو رغبة تتعارض مع القانون الأبدي».[174] من المهم ملاحظة الطبيعة المماثلة للقانون في فلسفة الأكويني القانونية. القانون الطبيعي هو مثال أو مثيل للقانون الأبدي، لأن القانون الطبيعي هو ما يحدده البشر وفقاً لطبيعتهم (ككائناتٍ عاقلةٍ)، فإن عصيان العقل هو عصيان للقانون الطبيعي والقانون الأبدي. وعليه فإن القانون الأبدي هو منطقياً قبل قبول "القانون الطبيعي" (الذي يحدده العقل)، أو "القانون الإلهي" (الذي وُجد في العهدين القديم والجديد). بعبارةٍ أخرى تمتد مشيئة الله إلى كلٍّ من العقل والوحي. الإثم يلغي إما عقل الفرد من ناحيةٍ، وإما الوحي من ناحيةٍ أخرى، وهي مرادفة لـ"الشر" (الحرمان من الخير، أو المكافآت الخاصة[175]). إن الأكويني -مثله مثل جميع المدرسيين- جادل بشكلٍ عامٍّ بأن نتائج العقل وبيانات الوحي لا يمكن أن تتعارضا، لذلك كلاهما دليل على إرادة الله للكائنات البشرية.
طبيعة الثالوث
يعتبر توماس أن الله -بينما هو موَّحَدٌ تماماً- فإنه -كذلك- موصوفٌ تماماً من قبل ثلاثة ذواتٍ [كينوناتٍ] مترابطةٍ. هؤلاء الثلاثة (الآب، والابن، والروح القُدُس) يتشكلون بواسطة علاقاتِهم في جوهر "الله". كتب الأكويني أن مصطلحَ "الثالوث" «لا يعني العلاقاتِ بذاتها بين الذوات، بل -بالأحرى- يعني عدد هذه الذوات المرتبطة ببعضها بعضاً؛ وبذا فإن الكلمة في حدِّ ذاتها لا تعبر عنِ الاعتبار [من كيانٍ] نحو آخر».[176] يولّد الآب الابن (أو الكلمة) بعلاقة الوعي الذاتي، وينتج هذا التولّد الأبدي روحاً سرمديةً «والتي تتمتع بالطبيعة الإلهية مثل محبة الله، محبة الآب للكلمة».
يوجد هذا الثالوث بشكلٍ مستقلٍ عن العالم. إنه يتجاوز العالم المخلوق، لكن الثالوث قرر أيضاً أن يُنعم على البشر. يحدث هذا -بحسب أيدان نيكولز- من خلال تجسد الكلمة في شخص يسوع المسيح، ومن خلال سُكنى "الروح القدس" في أولئك الذين اختبروا الخلاص من قبل الله.[177]
طبيعة يسوع المسيح
في الخلاصة اللاهوتية بدأ توماس مناقشته عن يسوع المسيح بسرد قصة آدم وحواء الكتابية، ووصف الآثار السلبية للخطيئة الأصلية. كان الغرض من تجسد المسيح هو استعادة الطبيعة البشرية عن طريق إزالة التلوث بالإثم التي لا يستطيع البشر القيام بها بأنفسهم. «قضتِ الحكمة الإلهية أنه من المناسب أن يصير الله إنساناً، بحيث يكون الشخص نفسه قادراً على إعادةِ الإنسان وإرضائه».[178] جادل توماس لصالح وجهة نظر الرضا عن الكفارة، أي إن يسوع المسيح مات «لإرضاء الجنس البشري برمته، والذي حُكم عليه بالموت بسبب الخطيئة».[179]
ناقش الأكويني العديد من اللاهوتيين المعاصرين والتاريخيين ممّن يحملون وجهات نظرٍ مختلفةٍ حول المسيح، وردّاً على "فوتينوس" (باللاتينية: «Photinus») ذكرَ أن يسوع كان إلهياً حقاً وليس مجردَ إنسانٍ، وضد "نسطوريوس" -الذي اقترح أن ابن الله كان مرتبطاً فقط بالإنسان المسيح- جادل توماس بأن كمال الله كان جزءاً لا يتجزأ من وجود المسيح،[هامش 41] ومع ذلك ففي مقابل آراء أپوليناريس (باللاتينية: «Apollinaris») ارتأى توماس بأن للمسيح -بالمثل- روحاً بشريةً (عقلانيةً)،[هامش 42] ونتج عن هذا ازدواجية الطبيعتين في المسيح، ولسوف يجادل توما الأكويني ضد "أوطيخا" (باللاتينية: «Eutyches») في أن هذه الازدواجية استمرت بعد التجسد،[هامش 43] وذكر أن هاتين الطبيعتين موجودتان في وقتٍ واحدٍ، ولكن يمكن تمييزهما في جسدٍ بشريٍّ حقيقيٍّ واحدٍ على العكس من تعاليم (باللاتينية: «Manichaeus») "مانيكايوس"، و(باللاتينية: «Valentinus») "ڤالنتينوس".[180]
وحول تأكيد بولس أن المسيح «على الرغم من أنه كان في صورة الله... أفرغ نفسه» (فيلبي 2: 6-7) في أن يصبح إنساناً. قدم الأكويني صيغةً للتكوين الإلهي الذي كثيراً ما أُخْبِرَ به في اللاهوت الكاثوليكي اللاحق. متبعاً مجمع نيقية علاوةً على تأكيدات الكتاب المقدس حمل توماس مثل أوغسطينوس عقيدة الثبات الإلهي.[181][182][183] وهكذا عندما تصبح إنساناً لا يمكن أن يكون هناك تغير في الذات الإلهية للمسيح. بالنسبة إلى الأكويني «لم يكتمل سر التجسد من خلال تغيير الله بأي شكلٍ من الأشكال من الحالة التي كان فيها منذ الأزل، ولكن من خلال اتحاده بالمخلوق بطريقةٍ جديدةٍ، أو بالأحرى من خلال اتحاده معه بنفسه».[184] بالمثل -أوضح الأكويني- أن المسيح «أفرغ نفسه ليس بخلع طبيعته الإلهية، ولكن بافتراض طبيعةٍ بشريةٍ».[185] بالنسبة إلى الأكويني «الطبيعة الإلهية مكتملة بما فيه الكفاية، لأن كل كمالٍ من أي خيرٍ موجودٌ فيها، لكن الطبيعة البشرية والروح ليستا مكتملتين، بيد أنهما قادرتان على الامتلاء، لأنهما صُنعتا على شكل لائحةٍ خلوٍ من أيِّ كتابةٍ عليها. لذلك فالطبيعة البشرية فارغة».[185] وهكذا فعندما يشير بولس إلى أن المسيح «أفرغ نفسه»، فيجب فهم ذلك في ضوء افتراضه عن طبيعةٍ بشريةٍ.
باختصارٍ «كان لدى المسيح جسدٌ حقيقيٌّ من طبيعة أجسادنا ذاتِها، ونفسٌ عاقلةٌ حقيقيةٌ، وإلهٌ كاملٌ بهما ومعهما»، وبذا توجد الوحدة (في الأقنوم (باللاتينية: «hypostasis») الواحد)، والتركيب (في الطبيعتين البشرية والإلهية) في المسيح.[186]
قال الأكويني مردّداً صدى "أثناسيوس السكندري": «ابن الله الوحيد... اتخذ طبيعتَنا لكي -وهو الإنسان المصنوع- ربما يجعل من الناسِ آلهةً».[188]
الهدف من الحياة الإنسانية
حدد توما الأكويني هدف الوجود البشري على أنه اتحاد وشركة أبدية مع الله. يتم تحقيق هذا الهدف من خلال الرؤية المبهرة حيث يختبر الشخص سعادةً كاملةً غير محدودةٍ من خلال رؤية جوهر الله. تظهر الرؤيا بعد الموت كهديةٍ من الله لأولئك الذين اختبروا في الحياة الخلاص والفداء من خلال المسيح.
إن هدف الاتحاد مع الله له انعكاسات على حياة الفرد على الأرض. قرر توماس أنه يجب توجيه إرادة الفرد نحو الأشياء الصحيحة مثل الصدقة والسلام والقداسة، ورأى أن هذا التوجه هو أيضاً الطريق إلى السعادة، وفي الواقع نظّم توماس معالجتَه للحياة الأخلاقية حول فكرة السعادة. العلاقة بين الإرادة والهدف هي علاقة سابقة في الطبيعة «لأن استقامة الإرادة تتمثل في كونها مرتبةً حسب الأصول حتى النهاية الأخيرة [بمعنى الرؤية المبهرة]». وأولئك الذين يسعون حقاً إلى فهم الله ورؤيته سيحبون بالضرورة ما يحبه الله، ويتطلب مثل هذا الحب الأخلاق ويؤتي ثماره في الخيارات البشرية اليومية.[189]
معاملة الزنادقة
ينتمي توما الأكويني إلى التنظيم الدومينيكاني (رسمياً (باللاتينية: «Ordo Praedicatorum») "تنظيم الواعظين")، الذي بدأ كرهبانيةٍ مُكرَّسةٍ لتحويل الألبيجِنسيين والجماعات الهرطوقية الأخرى بالوسائل السلمية في البدء، ثم انتهى -من بعدئذٍ- بالعنف وذلك بواسطة الحملة الصليبية الألبيجِنسية. لقد كتب في الخلاصة اللاهوتية:
كانت البدعة جريمةً كبرى ضد القانون العلماني في معظم الدول الأوروبية في القرن الثالث عشر. فالملوك والأباطرة -حتى أولئك الذين يحاربون البابوية- أدرجوا البدعة في المرتبة الأولى بين الجرائم ضد الدولة. طالب الملوك بالسلطة من الله وفقاً للعقيدة المسيحية. وفي كثيرٍ من الأحيان -ولا سيما في ذاك العصر من المطالبات البابوية بالسلطة الكونية العالمية- كانت سلطة الحكام مشروعةً بشكلٍ ملموسٍ ومرئيٍّ مباشرةً من خلال التتويج من قبل البابا.
السرقة البسيطة والتزوير والاحتيال وغيرها من الجرائم المماثلة تُعد كذلك جرائمَ كبيرةً؛ ولكن يبدو أن نقطة توماس تكمن في أن خطورة هذه الجريمة -التي لا تمس السلع المادية فقط وإنما أيضاً السلع الروحية للآخرين- أنها على الأقل مثل التزوير. يُطالب اقتراح توماس -على وجه التحديد- بتسليم الزنادقة إلى "محكمةٍ علمانيةٍ" بدلاً من سلطةٍ قضائيةٍ. إن قول الأكويني تحديداً: "الهراطقة «يستحقون ... الموت»" مرتبط بعلمه اللاهوتي، والذي بموجبه ليس للخطاة أجمعين حقٌّ جوهريٌّ في الحياة، («لأن أجرة الإثم هي الموت؛ ولكن هبة الله المجانية هي الحياة الأبدية في المسيح يسوع»)(رومية 6:23])، وإذا كان يلزم إنقاذ حياة الزنديق التائب، إلا أنه يجب إعدام الزنديق الآبق إذا ما ارتد إلى البدعة. يوضح توماس رأيه بخصوص البدعة في المقولة التالية عندما يقول:
وبالنسبة إلى اليهود دافع توماس عن التسامح مع كل من أفرادهم وطقوسهم الدينية.[192]
السحر وممارسو السحر
بشأن السحر كتب الأكويني أن:
- «وحده الله يستطيع أن يصنع المعجزات ويخلق ويغيّر».[193]
- «الملائكة والشياطين ("جواهر روحانية") ربما يقومون بأشياءٍ رائعةٍ، لكنها ليست بمعجزاتٍ، وهم يستخدمون الأشياء الطبيعية كأدواتٍ».[194]
- «أي فعاليةٍ للسحرة لا تأتي من قوة كلماتٍ معينةٍ، أو أجرامٍ سماويةٍ، أو شخصياتٍ خاصةٍ، أو سحرٍ متعاطفٍ، ولكن بالفرض».[195]
- «"الشياطين" هي جواهر عقلانية خُلقت حسنةً واختارت أن تكون سيئةً، فهؤلاء هم العرض».[196]
- «إذا كان ثمة بعض التحولات التي لا يمكن أن تحدث في الطبيعة، فهي إما لأن الشيطان يعمل على الخيال البشري، وإما لأنه يرتب زيفاً».[197]
ورد ذكر السحر في الخلاصة اللاهوتية[198] ويخلص فيها إلى أن الكنيسة لا تعالج العجزَ الجنسيَ المؤقتَ أو الدائمَ المنسوبَ إلى تعويذةٍ بطريقةٍ مختلفةٍ عن تلك الناجمة عن الأسباب الطبيعية، بقدر ما تكون عائقاً أمام الزواج.
