ليبرالية كلاسيكية
الليبرالية الكلاسيكية (بالإنجليزية: Classical liberalism) هي فلسفة سياسية مُتفرِّعة عن الليبرالية تؤيد الحريات المدنية بموجب حكم القانون مع التشديد على الحرية الاقتصادية. وهي متشابهةً بصورة كبيرة مع الليبرالية الاقتصادية، ظهرت الليبرالية الكلاسيكية في مطلع القرن التاسع عشر، مبنيةً على أفكار من القرن الماضي استجابةً إلى التمدن والثورة الصناعية في كل من أوروبا والولايات المتحدة.[1][2][3] ومن الأشخاص البارزين الذين ساهموا في الليبرالية الكلاسيكية جون لوك،[3] وجان بابتست ساي، وتوماس روبرت مالتوس، وديفيد ريكاردو. واُستمِدت على الأفكار الاقتصادية الكلاسيكية التي تبَّناها آدم سميث في كتابه الأول "ثروة الأمم"، وعلى إيمانٍ بالقانون الطبيعي،[4] والمدرسة النَّفعيَّة،[3] ومبدأ التقدم.[3] وتم استخدام مصطلح الليبرالية الكلاسيكية لتمييزه عن الليبرالية الاجتماعية التي ظهرت فيما بعد.[3]
جزء من سلسلة حول |
الليبرالية |
---|
بوابة ليبرالية |
تطور المعتقدات الجوهرية
تضمنت الليبرالية الكلاسيكية معتقدات جديدة - خارجةً من كل من الفكرة المحافظة للمجتمع باعتباره عائلة ومن الفكرة القائلة أن المجتمع هو مجموعة معقَّدة من الشبكات الاجتماعية. يعتقد الليبراليون الكلاسيكيون أن الأفراد «أنانيون، ومراوغون، وجامدون ومنعزلون.»[5] وأن المجتمع ليس سوى مجموعة من الأفراد.[6]
يتفق الليبراليون الكلاسيكيون مع توماس هوبز بقوله أن الحكومة تم تكوينها من قبل الأشخاص لحماية أنفسهم من بعضهم البعض وأن الهدف من الحكومة هو تقليل الصراعات التي قد تنشأ في الحالة الطبيعية. اُستُكمِلت هذه المعتقدات باعتقاد ان العمَّال يتم تحفيزهم بأفضل طريقة باستخدام الحوافز المالية. أدى هذا المعتقد إلى تمرير تعديل قانون الفقراء لعام 1834، والذي حد من تقديم المساعدة الاجتماعية، بالاعتماد على فكرة ان الأسواق هي المكانيكية الأكثر فعالية لتحقيق الثراء. متبنين النظرية السكانية لتوماس روبرت مالتوس، نظروا إلى الحالة الاقتصادية الحضارية على أنها أمر لا مفر منه، واعتقدوا ان النمو السكاني سيتجاوز إنتاج الطعام واعتبروا هذه العاقبة مرغوب بها لأن المجاعات من الممكن ان تحد من نمو السكان. وعارضوا اأي إعادة توزيع للدخول والثروات، واعتقدوا ان هذا سيؤدي إلى تبددها من قبل الطبقات السفلى.[7]
بالاعتماد على أفكار آدم سميث، يعتقد الليبراليون الكلاسيكيون أن من الفائدة المشتركة أن يقوم كل شخص بتأمين منفعة اقتصادية شخصية. وكانوا منتقدين لما سيحدث لفكرة الرفاهية بتداخلها مع السوق الحر.[8] وعلى الرغم من تقدير آدم لأهمية وقيمة العمل والعمَّال، إلَّا أنهُ انتقد متابعة حقوق العمَّال الجماعية على حساب الحقوق الفردية[9] مع قبول حقوق الشركات، والذي أدى إلى عدم مساواة في القوى المساومة.[10][11]
يقول الليبراليون الكلاسيكيون أنه يجب على الأفراد أن يشعروا بحرية في اختيارهم صاحب العمل ذو العرض الأفضل في حين أن الدافع المنفعي سيضمن أن المنتجات التي يريدها الناس يتم انتاجها بأسعار من الممكن دفعها. في السوق الحر، قد يحصل كل من العمَّال ورؤوس الأموال على أفضل فائدة ممكنة في الوقت الذي يتم فيه تنظيم الإنتاج ليلبي مع احتياجات المستهلك.[12]
ناقش الليبراليون الكلاسيكيون ما أسموه «الدولة الدنيا»، وهي محددة بالوظائف التالية:
- حكومة تحمي الحقوق الفردية وتوفر خدمات لا يستطيع السوق الحر توفيرها.
- دفاع وطني مشترك لتوفير حماية من الغزاة.[13]
- قانون يوفر الحماية للمواطنين من الاعتداءات المرتكبة من المواطنين الآخرين، والذي يتضمن حماية للملكية العامة، تطبيق الإتفاقيات والقانون العام.
- بناء وإدامة المؤسسات العامة.
- أعمال عامة تتضمن عملة مستقرة، قياسات وأوزان أساسية وصيانة للطرق، القنوات، الموانئ وسكك الحديد وخدمات التواصل والبريد.
