ابن الفارض

ابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ «سلطان العاشقين». والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقاً إلى مصر.

ابن الفارض
ابن الفارض بريشة جبران خليل جبران

معلومات شخصية
الميلاد 22 مارس 1181(1181-03-22)
القاهرة
الوفاة 1234
القاهرة
مكان الدفن هضبة المقطم 
الديانة اهل السنة الاشاعرة، صوفية
المذهب الفقهي شافعي
الحياة العملية
المهنة شاعر[1]،  وفيلسوف[1]،  وكاتب[1] 
اللغات العربية[2] 

مولده ونشأته

ولد بمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م، ولما شب اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر. ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد. رحل إلى مكة في غير أشهر الحج، واعتزل في واد بعيد عنها. وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في الحب الإلهي، حتى عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عامًا.

عزلته

قضى ابن الفارض نحو 15 سنة من عمره في عزلة عن الناس بعد أن سافر لمكة لتأدية فريضة الحج، ثم قرر الاعتزال في وادٍ بعيد عن الناس، وكانت تلك العزلة هي المنبع الذي فاضت منه معظم أشعاره، حيث أتاحت له تأمل أحوال نفسه والغوص في الخيال البعيد وأسرار الملكوت. وبعد أن أنهى عزلته،[3] عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عاماً، فأقام بقاعة الخطابة بالجامع الأزهر، فقصده الناس بالزيارة، ومعهم بعض كبار الدولة مما أجله في أعين العامة والخاصة، يقول ابن حجر: «كان له صورة كبيرة عند الناس» ولما رأى إقبال الناس عليه واستعدادهم لتقبل أحواله وأقواله بلا ميزان، تخلى عما كان فيه من زهد وتقشف، فصار يلبس الملابس الجميلة ويعتني بهيئته، ويحب مشاهدة البحر في الأصيل، بل وكان له جوار بالبهنسا يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشبابة فيراقصهن ويتواجد[4]

عقيدته

قال الامام الذهبي واصفا عقيدته «ينعق بالاتحاد الصريح في شعره، وهذه بلية عظيمة فتدبر نظمه ولا تستعجل، ولكنك حسن الظن بالصوفية. وما ثّم إلا زي الصوفية، وإشارات مجملة، وتحت الزى والعبادة: فلسفة، وأفاعي» وعلق على قصيدته التائية في كتابه سير أعلام النبلاء قائلا: «فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد ، الذي لا حيلة في وجوده ، فما في العالم زندقة ولا ضلال»، وقال الحافظ ابن حجر، أنه سأل الشيخ الإمام سراج الدين البلقيني عنه فأجابه: لا أحب أن أتكلم فيه، وعندما أنشد عليه من التائية قطع عليه بعد إنشاد عدة أبيات بقوله: هذا كفر، هذا كفر.

أما ابن تيمية فيصف المذهب الذي هو عليه وحقيقة مقالاته الشركية، الضلالية وأن ابن الفارض من أهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود فقال: «منتهى أمرهم القول بوحدة الوجود، وأن الوجود الواجب القديم الخالق، هو الوجود الممكن المحدث المخلوق، ما ثم لا غير ولا سوى...وهؤلاء الأصناف قد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع، فإن هؤلاء يكثرون في الدول الجاهلية، وعامتهم تميل إلى التشيع، كما عليه ابن عربي، وابن سبعين وأمثالهما. فاحتاج الناس إلى كشف حقائق هؤلاء، وبيان أمورهم على الوجه الذي يعرف به الحق من الباطل. فإن هؤلاء يدعون في أنفسهم أنهم أفضل أهل الأرض، وأن الناس لا يفهمون حقيقة إشاراتهم، فلما يسر الله أني بينت لهم حقائقهم، وكتبت في ذلك من المصنفات ما علموا به أن هذا هو تحقيق قولهم، وتبين لهم بطلانه بالعقل الصريح ، والنقل الصحيح ، والكشف المطابق؛ رجع عن ذلك من علمائهم وفضلائهم من رجع، وأخذ هؤلاء يثبتون للناس تناقضهم، ويردونهم إلى الحق»[5]

ويقول الشيخ عبد الرحمن الوكيل في شرح مقطع من التائية يقرر ابن الفارض فيها بلوغه مرتبة الكمال الصوفي الذي يستولون عليه بالقدرة على ملاحظة الفرق والجمع في وقت واحد: «فابن الفارض يزعم هنا أنه منذ القدم كان الله، ثم تلبس بصورة النفس، فأرسل بصفته وجوداً متجرداً رسولاً إلى نفسه بصفته وجوداً مقيداً بالتعين، فهو الرسول، والمرسل والمرسل إليه، كان كذلك حتى وهو في غاية الأزل»[4]

شعر ابن الفارض

من شعره قوله:

لم أخل من حسد عليك فلا تضعسهري بتشنيع الخيال المرجف
واسأل نجوم الليل هل زار الكرىجفني؟ وكيف يزور من لم يعرف
أعد ذكر من أهوى ولو بملامفإن أحاديث الحبيب مدامي
كأن عذولي بالوصال مبشريو إن كنت لم أطمع برد سلامي
طريح جوى صب جريح جوارحقتيل جفون بالدوام دوامي

وله أيضاً:

ولقد خلوت مع الحبيب وبينناسر أرق من النسـيم إذا سرى
وأباح طرفي نظرة أملتهافغدوت معروفا وكنت منكرا
فدهشت بين جماله وجلالهوغدا لسان الحال مني مجهرا

وله أيضاً:

قـلـبي يُـحدثُني بأنك مُـتلفيروحـي فِداك ، عرَفت أم لم تعرفِ
لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذيلـم أقـض فيه أسى ومثلي مَن يفي
مـا لي سوى روحي وباذلُ نفسهفـي حب من يهواه ليس بمسرفِ
فـلئن رضـيتَ بها فقد أسعفتنييـا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ !
يـامانعي طـيب المنام ومانحيثـوب الـسقام بـه ووَجدي المتلفِ
عـطفا على رمَقي وما أبقيتَ ليمن جسمي المضنى وقـلبي المُدنفِِ
فـالوجد بـاقٍ والوصال مماطليوالـصبر فانٍ والـلقاء مسوِّفي
لم أخلُ من حسدٍ عليكَ فلا تُضِعسهَري بتشنيع الخيالِ المُرجِفِ
واسأل نجوم الليل هل زار الكرىجَـفني وكيف يزور من لم يعرفِ
لا غـرو إن شحّت بغمضٍ جفونهاعـيني وسـحّت بالدموع الذرّفِ
وبما جرى في موقف التوديع منألـم النوى شاهدتُ هول الموقفِ
إن لم يكن وصـلٌ لديكَ فعِد بهأملي وماطل إن وعدتَ ولا تفي
فـالمطلُ منك لديَّ إن عزَّ الوفايـخلو كـوصلٍ من حبيبٍ مسعفِ

وله أيضاً:

أنتم فروضي ونفليأنتم حديثي وشغلي
يا قبلتي في صلاتيإذا وقفت أصلي
جمالكم نصب عينيإليه وجهت كلي
وسركم في ضميريوالقلب طور التجلي
آنست في الحيّ ناراليلا فبشَّرت أهلي
فقلت امكثوا فلعليأجد هداي لعلي
دنوت منها فكانتنار المكلَّم قبلي
صارت جبالي دكامن هيبة المتجلي
ولاح سرٌّ خفيّيدريه من كان مثلي
أنا الفقير المعنَّىرقوا لحالي وذلي

وله أيضاً:

شربنا على ذكرِ الحبيبِ مدامة ً سَكِرْنا بها، من قبلِ أن يُخلق الكَرمُ
لها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ يديرهاهِلالٌ، وكم يبدو إذا مُزِجَتْ نَجمُ
ولولا شذاها ما اهتديتُ لحانهاولو لا سناها ما تصوَّرها الوهمُ
ولم يُبْقِ مِنها الدَّهْرُ غيرَ حُشاشَة ٍكأنَّ خَفاها، في صُدورِ النُّهى كَتْمُ

وفاته

توفي سنة 632 هـ الموافق 1235م في مصر ودفن بجوار جبل المقطم في مسجده المشهور.

انظر أيضاً

مصادر

مراجع

  1. المحرر: Emmanuel K. Akyeampong و هنري لويس غيتس — العنوان : Dictionary of African Biography — الناشر: دار نشر جامعة أكسفورد — ISBN 978-0-19-538207-5 — العمل الكامل مُتوفِّر في: http://www.oxfordreference.com/view/10.1093/acref/9780195382075.001.0001/acref-9780195382075
  2. المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسيةhttp://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12066927n — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
  3. "قصة ابن الفارض "سلطان العاشقين" الذي صنعته العزلة"، مؤرشف من الأصل في 03 يناير 2019.
  4. "المبحث الثالث: ابن الفارض"، dorar.net، مؤرشف من الأصل في 12 أكتوبر 2017، اطلع عليه بتاريخ 15 أبريل 2022.
  5. "عقيدة ابن الفارض - الإسلام سؤال وجواب"، islamqa.info، مؤرشف من الأصل في 13 يونيو 2021، اطلع عليه بتاريخ 15 أبريل 2022.

وصلات خارجية

  • بوابة شعر
  • بوابة الأديان
  • بوابة مصر
  • بوابة فلسفة
  • بوابة الإسلام
  • بوابة أعلام
  • بوابة أدب عربي
This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.