اعتبرت عقيدة الكنيسة -بموجب القانون الأسقفي- أن السحر غير ممكنٍ، وأن أي ممارسٍين للشعوذة قد جرى خداعهم، وأن أعمالهم وهْم. كان لتوما الأكويني دور فعال في تطوير عقيدةٍ جديدةٍ تضمنتِ الإيمان بالقوة الحقيقية للسحرة، وكان هذا خروجاً على تعاليم أستاذه ألبرتوس ماغنوس الذي كان يرى ما ذهب إليه القانون الأسقفي.[199] إن دليلَ "صائد الساحرات" الشهير من القرن الخامس عشر (باللاتينية: «Malleus Maleficarum») -والذي ألفه أحد أعضاء النظام الدومينيكاني- يبدأ باقتباسٍ من الأكويني ("تعليق على التصريحات"، الجملة 4.34.I.Co.) دحض الأسقفية، ويمضي في الاستشهاد به أكثر من مئة مرةٍ.[200] وغالباً ما قبس مُروّجو "رُهاب الساحر" -الذي أعقب ذلك- من الأكويني أكثر من أي مصدرٍ آخر.[199]
أفكار عن الآخرة والقيامة
يعد فهم علم نفس توما الأكويني أمراً ضرورياً لفهم معتقداته حول الحياة الآخرة والقيامة. يقبل الأكويني -متبعاً عقيدة الكنيسة- أن الروح تستمر في الوجود بعد موت الجسد. طالما أن توماس يقبل أن الروح هي شكل الجسد، فعليه كذلك أن يؤمن بأن الكائن البشري -مثل كل الأشياء المادية- هو عبارة عن مركب "شكل-مادة". يشكّلُ الشكلُ الجوهري (الروحُ) المادةَ الأوليةَ (الجسدَ الماديَّ)، وهو الشكل الذي ينتمي به "المركب المادي" إلى النوع الذي ينتمي إليه؛ وفي حالة البشر ذلك النوع هو "حيوان عاقل".[201] إذن فالكائن البشري عبارة عن مركب "شكلٍ-مادةٍ" منظمٌ ليكون حيواناً عقلانياً. لا يمكن للمادة أن توجد من دون أن تتكون بالشكل، لكن الشكل يمكن أن يوجد بدون مادةٍ مما يسمح بفصل الروح عن الجسد. يقول الأكويني بأن الروح تشترك في العالمين المادي والروحي، وكذلك لديها بعض سمات المادة وغيرها من السمات غير المادية (مثل الوصول إلى الكليّات). تختلف النفس البشرية عن الأشياء المادية والروحية الأخرى. لقد خلقها الله، ولكنها أيضاً تأتي إلى الوجود فقط في الجسد المادي.
البشر ماديون، لكن الكائن البشري يمكنه أن ينجوَ من موت الجسد عبر الوجود المستمر للروح التي تدوم. تمتد الروح البشرية إلى العالمين الروحي والمادي، وهي في الوقت نفسه شكل جوهري مكوَّن، وكذلك مكوِّن للمادة في شكل كائنٍ بشريٍّ حيٍّ.[202] ولكونها روحانيةً لا تعتمد الروح البشرية على المادة، ويمكن أن توجد منفصلةً، لأن الإنسان هو مركبُ "شكلٍ-مادةٍ"، إن الجسدَ جزءٌ فيما هو عليه ليكون إنساناً. تتكون الطبيعة البشرية الكاملة من الطبيعة البشرية المزدوجة؛ المتجسِدة والفكرية.
يبدو أن القيامة تتطلب ثنائيةً، وهو ما يرفضه توماس، ومع ذلك فهو يعتقد أن الروحَ تستمر بعد موت الجسد وتحلله، وهي قادرة على الوجود منفصلةً عن الجسد ما بين وقت الموت والقيامة. يؤمن الأكويني بنوعٍ مختلفٍ من الثنائية؛ نوعٍ يسترشد بالكتاب المقدس المسيحي. يَعْرف توماس أن البشر هم في الأساس ماديون، لكن الجسدية لها روحٌ قادرةٌ على العودة إلى الله بعد الحياة.[203] وبالنسبة إليه فإن الثواب والعقاب في الآخرة ليسا فقط روحانيَّيْن، وبسبب هذا فالقيامة جزءٌ مهمٌّ من فلسفته حول الروح. الإنسان مكتمل في الجسد، لذلك يجب أن تكون الآخرة بأرواحٍ متجسِّدةٍ في أجسادٍ قائمةٍ. وبالإضافة إلى المكافأة الروحية يمكن للبشر أن يتوقعوا التمتع بالبركات المادية والجسدية، ولأن الروح [بالنسبة إلى] توماس تتطلب جسداً من أجل أفعالها -أثناء الحياة الآخرة- فإن الروح أيضاً ستُعاقَب أو تُكافَأ في الوجود المادي.[هامش 44]
يبين الأكويني بوضوحٍ موقفه من القيامة، ويستخدمه لدعم فلسفته في العدالة؛ بمعنى أن الوعد بالقيامة يعوّض المسيحيين الذين عانَوا في هذا العالم من خلال الاتحاد السماوي مع الإلهية. يقول: «إذا لم تكُ ثمةَ قيامةٌ للأموات، فسيترتب على ذلك أنه لا خير للبشر إلا في هذه الحياة».[204] القيامة هي حافز الناس على الأرض للتخلي عن الملذات في هذه الحياة. يعتقد الأكويني أن الإنسان الذي استعد للحياة الآخرة أخلاقياً وفكرياً سيُكافَأ بشكلٍ أكبرَ؛ وعلى كلٍّ فإن الثواب كلُّه هو من خلال نعمة الله.[هامش 45] إنه يُصر -أيضاً- على أن التطويب سيُمنح تبعاً للجدارة، وسيجعل المرءَ أكثرَ قدرةً على تصور الإله. وبناءً على ذلك فهو يعتقد أن العقوبة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالأرض، وبالاستعداد الحي والنشاط أيضاً. يُركز اعتبار توماس عن الروح على نظرية المعرفة والميتافيزيقا، وهو لهذا يعتقد أنهما تقدمان وصفاً واضحاً للطبيعة غير المادية للروح. يحرس توماس -بشكلٍ محافظٍ- العقيدةَ النصرانيةَ [الكاثوليكية]، وهو بالتالي يحافظ [في معتقداته] على المكافأتين الجسدية والروحية والعقاب بعد الموت. إنه -بقبوله جوهرية الجسد والروح- يسمح بوجود الجنة والجحيم الموصوفَيْن في الكتاب المقدس وعقيدة الكنيسة.
التأثير الحديث
علق بعض علماء الأخلاق الحديثين من داخل الكنيسة الكاثوليكية (ولا سيما "ألَسداير ماك إنتير" (بالإنجليزية: «Alasdair MacIntyre»))، ومن خارجها (ولا سيما "فيليبا فوت") مؤخراً على الاستخدام المحتمل لأخلاقيات فضيلة توماس كطريقةٍ لتجنب النفعية أو "الإحساس بالواجب" الكانطي (فيما يسمى "علم الأخلاق"). من خلال عمل فلاسفة من القرن العشرين مثل "إليزابيث أنسكومب" (وخاصةً في كتابها "النية") كان مبدأ توماس أكويناس للتأثير المزدوج على وجه التحديد، ونظريته للنشاط المتعمَّد بشكلٍ عامٍّ مؤثريْن.
في السنوات الأخيرة اقترح عالم الأعصاب الإدراكي "والتر فريمان" أن التوماوية هي النظام الفلسفي الذي يشرح الإدراك الأكثر توافقاً مع الحركية (الديناميكا) العصبية، وذلك في مقالةٍ نُشرت في العام 2008 في مجلة "العقل والمادة" (بالإنجليزية: «Mind and Matter») بعنوان "آليات (ديناميات) الدماغ اللاخطية والنية وفقاً للأكويني".
ينتهي كتاب "مونت سانت ميشيل وشارتر" لـ"هنري آدمز" بفصلٍ بلغ الأوج عن توماس أكويناس، إذ وصفه آدامز بأنه "فنان" ويؤسس تشابهاً واسعاً بين تصميم "الكنيسة الفكرية" لتوماس أكويناس، وتصميم الكاتدرائيات القوطية في تلك الفترة. قام "إروين بانوفسكي" لاحقاً بترديد هذه الآراء في "العمارة القوطية" و"المدرسية" (السكولاستيكية) عام 1951م.
أثرت نظريات توماس أكويناس الجمالية -ولا سيما مفهوم "كلاريتاس" (بالإنجليزية: «Claritas»)- بعمقٍ على الممارسة الأدبية للكاتب الحداثي جيمس جُويْس (1881-1941) الذي اعتاد أن يمدح الأكويني معتبراً إياه في المرتبة الثانية بعد أرسطو بين الفلاسفة الغربيين. يشير جويس إلى عقيدة توماس أكويناس في الكتاب "عناصر الفلسفة في ذهن المعلم الملائكي د. توما الأكويني" (باللاتينية: «Elementaosophiae ad mentem D. Thomae Aquinatis doctoris angelici») من العام 1898 لجيرولامو ماريا مانشيني أستاذ اللاهوت في "كلية توما المقدس في أورْبِه" (باللاتينية: «Collegium Divi Thomae de Urbe»)، فعلى سبيل المثال جرتِ الإشارة إلى عنصرٍ (بالإيطالية: «Elementa») لمانشيني في رواية جويس "صورة الفنان في شبابه".[205]
يمكن العثور على تأثير جماليات الأكويني كذلك في أعمال عالم السيميائية الإيطالي "أومبرتو إيكو" الذي كتب مقالاً عن الأفكار الجمالية عند توماس أكويناس (نُشر في العام 1956، وأعيد نشره في العام 1988 في طبعةٍ منقّحةٍ).
ويقرر برتراند رسل في تأريخه للفلسفة الغربية إن «رجال الكنيسة الكاثوليكية لا بد لهم من قبول توما الأكويني إذا ما اشتغلوا بأمور الفلسفة»، وأن «فلسفته تدرس في جميع المعاهد التعليمية الكاثوليكية التي تعلم الفلسفة باعتبارها الفلسفة الوحيدة الصحيحة».[5]
انتقادات
شكك فيلسوف القرن العشرين "برتراند رَسل" (1872-1970) في حيادية توماس أكويناس معتبراً أنه يتتبع النقاش بحيث يؤدي إلى طروحات العقيدة المسيحية، والكاثوليكية على وجه الحصر، وانتقد منهجه قائلاً:
يتّضحُ هذا النقد من خلال المثال التالي: وفقاً لـ"رَسل" يدعو الأكويني إلى عدم انفصام الزواج «على أساس أن الأب مفيد في تربية الأطفال
- (أ) لأنه أكثر عقلانيةً من الأم؛
- (ب) لأنه -لكونه أقوى- أكثر قدرةً على إيقاع العقاب الجسدي»[208]
وذلك على الرغم من أن الأساليب الحديثة في التعليم لا تدعم هذه الآراء. «لن يتوقف أيٌّ من أتباع القديس توما عن الإيمان بالزواج الأحادي مدى الحياة، لأن الأسس الحقيقية للاعتقاد ليست تلك المزعومة».[208] ربما يُردُّ على أن معالجة الزواج في الخلاصة اللاهوتية موجودة في مجلد الملاحق، وهو ليس من تأليف الأكويني.[209] علاوةً على أنَّه -كما هو مذكور أعلاه- كان تقديم الأكويني للحجج والمفاهيم من أرسطو غير المسيحي، وابن رشد المسلم أمراً مثيراً للجدل داخل الكنيسة الكاثوليكية في عصره.
