تحررية
التحررية (بالإنجليزية: libertarianism) أو الليبرتارية أو فلسفة الحرية ويسميها البعض مذهب مؤيدي مبادئ الحرية[بحاجة لمصدر]، هي المذهب السياسي الفلسفي الذي من أولوياته الحفاظ على الحرية الفردية، ويدعو إلى التحرر وازالة القيود المفروضة على الفرد من قبل الدولة والمجتمع كالعادات والتقاليد وتقليص حجمها قدر المستطاع. يؤمن التحرريون بأن الفرد يملك نفسه تماما وبالتالي فإن لديه الحرية في التصرف فيها وفي ممتلكاته وفي عقائده كما يشاء شرط ألا يكون هذه في التصرفات تعد على حريات الآخرين وممتلكاتهم. وفقا لموقع منبر الحرية، المدعوم من قبل مؤسسة أطلس للأبحاث الاقتصادية فإن الليبرتاريين «يعارضون معظم أو كلّ الممارسات الحكومية، حتّى ولو كانت مؤيَّدة بأغلبية ديمقراطية. كما ويعتقدون أنه إذا كان الأفراد لا يمارسون الإكراه ضد الآخرين، فإنه يتعيّن على الحكومة أن تتركهم في طمأنينة وسلامة» كما يعارض التحرريون «تدخّل الحكومة في الاقتصاد (عدا عن منع المؤسسات التجارية أو الصناعية من الاشتراك في الإكراه أو الاحتيال)» وبعضهم يعارض «كافة أنواع الضرائب» إلا أن معظمهم «يؤيدون فقط ما يكفي من الضرائب التي يعتقدون بأنها ضرورية لحماية حريّة الفرد. إن معظمهم يؤيدون وجود حكومة، إلا أنهم يدعون إلى تخفيض حجم ونطاق الحكومة إلى المهام الأساسية لحماية الحريّة الفردية، والملكية الخاصة، والسوق الحرّة.»[1]
جزء من السلسلة الاقتصادية عن |
الرأسمالية |
---|
|
جزء من سلسلة مقالات حول |
قائمة أشكال الحكومة |
---|
بوابة السياسة |
يختلف التحرريون في تعريف الحرية ومقدار درجة الحرية الممنوحة للشخص، ودور الحكومة في المجتمع (بعضهم لاسلطويين ضد مبدأ وجود حكومة من الأساس).
أصل الكلمة
وُثّق أول استخدام للمصطلح «ليبرتاري» عام 1789، عندما كتب وليام بلشام عن التحررية في سياق الماورائيات.[2]
يندرج معنى مصطلح «ليبرتاري» تحت المؤيّد أو المدافع عن الحرية، بشكل خاص في الميادين السياسية والاجتماعية، وفي وقت مبكّر من 1796، عندما نشرت صحيفة «لندن باكيت» في 12 شباط/ فبراير: «خرجت السجنَ مؤخرًا مسيرة في بريستول تضم 450 فرنسيًّا ليبرتاريًّا»[3]
استخدمت الكلمة فيما بعد في سياق سياسي عام 1802 في قطعة قصيرة تنتقد قصيدة لمؤلّف قصيدة جيبير، فاستخدمت بهذا المعنى منذ ذلك الحين.[4][5][6]
يعود أصل استخدام كلمة ليبرتاري في وصف منحى جديد من المواقع السياسية إلى جذرٍ فرنسي، مصطلح «ليبرتير (libertaire)»، الذي صيغ في رسالة كتبها الليبرتاري الشيوعي الفرنسي جوزيف ديجاك إلى المتنافع بيير جوزيف برودون عام 1857.[7][8][9] كما استخدم ديجاك هذا المصطلح في منشوره اللاسلطوي أو الأناركي «لو ليبرتير: جورنال دو موفمان سوسيال» (الليبرتاري: دورية في الحركة الاجتماعية) الذي استمر إصداره من 9 يونيو/ حزيران لعام 1858، وحتّى 4 فبراير/ شباط 1861 في نيويورك.[10][11]
التاريخ
عصر التنوير
يمكن تعقّب عناصر التحررية بالعودة إلى الفيلسوف الصيني القديم لاوتزه ومفاهيم القانون العليا عند اليونانيين وبني إسرائيل.[12][13] بدأت الأفكار التحررية في إنكلترا القرن السابع عشر، تأخذ صيغة معاصرة من خلال كتابات الحركة المساواتية (Levellers) وكتابات جون لوك. بدأ يطلق على معارضي القوة الحاكمة في منتصف هذا القرن بالكتّاب «الأحرار البريطانيين»، أو بلغة أخرى أكثر بساطة «المعارضة» أو «الشعب» (عكس كلمة البلاط).[14]