أكدوا ان الحقوق ذات طبيعة سلبية، وتتطلب من الأشخاص الآخرين (والحكومات) الامتناع عن التدخل في السوق الحر، وهم بهذا فإنهم يعارضون الليبراليون الاجتماعيون الذين يؤكدون ان الأشخاص لديهم حقوق إيجابية، مثل الحق في التصويت، والحق في التعليم، والحق في الرعاية الصحية والحق في أجر المعيشة. وهكذا وبغية حصول المجتمع على هذه الحقوق الإيجابية، فإن هذا سيتطلب رفع وزيادة الضرائب من الحد الأدنى المُتطلب لتطبيق الحقوق السلبية.[14]
لا تتضمن المعتقدات الجوهرية لليبرالية الكلاسيكية الديموقراطية أو حكومة بتصويت الأغلبية من المواطنين لانه «لا يوجد هنالك شيء في الفكرة العارية لحكم الأغلبية يُظهِر أن الأغلبية سيحترمون الحق في الملكية أو يحافظون على حكم القانون دائمًا.»[15] على سبيل المثال، تناقش جيمس ماديسون حول دستور جمهوري يحمي الليبرالية الفردية فوق الديموقراطية التامة، قائلًا أن «المصلحة العامة ستكون، في تقريبًا كل الحالات، محسوسه من قبل الأغلبية، وليس هنالك أي شيء للتحقق من دوافع التضحية بالطرف الأضعف.»[16]
في نهاية القرن التاسع عشر، تطورت الليبرالية الكلاسيكية إلى الليبرالية الكلاسيكية الجديدة، والتي قالت أن الحكومة يجب ان تكون صغيرة قدر الإمكان لتسمح بممارسة الحرية الفردية. في الحالة الأكثر تطرفًا، أيدت الليبرالية الكلاسيكية الجديدة الداروينية الاجتماعية.[17] أمَّا الليبرتارية اليمينية فهي شكل جديد من أشكال الليبرالية النيوكلاسيكية.[17]
تصنيف المعتقدات لفريدريش هايك
صنَّف عالم الاقتصاد والفيلسوف فريدريش هايك الليبرالية الكلاسيكية إلى تقليدين مختلفيّن مُمَيّزيّن: وهما «التقليد البريطاني» و«التقليد الفرنسي». اعتبر هايك الفلاسفة البريطانيون من أمثال برنارد ماندفيل، وديفيد هيوم، وآدم سميث، وآدم فيرغسون، وويليام بيلي، وجوسياه تاكر ممثلين لهذا التقليد الذي صاغوا فيه معتقداتهم معتمدين على الفلسفة التجريبية، والقانون العام، وعلى التقاليد والمؤسسات التي تطورت بصورة ذاتية ولكنها لم تُفهَم فهماً جيداً. ومن ضمن فلاسفة «التقليد الفرنسي» فهنالك جان جاك روسو، والمركيز دو كوندروسيه، والموسوعيين، والفيزيوقراطيين. آمن هذا التقليد بالعقلانية وأظهر في بعض الأحيان عدائية للتقاليد والدين. إقتنع هايك ان العلامات الوطنية لا تتوافق مع هذه المرتبطة بكل تقليد: نظر هايك إلى الفرنسيون مونتسيكيو، بينجامين كونستانت وألكسيس دو توكفيل على أنهم ينتمون إلى «التقليد البريطاني»، والبريطانيون توماس هوبس، جوزيف بريستلي، ريتشارد برايس وتوماس باين على انهم ينتمون إلى «التقليد الفرنسي». رفض هايك كذلك مصطلح الحرية الاقتصادية على اعتبار انه قد نشأ من التقاليد الفرنسية[18] ودخيل على معتقدات هوم وسميث.
تعرف جويدو دي روجيرو على الفروقات الموجودة بين «مونتسيكيو وروسو، بين الليبرالية الديموقراطية والبريطانية»،"[19] وقال ان هنالك تباين كبير بين الأنظمة الليبرالية [20]هذه. ادعى ان روح «الليبرالية الإنجليزية الأصيلة» قد «بنت نفسها قطعة بعد قطعة من دون تدمير ما تم بناءه سابقًا، بل مستندةً عليها بعد كل انحراف.» كيفت هذه الليبرالية «المؤسسات القديمة مع الاحتياجات الحديثة» و«انتشرت بشكل غريزي من كل التصريحات المجردة للمبادئ والحقوق.» ادعى روجيرو ان هذه الليبرالية تعرضت لتحدي من مما اسماه «الليبرالية الفرنسية الجديدة»[21] التي تميزت بالمساواة و«الوعي العقلاني».[20]
ميز فرانسيس ليبر بين ما اسماه «الليبرالية الانجليكانية والغاليكانية». أكد ليبر ان «الاستقلال في أعلى درجاته، بما يتوافق مع السلامة والضمانات الوطنية للحرية هي الهدف العظيم لليبرالية الانجليكانية، والاعتماد على الذات هو المصدر الرئيسي التي تستمد منها قوتها.»[22] من ناحية أخرى، يتم طلب الليبرالية الغاليكانية من الحكومة... يبحث الفرنسيون عن أعلى درجة من الحضارة السياسية في التنظيم، أي عن أعلى درجة من التدخل من قبل السلطة العامة.[23]
التاريخ
بريطانيا العظمى
تطورت الليبرالية الكلاسيكية في بريطانيا من الويجرية والراديكالية، وتأثرت كذلك بصورة كبيرة بالفيزوقراطية الفرنسية ومثلت فسلفة سياسية جديدة. أصبحت الويجرية الفسلفة المسيطرة بعد الثورة المجيدة عام 1688 وكانت مرتبطة بالدفاع عن البرلمان البريطاني، داعمةً لحكم القانون ومدافعةً عن الملكية العقارية. تم النظر إلى منشأ الحقوق على انها دستور قديم، وانها قد ظهرت منذ وقت قديم. هذه الحقوق، التي إعتبرها الويجيون متضمنةً حرية الصحافة والكلام، سوغتها القوانين العرفية بدلًا من القوانين الطبيعية. وآمنوا بان القوى المتنفذة يجب تقييدها. ودعموا الاقتراع المحدود، حيث انهم نظروا إلى التصويت على انه امتياز وليس حقًا. على كل حال، لم يكن هنالك تناسق في الفلسفة الويجرية وهنالك العديد من الكتاب مثل جون لوك، ديفيد هوم، آدم سميث وإدموند بروك كانوا ذو تأثير ضمن الويجريون، الا انهم لم يتم تقبلهم عالميًا.[24]
من 1790 وحتى 1820 ركز الراديكاليون البريطانيون على الإصلاح البرلماني والانتخابي، مشددين على الحقوق الطبيعية والسيادة الشعبية. تبنى ريتشارد برايس وجوزيف بريستلي لغة لوك في الفلسفة الراديكالية. نظر الراديكاليون[24] إلى الإصلاح البرلماني على انه الخطوة الأولى للتعامل مع شكواهم العديدة، والتي تتضمن التعامل مع البروتستانيون المنشقون، تجارة العبيد، الأسعار العالية والضرائب المرتفعة.[25]
كان هنالك إتفاق أكبر بين الراديكالية والفلسفة الليبرالية الكلاسيكية مما كان هنالك مع الويجرية. كان الليبراليون الكلاسيكيون ملتزمون بالفردية، الحرية وتساوي الحقوق. وآمنوا بان هذا يحتاج إلى اقتصاد حر مع أقل حد من تدخل الحكومة. عارض كتاب مثل جون برايت وريتشارد كوبدن امتيازات وممتلكات الارستوقراطيون، ونظروا اليها على انها عقبة لنمو الفلاحين من مالكي الأراضي الصغيرة. عارضت بعض عناصر الويجرية التفكير الجديد هذا ولم يكونوا مرتاحين للطبيعة التجارية للليبرالية الكلاسيكية. أصبحت هذه العناصر مرتبطة بالمحافظين.[26]