يقترح الفيلسوف البريطاني "أنطوني كيني" Kenny (ولد 1931) أن "رَسل" فشل في التفكير فيما يفعله الفلاسفة، بمن فيهم هو نفسه:
يوضح الأكويني في الجزء الثاني من "خلاصة ضد الكفار" أن هدفه «إبراز الحقيقة التي تعرضها العقيدة الكاثوليكية»، وأن ليس بوسع المرء التدليل على كل ما تضمنته العقيدة المسيحية، ففي حالة النظريات الخارجة عن نطاق العقل الطبيعي يمكن الإيضاح -وحسب- أن الاعتراضاتِ عليها لا يمكن إثباتها بالعقل.[211][212] ومن ذلك العماد، فهو يرى استحالة أن يدخل المرء الجنة من دون تعميد، وليس هذا مما يمكن البرهنة عليه بالعقل المجرد، بل يُلجأ فيه إلى الوحي، وقد ورد في إنجيل يوحنا الإصحاح الثالث.[213]
يسوق رسل انتقاداً آخر وهو أن الأكويني لم يتطرق إلى اعتراضٍ أقلق القديس أغسطين من قبل، ألا وهو حول انتقال الخطيئة الأولى، إذ لما كانتِ الروح هي التي تقترف الإثم، ولما كانت لا تنتقل بالتناسل، بل تُخلق روح جديدة لكل إنسانٍ جديدٍ، فكيف لروحٍ مخلوقةٍ جديدةٍ أن ترث الخطيئة الأصلية.[214]
توما الأكويني في ميزان التاريخ
يعترف برتراند رسل للأكويني بفهمه لأرسطو فهماً تاماً أكثر ممن سبقوه كافّةً، وهو يقر له بمحاولته أن يكون عادلاً (في جميع الحالات تقريباً) في عرضه للحجة التي يروم دحضها.[215] الأمر الذي كان غريباً في أوروبا القروسطية:[216]
لقد أنجز ويليام أوف موربيك -وبطلبٍ من الأكويني- ترجمةً لأعمال أرسطو من اليونانية مباشرةً إلى اللاتينية هي الأدق حتى أوانه، وقد اعتمد عليها الأكويني، وكانت الترجمات السابقة تفقد شيئاً من الدقة بسبب نقلها عن لغةٍ وسيطةٍ هي العربية، لكن الأعمال الفلسفية العربية المنقولة إلى اللاتينية -والتي امتلك الأكويني اطلاعاً واسعاً عليها- كان لها الفضل الكبير عليه في فهم نظرياتِ أرسطو ومقاصدِه وتتبعِ مراميه بدقةٍ، فهو مثلاً «يُقرُ باعتماده بشدةٍ على ابن سينا لفهم أرسطو»،[217] وبحسب مونتغمري واط فإن «قدراً أوفر بكثيرٍ من فهم فلسفة أرسطو نجم فوق كل شيءٍ عن ترجمة مؤلفات ابن رشد خاصةً شروحه للميتافيزيقا عند أرسطو».[66]
ثمة نقطتان جوهريتان في إرث توما الأكويني؛ أولاهما أن جهده كان تتويجاً لما ينوف على جهود مئة سنةٍ سابقةٍ عليه هدفت إلى بناء هيكلٍ متكاملٍ للعقيدة الكاثوليكية متّسقٍ مع الفلسفة، وإمكان عرض هذا الهيكل للعقيدة عرضاً منطقياً لا تناقضَ فيه ولا خللَ. لقد قدّم العرب لأوروبا الغربية بعلومهم وفلسفتهم في الفترة السالفة على الأكويني مفهوماً جديداً عن العالم، ولقد نشأت عن هذه الدراسات العلمية نظرة ميتافيزيقية وكونية أوسع،[218] «والواقع إن العالم المسيحي الكاثوليكي في حوالي عام 1100 لم تكن لديه فكرة عن أية نظريةٍ ميتافيزيقيةٍ عامةٍ»،[219] وإذ قبلَ الأوروبيون الغربيون ما تعلموه من العرب -خاصةً في صورته الأرسطوطاليسية- ولا سيما تجاربهم في الجمع بين الفلسفة اليونانية والعقيدة الإسلامية، فقد شكل هذا حافزاً لهم لمحاولة التوفيق بين العقيدة الكاثوليكية وهذا العلم الجديد، «وقد استخدم توما الأكويني ثمار جهود السابقين عليه في بناء نظامٍ فكريٍّ رائع التنسيق وَفّق فيه بين العلم والفلسفة والنظرية الدينية جميعاً».[218]
ثانية النقطتين الجوهريتين تكمن في أن الأكويني كان مدركاً تماماً لحقيقة التحدي الحضاري الذي يمثله الإسلام في وجوده على تخوم أوروبا أو العالم المسيحي (بالإنجليزية: «Christendom») بمصطلح العصر الوسيط، وهو يقرر في كتابه "خلاصة ضد الكفار" أن لا سبيل إلى جدال المسلمين إلا باللجوء إلى العقل الطبيعي -أي بالحجة المنطقية- لأنهم لا يؤمنون بالكتاب المقدس والاستشهاد به، ولكن ليس بوسع هذا العقل أن يدلل على كل ما تضمنته العقيدة المسيحية، وهو يحل هذا الإشكال بالقول إن بالإمكان فقط الإيضاحُ أن الاعتراضاتِ على ما يخالف العقل في العقيدة غير قابلةٍ للإثبات منطقياً.[218][220] ويستنتج واط:[211]
ويرى ويل ديورانت في قصته عن الحضارة «أن الذي دعا توماس أكويناس لتأليف كتابه الجامع في اللاهوت "الخلاصة اللاهوتية" هو أن يحول دون تسرب التفاسير العربية لأرسطو إلى علوم الدين المسيحية».[35] لقد راع الكنيسةَ آراء أرسطو وشروح المسلمين عليها حتى إن مجمع باريس الكنسي أصدر في العام 1210م قراراً يُحرّم كتاباتِ أرسطو وشروحَها، وتكرر ذلك عدة مراتٍ من بعدُ،[221] وتناول التحريم على الأخصَ الآراء الرشدية.
كان التأثير الفلسفي الأعظم في أوروبا الغربية لابن سينا (980-1037م)، وتشير الدراسات الحديثة إلى تأثيرٍ ربما يكون أهمَّ مما نعرفه اليوم،[222][هامش 47] على أنه بدءاً من القرن الثالث عشر تزايد أثر أرسطو بفضل ترجمة أعمال ابن رشد. وقد أحلت آراء الأكويني وغيره (كأستاذه ألبرت الكبير على سبيل المثال) أرسطو في الصدارة، وهنا علينا ألا نكتَنِه اهتمام الأوروبيين بأرسطو على أنه عائد إلى مقومات فلسفته وحسب:[223]
وكان هذا أحد الأسباب في أن إنسانيّي عصر النّهضة اعتبروا القرون الوسطى "فترةً وسيطةً" بربريّةً بين العصر الكلاسيكيّ للثقافة اليونانيّة والرّومانيّة (الأوروبية)، ونهضة الثقافة الكلاسيكيّة.[224]
وبهذا المعنى فقد كان الأكويني بإسهاماته خطوةً بارزةً على طريق الوعي الذاتي الأوروبي، مما دعم علو شأنه في نظر الأوروبيين، وإن يك تخطاه الزمن فيما بعد، ولم يتبق له من تبجيلٍ إلا القليل سوى ما في الأوساط الكنسية الغربية، يقول رَسل: «أود أن أضيف أن آراء أرسطو في معظم مسائل المنطق والفلسفة لم تكن هي القول الفصل، وقد قام البرهان على أنها باطلة إلى حدٍّ كبيرٍ»،[212] لقد جاء الأكويني بالظفَر لأرسطو على حساب أفلاطون حتى عصر النهضة، «وبعدئذٍ استعاد أفلاطون سيادته في رأي معظم الفلاسفة، إذ عرفه رجال النهضة أكثر مما عرفته العصور الوسطى».[5]
أعماله
صدرت الطبعة الأولى من أعمال توماس أكويناس الكاملة المسماة "تحرير بيانا" (باللاتينية: «editio Piana») بأمرٍ من البابا الدومينيكاني بيوس الخامس (حبريته 66-1572) الذي أمر بإصدارها في العام 1570 في استوديوم الدير الروماني في سانتا ماريا سوبرا مينيرفا سلف "الجامعة البابوية للقديس توما الأكويني الملائكي".[225]
أما الطبعة الأساسية لأعمال الأكويني فهي الطبعة المستمرة التي أمر بها البابا ليو الثالث عشر (حبريته 1878–1903)، أو ما تدعى (على اسمه) بـ"إصدار ليونين" Leonine، وإلى الآن حُررت معظم أعماله الرئيسية؛ "الخلاصة اللاهوتية" في تسعة مجلداتٍ ما بين 1888–1906، و"الخلاصة ضد الكفار" في ثلاثة مجلداتٍ ما بين 1918-1930.
نشر الأب "جاك بول مينه" الفرنسي Abbé Migne طبعةً من "الخلاصة اللاهوتية" في أربعة مجلداتٍ كملحقٍ لـ"دورة كاملة" (باللاتينية: «Patrologiae Cursus Completus») (الإصدارات الإنجليزية: "جوزيف ريكابي" (1872)، و"جي إم آشلي" (1888).
يُحتفظ بالنصوص الإلكترونية من "إصدار ليونين" -في الغالب- على الإنترنت من قبل "الهيئة التوماوية" (باللاتينية: «Corpus Thomisticum»)[226] بواسطة "إنريكي ألاركون" من "جامعة نافارا"، وفي "مجموع الوثائق الكاثوليكية" (باللاتينية: «Documenta Catholica Omnia»).[227]
توماويون محدثون
- جي. إي. ام. أنسكومب (بالإنجليزية: Anscombe) (و 1919-2001)
- جي. بودزيزوسكي (بالإنجليزية: Budziszewski) (و 1952-؟)
- فريدريك كوبلستون (بالإنجليزية: Copleston)[228] (و 07-1994)
- بريان ديفيز (بالإنجليزية: Davies) (و 1951-؟)
- ريجينالد جاريجو لاجرانج (بالإنجليزية: Garrigou-Lagrange) (و 1877-1964)
- جي. كي. تشيسترتون (بالإنجليزية: Chesterton) (و 1874-1936)
- إتيان جيلسون (بالإنجليزية: Gilson) (و 1884-1978)
- ألاسدير ماك إنتاير (بالإنجليزية: MacIntyre) (و 1929-؟)
- جاك ماريتيه (بالإنجليزية: Maritain) (و 1882-1973)
- رالف ماك إنيرني (بالإنجليزية: Pieper) (و 1992-2010)
- جوزيف بيبير (بالإنجليزية: Pieper) (و 04-1997)
- جيمس في شال (بالإنجليزية: Schall) (و 1928-2019)
- إدوارد فيسر (بالإنجليزية: Feser) (و 1968-؟)
- ميتشيسلاو ألبرت اكرابيك (بالإنجليزية: Krapiec) (و 1921-2008)
- البابا يوحنا بولس الثاني (و 1920-2005)
بعض مؤسسات تحمل اسم الأكويني
- معهد الأكويني، نيويورك
- مدرسة الاكويني في مدينة سان خوان، الفلبين
- جامعة الأكويني في مدينة ليغازبي، الفلبين
- المجلس الدولي لجامعات سانت توماس الأكويني، هيوستن
- الأكاديمية البابوية للقديس توما الأكويني، مدينة الفاتيكان
- كلية سانت توماس الأكويني، نيويورك
- مدرسة سانت توماس الاكويني الثانوية فلوريدا
- مدرسة سانت توماس الاكويني الثانوية كانساس
- كلية توماس أكويناس، كاليفورنيا وماساتشوستس
- جامعة سانتو توماس، الفلبين
- جامعة سانت توماس، مينيسوتا
- كلية الأكويني، ميشيغان
- كلية الأكويني، ستوكبورت، إنجلترا
- كلية الأكويني (تينيسي)، ناشفيل، تينيسي
- مدرسة سانت توماس الأكويني الكاثوليكية الثانوية، (شمال فانكوفر)، كولومبيا البريطانية، كندا
- مدرسة سانت توماس الاكويني الكاثوليكية الثانوية، ليندسي، أونتاريو، كندا
- مدرسة سانت توماس الأكويني الكاثوليكية الثانوية، (لندن، أونتاريو)، كندا
- مدرسة سانت توماس الأكويني الكاثوليكية الثانوية، أوكفيل، أونتاريو، كندا
- مدرسة سانت توماس الاكويني الثانوية (برامبتون)، أونتاريو، كندا
- مدرسة سانت توماس الأكويني الكاثوليكية الثانوية، (توتنهام)، أونتاريو، كندا
- صالة سانت توماس الأكويني للألعاب الرياضية، كوشيتسه، سلوفاكيا (في السلوفاكية باسم Gymnázium sv. Tomáša Akvinského)
الهوامش
- المَلفان (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐ مَلفونو) وتعني المعلم، أو في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية "دكتور الكنيسة" (بالإنجليزية: «Doctor of the Church»)، ويُشار له أيضاً باسم دكتور الكنيسة العالمية (باللاتينية: «Doctor Ecclesiae Universalis») وهو لقبٌ تمنحه الكنيسة الكاثوليكية للقديسين ممن تعترف بأنهم قدموا إسهاماً كبيراً في مجال اللاهوت أو العقيدة من خلال أبحاثهم أو دراساتهم أو كتاباتهم.
سمّتِ الكنيسة الكاثوليكية -بدءاً من العام 2020- ستةً وثلاثين ملفاناً لها. سبعة عشر منهم ماتوا قبل الانشقاق في العام 1054 بين الكنيستين الغربية والشرقية، فهم يحظَوْنَ بتقديرٍ كذلك في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية التي لا تستخدم اللقب الرسمي الغربي "دكتور الكنيسة". سبّب هذا اللقب "دكتور الكنيسة" لبساً عند بعض المترجمين فاعتبر الأكويني طبيباً، لكنه ليس بطبيب.
ينقسم هؤلاء إلى سبعةٍ وعشرين من الغرب، وتسعةٍ من الشرق. ومنهم أربعة نسوةٍ وثمانيةَ عشرَ أسقفاً، واثنا عشر كاهناً، وشماسٌ واحدٌ، وثلاث راهباتٍ، وعذراءٌ مقدسة. ستة وعشرون من أوروبا (أحدهم ألبرتوس ماغنوس أستاذ توما الأكويني)، وثلاثة من إفريقيا، وسبعة من آسيا. عاش اثنا عشر منهم (الثلث) في القرن الرابع وحده. ويُشار عادةً إلى من عاشوا في القرون الثلاثة الأولى على أنهم آباء ما قبل نيقية. أطول مدةٍ لملفانٍ ما بين وفاته ورسمه هي لـأفرام السرياني (306-373)م، وبلغت نحو خمسة عشر قرناً ونصفَ قرنٍ (رُسم 1920).
بعض الكنائس الأخرى لديها فئات مماثلة بأسماءٍ مختلفةٍ غير دكتور الكنيسة مثل ملفان في الكنائس السريانية. - انظر بيوس الحادي عشر (حبريته 22-1939م)، Studiorum Ducem 11 (29 يونيو/حزيران 1923)، AAS، XV (باللاتينية: «non-modo Angelicum، sed etiam Communem seu Universalem Ecclesiae Doctorem») حيث دعاه بالعالم الكوني. ويرجع لقب الدكتور الملائكي (باللاتينية: «Doctor Angelicus») إلى القرن الخامس عشر. انظر: Walz، Xenia Thomistica، III، p. 164. Note 4.