خلال القرن الثامن عشر، ازدهرت الأفكار الليبرالية الكلاسيكية في أوروبا وشمال أمريكا.[15][16] تأثّر التحرريون من مختلف المدارس أو المناهج بأفكار التحررية الكلاسيكية.[17]
يشترك التحرريون الاشتراكيّون من وجهة نظر الفيلسوف الليبرتاري رودريك ت. لونغ، مع الليبرتارين الرأسماليين بسلف أو خلفية فكرية مشتركة أو على الأقل متقاطعة، إذ أنّ كلاهما يدّعي نصرة الحركة المساواتية للقرن السابع عشر بالإضافة إلى نصرة الأنسيكلوبيديين الفرنسيين في القرن الثامن عشر وسط أسلافهم الإيديولوجيين، كما يشتركون في إعجابهم بكلٍّ من توماس جيفرسون[18] وتوماس بين.[19]
أثّر جون لوك بشكل عظيم في كلٍّ من التحررية والعالم الحديث بكتاباته التي نُشرت قبل وقوع الثورة المجيدة الإنكليزية عام 1688 وبعدها، بشكل خاص كتابه «رسالة في التسامح» الذي نشر عام 1667 بالإضافة إلى كلٍّ من «رسالتان في الحكم» عام 1689 و«مبحث في الفهم الإنساني» عام 1690. أكّد لوك في نصّه عام 1689 على أسس النظرية الليبرالية السياسية: أنّ حقوق البشر وُجدت قبل الحكومة، وأن هدف الحكومة يكمن في حماية الحقوق الشخصية والملكية، وبإمكان المواطنين إحلال الحكومات التي لا تحقّق تي الأهداف، كما أنّ الحكومة الموكّلة هي الهيئة المثلى لحماية الحقوق.[20]
نهوض الأناركية أو اللاسلطوية
انبثقت اللاسلطوية الحديثة من الفكرة العلمانية أو الدينية للتنوير، بشكل خاص حجج جان جاك روسو في مركزية الأخلاقية للحرية.[21][22] وكجزء من الاضطراب السياسي في تسعينات القرن الثامن عشر مع نهضة الثورة الفرنسية، طوّر ويليام غودوين التعبير أو المصطلح الأول للفكر اللاسلطوي المعاصر.[23]
بحسب بيوتر كروبوتكين، كان غودوين «أوّل من صاغ المفاهيم السياسية والاقتصادية للاسلطوية، بالرغم من أنّه لم يسمّي الأفكار التي طوّرها في عمله»، [113] بينما ربط غودوين أفكاره اللاسلطوية بأفكار إدموند بيرك.[24]
يعتبر غودوين عمومًا مؤسس مدرسة الفكر المعروف فلسفيًّا باسم الأناركية أو اللاسلطوية. ناقش في كتابه «العدالة السياسية» عام 1793[22][25] أن للحكومة تأثير حاقد متأصّل تجاه المجتمع الذي تدوم استقلاليته وتجاهله. إذ اعتقد أن انتشار استخدام المنطق والعقل إلى أقصى حدوده قد يؤدي في نهاية المطاف لاستحالة الحكومة إلى قوة لا داعي لها. على الرغم من أنّه لم يمنح الدولة شرعية أخلاقية، فلم يوافق على استخدام تكتيكات ثورية لإقالة الحكومة من السلطة. عوضًا عن ذلك، دعا غودوين إلى استبدالها من خلال عملية تحوّل سلميّة.[26]
الاشتراكية التحررية
الاشتراكية التحررية أو الشيوعية اللاسلطوية أو التحررية الماركسية جميعها عبارات طبّقها ناشطون بمنظورات متنوعة على رؤاهم.[27][28] كان الفيلسوف الأناركي الشيوعي جوزيف ديجاك الأول في وصف نفسه بالليبرتاري.[29] على خلاف الفيلسوف الأناركي المتبادل بيير جوزيف برودون، جادل ديجاك أنّ «الأمر لا يكمن في أحقية ثمرة العمل الشاق الذي يقوم أو تقوم به العامل أو العاملة، وإنّما في إرضاء احتياجاتهم، مهما كانت طبيعتها».