كانت الليبرالية الكلاسيكية هي النظرية السياسية المهيمنة في بريطانيا منذ بدايات القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى. ومن انتصاراتها الملحوظة هي قانون التحرر الكاثوليكي لعام 1829، قانون إصلاح 1832 وإلغاء قوانين الحبوب عام 1846. جمع الاتحاد المضاد لقانون الحبوب ائتلافا مكون من الليبراليون والراديكاليون في دعمهم للتجارة الحرة تحت قيادة ريتشارد كوبدن وجون برايت، الذي عارض سيطرة الطبقة العسكرية والإنفاق العام. تبنى ويليام إيوارت غلادستون سياساتهم المتمثلة بتقليل الإنفاق العام وخفض الضرائب عندما أصبح مستشارًا في خزانة الدولة ورئيس وزراء لاحقًا. غالبًا ما ارتبطت الليبرالية الكلاسيكية بالمعارضة الدينية وعدم الالتزام.[27]
على الرغم من ان الليبراليون الكلاسيكيون قد طمحوا إلى أقل مقدار من الفعالية من قبل الدولة، الا انهم قبلوا بمبدأ تدخل الحكومة في الاقتصاد منذ بداية القرن التاسع عشر مع تمرير قوانين المصانع. من 1840 وحتى 1860 كان مؤيدوا الحرية الاقتصادية في جامعة مانشيتر وكاتبون في مجلة ده ايكونومست متأكدين من ان نجاحهم المبكر من الممكن ان يؤدي إلى حقبة من التوسع الاقتصادي والحرية الشخصية والسلام العالمي، ولكنهم واجهوا تقلبات متمثلة بإستمرار وزيادة تدخل الحكومة في خمسينات القرن التاسع عشر. آمن جيرمي بنثام وجيمس ميل، اللذان أيدا الحرية الاقتصادية، عدم التدخل في الشؤون الخارجية والحرية الفردية وانه من الممكن إعادة تصميم المؤسسات الاجتماعية بصورة منطقية من خلال مبادئ مذهب المنفعة. رفض رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بينجامين دزرائيلي الليبرالية الكلاسيكية رفضًا قاطعًا وأيد ديموقراطية المحافظين. وبحلول 1870، استنتج هربرت سبنسر وليبراليون كلاسيكيون آخرون ان التطور التاريخي كان يتحول ضدهم.[28] وبحلول الحرب العالمية الأولى، كان الحزب الليبرالي قد تخلى عن مبادئ الليبرالية الكلاسيكية.[29]
أدت التغيرات في الحالة الاقتصادية والاجتماعية في القرن التاسع عشر إلى حدوث انقسام بين الليبراليون المحافظين الجدد والليبراليون الاجتماعيون، الذين مع إتفاقهم على أهمية الحرية الفردية إختلفوا حول دور الدولة. اعتبر الليبراليون الكلاسيكيون الجدد، والذين يطلقون على أنفسهم «الليبراليون الحقيقيون»، كتاب لوك المقال الثاني أفضل دليل لهم وشددوا على «الحكومة المحدودة» في حين أيد الليبراليون الاجتماعيون تنظيم الحكومة ودولة الرفاهية. كان هربرت سبنسر في بريطانيا وويليام غراهام سمنر المنظرين الرئيسيين للليبرالية الكلاسيكية الجديدة في القرن التاسع عشر.[30] استمرت الليبرالية الكلاسيكية الجديدة في الحقبة المعاصرة، مع كتاب مثل جون رولس.[31]التطور من الليبرالية الكلاسيكية إلى الاجتماعية هو على سبيل المثال موجود في بريطانيا في تطور أفكار جون مينارد كينز.[32]
الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، كان لليبرالية جذور قوية، لانها لم تواجه سوى معارضة قليلة لأفكارها، حيث انها واجهت في أوروبا العديد من القوى الرجعية مثل طبقة النبلاء، الأرستوقراطية، الطبقة العليا، الكنيسة، وضباط الجيش من الطبقة الأرستوقراطية.[33]
تبنى توماس جيفرسون العديد من الأفكار الليبرالية، ولكن خلال إعلان الاستقلال تغير من متبنيي أفكار لوك في «الحياة، الحرية والممتلكات» إلى ليبرالي اجتماعي في «الحياة، الحرية وملاحقة السعادة.» . ومع نمو أمريكا، أصبحت الصناعة جزء كبير من الحياة الأمريكية؛ وخلال فترة حكم الرئيس الشعبي الأول، اندرو جاكسون، ظهرت أسئلة اقتصادية في الطليعة. كانت الأفكار الاقتصادية في حقبة جاكسون مشابهة بصورة كبيرة للليبرالية الكلاسيكية.. وصلت الحرية إلى أعلى حد عندما رفعت الحكومة يدها عن الاقتصاد.[34]
تقول المؤرخة كاثلين ج. دونوهيو:
كانت فكرة الحرية الاقتصادية في مركز فلسفة الليبرالية الكلاسيكية [في أوروبا]. بالنسبة للغالبية العظمى من الليبراليون الكلاسيكيون الأمريكيون، لم يعني مصطلح الحرية الاقتصادية عدم تدخل الحكومة بصورة تامة. وعلى العكس، كانوا أكثر من مستعدين لينظروا إلى حكومة توفر الرسوم الجمركية، تدعم سكك الحديد والإصلاحات الداخلية، حيث ان كل هذا نفع المنتجون. ما أدانوه هو التدخل بالنيابة عن المستهلكون.[35]
تبنت مجلة ذا نيشن الليبرالية كل اسبوع بدءًا من 1865 من قبل المحرر المؤثر إدوين لورنس غودكن.
بقيت أفكار الليبرالية الكلاسيكية هي الأفكار السائدة من دون أي منازع إلى ان حدثت سلسلة من الانتكاسات الاقتصادية، على الرغم من انهم إعتقدوا انها كانت مستحيلة طبقًا لمبادئ الاقتصاد التقليدية، مؤديةً إلى ضائقة اقتصادية مما أدى إلى طلب المصوتين لإعانات. قال وليام جيننغز بريان: «سوف لن تقوموا بصلب المزارع الأمريكي على صليب من ذهب.» ظلت الليبرالية الكلاسيكية هي المعتقد الأرثوذكسي السائد بين رجال الأعمال الأمريكيون حتى الكساد الكبير.[36]
أدى الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين إلى تغيير جذري في الليبرالية، مع انتقال الأولوية من المصنعون إلى المستهلكون. مَثّل البرنامج الإصلاحي لفرانكلن روزفيلت New Deal هيمنة الليبرالية الحديثة في السياسة لعقود. يقول ارثر شلسنجر الابن:[37]
عندما تطلّب التعقيد النامي للحالة الصناعية ازدياد تدخل الحكومة من أجل ضمان المزيد من الفرص المتساوية، تغيرت نظرة التقليد الليبرالي إلى الدولة، وأصبح إخلاصهم للأهداف بدلًا من العقيدة. [...] وهنالك بزغت دولة الرفاه الاجتماعي، حيث كان على الحكومة الوطنية التزام صريح للحفاظ على مستويات عالية من العمالة في الاقتصاد، والإشراف على معايير الحياة والعمل، وتنظيم أساليب المنافسة في العمل، ووضع أنماط شاملة من الضمان الاجتماعي.