أما أقدم إشارةٍ للقب "العالم المشترك" فتعود إلى القرن الرابع عشر، فقد كتب تولوميو دا لوكا في "التاريخ الكنسي" (باللاتينية: «Historia Ecclesiastica») في العام (1317م): «هذا الرجل هو الأسمى من بين معلمي الفلسفة واللاهوت المعاصرين، وفي الواقع في كل مادة. هذا هو الرأي والرأي العام، وحتى الآن في الجامعة في پاريس يسمونه العالم الكوميوني بسبب الوضوح الفائق لتعاليمه». (التاريخ الكنسي. الثالث والعشرون، ج. 9). - تنظيمات أخوياتِ الرهبان الفقراء (يطلق عليهم أيضاً الرهبان المتسولون) (بالإنجليزية: «Mendicant Orders») هي -في المقام الأول- بعض طوائف الرهبان الكاثوليك التي تبنت أسلوب حياةٍ من الفقر والترحال والعيش في المناطق الحضرية لأغراض الوعظ والتبشير والخدمة، وخاصةً للفقراء. في تأسيسها رفضت هذه الأنظمة النموذجَ الرهبانيَّ المعمولَ به الذي يفرض العيشَ في مجمعٍ واحدٍ مستقرٍ ومعزولٍ (الأديرة) حيث يعملُ الأعضاء معاً في تجارةٍ ما، ويمتلكون ممتلكاتٍ مشتركةٍ، بما في ذلك الأراضي والمباني وغيرها من الثروات، وهو ما أدى بالأديرة إلى حيازة ثرواتٍ طائلةٍ. على النقيض من ذلك تحاشى المتسولون حيازة عقاراتٍ على الإطلاق، ولم يعملوا في تجارةٍ، واعتنقوا أسلوب حياةٍ من الفقر والتجوال في كثيرٍ من الأحيان، واعتمدوا في عيشهم على حسن نية الناس -الذين بشروا لهم- في دعمهم بمقوّمات البقاء الزهيدة التي يحتاجون، وقد كانوا -في ذلك الوقت- يتعرضون للهجوم من قبل بعض رجال الدين المتنفذين حتى إن المصلح اللاهوتي الإنجليزي "جون وايكليف" (20-1384) «John Wycliffe» دافع عنهم كذلك.
- مما أورده ابن منقذ -أحد قادة فرسان الحروب الصليبية البارزين- في مذكراته التي دعاها "الاعتبار" ما يلي: «ومن عجيب طِبِّهم أن صاحبَ المُنيْطِرَة [حصن قرب طرابلس شمال لبنان] كتبَ إلى عمي يطلب منه إنفاذ طبيبٍ يداوي مرضىً من أصحابه، فأرسل إليه طبيباً نصرانياً يقال له ثابت، فما غاب عشرة أيامٍ حتى عاد! فقلنا له: «ما أسرع ما داويتَ المرضى!»، قال: أحضروا عندي فارساً قد طلعتْ في رِجله دُمَّلةٌ، وامرأةً قد لحقها نُشاف [جنونٌ يستدعي حميةً وخاصةً عن الأطعمة الحرّيفة]، فعملتُ للفارس لَبْخةً ففتحتِ الدمّلة وصَلَحت، وحَمَيْتُ المرأة ورطّبتُ مِزاجَها، فجاءهم طبيب إفرنجي، فقال لهم: «هذا ما يعرف شيء يداويهم»، وقال للفارس: «أيُّما أحبُّ إليك؛ تعيش برجلٍ واحدةٍ، أو تموت برجلين؟»، قال: «أعيش برجلٍ واحدةٍ»، قال: «أحضروا لي فارساً قوياً، وفأساً قاطعاً»، فحضر الفارس والفأس، وأنا حاضر، فحط ساقه على قُرْمة خشبٍ، وقال للفارس: «اضرب رجله بالفأس ضربةً واحدةً اقطعها!»، فضربه -وأنا أراه- ضربةً واحدةً ما انقطعت، ضربه ضربةً ثانيةً فسال مخُّ الساق، ومات من ساعته! وأبصر المرأة، فقال: «هذه امرأة في رأسها شيطان قد عشقها، احلقوا شعرها!»، فحلقوه! وعادت تأكل من مآكلهم؛ الثوم والخرْدل، فزاد بها النشاف، فقال: «الشيطان قد دخل في رأسها!»، فأخذ الموسى وشق رأسها صليباً وسلخ وسطه حتى ظهر عظم الرأس! وحكّه بالملح، فماتت في وقتها. فقلت لهم: «بقي لكم إليَّ حاجة؟»، قالوا: «لا»، فجئت، وقد تعلمت من طِبّهم ما لم أكن أعرفه.».
- وهي التي قبسها النورمان في إنجلترا، وأرسَوا ثمة بواسطة مثيلٍ لها تنظيماً مالياً للدولة متطوراً مقايَسةً بعصره.
- وكان فريدريك واحدةً من أعاجيب عصره، أتقن ستَّ لغاتٍ كانتِ العربية واليونانية واللاتينية بعضاً منها، وفضل أن يقضيَ معظم إقامته في بلرم كملكٍ صقليٍّ متنورٍ بدلاً من العيش في بلاطه الثاني "الكئيب" في ڤيينا كإمبراطورٍ مقدسٍ، وشجع المناقشات الفلسفية والعلمية في بلاطه، وكان يحلو له أن يسأل العلماء المسلمين أسئلةً معقدةً بمقياس زمانه مثل: لماذا يبدو القضيب المعدني منكسراً وهو في الماء؟ وهل هناك خلود للروح؟ وهل وجود العالم لا نهائي؟، وكان إلى جانب ثقافته واسعة الاطلاع سياسياً محنكاً نَذَر النذر الصليبي (1215م) واعداً بخوض صليبيةٍ (بالإنجليزية: «Crusade») كملكٍ تقيٍّ، (ميلر: مختصر تاريخ الكنيسة، ص. 315) وظل يماطل حتى قامت بدونه (الصليبية الخامسة، 18-1221)، فلما حرمه الكرسي الرسولي (1227م) ذهب في حملةٍ رمزيةٍ في بضعة آلافٍ (الصليبية السادسة، 1228) مصطحباً كتيبةً من المسلمين ومسلماً مختصاً بالمنطق والجدل، وتمكن بدهاءٍ من إقناع الكامل الأيوبي بعقد معاهدة عدم اعتداءٍ استعاد فيها القدس (عدا المقدسات الإسلامية فيها) وقرىً على الطريق المؤدية إليها مقابل عدم اشتراكه في حربٍ على المسلمين وإعلامهم بأية خططٍ عدائيةٍ من جهة الأوروبيين، وبذا حقق ما فشل فيه أعتى ملوك أوروبا لأربعين عاماً منذ تحريرها (1187م)، وفي كنيسة القيامة توّج نفسه بنفسه لينسبَ فضل تتويجه لجهده الخاص -على نحو ما فعل نابليون بعده بستة قرونٍ- فيما تعلّلتِ الكنيسة بالقول من ذا الأسقف الذي يجرؤ على تتويج إمبراطورٍ حرمه البابا؟! (بمعنى لم يكن له خيار آخر)، وبعدما هزم قوات البابا (1230) أقرَ الأخير بمعاهدته مع المسلمين وألغى حرمانه، لكن فريدريك بقي على الإرث الإمبراطوري في مناوأته البابوية حتى سبب له هذا الحرمان الثاني (38-1239). ولقد أرسل للصالح أيوب يخطره بنية لويس التاسع غزو مصر (الصليبية السابعة 1250). ويكاد الإجماع ينعقد على أن الإمبراطورية الرومانية المقدسة طُويت بموته وإن تك دامت اسمياً حتى العام 1806. انظر: "عاشور: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، ص.ص. 350-363"، "بيشوب: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، ص. ص. 75-78".
- إبّان العصور الوسطى العليا وتحديداٌ في القرنين الثاني عشر والثالث عشر كان سكان منطقة جنوب فرنسا ("ميدي") ومقاطعة "أكسيتانيا" (بالفرنسية: «Aquitaine») -وعاصمتها بواتييه، والبالغة خمسة أضعاف حجم إقطاعية ملك فرنسا- يتحدثون لغةً تدعى "أكسيتان"، أما سكان شمال فرنسا فكانوا يتحدثون لغة "أويل". كلتا اللغتين تعودان بأصولهما إلى اللاتينية. وقد تسببتِ الصليبية الألبجنسية في فناء لغة أكسيتان الجنوبية لصالح طغيان اللغة الشمالية التي تطورت إلى الفرنسية الحالية.
- يشير أندرو ميلر في مختصره الضخم عن تاريخ الكنيسة إلى أن بعض الكتّاب ينكرون إيمان الألبجنسيين بوسمهم بالمانوية، لكنّ آخرين كانوا يرونهم مع الوالدنسيين على مبدأٍ واحدٍ أنقياء الإيمان فيما يخص العقيدة، على الرغم من إنكارهم لعدة أسرارٍ خاصةٍ بالعقيدة الكاثوليكية. انظر: "ميلر: مختصر تاريخ الكنيسة، ص. 327"، في حين يذكر موريس بيشوب (1893-1973م): «ولقد كان أتباع والدو من المسيحيين الإنجيليين [أي إرهاصاً لهم من حيث العقيدة]، أما معاصروهم من الكاثاري أو المتطهرين فقد كانوا من الهراطقة بشكلٍ واضحٍ». انظر: "بيشوب: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، ص. 199"، والحق إن جميع الأدبيات الباقية عنهم -على قلتها- كتبت بيد معارضيهم مما يثير شكوكاً حولها لا سيما في ظروف المجتمع الأوروبي القروسطي آنئذٍ.
- كان الألبيجنس من الكثرة بحيث انتشروا في الكثير من المدن الهامة مثل قرقشونة (كاركاسون)، وأُربونة، ومونبلييه، وطولوز، وبوردو، وبواتييه، وأورليان، وسواسون، وأراس، وريمس، لكن تبقى مقاطعتا لانجدوك وبروڤانس جنوبي فرنسا مناطقهم الرئيسية.
- مع أن المجمع اللاتراني الثاني (1139م) حتّم العزوبة على رجال الدين إلا أن العلاقاتِ غير الشرعية كانت ذائعةً جداً حتى ليُروى أنه كان لأحد أساقفة لييج في القرن الثالث عشر واحد وستون طفلاً منهم أربعون ولدوا خلال اثنين وعشرين شهراً، وكانتٍ "السيمونية" أي شراء المناصب عادةً ساريةً في الأوساط الكنسية بسبب غناها الفاحش. انظر: "بيشوب، تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، ص. 79". هذه المثالب ستشكل أساساً في مطالب الإصلاح البروتستانتي بعد ثلاثة قرون.
- بحسب السير جيمس ستيفنس: "لدى ذلك الجيل المغمور بالجهل والخرافة لم تكن هناك دعوة أحب للقلب من هذه الدعوة، فالأخطار والمتاعب وأشد أنواع الشقاء لازمت الصليبيين أثناء مسيرهم إلى بيت المقدس يحدوهم الأمل بنوال الفردوس الموعود، أما في حالة الحرب ضد الألبينيين فسيربح كل من يشترك فيها الأجر نفسه الذي لايقدر بثمن، ليس بشيءٍ من إنكار الذات، بل بالانغماس في كل الملذات، فكل من كان عليه دينٌ سيُعفى منه، وكل من ارتكب خطيئةً ضد نواميس الله ستغفر له، وفوق ذلك حياة أبدية سعيدة ينالها الواحد منهم لا بالعيشة المقدسة في المستقبل بل بحياةٍ ملوثةٍ بالإثم والجريمة، وليس بكبح جماح شهواتهم بل بإطلاق العنان لأحط غرائزهم وإشباع أطماعهم على حساب شعبٍ مسالمٍ كانت ثروته تثير لعابهم، ووجوده يلهب حقدهم". انظر: "ميلر: مختصر تاريخ الكنيسة، ص. 331".
- دير تاريخي يقع على قمة جبل كاسينو الشاهقِ ذي المنحدرات شديدة الوعورة الواقع شمال شرق ناپولي. تأسس في العام 529م. نال شهرةً واسعةً بعدما صار محل هجومٍ عنيفٍ من قبل الحلفاء ضد الألمان (بين 17 يناير و18 مايو من العام 1944) في معركة مونتي كاسينو الضارية، والتي انتهت بتدميره.
- لم تكنِ التسمية (باللاتينية: «Studium Generale») (المدرسة العامة) أو الجامعة تعني حيث يجري تدريس جميع العلوم، بل المكان الذي يجتمع فيه الطلبة من كل صوب. انظر: "سعيد عاشور: أوروبا العصور الوسطى، الجزء 2، النظم والحضارة، ص. 138".
- القديس دومينيك دي غوزمان ( 1170؟ ـ 1221): رجل دينٍ من مقاطعة قشتالة (كاستيلا) (الإسبانية لاحقاً). مؤسس جماعة الرهبان الدومينيكان. درس في مدينة بلنسية (ڤالانسيا)، أصبح رئيساً لكاتدرائية "أوصنا"، وسافر مع أسقف المدينة إلى روما (حوالي العام 1203م) لاستئذان البابا للسفر إلى بلاد التتار للتبشير بينهم (كان المغول (القبيلة الذهبية مثلاً) قد غزوا شرق أوروبا)، ولكنه أرسلهما إلى جنوب فرنسا لهداية الألبجنسيين، فالتزما التنسك والزهد وأقاما على الوعظ والإرشاد، وفي العام 1216 مُنح دومينيك منزلاً وكنيسةً في تولوز (عاصمة مقاطعة لاتغدوك مركز ما دعي بـ"الهرطقة الألبجنسية")، وذلك لإيواء الرهبان الذين جمعهم حوله وكرّسهم للدراسة والوعظ. انتشرت طائفة الرهبان الدومينيكان بسرعةٍ في مدن أوروبا الغربية، وفي أوساط الطلبة والجامعات لاشتغالها بالفلسفة والمنطق والقياس العقلي (وكانت هذه التوجهات بدأت تنتشر في المجتمع الغربي بفعل التأثير بالحضارة الإسلامية) على عكس مذهب القديس برنار (1091-1153) القائم على التصوف في المقام الأول. أفتى بتأسيس محاكم التفتيش في جنوب فرنسا لمكافحة الزندقة الألبجنسية (بدأت بمحكمةٍ قرب نربونة سنة 1210م)، ولما فشلت الجهود لهداية الألبجنسيين أعلن البابا حملةً صليبيةً علي مقاطعاتهم لتطهيرها دامت عشرين عاماً (09-1229). يُحتفل بعيد القديس دومينيك في 4 أغسطس/آب. انظر: الموسوعة العربية الميسرة، مؤسسة دار الشعب (القاهرة) ودار فرنكلين للنشر (نيويورك)، ط1، 1965.