كان أوّل استخدام لمصطلح الاشتراكية التحررية وفقًا للمؤرّخ اللاسلطوي أو الأناركي ماكس نيتلو، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1880، عندما استُخدم في مؤتمر لاسلطوي فرنسي لتوضيح تعاليمه بشكل أكبر.[30] وفي عام 1895، استأنف الصحفي اللاسلطوي الفرنسي سيباستيان فور بإصدار الصحيفة الأسبوعية «لو ليبرتير» (التي أسّسها ديجاك).[31]
المراجع
- ديفيد بوز، مفاهيم التحررية وروادها : التشكيك في السلطة، ترجمة صلاح عبد الحق، الجزء الاول، الطبعة الأولى (لبنان: رياض الريس للكتب والنشر، 2008)،ص ص 15- 61
- William Belsham (1789)، Essays، C. Dilly، ص. 11، مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020Original from the University of Michigan, digitized May 21, 2007
{{استشهاد بكتاب}}
: صيانة CS1: postscript (link) - OED November 2010 edition
- The British Critic. p. 432. "The author's Latin verses, which are rather more intelligible than his English, mark him for a furious Libertarian (if we may coin such a term) and a zealous admirer of France, and her liberty, under Bonaparte; such liberty!" نسخة محفوظة 23 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Seeley, John Robert (1878). Life and Times of Stein: Or Germany and Prussia in the Napoleonic Age. Cambridge: Cambridge University Press. 3: 355.
- فريدرك وليم ميتلاند (July 1901). "William Stubbs, Bishop of Oxford". English Historical Review. 16[.3]: 419.
- Joseph Déjacque, "De l'être-humain mâle et femelle–Lettre à P.J. Proudhon" (1857). نسخة محفوظة 19 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Marshall (2009). p. 641. "The word 'libertarian' has long been associated with anarchism, and has been used repeatedly throughout this work. The term originally denoted a person who upheld the doctrine of the freedom of the will; in this sense, Godwin was not a 'libertarian', but a 'necessitarian'. It came however to be applied to anyone who approved of liberty in general. In anarchist circles, it was first used by Joseph Déjacque as the title of his anarchist journal Le Libertaire, Journal du Mouvement Social published in New York in 1858. At the end of the last century, the anarchist Sebastien Faure took up the word, to stress the difference between anarchists and authoritarian socialists."
- Robert Graham, المحرر (2005)، Anarchism: A Documentary History of Libertarian Ideas، Montreal: Black Rose Books، ج. Volume One: From Anarchy to Anarchism (300 CE–1939)، §17.
{{استشهاد بكتاب}}
:|المجلد=
has extra text (مساعدة) - "He called himself a "social poet," and published two volumes of heavily didactic verse—Lazaréennes and Les Pyrénées Nivelées. In New York, from 1858 to 1861, he edited an anarchist paper entitled Le Libertaire, Journal du Mouvement Social, in whose pages he printed as a serial his vision of the anarchist Utopia, entitled L'Humanisphére." جورج وودكوك. Anarchism: a history of libertarian ideas and movements. Meridian books. 1962. p. 280.
- Mouton, Jean Claude، "Le Libertaire, Journal du mouvement social"، مؤرشف من الأصل في 18 أكتوبر 2017.