يلخص آلان وولف وجهة نظر مفادها ان هنالك تفاهمًا ليبراليًا يشمل كل من آدم سميث وجون مينارد كينز:[38]
فكرة ان الليبرالية تأتي بشكلين تفترض ان أكثر الأسئلة الجوهرية التي تواجه الجنس البشري هي مقدار تدخل الحكومة بالاقتصاد... عندما نناقش الغرض البشري ومعنى الحياة، فان آدم سميث وجون مينارد كينز على نفس الجانب. يمتلك كلاهما إحساسًا توسعيًا لما وُجِدنا على هذه الأرض لننجزه. [...] بالنسبة لسميث، كان المذهب التجاري عدو الحرية الإنسانية. اما بالنسبة لكينز، كان العدو هو الاحتكارات. من المنطقي ان يستنتج مفكري القرن الثامن عشر ان البشرية ستزدهر تحت تأثير السوق. اما بالنسبة لمفكر قرن العشرين، كانت الحكومة هي أداة أساسية لتحقيق نفس الغاية.
الرأي القائل ان الليبرالية الحديثة هي امتداد لليبرالية الكلاسيكية ليس رأيًا مشترك.[39] يقول جيمس كورث، روبرت ي. ليرنر، جون مكلثويت، ادريان وولدرج والعديد من السياسيون العلمانيون ان الليبرالية الكلاسيكية لا تزال موجودة اليوم، ولكن على شكل المحافظة الأمريكية.[40] طبقًا لديباك لال فان الليبرالية الكلاسيكية -من خلال الحافظين الأمريكيين - لا تزال قوة سياسية مهمة.[41]
المصادر الفكرية
جون لوك
كان تفسيرهم لكتاب المقالة الثانية عن الحكومة ورسالة في التسامح لجون لوك أمر جوهري في الليبرالية الكلاسيكية، والتي كُتِبَ دفاعًا عن الثورة المجيدة عام 1688.[42] على الرغم من ان هذه الكتابات اعُتُبِرَت راديكالية بالنسبة لحكام بريطانيا الجدد، الا انها تمت الإشارة اليها من قبل الويجيون، الراديكاليون ومؤيدوا الثورة الأمريكية. على كل حال، كانت العديد من الأفكار الليبرالية اللاحقة غائبة في كتابات لوك أو انها ذكرت بصورة نادرة وكانت كتاباته محل للعديد من التأويل. على سبيل المثال، هنالك ذكر محدود للسلطة الدستورية، فصل القوى، والحكومات المحدودة.[43]
تعرف جيمس ل. ريجاردسون على المواضيع الخمسة الرئيسية في كتابات لوك: الفردية، القبول، الأفكار المتعلقة بحكم القانون والحكومة على انهم أوصياء، أهمية الملكية والتسامح الديني. على الرغم من ان لوك لم يطور نظرية القوانين الطبيعية، الا انه تصور ان الأفراد في الحالة الطبيعية أحرارٌ ومتساوون. كان الأفراد، بدلًا من المجتمع أو المؤسسات، هم النقطة المرجعية. آمن لوك بان الأفراد هم الذين أعطوا الموافقة للحكومات ولذ فان السلطة تأتي من الناس بدلًا من أي قوة عليا. أثر هذا المعتقد لاحقًا على الحركات الثورية.[44]
باعتبارهم أوصياء، كان من المتوقع ان تخدم الحكومة مصالح الناس، بدلًا من الحكام؛ وكان من المتوقع ان يتبع الحكام القوانين التي أصدرتها المجالس التشريعية. وقال لوك كذلك ان الغرض الرئيسي من اتحاد الناس في جمهوريات وحكومات هو للحفاظ على ملكيتهم. على الرغم من الالتباس حول تعريف لوك للملكية، والذي أحدَّ من الملكية إلى «مقدار الأرض التي تُستَغَل، تُزرَع، تُحَسَن، تُحرَث، ومن الممكن استخدام إنتاجها»، كانت هذه الفكرة مغرية للأشخاص من أصحاب الثروات الكبيرة.[45]
وأشار لوك إلى ان للأفراد الحق في اعتناق أي معتقدات دينية ولا ينبغي على الدولة فرض الدين على المنشقين، ولكن كان هنالك تقييد. لا يجب إظهار تسامح نحو المنشقين، الذين نظروا اليهم على انهم فاقدون للحس الأخلاقي، أو نحو الكاثوليكيون، الذين كانوا يملكون ولاءًا للبابا فوق حكومتهم الوطنية.[46]
آدم سميث
وفر كتاب ثروة الأمم لآدم سميث معظم الأفكار الاقتصادية، على الأقل إلى ان نُشِر كتاب مبادئ الاقتصاد السياسي لجون ستورات ميل عام 1848.[47] تناول سميث تحفيز النشاط الاقتصادي، أسباب الأسعار وتوزيع الثروات والسياسات التي يجب على الدولة إتباعها لتحقيق أعلى قدر من الثروات.[48]
كتب سميث انه لطالما كان العرض، الطلب، الأسعار والمنافسة حرة من قواعد الحكومة، فان ملاحقة المنفعة الذايتة المادية، بدلًا من الإيثار، ستؤدي إلى زيادة ثروات المجتمع[49] من خلال الإنتاج المدفوع بالربح للبضائع والخدمات. تدفع «اليد الخفية» الأشخاص والشركات للعمل من أجل المصلحة العامة كعاقبة غير مقصودة للجهود من أجل زيادة منفعتهم الشخصية. يوفر هذا الأمر المبرر الأخلاقي لتراكم الثروات، والتي نُظِرَ اليها سابقًا على انها ذنب.[48]
وافترض انه من الممكن دفع أقل مقدار من الاجور الضرورية لنجاة العمال، والذي تحول لاحقًا من قبل ديفيد ريكاردو وتوماس روبرت مالتوس إلى «القانون الحديدي للإجور».[50] تشديده الأساسي كان هو مصلحة التجارة الداخلية والخارجية، والتي اعتقد انها من الممكن ان تزيد الثروات من خلال التخصص في الإنتاج.[51] وعارض كذلك خيارات التجارية التقييدية، مِنَح الحكومة للاحتكارات ومنظمات العمال وإتحادات التجارة.[52] يجب ان يقتصر دور الحكومة على الدفاع، الأعمال العامة وتطبيق القانون، ممولةٌ من الضرائب المبنية على مقدار الدخل.[53]