- من غير المعروف بدقةٍ السببُ وراء رفض العائلة لانتسابه للأخوية الدومينيكانية مع أن دخوله سلك الرهبانية -بحسب المصادر لكونه الابنَ الأصغرَ- كان عُرفاً دارجاً وموضع ترحيبٍ عائليٍّ، علاوةً على أن عمه كان رئيساً لديرٍ شهيرٍ، لكن المرجح أن جوهر الأمر سياسي بحت. كانتِ الرهبانية الدومينيكانية من الحزب البابوي، في حين كانت للعائلة وجهتها ناحية حزب الإمبراطور، ولقد يفسر هذا -جزئياً على الأقل- عدم تدخل البابا لإطلاقه، وتدبير أمه -فيما بعدُ- لهروبه لئلا يبدوَ الأمر كما لو كان بموافقةٍ من العائلة ورضاها.
- أستاذ مشرف أو أستاذ قيّم هو المعنى الحرفي للمقابل الإنجليزي (بالإنجليزية: «regent Master»). في ذلك الوقت في أوروبا الغربية -حيث التعليم عموماً والتعليم الجامعي خصوصاً في أوليّاته- لم تكُ الدرجات العلمية والألقاب الأكاديمية واضحةً ومحددةً كما اليوم. فالإكويني مثلاً كان حائزاً على الماستر (الماجستير) وكتب أطروحةً استغرقت ثلاث سنواتٍ عنِ كتاب "الجمل" لبويثيوس، وسميت بكالوريوس (باللاتينية: «baccalaureus Sententiarum»)، والتسميات "استوديوم جنرال" (في المدن الكبرى)، و"استوديوم كونفنتوال" (في العواصم الإقليمية) لم تك أكثر من مدارسَ (دخل الأكويني جامعة نابولي في سن الثالثة عشر)، ولكن ندرتها وندرة التعليم في ذلك الوقت أكسبها وأكسب خريجيها شهرةً عريضةً.
- شمل الرهبان الفقراء أو المتسولون كذلك بعصاً من الرهبان الفرنسيسكان والدومينيكان.
- كانت جامعة باريس (جامعة السوربون لاحقاً) -مثل بواكير الجامعات الأوروبية وقتذاك- تابعةً لأسقفية باريس بوصفها تطورت من مدرسةٍ دينيةٍ أسقفيةٍ، وأدى هذا إلى صراعٍ مع السلطات الأسقفية -التي كانت تتدخل في الشؤون الجامعية والطلابية- قبل أن تنال استقلالها بدعمٍ من البابا والملك الفرنسي. ومن ثمة كان أسقف باريس رئيساً للجامعة، وكان حق إصدار تراخيص تأسيس المدارس وتعيين المدرسين بيد أمين الأسقفية. (انظر: عاشور، د. سعيد عبد الفتاح: الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى، دار الفكر العربي، القاهرة، 2007، تدمك: 977-10-2121-4، ص.ص 19-21). وعلى ما يبدو فإن ويليام دي سانت آمور هذا كان أمين الأسقفية. وسيرد لاحقاً أن أسقف باريس أدان في قرارين مشهورين (عامي 1270، و1277م) بعض القضايا الفلسفية الأرسطية، وأوجب على الجامعة أن تمتنع عن تدريسها وقد ألحق هذا ضرراً بسمعة الأكويني.
- يُدعى هذا الكتاب أيضاً -في بعض المصادر- "الخلاصة ضد الوثنيين" أو "الخلاصة ضد الأمم". إن كلمة «Gentiles» تعني الوثنيين في شروح العهد القديم -باعتبار غير اليهود هم عبدة أوثان- مثلما تعني الغرباء أو الأجانب، على أن المسلمين -الذي كان الكتاب موجهاً لتفنيد عقائدهم بالدرجة الأولى- اعتبروا كفاراً -على الأغلب- وليسوا وثنيين من قبل أوروبييّ ذلك العصر.
- (باللاتينية: Responsio ad fr. Ioannem Vercellensem de articulis 108 sumptis ex opere Petri de Tarentasia)
- يعتبر برتراند رسل صراحةً أن كتاب "الخلاصة ضد الكفار" أهم كتبه. انظر: "رسل: تاريخ الفلسفة الغربية، ج 2، ص. 230"، ويعتبر "الخلاصة اللاهوتية" «كتاباً يكاد يبلغ من الأهمية مبلغ الكتاب الأول»، فهو برأيه يقاربه في الأهمية ولا يساويه.
- يرى برتراند رسل «أن كتاب "النفس" لأرسطو يؤدي أداءً طبيعياً إلى وجهة النظر التي أخذ بها ابن رشد أكثر جداً مما يؤدي إلى وجهة النظر التي أخذ بها الأكويني». انظر: "رسل: تاريخ الفلسفة الغربية، ج 2، ص. 230-231".
- سيجر دي برابانت (بالإنجليزية: «Siger of Brabant») (حوالي 1240 - قبل 10 / 11/ 1284م): فيلسوف من البلدان المنخفضة الجنوبية (بورغنديا). كان من أنصار الرشدية، ويمكن اعتباره من أبرز ممثلي التيار المنادي بالأفكار "الرشدية" في المجتمع الغربي. لقيَ عنتاً من قبَلِ كلٍّ من الكنيسة والفلاسفة معارضي توجهاته مثل ألبرتوس ماجنوس والأكويني، ولا سيما بعد الحملة على الرشدية وخاصةً بإدانتها من قبل أسقف باريس في 10 / 11/ 1270م.
- تعبير الأكثر تطرفاً يُقصد به -على الأرجح- الأكثرَ خطورةً لكونها أكثر قدرةً على الانتشار ونشر الأفكار اللاهوتية الإسلامية معها. إن الأفكار الأرسطية مجرد طروحاتٍ فلسفيةٍ يمكن إخضاعها للنقاش، ولكن سمعة "المدرسة الرشدية" في أوروبا الغربية وقتذاك -وهي ليست إلا نقلاً لأفكار أرسطو وشرحاً لها مع بعض اللبوس الإسلامي- كانت على أنها صيحة العصر و"الموضة" السائدة (عاش ابن رشد 26-1198م)، لذلك كانت الرشدية تغزو الأوساط الثقافية الغربية وتنتشر تحت ضغط الغزو الحضاري الإسلامي والثقافة الإسلامية في غزوها المجتمع الغربي في باكورة اطّلاعه على الثقافة والفلسفة، ومن هنا كانت أكثر خطورةً.
- الماتنيز: ساعة أساسية في الشعائر الكنسية تُنشد -في الأصل- في ظلمة الفجر الباكر.
- تذكر بعض الروايات أن توما طلب إحضاره إلى دير فوسانوڤا لأن يسوع أخبره أنه يمكنه التحدث معه للمرة الأخيرة. لا يمكن التثبت من صحة الرواية خاصةً في ذلك الوقت حيث كانت مثل هذه المرويات شائعة جداً. إن رسْمه قديساً من قبل الكنيسة في زمنٍ مبكرٍ (عقب خمسين سنةً على وفاته) سيسهم من بعد في تكاثر المنقولات الشعبية عن معجزاته محفوزةً بسمعته كقديس.
- يلاحظ التشابه في الموقف من الفلسفة والفلاسفة مع موقف الغزالي (450-505هـ / 1058-1111م) والذي بيّنه في كتابه "تهافت الفلاسفة".
- بدأ الأكويني كتاباته الفلسفية في وقتٍ مبكرٍ جداً عن هذا التاريخ، وبعض أهم كتبه "خلاصة ضد الكفار" أنهاه إبّان إشرافه الأول في جامعة باريس (59-1264)، و"الخلاصة اللاهوتية" الذي أنجز جزءاً وافراً منه قبل أعمال ويليام الموربيكي، مما يدلل على أن اعتماده على الأعمال الفلسفية العربية سبق أعمال الموربيكي بكثير.
- "التوليف" (بالإنجليزية: «Synderesis») أو (بالإنجليزية: «Synteresis»): في الفلسفة الأخلاقية المدرسية هو القدرة الطبيعية أو تصرف العقل العملي بهدف فهم المبادئ العامة الأولى للفعل البشري بشكلٍ حدسيٍّ.
- يفهم توما الأكويني المحبة على أنها "صداقة الإنسان مع الله" التي "توحدنا مع الله"، ويعتبرها "أروعَ الفضائل". علاوةً يرى الأكويني أن «عادة المحبة لا تمتد إلى محبة الله فحسب، بل تمتد أيضاً إلى محبة الجار والقريب» ولكن بدرجةٍ أقلَّ.
- مما تقدم يضِحُ أن الأكويني يرى نظرية "المستبد العادل" كأفضل شكلٍ من أشكال الحكم، ومع أنه يقف إلى جانب "تقليم أظافر" الحاكم لئلا يتحول إلى مستبدٍ، لكن رؤيتَه جليةٌ فيما يتعلق بالثورة على الطاغية، وتتلخص بالمبدأ الذي أتت به الحضارة الإسلامية من قبل فيما يتعلق بالخروج على الحاكم {الفتنة أشد من القتل}.
- "السلطة التعليمية" (بالإنجليزية: «Magisterium») للكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي السلطة التي تدّعي الكنيسة أنها تُقدم تفسيراً صحيحاً لكلمة الله «سواءً في شكلها المكتوب أو في شكل تقليد». ووفقاً للتعليم الديني للكنيسة الكاثوليكية (بالإنجليزية: «Catechism of the Catholic Church») للعام 1992م (الذي أقره البابا جان بول الثاني) فقد أنيطت مهمة التفسير بشكلٍ فريدٍ بالبابا والأساقفة، مع أن للمفهوم تاريخاً معقداً من التطور. إن الكتاب المقدس والتقليد «يشكلان وديعةً مقدسةً واحدةً لكلمة الله التي وُكّلت إلى الكنيسة»، و"السلطة التعليمية" غير مستقلةٍ عن هذا طالما أن «كل ما تقترحه للاعتقاد بأنه وحيٌ إلهيٌّ موجودٌ هو مشتقٌّ من وديعة الإيمان الوحيدة هذه».
- يشير الإسناد (بالإنجليزية: «Predication») في الفلسفة إلى فعلٍ من أفعال الحكم (علاقة في الذهن) حيث يندرج مصطلح تحت مصطلحٍ آخر. يصفه التصور المفاهيمي الشامل بأنه فهم للعلاقة التي يتم التعبير عنها بواسطة بنيةٍ تنبؤيةٍ بشكلٍ أساسيٍّ (أي في الأصل وفي المقام الأول) من خلال التعارض بين الخاص والعام أو الواحد والمتعدد. في المنطق يُدعيان الموضوع والمحمول. مثال: "الإنسان حيوان ناطق"، فالإنسان هو الموضوع، والحيوان الناطق محمولٌ على ذات الإنسان.
انظر: ج. افرويدنتال: "سالومون ميمون: دوغماتي عقلاني، متشكك تجريبي: تقييمات نقدية"، Springer Science & Business Media، 2013، (ردمك 9789048163632)، ص. 59.
من الأمثلة على المُسند -في اللغة- الفعل والخبر والمضاف إليه والصفة والبدل، في حين يكون الفاعل والمبتدأ والمضاف والموصوف والمبدَل منه مُسنَداً إليه. - لنلاحظ مفهوم "الصمد" في الأدبيات الإسلامية، قال تعالى: {قل هو الله أحد * الله الصمد} [سورة الصمد/1-2].
- الحادث في الفلسفة اسم فاعلٍ مشتق من حدث يحدث بمعني ليس أزلياً، ويخص ما له بداية أي مخلوق.
- "العلة الغائية" تعني ببساطةٍ الوظيفة التي يقوم الجَرْم بها، أو الغاية التي وُجد من أجلها.
- يتلخص برهان الصِدِّيقين بأن الممكناتِ بأسرها تحتاج في وجودها إلى موجِدٍ، فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من جرمٍ آخرَ لا يحتاج في وجوده إلى موجِدٍ، ثم يبرهن ابن سينا أن هذا الموجِدَ منه يبدأ الوجود والعدم للموجودات الأخرى جمعاءَ، والتي هي موجودات نسبية (عند وسمها بصفة الوجود، لأن وجودَها خارج عنها غير قائمٍ بذاتها).
- في علم الكلام الإسلامي "الصفات السلبية" تدل على ما ليس الله عليه. يذكر الإمام السفاريني الحنبلي في كتابه "لوامع الأنوار": «والصفات السلبية ما [كان] مدلولُها عدمُ أمرٍ لا يليق به تعالى، فقِدَمُه -تعالى- ذاتيٌّ واجبٌ له -تعالى- غيرُ مسبوقٍ بعدمٍ، إذ هو -تعالى- لا ابتداءَ لوجوده». أي صفة "القدم" بمعنى عدم الابتداء. انظر: "لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية" للسفاريني.
- يختلف عدم التقييد بالمُحدّدات التي خُلقتِ الموجوداتُ مثقَلَةً بها (مثال: محدودية الإبصار والقصور العقلي البشري عن تصور كونٍ بأكثرَ من ثلاثة أبعادٍ، وعدم الحركة لدى النبات، وعدم التفكير المنطقي لدى الحيوانات.. إلخ) يختلف عن اللامحدودية في كلٍّ من الحجم والعدد.