- Kropotkin, Peter، "Anarchism" from the Encyclopædia Britannica، مؤرشف من الأصل في 06 يناير 2012،
In a society developed on these lines, the voluntary associations which already now begin to cover all the fields of human activity would take a still greater extension so as to substitute themselves for the state in all its functions
- David Boaz, Preface for the Japanese Edition of Libertarianism: A Primer. Reprinted at معهد كاتو. 21 November 1998. نسخة محفوظة 21 سبتمبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- Libertarianism.org. "A Note on Labels: Why 'Libertarian'?", معهد كاتو, accessed July 4, 2013. نسخة محفوظة 16 July 2012 على موقع واي باك مشين.
- Adrina Michelle Garbooshian, The Concept of Human Dignity in the French and American Enlightenments: Religion, Virtue, Liberty, ProQuest, 2006, p. 472, (ردمك 0542851601), (ردمك 9780542851605); quote: "Influenced by Locke and Smith, certain segments of society affirmed classical liberalism, with a libertarian bent." [وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 15 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- Paul A. Cantor, The Invisible Hand in Popular Culture: Liberty Vs. Authority in American Film and TV, University Press of Kentucky, 2012, p. xiii, (ردمك 081314082X), (ردمك 9780813140827); quote: "[T]he roots of libertarianism lie in...the classical liberal tradition." نسخة محفوظة 9 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Carlos Peregrin Otero, editor, Noam Chomsky: critical assessments, Volumes 2–3, Taylor & Francis US, 1994, p. 617, (ردمك 0-415-10694-X), (ردمك 9780415106948). نسخة محفوظة 9 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- David Boaz, The Libertarian Reader: Classic and Contemporary Writings from Lao Tzu to Milton Friedman, Simon & Schuster, 2010, p. 123, (ردمك 1439118337), (ردمك 9781439118337) نسخة محفوظة 9 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Long, Roderick T (1998)، "Toward a Libertarian Theory of Class"، Social Philosophy and Policy، 15 (2): 310، doi:10.1017/s0265052500002028.
- Ellen Meiksins Wood. Mind and Politics: An Approach to the Meaning of Liberal and Socialist Individualism. دار نشر جامعة كاليفورنيا. 1972. (ردمك 0-520-02029-4). p. 7.
- Everhart, Robert B. The Public School Monopoly: A Critical Analysis of Education and the State in American Society. Pacific Institute for Public Policy Research, 1982. p. 115.
- تحررية على موسوعة ستانفورد للفلسفة
- Peter Kropotkin, "Anarchism", موسوعة بريتانيكا الحادية عشرة 1910. نسخة محفوظة 05 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
- Godwin himself attributed the first anarchist writing to Edmund Burke's A Vindication of Natural Society. "Most of the above arguments may be found much more at large in Burke's Vindication of Natural Society; a treatise in which the evils of the existing political institutions are displayed with incomparable force of reasoning and lustre of eloquence..." – footnote, Ch. 2 تحري حول العدالة السياسية by William Godwin.
- Godwin, William (1796) [1793]، تحري حول العدالة السياسية، G.G. and J. Robinson، OCLC 2340417.
- Graham, Robert (2005)، "Preface"، Anarchism: a Documentary History of Libertarian Ideas: from Anarchy to Anarchism، Montréal: Black Rose Books، ص. xi–xiv، ISBN 1-55164-250-6، مؤرشف من الأصل في 23 سبتمبر 2010، اطلع عليه بتاريخ 11 أغسطس 2010.
- Robert Graham, Anarchism: A Documentary History of Libertarian Ideas – Volume One: From Anarchy to Anarchism (300 CE to 1939), Black Rose Books, 2005
- "l'Echange", article in Le Libertaire no 6, September 21, 1858, New York. . نسخة محفوظة 19 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- "What is Communist Anarchism?" ألكسندر بيركمان, in Now and After. نسخة محفوظة 23 مايو 2012 على موقع واي باك مشين.
- Nettlau, Max (1996)، A Short History of Anarchism، Freedom Press، ص. 145، ISBN 0-900384-89-1.
- Nettlau, Max (1996)، A Short History of Anarchism، Freedom Press، ص. 162، ISBN 0-900384-89-1.
- بوابة فلسفة
- بوابة السياسة
- بوابة الاقتصاد
- بوابة ليبرالية
- بوابة رأسمالية
- بوابة لاسلطوية
- بوابة اشتراكية