تم تطبيق النظريات الاقتصادية لسميث في القرن التاسع عشر مع خفض الرسوم الجمركية في عشرينات القرن التاسع عشر وإلغاء قانون إعفاء الفقراء الذي قيد إمكانية تنقل العمال عام 1834 ونهاية حكم شركة الهند الشرقية على الهند عام 1858.[54]
الاقتصاد الكلاسيكي
بالإضافة إلى ارث سميث، أصبح كل من قانون ساي، النظريات السكانية لتوماس روبرت مالتوس والقانون الحديدي للاجور لديفيد ريكاردو المذاهب الرئيسية في الاقتصاد الكلاسيكي. وفرت الطبيعة المتشائمة لهذه النظريات أساسًا لنقد الرأسمالية من قبل أعداءها وساعدت في تخليد التقليد المتمثل بتسمية علم الاقتصاد «العلم الكئيب».[55]
كان جان بابتست ساي عالم اقتصاد فرنسي وأدخل النظريات الاقتصادية لسميث إلى فرنسا وقُرِءت تفاسيره لنظريات سميث في كل من فرنسا وبريطانيا.[54] تحدى ساي نظرية الأهمية العمالية لسميث، معتقدًا ان الأسعار يتم تحديدها على أساس المنفعة وشدد على الدور النقدي للرائدين في علم الاقتصاد. على كل حال، لم يتم تقبل أي من هذه الملاحظات من قبل علماء الاقتصاد البريطانيون في ذلك الوقت. مساهمته الأكثر أهمية للفكر الاقتصادي كان قانون ساي، والذي تم تفسيره من قبل الاقتصاديون الكلاسيكيون على انه سوف لن يكون هنالك أي فائض في الإنتاج في السوق وسيكون هنالك توازن دائم بين العرض والطلب.[56] أثر المعتقد العام هذا على سياسات الحكومة حتى ثلاثينات القرن العشرين. ما بعد هذا القانون، بعد ان نُظِرَ إلى الدورة الاقتصادية على انها مُصلِحة لنفسها، لم تتدخل الحكومات خلال فترات الضائقات الاقتصادية لانها كان ينظر اليها على انها من دون فائدة.[57]
كتب مالتوس كتابين، مقال عن المبادئ السكانية (نشر عام 1798) ومبادئ الاقتصاد السياسي (نشر عام 1820). دحض الكتاب الثاني نظرية ساي وكان له تأثير قليل على علماء الاقتصاد المعاصرون.[58] وكان لكتابه الأول تأثير كبير على الليبرالية الكلاسيكية. في ذلك الكتاب، ادعى مالتوس انه قد يتجاوز النمو السكاني مقدار الطعام المنتج لان عدد السكان ينمو هندسيًا في حين ان إنتاج الطعام ينمو حسابيًا. عندما يتم تزويد السكان بالطعام، سيقومون بالتكاثر إلى ان يتجاوز نموهم مخزون الطعام. توفر الطبيعة بعدها مراجعة للنمو على هيئة رذيلة وبؤس. لا تمنع أي زيادة في الدخل هذا الأمر واي رفاهية بالنسبة للفقراء هو أمر محبط للذات. في حقيقة الأمر، كان الفقراء مسؤولون عن مشاكلهم والتي كان من الممكن تجنبها من خلال ضبطهم لأنفسهم.[59]
ريكاردو، الذي كان من المعجبين بسميث، غطى العديد من المواضيع المتشابهة، ولكن في حين ان سميث حصل على نتائجه من الرصد التجريبي العام، استخدم ريكاردو الإستنتاج، حاصلًا على نتائجه من الإستنتاج من الافتراضات الاساسية.[60] في حين ان ريكاردو قبل بنظرية القيمة العمالية لسميث، الا انه اعترف بان الفائدة قد تأثر على أسعار بعض العناصر النادرة. تم اعتبار الأيجارات على الأراضي الزراعية على انها فائض القوت من المستأجرين. تم اعتبار الاجور على انها المقدار المتطلب لعيش العمال وللحفاظ على مستوى السكان الحالي.[61] طبقًا للقانون الحديدي للاجور، من غير الممكن ارتفاع الإجور فوق مستوى العيش. فسر ريكاردو الربح على انه عائد إلى رأس المال، والذي نفسه كان من إنتاج العمال، ولكن الإستنتاج الذي حصل عليه العديد من نظريته هو ان الربح كان الفائض المخصص من قبل الرأسماليين الذي لم يكونوا مخولين اليه من الأساس.[62]
مذهب المنفعة
وفر مذهب المنفعة المبرر السياسي لتطبيق الليبرالية الاقتصادية من قبل الحكومة البريطانية، والذي كان السياسة الاقتصادية المهيمنة منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر. على الرغم من ان مذهب المنفعة قد عزز الإصلاحات التشريعية والتنفيذية وتنبأت كتابات جون ستيوات ميل اللاحقة بدولة الرفاهية، كان بصورة رئيسية مبررًا للحرية الاقتصادية.[63]
الفكرة الأساسية من مذهب المنفعة، والذي تم تطويره من قبل جيريمي بنثام، هو ان السياسة العامة يجب ان توفر «أعلى مقدار من السعادة لأكبر عدد من الناس». في حين ان هذا من الممكن تفسيره على انه تبرير لتصرف الدولة من اجل تقليل الفقر، الا انه استخدم من قبل الليبراليون الكلاسيكيون لتبرير عدم القيام باي تصرف لقولهم ان الفائدة النهائية لجميع الأفراد ستكون أعلى.[55]
الاقتصاد السياسي