- ينسخ الماضي بمعنى يلغيه.
- يُنسب إلى "نسطوريوس" المعتَقَدُ النصراني الرافض لعقيدة مجمع إفسس المعقود سنة 431م. يُعرّف أنصار كيرلس الأول -بابا الإسكندرية وخصم نسطوريوس- "النسطورية" بأنها العقيدة التي تؤمن بأن يسوع المسيح مكوَّن من جوهرين يعبَّر عنهما بالطبيعتين وهما: جوهر إلهي وهو الكلمة، وجوهر إنساني أو بشري وهو يسوع، وبحسب "النسطورية" ليس ثمة اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح، بل مجرد صلةٍ بين الإنسان والألوهية، وعليه لا يجوز إطلاق لقب "والدة الإله" على السيدة مريم العذراء بناءً على "النسطورية"، لأنها لم تلد إلهاً بل إنساناً بشراً فقط حلّت عليه "كلمة الله" أثناء العماد وفارقته عند الصلب. هذا المذهب مخالف للمذاهب المسيحية المعروفة اليوم القائلة بوجود أقنوم الكلمة المتجسد الواحد ذي الطبيعتين الإلهية والبشرية، ويقترب من المفهوم الإسلامي. انظر: الموسوعة العربية المسيحية {{Webarchive | مسار= https://web.archive.org/web/20170524195037/http://www.christusrex.org:80/www1/ofm/1god/pensieri/nestorianesimo.htm | تاريخ= 24 مايو 2017. نسخة محفوظة 2017-05-24 على موقع واي باك مشين..
- أو أپوليناريوس (315-382 أو 390م) أسقف اللاذقية في سوريا. تلقى علومه عن والده الذي كان رجل دينٍ واسعَ الاطلاع. شُغِفَ أبوليناريس بالتشديد على ألوهية يسوع، ودفعته وحدة شخص المسيح إلى إنكار وجود روحٍ بشريةٍ عاقلةٍ في طبيعته البشرية. كانت وجهة نظره أن المسيحَ ليس بإنسانٍ كاملٍ، ولكنه رأى في التجسد الإلهي فيه أكبر من الشخصية البشرية. تحولت آراؤه إلى مدرسةٍ فكريةٍ عرفت بـ"الأپولينارية" (باللاتينية: «Apollinarism»)، والتي أدانها مجمع القسطنطينية الأول في العام 381م. انظر: "معلومات عن أپوليناريوس على موقع catalogo.pusc.it"، catalogo.pusc.it، مؤرشف من الأصل في 5 نوفمبر 2020..
- أوطيخا أو أوطيخ (380–456)، قسيس وأرشيمندريت في القسطنطينية. لوحظ لأول مرةٍ في العام 431 في مجمع إفسس الأول بمعارضته الشديدة لتعاليم نسطور، إن إدانتَه للنسطورية كبدعةٍ قادته إلى وجهة نظرٍ متطرفةٍ، مما عجّل بإدانته على أنه الزنديق نفسه. يدافع أوطيخا عن عقيدة الطبيعة الواحدة، لقد رأى بأن للمسيح طبيعةً واحدةً بعد التجسّد، بحيث أدى ذلك إلى تلاشي البشرية في الألوهية، أي إن "الناسوت" قد ذاب في "اللاهوت"، والطبيعتان قد امتزجتا معاً في طبيعةٍ واحدةٍ، ومن هنا جاءت تسميته مونوفيزيتس لأن عبارة "مونا فيزيس" تعنى "طبيعة وحيدة"، وليس "طبيعة واحدة" أو "ميا فيزيس".
أعطى أوطيخا تعريفاً مختلفاً للتجسد، فقد آمن بطبيعتين للمسيح قبل التجسد (ربما يكون شايع أوريجنس الإسكندري في نظرية الوجود الأزلي للأرواح)، إلا أنه لم يعترف سوى بطبيعةٍ وحيدةٍ له بعد التجسد معتقداً أن اللاهوت قد امتص الناسوت الذي ذاب في اللاهوت مثلما تذوب نقطة الخل في محيطٍ من الماء. - بناءً على هذا يؤمن توما الأكويني ببعث الأرواح والأجساد معاً، وهو بهذا يُخالف عموم الفلاسفة الذين -بحسب أبي حامدٍ الغزالي في كتابه "تهافت الفلاسفة"- ينكرون بعث الأجساد ويقصرون القيامة على الأرواح فحسب.
- بمعنى أن الثواب فضل من الله وحده وليس بعمل الإنسان.
- النص مقتبس بحرفيته في مقالة Thomas Aquinas في الويكيبديا الإنجليزية، لكن أثبت هنا النص العربي نقلاً من كتاب برتراند رسل "تاريخ الفلسفة الغربية"، وذلك حرصاً على مزيد الدقة في المعنى لأن مترجم الكتاب إلى العربية فيلسوف أيضاً وهو د. زكي نجيب محمود.
- كان ذلك عام 1972 وقتما نشر واط كتابه، ويجدر التنويه إلى أن مونتغمري واط (1909-2006) (بالإنجليزية: «W. Montgomery Watt») ينتمي إلى المدرسة الاستشراقية الكلاسيكية التي لا ترى للمسلمين والعرب فضلاً في الحضارة الإنسانية، أو أقلَّ ما يمكن من فضلٍ، ومع ذلك فهو يرى لا مندوحة عن الاعتراف بمثل هذه الآراء.
مسرد المراجع
- المخترع: معهد جيتي للبحوث — تاريخ النشر: 12 يونيو 2013 — مُعرِّف قائمة اتحاد أسماء الفنانين (ULAN): https://www.getty.edu/vow/ULANFullDisplay?find=&role=&nation=&subjectid=500330859 — تاريخ الاطلاع: 14 مايو 2019
- مُعرِّف بيويب للأشخاص (BeWeb): https://www.beweb.chiesacattolica.it/persone/persona/256/ — تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2021
- https://cs.isabart.org/person/60389 — تاريخ الاطلاع: 1 أبريل 2021
- المحرر: تشارلز دودلي وارنر — العنوان : Library of the World's Best Literature — العمل الكامل مُتوفِّر في: https://www.bartleby.com/library/bios/
- رسل 2010، صفحة 229.
- Conway 1911.
- Vaughan 1871.
- {{Thomas Aquinas, Commentary on the De Trinitate of Boethius, quest. 2, art. 3 Webarchive| مسار= https://web.archive.org/web/20210410142011/https://isidore.co/aquinas/english/BoethiusDeTr.htm | تاريخ= 2021-04-10}} "نسخة مؤرشفة"، مؤرشف من الأصل في 18 سبتمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 25 سبتمبر 2021.
- McInerny, Ralph; O'Callaghan, John (5 فبراير 2018). Zalta, Edward N. (ed.). The Stanford Encyclopedia of Philosophy. Metaphysics Research Lab, Stanford University – via Stanford Encyclopedia of Philosophy.
- Blair, Peter، "Reason and Faith: The Thought of Thomas Aquinas"، The Dartmouth Apologia، مؤرشف من الأصل في 13 سبتمبر 2013، اطلع عليه بتاريخ 18 ديسمبر 2013.
- "St. Thomas Aquinas | Biography, Philosophy, & Facts"، Encyclopædia Britannica، مؤرشف من الأصل في 17 أغسطس 2021، اطلع عليه بتاريخ 20 يناير 2020.
- Code of قانون كنسي, Can. 252, §3 "Code of Canon Law"، vatican.va، مؤرشف من الأصل في 08 مايو 2011، اطلع عليه بتاريخ 22 مارس 2011.
- Aquinas, Thomas (1993)، Selected Philosophical Writings، Oxford University Press، ص. Xi، ISBN 0-19-283585-8.
- ”Les Normans en Sicile”
- واط 1983، صفحة 79.
- عاشور 1972، صفحة 362.
- Marshall Clagett, "Medieval Latin Translations from the Arabic of the Elements of Euclid, with Special Emphasis on the Versions of Adelard of Bath," Isis 44: 16–42 (1982).
- Lindberg 1978، صفحات 70-72.
- بيشوب 2005، صفحات 50-51.
- أسامة بن منقذ 1930، صفحات 220-221.
- بيشوب 2005، صفحة 80.
- واط 1983، صفحات 107–108.
- EB: Louis IX.
- بيشوب 2005، صفحات 198-199.
- ميلر 2003، صفحة 328.
- ميلر 2003، صفحة 329.
- بيشوب 2005، صفحة 199.
- بيشوب 2005، صفحة 79.
- بيشوب 2005، صفحة 200.
- ميلر 2003، صفحة 330.
- بيشوب 2005، صفحة 72.
- ميلر 2003، صفحة 335.
- ميلر 2003، صفحات 325-343.
- ميلر 2003، صفحة 345.
- ديورانت، صفحة (17) 22.
- عاشور 1959، صفحات 170-179.
- واط 1983، صفحة 97.
- عاشور 1959، صفحات 173.
- عاشور 1959، صفحة 175.
- Norman Geisler, Thomas Aquinas: An Evangelical Appraisal, Wipf and Stock Publishers, 2003, p. 26.
- شاف, صفحة. صفحة. 422. نسخة محفوظة 2017-09-12 على موقع واي باك مشين. نسخة محفوظة 2021-08-13 على موقع واي باك مشين.
- Torrell 2005، صفحة 3.
- Hampden 1848، صفحة 14.
- Stump 2003، صفحة 3.
- Schaff, Philip (1953)، "توماس أكويناس"، The New Schaff-Herzog Encyclopedia of Religious Knowledge، Grand Rapids, Michigan: Baker Book House، ج. 126، ص. 422–23، Bibcode:1930Natur.126..951G، doi:10.1038/126951c0، S2CID 4140923.
- Davies 2004، صفحات 1–2.
- Davies 2004، صفحة 2.
- Grabmann 1963، صفحة 2.
- Hampden 1848، صفحات 21–22.
- رسل 2010، صفحة 230.
- Collison, Diane, and Plant, Kathryn. Fifty Major Philosophers. 2nd ed. New York: روتليدج, 2006.
- Hampden 1848، صفحة 23.
- Hampden 1848، صفحة 24.
- Hampden 1848، صفحة 25.
- Marshall, Dr Taylor (26 يناير 2011)، "The Miraculous Cord of Saint Thomas Aquinas and the Angelic Warfare" (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 6 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 22 مارس 2021.
{{استشهاد ويب}}
: الوسيط غير المعروف|موقع ويب=
تم تجاهله (مساعدة) - Hampden 1848، صفحات 27–28.
- Healy 2003، صفحة 2.
- Hampden 1848، صفحة 33.
- Stump 2003، صفحة xvi.
- Davies 1993، صفحة 5.
- توما الأكويني. "موسوعة الفلسفة"- الجزء الأول. الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
- On Evil، Oxford University Press US، 2003، ص. 5، ISBN 0-19-509183-3، مؤرشف من الأصل في 9 سبتمبر 2021.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|الأخير 1=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأخير 2=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأخير 3=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأول 1=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأول 2=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأول 3=
تم تجاهله (مساعدة) - Stump 2003، صفحة 4.
- Davies 2004، صفحات 3–4.
- Stump 2003، صفحة xvii.
- واط 1983، صفحة 96.
- Davies 2004، صفحة 4.
- Healy 2003، صفحة 4.
- Torrell 2005، صفحات 129–132.
- "Acta Capituli Provincialis OP Anagnie 1265"، corpusthomisticum.org، مؤرشف من الأصل في 15 مايو 2021.
- Walz, Angelus (4 ديسمبر 1930)، "Compendium historiae Ordinis Praedicatorum [microform]"، Romae: Herder، مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2022.
- Mulchahey 1998، صفحة 279.
- Gregorovius، صفحة Part II, P. 617.
- Summa theologiae, I, 1, prooemium: "Quia Catholicae veritatis doctor non-solum provectos debet instruere, sed ad eum pertinet etiam incipientes erudire, secundum illud apostoli I ad Corinth. III, tanquam parvulis in Christo, lac vobis potum dedi, non-escam; propositum nostrae intentionis in hoc opere est, ea quae ad Christianam religionem pertinent, eo modo tradere, secundum quod congruit ad eruditionem incipientium."
- Davies 2004، صفحة 5.
- "Aquinatis: Vida de Santo Tomás de Aquino"، 22 مايو 2008، مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2021.
- "Brunacci.it – Le famiglie Brunacci"، brunacci.it، مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2021.
- "Beato Tommasello da Perugia su santiebeati.it"، Santiebeati.it، مؤرشف من الأصل في 19 يونيو 2021.
- Mulchahey 1998، صفحة 323.
- رسل 2010، صفحات 230-231.
- Stump 2003، صفحات 11–12.
- Stump 2003، صفحات 10–11.
- Thomas Aquinas، صفحات 9-11.
- McInerney, Against the Averroists, p. 10.
- العقاد 2013، صفحة 46.
- توماس أكويناس، Reader، ص. 11.
- Weisheipl, James (1974)، Friar Thomas D'Aquino: His Life, Thought, and Work، Doubleday، ص. 319، مؤرشف من الأصل في 17 مارس 2022.
- Chesterton, G. K. (27 فبراير 1932)، ""مقالات عن القديس توماس أكويناس" Essay on St. Thomas Aquinas"، ذا سبيكتاتور ، مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2010.
{{استشهاد بمجلة}}
: صيانة CS1: extra punctuation (link) - Kwasniewski, Peter A.، "A Tale of Two Wonderworkers: St. Nicholas of Myra in the Writings and Life of St. Thomas Aquinas" (PDF)، International Theological Institute for Studies on Marriage and the Family Gaming, Austria، مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 نوفمبر 2018.