إعتبر الليبراليون المنفعة أساسًا للسياسات العامة. كسر هذا كل من التقاليد المحافظة والقوانين الطبيعية للوك، التي تم النظر اليها على انها غير عقلانية. أصبحت المنفعة، والتي شددت على سعادة الأفراد، القيمة الاخلاقية المركزية في كل الليبرالية. [64]على الرغم من إلهام المنفعة للعديد من الإصلاحات الواسعة، الا انها أصبحت مبررًا في المقام الأول للحرية الاقتصادية. مع ذلك، رفض الليبراليون اعتقاد سميث القائل بان «اليد الخفية» قد تؤدي إلى فوائد عامة وتبنوا نظرة ماثيو التي ترى ان التوسع السكاني سوف يمنع أي فوائد عامة ونظرة ريكاردو حول حتمية الصراع الطبقي. نُظِرَ إلى الحرية الاقتصادية على انها النهج الاقتصادي المعقول الوحيد وان أي تدخل من قبل الحكومة هو بدون فائدة وضار. تم الدفاع عن تعديل قانون الفقراء عام 1834 على أساس «مبادئ علمية واقتصادية»، في حين انه نُظِرَ إلى مؤلفي قانون الفقراء لإليزابيث عام 1601 إلى انهم لم يملكوا الفائدة من قراءة ما كتب مالثوس.[65]
لم يكن الالتزام بسياسية الحرية الاقتصادية منتظمًا، ودعا بعض الاقتصاديون إلى دعم الدولة للتعليم والأعمال العامة. انقسم الليبراليون الكلاسيكون حول ما يخص الحرية الاقتصادية حيث أعبر ريكاردو عن شكه بان إزالة الرسوم الجمركية التي تبناها ريتشارد كوبدن والرابطة المضادة لقانون الحبوب سيكون له أي فوائد عامة. دعم معظم الليبراليون الكلاسيكيون التشريع الذي نظم عدد الساعات التي يسمح بها للأطفال بالعمل وهذا لم يتعارض غالبًا مع التشريع الإصلاحي للمعامل.[65]
على الرغم من واقعية الليبراليون الكلاسيكيون، الا انه تم التعبير عن أفكارهم بمصطلحات عقائدية من قبل كتاب معروفون مثل جاين مارست وهارييت مارتينو. [65]كان المدافع الأقوى عن الحرية الاقتصادية هي مجلة ذه إيكونومست، والتي أسسها جيمس ويلسون عام 1843. إنتقدت ذه إيكونومست ريكاردو لقلة دعمه للتجارة الحرة وإظهاره العداء نحو الرفاهية، معتقدًا ان الطبقات السفلى هي المسؤولة عن حالتهم الاقتصادية. أتخذت مجلة ذه إيكونومست موقفًا مضاد لتنظيم أوقات العمل للمصانع، قائلين ان هذا التنظيم ضار للعمال وعارضت بشدة دعم الدولة للتعليم، الصحة، توفير المياه ومنح براءات الاختراع وحقوق التأليف.[65]
كما أقامت مجلة ذه إيكونومست حملة معارضة لقوانين الحبوب التي دافعت عن ملاك الأراضي في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا ضد منتجات الحبوب المستوردة ذات التكلفة الأقل. قاد إيمان قوي بالحرية الاقتصادية استجابة الحكومة من عام 1846 إلى عام
1849 لمجاعة ايرلندا الكبرى، والتي مات خلالها ما يقدر ب1.5 مليون شخص. توقع الوزير المسؤول عن الاقتصاد والأمور المالية، تشارليز وود، ان المشاريع الخاصة والتجارة الحرة، بدلًا من تدخل الحكومة، هي التي ستخفف من المجاعة. وفي النهاية، تم إلغاء قوانين الحبوب عام 1846 عن طريق إزالة الرسوم الجمركية عن الحبوب والذي أبقى على سعر الخبز مرتفعًا بصورة مفتعلة[66]، ولكنه جاء متأخرًا للغاية لإيقاف المجاعة الايرلندية، جزئيًا لانه تم على مراحل استمرت لثلاث سنوات.[67]
التجارة الحرة والسلام العالمي
قال العديد من الليبراليون، ومن ضمنهم سميث وكوبدن، ان التبادل الحر للبضائع بين الأمم من الممكن ان يؤدي إلى السلام العالمي. يقول إيريك جارتزكي: «تكهن علماء مثل مونتسيكو، آدم سميث، ريتشارد كوبدن، نورمان إنجيل، وريتشارد روسكرانس منذ وقت طويل ان التجارة والأسواق الحرة لها القدرة على تحرير الدول من الآفاق المرتقبة للحرب المتكررة.» يقول جون ر. أونيل وبروس م. روسزيت، المعروفان لأعمالهما عن نظرية السلام الديموقراطي:[68]
أيد الكلاسيكيون الليبراليون السياسات التي تدعم الليبرالية والرفاهية. وحاولوا تقوية الطبقة التجارية سياسيًا لإلغاء الامتيازات الملكية، الاحتكارات، والسياسات الحمائية للنزعة التجارية من أجل تشجيع المشاريع وزيادة الكفاءة الإنتاجية. وتوقعوا ان تقلل الديموقراطية والحرية الاقتصادية من الحروب.
في كتاب ثروة الأمم، قال سميث انه عندما تطورت المجتمعات من اعتمادها على الصيد وجني الثمار إلى مجتمعات صناعية إزدادت معها غنائم الحرب، ولكن إزدادت تكلفة الحروب أكثر، مما أدى إلى جعل الحرب صعبة ومكلفة للامم المتطورة:[69]
لا ينتمي الشرف، الشهرة، مكافآت الحرب إلى [الطبقة الوسطى والصناعية]؛ أرض المعركة هي حقول حصاد للطبقة الأرستقراطية، تُسقى من دماء الناس...في حين ان تجارتنا تعتمد على الاعتمادات الخارجية، كما كانت الحالة في منتصف القرن الماضي...كانت القوة والعنف ضرورية لقيادة المستهلكين نحو مصنعينا...ولكن الحرب، على الرغم من وجود أكبر المستهلكين، ليس فقط انها لا تنتج أي شيء بالمقابل، لكنها تجرد العمل من العمالة المنتجة وتوقف مسار التجارة، معوقةً، بالعديد من الطرق الغير مباشرة، تكوين الثروات؛ واذا استمرت الحروب لسنوات طويلة فان كل قرض حرب متتالي سنشعر به في مناطقنا التجارية والصناعية على شكل ضغط إضافي.