- de Tocco & Le Brun-Gouanvic 1996.
- Kennedy 1912.
- Davies 1993، صفحة 9.
- McBride, William Leon (1997)، The Development and Meaning of Twentieth-century Existentialism، Taylor and Francis، ص. 131، ISBN 0-8153-2491-X.
- Murray 2013، صفحة 27، Ch. 10.
- Healy 2003، صفحة 7.
- Nichols 2002، صفحة 18.
- Hampden 1848، صفحة 46.
- Healy 2003، صفحة 8.
- Thomas Aquinas, Reader, p. 12.
- Torrell 2005، صفحة 292.
- Hampden 1848، صفحة 47.
- Grant, Edward (1996)، The Foundations of Modern Science in the Middle Ages: Their Religious, Institutional, and Intellectual Contexts، Cambridge University Press، ص. 81–82، ISBN 0-521-56762-9.
- Küng 1994، صفحة 112.
- عاشور 1959، صفحة 179.
- Dante، "Parad. x. 99"، الكوميديا الإلهية Divine Comedy، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2011، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|وصلة عنوان=
تم تجاهله (مساعدة) - Dante Alighieri، "Purg. xx. 69"، الكوميديا الإلهية Divine Comedy، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2011، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- Villani (ix. 218)
- واحدة أو أكثر من الجمل السابقة تتضمن نصاً من منشور أصبح الآن في الملكية العامة: تشيشولم, هيو, المحرر (1911)، "Thomas Aquinas"، موسوعة بريتانيكا (باللغة الإنجليزية) (ط. الحادية عشر)، مطبعة جامعة كامبريدج.
- بيشوب 2005، صفحة 166.
- Mullady, Brian (2006)، "The Angelic Doctor – Thomas Aquinas"، مؤرشف من الأصل في 7 اكتوبر 2008، اطلع عليه بتاريخ 11 يونيو 2011.
{{استشهاد ويب}}
: تحقق من التاريخ في:|تاريخ أرشيف=
(مساعدة) - Hampden 1848، صفحة 54.
- بنديكت الخامس عشر Encyclical Fausto appetente die 29 June 1921, AAS 13 (1921), 332; بيوس الحادي عشر Encyclical Studiorum Ducem §11, 29 June 1923, AAS 15 (1923), cf. AAS 17 (1925) 574; بولس السادس, 7 March 1964 AAS 56 (1964), 302 (Bouscaren, vol. VI, pp. 786–88). نسخة محفوظة 2014-02-21 على موقع واي باك مشين.
- Calendarium Romanum Libreria Editrice Vaticana 1969, p. 86.
- Liturgy of the Hours Volume III, Proper of Saints, 28 January.
- "التقويم The Calendar"، "كنيسة إنجلترا" The Church of England (باللغة الإنجليزية)، مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2021.
{{استشهاد ويب}}
: غير مسموح بالترميز المائل أو الغامق في:|موقع=
(مساعدة) - Jordan 2006، صفحة 154.
- Davies 2004، صفحة 14.
- رسل 1983، صفحة 229.
- The History of Philosophy, Medieval Philosophy, from 500 to 1500 CE، 2011., Edited by Brian Duignan, Britanica Educational Publishing, New York, (ردمك 978-1-61530-244-4); "Age of the Schoolmen"
- "Blog Archive " Saint Thomas Aquinas"، Saints.SQPN.com، 22 أكتوبر 1974، مؤرشف من الأصل في 10 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- "Summa, I–II, Q109a1"، مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2021، اطلع عليه بتاريخ 25 مارس 2012.
- Geisler, Norman (1999)، Baker Encyclopedia of Christian Apologetics، Grand Rapids, Michigan، Baker Academic، ص. 727.
- Thomas Aquinas، "Question 55, Reply 1"، Summa Theologica، مؤرشف من الأصل في 29 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 02 فبراير 2012.
- Langston, Douglas (5 فبراير 2015)، Edward N. Zalta (المحرر)، The Stanford Encyclopedia of Philosophy، Metaphysics Research Lab, جامعة ستانفورد، مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2021.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|وصلة محرر=
تم تجاهله (مساعدة) - توما الأكويني، "Question 94, Reply Obj. 2"، الخلاصة اللاهوتية، ج. First Part of the Second Part.
- توما الأكويني، "Question 94, Article 3"، الخلاصة اللاهوتية.
- توما الأكويني، "Question 62, Article 2"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 02 فبراير 2012.
- توما الأكويني، "Question 118, Article 1"، الخلاصة اللاهوتية، ج. Second Part of the Second Part، مؤرشف من الأصل في 18 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 أكتوبر 2018.
- توما الأكويني، "Question 91, Article 1"، الخلاصة اللاهوتية.
- Pojman, Louis (1995)، الأخلاق: اكتشاف الصواب والخطأ (Ethics: Discovering Right and Wrong)، Belmont, California، Wadsworth Publishing Company، ISBN 0-534-56138-1، مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2021.
- توما الأكويني، "Question 94, Article 2"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2022، اطلع عليه بتاريخ 02 فبراير 2012.
- توما الأكويني، "Question 94, Article 2, Reply Obj. 2"، الخلاصة اللاهوتية.
- Aquinas, Thomas، "d. 27 q. 1 a.1"، In Sententiae، ج. IV, Commentary، مؤرشف من الأصل في 15 مايو 2021، اطلع عليه بتاريخ 21 سبتمبر 2011.
- توما الأكويني، "STh I–II, 26, 4, corp. art"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 3 ديسمبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 30 أكتوبر 2010.
- توما الأكويني، "Question 94, Article 5"، الخلاصة اللاهوتية.
- Honderich, Ted (1995)، "Animals: Peter Singer"، The Oxford Companion to Philosophy، Oxford، ص. 35–36، مؤرشف من الأصل في 6 يونيو 2021.
- توما الأكويني، "Question 64. Article 1"، الخلاصة اللاهوتية، ج. Second Part of the Second Part.
- توما الأكويني، "Of Cheating, Which Is Committed in Buying and Selling"، الخلاصة اللاهوتية (PDF)، ترجمة The Fathers of the English Dominican Province، مؤرشف من الأصل (PDF) في 20 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 19 يونيو 2012.
- Gordon, Barry (2009) [1987]، "Aquinas, St Thomas (1225–1274)"، The New Palgrave: A Dictionary of Economics، ج. 1، ص. 100.
- Smith 2008، صفحة 18.
- De Regno I، Ch. 2
- Weithman, Paul J. (1992). "Augustine and Aquinas on Original Sin and the Function of Political Authority", p. 356. نسخة محفوظة 2021-12-09 على موقع واي باك مشين.
- ملحق الخلاصة اللاهوتية، Q5 ،A2، إعلان 1، مع ذلك تجدر الملاحظة أن ملحق الخلاصة ليس من وضع الأكويني نفسه.
- "Aquinas on Slavery"، stjohnsem.edu، مؤرشف من الأصل في 5 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 نوفمبر 2019.
- Nureev Rustem, M.، "Doctrine of "Fair Price" by Thomas Aquinas: background, laws of development and specific interpretation"، Journal of Institutional Studies، ج. 7 رقم 1، ص. 006–024، doi:10.17835/2076-6297.2015.7.1.006-024، ISSN 2076-6297، OCLC 8773558345، مؤرشف من الأصل في 29 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 28 يونيو 2021.
{{استشهاد بمجلة}}
: روابط خارجية في
(مساعدة)|بواسطة=
- أكويناس, توماس (1920)، "Question 75, Article 1"، "الخلاصة اللاهوتية للقديس توماس أكويناس" Summa Theologiae of St. Thomas Aquinas، ترجمة The Fathers of the English Dominican Province (ط. ثانية ومراجَعة Second and Revised).
- أكويناس, توماس (1920)، "Question 75, Article 3"، "الخلاصة اللاهوتية للقديس توماس أكويناس" ''Summa Theologiae of St. Thomas Aquinas، ترجمة The Fathers of the English Dominican Province (ط. ثانية ومراجَعة Second and Revised).
- Aquinas, Thomas؛ وآخرون (1975)، "5 volumes."، Summa Contra Gentiles، Notre Dame, Ind.، ترجمة Anton C. Pegis، U. of Notre Dame Press.
- Summa Theologica, Question 64, Article 4, "Whether justice is the chief of the moral virtues?
(هل العدل رأس الفضائل الأخلاقية؟)" نسخة محفوظة 2021-04-19 على موقع واي باك مشين. - Aquinas, Thomas (1981)، Summa Theologica، New York، English Dominican Fathers، ص. II-II, Q58, A1.
- Schumpeter, Joseph (1954)، History of Economic Analysis، New York، Oxford University Press، ص. 90.
- Aquinas, Thomas (1981)، Summa Theologica، New York، English Dominican Fathers، ص. II–II, Q77, A1.
- Aquinas, Thomas (1981)، Summa Theologica، New York، English Dominican Fathers، ص. II–II, Q77, A2.
- Hankey, Wayne (2013)، The Routledge Companion to Philosophy of Religion، CSU East Bay (ط. ثانية)، Routledge، ص. 134–135، ISBN 978-0-415-78295-1.
- Thomas Aquinas، "On the Work of the Sixth Day, Reply to Objection 5"، Summa Theologica، ترجمة Fathers of the English Dominican Province، مؤرشف من الأصل في 9 مارس 2015، اطلع عليه بتاريخ 2 فبراير 2022.
- Saint Thomas Aquinas, Physica, Book 2, Lecture 14, Fathers of the English Dominican Province نسخة محفوظة 8 يونيو 2021 على موقع واي باك مشين.
- The Just War نسخة محفوظة 2021-04-23 على موقع واي باك مشين.
- Gonzalez, Justo L. (1984)، The Story of Christianity، HarperSanFrancisco، مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2021.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|مسار الوصول=
تم تجاهله (مساعدة) - توماس أكويناس، ""وجود الله" The Existence of God (Prima Pars, Q. 2)"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 29 يناير 2022.
- رسل 2010، صفحة 234.
- Section 1.13 (in Latin؛ in English). نسخة محفوظة 2022-02-04 على موقع واي باك مشين.
- Summa of Theology I, q.2, The Five Ways Philosophers Have Proven God's Existence
- Adamson, Peter (2013-07-04). "From the necessary existent to God". In Adamson, Peter (ed.). Interpreting Avicenna: Critical Essays. Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-19073-2.
- Kreeft 1990، صفحات 74–77.
- Kreeft 1990، صفحات 86–87.
- انظر: Actus Essendi and the Habit of the First Principle in Thomas Aquinas (New York: Einsiedler Press, 2019)؛ وأيضاً مصادر من الشابكة: Actus Essendi Electronic Journal. نسخة محفوظة 2021-03-23 على موقع واي باك مشين..
- Kreeft 1990، صفحات 97–99.
- Kreeft 1990، صفحة 105.
- Kreeft 1990، صفحات 111–112.
- رسل 2010، صفحة 172.
- رسل 2010، صفحة 236.
- Nichols 2002، صفحات 80–82.
- رسل 2010، صفحة 233.
- توماس أكويناس، "Question 71, Article 6"، الخلاصة اللاهوتية، ج. II–I، مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- توماس أكويناس، "Question 75, Article 1"، الخلاصة اللاهوتية، ج. II–I، مؤرشف من الأصل في 4 فبراير 2022،
"لأن الشر هو غياب الخير الذي هو أمر طبيعي وسبب لشيءٍ ما".
- توماس أكويناس، "The unity or plurality in God (Prima Pars, Q. 31)"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 2021.
- Nichols 2002، صفحات 173–174.
- Thomas Aquinas, pp. 228–229.
- توماس أكويناس، "Question 50, Article 1"، الخلاصة اللاهوتية، ج. III، مؤرشف من الأصل في 5 فبراير 2022، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- Thomas Aquinas, pp. 231–239.
- First Council of Nicaea – 325 AD، 20 مايو 325، مؤرشف من الأصل في 27 نوفمبر 2021.
- Augustine, Sermo VII, 7.
- For instance, Malachi 3:6 and James 1:17.
- توماس أكويناس، "الخلاصة اللاهوتية" (ST) III. 1.1.
- "Commentary on Saint Paul's Letter to the Philippians, available at §2–2."، مؤرشف من الأصل في 1 سبتمبر 2018.
- Thomas Aquinas, pp. 241, 245–249. Emphasis is the author's.
- توماس أكويناس، "طريقة اتحاد الكلمة المتجسدة (Tertia Pars, Q. 2)"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2021.
- Weigel, George (2001)، حقيقة الكاثوليكية، نيويورك: هاربر كولنز، ص. 9، ISBN 0-06-621330-4، مؤرشف من الأصل في 7 مارس 2021.
- Kreeft 1990، صفحة 383.
- توماس أكويناس، "Question 11, Article 3"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|جزء=
تم تجاهله (مساعدة) - توما الأكويني، "Question 11, Article 4"، الخلاصة اللاهوتية، مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2022.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|جزء=
تم تجاهله (مساعدة) - نوڤاك، ميشيل (ديسمبر 1995)، "أكويناس والزنادقة"، First Things. نسخة محفوظة 2016-04-09 على موقع واي باك مشين.
- "خلاصة ضد الوثنيين" Summa contra gentiles, P. 102.
- "خلاصة ضد الوثنيين" Summa contra gentiles, P. 103.
- "خلاصة ضد الوثنيين" Summa contra gentiles, P. 105.
- Summa contra gentiles, PP. 106–108.