-ريتشارد كوبدن[70]
بحكم اهتمامهم المشترك، تقوم الطبيعة بتوحيد الناس ضد العنف والحرب، لان مفهوم الحق الكوزموبوليتي لا يحميهم من ذلك. لا يمكن ان تتعايش روح التجارة مع الحرب، وعاجلًا أو آجلًا ستهيمن هذه الروح على كل الناس. من بين كل هذه القوى الموجودة في الأمة، قد تكون القوة المالية هي الأكثر فعالية في إجبار الامم على متابعة القضية النبيلة للسلام (على الرغم من ان الدافع ليس بنبيل)؛ واينما تهدد الحرب العالمية بالحدوث، سيحاولون إبعادها عن طريق التفكير، تمامًا كما لو انها كانت تنفذ بشكل دائم لهذا الغرض.
-ايمانيول كانت[71]
اعتقد كوبدين ان المصروفات العسكرية قد جعلت رفاهية الدولة أسوء وأفادات عدد قليل، النخبة المركزة القليلة، مُلَخِصةً الامبرالية البريطانية، التي كان يعتقد انها نتيجة للقيود الاقتصادية للسياسات التجارية. بالنسبة لكوبدن والعديد من الليبراليون الاخرون، ان هؤلاء الذين ايدوا السلام يجب عليهم تاييد الأسواق الحرة. انتشر الاعتقاد القائل بان الأسواق الحرة تشجع على السلام بصورة كبيرة من قبل الليبراليون الإنجليز في القرن التاسع عشر والعشرون، مما ادى إلى ان يقول الاقتصادي جون ماينارد كينز (1883-1946)، الذي كان ليبراليًا كلاسيكيًا في بداية حياته، ان هذا هو المذهب الذي ترعرع عليه والذي تبناه بدون شك حتى عشرينات القرن العشرين.[72] وفي مراجعته لكتاب عن كينز، يقول مايكل س. لاولور انه قد يكون مساهمات كينز في الاقتصاد والسياسة أدت إلى تنفيذ مشروع مارشال والطريقة التي تنظم فيها الاقتصاد منذ ذلك الحين، «حيث اننا نملك رفاهية عدم مواجهة الخيار البغيض بين التجارة الحرة والعمالة الكاملة.» [73] وهنالك تمثيل مشابه لهذه الفكرة وهو جدال نورمان انجل (1872-1967)، الأكثر شهرةً قبل الحرب العالمية الأولى في كتابه الوهم العظيم عام 1909، والقائل ان الاعتماد المتبادل بين اقتصاديات الدول الكبرى أصبح الآن عظيمًا جدًا لدرجة ان الحرب بينهم عقيمة وغير منطقية: وبالتالي فانها غير محتملة.
مراجع
- Richard Hudelson (1999). Modern Political Philosophy. pp. 37–38. نسخة محفوظة 01 فبراير 2015 على موقع واي باك مشين.
- Steven M. Dworetz (1994). The Unvarnished Doctrine: Locke, Liberalism, and the American Revolution.
- Gerald F. Gaus and Chandran Kukathas (2004). Handbook of Political Theory. p. 422.
- Joyce Appleby (1992). Liberalism and Republicanism in the Historical Imagination. p. 58.
- Hunt، صفحة 44.
- Hunt، صفحات 44–46.
- Hunt، صفحات 49–51.
- Alan Ryan, "Liberalism", in A Companion to Contemporary Political Philosophy, ed. Robert E. Goodin and Philip Pettit (Oxford: Blackwell Publishing, 1995), p. 293.
- Evans, M. ed. (2001): Edinburgh Companion to Contemporary Liberalism: Evidence and Experience, London: Routledge, 55 ((ردمك 1-57958-339-3)).
- Dickerson & Flanagan O'Neill، صفحة 132.
- Smith, A. (1776): Wealth of Nations, Book I, ch. 8.
- Hunt، صفحات 46–47.
- Hunt، صفحات 51–53.
- Kelly, D. (1998): A Life of One's Own: Individual Rights and the Welfare State, Washington, DC: Cato Institute.
- Ryan, A. (1995): "Liberalism", In: Goodin, R. E. and Pettit, P., eds.: A Companion to Contemporary Political Philosophy, Oxford: Blackwell Publishing, p. 293.
- James Madison, Federalist No. 10 (22 November 1787), in Alexander Hamilton, John Jay and James Madison, The Federalist: A Commentary on the Constitution of the United States, ed. Henry Cabot Lodge (New York, 1888), p. 56. نسخة محفوظة 26 مايو 2013 على موقع واي باك مشين.
- Mayne, p. 124.
- F. A. Hayek, 'Individualism: True and False', in Individualism and Economic Order (Chicago: University of Chicago Press, 1980), pp. 1–32.
- De Ruggiero، صفحة 71.
- De Ruggiero، صفحة 81.
- De Ruggiero، صفحات 81–82.
- Lieber، صفحة 377.
- Lieber، صفحات 382–383.
- Vincent، صفحات 28-29.
- Turner, Michael J. (1999)، British Politics in an Age of Reform، Manchester, England: Manchester University Press، ص. 86، ISBN 978-0-7190-51869.
- Vincent، صفحات 29–30.
- Gray، صفحات 26–27.
- Gray، صفحة 28.
- Gray، صفحة 32.
- Ishiyama Breuning، صفحة 596.
- Ishiyama Breuning، صفحة 603.
- See the studies of Keynes by هارولد روي فور, Robert Skidelsky, Donald Moggridge and Donald Markwell.
- Louis Hartz, The Liberal Tradition in America (1955), ch. 1.
- Paul Kahan (03 يناير 2014)، The Homestead Strike: Labor, Violence, and American Industry، Routledge، ص. 28، ISBN 978-1-136-17397-4، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019،
Called the "Jacksonian Era," this era was characterized by greater voting rights for white men, a hands-off approach to economic issues, and a desire to spread U.S. culture and government west (an outlook called "القدر المتجلي").
- Kathleen G. Donohue (2005)، Freedom from Want: American Liberalism and the Idea of the Consumer، Johns Hopkins University Press، ص. 2، ISBN 9780801883910، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019.
- Eric Voegelin, Mary Algozin, and Keith Algozin, "Liberalism and Its History", Review of Politics 36, no. 4 (1974): 504–520. نسخة محفوظة 13 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- Arthur Schelesinger Jr., "Liberalism in America: A Note for Europeans", in The Politics of Hope (Boston: Riverside Press, 1962). نسخة محفوظة 12 فبراير 2018 على موقع واي باك مشين.