- توماس أكويناس، "Question 114, Article 4"، الخلاصة اللاهوتية.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|جزء=
تم تجاهله (مساعدة) - "Question 38, Article 2"، ملحق الخلاصة اللاهوتية Summa theologica Supplement،
فيما إذا كانتِ التعويذة يمكن أن تكون عائقاً أمام الزواج
. - Burr, G. L. (1943)، L. O. Gibbons (المحرر)، "كتابات مختارة" Selected Writings، New York، ص. 173–74. Original essay (1890) available here.
- Kramer, Heinrich (2009)، Malleus Maleficarum، ترجمة Christopher Mackay، كامبردج، ص. 91–92.
- Stump 2003، صفحة 194.
- Stump 2003، صفحة 200.
- Stump 2003، صفحة 192.
- Stump 2003، صفحات 461, 473.
- Joyce, James (4 ديسمبر 1992)، "صورة الفنان في شبابه" A Portrait of the Artist as a Young Man، Wordsworth Editions، ص. 221، ISBN 9781853260063، مؤرشف من الأصل في 26 أغسطس 2021.
- (Russell 1967, p. 463) تاريخ الفلسفة الغربية, Ch. 34, "القديس توماس أكويناس", Allen & Unwin, London; Simon & Schuster, New York, 1946, pp. 484-.
- رسل 2010، صفحة 243.
- (Russell 1967, p. 462)
- توماس أكويناس، Summa Theologica Supplementum Tertiae Partis، مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2021.
- Aquinas on Mind, نيويورك: روتلدج. (ردمك 0-415-04415-4), 11)
- واط 1983، صفحات 106-107.
- رسل 2010، صفحة 231.
- رسل 2010، صفحة 240.
- رسل 2010، صفحة 237.
- رسل 2010، صفحة 242.
- رسل 2010، صفحة 241.
- Brown 2014، صفحة 12.
- واط 1983، صفحة 106.
- واط 1983، صفحة 94.
- رسل 2010، صفحات 231، 240.
- عاشور 1959، صفحة 170.
- واط 1983، صفحة 107.
- واط 1983، صفحات 107-108.
- Spade, Paul Vincent (2018)، إدوارد زالتا (المحرر)، "Medieval Philosophy"، موسوعة ستانفورد للفلسفة، Center for the Study of Language and Information، مؤرشف من الأصل في 27 مايو 2019.
- Renz 2009، صفحة 42.
- Alarcón, Enrique (4 ديسمبر 2000)، "Corpus Thomisticum"، corpusthomisticum.org، مؤرشف من الأصل في 7 فبراير 2022.
- "1225-1274- Thomas Aquinas, Sanctus\ – Operum Omnium Conspectus seu 'Index of available Writings'"، documentacatholicaomnia.eu، مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2021.
- Copleston 1955.
بيانات المراجع
باللغة العربية
- العقاد, عباس محمود (2013) [1960]، ابن رشد (ط. الأولى - نسخة pdf)، القاهرة (مصر): مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، ISBN 978-977-719-406-8..
{{استشهاد بكتاب}}
: تأكد من صحة|isbn=
القيمة: invalid character (مساعدة)
- ابن منقذ, أسامة (2003) [2002]، الاعتبار، د. عبد الكريم الأشتر (ط. الثانية - نسخة pdf)، بيروت (لبنان)، دمشق (سوريا)، عمان (الأردن): المكتب الإسلامي.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|وصلة المحقق=
تم تجاهله (مساعدة)
- رسل, برتراند (2010) [1945]، تاريخ الفلسفة الغربية، ترجمة زكي نجيب محمود (ط. الأولى - نسخة pdf)، القاهرة (مصر): الهيئة المصرية العامة للكتاب، ISBN 978 977 421 695 5.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|وصلة المترجم=
تم تجاهله (مساعدة)، تأكد من صحة|isbn=
القيمة: checksum (مساعدة)
- بيشوب, موريس (2005) [1968]، تاريخ أوروبا في العصور الوسطى [The Pelican Book of The Middle Ages]، ترجمة علي السيد علي (ط. الأولى - نسخة pdf)، القاهرة (مصر): المجلس الأعلى للثقافة.
- عاشور, سعيد عبد الفتاح (1976) [1972]، أوروبا العصور الوسطى (ط. الثانية - نسخة pdf)، بيروت (لبنان): دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
- عاشور, سعيد عبد الفتاح (1959)، أوروبا العصور الوسطى (الجزء الثاني)، النظم والحضارة (ط. (نسخة pdf))، القاهرة (مصر): مكتبة النهضة المصربة.
- عاشور, سعيد عبد الفتاح (2007)، الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى (ط. الأولى - نسخة pdf)، القاهرة (مصر): دار الفكر العربي، ISBN 977-10-2121-4..
{{استشهاد بكتاب}}
: تأكد من صحة|isbn=
القيمة: invalid character (مساعدة)
- ميلر, أندرو (2003)، مختصر تاريخ الكنيسة، ترجمة ناشد ساويرس (ط. الرابعة (منقحة) - نسخة pdf)، القاهرة (مصر): مكتبة الإخوة.
{{استشهاد بكتاب}}
: يحتوي الاستشهاد على وسيط غير معروف وفارغ:|وصلة مترجم=
(مساعدة)
- واط, مونتغمري (1983) [1972]، فضل الإسلام على الحضارة الأوروبية [The Influence of Islam on Medieval Europe]، ترجمة حسين أحمد أمين (ط. الأولى - نسخة pdf)، القاهرة (مصر)، بيروت (لبنان): دار الشروق.
باللغة الإنجليزية
- Anon. (1899)، The Irish Ecclesiastical Record، Year 32، Browne and Nolan، ج. Volume V, No. 37.
{{استشهاد بكتاب}}
:|المجلد=
has extra text (مساعدة)
- Brown, Jonathan A. C. (2014)، Misquoting Muhammad: The Challenge and Choices of Interpreting the Prophet's Legacy، Oneworld Publications، ص. 12، ISBN 978-1-78074-420-9،
Thomas Aquinas admitted relying heavily on Averroes to understand Aristotle. "توما الإكويني يُقرُ باعتماده بشدةٍ على ابن سينا لفهم أرسطو"
- Conway, John Placid (1911)، Saint Thomas Aquinas، London.
- Copleston, Frederick C. (1955)، Aquinas، Penguin، ISBN 9780140136746.
- Dante، "Parad. x. 99"، Divine Comedy، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2011، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- Dante Alighieri، "Purg. xx. 69"، Divine Comedy، مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 2011، اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2010.
- Davies, Brian (1993)، The Thought of Thomas Aquinas، Oxford University Press، ISBN 0-19-826753-3.
- ——— (2004)، Aquinas: An Introduction، Continuum International Publishing Group، ISBN 0-8264-7095-5.
- Ystoria sancti Thome de Aquino de Guillaume de Tocco (1323)، Pontifical Institute of Mediaeval Studies، 1996، ISBN 978-0-88844-127-0.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|الأخير 1=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأخير 2=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأول 1=
تم تجاهله (مساعدة)، الوسيط غير المعروف|الأول 2=
تم تجاهله (مساعدة)
- Grabmann, Martin (1963)، Thomas Aquinas: His Personality and Thought، ترجمة Virgil Michel، Russell and Russell.
- Grant, Edward (1996)، The Foundations of Modern Science in the Middle Ages: Their Religious, Institutional, and Intellectual Contexts، Cambridge University Press، ص. 81–82، ISBN 0-521-56762-9.
- Gregorovius, Ferdinand، "Ptolomaei Lucensis historia ecclesiastica nova, xxii, c. 24" (PDF)، History of the City of Rome in the Middle Ages، ج. V، مؤرشف من الأصل (PDF) في 5 أكتوبر 2011،
Tenuit studium Rome, quasi totam Philosophiam, sive Moralem, sive Naturalem exposuit
- Hampden, Renn Dickson (1848)، The Life of Thomas Aquinas: A Dissertation of the Scholastic Philosophy of the Middle Ages، London، Encyclopædia Metropolitana، John J. Griffin & Co..
- Healy, Nicholas M. (2003)، Thomas Aquinas: Theologian of the Christian Life، Ashgate، ISBN 0-7546-1472-7.
- Jordan, Mark D. (2006)، Rewritten Theology: Aquinas After His Readers، Wiley، ISBN 978-1-4051-1221-5.
- Kennedy, Daniel Joseph (1913)، "St. Thomas Aquinas"، الموسوعة الكاثوليكية، نيويورك: شركة روبرت أبيلتون.
- Kreeft, Peter (1990)، Summa of the Summa، Ignatius Press، ISBN 0-89870-300-X.
- Küng, Hans (1994)، Great Christian Thinkers، New York: Continuum Books، ISBN 0-8264-0848-6.
Lindberg, David C. (1978)، Science in the Middle Ages، Chicago: University of Chicago Press.
- Massey, Gerald J. (1995)، "Rhetoric and Rationality in William Harvey's De Mortu Cordis"، في Henry Krips؛ J. E. McGuire؛ Trevor Melia (المحررون)، Science, Reason, and Rhetoric، University of Pittsburgh، ISBN 978-0-8229-7041-5.
- Mulchahey, Marian Michèle (1998)، "First the Bow is Bent in Study-- ": Dominican Education Before 1350، Pontifical Institute of Mediaeval Studies، ISBN 978-0-88844-132-4.
- Murray, Paul (2013)، "10. The collapse, the silence"، Aquinas at Prayer: The Bible, Mysticism and Poetry، Bloomsbury، ISBN 978-1-4411-0589-9.
- Nichols, Aidan (2002)، Discovering Aquinas، Grand Rapids, Michigan: Eerdmans Publishing Company، ص. 80–82.
- Renz, Christopher J. (2009)، In This Light Which Gives Light: A History of the College of St. Albert the Great (1930-1980)، Dominican School، ISBN 978-1-883734-18-3.
- Russell, Bertrand (1967)، A History of Western Philosophy، Simon & Schuster، ISBN 0-671-20158-1 وصلة مؤلف= بيرتراند راسل.
{{استشهاد بكتاب}}
: الوسيط غير المعروف|وصلة عنوان=
تم تجاهله (مساعدة)، تأكد من صحة|isbn=
القيمة: invalid character (مساعدة) - Thomas Aquinas، Reader، ص. 9–11.
- Smith, George H. (2008)، Ronald Hamowy (المحرر)، The Encyclopedia of Libertarianism، SAGE، doi:10.4135/9781412965811.n11، ISBN 978-1-4129-6580-4، LCCN 2008009151، OCLC 750831024،
Individuals, therefore, have a private 'sphere of action which is distinct from the whole.'، "وبالتالي فإن الأفراد لديهم "مجال عمل خاص يختلف عن الكل".
- Stump, Eleonore (2003)، Aquinas، Routledge، ISBN 0-415-02960-0.
- Torrell, Jean-Pierre (2005)، Saint Thomas Aquinas (ط. Rev.)، Washington, D.C.: Catholic University of America Press، ISBN 978-0-8132-1423-8، OCLC 456104266.
- Vaughan, Roger Bede (1871)، The Life and Labours of St. Thomas of Aquin، London، ج. Vol. I.
{{استشهاد بكتاب}}
:|المجلد=
has extra text (مساعدة)
الموسوعات
- Schaff, Philip (1953)، "Thomas Aquinas"، The New Schaff-Herzog Encyclopedia of Religious Knowledge، Grand Rapids, Michigan: Baker Book House، ج. 126، ص. 422–23، Bibcode:1930Natur.126..951G، doi:10.1038/126951c0، S2CID 4140923.
- "موسوعة الفلسفة (توما الأكويني)"، موسوعة الفلسفة، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ج. الأول.
مواقع الشابكة
- "Acta Capituli Provincialis OP Anagnie 1265"، corpusthomisticum.org، مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2021.
- Walz, Angelus (4 ديسمبر 1930)، "Compendium historiae Ordinis Praedicatorum [microform]"، Romae : Herder، مؤرشف من الأصل في 28 فبراير 2021.
- "Aquinatis: Vida de Santo Tomás de Aquino"، 22 مايو 2008، مؤرشف من الأصل في 15 أغسطس 2021.
- "Brunacci.it – Le famiglie Brunacci"، brunacci.it، مؤرشف من الأصل في 24 فبراير 2021.
- "Beato Tommasello da Perugia su santiebeati.it"، Santiebeati.it، مؤرشف من الأصل في 19 يونيو 2021.
- Mullady, Brian (2006)، "The Angelic Doctor – Thomas Aquinas"، مؤرشف من الأصل في 7 أكتوبر 2008، اطلع عليه بتاريخ 11 يونيو 2011.
وصلات خارجية
- توما الأكويني على موقع Encyclopædia Britannica Online (الإنجليزية)
- توما الأكويني على موقع MusicBrainz (الإنجليزية)
- توما الأكويني على موقع NNDB people (الإنجليزية)
- (فيديو) توماس أكويناس من قناة الجزيرة الوثائقية. على يوتيوب
- حياة القديس توما في تعليم البابا بنديكتس السادس عشر
- العقل والإيمان في رأي القديّس توما الأكويني حسب تعليم البابا بنديكتس السادس عشر
- كتاب الخلاصة اللاهوتية للقديّس توما الأكويني حسب تعليم البابا بنديكتس السادس عشر
جزء من سلسلة عن |
الديمقراطية المسيحية |
---|
السياسة |
- بوابة منطق
- بوابة فلسفة
- بوابة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية
- بوابة إيطاليا
- بوابة أخلاقيات
- بوابة المرأة
- بوابة خوارق
- بوابة المسيحية
- بوابة أعلام