- Alan Wolfe,"A False Distinction", The New Republic, 2009. نسخة محفوظة 7 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- D. Conway (05 أكتوبر 1998)، Classical Liberalism: The Unvanquished Ideal، Palgrave Macmillan UK، ص. 26، ISBN 978-0-230-37119-4، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019.Richman, Sheldon (12 أغسطس 2012)، "Classical Liberalism vs. Modern Liberalism"، Reason، Reason Foundation، مؤرشف من الأصل في 8 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 04 نوفمبر 2016.Faria, Jr., Miguel A. (21 مارس 2012)، "Classical Liberalism vs Modern Liberalism (Socialism) – A Primer"، haciendapublishing.com، Hacienda Publishing، مؤرشف من الأصل في 13 أبريل 2019، اطلع عليه بتاريخ 04 نوفمبر 2016.Alan Ryan (05 أغسطس 2012)، The Making of Modern Liberalism، Princeton University Press، ص. 23–26، ISBN 1-4008-4195-X، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019.Andrew Heywood (12 مارس 2012)، Political Ideologies: An Introduction، Palgrave Macmillan، ص. 59، ISBN 978-0-230-36994-8، مؤرشف من الأصل في 08 يونيو 2020.
- Nathan Schlueter؛ Nikolai Wenzel (02 نوفمبر 2016)، Selfish Libertarians and Socialist Conservatives?: The Foundations of the Libertarian-Conservative Debate، Stanford University Press، ص. 8، ISBN 978-1-5036-0029-4، مؤرشف من الأصل في 08 يونيو 2020،
American conservatism is a form of classical liberalism.
John Micklethwait؛ Adrian Wooldridge (2004)، The Right Nation: Conservative Power in America، Penguin، ص. 343، ISBN 978-1-59420-020-5، مؤرشف من الأصل في 07 أبريل 2020،Whichever way you look at it, American conservatism has embraced a great chunk of classical liberalism-so much of it that many observers have argued that American conservatism was an oxymoron; that it is basically classical liberalism in disguise.
James R. Kirth (17 مايو 2016)، "A History of Inherent Contradictions: The Origins and Ends of American Conservatism"، في Sanford V. Levinson (المحرر)، American Conservatism: NOMOS LVI، Melissa S. Williams, Joel Parker، NYU Press، ص. 26، ISBN 978-1-4798-6518-5، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019،Of course, the original conservatives had not really been conservatives either. They were merely classical liberals. It seems to be the case in American that most so-called conservatives have really been something else. This has confused not only external observers of American conservatism (be they on the European Right or on the American Left), but it has confused American conservatives as well.
Robert C. Smith (09 سبتمبر 2010)، Conservatism and Racism, and Why in America They Are the Same، SUNY Press، ص. 3، ISBN 978-1-4384-3234-2، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019،Locke's classical liberalism is American conservatism, a conservatism whose core ideas went virtually unchallenged until the New Deal.
Robert Lerner؛ Althea K. Nagai؛ Stanley Rothman (1996)، American Elites، Yale University Press، ص. 41، ISBN 978-0-300-06534-3، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019،Moreover, Americans do not use the term liberalism in the same way that Europeans do. In fact, classical European liberalism more closely resembles what we (and what Americans generally) call conservatism.
- Deepak Lal (16 ديسمبر 2010)، Reviving the Invisible Hand: The Case for Classical Liberalism in the Twenty-first Century، Princeton University Press، ص. 51، ISBN 1-4008-3744-8، مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019،
The major votaries of classical liberalism today are American conservatives. For as Hayek noted: "It is the doctrine on which the American system of government is based. "But, contemporary American conservatism is a novel brew which Micklethwait and Wooldridge rightly note is a mixture of the individualism of classical liberalism and "ubertraditionalism." It represents adherence to the bourgeois organization of society epitomized by that much-maligned word, "Victorian": with its faith in individualism, capitalism, progress, and virtue. Having been silenced by the seemingly endless march of "embedded liberalism" since the New Deal, American conservatism has, since the late 1960s, regrouped, and under Presidents Reagan and George W. Bush created a new powerful political movement. Thus, apart from the brief period of Margaret Thatcher's ascendancy in Britain, it is only in the United States that the classical liberal tradition continues to have political force.
- Steven M. Dworetz, The Unvarnished Doctrine: Locke, Liberalism, and the American Revolution (1989).
- Richardson، صفحات 22–23.
- Richardson، صفحة 23.
- Richardson، صفحات 23–24.
- Richardson، صفحة 24.
- Mills، صفحات 63, 68.
- Mills، صفحة 64.
- The Wealth of Nations, Strahan and Cadell, 1778. نسخة محفوظة 21 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
- Mills، صفحة 65.
- Mills، صفحة 66.
- Mills، صفحة 67.
- Mills، صفحة 68.
- Mills، صفحة 69.
- Mills، صفحة 76.
- Mills، صفحة 70.
- Mills، صفحة 71.
- Mills، صفحات 71–72.
- Mills، صفحة 72.
- Mills، صفحات 73–74.
- Mills، صفحات 74–75.
- Mills، صفحة 75.
- Richardson، صفحة 32.
- Richardson، صفحة 31.
- Richardson، صفحة 33.
- George Miller. On Fairness and Efficiency. The Policy Press, 2000. (ردمك 978-1-86134-221-8) p. 344.
- Christine Kinealy. A Death-Dealing Famine:The Great Hunger in Ireland. Pluto Press, 1997. (ردمك 978-0-7453-1074-9). p. 59.
- Oneal, J. R.؛ Russet, B. M. (1997)، "The Classical Liberals Were Right: Democracy, Interdependence, and Conflict, 1950–1985"، International Studies Quarterly، 41 (2): 267–294، doi:10.1111/1468-2478.00042.
- Michael Doyle, Ways of War and Peace: Realism, Liberalism, and Socialism (New York: Norton, 1997), p. 237 ((ردمك 0-393-96947-9)).
- Edward P. Stringham, "Commerce, Markets, and Peace: Richard Cobden's Enduring Lessons", Independent Review 9, no. 1 (2004): 105, 110, 115. نسخة محفوظة 08 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- إيمانويل كانت, The Perpetual Peace.
- Donald Markwell, John Maynard Keynes and International Relations: Economic Paths to War and Peace, Oxford University Press, 2006, ch. 1. نسخة محفوظة 01 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- John Maynard Keynes and International Relations: Economic Paths to War and Peace Donald Markwell (2006), reviewed by M S Lawlor (February 2008). نسخة محفوظة 05 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- بوابة الاقتصاد
- بوابة السياسة
- بوابة علم الاجتماع
- بوابة فلسفة
- بوابة ليبرالية
هذه المقالة سلسلة حول |
السياسة المحافظة في الولايات المتَّحدة |
---|
بوابة الولايات المتحدة |